تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما

    من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما (1)












    من عبر التاريخ محمد علي كاتبي




    نسبه وكنيته:

    هو: الصحابي الجليل بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس(1) بن زيد بن مالك (الأغر)(2)، بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن حارثة بن ثعلبة... إلى قحطان(3)، أبو النعمان الأنصاري الخزرجي(4).

    كنيته: أبو النعمان، والنعمان - ابنه - صحابي أيضًا، وبه كان يكنيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكثيرًا ما يناديه: ((يا أبا النعمان.))(5)، فيجيبه:

    ((لبيك يا رسول الله...))(6).

    أمه: أُنيسة بنت خليفة بن عدي بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك الأغر، الأنصارية الخزرجية(7)، وبجدها - مالك هذا - يلتقي نسبها بزوجها: سعد بن ثعلبة.

    أسرته:

    وبيت بشير بن سعد رضي الله عنه من البيوتات الخزرجية الكريمة، ومن الأسر العريقة، ذات الجاه واليسار، والعز والرياسة. وقد عنيت بتربية أبنائها على فنون القتال والفروسية، وأرضعتهم لبان الحصافة والثقافة؛ لينشؤوا متفتحي العقول، حديدي الأذهان، يقرؤون ويكتبون، في عهد كانت الأمية فاشية فيه، فنبغوا شعراء نابهين، وخطباء فصحاء.

    فبشير بن سعد شاعر، وأبوه شاعر، وأولاده شعراء، وزوجه: عمرة بنت رواحة (أخت عبد الله بن رواحة) شاعرة أيضًا، وأخوال أولاده شعراء؛ منهم الصحابي الأمير عبد الله بن رواحة شاعر، وأحفاد البشير وحفدته كلهم شعراء، ولأسرتهم في الشعر أنداد.

    وكذلك كانت بعض البيوتات العربية؛ كبيت حسان بن ثابت الأنصاري، وبيت زهير بن أبي سلمى المزني،وغيرهم(8).

    إسلامه:

    لم يكن لبشير بن سعد قبل الإسلام أثر يذكر - حسب علمي وفيما وقفت عليه من المصادر التي بين يدي -؛ فلما أضاء الإسلام قلبه منذ الساعات الأُوَل لوصول سفير الإسلام الأول مصعب بن عمير إلى المدينة، برزت هذه الشخصية المتميزة فكان ((أول من أسلم من الأنصار))(9)، برزت هذه الشخصية المتميزة، وبذلك نرى أن الإسلام هو الذي صنع هذا العلم المدنيّ الفذ.


    بشير بن سعد في الإسلام:

    ومنذ شرح الله صدر بشير للإسلام، إلى أن اتخذه الله شهيدًا في معارك الفتوح في (عين التمر)؛ ما فتئ جنديًا مخلصًا للإسلام، يندبه الرسول صلوات الله وسلامه عليه للمعارك وقيادة الغزوات، وهو يجيب: ((لبيك يا رسول الله))، ثم ما يؤوب من غزاة إلا إلى نفير. حتى لقي ربه راضيًا مرضيًا، رضي الله عنه.

    تجهز النفر الأنصار إلى مكة - قبل الهجرة - لمبايعة النبي الكريم، عليه الصلاة والسلام في العقبة، فكان بشير بن سعد على قومه. ثم عاد إلى المدينة؛ ليؤدي إلى قومه رسالة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يتخلل جماعاتهم، يدعوهم إلى الإسلام، وكان نعم النصير لسفير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه. فما استدار العام، حتى فشا الإسلام في المدينة، وأخذ بشير بن سعد رضي الله عنه يعد رواحله متأهبًا للقاء النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لبيعة العقبة الثانية، مع النفر الكرام من قومه(10).

    ويحظى بشير بن سعد رضي الله عنه بشرف البيعة العظيمة، ثم يرجع إلى المدينة ليتهيأ لاستقبال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتضيء المدينة بمقدم الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه(11)، فيكون بشير بن سعد مع أشراف قومه؛ مع سعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين في استقبال المصطفى الكريم عليه الصلاة والسلام. ويأخذ بشير بن سعد - مبادرًا سعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة - بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرجوه النزول عليه، وموكب النبي صلى الله عليه وآله وسلم متوجه من قباء إلى المدينة. فيَبِشُّ الرسول الكريم بوجه بشير وصحبه رضي الله عنهم. ثم يدعو له ولهم، ويقول: ((خلوا سبيلها فإنها مأمورة.))(12).

    وينقطع بشير بن سعد لصحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا يُغِبُّ مجلسه، ويعرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبشير منزلته، فكان يقدمه، ويَهِشُّ له، وبشير يغترف من معين النبوة الصافي، ويَبَرُّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويطرفه بما لديه من ثمر ومتاع؛ مودة وإكرامًا، ويبادل الرسول بشيرًا الودَّ والحبَّ، فيشاركه في كل مناسبة تخصه، فلما كان ولادة ابنه النعمان، سُرَّ صلى الله عليه وآله وسلم أعظم السرور(13)، فهنأ بشيرًا، وبارك له، وحنك الوليد المحبوب - وهو ابن الإسلام البكر؛ إذ النعمان أول مولود للأنصار بعد الهجرة، ودعا له(14).

    وتمضي الأيام، وبشير بن سعد رضي الله عنه ملازم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا يقطع أمرًا أو يستأمره، ويأخذ بما يوجهه إليه؛ كما في قضية نِحْلَتِهِ وَلِيدَهُ الأثير: النعمان.

    ففي رواية أخرجها البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: إن أباه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا، فقال: ((أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟)). قال: لا. قال: ((فأَرْجِعْهُ)).

    وفي رواية: ((... إِنَّ أُمَّه بنتَ رَوَاحَةَ سألتني بعض الموهبة لهذا. قال: ((ألكَ ولد سواه؟)). قال: نعم. قال: فأراه قال: ((لا تشهدني على جَور))، وفي رواية: ((لا أشهد على جَور))(15).

    وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتوجه إلى بشير بن سعد، يسأله عن أحوال قومه الأنصار وأمورهم؛ من غاب منهم ومن حضر، ومن أقام ومن ظعن، من ذلك: أنه لمَّا نزل قوله تعالى:  إن الله لا يحب كل مختال فخور (16) دخل ثابت بن قيس بن شماس(17) منزله، وأغلق بابه، وطفق يبكي وينتحب؛ لأنه كان يحب الجمال والشرف، وكان جهير الصوت، وفقده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسأل عنه بشير بن سعد، فأخبره خبره، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مُطَمْئِنًا، وقال له: ((إنك لست منهم))(18).

    شعره:

    ويذكر ابن عساكر أن لبشير بن سعد شعرًا جيدًا، وقد استدل منه أنه قدم الشام، وآوى إلى أعمال دمشق، وأثبت قطعة من شعره، قال: إنها من قصيدة طويلة(19).

    وعلى الأكثر أنه قال هذه القصيدة في الجاهلية قبل الهجرة، وإلا فهو رضي الله عنه قد استشهد في عين التمر سنة اثنتي عشرة للهجرة.

    وقد أثبت أبو الفرج الأصفهاني لبشير بن سعد قطعة شعرية يقول فيها(20):

    لِعَمْرَةَ بِالبَطْحَاءِ بَيتٌ مُعَرَّفٌ= وبين البطاحِ مسكنٌ ومحاضرُ

    لَعَمْري لحيٌّ بين دار مزاحمٍ= وبين الحمى لا يحسم الستر حاصرُ

    أحقُ بها من فتيةٍ وركائبٍ= يقطِّعُ عنها الليلَ عوجٌ ضوامرُ

    تقولُ وتذري الدمعَ عن حُرِّ وجهها= لعلَّكَ نفسًا قبلَ نفسي تُبَاكرُ

    أَباحَ لها بطريق فارس عائطًا= له من ذرا الجَولان قفلٌ وزاهرُ

    فَقَرَّبتُها للرَّحلِ وهي كأنَّها= ظليمُ نعامٍ بالسماوةِ نافرُ

    فباتَتْ سَراها ليلَةً ثمَّ عَرَّسَتْ= بيثربَ والأعرابُ بادٍ وحاضرُ

    ولعل البيت الذي استدل منه ابن عساكر أن بشير بن سعد قدم الشام وآوى إلى بعض أعمال دمشق، هو قوله:

    ...................... له من ذرا الجولان قفل وزاهر

    وذكر أبو الفرج أن والد بشير شاعر أيضًا، وهو القائل(21):

    إِنْ كنتِ سائلةً والحقُّ مَعْتَبَةٌ= فالأزدُ نسبتنا والماءُ غسانُ

    شُمُّ الأنوفِ لهم عِزُّ ومَكرمةٌ= كانتْ لهمْ من جبالِ الطَّودِ أركانُ

    وأخو بشير بن سعد شاعر أيضًا، ومن قوله(22):

    إذا لم أزُرْ إِلا لآكُلَ أَكْلَةً= فلا رَفَعَتْ كَفِّي إليَّ طعامي

    فما أكلةٌ إن نلتُها بغنيمةٍ= ولا جَوعَةٌ إن جِعْتُها بِغَرَاِم

    وابنه النعمان شاعر مشهور، وله ديوان شعري.

    كان بشير بن سعد رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن دقيق الأمر وجليله، بما يَرُدُّ عليه، وعلى إخوانه بالفائدة والنفع، ((فقد روى مسلم عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله؛ فكيف نصلي عليك؟

    قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((قولوا: اللهم صَلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. والسلام كما علمتم بنحوه))(23).

    وفي رواية ثانية عند مسلم بسنده: أن بشير بن سعد قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرنا الله أن نصليَ عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((قولوا: اللَّهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد))(24).


    ويظل بشير بن سعد رضي الله عنه ملازمًا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ يَفِيدُ من أخلاق النبوة، مقتبسًا من سناها، متخلِّقًا بأخلاقها، وكلما ازداد لصوقًا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ازداد له محبة وإيثارًا.

    ولكنه مع طول صحبته كان يتحرج من الحديث، وكان يكف حديثه(25).

    يتبع

    (1) الجلاس: تنوزع في هذا الاسم بين الجيم والخاء.، فهو (الخلاس)، بالخاء المعجمة المفتوحة، وتثقيل اللام، صيغة مبالغة من (خلس)، عند الدارقطني، وابن الأثير في أسد الغابة 5/326، و ابن سعد في الطبقات 5/531، وابن عبد البر في الاستيعاب 1/149، وابن قدامة في الاستبصار، ص 122. وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق 6/162.

    على حين هو (الجلاس) بالجيم المخففة المضمومة: عند ابن حزم في جمهرة أنساب العرب، ص 364، وعند ابن حجر في الإصابة 1/158، وكذا أثبتها الصالحي في السيرة الشامية 3/215.

    (2) جمهرة أنساب العرب، ص 364. الاستبصار، ص 122.

    (3) ابن عبد البر، الاستيعاب 1/149، 3/550. ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ص 364. ابن سعد، الطبقات الكبرى 6/53. الإصابة 3/559.

    (4) الاستيعاب (على حاشية الإصابة) 1/149.

    (5) مغازي الواقدي 2/440، السيرة الشامية 4/355.

    (6) السابق نفسه.

    (7) ابن سعد، الطبقات 3/532.

    (8) ابن رشيق، العمدة 2/306.

    (9) البداية والنهاية 6/358.

    (10) البداية والنهاية 3/165.

    (11) انظر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، في كتاب سعد بن الربيع، ص 105.

    (12) الطبقات الكبرى 1/237. البداية والنهاية 3/196. السيرة الشامية 3/272. وفاء الوفا 1/257. سعد بن الربيع، ص 107.

    (13) لما ولد النعمان بن بشير رضي الله عنهما، ملأ المسلمون جنبات المدينة تكبيرًا وتهليلاً؛ فرحًا بمولده؛ لأنه كان قد بلغهم عن اليهود أنهم سحروا المسلمين فلا يولد لهم بعد الهجرة، فأكذب الله اليهود فيما زعموا. الطبري 2/401.

    (14) الطبقات الكبرى 6/53. أسد الغابة 5/326. الكامل في التاريخ 2/77. الاستعياب 3/551. ابن الجوزي، المنتظم 5/77. البداية والنهاية 8/247. الإصابة 3/559. ابن حبيب، المحبر، ص 276.

    (15) انظر: صحيح الإمام مسلم بشرح الإمام النووي (المنهاج) 11/68 وما بعدها. وانظر: السيرة الشامية 9/285

    (16) سورة لقمان: 18.

    (17) ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك. بن كعب، أبو محمد وأبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي، خطيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوم الوفود، بشَّره صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة، وعن أبي هريرة يرفعه ((نعم الرجل ثابت بن قيس)). استشهد في معركة اليمامة، أوصى بعد موته ونفذت وصيته. انظر الاستيعاب 1/192. الإصابة 1/195.

    (18) أسامة بن منقذ، لباب الآداب، ص 13. ورد في بعض الروايات: أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سأل سعد بن معاذ عن ثابت بن قيس لما افتقده، قال ابن كثير: ((وطرق هذه الرواية معللة لرواية حماد بن سلمة؛ إذ تفرد فيها...))، والصحيح: أن الذي سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ثابت بن قيس هو: بشير بن سعد، وليس (سعد بن معاذ)، فإن هذه الآية قد نزلت في وفد بني تميم، والوفود إنما تواتروا في سنة تسع من الهجرة، و (سعد بن معاذ) رضي الله عنه استشهد عقيب غزوة الخندق - ومن جراها - بأيام، والله أعلم. انظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم 4/245 وما بعدها. وعند: الذهبي، سير أعلام النبلاء 1/310؛ أنها آية الحجرات في رفع الصوت.

    (19) د. الجبوري، شعر النعمان، ص 9.

    (20) الأغاني 14/120.

    (21) السابق نفسه.

    (22) السابق نفسه.


    (23) انظر: السيرة الشامية 12/433.

    (24) السابق 9/243.

