الجزء الثانى عشر
"وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ " هود
الإنسان -بطبعه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ثم نزعها منه، فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، أو خير من مصيبته
﴿ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾ [هود:6]
• لا تخَف على نفسك من ذهابِ الرزق، فإن رزقَك قد ضُمِنَ لك، ولكن خَف عليها من انحرافك عن طريقِ النجاة، فإن النجاةَ لم تُضمَن لك.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)
قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال: ثلاث من الصبر: أن لا تحدث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك.
(على الله رزقها) أصل الكلام رزقها على الله، قدم الجار والمجرور ليعلم أن الرزق على الله وحده، وأن ذلك حقاً أحقه على نفسه، فأبعد من تعلق بأسباب ومظاهر ونسي مسببها! وضل طريق الرزق من تعلق بقتور ممسك باخل ظن أن مفاتيح الرزق عنده دون الجواد الكريم الباذل!
{ ولم يؤت سعة من المال }
{ لولا أنزل عليه كنز }
هؤلاء هم أهل الدنيا .. نظرتهم للمال أولا ويدورون حوله ويحكمون على الناس من خلاله .
(إِنْ أرِيد إِلَّا الإِصلاح ما استطعت وما توفيقي إِلَّا بِاللَّه عليه توكلت وإليه أنيب)
شعار المؤمن الثابت على الحق الذي فهم المهمة التي أوكلت إليه: الاستخلاف في الأرض
بذل الوسع في الإصلاح
التبرؤ من الحول والقوة
التوكل على الله
الإنابة إلى الله
﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون﴾ [هود:15]
• مَن قصُرَ نظرُه جعل همَّه الدنيا، والظفرَ بشهواتها، ومن بعُدَ نظرُه جعل غايتَه الآخرة، والفوزَ بخيراتها.
[هدايات القرآن الكريم:223]
(يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ)
الجزاء من جنس العمل، فكما يكون الطاغية متقدماً على قومه بالباطل في الدنيا؛ فهو سابق لهم في العذاب
{وَأَقِمِ الصلَاة طرَفَيِ النهَارِ وَزلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}
تلك أرجى آية في كتاب الله .
لنعلم أن الصلاة في قمة الحسنات وأن جميع الحسنات ، تذهب السيئات .
الأحزان لاتبقى والهموم لاتدوم ومهما استوحشت روحك ذلك الظلام فحتمًا سيتبعه صبحٌ مشرق جميل؛ فأحسن الظن وتأمل قوله تعالى: ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)
{مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}
تشعرك بالراحة والسكينة وتبدد كل مخاوفك
(إنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)
ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ) أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي
(قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ )
كثير من الناس يحبونك صالحا ، و يحاربونك مصلحا !!
(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا)
ففي هذا أن السلام قبل الكلام
تفسير السعدي
قال تعالى:"قالت يا ويلتى ءألِدُ وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من إمر الله"
هو الله لايعجزه شي يارب ارزقنا اليقين وحسن الظن بك
( اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ )
الخوض في النوايا والتقول عليها من الظلم والتعدي..
فإنما علمها من اختصاص الله سبحانه..
(الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ)
رسالة لكل مظلوم مهما غابت الحقيقة وأخفاها الخلق
فلابد من ظهورها ولو بعد حين!
فقط فوض أمرك لله..
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ ) ..هود
الاستغفار والتوبة مفتاح الأرزاق وبوابة النعم من نزول المطر وكثرة الذرية والخير
﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾
قال: مع الكافرين ، ولم يقل: مع الغارقين
لأن مصيبة (الدين) أعظم مصيبة.
«اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا»
{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}
من الحكمة ، عدم البوح بالأخبار
التي هي مظنة الغيرة أو الحسد .
(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)
بقدر ما تجاهد نفسك في الابتعاد عن مواطن الريب يكن خلاصك منها
(ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون)
اخذ المال على الدعوة قد يقدح في مصداقية الداعية... ولذلك ترفع عنه الانبياء والصالحون
﴿ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
﴿فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
﴿ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
الإيمان الصادق يحفظ صاحبه من الفتن، وينجيه في الأزمات والمهلكات بفضل الله ورحمته.
فوض أمره إلى الله ، فصار أقوى الخلق .....بتوكله على الله.
(فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُون)
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)
{ أصلاتك تأمرك }
لقد رأوا صلاته وعلموا أنها أعظم ما تؤثر عليه .. فانظر في صلاتك وهل لها أثر كبير في حياتك .
سورة هود افتتحت (إلى الله مرجعكم) وختمت (وإليه يرجع الأمر كله)
وبينهما (وإليه ترجعون)
يا من أيقنت بأن المرجع إليه اعبده وتوكل عليه.
يتبع