108 - " إن الله زادكم صلاة و هي الوتر ، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 171 :
رواه الإمام أحمد ( 6 / 7 ) و الطبراني في " المعجم الكبير ( 1 / 100 / 1 )
من طريقين عن ابن المبارك : أنبأنا سعيد بن يزيد حدثني ابن هبيرة عن أبي تميم
الجيشاني أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة ، فقال : إن أبا بصرة
حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قال أبو تميم : فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة فقال له :
أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال عمرو ؟ قال أبو بصرة :
أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .
و سعيد بن يزيد هو أبو شجاع الإسكندراني .
و قد تابعه عبد الله بن لهيعة : أنبأنا عبد الله بن هبيرة به .
أخرجه أحمد ( 6 / 379 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 250 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 1 / 104 / 2 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 13 ) من طرق ثلاث
عن ابن لهيعة به .
و إسناده عند الطحاوي صحيح كما بينته في " إرواء الغليل " رقم ( 416 ) .
و له طرق أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم خرجت بعضها هناك ، و هذه الطريق هي
العمدة و لذلك اقتصرت عليها هنا .
و ذكر الشيخ الكتاني و صاحبه الأستاذ الزحيلي في تخريج " تحفة الفقهاء "
( 1 / 1 / 355 ) جملة كبيرة منها عن عشرة من الصحابة منها طريق واحدة عن عمرو
ابن العاص ، و لكنها واهية ، و فاتهما هذه الطريق الصحيحة !
فقه الحديث
------------
يدل ظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم : " فصلوها " على وجوب صلاة الوتر ،
و بذلك قال الحنفية ، خلافا للجماهير ، و لولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة حصر
الصلوات المفروضات في كل يوم و ليلة بخمس صلوات لكان قول الحنفية أقرب إلى
الصواب ، و لذلك فلابد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب ، بل لتأكيد
الاستحباب .
و كم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدنى من تلك الأدلة القاطعة ، و قد انفك
الأحناف عنها بقولهم إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس ، بل
هو واسطة بينها و بين السنن ، أضعف من هذه ثبوتا ، و أقوى من تلك تأكيدا !
فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث ، لا تعرفه الصحابة
و لا السلف الصالح ، و هو تفريقهم بين الفرض و الواجب ثبوتا و جزاء كما هو مفصل
في كتبهم .
و إن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذابا دون عذاب
تارك الفرض كما هو مذهبهم في اجتهادهم ، و حينئذ يقال لهم : و كيف يصح ذلك مع
قوله صلى الله عليه وسلم لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس : " أفلح
الرجل " ؟ ! و كيف يلتقي الفلاح مع العذاب ؟ ! فلا شك أن قوله صلى الله عليه
وسلم هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة و لهذا اتفق جماهير العلماء
عى سنيته و عدم وجوبه ، و هو الحق ، نقول هذا مع التذكير و النصح بالاهتمام
بالوتر ، و عدم التهاون عنه لهذا الحديث و غيره . و الله أعلم .