طارق منينة
تعلمون ان الجابري صنع سلسلة في تاويل القرآن تاويلا علمانيا بدأه بكتاب مدخل الي القرآن وتعلمون ان المستشرق نولدكه كتب (تاريخ القرآن( وهو كتاب علماني لمحاولة المرور علي سور القرآن لتأويلها ايضا علمانيا وغيرهما فعل نفس الشيء
في هذه السلسلة احاول الرد علي جميع هؤلاء عرب واساتذتهم من الغرب
وهذا المقال الذي صدر اليوم في جريدة السبيل عرضت فيه بسرعة لو صح التعبير اسطورة سيد القمني واسطورة خليل عبد الكريم واسطورة طيب تيزيني واسطورة هشام جعيط والتي سطروها في مشاريعهم كمحاولة لضرب الاسلام ولكن هذه المرة عن طريق الطعن في النبي محمد نفسه والنبوة
الاخوة في الألوكة تعلمون ان المعركة كما يسميها العلمانيون انفسهم خطيرة وكبيرة وعلي مستوي عال من الاتقان والتحكم ولذلك هذه السلسلة
أسأل الله ان ييسر إتمامها حتي نهاية اخر سورة مكية !
انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية (أساطير لحجب النبوة)
تاريخ النشر : 14/08/2009 - 09:35 م
لم تكن اتهامات قريش للرسول من أنه "انما يعلمه بشر" وان ما معه انما هو "أساطير الأولين" اتهامات (عقلانية) كما يزعم العلمانيون الماديون وانما كانت اتهامات طائشة لاعقل لها وهم يعلمون كذبها، فالعقلانية لم تكن منهج "الدهرية" التي يسميها شاكر النابلسي "الدهرية العلمانية"، والعجيب ان النابلسي وغيره مرة يقولون بان قريش كانت لا يعنيها الدين في شيء وانما مصالحها المادية فقط، ومرة يصفونها بالعقلانية والتنويرية، ومعلوم ان هذا نهج يهودي فهؤلاء يرجحون الدهرية على الاسلام كما رجح اليهود الوثنية عليه وقد نزل في هذا الشأن قرآنا يتلى!
ان نفس هذا الدافع النفسي لزعماء مكة هو نفسه الذي اشتعل في العقل العلماني الحديث كما اكتوى به الشعور الاستشراقي القديم واحترق به خياله، ما ادى الى إنتاج اساطير خائبة وسيناريوهات (الهوى) العلماني التي حجبت حقيقة القراءة القرآنية الرحمانية للكون والاعلان الالهي الذي جاءت به الايات الخمس الاولى من الوحي القرآني وما تلاها من تلاوات كانت اعظم الفتوحات للانسان في مجالات العلوم من "العلق" و"الفلق" الي"الآفاق والفلك" والتي شاهد الغرب آثارها واستفاد من نتائجها وغفل عن مصادرها الاصلية او كتم اصولها.
لقد كانت الاساطير الاستشرافية القديمة عدائية بصورة "ساذجة" وصارخة كما سيأتي عرضه في سياق الكلام عن أسباب اهمالها من قبل الاستشراق الجديد الذي يصفه جوزيف شاخت في كتابه تراث الاسلام (1-63) بالاستشراق العلماني.
ومعلوم ان الكنيسة في العصور الوسطي قد سقطت بفعل الحراك المعرفي الذي اشيع في ربوع الاندلس، بيد ان العلمانية تملكت زمام الامور فيما بدات الاساطير القديمة "الساذجة" تختفي رويدا رويدا الا بقايا لها أدخلتها الماكينة العلمانية المهيمنة والحديثة -من القرن التاسع عشر الميلادي في نشاطاتها الفكرية الخيالية والاسطورية في آن، والتي أنشات أساطيرها الخاصة تجاه "أصل الحياة" و"أصل الوحي" و"أصل الانسان"و"مصدر القرآن".
وظهرت الاساطير الكاذبة هذه المرة ضد النبي محمد في صور وضعية واكاديمية ظهر ذلك في كتابات عديدة، منها تاريخ القرآن لنولدكه وكتب واط ورودنسون وغيرهم. بيد ان الامر هنا يستدعي على عجالة عرضا مختصرا لما انتجته الذهنية العلمانية العربية (الاستشراقية كما سماها أحدهم وهو هادي العلوي) تجاه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ان فشلت كل المحاولات الاخرى لاختطاف الاسلام والتغطية على الحضارة المنبثقة من القرآن.
فبعد ان فشل العلمانيون العرب في ترويج مشاريعهم في مواضيع " الدولة في الاسلام" و"التراث والمعاصرة" ومحاولة احياء" الفرق الضالة" وتشويه " تاريخ الصحابة" ذهبوا يفتشون في الاساطير الاستشراقية والعلمانية بحثا عن "نتف" يقيمون بها مشاريعهم الجديدة، للطعن فيمن أنزل عليه القرأن وهو النبي محمد فوجدوا بغيتهم في اساطيرها والتي انطلقت هذه المرة من "المذهب المادي" القاصر في تفسير النبوة والوحي.
كان الاستاذ فهمي هويدي قد كشف عقم خيال أحد هؤلاء الماديين وهو سيد القمني في الزعم بان رسول الله كان يسعى الى تمكين ما أسماه بـ(الحزب الهاشمي) في الجزيرة العربية باعتبار انه "حلم اجداده!" (مقالة بعنوان "التعدد لا التعدي" الاهرام 23 مارس 1989). وأشار الاستاذ هويدي الي ان هذه الكتابات أخطر وأسوأ من رواية سلمان رشدي بعد ذلك كتب خليل عبدالكريم كتابه "قريش من القبيلة الى الدولة المركزية" ليجعل طموح النبي أكبر من حزب هاشمي ليكون في الاسطورية الجديدة "امبراطورية قرشية"! والشيء اللافت للنظر ان خليل عبدالكريم نفسه كتب كتابه "فترة التكوين" وقد رسم فيه سيناريو للرسول يناقض السيناريو الذي رسمه في كتابه "قريش من القبيلة"
ففي هذا الكتاب الاخير جعل من النبي شخصا يطمح الى الملك ويسعى في وعي كامل الى هدف تأسيس "امبراطورية قرشية" وفي كتابه الاخر (فترة التكوين) يجعله لا يعرف شيئا عن اي مخطط او هدف، بل هو في فترة التكوين لخليل عبد الكريم طيع خاضع بين يدي خديجة وورقة بن نوفل -بمساعدة قساوسة من بُعْد- ولمدة خمسة عشر عاما في دراسة لاهوتية من العشاء حتى الفجر حتى نحجت تجربة قساوسة التجريب والتصنيع في اخراج نبي اسطوري!! (كيف يجتمع في رأس مفكر-علماني- نقيضين بهذه الصورة الفاضحة –كل سيناريو في كتاب!-الا اذا كانت النفسية كما وصفها الله جل علاه) ولاتنسي ان هذا الرجل هاجم الفتوحات الاسلامية والشريعة الالهية والصحابة، وقام بالاستهزاء الممنهج المختلط بالطعن في النبي خصوصا في كتابه فترة التكوين.
اما الدكتور طيب تيزيني فقد سبق خليل عبدالكريم في اختراع اسطورة مصطنعة بجداره لجعل النبي خاضع عن طريق زوجته المأمورة من "تنظيم دولي" ينطلق من روما ويمر بالاسكندرية وله سيطرة فكرية على مكة والحجاز! ما أدي بتيزيني الي اطلاق "فاعلية تاريخية" لمحمد افرزتها الظروف المادية وقتذاك!
