تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    49

    افتراضي الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    قال العلامة الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في أوائل تفسيره لسورة الروم ،وتحديداً عند الآية (6) ،وهي قوله تعالى :
    (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) [الروم/6، 7])
    قال رحمه الله ـ في الأضواء 6/477 ـ
    اعلم أنه يجب على كل مسلم في هذا القرآن أن يتدبر آية الروم تدبراً كثيراً ، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس .
    وإيضاح ذلك :
    أن من أعظم فتن آخر الزمان التي ابتلى ضعاف العقول من المسلمين شدة إتقان الإفرنج ، لأعمال الحياة الدنيا ومهارتهم فيها على كثرتها ، واختلاف أنواعها مع عجز المسلمين عن ذلك ، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال أنه على الحق ، وأن من عجز عنها متخلف وليس على الحق ، وهذا جهل فاحش ، وغلط فادح . وفي هذه الآية الكريمة إيضاح لهذه الفتنة وتخفيف لشأنها أنزله الله في كتابه قبل وقوعها بأزمان كثيرلة ، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه ، وما أعظمه ، وما أحسن تعليمه .
    فقد أوضح جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أكثر الناس لا يعلمون ، ويدخل فيهم أصحاب هذه العلوم الدنيوية دخولاً أولياً ، فقد نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل ، لأنهم لا يعلمون شيئاً عمن خلقهم ، فأبرزهم من العدم إلى الوجود ، وزرقهم ، وسوف يميتهم ، ثم يحييهم ، ثم يجازيهم على أعمالهم ، ولم يعلموا شيئاً عن مصيرهم الأخير الذي يقيمون فيه إقامة أبدية في عذاب فظيع دائم : ومن غفل عن جميع هذا فليس معدوداً من جنس من يعلم كما دلت عليه الآيات القرآنية المذكورة ، ثم لما نفى عنهم جل وعلا اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل أثبت لهم نوعاً من العلم في غاية الحقارة بالنسبة إلى غيره .
    وعاب ذلك النوع من العلم بعيبين عظيمين :
    أحدهما :
    قلته وضيق مجاله ، لأنه لا يجاوز ظاهراً من الحياة الدنيا ، والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة ، وضيق المجال بالنسبة إلى العلم بخالق السماوات والأرض جل وعلا ، والعلم بأوامره ونواهيه ، وبما يقرب عبده منه ، وما يبعده منه ، وما يخلد في النعيم الأبدي من أعمال الخير والشر .
    والثاني منهما :
    هو دناءة هدف ذلك العلم ، وعدم نبل غايته ، لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا ، وهي سريعة الانقطاع والزوال ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنيوي أن أجود أوجه الإعراب في قوله : { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً } أنه بدل من قوله قبله لا يعلمون ، فهذا العلم كلا علم لحقارته .
    قال الزمخشري في الكشاف ، وقوله : يعلمون بدل من قوله : لا يعلمون ، وفي هذا الإبدال من النكته أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ، ويسد مسده ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا ...
    وقوله : { ظَاهِرا مِّنَ الحياة الدنيا } يفيد أن الدنيا ظاهراً وباطناً فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها ، والتنعيم بملاذها وباطنها ، وحقيتها أنها مجاز إلى الآخرة ، يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة ، وفي تنكير الظاهر أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من ظواهرها ، و(هم) الثانية يجوز أن يكون مبتدأ ، وغافلون خبره ، والجملة خبر ، (هم) الأولى ، وأن يكون تكريراً للأولى ، وغافلون : خبر الأولى ، وأية كانت فذكرها مناد على أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ، ومقرها ، ومحلها وأنها منهم تنبع وإليهم ترجع . انتهى كلام صاحب الكشاف .
    وقال غيره : وفي تنكير قوله : ظاهراً تقليل لمعلومهم ، وتقليله يقربه من النفي ، حتى يطابق المبدل منه . اهـ ، ووجهه ظاهر .
    واعلم أن المسلمين يجب عليهم تعلم هذه العلوم الدنيوية ، كما أوضحنا ذلك غاية الإيضاح في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى : { أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } [ مريم : 78 ] وهذه العلوم الدنيوية التي بينا حقارتها بالنسبة إلى ما غفل عنه أصحابها الكفار ، إذا تعلمها المسلمون ، وكان كل من تعليمها واستعمالها مطابقاً لما أمر الله به ، على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : كانت من أشرف العلوم وأنفعها ، لأنها يستعان بها على إعلاء كلمة الله ومرضاته جل وعلا ، وإصلاح الدنيا والآخرة ، فلا عيب فيها إذن كما قال تعالى : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ } [ الأنفال : 60 ] فالعمل في إعداد المستطاع من القوة امتثالاً لأمر الله تعالى وسعياً في مرضاته ، وإعلاء كلمته ليس من جنس علم الكفار الغافلين عن الآخرة ، كما ترى الآيات بمثل ذلك كثيرة . والعلم عند الله تعالى)انتهى.
    إعلان
    إلى جميع الإخوة الكرام
    بأنني قد توقفت عن الكتابة في هذا المنتدى المبارك منذ شهر شوال 1428هـ تقريبا

  2. #2

    افتراضي

    بارك الله فيك .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,697

    افتراضي

    ما أحقر الدنيا عند من عرف حقيقتها.

    رحم الله الشنقيطي رحمة واسعة ، وجزاك خيرا على ما تتحفنا به من التحف .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    جزاك الله خيرا وبارك فيك ورحمة الله ومغفرته تغشى العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي


    والمزيد من هذه الدرر والفوائد الجمة من كنوز أهل العلم رحمهم الله تعالى

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,479

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    الشَّيْخ الكريم / عُمر :

    جزاكم الله خيرًا ونفع بكم.

    رحم الله الإمام الشّنقيـطي .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    49

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    شكر الله لجميع الإخوة المعلقين ..
    ورحم الله الشيخ القرآني العلامة الشنقيطي ..

    أحبتي ..
    إن وقع مثل هذه الكلمات من مثله يختلف كثيرا ً ..
    فإذا قرأت هذا الكلام لرجل تعرف أنه يقال في سيرته :
    إنه مات وهو لا يكاد يفرق بين فئة (100) و(10) !
    ومات وهو لم يطلب يوماً من الأيام علاوة
    ولا زيادة مرتب ،ولا شيئاً من ذلك !!
    وهو الذي كان يقول :
    جئت معي من شنقيط بكنز عظيم ،وهو القناعة !!
    يقول ما تقدم كله
    ويذم الدنيا ليس لأنها لم تحصل له !!
    بل يقول ذلك وقد أتته الدنيا وهي راغمة !
    فرحمة الله على ذياك الجدث !

    أقول : إذا صدر الكلام ممن هذه حاله
    كان لذلك الكلام وقعه ..

    اللهم كما كما رزقتنا الإسلام
    فارزقنا القناعة
    واجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.
    إعلان
    إلى جميع الإخوة الكرام
    بأنني قد توقفت عن الكتابة في هذا المنتدى المبارك منذ شهر شوال 1428هـ تقريبا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,467

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    الشيخ /عمر - برك الله فيكم وأحسن لكم المثوبة
    ورحم الله الإمام الشيخ محمد الأمين
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    بارك الله فيك

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    27

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    جزاك الله خيرا يا شيخ عمر و نفع بعلمك

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    جزاك الله خيراً وبارك فيك .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي رد: الآية التي قال عنها الشنقيطي : يجب على كل مسلم أن يتدبرها كثيراً

    رحم الله العلامة الشنقيطي .
    وعلى غرار ذلك ، ما قاله الزمخشري في كشافه ، عند قوله تعالى : وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (75) . سورة الإسراء
    قال رحمه الله :فعلى المؤمن إذا تلا هذه الآية أن يجثو عندها ويتدبرها، فهي جديرة بالتدبر ، وبأن يستشعر الناظر فيها الخشية وازدياد التصلب في دين الله.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •