تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 48

الموضوع: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام:

    • الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد
    • فقد دلَّت دلائل الكتاب والسنة على أنَّ مشركي العرب كانوا واقعين في جملٍ من شرك الإلوهية والربوبية والأسماء والصفات .
    • وبيان هذا وتفصيله في أمرين مهمين:
    1- الأمر الأول: أنَّ مشركي العرب ما كانوا يوحِّدون العبادة كلها لأصنامهم؛ بل كانت لهم عبادات لله تعالى؛ كالذبح والنذر والصلاة والحج والصوم والإطعام و... الخ.
    • لكنَّ شركهم الذي كفروا به إنما كان في ( إشراكهم غير الله ) فيما هو من خصائص الله تعالى؛ وذلك بصرف شيءٍ من أنواع العبادة لغيره.
    • كالذبح لله ولغيره، ودعاء الله ودعاء غيره، ورجاء الله ورجاء غيره، والخوف من الله والخوف من غيره ومحبة الله ومحبة غيره، و ... و ... الخ.
    • أمَّا أنهم كانوا متمحِّضين في الوثنية فهذا لم يكن؛ كحال كثير من أمم الكفر الغارقة في الوثنية؛ كطوائف من الهندوس، وأشتات من وثنيي أفريقيا.
    • فهذه الأمم – فيما يحكى عنهم - تتوجَّه بالعبادة كلها إلى غير الله، وكثير منهم لا يعرف أنَّ له إلهاً في السماء أصالةً.
    • إذا تبيَّن هذا عُلِمَ أنَّ مشركي العرب كانوا يشركون بأفرادٍ من توحيد الألوهية، وهو : توحيد الله بأفعال العباد، ولم يكونوا مشركين بصرف العبادة (كلها) لغير الله سبحانه وتعالى.
    2- الأمر الثاني: أنَّ مشركي العرب مع توحيدهم الله وإقرارهم له سبحانه في ( أصل) توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية إلاَّ أنهم كانوا واقعين في ( أفراد ) من الشرك في هذين التوحيدين أيضاً.
    • وشواهد هذا الأمر في الكتاب والسنة كثيرة:
    • أمَّا ما كان في شرك العرب في توحيد الأسماء والصفات، فقوله تعالى : ((ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه)).
    • وقوله تعالى: ((قل ادعو الله او ادعو الرحمن أيَّناً ما تدعو فله الأسماء الحسنى)).
    • وقوله تعالى : ((وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله لاَّ هو عليه توكلت وإليه متاب)).
    والشاهد من هذه الآيات الثلاثة : أنَّ المشركين كانوا لا يقرُّون ببعض أسماء الله تعالى؛ كالرحمن.
    فصلٌ: وأما ما كان من شركهم في الربوبية فقوله صلى الله عليه وسلم : (( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من مطرنا بنوء كذا فذلك كافرٌ بي ن مؤمنٌ بالكوكب، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي، كافرٌ بالكوكب)).
    والشاهد من هذا الحديث : أنَّ الشرك في الاستسقاء بالنجوم ( وهو نسبة نزول المطر أو سببه إلى الأنواء والنجوم ) إنما هو شركٌ في الربوبية.
    ووجه كونه شركاً في الربوبية : أنه اعتقاد تأثير بعض الأنواء بكونها منزلةً للمطر أو سبباً لنزوله؛ والواجب نسبة إنزال المطر لله وحده، وعدم جعل شيءٍ سبباً لم يجعله الله كذلك.
    • وهذه النسبة تناقض توحيد الربوبية؛ الذي هو توحيد الله بأفعاله؛ ومن أفعاله : إنزال المطر.
    • ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : (( الطيرة شرك، الطيرة شرك ))، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرقى والتمائم والتولة والطيرة شركٌ)).
    والشاهد من هذين الحديثين : أنَّ الطيرة - وهو التشاؤم - شركٌ في الربوبية.
    • ووجه كونه شركاً في الربوبية : أنه اعتقاد تأثير بعض الأعيان أو الأزمان بالشر والسوء على الناس؛ والواجب نسبة الخلق لله وحده، وهو يناقض توحيد الربوبية؛ الذي هو توحيد الله بأفعاله.
    • وكذا الاعتقاد في التولة ( وهو ما يصنع من الرقى التى تحبب أحد الزوجين للآخر ) أنها جالبة للنفع، أو الرقى عموماً أنها دافعة للضر؛ كالعين والسحر والجن = فهذا كله من الشرك في توحيد الربوبية.
    • وكذا قولهم : (( وما يهلكنا إلاَّ الدهر ))؛ فهذا نسبة الإماتة للدهر، وهو شركٌ في الربوبية.
    • وكذا قولهم في الشجرة المتبرَّك : (( اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ))؛ فقال لهم صلى الله عليه وسلم : (( قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى : (( اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ))، ووجهه اعتقاد جلب النفع من غير الله، وهو شرك في الربوبية.
    • وكذا حرمة التصوير؛ بتعليل : (( المضاهاة لله تعالى في الخلق)) = هو من هذا الباب، وكان المشركون أصحاب تماثيل وتصاوير.

    • تنبيه: ولو جعلنا ( توحيد الحاكمية ) قسماً رابعاً من أقسام التوحيد! وهو وجهة نظر، فيها نظَر! لأنَّه خلاف المشهور، ولأنَّه فرد من أفراد توحيد الألوهية = أقول : ولو جعلناه قسماً رابعاً لقلنا إنَّ مشركي العرب - وغيرهم كاليهود - كانوا واقعين أيضاً في شرك الحاكمية.

    • تنبيهٌ آخر: فإن قيل-وقد قيل- : فكيف يُجمع يين ما ذكره الله في كتابه من إقرار المشركين بأفراد الربوبية وبين ما ذُكِر من وقوعهم في أجناس من الشرك به؟!
    • فالجواب : أنَّ الإقرار محمول على الإقرار من حيث (الجملة)، وليس في كلِّ الأفراد.
    • وأما الشرك الذي كانوا واقعين فيه فهو في بعض الأفراد دون بعض.
    • والمتأمِّل في صنيع الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب رحمه الله في كتابه العظيم (التوحيد) إنما أراد الردَّ على مشركي زمانه الذين كانوا يفسرون التوحيد بالربوبية حسبُ؛ فبيَّن أنَّ شرك العرب كان (معظمه) في الألوهية؛ وهو ماكانوا واقعين فيه؛ وهو اتخاذهم الوسائط إلى الله؛ فشركهم مثل شرك من قبلهم؛ بل أشد.
    • وقد عنون هو رحمه الله في كتابه الآخر ( التوحيد ) أبواباً يفهم منها هذا الذي بيَّنته ونبَّهت عليه؛ كباب من تبرَّك بشجرة او حر أو نحوهما، وباب ما جاء في التطيُّر، وباب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء، وباب قوله : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ... )، وباب من سبَّ الدهر فقد آذى الله، وباب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات ... الخ.
    • والنصوص التي أوردها تحت هذه الأبواب أوضح بيان على ما ذكرت.
    • وقال في مسائل الجاهلية : المسألة 38 : الإلحاد في الصفات؛ كقوله تعالى : (( ولكن ظننتم أنَّ الله لا يعلم كثيراً مما تعملون)).
    • وفي المسألة 39 : الإلحاد في الأسماء؛ كقوله : (( وهم يكفرون بالرحمن)).

    وخلاصة ما تقدَّم في ثلاثة أمور:
    1- الأول: أنَّ المشركين كان عندهم خلل في أصل توحيد الألوهية ( العبادة )؛ لذا ما كانوا مقرِّين بإله واحدٍ يستحق كل انواع العبادة، من دعاء ونذر واستغاثة , ... الخ؛ كما حكاه الله عنهم، فقال: (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيء عجاب).
    2- الثاني: أنَّ المشركين كانوا مقرِّين لله بتوحيد الربوبية، لذا حين يسألون عمن ينزل المطر ويحي ويميت ويرزق فإنهم يقولون: (الله!).
    لكن وقعت منهم أفراد إشراك في هذا التوحيد.
    3- الثالث: أنَّ الحكم على الأصل والعموم، لا على الأفراد.
    لذا استدلَّ أئمة التوحيد سلفاً وخلفاً على مشركي زمانهم بما كان عليه حال مشركي الأمم السابقة؛ إذ لم يفهم هؤلاء المعاصرون معنى الشرك الذي لأجله اكفرهم الله ودعاهم الأنبياء إلى نقيضه.
    وكونهم مقرين بـ( وجود الله ) لم يترك الأنبياء محاربة ما كانوا يعتقدونه من وثنيات وشركيات.
    وكونهم كانوا يتقربون إلى الله بشيءٍ من أنواع العبادات فهذا لم ينف عنهم الكفر، ولم يخرجهم من دائرة الشرك.

    فائدة أخيرة: تنحصر أبواب كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب في التالي:
    1- أبواب فيها التحذير من أنواع من الشرك الأكبر، أو ما يؤدِّي إليه من ذرائعه.
    2- أبواب فيها التحذير من أنواع من الشرك الأصغر، أو مايؤدِّي إليه من ذرائعه.
    3- أبواب فيها التحذير من الشرك الأكبر في الألوهية، وهي كثيرة.
    4- أبواب فيها التحذير من الشرك الأكبر في الربوبية، وهي كثيرة.
    5- أبواب فيها التحذير من الشرك الأكبر في الأسماء والصِّفات، وهي ثلاثة أبواب.

    • وهذه الأبواب كلها هي مجمل التوحيد الذي من أتاه فقد حاز على ما ذكره الشيخ من الفضل في الباب الأول.

    وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    يرفع للإفادة..
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  3. #3

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    جزاك الله خيرا ... موضوع من الأهمية بمكان لا يخفى ... وفقك المولى

    محبكم
    أبو الحسن الأثري
    لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله & عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

  4. #4

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    - الثالث: أنَّ الحكم على الأصل والعموم، لا على الأفراد.
    لذا استدلَّ أئمة التوحيد سلفاً وخلفاً على مشركي زمانهم بما كان عليه حال مشركي الأمم السابقة؛ إذ لم يفهم هؤلاء المعاصرون
    يعنى هل أفهم من هذا الكلام أنه مقصود العلماء الذين أطلقوا القول بأنه لم يشرك أحد بربوبية الله الافرعون والمجوس لكن كفار قريش كانوا موقنين بتوحيد الربوبية هم يقصدون ان النادر لاحكم له - ومع العلم أننى استدللت بقولهم المطلق هذا على تخطئ فتوى الدار المصرية الاتية فواجهنى احد الاخوة بالأدلة التى عرضتها عليكم
    والفتوى هى
    الرقـم المسلسل 6623
    الموضوع حول تقسيم التوحيد وحكم تكفير المسلمين
    التاريخ 03/02/2007

    الســــؤال
    اطلعنا على الطلب المقيد برقم 184 لسنة 2007م المتضمن:
    هناك شاب في إحدى قرى محافظة البحيرة يقوم بتكفير كل أهل القرية بحجة أنهم يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء إلى الله تعالى ويتبركون بزيارة مقام سيدنا الحسين عليه السلام، ويدَّعي أن كل مَن يفعل ذلك يكون مِن المشركين الذين كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية ولا يؤمنون بتوحيد الألوهية. فهل هناك أنواع للتوحيد؟ وهل كان المشركون مُقِرِّين بتوحيد الربوبية؟ وهل التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والتبرك بزيارة مقامات الأولياء يُعَدُّ شركًا كما يقول؟