رصد تيزيني مشروعه المادي الجدلي من 12 مجلدا وهو مشروع "رؤية جديدة للفكر العربي.." ورصد لتسجيل أسطورته العلمانية عن النبي محمد الجزء الرابع منه وهو "مقدمات اولية في الاسلام المحمدي الباكر: نشأة وتأسيسا". كما صنع هشام جعيط المفكر التونسي اسطورته عن النبي في كتابه تاريخية الدعوة المحمدية، وفيه زعم ان الرسول كان يسافر الى سوريا للدراسة اللاهوتية مسلحا بلغات مختلفة عربية وسريانية ما نتج عنه القرآن الأولي بزعمه!
http://www.assabeel.net/ar/default.a...1f%2fivkytw%3d
http://www.assabeel.net/ar/DataFiles.../09-12-968.pdf
وقد بدات السلسلة من هنا
طارق منينة
انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية «سورة العلق»
تاريخ النشر : 30/07/2009
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ «العلق 1:5».
لقد جاء الوحي الالهي بهذه الكلمات الاولى القليلة، ليعلنها للناس في التوقيت نفسه الذي أُعطى فيه الرسول النبوة والكتاب، وهي بذلك تكون قد افتتحت طريقا جديدا لانقاذ البشرية مع بقية الوحي القرآني وتوجيهات الرسول محمد، ما انتج حضارة قيمة علمية بفضل الله ثم بالوعي الفريد الذي فهم به المسلمون اشارات القرآن ومغزى آياته وشرائعه.
هذه حقيقة يرفضها الغرب الذي أخذ مفاتيح هذه القراءة القرانية ونتائجها الحضارية وانتج بها جوانب من حضارته العلمية، الا انه غيّر من مسار كثير من القواعد العقلية والقيمية التي تعلمها من مراكز العلم في الاندلس وغيرها، وانطلق يخبط خبطاً عشوائياً بلا قيم صحيحة ولاتصور آمن في تعامله مع الكون والانسان واعلن تمرده على الدين كله. وكان الاسلام قد علّمه التمرد على خرافات الكهنوت وانحرافات اللاهوت واساطير الناسوت وطغيان الملك والجبروت وتحالفه مع الاقطاع، واعطاه في الحصص الاندلسية والدروس الصقلية مفاتيح علوم الكون وقواعدها المنهجية بل وعلوم العقل والاجتماع، لكنه ابى بعد ان استوى عوده وانتصر على الكنيسة ان يقبل ( أصل ومنشأ) الاصول التي تعلمها في بلاد صقلية والاندلس وغيرها من بلاد المسلمين، بل وصل الامر الى حد التنكر لمصدر افاقته العقلية والعلمية بل ومحركه الاول في الثورة على الكنيسة وكهنوته المقدس واستغلاله للانسان، وتراجع الى الارسطية والرومانية!
وللاسف فإن كثيرا من العلمانيين العرب تشابهت قلوبهم وعقولهم مع هذا الغرب وتنكر كثير منهم لفضل الاسلام على حضارة الغرب وعلى العالم ورموا الرسول بمفتريات ( شاكر النابلسي نموذجا في كتابيه (لو لم يظهر الاسلام) و(المال والهلال) )، بل راح بعضهم يكيل الاتهامات للاسلام نفسه بانه سبب الشقاء واساس البلاء مثل صادق جلال العظم في كتابه (نقد الفكر الديني) واخيرا في (ذهنية التحريم) و(ما بعد ذهنية التحريم)، وانه يجب التخلص منه بتجاوزه فيمكن الاحتفاظ به كفلكلور كما قال فؤاد زكريا (نموذجا مركزيا!)، والتحرر من نصوصه والتخلص من عقائده مثل ما قال نصر ابو زيد وكتابه (نقد النص) و(النص-السلطة-الحقيقة)، ومد نسبه الى الاسطورة وافرازات الوثنيات القديمة كما قال سيد القمني وكتابه (الاسطورة والتراث نموذجا)، واراحة الشرق والغرب من شرائعه وثوابته وعقائده بارجاعها الى مصادر اسطورية، وفضح ما اطلق عليه الاعيبها، الا انه يجب الاحتفاظ بالخيال الديني ولو كان وهما لانه لايمكن نفي الدين مطلقا (!!) كما قال محمد اركون وهاشم صالح، الا ان كلمات الله شاهدة بالحق والتاريخ يشهد بفرادة هذا الدين وانتاجه الحضاري العظيم.
