5778 - ( كان أحد أبوي بلقيس جنياً ) .
قال الالباني في السلسة الضعيفة :
منكر .
أخرجه ابن جرير الطبري في (( التفسير )) ( 19 / 106 ) ، وأبو الشيخ في (( العظمة )) ( 5 / 1653 ) ، والثعلبي في (( التفسير )) ( 3 / 9 / 2 ) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة مرفوعاً .

قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ سعيد بن بشير ؛ مختلف فيه ، وهو كما قال البخاري :
(( يتكلمون في حفظه ، وهو محتمل )) وقال بلديه أبو مسهر .
(( لم يكن في بلدنا ( دمشق ) أحد أحفظ منه ، وهو منكر الحديث )) .
قلت : وبخاصة فيما تفرد به عن قتادة ؛ قال ابن نمير :
(( يروي عن قتادة المنكرات )) .
ولهذا ؛ قال الحافظ ابن كثير في (( البداية والنهاية )) ( 2 / 21 ) بعد أن عزاه للثعلبي : (( وهذا حديث غريب ، وفي سنده ضعف )) .
قلت : ومما يؤكد ضعفه ونكارته : أنه قد خالف معمر فقال : عن قتادة قال :
بلغني أنها امرأة يقال لها : بلقيس ؛ أحد أبويها من الجن ، مؤخر أحد قدميها كحافرة الدابة .
أخرجه ابن جرير ( 19 / 95 ) ، وابن أبي حاتم في (( تفسيره )) ( 6 / 134 / 2 ) .
قلت : وإسناده صحيح موقوفاً على قتادة . فيقال فيه ما قلته في أثر مجاهد الذي قبله وزيادة ، وهي : أن الغالب على هذا وأمثاله مما يتعلق ببلقيس أنه من الإسرائيليات ، وقد أشار إلى ذلك أبو حيان في تفسيره (( البحر المحيط )) ( 7 / 67 ) بعد أن ذكر معنى هذا الأثر :
(( وقد طولوا في قصصها بما لم يثبت في القرآن ولا في الحديث الشريف )) . وقال الماوردي :
(( والقول بأن أم بلقيس جنية مستنكر من العقول ؛ لتباين الجنسين واختلاف الطبعين ، وتفارق الحسين ؛ لأن الآدمي جسماني والجن روحاني ، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار ، وخلق الجان من مارج من نار ، ويمتنع الامتزاج مع هذا التباين ، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف )) .
حكاه القرطبي عنه ( 13 / 213 ) ، ثم رده بما لا يسمن ولا يغني من جوع فقال :
(( العقل لا يحيله مع ما جاء من الخبر في ذلك )) .
فأقول : نعم العقل لا يحيله ، ولكنه أيضاَ لا يدركه ؛ بل إنه يستبعده كما تقدم ، فالإيمان به يتطلب نصاً صحيحاً صريحاً ، والخبر الذي أشار إليه لا يصح ، وهو حديث أبي هريرة هذا .
ثم أشار إلى أثر مجاهد المخرج قبله ، وقد عرفت نكارته ، وإلى النص القرآني : { وشاركهم في الأموال والأولاد } ، وسبق جواب العلامة الألوسي عنه تحت الأثر المذكور .
ثم رأيت الآلوسي قد صرح بإنكار حديث الترجمة ؛ فقال بعد أن ذكره وقول أبي حيان المتقدم :
(( والذي ينبغي أن يعول عليه عدم صحة الخبر )) . ثم ذكر قول أبي حيان
المتقدم ، وزا د :
(( . . . وأن ما ذكر من الحكايات أشبه شيء بالخرافات ؛ فإن الظاهر على تقديروقوع التناكح بين الإنس والجن الذي قيل ؛ يصفع السائل عنه ؛ لحماقته وجهله أن لا يكون توالد بينهما )) .
وأقول : عبارته من قوله : (( يصفع . . . )) إلخ ؛ غير سليمة ؛ فإن السائل لم يذكر في السياق ! فلينظر .