    الـجـــواب

    أمانة الفتوى


    يجب على المسلم أن يَحذَر من المجازفة في التكفير؛ حتى لا يقع تحت طائلة الوعيد المذكور في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يَرمِي رَجُلٌ رَجُلاً بالفِسقِ ولا يَرمِيهِ بالكُفرِ إلاّ ارتَدَّت عليه إن لم يكن صاحِبُهُ كذلك»، رواه البخاري من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وقولِه عليه الصلاة والسلام: «إذا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخاهُ فقد باءَ بها أَحَدُهما»، رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعنُ المُؤمِنِ كقَتلِهِ، ومَن رَمى مُؤمِنًا بكُفرٍ فهو كقَتلِهِ»، رواه البخاري من حديث ثابت بن الضحَّاك رضي الله عنه.
    وتقسيم التوحيد إلى ألوهية وربوبية هو من التقسيمات المُحدَثات التي لم تَرِد عن السلف الصالح، وأول من أحدثهـا -على ما هو المشهور- هو الشيخ ابن تيمية رحمه الله، ثم أخذه عنه مَن تكلم به بعد ذلك، وحاصل قوله في ذلك: أن الربوبية هي توحيد الله بأفعاله، والألوهية هي توحيد الله بأفعال العباد، وأنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، أي: أن أحدهما يتضمن الآخر عند الانفراد، ويختص بمعناه عند الاقتران؛ فالألوهية تتضمن الربوبية، والربوبية تستلزم الإلهية، وهذا الكلام إلى هذا القدر لا إشكال فيه، إلا أنه تجاوزه إلى الزعم بأن هذا التوحيد وحده لا يكفي في الإيمان، وأن المشركين مُقِرُّون بتوحيد الربوبية، وأن كثيرًا من طوائف الأمة من المتكلمين وغيرهم قد اقتصروا عليه وأهملوا توحيد الألوهية.
    والقول بأن توحيد الربوبية لا يكفي وحده في الإيمان هو قول مبتَدَعٌ مخالف لإجماع المسلمين قبل ابن تيمية، بل ومخالف لكلامه نفسِه من أن توحيد الألوهية متضمِّنٌ لتوحيد الربوبية، وأن توحيد الربوبية مستلزِمٌ لتوحيد الألوهية؛ فإن بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، فإذا لم يكن المشركون مُقِرِّين بتوحيد الألوهية فلا يصح الزعم بعد ذلك أنهم كانوا مُقِرِّين بتوحيد الربوبية؛ ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم، وإذا صح إقرار المسلمين بتوحيد الربوبية فلا يجوز أن يُدَّعى أنهم لا يؤمنون بتوحيد الألوهية؛ لأن الفرض أنهما متلازمان، فكيف يثبت الملزوم مع انتفاء اللازم! وقد تصدّى أهل العلم لرد هذا القول وبينوا فساده، وأنه قول باطل لا دليل عليه، وأن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    أما تكفير من توسل بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء فهو على الحقيقة تكفير للسواد الأعظم من علماء الأمة؛ لأن التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم مما أجمعت عليه مذاهب الأئمة الأربعة المتبوعين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأمر بالتوسل به في حديث الأعمى وغيره من الأحاديث الصحيحة.
    وللشوكاني في كتابه "الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد" كلام نفيس عن جواز التوسل ننقله على طوله لِمَا فيه من تجلية الأمر في هذه المسألة، يقول رحمه الله: "وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن صح الحديث فيه اهـ. ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه وابن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت في بصري فادع الله لي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «توضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد، يا محمد إني أستشفع بك في رد بصري اللهم شفع النبي فيّ» وقال: «فإن كان لك حاجة فمثل ذلك» فرد الله بصره.
    وللناس في معنى هذا قولان:
    أحدهما: أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لَمّا قال: كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، وهو في صحيح البخاري وغيره، فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته في الاستسقاء، ثم توسل بعمه العباس بعد موته،
    وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في مثل هذا شافعًا وداعيًا لهم.
    والقول الثاني: أن التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعًا سكوتيًّا لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسل بالعباس رضي الله عنه، وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين:
    الأول: ما عرّفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
    والثاني: أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة؛ إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله، فإذا قال القائل: (اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني) فهو باعتبار ما قام به من العلم، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركا كما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم، وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ونحو قوله تعالى: {فلا تدعوا مع الله أحدًا} ونحو قوله تعالى: {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء} ليس بوارد بل هو من الاستدلال على محل النـزاع بما هو أجنبي عنه؛ فإن قولهم {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} مصرح بأنهم عبدوهم لذلك، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك، وكذلك قوله {فلا تدعوا مع الله أحدًا} فإنه نهى عن أن يدعى مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم، وكذلك قوله {والذين يدعون من دونه} الاَية فإن هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعا غيره معه، وإذا عرفت هذا لم يَخْفَ عليك دفعُ ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النـزاع خروجًا زائدًا على ما ذكرناه؛ كاستدلالهم بقوله تعالى {وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله} فإن هذه
    الاَية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء، والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين، ومن اعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبيًّا أو غير نبي فهو في ضلال مبين، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله {ليس لك من الأمر شيء} وقوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا} فإن هاتين الاَيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا فكيف يملك لغيره، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى، وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له: سل تعطه واشفع تشفع، وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئًا، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئًا، فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله، وهذا معلوم لكل مسلم، وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين" انتهى كلام الشوكاني.
    وكذلك الحال في التبرك بزيارة مقامات أهل البيت الكرام وغيرهم من الصالحين؛ فإن زيارة آل بيت النبوة من أقرب القربات؛ وأَولى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبور آل البيت النبوي الكريم؛ لأن في زيارتهم ومودتهم برًّا وصلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل إن زيارة الإنسان لقبورهم آكد استحبابًا وأكثر ثوابًا من زيارته لقبور أقربائه، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «والذي نَفسِي بيَدِهِ لَقَرابةُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَحَبُّ إلَيّ أَن أَصِلَ مِن قَرابَتِي»، فتكفير فاعل ذلك مخالف لإجماع المسلمين، بل قائل ذلك أَولى بالكفر مِمن كفّّره.
    وتَسَتُّرُ تيارات التكفير بهذا الأقوال الفاسدة واتخاذها ذريعة لاتهام المسلمين بالشرك والكفر مع نسبة كل هذه الأفهام المغلوطة إلى الشيخ ابن تيمية رحمه الله هو من التلبيس والإرجاف الذي ينتهجه أدعياء هذا الفكر الخارجي ليتطاولوا به على حرمات المسلمين، منغمسين بذلك في أوحال التكفير والتفسيق والتبديع لجمهور الأمة ومشاهير علمائها وصالحيها بل وسوادها الأعظم، ومتهمين سلف الأمة وخَلَفها بالشرك والكفر إلا من كان على مثل باطلهم ومشربهم الفاسد.
    وهذا هو عين مذهب الخوارج الذي حذرتنا النصوص الشرعية من الوقوع في باطله:
    فروى الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما تعليقًا –ووصله ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" بسند صحيح– أنه كان يَراهم شِرارَ خَلقِ اللَّهِ، وكان يقول: إنّهم انطَلَقُوا إلى آياتٍ نَزَلَت في الكُفّارِ فجَعَلُوها على المُؤمِنِينَ.
    وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «يَأتِي في آخِرِ الزَّمانِ قَومٌ حُدَثاءُ الأَسنانِ سُفَهاءُ الأَحلامِ، يَقُولُونَ مِن خَيرِ قَولِ البَرِيّةِ، يَمرُقُونَ مِن الإسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ مِن الرَّمِيّةِ، لا يُجاوِزُ إيمانُهم حَناجِرَهم، فأينَما لَقِيتُمُوهم فاقتُلُوهم؛ فإنّ قَتلَهم أَجرٌ لِمَن قَتَلَهم يَومَ القِيامةِ»، متفق عليه.
    وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الخَوارِجُ هم كِلابُ النّارِ»، رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما.
    ونحن نحذِّر المسلمين من السير خلف هذه الأفكار التكفيرية الضالّة التي يطعن بها خوارجُ العصر في عقائد المسلمين، ونُهِيب بكل مسلم غيور على دينه أن يَحذَر ويُحَذِّر من تكفير إخوانه المسلمين؛ فتكفير المسلم كقتله، وعلى أهل العلم أن يبينوا لهؤلاء الأغرار فساد معتقداتهم حتى يرجعوا إلى الحق الذي يُرضِي اللهَ ورسولَه صلى الله عليه وآله وسلم.
    والله سبحانه وتعالى أعلم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد المرسى مشاهدة المشاركة
    يعنى هل أفهم من هذا الكلام أنه مقصود العلماء الذين أطلقوا القول بأنه لم يشرك أحد بربوبية الله الافرعون والمجوس
    من قال بهذا من العلماء؟ لو نقلت لنا نقلًا واحدًا عمَّن قال بهذا منهم.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    التعليق على الفتوى المصرية:
    أولاً أكثر أهل العلم على أنَّ التوسل ليس بشرك بل بدعة.
    تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أوأربعة أقسام أو قسمين = لا شكَّ أنَّه حادث ولا إشكال، فما من شيءٍ من العلوم والفنون إلا وله أقسام محدثات؛ المقصود بها تقريب العلم إلى الأفهام، ولا ينبني على هذا التقسيم شيءٌ لا من جهة القبول ولا من جهة الرَّدِّ، المهم التوحيد وعدم الوقوع في الشرك في المذكور في الأقسام، قسَّمتَ أولم تقسِّم.
    ولم يقل أحدٌ إنَّ هذا التقسيم وحيٌ منزَّلٌ من السماء، وكذا يقال في بقيَّة التقسيمات في جميع العلوم وأبواب العلم، والتمثيل على هذا كثيرٌ كثيرٌ..
    من حكم بكفر ما كفَّره الله ورسوله فليس بغالٍ في التكفير ولا له علاقة بالخوراج؛ بل مستمسك بالوحيين، والمغالطة في هذا الباب كثيرة.
    دار الفتوى المصرية على مذهب الأشاعرة كما يظهر من كلامهم في فهم التوحيد، وحمله على الربوبية، فلا غرابة في صدور مثل هذه الفتوى عنهم.
    تقدَّم في مقالي أنَّ المشركين كانوا واقعين في الشرك بأنواعه الثلاثة -عند من يرى القسمة الثلاثية- أوفي أفراد متنوعة من الشرك -عند المنزعجين من التقسيم-، وبيَّنتُ ذلك بالحُجَّة والبرهان، فلا داعي في المغالطة بكون أحدهما يتضمَّن الآخر أولازمًا له.
    الله المستعان..
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  7. #7

