حول تفضيل الاعمال في السنة النبوية
قال الامام البيهقي في كتابه [الجامع لشعب الايمان ج10 ص406]:
حكى أبو عبد الله الحليمي رحمه الله عن أبي بكر محمد بن علي الشاسي الإمام رحمه الله في حمله ما خرج هذه الأخبار عليه القائل قد يقول خير الأشياء كذا لا يريد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء و لكن على أنه خيرها في حال دون حال و لواحد دون آخر كما قد يتضرر واحد بكلام في غير موضعه فيقول ما شيء أفضل من السكوت أي حيث لا يحتاج إلى الكلام ثم قد يتضرر بالسكوت مرة فيقول ما شيء أفضل للمؤمن من أن يتكلم بما يعرفه فيجوز هذا الإطلاق كما جاز الأول و يقول القائل فلان أعقل الناس و أفضلهم يريد أنه من أعقلهم و أفضلهم و روى خيركم خيركم لأهله فلم يكن ذلك على معنى أن من أحسن معاشرة أهله فهو أفضل الناس و قيل شراركم عزابكم أي من أشراركم لأنه و إن كان صالحا فهو يعرض نفسه للشر غير آمن من الفتنة و إلا فالفساق شر منهم و في العزاب صالحون و روى ما شيء أحق بطول سجن من لسان و قد يكون الفاسق المفسد أحق بذلك منه وروى ما شيء في الميزان أثقل من خلق حسن و معلوم أن الصلاة و الجهاد أعلى منه و روى خياركم ألينكم مناكب في الصلاة و قد يوجد لين المناكب فيمن غيره أفضل نفسا و دينا منه و إنما هو كلام عربي يطلق على الحال و الوقت و على إلحاق الشيء المفضل بالأعمال الفاضلة و على أنه أفضل من كذا لا من كل شيء غيره.
ثم بسط الكلام في هذا إلى أن ذكر خبر ابن مسعود في سؤاله رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أفضل الأعمال و قوله ثم ماذا فقال : قد يخرج هذا على أنه لم يرد بحرف ثم الترتيب و إنما قيل ثم على معنى ثم ما الذي يحل محله فنحافظ عليه و قد قال الله تعالى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ).
و لم يكن ذلك على معنى تأخير الإيمان عن الإطعام و إنما كان على معنى أنه هلافك أو إطعام و كان مع ذلك من المؤمنين الذين هم أهل الصبر و أهل المرحمة فكذلك هذا و الله أعلم