    (25) مسند الإمام أحمد 30/358.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما

    من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما (2)




    محمد علي كاتبي



    جهادة:

    وتنسلخ الشهور، ويخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاعتراض قافلة لقريش، وتنجو القافلة، ولكن قريشًا أبت إلا الثأر لمكانتها، فاجتمعت في ألف مقاتل ونيف على جنبات بدر، ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم بايع الأنصارَ رضي الله عنهl على القتال خارج المدينة، ولكن بشيرًا يأبى إلا أن يشدَّ عليه سلاحه، ويكون رفيق رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم (26)، ولم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام قد غزا بأَحَدٍ منهم قبل ذلك(27).

    كان بشير بن سعد رضي الله عنه - قبلُ - يَرى سرايا المهاجرين تنبعث رائحة غادية، فيتحرق شوقًا للجهاد، فلما كانت بدر، كان رضي الله تعالى عنه في طليعة قومه الأنصار، يذود دون إسلامه، ويطاعن المشركين.

    فلما تَجَرَّم عام وكانت أُحُد، أبدى بشير بن سعد رضي الله عنه ضروب الشجاعة مع صناديد قومه(28)، وكان رضي الله عنه فارسًا طُوَالاً، يركب الفرس الجسام، فتخط إبهاماه في الأرض(29).

    ولما جاءت أيام الخندق؛ لازم بشير بن سعد رضي الله عنه موقعه لا يبرحه بقرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت زوجه (أم النعمان)؛ عمرة بنت رواحة تبعث إليه بطعام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبطعامه وطعام أخيها عبد الله بن رواحه رضي الله عنهم أجمعين، وربما كان هذا الطعام المبارك لا يزيد على حفنة تمر، تكفي الرجلين أو الثلاثة، وكانوا في مخمصة ومتربة، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يبسط رداءه الشريف على هذه التميرات، ثم يدعو المسلمين رهطًا بعد رهط، فلا يريمون يأكلون حتى يشبع الجيش جميعًا من تميرات بشير بن سعد؛ ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    حدثت أبية بنت بشير بن سعد - أخت النعمان بن بشير - قالت: بعثتني أمي - أيام الخندق - بحفنة تمر من عجوة المدينة، وقالت لي: يا بنية؛ اذهبي إلى أبيك وخالك بغدائهما. قالت أبية: فأخذتها وانطلقت إلى الخندق ألتمس أبي وخالي، فمررت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((تعالي يا بنية، ما هذا معك؟)). قالت: قلت: يا رسول الله؛ هذا تمر، بعثتني به أمي إلى أبي؛ بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((هاتيه)). قالت: فصببته في كفيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما ملأتهما.

    ثم أمر بثوب فبُسط له، وجاء بالتمر فنثره فوق الثوب، ثم دحا بالتمر عليه، فتبدد فوق الثوب، ثم قال لجعال بن سراقة: ((اصرخ بأهل الخندق؛ أن هلموا إلى الغداء)). فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل التمر يزيد حتى صَدَر أهل الخندق عنه، وإنه ليفيض من أطراف الثوب.))(30).

    الأمير القائد:

    شهد بشير بن سعد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزواته كلها، وفيها بَلاَ الرسولُ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أبا النعمان، وعجم عوده، فلما ألفاه حيث يودُّ؛ حنكة ودربة، راح يعهد إليه بقيادة السرايا.

    أ - سرية فدك:

    فلما كان شعبان من سنة: سبع للهجرة، بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشير بن سعد في ثلاثين رجلاً إلى بني مُرَّة(31) بفدك(32)، فخرج حتى لقي رعاة الشاء، فسأل: أين الناس؟ فقالوا: هم في بواديهم - والناس يومئذ شاتون - لا يحضرون الماء، فاستاق النعم والشاء(33)، وانكفأ راجعًا إلى المدينة، فخرج الصريخ فأخبرهم، فثار المُرِّيُّون بقوتهم وأبطالهم، وأدركوهم ليلاً فبيَّتوهم، ونفر بشير بن سعد وأصحابه يراشقون القوم بالسهام حتى فنيت سهامهم، فلما أصبحوا حمل المريُّون - وهم جمع - على بشير وأصحابه، فأصيبوا، وثبت بشير بن سعد رضي الله عنه، فجالدهم بالسيف، وقاتل قتالاً حتى ضُرب كعبه، وأحاطوا به تثعب جراحه، ويشخب دمه، وارتـُثَّ حتى قيل: قد مات، وهو في غيبوبة، فكُفَّ عنه وأُمْهِل، فلما جَنَّ عليه الليل أفاق، وتحامل حتى انتهى إلى (فَدَك)، فأقام أيامًا إلى أن فاءت إليه نفسه، وسكنت جراحه، فعاد إلى المدينة، وكان علبة بن زيد الحارثي قد سبقه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره بخبر بشير(34).

    وبلغ الحزن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبلغًا من أثر ما أصاب بشيرًا وأصحابه، وأَذَّنَ عليه الصلاة والسلام بالثأر لهم، فهيأ الزبيرَ بنَ العوام رضي الله تعالى عنه، ثم قال له: ((سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير، فإن أظفرك الله بهم، فلا تُبقِ فيهم...)) وأعدَّ له مئتي رجل، وعقد له اللواء.

    فقدم غالب بن عبد الله الليثي(35) من سرية قد أظفره الله بهم، وأظهره عليهم، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للزبير بن العوام رضي الله عنه: ((اجلس...))، وبعث غالبَ بن عبد الله مكانه... حتى انتهى إلى مصاب بشير وأصحابه، فظفروا، وسلموا، وغنموا(36).

    بشير بن سعد يفوز بثقة شيخي أهل الجنة(37)

    وإذا كان شديدًا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصاب بشير وأصحابه، فإن بشيرًا يبقى الليث لا يتقهقر، والصارم لا ينبو ولا يفل. فما إن برئت جراحه، حتى عقد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على سرية أخرى.

    ب - سرية الجِناب:

    وكان ذلك في شوال سنة: سبع من الهجرة، أي عُقيب غزوته الأولى بقليل، فقد قدم المدينةَ رجل من أشجع يقال له: حُسَيلُ بنُ نُوَيرَة، وكان دليلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أين يا حسيل؟)) قال: قدمت من الجِناب(38)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما وراءك؟)) قال: تركت جمعًا من غطفان(39) بالجِناب، قد بعث إليهم (عُيَينَة بن حصن الفَزاري)(40) يقول لهم: إما أن تسيروا إلينا، أو نسير إليكم، فأرسلوا إليه أن سِرْ إلينا؛ حتى نزحف إلى محمد جميعًا. وهم يريدونك، أو بعض أطرافك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما، فذكر لهما ذلك، فقالا جميعًا: ابعث بشير بن سعد(41).

    فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيرًا، فعقد له لواءً، وبعث معه ثلاثمئة رجل، وأمرهم أن يسيروا الليل، ويكمنوا النهار، وخرج معهم حُسَيل بن نُوَيرَة دليلاً، فساروا الليل، وكمنوا النهار، حتى أتوا أسفل خيبر، فنزلوا بـ ((سَلاح))(42)، ثم خرجوا من (سلاح) حتى دنوا من القوم، في: (يمن وجبار)(43)، فقال لهم الدليل: بينكم وبين القوم ثلثا نهار، أو نصفه، فإن أحببتم كمنتم، وخرجتُ طليعةً لكم حتى آتيكم بالخبر، وإن أحببتم سرنا جميعًا.

    قالوا: بل نقدِّمك، فقدَّموه، فغاب عنهم ساعة، ثم كرَّ عليهم، فقال: هذا أوائل سرحهم، فهل لكم أن تغيروا عليهم؟ فتشاوروا بينهم، ثم شدُّوا على النعم، فأصابوا نعمًا كثيرًا، فملؤوا منها أيديَهم، وتفرَّق الرِّعاء سراعًا فزعين، فحذَّروا القوم، فَفَرِقُوا وتفرَّقوا، ولحقوا هاربين بديارهم، وتبعهم بشير بن سعد بأصحابه، حتى أتى محلهم فيجدها وليس بها أحد، فرجع حتى إذا كان بـ (سلاح) عائدًا بجنده؛ لقي عينًا لـ (عيينة بن حصن الفزاري) فقتلوه، ثم لقوا جمع (عيينة)، وهو لا يشعر بهم، فناوشوهم، حتى انكشف جمع (عيينة)، وتبعهم بشير بأصحابه، فأسروا رجلاً أو رجلين، فقدِموا بهما على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلما، فأرسلهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم (44).

    وعاد بشير بن سعد رضي الله عنه إلى المدينة ظافرًا، سالمًا، غانمًا، يسوق ما ملأ به يديه من النعم والشاء، ومما أفاءه الله عليه(45)، بعد ما نشر سيادة الإسلام على أطراف المدينة، وألقى الرعب في قلوب أعداء المسلمين، وأقام هيبة الإسلام في نفوس الغادرين الناكثين، حتى شرح الله صدورهم للإسلام، فأتوه مذعنين.

    وقد صحت فراسة أبي بكر وعمر ببشير رضي الله عنهم، فكان عند حسن ظنهما به، كما هو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل، ومن بعد.

    ج - بشير بن سعد رضي الله عنه الأمير العسكري، حفيظ أسلحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    وتظهر كفاءة الصحابي الأمير بشير بن سعد رضي الله تعالى عنه كقائد عسكري فذٍّ مُسدَّد، فكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يستشيره في المهم من الأمور، ويسند إليه بعض المهمات العسكرية الجسيمة.

    فحينما عزم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على التهيؤ لعمرة القضاء، بعد أن صدَّته قريش والمسلمين عن عمرتهم السابقة، قدم معه جموع من شهد الحديبية، وحمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السيوف والبيض، والدروع والرماح، فقيل له: يا رسول الله؛ حملتَ السلاحَ، وقد شرطوا علينا ألا ندخل عليهم إلا بسلاح المسافر؛ السيوف في القرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنا لا نُدخِلُها الحرم، ولكن تكون قريبًا منا، فإن هاجنا هيج من القوم، كان السلاح قريبًا منا)). وكان ذلك في هلال ذي القعدة(46) من السنة نفسها؛ سنة سبع من الهجرة، واختار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشير بن سعد رضي الله عنه، فأسند إليه هذه المهمة(47)، وأحرم صلى الله عليه وآله وسلم من باب مسجده الشريف بالمدينة، ثم يَمَّمَ هو والمسلمون شطر مكة ملبِّين، فلما انتهوا إلى (ذي الحليفة)(48)، قدَّم صلى الله عليه وآله وسلم أمامه الخيل، وعليها محمد بن مسلمة رضي الله عنه، وقدَّم فرقة السلاح، وعليها بشير بن سعد رضي الله عنه، فلما صاروا إلى (مرِّ الظهران)(49)، رأى نفر من قريش سلاحًا كثيرًا، ولما رأوا عليه بشير بن سعد خرجوا سراعًا، حتى أتوا قريشًا، فأخبروهم بالذي رأوه من الخيل والسلاح، ففزعت قريش، وقالوا: والله ما أحدثنا حدثـًا، ونحن على كتابنا ومدتنا، ففيمَ يغزونا محمد في أصحابه؟؟

    ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (مَرَّ الظَّهران)، فقدَّم بشيرًا مع السلاح إلى (بطن يأجج)(50)، حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، وبعثت قريش (مكرز بن حفص بن الأخيف)(51) في نفر من قريش، حتى بلغوا (بطن يأجج)، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه، والهدي والسلاح قد تلاحقوا، فقالوا: يا محمد!! والله ما عُرفتَ - صغيرًا ولا كبيرًا - بالغدر!! تدخل بالسلاح الحرمَ على قومك، وقد شرطتَ ألا تدخل إلا بسلاح المسافر؛ السيوف في القرب؟(52)، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني لا أُدخِل عليهم السلاح))، فقال (مكرز بن حفص): هذا الذي تُعْرَفُ به؛ البر والوفاء، ثم أسرع فأخبر قومه(53).

    وأكرم الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فأنعم عليه وعلى أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فأتموا عمرتهم، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر ناسًا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج، فيقيموا على السلاح، ويأتي الآخرون، فيقضوا نسكهم، ففعلوا، وكان قائدهم العسكري الأمير القائد بشير بن سعد رضي الله تعالى عنه(54).

    يتبع



    (26) البداية والنهاية 3/316.

    (27) طبقات ابن سعد 2/12. وانظر سعد بن الربيع، للباحث ص 133.

    (28) البداية والنهاية 3/316.

    (29) ابن حبيب البغدادي، المحبر، ص 233.

    (30) المغازي 2/276. البداية والنهاية 4/100. السيرة الشامية 4/369-370.

    (31) بنو مرة: قبيلة عربية عريقة، شديدة المراس، من أصل عدناني، ثم اختلطت باليمانية، ولعل جدها هو مُرَّة بن صعصعة بن معاوية، من هوازن، قيس عيلان، وقد نزلوا غربي نجد إلى وادي القرى (غربي مدينة حائل اليوم). ينظر: مغازي الواقدي 2/723.

    (32) فَدَك: بفتح الفاء والدال، قرية من قرى المدينة، تقع جنوب شرقي خيبر، وهي اليوم بليدة عامرة كثيرة النخل، تسمى: (الحائط)، وقد فتحت صلحًا، وهي مما أفاء الله على رسوله خالصة له؛ لأنه لم يُوجَف عليها بخيل ولا ركاب.، ولها في المغازي والسير ذكر. معجم البلدان 4/238.

    (33) وفي ذلك يقول العلامة غالي بن المختار الشنقيطي في كتابه وسيلة الجليل إلى بعوث صاحب الإكليل، ص 108:

    ((ثمَّ بشيرًا بعده الأنصاري لفــــدك لمـــــرة الضـــــواري

    فشـــن غارة وســــاق الشَّاء=وحاز من نَعمهم ما شاء))

    (34) مغازي الواقدي 2/722، 724. طبقات ابن سعد: 2/119. الكامل في التاريخ 2/153. ابن عساكر 1/190. البداية والنهاية 4/222. السيرة الشامية 6/132.