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    انا سمعت أكثر من عالم قال بهذا وأظن منهم صاحب أيسر التفاسير فى تفسيره
    وهذه قطعة من مقال للشيخ ياسر برهامى
    أو يدبر الأمر فهو مشرك بالله -عز وجل- في ربوبيته .

    وهذا النوع من التوحيد مرتبط بالاعتقاد ، فهو توحيد اعتقادي خبري مثله مثل توحيد الأسماء والصفات ، فنعتقد أن لله صفة السمع وأنه السميع البصير وأنه القدير والعليم والعظيم وغير ذلك من أسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وهنا في هذا الباب نعتقد أنه يفعل : يدبر الأمر -سبحانه وتعالى-، يخلق ويرزق يضر وينفع ، فلو اعتقد الإنسان أن مع الله -عز وجل- من يخلق، كالمجوس مثلاً الذين يعتقدون أن هناك خالِقَيْنِ ، خالقاً للخير وخالقاً للشر ، والفراعنة واليونان كان عندهم لكل شيء إله وخالق ، يعبدونه في شيء معين لأنه هو الذي يدبره ، فهذا من مظاهر الشرك الشنيع ، وهكذا الهنود وغيرهم من عباد الأوثان يجعلون خالِقِين متعددين .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    بارك الله فيك يا أخي لكن نقلك الأخير لا يتوافق مع حكايتك في التعقيب السابق عن أهل العلم: أنَّه لم يشرك أحد بالله في ربوبيته؟! فلو نقلت لنا شيئًا يتوافق مع ذلك حتى يتبيَّن الخطأ في فهم الكلام إن كان ثَمَّ.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  9. #9

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    أنا أسف
    أنا ذهنى ملغبط لأنه عندى امتحانات وجاء هذا المبتدى يدس سمومه فلغبطنى وأخرنى عن المذاكرة وأرهقنى نفسيا
    أرجو منك تصحيح عبارتى هذه

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    86

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    جزاك الله خيراً وأعظم لك المثوبة

    وهذا يؤكِّد أن كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس المقصود منه بيان توحيد الألوهية فقط - كما هو مشهور - ، بل المقصود منه بيان كل أنواع التوحيد .

    وإذا نظرنا فيما يتعلق بتوحيد الربوبية في هذا الكتاب لم نجد كتاباً يتحدث بإسهاب عن نواقض ونواقص توحيد الربوية مثل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب .

    ولعلك تراجع الأبواب التي تتحدث عن الأسماء والصفات فإنها أكثر من ثلاثة، وهو أيضاً يحتوي أصول هذا التوحيد .

