2885 - " إن شر الرعاء الحطمة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 899 :
أخرجه مسلم ( 6 / 9 - 10 ) و أبو عوانة ( 4 / 424 ) و ابن حبان ( 7 / 22 / 4494
) و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 8 / 161 ) و أحمد ( 5 / 64 ) و الروياني في
" مسنده " ( ق 153 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 18 / 17 / 26 ) و
الدولابي في " الكنى " ( 1 / 93 ) من طرق عن جرير بن حازم : حدثنا الحسن أن
عائذ بن عمرو - و كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد
الله بن زياد فقال : أي بني ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
فذكره ) فإياك أن تكون منهم ، فقال له : اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ! فقال : و هل كانت لهم نخالة ؟ إنما كانت النخالة بعدهم ،
و في غيرهم ! و تابعه شعبة عن يونس عن الحسن : أن عائذ بن عمرو قال لزياد : كان
يقال لنا : " شر الرعاء الحطمة " .. إلخ . قلت : لكن الحسن - و هو البصري -
كثير الإرسال و التدليس ، و قوله : " أن عائذ ابن عمرو .. " صورته صورة المرسل
، و ما وجدت له سماعا منه و لو في غير هذا الحديث ، و لو ثبت له ذلك ، فذلك مما
لا يستلزم ثبوت اتصال هذا لكون الحسن مدلسا ، و مثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح
بالتحديث ، و هذا ما لم نجده كما تقدم . بل رأيت علي بن المديني - شيخ البخاري
- ينفي في رسالته " علل الحديث و معرفة الرجال " ( ص 69 ) سماعه منه ، فقال :
" ما أراه سمع منه شيئا " . و نقله عنه العلائي في " مراسيله " ( ص 197 ) و
أقره . لكني وجدت للحديث شاهدا من رواية إسحاق بن سعيد : حدثنا عبد الكريم عن
الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ : " إن شر الولاة الحطمة " . أخرجه البزار ( 2 / 238
/ 1604 ) و قال : " لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا عبد الكريم ، و هو بصري ، و
روي عن غير أنس ، رواه أبو برزة و عائذ بن عمرو " . قلت : و عبد الكريم هذا
يحتمل أنه ابن أبي أمية ، و به جزم الهيثمي ( 5 / 239 - 240 ) و قال : " و هو
ضعيف " . و يحتمل أنه غيره ، فإن ابن أبي حاتم في " الجرح " بعد أن ذكر في
ترجمة ابن أبي أمية الحسن البصري قال ( 3 / 1 / 61 ) : " عبد الكريم ، روى عن
الحسن ، سمع منه محمد بن سلام . قال أبي : مجهول " ، و كذا في " الميزان " و "
اللسان " . فالله أعلم أيهما هو ؟ فإنه لم يذكر في ترجمتهما راوي الحديث عنه
هنا : إسحاق ابن سعيد ، و هو القرشي الأموي الكوفي ، يحتمل أنهما واحد . و أي
ذلك كان ، فالحسن هو البصري المذكور في حديث عائذ ، و قد عرفت آنفا أنه يرسل و
يدلس ، لكنهم قد صرحوا بصحة سماعه من أنس بن مالك ، لو أنه صرح هنا بالتحديث ،
و صح السند إليه . لكن يبدو أن الحديث كان معروفا عند السلف ، فقد جزم البزار -
كما رأيت آنفا - أنه رواه أبو برزة أيضا . و يؤيده أن الإمام الأوزاعي جزم
بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سلامه على أبي جعفر العباسي
بالخلافة ، و وعظه إياه ، في قصة طويلة رواها محمد بن مصعب القرقساني عنه .
أخرجها أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 136 - 140 ) . و بالجملة ، فالحديث بهذه
الشواهد اطمأنت النفس لثبوته ، مع تصحيح الأئمة الثلاثة إياه : مسلم ، و أبو
عوانة ، و ابن حبان . و اعلم أن الحديث أورده النووي في " رياض الصالحين " في
موضعين منه ، ذكره في الأول منهما ( رقم 197 ) بتمامه معزوا لمسلم ، و في الآخر
( 661 ) دون قول ابن زياد : " اجلس .. " إلخ ، و قال : " متفق عليه " . و هو
وهم لا ندري من الناسخ هو أو من المؤلف . و قد نبه عليه صاحب المكتب الإسلامي
في طبعته الجديدة لـ " الرياض " لسنة ( 1412 ) التي زينها بتصديرها بصفحتين
مصورتين من مخطوطتين للكتاب زعم أنه رجع إليهما ، يعني للتحقيق ، و لا أثر لذلك
في طبعته هذه ، و إلا فهذا هو المكان المناسب ليثبت للقراء زعمه المذكور بأن
يبين ما في المخطوطتين حول هذا الوهم . و تلك شنشنة نعرفها من أخزم فهو كثيرا
ما يزين مطبوعاته ببعض الصفحات المصورة من مخطوطات يدعي أنها في مكتبته 0 و قد
تكون مصورات - يوهم القراء بأنه رجع إليها في التحقيق ، و ليس الأمر كذلك ، و
أوضح مثال على ذلك طبعه أخيرا السنن الأربعة التي كنت ميزت صحيحها من ضعيفها
فقدمت إليه فطبعها طبعات تجارية ظاهرة ، و قسم كل كتاب منها إلى قسمين : "
الصحيح " و " الضعيف " ، فخلط في ذلك خلطا عجيبا لأن ذلك ليس من علمه ، و لا
أقول من اختصاصه ، فجعل في " الصحيح " ما ينبغي أن يكون في " الضعيف " ، و على
العكس ، و لبيان هذا مجال آخر ، و الشاهد هنا أنه زين هذه الكتب بصور صفحات من
مخطوطات السنن ، كأنه كلف أن يقوم بطباعتها من جديد محققة على المخطوطات ، و
إنما كلف بطبع التصحيح و التضعيف الذي قمت به على السنن ! و لكنه التشبع بما لم
يعط ! ثم إن المحقق الجديد المدعو بـ ( حسان عبد المنان ) لكتاب " رياض
الصالحين " قد حذف الحديث من المكان الأول منه - و هو الأتم فائدة - و اقتصر
على إيراده إياه في الموضع الآخر منه ، و حذف منه قوله : " متفق عليه " . دون
أي بيان منه هل كان الحذف عن رأي منه ، أم عن تحقيق وقع له برجوعه إلى بعض
المخطوطات ، و هذا مما لم يعن به ، و لم يدعه - و الحمد لله - كما فعل غيره .
ثم إن الظاهر أنه لم ينتبه للإرسال الذي فيه أو الانقطاع ، و إلا لسارع إلى
التشبث به لتضعيف الحديث كما فعل بغيره مما رواه البخاري و مسلم ، فضلا عما
رواه غيرهما من أصحاب السنن ، و قدمت نماذج كثيرة منها في الاستدراكات التي
ألحقتها بالمجلد الثاني من " الصحيحة " الطبعة الجديدة . و الله المستعان . (
الرعاء ) : جمع ( راع ) . ( الحطمة ) : هو العنيف برعاية الإبل في السوق و
الإيراد و الإصدار ، و يلقي بعضها على بعض ، و يعسفها ، ضربه مثلا لوالي السوء
. كما في " النهاية " .