(تكملة)
الادلة على ان اية (الا ما ظهر منها) بالاجماع محكمة قطعية لتكشف في الرخص والضرورات وليست اية حجاب وان خلاف المذاهب الاربعة على (عورة) و(ليس عورة) كان لتكشف او لا تكشف في فروع الفقه في رخصة ضرورة (الصلاة) وفي رخصة (الضرورات لاجنبي) رفعا للمشقة وليس خلافهم في (اجنبي) محكمات اصول ايات (فريضة الحجاب) بتاتا
٢٥-_ جاء في تفسير الجلالين للمحلى والسيوطي﴿ إلّا ما ظَهَرَ مِنها﴾ (وهُوَ الوَجْه والكَفّانِ فَيَجُوز نَظَره لِأَجْنَبِيٍّ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَة فِي أحَد وجْهَيْنِ والثّانِي يَحْرُم لِأَنَّهُ مَظِنَّة الفِتْنَة ورُجِّحَ حَسْمًا لِلْبابِ) انتهى.
وهنا ذكر بالمفرد (اجنبي... ويخف) اي ناظر واحد ينظر للضرورة يجب ان يكون عدل مامون لا يخش منه الفتنة والشهوة وليس معنى كلامهم من خشية الفتنة والشهوة انها تخرج كاشفة لعموم الناس وتعرف من ينظر لها بشهوة وفتنة ومن لا ؟ هذا جهل المتاخرين اما مقصد المذاهب الاربعة انها شرط زايد على الضرورة فلا تكفي مجرد الضرورة لتكشف المرأة بل لا بد من شرط ثاني لتكشف وهو معرفة امن الفتنة والشهوة منه اي من سينظر لها وعدالته كمن كان معروفا بالفسق والتلاعب او في افشاء اسرار الناس والنميمة بل قال العلماء وانه ينظر امن الفتنة والشهوة عليه اي على الناظر خوفا على الناظر كمن كان اعزب او يعرف من نفسه التاثر بالنظر للنساء لعزوبيته او لشبابه او لو كانت المنظور لها شابة او كانت معروفة بالجمال او لصغر سنها او لفساد الزمان منعوا النظر ولو لضرورة ولهذا مشهور عن الاحناف منع الشابات من الكشف في الضرورات بل منعوا زوجة الاب الشابة المتوفي من كشف وجهها لاولاده الشباب وعدوهم من الاجانب مع انهم محارم لها فهي زوجة ابيهم وهذا اتقاء للشبهات و لغلبة الفتنة والشهوة ولشبابهم جميعا فمقولتهم (اذا امنت منه الفتنة والشهوة ولم يخش منه الفتنة والشهوة) يقصدون في ناظر مخصوص ممن جاز نظره في الضرورات كالشاهد والطبيب والخاطب والمتبايع لتوثيق البيوع الكبيرة والقاضي . وقوله (والثّانِي يَحْرُم) وهو مذهب التابعي ابي بكر بن عبد الرحمن ورواية في مذهب احمد ورواية في مذهب مالك في منع نظر الاجنبي في الضرورات ولو مع امن الفتنة والشهوة فمنعوا وحرموا كشف المسلمة وجهها له ولو في الضرورات ولو مع امن الفتنة والشهوة منه وعليه ولو لم يخش من او على الناظر الفتنة والشهوة ورجحوا ذلك بقولهم( لِأَنَّهُ مَظِنَّة الفِتْنَة ورُجِّحَ حَسْمًا لِلْبابِ ) اي رجح المنع مع انه ضعيف وادلة الجواز اقوى كنظر الخاطب ونحوه ولكن منعوه اتقاء للشبهات او لفساد الزمان كما قالت ام المؤمنين ( لو رائهن رسول الله لمنعهن المساجد ) مع انها تعلم بالجواز وقوله
( لا تمنعوا اماء الله مساجد الله ) ولكن للعلماء منع الرخص ومنع الامور الفرعية الجزئية كالرخص اذا راوا المفاسد اتقاء للشبهات وحماية لاصول الاحكام . وقد كان قبله ذكر قول الجمهور والرواية الثانية لاحمد ومالك في جواز كشفها لاجنبي الضرورات بشرط ( اذا امنت منه الفتنة والشهوة ولم يخش منه فتنة وشهوة) اي الناظر بان سال عنه القاضي او مندوب الوالي فشهدوا بصلاحه وعفته وعدم افشائه اسرار وصفات من سينظر لها . وانظر صيغ المفرد (منه ...شاهد.. خاطب...متبايع ...قاصي... طبيب.. اجنبي ..اجنبية... جاز نظره...لها ) ونحوها بالمفرد الناضر في الضرورات والرخص دليل الرخصة في الضرورات وليس مقولتهم هذه في احوالها العادية في فريضة الحجاب فليس هو مباح للعموم وانما ( يجوز نظره للاجنبي) مفرد اي من جاز نظره عند الضرورة كخاطب وشاهد ومتبايع وقاضي وطبيب ونحوهم فمن حرصهم واتقاء الشبهات لم يكتفوا بالضرورة لتكشف بل واشترطوا شرطا زائدا عن الحاجة والضرورة وهو( امن الفتنة والشهوة منه وعليه عند الضرورة) فلا تكفي الضرورة لتكشف حتى يعرف عن الناظر انه امن وعدالة منه وعليه الفتنة والشهوة كمن كان معروفا بالفسق او يعلم من نفسه انه سيشتهي ويتاثر فيمنع كعازب ونحوه. وبعض الفقهاء اجاز نظرة ولو لمظنة غلبة الفتنة والشهوة وقالوا لا تترك الرخص فتتعطل مصالح الناس المؤكدة لمجرد المظنة الظنية والمحتملة من خشية الفتنة والشهوة وقالوا الفتنة والشهوة في فطرة البشر ولا يوجد من يامن عدم تحرك شهوته اذا نظر للنساء ولان الضرورة والحاجة تستدعي النظر لمصالح الناس ولان وقتها قصير ولانها لا تكشف الا في دواوين القاضي او نوابه وبين اهلها وشهود فيجوز ولا يسال عن شرط عدم خوف الفتنة والشهوة . وبعض الفقهاء توسط فذكر امثلة لمن لا يشترط السؤال عن عدالتهم وامن الفتنة والشهوة فيهم ويجوز نظرهم في الضرورات بدون شرط امن الفتنة والشهوة لشدة الضرورة لنظرهم وقالوا مثل ( القاضي والخاطب وشاهد الاداء ) فهولاء الناظرين لا بد منهم انفسهم حتى لو ظن انه قد يشتهى او يتاثر ويفتن فمثلا كالخاطب فهو الذي سيتزوج فطبيعي يعجب ويتاثر ولا يمكن بغيره وكذلك شاهد الاداء الذي سبق وتحمل الشهادة والامانه ويجب ينظر لادائها فلا يمكن بغيره بعكس شاهد التحمل الجديد الذي سيتحمل الان فلا ينظر لو ظن انه سيشتهي ويفتن ففي غيره من الشهود الذين يؤمن منهم غنية عنه. وكذلك كالقاضي لا بد منه لو ظن من نفسه مظنة الفتنة والشهوة فلا تترك مصالح الناس لاجل مظنة خشية الفتنة فلو تورع لتعطلت مصالح الناس . فنظر اخي كيف التفصيل من المذاهب الاربعة رحمهم الله حتى في الضرورات منعوا كشفهن كما نقلنا في كتابنا عن التابعي ابي بكر ورواية عن احمد ومالك منع في رواية كشف وجهها للخاطب والمتبايع كما منع احمد في روايته الثانية والتابعي ابي بكر وقالوا توصف للخاطب او توكل للشهادة والبيع او تعرف بان يعرفها شهود من اقاربها من خلف النقاب انها فلانه ..فانظر لشدة قولهم في فريضة الحجاب وخلافهم في فروع ورخص الحجاب لحماية اصل فريضة الحجاب من الاجنبي كما اوصاهم رسول الله باتقاء الشبهات حتى منعوا كشفها في رخصة ضرورة كشفها في الصلاة وفي رخصة كشفها في الضرورات لاجنبي . ولم يفهم هذا كله اليوم اهل التبرج والسفور فظنوا كلام المذاهب الأربعة (اذا امنت منه الفتنة والشهوة) (لفساد الزمان فلا تكشف في الرخص والضرورات) فضنوه انه اختيار للمراة في اصل فريضة الحجاب في احوالها العادية فتخرج المراة في الشوارع وتعرف ما في قلوب الرجال ومن يخش منه شهوة وفتنة تغطي وجهها ومن لا يخش منه تكشف وجهها وهذا فوق انه مستحيل ودين جديد بدعي غير دين الاسلام مفترى عليه فاصلا كيف ستعرف ما في قلوب ونفوس الناس تجاهها وفوق ذلك ان حولها من كل اتجاه رجال لا تعرف عنهم ولا تدركهم واكثرهم يرونها من حولها ولا تراهم فكلام اهل التبرج والسفور بدعي ليس في كتب المذاهب الاربعة مثل هذا الكلام البدعي. وايضا اصلا ليس في الفرايض اختيار للمراة او اوليائها . بل عزائم واوامر ...بل كلامهم لا يقبله عقل ولا حتى عقل غير مسلم وانما تحريف للدين فليس في الدين والمذاهب الأربعة ان في فريضة الحجاب اختيار بل تفصيل المذاهب الاربعة الذي تقدم معنا واضح كالشمس منطقي انه في الضرورات في شخص مخصوص ممن جاز نظرة في الضرورات يسال عنه قبل نظرة زيادة في التحوط وهذا ممكن بان يسال عنه القاضي او نوابه او بالمعرفين هل يخش منه او عليه فتنة وشهوة اذا نظر او لا؟ واهل التبرج والسفور اليوم يريدون ان يطمسوا كل جهود وكتب علوم علماء المذاهب الأربعة في رخص وضرورات فريضة الحجاب ككتاب النكاح لرؤية الخاطب وكتاب المحاكمة لتكشف لقاضي وكتاب الشهادات ليعرفوها الشهود وكتاب العلاج لتكشف لطبيب وكتاب البيوع لتكشف لمتبايع عند توثيقها وبذلك يطمسوا ايضا فريضة الحجاب بستر وجهها عن الاجانب فيبيحوه في احوالها العادية . وكيف ان فريضة الحجاب بهذا الحرص والتفصيل والشدة في كشف وجه المراة ولو للضرورات ولو مع امن الفتنة والشهوة ولو كانت في مكان امن من محكمة او دواوين القضاء ولو كانت بين اهلها واوليائها دليل انها في زمنهم كانت معلومة من الدين بالضرورة لدرجة ان المذاهب الأربعة يختلفون في كشف وجهها في بيتها ولو كانت لوحدها في (الصلاة) وفي (اجنبي الضرورات) بل ولدرجة قولهم بستر وجهها احتياطا عن عمها وخالها من وصفها لابنائهما ومنعوا كشف وجهها للكافرة والفاسقة ولعبدها وللاعمى بل ولاولاد زوجها المتوفى الشباب اذا كانت شابة مثلهم وكذلك في منع كشف وجهها لاخيها اذا خشي منه فتنة وشهوة كما منع رسول الله سودة من كشف وجهها لرجل حكم انه اخوها قالوا لعدم الخلطة التي تؤمن معها الفتنة والشهوة ومثله المحرم كالاخ ونحوه كالذي يقع في المسكرات والمخدرات يحتجب عنه لا يفتك بها. ومنعوا كشف وجهها لزوجها المظاهر والمطلق الراجعي اذا خشي منهما الفتنة والشهوة بمواقعة زوجته قبل الكفارة من المظاهر ونية العزم على الرجوع من المطلق الرجعي . مع انها زوجة لهما ما زالت في عصمتهما ولكن قالوا تغطي وجهها خشية من الفتنة والشهوة بمواقعتها . وما قالوا كل هذا في تغطية وجهها الا لان عندهم اصل اصيل وحكم ثابت محكم وفريضة معلومة من الدين بالضرورة في اصل تغطية وجهها وهو اصل تغطية وجهها عن الاجنبي في فريضة الحجاب في الاحوال العادية غير الضرورية. فهل توجد فريضة مجمع عليها بين المذاهب الاربعة وواضحة كالشمس مثل فريضة الحجاب ورخصها ؟ فكيف يفترون عليهم وعلى الدين مذهب التبرج والسفور . وكما ترى عند تفسيرهم اية ( الا ما ظهر منها ) لا يذكرون كلمة عن فريضة الحجاب ولا حروف الحجاب لان الاية ليست اية حجاب بل عكس الحجاب لتكشف في الرخص والضرورات .في رخص وضرورة (الصلاة ) وفي ورخص وضرورة (تعاملاتها الضرورية مع الاجنبي). فمن ياخذ من اية (الا ما ظهر منها ) التي نزلت في كشفها في الرخص والضرورات ليستدل بها في كشف المسلمة وجهها في احوالها العادية في فريضة الحجاب كمن ياخذ ادلة قصر الصلاة للمسافر ويقول الاتمام في صلاة الفريضة ليس واجب ومن اتم فسنة ومستحب.
