نور الدين بوزيان: سيدة جونفياف شوفال، رغم هذه الكتب التي تخرج من حين لآخر في الغرب من قبل بعض الكتاب يعني المحايدين والموضوعيين لا زالت الفكرة السائدة لدى البعض في الغرب يعني أن الإسلام خطر والمسلمون خطر على المجتمعات الغربية، بماذا تفسرين كره الإسلام والمسلمين في بعض الدوائر الغربية المؤثرة في الرأي العام الغربي؟
جونفياف شوفال: تعرفون، هذا يرجع إلى قرون خلت، هذا ماض يتعين مراجعته كليا إذ كانت هناك أفريقيا الشمالية وكان هناك الشرق الأدنى، كانت هناك الحروب الصليبية ومنذ الحروب الصليبية كانت هناك دائما رغم ما علمتنا إياه تلك الحروب، فبفضل الحروب الصليبية استطعنا أن نحقق النهضة، كما أن هناك أيضا معاداة السامية، هناك كراهية الإسلام، انظروا إلى الولايات المتحدة حيث أبيد الهنود الذين كانوا السكان الأصليين، أعرفهم جيدا لأنني كنت عملت تقارير عنهم وحتى أفلاما وثائقية، فلا يمكن أن نمنع الناس من أن يعارضوا شيئا ما. أعتقد أن.. لا أريد أن أذهب بعيدا إن شئتم، لكن يمكنني أن أفهم، ومنذ فترة قصيرة وصلتني رسائل إلكترونية من أناس عنيفين جدا. إذاً أنا أسير في هذا الطريق وسأستمر في الدفاع عن قيم الحضارة العربية وهي قيم إنسانية، وفي الكتاب المقبل -ولست أدري كيف سينظر إليه- ربما أنني سأتعرض مرة ثانية لبعض السهام أكثر مما مضى إذ لم أتعرض كثيرا هذه المرة وربما أتعرض كثيرا في المستقبل لكن لا بأس أشعر أن علي أن أكتبه وسأكتبه.
نور الدين بوزيان: ما هي نظرتك الحالية للمرأة المسلمة؟ أنت كغربية هل تختزلين هذه النظرة فقط في الحجاب والبيت وتربية الأطفال؟
جونفياف شوفال: كثير من النساء اليوم عندما ننظر إلى المجتمع الغربي يقلن آه إنهن نساء خاضعات يجبرن على البقاء في بيوتهن، وبداهة عندما نرى النساء المنقبات في الشارع نلاحظ فورا، ها هي امرأة خضعت للزوج. ولكن إلى جانب هذا أنا أعرف كثيرا من النساء العربيات حيويات إلى درجة كبيرة للغاية، بعضهن يلبسن الحجاب، رأيتهن كذلك لأنهن في بلدانهن كعمان مثلا أو في العربية السعودية أو الكويت وأبو ظبي ولكن هنا في باريس وفي نيويورك ولندن تلقى نساء مندمجات كليا في المجتمع الغربي وبينهن نساء أعمال، نساء مسؤولات شركات حيويات للغاية وغنيات ذوات مبادرة ويعملن أشياء كثيرة ولديهن أسر وأطفالهن متعلمون جيدا وفوق ذلك يذهبن إلى مكة للحج، لكن عندما يكن في المجتمعات الغربية في شوارع باريس يلبسن مثلي أنا ويعشن في شقق فاخرة وفي أوضاع جيدة ومندمجات تماما وهناك نساء منفتحات كليا لديهن ثقافة عالية، إذاً أعتقد أن في المجتمع الغربي أناسا أقل تطورا من غيرهم، صحيح أننا لا نلبس الحجاب لكن هناك نساء ما زلن يلبسن لباس الفلاحين في وسط فرنسا نساء ليست لديهن ثقافة أو المهارات المناسبة فهناك شيء من كل شيء في كل بلدان العالم، فليس علينا إذاً أن نحكم لكنني أعتقد أن المرأة المسلمة اليوم تتكون بشكل كبير وتتحرك بنشاط كبير، أعتقد أنه سيأتي يوم تكون فيه هي التي تحرك العالم العربي.
نور الدين بوزيان: سيدة جونفياف شوفال، أنت زرت العالم العربي طولا وعرضا إن صح التعبير، ما هي الآن يعني علاقتك بالعالم العربي وهل يمكن القول بأن لديك شغفا مثلا بالاحتكاك الدائم بالعالم العربي؟
جونفياف شوفال: أعشق أن أكون في العالم العربي، عندما أذهب إلى دمشق أذهب إلى عمان وأذهب حتى إلى تونس أما الجزائر فلم أرجع إليها منذ عام 1961 وأحب أن أرجع إليها لكن في تونس أحب ذلك الجو، الموسيقى، السوق، الطعام، الروائح، لدي شعور بأنني زهرة تتفتق، عندما أذهب إلى أبو ظبي وكذلك إلى العربية السعودية وفي الفترة الأخيرة كنت في تركيا في شهر أكتوبر، قد تقول لي إنها غير عربية لكنه العالم الشرقي، أحب هذه الحضارة أحبها كثيرا وأجد في العالم العربي أناسا متعلمين بدرجة كبيرة نوابغ وعباقرة ربما يعرفون عن الأدب الفرنسي أكثر مما يعرفه كثير من الفرنسيين الذين يمكن أن ألتقيهم في باريس وفي الشارع. كنت دائما أحظى باحترام كبير، لم يعتد علي أحد قط ولم توجه إليه كلمة غير مناسبة ولا إشارة مشبوهة أو عنيفة، لم يحدث ذلك قط على العكس كنت محط عناية، كان هناك دائما أناس يرغبون في مساعدتي رجالا كانوا أم نساء وهذا ما جعلني أقول إنني أحب أن أعيش في العالم العربي لو أمكنني، حتى أنني تساءلت في نفسي مرة لماذا لا أذهب في يوم من الأيام لأسكن في بيت صغير في تونس أو الأردن، الأردن ربما يكون بعيدا لا أدري، ربما في دمشق، لم لا؟ لأجد نفسي في مكان، تعرف، هذا المعمار العربي أحبه، التفاصيل، النوافير كل ذلك كل ما أمكنني أن أكون في مكان كهذا أحب ذلك.
نور الدين بوزيان: سيدة جونفياف شوفال شكرا جزيلا على تلبيتك دعوة قناة الجزيرة وشكرا جزيلا على هذه الإجابات الصريحة ونأمل طبعا أن يباع بكثرة كتابك عن السيدة عائشة ولماذا لا يترجم إلى لغات أخرى كما ترجم كتابك عن صلاح الدين. أما أنتم السادة المشاهدون فأشكركم أيضا على بقائكم معنا حتى نهاية هذه الحلقة من لقاء اليوم على أمل أن نلقاكم ربما قريبا عبر الجزيرة، أحلى الأوقات وأهنأها أتمناها لكم في متابعة بقية البرامج، شكرا وإلى اللقاء ..