مختارات من مقصورة ابن دريد
د. محمد بن علي بن جميل المطري
القصيدة المشهورة بمقصورة ابن دُرَيد هي أشهر قصيدة مقصورة، ومعنى مقصورة أن آخر كل بيت فيها حرف الألف غير الممدودة، وعدد أبيات مقصورة ابن دُريد 254 بيتًا، وناظمها هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد الأزدي العُماني القحطاني، البصري ثم البغدادي، من كبار أئمة اللغة والأدب، كان يقال: ابنُ دريد أشعَرُ العلماء، وأعلم الشعراء، توفي رحمه الله ببغداد سنة 321 هجرية وعمره 98 سنة.
وهذه 46 بيتًا مختارة هي أحسن ما في المقصورة:
إنَّ الجديدينِ[1] إذا ما اسْتوليا
على جديدٍ أدنياهُ للبِلى
نُهالُ للمرءِ الذي يروعُنا
ونرتعي في غفلةٍ إذا انقضَى
والحمدُ خيرُ ما اتَّخذتَ جنَّةً
وأنفسُ الأذخارِ من بعدِ التُّقى
منْ لم يعظْهُ الدَّهرُ لم ينفعهُ ما
راحَ بهِ الواعظُ يومًا أو غدَا
منْ لم تفدْهُ عبرًا أيَّامُهُ
كانَ العمى أولى بهِ من الهُدى
مَنْ قاسَ ما لم يرهُ بما رأى
أراهُ ما يدنو إليه ما نأى[2]
مَنْ عطَّفَ النَّفسَ على مكروهِها
كانَ الغنى قرينهُ حيثُ انتوى[3]
عوِّلْ[4] على الصَّبر الجميل إنَّه
أمنعُ ما لاذ به أولو الحِجا[5]
وعطِّفِ النَّفس على سُبْلِ الأُسى[6]
إذا استفزَّ[7] القلبَ تبريحُ الجَوى[8]
لا تعجبنْ من هالكٍ كيف هوى[9]
بل فاعجبنْ من سالمٍ كيف نجا