    والله أعلم .
    ولو لاقيت ربك دون ذنب**وناقشك الحساب إذاً هلكتا
    ولم يظلمك في عمـلٍ ولكن**عسير أن تقوم بما حمـلـتا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    219

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    رفع الله قدركم يا شيخ عدنان.
    وسبحان من يحيي العظام وهي رميم.
    موضوع مثل هذا لا أدري كيف يختفي في غيابات المنتدى كل هذه الفترة من دون تعليق !
    الموضوع مع وجازته وتركيزه إلا أنه صيغ بأسلوب بسيط واضح العبارة.
    فجزاكم الله خيراً ونسأل الله أن ينفع به.
    { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } (البقرة: 235)

  12. افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    يطلق الرب على الإله،ومنه قول غاوِي بن ظالِم السُّلَمِيّ، وقيل:أَبي ذر الغفاري،وقيل:عَ َّاس بن مِرْداس السُّلَمي:
    "أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ"ا.هـ .
    انظر:"الجامع لأحكام القرآن"1/175،"فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير"1/30،"التحرير والتنوير"1/95
    بأى جزء من هذا المبحث يتعلق هذا الكلام ثم أرجو تفصيل القول فيه وجزاكم الله خيرا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    أعتذر للإخوة جميعًا عن تأخر ردِّي، فقد كنت أدخل وارى تعقيباتهم ولا أجد وقتًا لرد لأشغال صارفة عن الكتابة، والله المستعان.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً وأعظم لك المثوبة
    وهذا يؤكِّد أن كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس المقصود منه بيان توحيد الألوهية فقط - كما هو مشهور - ، بل المقصود منه بيان كل أنواع التوحيد.
    وإياك، وبارك فيك، نعم هو كذلك، وهذا أحد مقاصدي من مقالي.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    وإذا نظرنا فيما يتعلق بتوحيد الربوبية في هذا الكتاب لم نجد كتاباً يتحدث بإسهاب عن نواقض ونواقص توحيد الربوية مثل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
    لعل في هذه الجملة مبالغة، من جهتين:
    1- كتاب التوحيد للشيخ المجدد لا يتحدَّث بإسهاب، بل بإجمال، وليس ذا نقصًا فيه بل هذا حال المتون، والإسهاب دين على الشُّرَّاح.
    2- كتابات وكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيِّم مليئة بالكلام عن هذه النواقض والنواقص والإسهاب فيهما أكثر من كتاب التوحيد للشيخ رحمهم الله.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    ولعلك تراجع الأبواب التي تتحدث عن الأسماء والصفات فإنها أكثر من ثلاثة، وهو أيضاً يحتوي أصول هذا التوحيد.
    قد ذكرت ما تبيَّن لي من الأبواب التي فيها كلامٌ صريحٌ عن توحيد الأسماء والصفات، وأنَّها ثلاثة، وهي:
    1- باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات.
    2- باب قول الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى...).
    3- باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك.
    وأمَّا غيرها من الأبواب فلم أعدها مع هذه الثلاثة، لعدم اختصاصها بالأسماء والصفات ولاشتراكها بين توحيد -الربوبية أوالألوهية والأسماء والصفات-، وهي مثل: باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه، باب: (فلمَّا آتاهما صالحًا جعلا له شركاء) باب: (وما قدروا الله حق قدره).. ونحوها.
    والأمر في هذا سهلٌ... والحمدلله.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد المرسى مشاهدة المشاركة
    أنا أسف
    أنا ذهنى ملغبط لأنه عندى امتحانات وجاء هذا المبتدى يدس سمومه فلغبطنى وأخرنى عن المذاكرة وأرهقنى نفسيا
    أرجو منك تصحيح عبارتى هذه
    التَّصحيح: لا يُقال إنَّه لم يشرك أحدٌ في توحيد الربوبية إلا فرعون و و..، بل الشرك فيه -قلَّ أوكثر، بان أوخفي- واقعٌ في كلِّ الأزمان ومن سائر الأمم إلا من شاء الله، حتى في أمَّة محمَّد، كما تقدَّمت الإشارة إلى ذلك في مطلع المقال بالتمثيل.
    والصواب في التعبير والمعنى أنْ يقال: لم ينكر توحيد الربوبية رأسًا، بإنكار وجود الله، فضلاً عن صفات ربوبيَّته =أحدٌ غير فرعون وطائفة قليلة: (ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري)، وهؤلاء في الحقيقة قد آمنوا به في دواخلهم: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوًّا)، ولذا لمَّا أدركه الغرق قال: (آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل)؟!
    وقد ذكر الشهرستاني في الملل: أنَّه لم ينكر وجود الإله إلا طائفة لا يؤبه لها، وإلا فما من خلق لله إلا وهو مقر بذلك.
    أعانك الله على الامتحانات، وقد ذكَّرتني بتلك الأيام العجاف!، لا أعادها الله من هموم (ابتسامة).

    يطلق الرب على الإله، ومنه قول غاوِي بن ظالِم السُّلَمِيّ، وقيل:أَبي ذر الغفاري،وقيل:عَ َّاس بن مِرْداس السُّلَمي:
    "أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ"ا.هـ .
    انظر:"الجامع لأحكام القرآن"1/175،"فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير"1/30،"التحرير والتنوير"1/95
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد المرسى مشاهدة المشاركة
    بأى جزء من هذا المبحث يتعلق هذا الكلام ثم أرجو تفصيل القول فيه وجزاكم الله خيرا
    إطلاق الرب على الإله من جهة الاصطلاح أواللزوم، لا اللُّغة، فمن جهة اللُّزوم هو ما أشارت إليه فتوى دار الإفتاء السابقة، مع مغالطتهم في توجيهه، إذ من عبد إلهًا فقد أقرَّ له بالربوبيَّة بالتضمُّن، وإلَّا فتبقي الحجة عليه بـ(لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا؟).
    وبالعكس -أيضًا- من أقرَّ بالربوبيَّة لشيءٍ وجب عليه ولزم أن يؤمن بألوهيَّته.
    ويتعلَّق بمبحث أنَّ المشركين كانوا يقرِّون بالربوبيَّة لله تعالى في الجملة، وإن كانوا يعتقدون أنَّ لآلهتهم شركًا في بعض أفرادها، وإن كانوا في دواخل نفوسهم لا يعتقدون ذلك: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوًّا)، وحجَّتهم البليدة: (إنَّا وجدنا آبائنا على أمَّة)؛ لذا فهم عند المحاققة ينفضُّون عن تلك الآلهة ويعترفون بعدم استحقاقها للألوهيَّة لعدم قدرتها على الاتصاف بخصائص الربوبية، كما في هذه القصَّة.
    وكما في قِصَّة امريء القيس حين استشار الإله المبجَّل (ذا الخصلة)!! على قتال بني أسد -قاتلي أبيه- أوترك قتالهم، فلم يعجبه منعه، فضرب بالأزلام في وجه الإله! وترك الأخذ برأيه، وقال:
    لو كنتَ يا ذا الخلصة الموتورا مثلي وكان شيخك المقبورا
    لم تنه عن قتل العداة زورًا
    وكما في قوله تعالى: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلمَّا نجَّاهم إلى البر إذا هم يشركون).. والأمثلة كثيرة..
    وثانيًا.. ما ذكر في فتوى دار الإفتاء مغالطة، إذ يورد عليهم بأنْ يُقال: هبْ أن توحيد الربوبية كافٍ لأنَّه لازمٌ لتوحيد الألوهيَّة، ولكن : هل كلُّ من أقرَّ بالربوبيَّة التزم هذا اللازم؟ الجواب: كلا.
    وهل كلُّ من أقرَّ بالربوبيَّة لم يقع في شيء من الشرك، ولو في بعض أفرادها؟ الجواب: كلاَّ.
    إذن يجب الإيمان بالتوحيدين والتنبيه عليهما لوقوع الغلط في تضمُّن إحدهما أولزوم إحدهما للآخر.
    الأخوة الكرام.. أبوالحسن الأثري و(مستور الحال) وأبوحازم البصري.. بارك الله فيكم ونفع بم تكتبون.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ~ المــرِّيـْـخ ~
    المشاركات
    1,261