26 _ قال الآلوسي ومع انه من المتاخرين والمفروض عند الخلاف لا يعتد الا بالمتقديمين فهم المرجع عند الخلاف والمتاخرون لا يؤخذ منهم الا ما وافقوا فيه اجماع المتقدمين من المذاهب الأربعة والالوسي في اية ( الا ما ظهر منها وليضرب نبخمرهن) قال (وأيْضًا لَوْ كانَ المُرادُ مِنَ الزِّينَةِ مَوْقِعُها لَلَزِمَ أنْ يَحِلَّ لِلْأجانِبِ النَّظَرَ إلى ما ظَهَرَ مِن مَواقِعِ الزِّيَنِ الظّاهِرَةِ وهَذا باطِلٌ لِأنَّ كُلَّ بَدَنِ الحُرَّةِ عَوْرَةٌ لا يَحِلُّ لِغَيْرِ الزَّوْجِ والمِحْرِمِ النَّظَرَ إلى شَيْءٍ مِنها إلّا لِضَرُورَةٍ كالمُعالَجَةِ وتَحَمُّلِ الشَّهادَةِ، .....، وفَسَّرَ بَعْضُ أجِلَّتِهِمْ ما ظَهَرَ بِالوَجْهِ والكَفَّيْنِ بَعْدَ أنْ ساقَ الآيَةَ دَلِيلًا عَلى أنَّ عَوْرَةَ الحُرَّةِ ما سِواهُما، وعَلَّلَ حُرْمَةَ نَظَرِهِما بِمَظِنَّةِ الفِتْنَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّهُ لَيْسَ كُلُّ ما يُحَرِّمُ نَظَرَهُ عَوْرَةٌ، وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ إباحَةَ إبْداءِ الوَجْهِ والكَفَّيْنِ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ الآيَةُ عِنْدَهم مَعَ القَوْلِ بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِما مُطْلَقًا في غايَةِ البُعْدِ فَتَأمَّلْ. ....ويَكُونُ المَعْنى أنَّ ما ظَهَرَ مِنها مِن غَيْرِ إظْهارٍ كَأنَّ كَشَفَتْهُ الرِّيحُ مَثَلًا فَهُنَّ غَيْرُ مُؤاخِذاتٍ بِهِ في دارِ الجَزاءِ، وفي حُكْمِ ذَلِكَ ما لَزِمَ إظْهارُهُ لِنَحْوِ تَحَمُّلِ شَهادَةٍ ومُعالَجَةِ طَبِيبٍ، .... والمُرادُ في الآيَةِ النَّهْيُ عَنْ إبْداءِ ذَلِكَ لِمَن لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ واسْتَثْنى ما لا يُمْكِنُ إخْفاؤُهُ، في بَعْضِ الأوْقاتِ، كالوَجْه، والأطْرَفِ) انتهى
وكغيره لم يقل ان الاية اية حجاب فلم يذكر فريضة الحجاب ولا حروف الحجاب ..بل كرر كلمات الضرورة المؤقتة بقوله ( ما لا يُمْكِنُ إخْفاؤُهُ، في بَعْضِ الأوْقاتِ) وليس في كل احوالها العادية . وذكر عن المتقدمين مزيد بيان اشخاص الضرورة عدة مرات (الشاهد والمعالجة والطبيب وما كشفته الريح وما لا يمكن اخفائه) ونحوها الخطبة والمحاكمة وتوثيق البيوع الكبيرة وكلها امور نادرة الحدوث للرجال فكيف بالنساء ليفهمك من عدة اوجه كغيره ان الاية استثناء في احوال الرخص و الضرورات.
27__ قال ابن جزي ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها، وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك، فقيل: إلا ما ظهر منها يعني الثياب؛ فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها، وقيل: الثياب والوجه والكفان، وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة، وزاد أبو حنيفة القدمين) انتهي.
