قال الحافظ في الفتح (كتاب المغازي باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد 4351)
قَوْله : ( فَقَامَ رَجُل غَائِر الْعَيْنَيْنِ ) بَالِغِينَ الْمُعْجَمَة وَالتَّحْتَانِي َّة وَزْن فَاعِل مِنْ الْغَوْر , وَالْمُرَاد أَنَّ عَيْنَيْهِ دَاخِلَتَانِ فِي مَحَاجِرهمَا لَاصِقَتَيْنِ بِقَعْرِ الْحَدَقَة , وَهُوَ ضِدّ الْجُحُوظ . قَوْله : ( مُشْرِف ) بِشِينِ مُعْجَمَة وَفَاء أَيْ بَارِزهمَا , وَالْوَجْنَتَان ِ الْعَظْمَان الْمُشْرِفَانِ عَلَى الْخَدَّيْنِ . قَوْله : ( نَاشِز ) بِنُونِ وَشَيْنَ مُعْجَمَة وَزَاي أَيْ مُرْتَفِعهَا , فِي رِوَايَة سَعِيد بْن مَسْرُوق " نَاتِئ الْجَبِين " بِنُونٍ وَمُثَنَّاة عَلَى وَزْن فَاعِل مِنْ النُّتُوء أَيْ أَنَّهُ يَرْتَفِع عَلَى مَا حَوْله . قَوْله : ( مَحْلُوق ) سَيَأْتِي فِي أَوَاخِر التَّوْحِيد مِنْ وَجْه آخَر أَنَّ الْخَوَارِج سِيمَاهُمْ التَّحْلِيق , وَكَانَ السَّلَف يُوَفِّرُونَ شُعُورهمْ لَا يَحْلِقُونَهَا , وَكَانَتْ طَرِيقَة الْخَوَارِج حَلْق جَمِيع رُءُوسِهِمْ . قَوْله : ( أَوَلَسْت أَحَقّ أَهْل الْأَرْض أَنْ يَتَّقِي اللَّه ) وَفِي رِوَايَة سَعِيد بْن مَسْرُوق " فَقَالَ وَمَنْ يُطِعْ اللَّه إِذَا عَصَيْته " وَهَذَا الرَّجُل هُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحًا فِي عَلَامَات النُّبُوَّة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ , وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ اِسْمه نَافِع وَرَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ , وَقِيلَ اِسْمه حُرْقُوص بْن زُهَيْر السَّعْدِيّ , وَسَيَأْتِي تَحْرِير ذَلِكَ فِي كِتَاب اِسْتِتَابَة الْمُرْتَدِّينَ .
وقال البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب من ترك قتال الخوارج للتألف و أن لا ينفر (6933)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ
وقال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث :
قَوْله ( جَاءَ عَبْد اللَّه بْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر بِلَفْظِ " بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم قَسْمًا إِذْ جَاءَهُ اِبْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ " وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِ يّ مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق وَمُحَمَّد بْن ثَوْر وَأَبُو سُفْيَان الْحِمْيَرِيّ وَعَبْد اللَّه بْن مَعَاذ أَرْبَعَتهمْ عَنْ مَعْمَر وَأَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيّ ثُمَّ الْوَاحِدِيّ فِي أَسْبَاب النُّزُول مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق فَقَالَ اِبْن ذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ وَهُوَ حُرْقُوص بْن زُهَيْر أَصْل الْخَوَارِج وَمَا أَدْرِي مَنْ الَّذِي قَالَ وَهُوَ حُرْقُوص إِلَخْ وَقَدْ اِعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ اِبْن الْأَثِير فِي الصَّحَابَة فَتَرْجَمَ لِذِي الْخُوَيْصِرَة التَّمِيمِيّ فِي الصَّحَابَة وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ وَقَالَ بَعْد فَرَاغه : فَقَدْ جَعَلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة اِسْم ذِي الْخُوَيْصِرَة حُرْقُوصًا وَاَللَّه أَعْلَمُ , وَقَدْ جَاءَ أَنَّ حُرْقُوصًا اِسْمُ ذِي الثُّدَيَّة كَمَا سَيَأْتِي . قُلْت : وَقَدْ ذَكَرَ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْر فِي الصَّحَابَة أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي فُتُوح الْعِرَاق أَثَر وَأَنَّهُ الَّذِي اِفْتَتَحَ سُوق الْأَهْوَاز ثُمَّ كَانَ مَعَ عَلِيّ فِي حُرُوبه ثُمَّ صَارَ مَعَ الْخَوَارِج فَقُتِلَ مَعَهُمْ , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ ذُو الثُّدَيَّة الْآتِي ذِكْره , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ ذِكْر هَذَا الْقَائِل فِي الْأَحَادِيث مُبْهَمًا وَوُصِفَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعْمٍ الْمُشَار إِلَيْهَا بِأَنَّهُ مُشْرِف الْوَجْنَتَيْنِ غَائِر الْعَيْنَيْنِ نَاشِز الْجَبْهَة كَثّ اللِّحْيَة مَحْلُوق الرَّأْس مُشَمَّر الْإِزَار , وَتَقَدَّمَ تَفْسِير ذَلِكَ فِي " بَاب بَعْث عَلِيّ " مِنْ الْمَغَازِي وَفِي حَدِيث أَبِي بَكْرَة عِنْد أَحْمَدَ وَالطَّبَرِيّ " فَأَتَاهُ رَجُلٌ أَسْوَدُ طَوِيل مُشَمَّر مَحْلُوق الرَّأْس بَيْن عَيْنَيْهِ أَثَر السُّجُود " وَفِي رِوَايَة أَبِي الْوَضِيّ عَنْ أَبِي بَرْزَة عِنْد أَحْمَدَ وَالطَّبَرِيّ وَالْحَاكِم " أُتِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَنَانِير فَكَانَ يَقْسِمهَا وَرَجُل أَسْوَد مَطْمُوم الشَّعْر بَيْن عَيْنَيْهِ أَثَر السُّجُود " وَفِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو عِنْد الْبَزَّار وَالطَّبَرِيّ " رَجُل مِنْ أَهْل الْبَادِيَة حَدِيث عَهْد بِأَمْرِ اللَّه " .