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حازم البصري مشاهدة المشاركة
    رفع الله قدركم يا شيخ عدنان.
    وسبحان من يحيي العظام وهي رميم.
    موضوع مثل هذا لا أدري كيف يختفي في غيابات المنتدى كل هذه الفترة من دون تعليق !
    الموضوع مع وجازته وتركيزه إلا أنه صيغ بأسلوب بسيط واضح العبارة.
    فجزاكم الله خيراً ونسأل الله أن ينفع به.
    آمين . . وموضوعات الأستاذ عدنان وردوده ( كلها ) بلا استثناء جديرة بالقراءة والحفظ ، فلا تفوتك !
    يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً ..
    وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ !..
    كُل المَنافي لا تبدد وحشتي ..
    ما دامَ منفايَ الكبيرُ.. بداخلي !

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    86

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    والأمر في هذا سهلٌ... والحمدلله.
    بارك الله فيك فلا حاجة للتطويل، أنا قد وقعت في المبالغة فعلاً، فأخطأت في التعبير .

    إذن يجب الإيمان بالتوحيدين والتنبيه عليهما لوقوع الغلط في تضمُّن إحدهما أولزوم إحدهما للآخر.
    هذا لا شك فيه ، وهو المقصود من التأليف في التوحيد ، ولعل أهل البدع لما هوّنوا من شأن توحيد الألوهية وأنه لازم من لوازم الربوبية قصدوا التهوين من دعوة المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب، وكل ما كان الأمر خافياً أو الخطأ فيه عظيماً - كما هو الواقع في حال هؤلاء المبتدعة الذين لا يعرفون إلا علم الكلام والفلسفة فوقعوا في الشرك -؛ كلما كان كذلك = كان أدعى للتأليف فيه وإفراده بالتقسيم والتفصيل والتنبيه .

    هل كلُّ من أقرَّ بالربوبيَّة التزم هذا اللازم؟ الجواب: كلا.
    وهل كلُّ من أقرَّ بالربوبيَّة لم يقع في شيء من الشرك، ولو في بعض أفرادها؟ الجواب: كلاَّ.
    لعل تقصد الإيمان الإجمالي بتوحيد الربوبية وعدم الإشراك فيه نظراً وعقلاً لا حساً ويقيناً .

    ولكن ينبغي التنبيه على أن إيمان المشركين بتوحيد الربوبية ناقص ناقص، فلو كمُل هذا التوحيد في قلوبهم لما أشركوا في عبادته أصلاً .
    وأصل توحيد الربوبية هو معرفة الله بأفعاله، فلو آمنوا حق الإيمان بأن الله هو الرازق لا غيره ، هو الملك المتصرف لا غيره هو المعز المذِلّ لا غيره، هو الشافي لا غيره، هو النافع والضار لا غيره، فلو آمنوا بذلك لما وقعوا في الشرك في ألوهيته .

    وهذا الضعف في الإيمان بربوبية الله يتسرب إلى كثير من المسلمين، فتجدهم ::
    => يسكتون عن إنكار المنكر خوفاً من فوات الوظيفة ، فنقص إيمانهم بأن الله هو الرازق .
    => ويسألون الناس ويخافونهم والله أحق أن يسألوه ويخافوه.
    => ويحرصون على الدواء حرص من نسي أن الله هو الشافي وحده .
    => إلى آخر الأعمال الكثيرة التي تدل على الخلل في التوحيد فهي إما تقدح فيه أو تقدح في كماله .