قوله( استثنى ) ككل استثناءات القران الكريم ب(الا) المسبوقة بنهي من الله يستثني ويرخص في احوال الضرورات كما سبق ذكرنا امثلة ( الا ما اضطررتم اليه...الا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان... الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا... لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا ... الا من اغترف غرفة بيه ...الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ... الا ان تتقوا منهم تقاة) ونحوها. وخير التفسير التفسير بالقران . واوضحها بقوله كابن كثير ( وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك،) اي ما اضطرت وواحتاجت لكشفه ولا بد لعذر مثل كرؤية خاطب او توثيق بيوع او طبيب او محاكمه وشبهها. ولا ذكر حرف في تفسير الاية عن الحجاب ولا حروفه (ح.ج.ب) بتاتا.
28-_ قال الشيخ ابوبكر الجزائري ( إلا ما ظهر منها: أي بالضرورة دون اختيار وذلك كالكفين لتناول شيئاً والعين الواحدة أو الاثنتين للنظر بهما، والثياب الظاهرة كالخمار والعجار والعباءة.) انتهى . فذكر ان الاية في الضرورة.
29_قال الشوكاني في اية ( الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) (وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ إنَّ المَرْأةَ لا تُبْدِي شَيْئًا مِنَ الزِّينَةِ وتُخْفِي كُلَّ شَيْءٍ مِن زِينَتِها، ووَقَعَ الِاسْتِثْناءُ فِيما يَظْهَرُ مِنها بِحُكْمِ الضَّرُورَةِ. ولا يَخْفى عَلَيْكَ أنَّ ظاهَرَ النَّظْمِ القُرْآنِيَّ النَّهْيُ عَنْ إبْداءِ الزِّينَةِ إلّا ما ظَهَرَ مِنها كالجِلْبابِ والخِمارِ ونَحْوِهِما مِمّا عَلى الكَفِّ والقَدَمَيْنِ مِنَ الحِلْيَةِ ونَحْوِها، وإنْ كانَ المُرادُ بِالزِّينَةِ مَواضِعَها كانَ الِاسْتِثْناءُ راجِعًا إلى ما يَشُقُّ عَلى المَرْأةِ سَتْرُهُ كالكَفَّيْنِ والقَدَمَيْنِ ونَحْوِ ذَلِكَ.) انتهى .
وانظر قوله( الضرورة ...وما يشق ستره ) اي في بعض تلك الاحوال من الضرورات والاعذار كما بينوا الاستثناء . وليس في كلامهم ان الاية اية حجاب فلا يوجد في كلام واحد عند تفسيره الاية او عند ذكرهم عورة وليس عورة كلمة عن ( الحجاب ولا حروفه ح.خ.ب ) وانما لتكشف في رخص ضرورة الصلاة وفي رخص الضرورات لاجنبي.
30_ وقال صديق خان (.وقال ابن عطية: إن المرأة لا تبدي شيئاً من الزينة وتخفي كل شيء من زينتها، ووقع الاستثناء فيما يظهر منها بحكم الضرورة .....وإنما رخص في هذا القدر للمرأة أن تبديه من بدنها لأن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن) انتهى.
وقوله (الحاجة إلى كشف وجهها) اي في الاصل كان مستورا لولا ما ذكره من كلمات وعبارات الضرورات التي كررها سبع 7 مرات كقوله (رخص... .لا تجد بدا...الحاجة...الض رورة ...تضطر....الشهادة ...المحاكمة...).
