الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد
فإن الحديث يكثر مع ابتداء كل عام جديد عن حكم التهنئة بدخوله ، وهل هي مباحة أم منكرة فجمعت كلاماً لبعض أهل العلم في هذا الباب قبل بضع سنين أعرض مختصره لإخواني لعل الله أن ينفع به ، ومن عنده مزيد على ذلك فليتحفنا به مشكورا وله الدعاء وطيب الثناء .
قال القمولي في الجواهر : لم أر لأحد من أصحابنا كلاماً في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس ، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي ، أنه أجاب عن ذلك ، بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه ، والذي أراه أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة وعبارة شيخنا وتسن التهنئة بالعيد ونحوه من العام والشهر على المعتمد مع المصافحة ، وتسن إجابتها بنحو تقبل الله منكم أحياكم الله لأمثاله كل عام وأنتم بخير اهـ .
ونقل القليوبي أيضاً عن الحافظ ابن حجر t أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة .
قال البيجوري : وتسن التهنئة بالعيد ونحوه من العام والشهر على المعتمد .
وللشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي t كلام نفيس فيه تأصيل لمسألة التهاني في المناسبات قال t : هذه المسألة وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز ، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع ، أو تضمن مفسدة شرعية ، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة .. الخ
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين t : ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ ؟
فأجاب t : إن هنأك أحد فرد عليه ، ولا تبتدئ أحداً ، هذا هو الصواب في هذه المسألة ، لو قال إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد ، قل : هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة ، لكن لا تبتدئ الناس أنت ، لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد ، بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب t اهـ وللشيخ رحمه الله قول آخر في هذه المسألة .
وسئل أيضاً الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله : ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد ؟
فأجاب : الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد ، لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودد ، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم . قال الإمام أحمد t : لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته ؛ لأن جواب التحية واجب ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها ولا هو أيضاً مما نهي عنه اهـ
فالذي يظهر والله أعلم جواز ذلك ، وأنه لا بأس به ، ولا يحسن للمرء أن ينكره على إخوانه ، لا سيما وأنه لم يرد نهي عن ذلك مع استصحاب أن الأصل في تهاني المناسبات الحل ، وهو كما تراه رأي لعلماء أجلاء .
في انتظار مشاركات الإخوان أدام الله نفعهم