حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح إبليس بث جنوده , فيقول: من أضل اليوم مسلما ألبسته التاج , فيجيء أحدهم فيقول: لم أزل به حتى عق والده فقال: يوشك أن يبره، ويجيء أحدهم فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته , فيقول: يوشك أن يتزوج، ويجيء أحدهم فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء أحدهم فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت، ويلبسه التاج)).
رواه عطاء بن السائب ، واختلف عليه:
- فرواه الثوري ، واختلف عليه:
-- فرواه أبو أحمد الزبيري ، واختلف عليه:
--- فرواه أبو كريب ، ونصر بن علي ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي ، عنه ، عن الثوري ، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (8027) ، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "الإتحاف" (7508) ، و"جامع المسانيد والسنن" (13278) ، ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (4622).
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)).
--- ورواه محمد بن بشار ، عنه ، عن الثوري ، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
أخرجه الروياني في "مسنده" (552).
وهذا وهم ، والصواب الأول.
-- ورواه ابن المبارك ، والفضل بن دكين ، عنه ، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي موسى الأشعري به موقوفاً.
أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان" (36) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (37552).
- ورواه إبراهيم بن طهمان ، عنه ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
أخرجه ابن منده في "مجالس من أماليه" (406) ، وقوام السنة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1240) ،(1495).
وابن طهمان ، لم يُذكر من الرواة عن عطاء ابن السائب قبل الاختلاط.
- ورواه الفضيل بن عياض ، عنه ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به ، بلفظ: " إن إبليس يبعث جنوده كل صباح ومساء فيقول: من أضل رجلا أكرمته , ومن فعل كذا فله كذا فيأتي أحدهم فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته قال: فتزوج أخرى فيقول: لم أزل به حتى زنى فيجيزه ويكرمه ويقول: لمثل هذا فاعملوا , ويأتي آخر فيقول: لم أزل بفلان حتى قتل , فيصيح صيحة يجتمع إليه الجن فيقولون له: يا سيدنا ما الذي فرحك فيقول: أخبرني فلان أنه لم يزل برجل من بني آدم يفتنه ويصده حتى قتل رجلا فدخل النار فيجيزه ويكرمه كرامة لم يكرم بها أحدا من جنوده ثم يدعو بالتاج فيضعه على رأسه ويستعمله عليهم "
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (128/8).
وفي إسناده إلى الفضيل ، إسماعيل بن زياد القطان ، قال أبو نعيم: ((اختلط عليه بعض حديثه في آخر أيامه، يذكر بالزهد والعبادة. حسن الحديث، كثير الغرائب والفوائد، صنف المسند والتفسير)) ، وقال أبو الشيخ: ((يروي عن ابن عيينة، وكان سمع منه، وسمع من الحميدي عن ابن عيينة، فاختلط حديثه، ولم يتعمد الكذب ، وكان خيرا كثير الفوائد والغرائب)).
وكذا فيه إبراهيم بن الأشعث ضعيف متهم.
والفضيل ، لم يُذكر من الرواة عن عطاء ابن السائب قبل الاختلاط.
قلت والصواب وقفه على أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ، فأبو أحمد الزبيري ، قال أحمد: ((كان كثير الخطأ فى حديث سفيان)) ، فكيف به يخالف الأثبات كابن المبارك وأبو نعيم ؟!
وفي المتن نكارة ، فهو مخالف لما ثبت في صحيح مسلم من حديث الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ إبليسَ يضعُ عرشَه على الماءِ ، ثم يبعثُ سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمَهم فتنةً ، يجيءُ أحدُهم فيقولُ : فعلتَ كذا وكذا ، فيقولُ ما صنعتَ شيئًا ، ويجيءُ أحدُهم فيقولُ : ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينَه وبين أهلِه ، فيُدْنِيه منه ، ويقولُ : نعم أنتَ! )).
وقد حاول بعضهم الجمع بينهم ، فقال محب الدين الطبري في "غاية الإحكام" (10/6) بعد أن ذكر حديث أبي موسى الأشعري: ((وقد تقدم في ذكر كراهية الطلاق [يشير إلى حديث جابر] ما يشعر بتعظيم أمره على ما سواه ولا مضادة بينهما بل يحمل على تكرر البعث ويكون الطلاق في حال أعظم فيها مما سواه)).
وقال الألباني في "الضعيفة" (231/13) عن حديث جابر: ((ثم بدا لي فيه إشكال سببه - والله أعلم - الاختصار الذي وقع فيه من بعض الرواة، أو من عنعنة الأعمش، فإن فيه: "ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته؛ فيدنيه منه ويقول: نعم أنت! قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه ".
فظننت أنه سقط منه قول إبليس في الذي فرق: "أوشك أن يتزوج "، كما سقط منه قصة الذي لم يزل به حتى قتل، وهو الذي قال له إبليس: نعم؛ أنت. وهذا ثابت في حديث سفيان الصحيح. والله سبحانه وتعالى أعلم)).
قلت: كيف يكون حديث جابر مختصرا وحديث أبي موسى مفصلا ، فإن سلمنا بذلك في فقرة القتل وغيره ، ففقرة الطلاق والتفريق بين الرجل وزوجه متناقضة أشد التناقض ففي الأول تعظيم الشيطان لأمر الطلاق ، وفي الثاني أن الشيطان لا يأبه بذلك !!
وقال الخليفي: ((لعل خبر أبي موسى متعلق بالموسر الذي إذا طلق أمكنه الزواج ، وخبر جابر متعلق بالمعسر الذي إذا طلق لم يمكنه الزواج وإعفاف نفسه)).
قلت: وكل ما ذكروه من احتمالات فهو بعيد عندي ، ولا دليل عليه ، والذي أراه أن حديث أبي موسى غير محفوظ فهو حديث غريب تفرد به عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبى موسى به ، واضطرب فيه ابن السائب وقفا ورفعا مما يدل على أنه لم يضبطه ، والله أعلم.