ونكمل في المرة القادمة بمشيئة الله تعالى بقية اجماع اقوال مفسري وفقهاء المذاهب الأربعة في ان اية (الا ما ظهر منها ) واقوال الصحابة فيها وحديث اسماء ( الا هذا وهذا) ليست ادلة في فريضة الحجاب وانما في كشفها في الرخص والضرورات فهي ادلة للجمهور ضد رواية عند احمد الذي منع كشفها شي ولاظفرها في الصلاة وفي الضرورات لاجنبي فرد عليه الجمهور بهذه الادلة لتكشف رخصة وضرورة (الوجه والكفين لانهما ليسا عورة) يقصدون في موضعين حصل فيهما خلاف مذهب الجمهور مع رواية في مذهب احمد ومنع احمد كشف شي من اامراة فيهما وهما في رخص ضرورة (الصلاة) لانه يشق عليها ان تصلي في بيتها لوحدها وتغطي وجهها وكفيها . وفي رخص (معاملاتها الضرورية لاجنبي ) لانه يشق عليها وعلى المجتمع ان لا تكشف في الضرورات لخاطب وقاضي وعلاج وتوثيق بيوع ونحوها .فاختلاف الجمهور مع رواية لاحمد في عورة وليس عورة وادلة الجمهور تلك لم تكن في اصل (فريضة الحجاب) بتاتا فهم اخوة لا يختلفون في اصول وثوابت وفرائض وحلال وحرام الاحكام التي قال الرسول عنها ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك ) وقال ( الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مششتبهات فمن اتق الشبهات فقد استبرا لدبنه وعرضه) بل اختلفوا في فروع الفقه الجزئية في رخص وفروع الصلاة هل تكشف في صلاتها الوجه والكفين او لا؟ وكذلك اختلفوا في فروع رخص فريضة الحجاب هل تكشف الوجه والكفين ونحوها من زينتها في الضرورات لاجنبي كالخاطب ونحوه او لا؟ . بدليل انه لم يات في كلامهم عند ذكرهم كلمة عورة وليس عورة او عند ذكرهم اية (الا ما ظهر منها ) او اقوال الصحابة فيها او عند ذكرهم لحديث اسماء(هذا وهذا) عندما كشفت رخصة للرسول لخصوصيته ومكان العصمة فكذلك في رخص غيره من الاجانب في فريضة الحجاب كالخاطب والشاهد والطبيب والقاضي والمتبايع ونحوهم . ففي كل ادلة الجمهور لم تذكر كلمة واحدة من ١٤ قرنا عن (فريضة الحجاب ولا حروف الحجاب لا الحاء ولا الجيم ولا الباء) بل ذكرت (الصلاة) و(اجنبي الضرورات) الشاهد والخاطب والقاضي والمتبايع والطبيب الذين نادرا ما يراهم الرجال فضلا عن النساء . فليست الاية اية من ايات فريضة الحجاب بتاتا فهذا تحريف وتبديل وتصحيف للكتاب والسنة والاجماع. وهذا يبين لك غلط الفريقين من المتأخرين اليوم سواء اهل النقاب او اهل التبرج والسفور في تفسير اية (الا ما ظهر منها) على أنها اية حجاب بسبب جهل وعدم علم المتاخرين اليوم بطريقة وتفسير السلف من الصحابة بالمثال كما بينها شيخ الاسلام ابن تيمية والسيوطي والشاطبي وغيرهم كثير. فكل واحد من الصحابة ذكر مثال زينة لما يجوز كشفه من المراة في الضرورات يؤيد صاحبه ويوافقه بمثال من نفس نوع مثاله فكلها زينة الوجه والكحل والكفين والخاتم والخضاب والثياب والسواران . وهي كما يقولون في اختلاف التنوع في تفسير (اذا الشمس كورت) فيقول احدهم اظلمت ويقول الاخر طويت ورميت ويقول اخر ذهب ضوئها وكله صواب واختلافهم تنوعي مزيد في تفسير الاية ومقصدهم جميعا واحد وهو ان الشمس زالت وانتهى امرها وليس اختلافهم من قبيل اختلاف التضاد . وهكذا اقوالهم المختلفة في اية(الا ما ظهر منها ) امثلة لما يجوز كشفه من زينتها ويعلم الصحابة والسلف والمذاهب الأربعة انها في الرخص والضرورات عكس وضد ونقيض الحجاب الذي هو الستر . وبالتالي فهي نزلت اصلا في رخص فريضة الحجاب في كشف المراة في تعاملاتها الضرورية مع الاجنبي ولما منع التابعي ابي بكر و احمد وغيرهم ايضا رخصة كشفها في الصلاة استدل الجمهور عليهم لتكشف في الصلاة (الوجه والكفين ) بنفس الادلة التي نزلت في كشفها (الوجه والكفين) في (الضرورات لاجنبي) قياسا لتكشف في الصلاة ايضا. وذلك للعلة المشتركة بينهما وهي علة المشقة والحاجة والضرورة الحاصلة اذا لم تكشف فيهما . وما كان رخصة للضرورة والحاجة وفيما لا بد منه ورفعا للمشقة وللعذر وما كشف رغما عنها وفيما لا يمكن اخفائه فليس عورة في هذه الاحوال الضرورية. كما هي قاعدة المذاهب الأربعة في الضرورات. كما يقال (ابيح اكل الميتة في الضرورات ) ولم تسمى ميته حال الضرورة بل سميت مباحة على قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات).
وبالله التوفيق