لقد رفعت كلمات الوحي الاولى من قيمة الانسان وتبعتها ايات السور المكية والمدنية تعلن تكريم الله للانسان واعتباره خليفة في الارض وان الله منحه خواص نفسية وعقلية ومادية وروحية للبحث في سنن الله الكونية وقوانينه السماوية والارضية لتتسع مداركه في فهم الحكمة الالهية والاستفاده من ذلك في عمرانه الارض واجتماعه البشري وتطوره المادي والروحي.
لم تكن الايات الخمس الاولى هي المعنية فقط بالقراءة (اقرأ) وانما الوحي كله بدءاً من اللحظة التي جاء بها جبريل عليه السلام بهذه الايات الخمس مفتتحا بها مرحلة جديدة من تاريخ البشرية تتغير بها كافة العلاقات والانظمة وتنقلب بها كافة السلطات والاوضاع التي كانت سائدة وضاغطة على الانسان ومخيبة لطموحاته ومكبلة لعقله وروحه ومستعبده لانسانيته ومذلة لكرامته.
ذكر الله الانسان بالتكريم الاول وبصورة من صور طوره الاول "العلق" كما ربط ذلك بالعلم، ولذلك دعته الايات القرانية الى التفكر فيما سيقرأ من ايات وعلامات واعلانات وتشريعات ووعود! لم يكن النبي محمد كما اخبر الله عزوجل وهو الصادق في خبره الصادق في وعده يدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن الله عزوجل دعاه الى القراءة والاقراء والفهم والتفهيم والذكر والتذكير، فكرمه باشارات اولية الى كرامة خلق الله الانسان كمخلوق فريد يمكنه استخدم وسيلة القلم لتسجيل ملاحظاته الروحية والمادية والتعامل مع قضاء الله وسننه وامره وشرعه.
لقد أُمر رسول الله بأن يكون القارئ الاول للقران وأُعلم ان هذه القراءة قراءة تكريمية الهية مرتبطة بالعلم واداواته وطبيعة بحثه من العلق والذرة الى الفلك والمجرة، كما اتضح من القراءات التالية التي قرأها جبريل على النبي وقرأها النبي على الامة فكانت خير القراءات واعظم الفتوحات التي شاهد العالم نتائجها الروحية والمادية.
وفي التمهيد الى ذلك هدم القران كافة انواع الاساطير والخرافات التي احيطت بالكواكب والنجوم حتى نزع عنها الهابة البدائية التي رسختها حضارات الوثنية العالمية واثناء ذلك كان القران نفسه يدعو الى التعامل مع الكواكب والنجوم على انها مسخرة للانسان، فكان هدم اساطير الامم تمهيدا لنظرة جديدة للانسان والكون والطبيعة وسنن الله في الكون والتاريخ والاجتماع البشري.
وكما لم تمض الامور في مكة بلا اشواك اواطلاق اتهامات من قريش، فكذلك لما وجدت المسيحية الغربية واليهود سرعة انتشار الاسلام واخلاقه الآسرة واقبال الناس عليه؛ اطلقت اتهامات واخترعت اساطير استفادت منها العلمانية، فزادت عليها واخترعت اساطيرها عن الرسول والرسالة. وفيما ياتي سنعرض كيف حاول المستشرقون والعلمانيون تلفيق التهم ضد الرسول صلي الله عليه وسلم.
http://www.assabeel.net/ar/default.a...%2fmud%2fGU%3d