تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: موعد مع ملك الموت

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    80

    Post موعد مع ملك الموت


    موعــد مــع ملك المـــوت
    جلست فى إحدى الليالى المظلمة أفكر فى الموت وسكراته والقبر وظلمته ويوم القيامة وأهواله والميزان ودقته والصراط وحدته والنار وقعرها وشدة حرها
    ثم أخذت أتذكر ما ارتكبته من المعاصى والسيئات والتقصير فى حق الله والغفلات
    وفجأة ... دار بخاطرى ما أفزعنى عندما سألت نفسى ماذا لو جاء ملك الموت الليلة لقبض روحك ؟ عندها شعرت باضطراب فى صدرى وزادت نبضات قلبى وتقطعت أنفاسى وتزلزلت جوارحى وكأنى بصوت عنيف ينبعث من داخلى ويصرخ (رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت)(المؤمنون 99 ، 100) أفقت من هذه الخاطرة المزعجة فوجدت نفسى جالسا فى غرفتى مستلقيا على فراشى .
    فكرت كثيرا ...تأملت طويلا ثم ... كانت هذه الرسالة ... موعد مع ملك الموت
    أخى الحبيب ... هل أنت غافل مثلى ؟ هل أنت مستغرق فى شهواتك وملذاتك مثلى ؟ هل أنت غارق فى المعاصى والسيئات ؟ هل تشكو من قسوة فى قلبك ووحشة فى صدرك ؟ هل أنت مستعد للموت ولقاء الله أم ستفعل مثلى اذا تذكرت ذلك ؟
    أخى الحبيب ... إنتبه ... الموت قادم لا محالة ....كلنا سنموت ( كل نفس ذائقة الموت ) (آل عمران 185) الموت لا يفرق بين صغير و كبير .. سليم ومريض .. رجل ومرأة ..غنى وفقير ..الموت يأتى بغتة
    فى أى وقت فى أى مكان بدون سابق انذار ...الموت الذى لا يمكن تأخيره ساعة واحدة (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (الأعراف 34) ... الموت سيجعلنا نفارق كل شئ الزوجة والأولاد.. الأموال ... العمارات ...الموت سيكشف لنا حقيقة الدنيا وبريقها الخادع وزخرفها الزائل...
    الموت الذى بعده إما جنة وإما نار ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) ( آل عمران 185)

    فالإنسان العاقل هو الذى ينظر كم شيع من الأقارب والأحباب وكم دفن من الزملاء والأصحاب فليستحضر صورة هؤلاء وكيف كانوا فى الحياة الدنيا آمنين مطمئنين ثم جاءهم الموت بغتة وهم غير مستعدين وليتذكر كيف كان إقبال الواحد منهم على الدنيا وحرصه عليها ومزاحمته فيها ورغبته فى الازدياد من متاعها والاستمتاع بملذاتها وكيف كان نشاطه وسعيه وأمله فى العيش والبقاء ونسيانه للموت والآخرة وركونه إلى القوة والشباب وانخداعه بمواتاة الأسباب وميله إلى اللهو واللعب وغفلته عما ينتظره من الموت حتى جاءه على غير موعد فقال ( رب لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ) ( لمنافقون 10 ، 11)
    إذن لتذكر الموت أثر كبير فى إصلاح النفوس وتهذيبها ذلك لأن النفوس تؤثر الدنيا وملذاتها وتطمع فى البقاء المديد فى هذه الحياة وقد تهفو إلى الذنوب والمعاصى وقد تقصر فى الطاعات فإذا كان الموت دائما على بال العبد فإنه يصغر الدنيا فى عينيه ويجعله يسعى فى إصلاح نفسه وتقويم المعوج من أمره .
    لذلك عندما سئل النبى rعن أكيس الناس ( أعقلهم ) قال (أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم استعداداً له أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة)
    بل أوصانا r بكثرة ذكر الموت فقال ( أكثروا من ذكر هادم اللذات (الموت) فإنه لم يذكره أحد فى ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره فى سعة إلا ضيقها عليه )
    فالموت يهدم اللذات لأنه ينغصها بذكره حتى ينقطع ركون العبد إليها فيقبل على الله تعالى

    لذا لابد أن نجعل كل يوم أو كل بضعة أيام وقتا نخلو فيه بأنفسنا ونجلس فى مكان هادئ بعيد عن الناس نتخيل فيه أن ملك الموت قد حضر لنزع الروح ونتخيل المغسل وهو يغسلنا ونحن له مستسلمون حتى إذا ما إنتهى من عمله حملنا الأهل والأصدقاء فصلوا علينا ثم أسرعوا إلى المقابر ثم حثو التراب علينا وإنصرفوا ونتخيل كذلك مجئ الملكين فى صورتهما الشديدة وكيف سيكون ردك على أسئلتهم

    إذن على كل منا أن يجلس مع نفسه جلسة هادئة وينظر إلى حياته نظرة موضوعية وليتبع طموحاته وآماله وليسير وراءها ليعرف أين ستقف ؟ وأين ستنتهى ؟ فمهما كانت طموحات المرء من زواج .. أولاد .. ثراء جاه .. شهرة .. ومهما نجح فى تحقيقها فلن يستطيع الحفاظ عليها لأن الموت قد يأتيه فى أى لحظة فيفرق بينه وبين ما أفنى حياته فى جمعه وتحصيله ثم إن هذه الأمانى والطموحات الدنيوية التى يسعى المرء وراء تحقيقها ماذا ستقدم له ؟ المجد الشخصى والفخر فى الدنيا ...كل هذا سينتهى بالموت ...فكما قالوا : لا فخر لميت
    إذن لم الركض وراء الدنيا يغية تحصيل أكبر قدر منها ونحن بين لحظة وأخرى قد نفارقها ؟ فلا المال الذى تعبنا من أجل تحصيله استمتعنا به ولا المنصب الذى حاربنا من أجل الوصول إليه ذقنا حلاوته ولا الأولاد الذين ضحينا كثيراً من أجلهم نفعونا بشئ
    ألا ترى أنه لا يكاد يمر يوم إلا نودع فيه أناساً كانوا بين أظهرنا وكانت لهم آمال وطموحات مستقبلية مثلنا وفجأة جاءهم الموت وحال بينهم وبين أحلامهم ؟

    فيأيها الشاردون عن الله أن لكم أن ترجعوا .. ويأيها الغافلون عن الآخرة آن لكم أن تنتبهوا ..
    ويأيها الناسون للموت آن لكم أن تتذكروا ... ويأيها السكارى بحب الدنيا آن لكم أن تستيقظوا ..
    ويأيها المصرون على المعاصى آن لكم أن تتوبوا ... أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون ... أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه ...أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة .
    استيقظـــــــوا .... انتبهـــــوا فالباب مفتوح قبل أن يغلق والفرصة متاحة قبل أن تفوت وفى العمر بقية قبل أن تضيع .
    فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    246

    افتراضي رد: موعد مع ملك الموت

    ماشاءالله ، بارك الله فيك على هذه الموعظة .

    ومن المفيد في هذا الباب : كثرة القراءة في الكتب التي تتكلم عن الآخرة والجنة والنار للعلماء المتقديمن ، وهي كثيرة كالتذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي ، وشرح الصدور في أحوال الموتى والقبور للسيوطي ، والبدور السافرة في أحوال الآخرة - أو اسم قريب من هذا - للسيوطي أيضا ، وأهوال القبور لابن رجب ، والتخويف من النار لابن رجب أيضا ، وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ، والبحور الزاخرة للسفاريني ، وغيرها .. يجدها من يطلبها إن شاءالله.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •