6049 - (إن الله تبارك وتعالى لعن سبطاً من الجن ؛ فمسخهم دوابّ
في الأرض ، فهذه الكلاب السود هي من الجن ، وهي تتقيه (!) القرى ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:

ضعيف جداً .
أخرجه عبد بن حميد (ق 189/ 1) من طريق أبي هارون
العَبدي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"لولا أن الكلاب أمة من الأمم ؛ لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها كل أسود بَهيم " .
قال : فقلت لأبي هريرة : ما بال أسودها من أحمرها ؟ فقال أبو هريرة : قلت
لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قلت ؛ فقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدّاً ؛ أبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جُوين ،
قال الحافظ :
"متروك ، ومنهم - من كذبه " . وقال الذهبي في " الميزان " :
"تابعي لين بمرة ، كذبه حماد بن زيد" .
ومع ذلك فقد خولف في متنه ؛ فقال البزار (2/71/ 228 - كشف الأستار) :
حدثنا سعيد بن بَحر القراطيسيُّ : ثنا إسحاق بن يوسف : ثنا الجريريُّ عن ثُمامة
ابن حزَن عن أبي هريرة : أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
"اقتلوا الكلاب " .
فقال أهل المدينة : يا رسول الله! إنها تنفعنا ؛ إنها تكون في غنمنا وزرعنا .
قال :
"فاقتلوا منها البهيم ، والبهيم : الذي يقول الناس : إنه الجن " .
قلت : وهذا إسناد جيد ؛ رجاله ثقات رجال مسلم ؛ غير القراطيسي ، وقد
وثقه الخطيب في "التاريخ " (9/93) ، ولم يعرفه الهيثمي ؛ فقال في "مجمع الزوائد"
(4/43) :
"رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح ؛ خلا سعيد بن بحر شيخ البزار ، ولم
أجد من ترجمه "!قلت : والجَريري هو : سعيد بن إياس وكان تغير ، وروى عنه إسحاق بن يوسف
- وهو الأزرق - بعد التغير - كما قال ابن الكَيَّال في "الكواكب " (ص 183 - 184) - ،
لكن ذلك لا يضر إن شاء الله ؛ لأن تغيره كان قليلاً ؛ كما قاد الذهبي في "الميزان " ،
وكذلك قال في "الكاشف " :
"وهو حسن الحديث " .
ففيه أن قوله ؛ "من الجن " إنما هو من كلام الناس . لكن هذه الجملة : "والبهيم
الذي يقول الناس : إنه من الجن " : كأنه مدرج في الحديث ؛ ليس من كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
لكن قد جاء مرفوعاً من حديث ابن عباس بلفظ :
"لولا أن الكلاب أمة [ من الأمم ] ؛ لأمرت بقتل كل أسود بهيم ، فاقتلوا المعينة
من الكلاب ؛ فإنها الملعونة من الجن " .
أخرجه أبو يعلى في "مسنده " (4/330/2442) : حدثنا أبو [عبد الرحمن : ]
عبد الله بن عبد الرحمن العلاف : حدثنا عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن
أبي بكرة عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ .
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/349/11979) وفي "الأوسط "
(1/159/2875 - بترقيمي) ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي : نا عبد الله
ابن الفضل أبو عبد الرحمن العلاف ... به . وقال :
"لم يروه عن عمارة إلا عبد الملك ، تفرد به عبد الله بن الفضل " .
قلت : كذا وقع في "الأوسط " ، وهو نفسه ابن عبد الرحمن ؛ كما في إسناد
أبي يعلى ، ووقع في "الكبير" : "محمد بن عبد الرحمن العلاف " . ولا أدري إذ
كان محفوظاً ؟ فإن الحافظ ذكر الوجهين الأولين في ترجمة عبد الملك ، وذكر فيها
أنه روى عنه أيضاً محمد بن عبد العزيز الرَّمْلي ، وداود بن مصبح العسقلاني ،
وهانئ بن المتوكل الإسكندراني ، وذكره ابن حبان في "الثقات " (8/386) ، ثم
قال الحافظ :
"قلت : وقال ابن القطان : حاله مجهولة " ، وقال في "التقريب " :
" مقبول " . وفي "الميزان " :
"مُقِلٌّ جدّاً ، غمزه ابن القطان " .
قلت : والعسقلاني الذي روى عنه ذكره ابن حبان في "الضعفاء" ، وأفاد أنه
كثير المناكير .
والرملي صدوق يهم - كما في "التقريب" - .
وداود بن مصبح - كذا في "التهذيب" - ، وهو في "الثقات " (8/236) :
"داود بن مضحح : من أهل عسقلان . يروي عن أبي خالد الأحمر . حدثنا
عنه محمد بن الحسن بن قتيبة . مات سنة (232) . مستقيم الحديث " .
كذا وقع فيه : (مضحح) ... بالضاد المعجمة ، وفي "ترتيب الثقات " :
(مصحح) ... بالصاد المهملة ، ولعله الصواب .
وعبد الله بن عبد الرحمن ؛ أبو عبد الرحمن العلاف ، ذكره ابن حبان أيضاً في
" الثقات " (8/358) ، وقال :
"حدثنا عنه أحمد بن علي بن المثنى" .
أقول : ومن ترجمة هؤلاء الرواة عن عبد الملك بن الخطاب لم تطمئن النفس
لتوثيق ابن حبان إياه! فهو مجهول الحال ؛ كما قال ابن القطان - وتبعه الحافظ - ،
وعليه فقول الهيثمي :"رواه أبو يعلى والطبراني في " الكبير" و" الأوسط " ، وإسناده حسن " .
فما نراه حسناً! والله سبحانه وتعالى أعلم .
(تنبيهان) :
الأول : قوله في آخر حديث الترجمة : "تتقيه القرى" ... هذا ما أمكنني قراءته
في النسخة المصورة ، ولم يظهر لي المعنى ، وفي المصورة الأخرى : "ـعصه " ...
هكذا بالإهمال ، وفي المطبوعة : "شقية القرى"! ومر عليها المعلق الفاضل!
والآخر : أن الشطر الأول من حديث أبي هريرة قد صح من حديث عبد الله
ابن مغفل ؛ كما نراه محققاً في "غاية المرام " برقم (148) ، و"صحيح أبي داود"
(2535) ، وفيهما تحقيق سماع الحسن البصري للحديث من عبد الله بن مغفل ؛ بما
لا تجده في مكان آخر . والحمد لله .
هذا ؛ وقد صح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الكلب الأسود ؛ شيطان " فِي حَدِيثِ أبي ذر عند
مسلم وأبي عوانة وغيرهما ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (699) .