    ولذلك نجد كثيراً ما يذكرنا الله بقدرته عز وجل وخلق للسموات والأرض وتدبيره وغير ذلك في آيات كثيرة جداً وذلك لأهمية معرفة الله، وأن من عرف الله حق المعرفة لم يشرك به.
    ولو لاقيت ربك دون ذنب**وناقشك الحساب إذاً هلكتا
    ولم يظلمك في عمـلٍ ولكن**عسير أن تقوم بما حمـلـتا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    هذا لا شك فيه ، وهو المقصود من التأليف في التوحيد ، ولعل أهل البدع لما هوّنوا من شأن توحيد الألوهية وأنه لازم من لوازم الربوبية قصدوا التهوين من دعوة المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب...
    نعم.. والتهوين من شأن الألوهيَّة لعدم فهم التوحيد الواجب من الخالق على العبيد ناشئٌ قديمًا قبل ظهور دعوة المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب بقرون، من فهم الأشعريَّة وغيرهم له.
    ومن ذلك تفسيرهم الخاطيء لكلمة التوحيد (لا إله إلَّا الله) بأنَّ معناه: لا موجود أو لا رب إلَّا الله.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    وكل ما كان الأمر خافياً أو الخطأ فيه عظيماً - كما هو الواقع في حال هؤلاء المبتدعة الذين لا يعرفون إلا علم الكلام والفلسفة فوقعوا في الشرك -؛ كلما كان كذلك = كان أدعى للتأليف فيه وإفراده بالتقسيم والتفصيل والتنبيه..
    ظهور العلم بالشيء وخفائه، وحاجة الناس إليه وعدمه أمرٌ نسبيٌّ، ولعلَّ عدم حاجة الشيخ المجدِّد للكلام عن توحيد الأسماء والصِّفات بإسهاب =داعيه: إنشغاله بدعوة النَّاس عامَّتهم وكثيرٍ من خاصَّتِهم إلى توحيد العبادة، وانتشار الشركيات في توحيد العبادة والربوبية في زمانه، وعدم ظهور البدعيَّات والشِّركيَّات في توحيد الأسماء والصِّفات، وخاصَّة بين العامَّة لانحسار العلم في تلك الأزمان، وخاصَّةً في حاضرة نجدٍ وبقيَّة جزيرة العرب التي كانت دعوة الشيخ فيها أظهر وأبين.
    والشيخ ابن تيميَّة وتلميذه -رحمهما الله- لمَّا كانا بحاجةٍ إلى الكلام على مسائل توحيد الأسماء والصِّفات أكثر من غيره كان أكثر كلامهما ومصنَّفاتهما وردودهما فيه، وإن كان كلامهما في توحيد العبادة والربوبية كثيرٌ أيضًا كما تقدَّم..
    والأمر في الآخر راجعٌ إلى النَّظَر إلى حوائج الناس والدعوة حينئذٍ.
    وكما ذكرتَ: أنَّ العلم كلَّما كانت الحاجة إليه أولى كان الانشغال به والدعوة إليه أوجب.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    لعلك تقصد الإيمان الإجمالي بتوحيد الربوبية وعدم الإشراك فيه نظراً وعقلاً، لا حساً ويقيناً ......
    لم يتبيَّن لي قصدك بهذا الحرف من تعقيبك! فلعلَّك توضِّحه بارك الله فيك.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستور الحال مشاهدة المشاركة
    ولكن ينبغي التنبيه على أن إيمان المشركين بتوحيد الربوبية ناقص ناقص، فلو كمُل هذا التوحيد في قلوبهم لما أشركوا في عبادته أصلاً .
    وأصل توحيد الربوبية هو معرفة الله بأفعاله، فلو آمنوا حق الإيمان بأن الله هو الرازق لا غيره ، هو الملك المتصرف لا غيره هو المعز المذِلّ لا غيره، هو الشافي لا غيره، هو النافع والضار لا غيره، فلو آمنوا بذلك لما وقعوا في الشرك في ألوهيته .
    وهذا الضعف في الإيمان بربوبية الله يتسرب إلى كثير من المسلمين، فتجدهم ::
    => يسكتون عن إنكار المنكر خوفاً من فوات الوظيفة ، فنقص إيمانهم بأن الله هو الرازق .
    => ويسألون الناس ويخافونهم والله أحق أن يسألوه ويخافوه.
    => ويحرصون على الدواء حرص من نسي أن الله هو الشافي وحده .
    => إلى آخر الأعمال الكثيرة التي تدل على الخلل في التوحيد فهي إما تقدح فيه أو تقدح في كماله .....
    نعم.. النَّقص في التوحيد بأنواعه قاسمٌ مشترك بين جميع الناس، على تفاوت وتباين بين مؤمن وكافر، وصالح وفاجر، ويظهر ذلك بالأمثلة التي ذكرتها وغيرها.
    لكن الكلام عن المشركين لا يعبَّر عنه بالنَّقص بل بالنَّقض؛ فالتوحيد عندهم ليس منقوصًا كمالُه حسبُ، بل منقوضٌ أساسه، وهذا هو لُبُّ الأمر ومعترك القضيَّة، وبه يفرَّق بين من حاز الإيمان -أساسَه- وإن كان فيه نقصٌ من جهة التمام، ومن نقضه فكفر بالله العظيم فالنَّقص فيه ظاهرٌ بالأولى.

    الأخت الكريمة.. الأمل "القادم".. جزاك الله خيرًا وبورك فيك
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    86

    افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    جزاك الله ياشيخ عدنان ولم أقصد الاعتراض وإنما قصد الإفادة والمذاكرة .
    الإيمان الإجمالي بتوحيد الربوبية وعدم الإشراك فيه نظراً وعقلاً، لا حساً ويقيناً
    أقرّ المشركون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بتوحيد الربوبية وشهدوا بذلك .
    لماذا ؟
    لأنهم لما يناقشون في ذلك يقرون والآيات في هذا كثيرة .
    وهل هذا الإقرار والشهادة عن إيمان ويقين أم خضوعاً لحكم العقل والفطرة، لا شك الثاني .
    ويحسن هنا أن نذكر أن هذه الشبهة ( وهي دعوى أن المشركين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشركوا في الربوبية والألوهية ) قديمة
    وقال في شرحه لكتاب كشف الشبهات للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب :
    أورد المصنف هذه القضية ؟ وهي أن الكفار مُقِرون بالربوبية دون الألوهية؟
    هذه شُبه كانت قائمة في زمانه، وحتى في زماننا، ومضمون هذه الشبهة أن الكفار في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية، ولا الألوهية جميعاً، وهذا الكلام تزعمه بعض خصوم الشيخ المعاصرين له، واستدلوا بآيات منها:
    1 - قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} ( )، والشاهد أن الكفار أنكروا وكفروا بالرحمن.
    2 - قوله: {وهم يكفرون بالرحمن} ( ).
    قالوا إن الكفار يكفرون بربوبيتة من أنه الخالق الرازق ونحوه،
    3 - وقوله: {وهم يجادلون في اللَّه وهو شديد المحال} ( )، وموضوع المجادلة هي الربوبية، ويجادلون أن اللَّه ليس رباً خالصاً، وإنَّما معه أرباب.
    4 - وقوله: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً} ( )، قالوا: وهم اتخذوا أرباباً، والرب هو الخالق. وهذه الآية تدل على أن قريشاً كفروا في الربوبية.
    5 - وقوله: {فلا تجعلوا لله أنداداً} ( ) قالوا: لأنهم اتخذوا أنداداً من دون اللَّه.
    وخلاصة شبهتهم: أن الكفار في زمن الرسول ، كانوا كفاراً بالربوبية.
    الرد عليهم:
    1 - قوله: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن}.
    الكفر هنا كفر بالاسم لا بالمسمى، كما جاء عند البخاري في حديث صلح الحديبية،"لما جاء الرسول  يكتب بينه وبين قريش كتاباً، كتب بسم اللَّه الرحمن الرحيم، قال سهيل وما الرحمن ؟ إنّا لا نعرف الرحمن، لكن اكتب بسمك اللَّهم"( )، فاختاروا اسم اللَّه على اسم الرحمن فقط. فهؤلاء الكفار كفروا بالاسم لا بالمسمى. وأكبر دليل على هذا التلبية، حيث يقولون:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك"، فيدل هذا على أنهم مقرون في الربوبية، منكرون الألوهية،
    2 - قوله: {وهم يجادلون في اللَّه وهو شديد المحال}.
    الآية في بدايتها تدل على أن المجادلة في الألوهية ؛ لأنه استدل بما يؤمنون به على إثبات الألوهية، فقوله {وهم يجادلون في اللَّه} أي في الألوهية. ولم يقل وهم يجادلون في الرب وإنما في الله وهي صفة الألوهية،
    3 - قوله: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً}، معنى أرباب: أي آلهة تعبد من دون اللَّه، وهذا يدل على أنهم مشركون بالألوهية لا بالربوبية.
    وأيضاً هذه الآية لها سبب نزول يوضح معناها، ذكر ذلك الشيخ السعدي رحمه اللَّه في تفسير سورة آل عمران: إن وفد نجران -وكانوا نصارى- جاءوا إلى رسول اللَّه  فناقشهم الرسول  فقالوا: أتريد أن نعبدك، فنزلت الآية( ).
    ، ولا يعني ذلك أن ننكر أن الكفار يعبدون الملائكة، ولكن هناك فرق بين أن يتخذوهم أرباباً، وبين أن يتخذوهم آلهة، قال تعالى: {ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون...} ( ) مما يدل على أن النزاع في الألوهية لا في الربوبية.
    4 ـ قوله (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وما يؤمن أكثرهم بالله ربوبية إلا وهم مشركون ألوهية،
    5- قوله {فلا تجعلوا لله أنداداً} أي لا في الربوبية ولا في الألوهية مع أنهم اتخذوهم نداً في الألوهية.
    وهذه الشبه لا زالت موجودة في عباد القبور، وتجد بعض الناس يعتقد أن كفار قريش كفارٌ بالربوبية والألوهية.
    انتهى .
    وهنا تنبيه على كلام الشيخ - حفظه الله - لأن من لم يترفّق سيستشكل ويتعجّل بالرد :
    فقوله {وهم يجادلون في اللَّه} أي في الألوهية. ولم يقل وهم يجادلون في الرب وإنما في الله وهي صفة الألوهية،
    قوله: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً}، معنى أرباب: أي آلهة تعبد من دون اللَّه، وهذا يدل على أنهم مشركون بالألوهية لا بالربوبية.
    ففي الآية الأولى : {وهم يجادلون في الله} أخذ الشيخ من لفظ الجلالة أنهم يجادلون في الألوهية .
    وفي الآية الثاني : {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً} فسّر كلمة أرباباً : بالآلهة ، وكان القياس مع فعله في الآية الأولى أن يجعل الإشراك في الربوبية وليس في الألوهية .
    والصواب في الفهم أن يقال: إن مجادلة المشركين في الله في الآية الأولى معناها أنهم يجادلون في إفراده بالعبادة، وليس في ربوبية كما في سياق الآيات والأدلة الأخرى وليس مأخوذاً من كلمة (الله) .
    وفي الآية الثانية فكما قال الشيخ حفظه الله أنهم فهم إنما اتخذوهم وسائط بينهم وبين من بيده الأمر كله ، ولم يجعلونهم شركاء في الربوبية.
    والله أعلم .
    ولو لاقيت ربك دون ذنب**وناقشك الحساب إذاً هلكتا
    ولم يظلمك في عمـلٍ ولكن**عسير أن تقوم بما حمـلـتا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    Lightbulb رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    تحية طيبة، وبعـد:
    أورد هذا النقل تقريرا لما أبداه شيخنا الفاضل (عدنان البخاري) من معان حسنة في ثنايا مشاركاته، فنقول وبالله تعالى التّوفيق:
    قال الشَّيخ العلامة حافظ بن أحمد الحَكَمِي رحمه الله (تُوفِّي شابًّا عام: 1377 عن خمس وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر، فرحمه الله رحمة واسعة):
    (والمقصود أنّ أكثر شرك الأمم التي بعث الله إليها رسله وأنزل كتبه غالبهم إنّما أشرك في الإلهية، ولم يُذكَر جحود الصّانع إلا عن الدّهرية والثّنويّة، وأما غيرهم ممن جحدها عنادا كفرعون ونمرود وأضرابهم، فهم مقرّون بالربوبيّة باطنا كما قدّمنا، وقال الله عز وجل عنهم: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا [النمل: 14]، وبقيّة المشركين يقرّون بالرّبوبيّة باطنا وظاهرا، كما صرّح بذلك القرآن فيما قدّمنا من الآيات وغيرها، مع أنّ الشّرك في الرّبوبيّة لازم لهم من جهة إشراكهم في الإلهيّة وكذا في الأسماء والصّفات؛ إذْ أنواع التّوحيد متلازمة لا ينفك نوع منها عن الآخَر، وهكذا أضدادها، فمن ضادّ نوعا من أنواع التّوحيد بشيء من الشّرك فقد أشرك في الباقي، مثال ذلك في هذا الزمن: عُبّاد القبور إذا قال أحدهم: "يا شيخ فلان - لذلك المقبور - أغثني"، أو "افعل لي كذا" ونحو ذلك يناديه من مسافة بعيدة، وهو مع ذلك تحت التّراب وقد صار ترابا. فدعاؤه إيّاه عبادة صرفها له من دون الله؛ لأنّ الدّعاء مخّ العبادة: فهذا شرك في الإلهيّة. وسؤاله إيّاه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع ضر أو ردّ غائب أو شفاء مريض أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله معتقِدا أنّه قادر على ذلك: هذا شرك في الرّبوبيّة؛ حيث اعتقد أنّه متصرّف مع الله تعالى في ملكوته. ثم إنّه لم يدعه هذا الدّعاء إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت كان، وفي أي مكان، ويصرّحون بذلك، وهذا شرك في الأسماء والصّفات؛ حيث أثبت له سمعا محيطا بجميع المسموعات لا يحجبه قرب ولا بُعد، فاستلزم هذا الشّرك في الإلهيّة: الشّرك في الربوبيّة والأسماء والصّفات).انتهى
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  20. افتراضي رد: حقيقة الشِّرك وأنواعه في الجاهليَّة والإسلام.

    بارك الله فيكم شيخنا الكريم ولى عودة ان شاء الله تعالى لقراءة تلك الدرر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •