ما زلنا نروي على بعضنا القصص الخرافية والمسلية إلى أن وصل بنا الحال في التصديق لبعض هذه القصص ومزجها مع واقعنا وأخذ الشواهد من الواقع المحيط بنا, ولو أنني قلت لك إحدى القصص لتبادر إلى ذهنك بعض الخواطر المنطقية لتطبيقها على هذه القصة وانظر لعنوان المقال فلو قلت لك وصلت إلى الفضاء فقط فقد تصدقني ولكن مشياً على الأقدام لا أظنك ستصدق إلا إذا كنت ممن يرمون بعقولهم في شباك الكاتب ولا يحكمون منطقاً أو أساساً ويبنون عليها معتقداتهم وحياتهم تكون مبنية بأسرها على مثل هذا التخريف.
ولكي لا تمل من هذا التفصيل إليك هذه القصة, فقد أتى أحد الأشخاص من الهند إلى رجل في مصر, فسأله المصري: كم استغرقت مدة رحلتك, قال الهندي: أربعة أيام, انطلقت من الهند يوم الأربعاء الماضي ووصلت إلى مكة يوم الخميس ثم ذهبت يوم الجمعة إلى بغداد وأخيراً وصلت إلى مصر اليوم السبت.

فانظر إلى هذه القصة لاشيئ غريب فيها عندك حتى الآن ولكنه من البديهي أنك فكرت في وسيلة تنقله فماذا كانت هي الوسيلة, قبل أن تجيب أريد أن أعطيك معلومة عن القصة بأنها حدثت في القرن العاشر الهجري, مهلاً قبل أن ترمي بالمقال انظر إلى هذا السؤال, فماذا ستقول هل هي قصة مختلقة أو تخريف من الكاتب أم أن كل يوم بسنة؟!.

إن كنت قد تعجبت من هذه القصة فالأعجب في من لا يفكر كما ذكرت في أول المقال, ولايبحث عن أي شيئ ليقرأ حقيقته ويتأكد من صحته, فتراه يسلم لمثل هذه القصة ويصدقها ويبطل كل قوانين الطبيعة وكل الأسباب والمسببات كما أن قوانين الفيزياء تبطل عند العلماء في الثقب الأسود, فهؤلاء الأشخاص أصبح في عقولهم ثقب أسود يقبل التخاريف ويصدقها ويسلم الأمر لها ويبني كل عقيدته على هذه القصص وهو في عز شبابه لم يصبه تخريف ولا مرض نسيان وقد يكون من أصحاب الشهادات, ومادام أن العلم قد توقف عند الثقب الأسود وازداد الجهل فيه, فعقولهم إذاً فيها ثقوب سوداء انعدم العلم فيها وطفح الجهل منها. ولكن إذا كنت قد وصلت إلى هذه الجملة فاعلم أنك لست واحداً منهم.