السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلب من الاخوة الكرام الذين يتقنون الانجليزية المساعدة في ترجمة هذه الكلمات لشيخ الاسلام رحمه الله تعالى:
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ اللَّهَ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ فِي مَوَاضِعَ فَهَذَا صَحِيحٌ . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِيمَانَ إذَا أُطْلِقَ أَدْخَلَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيهِ الْأَعْمَالَ الْمَأْمُورَ بِهَا . وَقَدْ يُقْرَنُ بِهِ الْأَعْمَالُ ، وَذَكَرْنَا نَظَائِرَ لِذَلِكَ كَثِيرَةً . وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ هُوَ مَا فِي الْقَلْبِ ، وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ لَازِمَةٌ لِذَلِكَ . لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ إيمَانِ الْقَلْبِ الْوَاجِبِ مَعَ عَدَمِ جَمِيعِ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ ، بَلْ مَتَى نَقَصَتْ الْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ كَانَ لِنَقْصِ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ ؛ فَصَارَ الْإِيمَانُ مُتَنَاوِلًا لِلْمَلْزُومِ وَاللَّازِمِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَا فِي الْقَلْبِ ؛ وَحَيْثُ عُطِفَتْ عَلَيْهِ الْأَعْمَالُ فَإِنَّهُ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِإِيمَانِ الْقَلْبِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ .
فقد جعل أصل الإيمان في القلب .. وجعل لازمه هو الأعمال الظاهرة .. ثم قال : إن عدمت جميع الأعمال الظاهرة (ولم يقل بعضها ، بل حدد جنسها) ، فقد انتفى الإيمان في القلب .
بَلْ الْأَعْمَالُ فِي الْأَصْلِ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ ؛ فَإِنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ هُوَ مَا فِي الْقَلْبِ ، وَلَكِنْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا كَانَ إيمَانُهُ مُنْتَفِيًا ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ ، لَكِنْ صَارَتْ بِعُرْفِ الشَّارِعِ دَاخِلَةً فِي اسْمِ الْإِيمَانِ إذَا أُطْلِقَ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَإِذَا عُطِفَتْ عَلَيْهِ ذُكِرَتْ ، لِئَلَّا يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ مُجَرَّدَ إيمَانِهِ بِدُونِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ اللَّازِمَةِ لِلْإِيمَانِ يُوجِبُ الْوَعْدَ ؛ فَكَانَ ذِكْرُهَا تَخْصِيصًا وَتَنْصِيصًا ، لِيَعْلَمَ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَوْعُودَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُوَ الْجَنَّةُ بِلَا عَذَابٍ ، لَا يَكُونُ إلَّا لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ؛ لَا يَكُونُ لِمَنْ ادَّعَى الْإِيمَانَ وَلَمْ يَعْمَلْ . وَقَدْ بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ الصَّادِقَ فِي قَوْلِهِ : آمَنْت ، لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِالْوَاجِبِ ، وَحَصْرُ الْإِيمَانِ فِي هَؤُلَاءِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِ عَمَّنْ سِوَاهُمْ .
وَقَوْلُهُ : لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي ، يَعْنِي الْكَلَامَ . وَقَوْلُهُ : بِالتَّحَلِّي . يَعْنِي : أَنْ يَصِيرَ حِلْيَةً ظَاهِرَةً لَهُ ، فَيُظْهِرُهُ مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ مِنْ قَلْبِهِ . وَمَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ ، وَلَا مِنْ الْحِلْيَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ ، وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ . فَالْعَمَلُ يُصَدِّقُ أَنَّ فِي الْقَلْبِ إيمَانًا ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ كَذَّبَ أَنَّ فِي قَلْبِهِ إيمَانًا ، لِأَنَّ مَا فِي الْقَلْبِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعَمَلِ الظَّاهِرِ . وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ } . فَلَمَّا ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا ، ذَكَرَ أَنَّ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ ، وَالْإِسْلَامِ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَعْمَالِ . وَإِذَا أَفْرَدَ الْإِيمَانَ ، أَدْخَلَ فِيهِ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ ، لِأَنَّهَا لَوَازِمُ مَا فِي الْقَلْبِ ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ ، وَالتَّصْدِيقُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ ، وَجَبَ حُصُولُ مُقْتَضى ذَلِكَ ضَرُورَةً ؛ فَإِنَّهُ مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إلَّا أَبْدَاهَا اللَّهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ ، وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ . فَإِذَا ثَبَتَ التَّصْدِيقُ فِي الْقَلْبِ ، لَمْ يَتَخَلَّفْ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ الْبَتَّةَ ، فَلَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ ، وَمَحَبَّةٌ صَحِيحَةٌ ، وَلَا يَكُونُ لَهَا أَثَرٌ فِي الظَّاهِرِ . وَلِهَذَا يَنْفِي اللَّهُ الْإِيمَانَ عَمَّنْ انْتَفَتْ عَنْهُ لَوَازِمُهُ ؛ فَإِنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ } وَقَوْلِهِ : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الْآيَةَ ، وَنَحْوَهَا .
وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ أَنَّ إيمَانَ الْقَلْبِ يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ الظَّاهِرَ بِحَسَبِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِين َ [47] وَإِذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [48] وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ [49]} إلَى قَوْلِهِ : { إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [51]} . فَنَفَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا ؛ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ .
احسن الله اليكم وجزاكم خيرا