    (35) عند اليعقوبي: غالب بن عبد الله الملوحي 1/74. وانظر: ابن حجر، الإصابة 3/184.

    (36) المغازي 2/723. الطبقات الكبرى 2/119. الكامل في التاريخ 2/153. البداية والنهاية 4/222. السيرة الشامية 6/140.

    (37) الجناب: وتسمى اليوم: (الجهراء)، وتقع جنوب مدينة تيماء، والجناب: أرض فضاء، وبيداء فيحاء، تمتد من الحفيرة جنوبًا حتى تقرب من تيماء، وتتصل شرقًا بصحاري نجد الواسعة، وغربًا بهضاب واقصة وعردات، قال ياقوت: الجناب بكسر الجيم، موضع بعراض خيبر، وسَلاح، ووادي القرى، وقيل: بين فيد والمدينة، وتمتد منطقة الجِناب على بعد (ثلاثمائة كيلومتر) تقريبًا شمالي المدينة المنورة. وانظر معجم البلدان 2/164.

    (38) غطفان: قبيلة عدنانية، كانت منازلهم بنجد مما يلي وادي القرى، وجبل طيء، من أوديتهم (الرمّة)، ومن جبالهم (ضرغط أو ضرغد)، وتقع اليوم ضمن منطقة حائل.

    (39) عُيينة بن حصن الفَزاري، من أجلاف الأعراب، أسلم عام الفتح، وكان من المؤلفة قلوبهم، ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه، وذكروا: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتله على الردة، وقيل: بل لما علم بعزم عمر على قتله، عاد إلى الإسلام، فتركه، فعاش إلى خلافة عثمان رضي الله عنه، ولم يحسن إسلام عيينة، والله أعلم. انظر: الإصابة 3/54.

    (40) البيهقي، دلائل النبوة 4/301.

    (41) سَلاح: على وزن قَطام، موضع قرب خيبر. انظر: معجم البلدان 3/233.

    ويسمى اليوم: (العشاش)، ويبعد عن المدينة نحوًا من مئتي (كيلومتر)، على ربوة ترتفع عن مجرى السيل، ولا تزال بقايا آثار المدينة (سلاح) إلى الآن، وقد ظلت (سلاح) محطة للحجاج، حتى تحول طريق الحاج الشامي إلى العلا، فتبوك، أي تحول الطريق إلى غربي (سلاح)، ثم أقام نفر من الأعراب في هذا الموضع بيوتًا متواضعة من الصفائح والقصب، وجذوع النخل على غير ما نظام، ويطلقون على كل بيت: (عشة).

    وقد أقيمت تلك العشش أو (العشاش) على أنقاض (سلاح) القديمة، في شماليها، فسميت الآن: (العشاش)، وقد انتعشت تلك (العشاش) أخيرًا عندما مر فيها طريق: المدينة - تبوك - الشام.

    وإذا وقف المرء على نشز من الأرض في (سلاح / العشاش) اليوم، ورنا إلى الشمال الشرقي، فإنه يرى (يمنًا وجبارًا)؛ الموقعين التاريخيين الآتي ذكرهما. انظر: عاتق غيث البلادي، رحلات في بلاد العرب، شمال الحجاز، ص 26.

    (42) يمن: اسم ماء في واد، يرى من مشراف العشاش (سلاح) قديمًا، من جهة الشمال الشرقي. انظر: معجم البلدان 5/221.

    وكذلك جبار، ماء يقع إلى الشرق من (يمن) في الوادي نفسه، ويسيل هذا الوادي غربًا حتى يصب في وادي عشاش من أعلاه. انظر: معجم البلدان 2/98.

    (43) مغازي الواقدي 2/727، 728. طبقات ابن سعد 2/120. الطبري 3/23. الكامل في التاريخ 2/153. البيهقي، دلائل النبوة 4/301. المسعودي: التنبيه والإشراف، ص 244. البداية والنهاية 4/223. السيرة الشامية 6/134.

    وقد تعددت أسماء هذه السرية المباركة في هذه المصادر، فبعضهم يقول: غزوة يمن وجبار، وبعضهم الآخر يسميها غزوة الجناب وسلاح، وكلها واحد.

    وكل هذه الأسماء مواضع وأمكنة ناحية خيبر، فوادي يمن وجبار يعارض وادي خيبر كما رأينا. انظر المصورات عند: البلادي، رحلات في بلاد العرب، شمالي الحجاز، ص 22، 31.

    (44) وفي ذلك يقول الشنقيطي في وسيلة الخليل، ص 111:

    ((ثم بشيرًا بعده الأنصاري لغطفـان يمن والجبـار

    فهربوا منه فساق النَّعما= وبأسيرين أتى فأسلما))

    (45) عند ابن الأثير أن عمرة القضاء كانت في ذي الحجة. الكامل 2/154.

    (46) مغازي الواقدي 2/733. طبقات ابن سعد 2/120. البداية والنهاية 4/231.

    (47) حليفة: بالتصغير، قرية بظاهر المدينة المنورة، على بعد تسعة أكيال على طريق مكة، وهي ميقات أهل المدينة، ومن مَرَّ بها محرمًا إلى مكة، وتسمى اليوم: أبيار علي. معجم البلدان 2/295.

    (48) مَرّ الظهران: واد عظيم من أودية الحجاز، يقع شمال مكة، على مسافة اثنين وعشرين كيلاً، ويصب في البحر جنوب جدة، ومن أقسامه: وادي فاطمة، وهي فاطمة زوجة بركات بن أبي نمي، أحد حكام مكة من الأشراف. انظر: معجم البلدان 5/104. المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، ص 250.

    (49) بطن (يَأجَجُ): بالهمزة وجيمين: علم مرتجل لاسم مكان من مكة، وهو واد من أوديتها شمال التنعيم، ووادي التنعيم يصب في يأجج، يقطعه الطريق إلى المدينة على عشرة أكيال من المسجد الحرام، ويعرف اليوم باسم (ياج). انظر: معجم البلدان 5/424. وانظر: المعالم الأثيرة، للأستاذ محمد محمد حسن شراب، ص 297.

    (50) مكرز بن حفص بن الأخيف، بالخاء المعجمة والياء المثناة، هكذا ضبطه في الإصابة، وهو عند الواقدي وابن كثير: الأحنف، كذا بدون ضبط، وهو من بني عامر بن لؤي، من قريش، شاعر جاهلي فَتَّاك، قدم المدينة عقيب بدر، لما أسر المسلمون سهيل بن عمرو، فقال لهم: ضعوا رجلي في القيد مكان رجليه، حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك، فلما بعث سهيل بفدائه أطلق مكرز. انظر: المصعب الزبيري؛ نسب قريش، ص 417. الإصابة 3/456. الأعلام 7/284.

    (51) المغازي للواقدي، وعنده: مكرز بن حفص الأحنف 2/733. الطبقات الكبرى 2/120. البداية والنهاية 4/231.

    (52) السيرة الشامية 5/190.

    (53) جاء عند ابن حجر في تهذيب التهذيب 1/464: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل بشير بن سعد على المدينة في عمرة القضاء، في حين أن كتب المغازي والسير تنص على: أن بشير بن سعد كان على سلاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عمرة القضاء هذه، وأن الذي استخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة في عمرة القضاء هو: (أَبُو رُهْم الغفاري). انظر: الطبقات الكبرى 2/120، 121. وذكر ابن كثير عن ابن هشام: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل على المدينة في عمرة القضاء (عويف بن الأخبط الدؤلي). انظر: البداية والنهاية 4/227. والله أعلم.

    (54) المغازي 2/440.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما


    من أعلام المدينة بشير بن سعد الأنصاري (أبو النعمان) رضي الله عنهما (3)




    محمد علي كاتبي

    بشير بن سعد رجل الموقف الصعب:


    بقي بشير بن سعد رضي الله عنه جنديًا كفؤًا، مخلصًا للإسلام ودعوته ورسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم؛ يلازمه في المدينة، ولا ينفرد عنه في سفره وغزواته، فقد كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يُرى متوسطًا أبا بكر، وبشير بن سعد، وكثيرًا ما كان عليه الصلاة والسلام يسير بينهما، ويسأله ويستشيره، فلا يناديه إلا بكنيته؛ تكريمًا له، ومعرفة لمكانته، فكان يدعوه: ((يا أبا النعمان.))، فيجيبه دائمًا: لبيك يا رسول الله(55).
    ويتمُّ الله سبحانه على المسلمين نعمته، ويكمل لهم الدين، ويبلغه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تامًا مكملاً، ثم يلتحق بالرفيق الأعلى.
    وترتَجُّ المدينة لوفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويفقد ذوو العقول عقولهم، ويُضحِي القوم حيرى مذهولين، لا يدرون ما يصنعون، ولا يَعُون ما يقولون، حتى نهض أبو بكر ليمسك الزمام، ويوجه القوم إلى الصواب، فيقول لهم: (أيها الناس؛ من كان يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، ثم تلا عليهم قوله تعالى:  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَد خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِن مَّاتَ أَو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، وَمَن يَّنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيئًاً... (56)، فأفاق الناس من غشيتهم، وكأنهم لم يسمعوا هذه الآية الكريمة إلا يومهم ذاك ولأول مرة(57).
    وتناهى إلى الصديق خبر اجتماع الأنصار رضي الله عنهl في سقيفة بني ساعدة(58)، فنهض، ولقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له: انطلقْ بنا إلى إخواننا الأنصار، وأحبَّ عمر الكلام، فَرَيَّثَه أبو بكر، وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: (يا معشر الأنصار؛ إنكم - واللهِ - لا تذكرون فضلاً، إلا وأنتم له أهل، ولكن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش، هم أوسط الناس دارًا ونسبًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين.
    فقال عمر: وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة، وإني - والله - ما كرهت من كلامه كلمة غيرَها، إنْ كنتُ أُقَدَّمُ فتضرب عنقي، فيما لا يقرِّبني إلى إثم أحب من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر(59).
    وقال الأنصار: (منا أمير، ومنكم أمير) واختلفوا، وتقاولوا حتى كادت تتشعبهم الفتنة، فما هو إلا أن وقف بشير بن سعد رضي الله عنه في قومه فقال: (يا معشر الأنصار؛ إنَّا والله - وإن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين - ما أردنا به إلا رضا ربنا، وطاعة نبينا، والكدح لأنفسنا، فما ينبغي أن نستطيل على الناس بذلك، ولا نبتغي به من الدنيا عَرَضًا، فإن الله ولي المِنَّة علينا بذلك، ألا إن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم من قريش، وقومُه أحق به وأولى، وايم الله؛ لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدًا، فاتقوا الله، ولا تخالفوهم، ولا تنازعوهم)(60).
    ولما قام عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح إلى أبي بكر يبايعانه؛ وثب بشير بن سعد من مكانه فسبقهما وبايع أبا بكر رضي الله عنهم، وتقاطر المهاجرون والأنصار إلى أبي بكر يبايعونه، فكان بشير بن سعد أول من بايع أبا بكر(61).
    وذكروا أنه لما بايع بشير بن سعد أبا بكر، ناداه الحباب بن المنذر: (... ما أحوجك إلى ما صنعت؟ أَنَفِسْتَ(62) على ابن عمك: (سعد بن عبادة) الإمارةَ؟، فقال بشير بن سعد رضي الله عنه: (لا والله؛ ولكني كرهت أن أنازع القوم حقًا جعله الله لهم...)(63).
    لقد آثر بشيرُ بن سعد اللهَ ورسولَه ودينَه على هوى النفس، وكانت خطبته تلك فاصلة الخطاب، ورؤبة الصدع؛ فقد أنهت المناقشة، بعدما لَجُّوا في الخلاف، ولمَّت الشمل، فرضي القوم، وبايعوا مطمئنين.
    ولم يكن بشير بن سعد رضي الله عنه، وهو أنصاري خزرجي، وابن عم سعد بن عبادة، ولكنه - قبل ذلك كله وبعده صحابي جليل - تخرج في مدرسة النبوة، مسلمًا مؤمنًا، يؤثر الآخرة على الدنيا - فلم يكن ليقوم بما أقدم عليه، فيقبِل على الحق، ويصدَّ عن ابن عمه، لولا حديث سمعه من في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويرويه عنه ابنه النعمان بن بشير رضي الله عنهما، يقول: (لما ثقل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تكلم الناس فيمن يقوم بالأمر بعده، فقال قوم: أبو بكر، وقال قوم: أُبَيُّ بن كعب، قال بشير بن سعد: فأتيت أُبَيًّا، فقلت: يا أُبَيّ؛ الناس قد ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستخلف: أبا بكر أو إياك، فانطلقْ حتى تنظر في هذا الأمر، فقال: (إن عندي في هذا الأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا، ما أنا بذاكره حتى يقبضه الله إليه، ثم انطلق، وخرجت معه، حتى دخلنا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الصبح، وهو يحسو حسوًا في قطعة معشوبة(64)، فلما فرغ، أقبل على أُبَيّ فقال: ((هذا ما قلت لك))، قال: فأوصِ بنا، فخرج يخطُّ برجليه، حتى صار على المنبر، ثم قال: ((يا معشر المهاجرين؛ إنكم أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار كما هي لا تزيد، ألا وإنَّ الناس يكثرون، وتقلُّ الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن وَلِي من أمرهم شيئًا فليقبل من مُحسنهم، ويعفُ عن مسيئهم))، ثم نزل ودخل.
    فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قيل لي: هاتيك الأنصار مع سعد بن عبادة، يقولون: نحن أولى بالأمر، والمهاجرون يقولون: لنا الأمر دونكم، فأتيت أُبَيًّا، فقرعت بابه، فخرج إليَّ ملتحفًا، فقلت: ألا أراك قاعدًا ببيتك؟ مغلقًا عليك بابك؟ وهؤلاء قومك في بني ساعدة، ينازعون المهاجرين؟ فاخرج إلى قومك، فخرج، فقال: (إنكم - والله - ما أنتم من هذا الأمر في شيء، وإنه لهم دونكم، يليها من المهاجرين رجلان، ثم يُقتَل الثالث، ويُنزَع الأمر، فيكون هاهنا
    - وأشار إلى الشام - وإنَّ هذا الكلام لمبلول بريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (65). ثم رجع فدخل بيته، وأغلق عليه بابه(66).
    وهكذا نجد بشير بن سعد رضي الله عنه لا يصدر إلا عن حكم شرعي، ولا يُقدم على شيء إلا بأمر شرعي مؤيد بالنص.
    وكما كان بشير بن سعد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان لخليفته - الصديق رضي الله تعالى عنهما - من بعده، نعم المساعد والمشير.
    فإنَّ سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه، لما رأى رأيه في السقيفة والبيعة، واستخشن لأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، عزَّ عليهما ذلك، وأرادا استرضاءه - على حدَّته - وشاور أبو بكر أصحابه، فقال له بشير بن سعد رضي الله عنه - يشير عليه ناصحًا -: يا خليفة رسول الله؛ إنه قد أبى ولجَّ، وليس بمبايعكم أو يُقتَل، فلا تحركوه، فقد استقام لكم الأمر، فإنه ليس بضارِّكم، وإنما هو رجل وحده ما تُرك.
    فقبل أبو بكر نصيحة بشير بن سعد، وترك سعد بن عبادة وشأنه، رضي الله عنهم أجمعين(67).
    كان بشير بن سعد شجاعًا، لا يخاف في الله لومة لائم، لا يماري ولا يحابي، ولقد قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كلمة جريئة؛ قلما يتجرأ غيره على مثلها، فقد روى محمد بن النعمان بن بشير؛ أن أباه أخبره: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
    - يومًا - في مجلس وحوله المهاجرون والأنصار، قال: أرأيتم لو ترخَّصت في بعض الأمر!! ما كنتم فاعلين؟؟ فسكتوا، فعاده مرتين أو ثلاثًا، قال بشير بن سعد رضي الله عنه: لو فعلتَ قوَّمناك تقويم القدح(68). قال عمر رضي الله عنه مغتبطًا مطمئنًا إلى سلامة قومه: أنتم إذًا أنتم!!!(69)
    في حروب الردة:
    ولما ارتدت العرب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وظهرت الفتنة، استنفر أبو بكر الصديق الصحابة لمواجهتها، فكان بشير بن سعد رضي الله عنه في أوائل من شد عليه سلاحه؛ وخرج مع خالد بن الوليد رضي الله عنه، يتقلب من معركة إلى معركة، حتى أظهرهم الله تعالى، ومكَّن لهذا الدين.
    استشهاده رضي الله عنه:
    ولكن المجاهد البطل، لا تروقه حياة الدعة والراحة، فلازم بشير بن سعد خالدًا في معاركه؛ معارك الفتوح بعد أن أخمدوا الردة.
    وسار خالد بجيشه بعد أن فتح الله عليهم الحيرة(70) والأنبار(71)، فقصد (عين التمر)(72)، وبها (مهران بن بهرام) في جمع عظيم من الأعاجم، ومعهم (عقة بن أبي عقة)(73)، في جمع عظيم من عرب النمر وتغلب، ونازل خالد رضي الله عنه بشجعانه تلك الجموع المحتشدة، ثم سار عقة إلى خالد فالتقيا، فحمل خالد بنفسه على عقة، وهو يقيم صفوفه فأحاط به، واختطفه فأخذه أسيرًا، وانهزم أصحابه، فلما بلغ (مهران) الخبر، هرب وتحصَّن، فنازلهم خالد بأبطاله رضي الله عنهl، وبرزت شجاعة بشير بن سعد، حتى أكرمه الله سبحانه بالشهادة في هذه الموقعة (عين التمر)، وفيها دفن مع (عمير بن رئاب السهمي)(74)، جنبًا إلى جنب، في قبر واحد.
    وانطوت في سنة ثنتي عشرة للهجرة المباركة؛ صفحة مشرقة من حياة الصحابي الجليل، البطل المجاهد، أبي النعمان؛ بشير بن سعد رضي الله عنه وأرضاه.
    ذلك الصحابي الذي كان أول الأنصار إسلامًا(75)، كما كان مجاهدًا من الطراز الأول، فما آب من غزو إلا إلى نفير، ولازم الرسول المصطفى الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وشهد معه المشاهد كلها، ولاصقه في سفره وحضره، فكثيرًا ما رئي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوسطًا أبا بكر الصديق وبشير بن سعد رضي الله عنهما(76)، كما كان ملتزمًا بأحكام الله، ناصحًا لله ولرسوله، ولإمام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين، ولإخوانه المسلمين، حتى ختم الله له بالحسنى، فاتخذه شهيدًا، عليه رضوان الله وسلامه ورحمته.
    المصادر والمراجع
    - الاستبصار في نسب الأنصار، ابن قدامة المقدسي، تحقيق الأستاذ علي نويهض، دار الفكر، بيروت.
    - الاستيعاب، ابن عبد البر (على حاشية الإصابة)، مصورة عن الكتبخانة الخديوية المصرية، ط1، 1328هـ.
    - أسد الغابة في معرفة الصحابة، ابن الأثير الجزري، تحقيق محمد إبراهيم البنا ورفيقيه، كتاب الشعب، القاهرة، 1970م.
    - الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، مصور عن الكتبخانة الخديوية المصرية، ط1، 1328هـ.
    - الأعلام، خير الدين الزركلي، طبعة دار العلم للملايين، ط5، بيروت، 1399هـ.
    - الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.
    - البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير، تحقيق د. أحمد أبو ملحم ورفاقه، ط4، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ.
    - تاريخ الأمم والرسل والملوك = (تاريخ الطبري)، الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1987م.
    - تاريخ دمشق، ابن عساكر، ط1، 1421هـ/2000م، دار الفكر، بيروت، لبنان.
    - التاريخ الكبير، الإمام البخاري، مصورة مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت.
    - تاريخ اليعقوبي، اليعقوبي، دار صادر، بيروت.
    - التنبيه والإشراف، المسعودي، طبعة دار صادر، بيروت.
    - تهذيب التهذيب، ابن حجر، مصورة عن الطبعة الأولى، دائرة المعارف النظامية، حيدرآباد، 1325، الهند.
    - جمهرة أنساب العرب، ابن حزم، تحقيق عبد السلام هارون، ط5، دار المعارف، 1982م، القاهرة.
    - دلائل النبوة، البيهقي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، ط1، دار الريان، القاهرة، 1408هـ.
    - رحلات في بلاد العرب (شمال الحجاز)، عاتق غيث البلادي، ط2، 1403هـ/1983م، دار مكة للطباعة والنشر، مكة المكرمة.
    - الروض الأنف (تفسير سيرة ابن هشام)، للسهيلي، ط. عبد الرؤوف سعيد، ط منقحة، 1398هـ/1978م، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
    - سعد بن الربيع الأنصاري (النقيب الشهيد)، محمد علي كاتبي، دار القلم، دمشق، ط1، 1413هـ/1993م.
    - سنن البيهقي، تحقيق محمد عبد القادر عطا، ط1، 1414هـ-1994م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
    - السيرة الحلبية، العلامة برهان الدين الحلبي، إحياء التراث العربي، بيروت.
    - السيرة الشامية، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي، تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، ط1، 1414هـ/1993م، دار الكتب العلمية، بيروت.
    - السيرة النبوية، ابن هشام، اعتنى بها د. عمر عبد السلام تدمري، ط1، 1408هـ، دار الريان، القاهرة.
    - شعر النعمان بن بشير الأنصاري، جمعه وقدم له د. يحيى الجبوري، ط1، مطبعة المعارف، بغداد 1388هـ/1968م.3
    - الصحابة من الأنصار، د. حسين مؤنس، ط1، 1989م / 1409هـ، رابطة الجامعات الإسلامية.
    - صحيح الإمام مسلم.
    - صحيح مسلم بشرح الإمام النووي، المسمى: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، تحقيق الشيخ خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، ط6، 1422هـ.
    - الطبقات الكبرى، ابن سعد، دار صادر.
    - العقد الفريد، ابن عبد ربه، تحقيق الأستاذ: محمد سعيد العريان، دار الفكر، مصورة مكتبة الرياض الحديثة.
    - العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، تحقيق الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، ط5، 1401هـ/1981م، دار الجيل، بيروت، لبنان.
    - فصول من تاريخ المدينة المنورة، تأليف علي حافظ، ط2، 1405هـ-1984م، شركة المدينة للطباعة والنشر، جدة.
    - الكامل في التاريخ، ابن الأثير، عني به نخبة من العلماء، دار الكتاب العربي، ط6، بيروت، 1406هـ.
    - لباب الآداب، أسامة بن منقذ، دار الكتب العلمية، 1400هـ/1980م، بيروت، لبنان.
    - لسان العرب، مصورة عن الطبعة الأولى، دار صادر، بيروت.
    - المحبر، ابن حبيب البغدادي، رواية السكري، عناية د. إيلزة ليختن شتيتر، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت.
    - مسند الإمام أحمد. بتحقيق مجموعة من المحقيقين، بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، ط1، 1409هـ/1999م، مؤسسة الرسالة للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.
    - المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد محمد حسن شراب، ط1، 1411هـ/1991م، دار القلم، دمشق.
    - معجم البلدان، ياقوت الحموي، دار صادر، بيروت.
    - المعرفة والتاريخ، الفسوي، تحقيق د. أكرم ضياء العمري، ط1، 1410هـ، مكتبة الدار، المدينة المنورة.
    - المغازي، الواقدي، محمد بن عمر، تحقيق د. مارسدن جونس، ط3، 1409هـ/1989م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
    - المنتظم، ابن الجوزي.
    - نسب قريش، الزبيري، عني به إ. ليفي بروفنسال، ط3، 1982، دار المعارف، القاهرة.
    - وسيلة الخليل إلى بعوث صاحب الإكليل صلى الله عليه وآله وسلم، غالي بن المختار فال البستاني الأنصاري الشنقيطي، صححه وعلق عليه الشيخ محمد عبد الله المختار فال، دار القبلة، ومؤسسة علوم القرآن
    - وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، السمهودي، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط3، 1401هـ/1981م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
    الحواشي
    (55) سورة آل عمران: 144.
    (56) البداية والنهاية 5/213، وما بعدها.
    (57) السقيفة: مجلس مفتوح شماله، على شكل مربع ناقص ضلعًا، يبنى بالحجر واللبن أوالآجر، وتفتح نافذة في جداره الشرقي، وبهذه الهيئة يصبح باردًا صيفًا، في صدره صُفَّة مسقوفة بجريد النخل أو بخشب الأثل، لتغدو ظلة يجلسون تحتها للتشاور والتسامر، وهي لبني ساعدة، وموقعها في الناحية الشمالية الغربية للمسجد النبوي الشريف، وكان أقيم مكانها حديقة جميلة كانت تحمل اسم السقيفة. انظر: علي حافظ، فصول من تاريخ المدينة المنورة، ص 199.
    (58) ابن الأثير، الكامل في التاريخ 2/224.
    (59) ابن الأثير، الكامل في التاريخ 2/223. وانظر: حسين مؤنس، الصحابة الأنصار، ص 7.
    (60) البداية والنهاية 5/217، 6/358.
    (61) أنفست: أي: أَحَسْدَتَ ابن عمك وضننت عليه الإمارة التي سعى إليها، وتمنى أن تؤول إليه. انظر: لسان العرب، مادة (نفس) 6/238.
    (62) المصدر السابق نفسه.
    (63) يشرب شربًا قليلاً، ويمسح وجهه بطيئًا.
    (64) كناية عن حداثة العهد بهذا الكلام.
    (65) ابن عبد ربه، العقد الفريد 5/11، 12.
    (66) الطبقات الكبرى 3/616. الطبري 3/222. الكامل في التاريخ 2/224.
    (67) القدح: العود من الشجر، يقطع ثم يشذب ويُقَوَّم، ثم ينصل ويراش فيصير سهمًا. انظر: لسان العرب، مادة (قدح) 2/556.
    (68) الإمام البخاري، التاريخ الكبير 2/98.
    (69) الحيرة: بالكسر ثم السكون، مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، في موضع النجف، كانت مسكن ملوك العرب (المناذرة) في الجاهلية، وسميت بذلك؛ ((لأن تُبَّعًا الأكبر لما قصد خراسان، خلف ضعفته ثم، وقال لهم: حيروا)). ياقوت الحموي، معجم البلدان 2/328.
    (70) الأنبار: مدينة على الفرات، غربي بغداد، بينهما عشرة فراسخ. بناها (سابور بن هرمز) ذو الأكتاف، وجدَّد بناءها أبو العباس السفاح، وسميت الأنبار لأنها كانت مجمع الحنطة والشعير. وفيها صوامع الغلال المرتفعة، وسميت كذلك لأن الطعام والغلال إذا صُبَّت فوق بعضها انتبرت، أي ارتفعت، ومن ذلك سمي المنبر؛ لارتفاعه، وقيل: الأنبار دويبة صغيرة. انظر: ياقوت، معجم البلدان 1/257.
    (71) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار، غربي الكوفة، على طرف البرية، كثيرة التمر، ومنها يحمل إلى سائر البلاد، وهو بها كثير جدًا. معجم البلدان 4/176.
    (72) أحد زعماء نصارى العرب، الذين اجتمعوا بجموع عظيمة من تغلب وإياد تحت حماية الفرس، بقيادة
    (مهران بن بهرام) لحرب الإسلام.
    (73) عمير بن رئاب بن حذيفة القرشي السهمي، كان من السابقين الأولين، ومن مهاجرة الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة، واستشهد مع خالد بن الوليد بعين التمر في خلافة أبي بكر، وهو القائل:

    نحــــــن بنــــــو زيــــــد الأغــــــــر ومثلنــــا يحامي على الأحساب عند الحقائق

    انظر: الإصابة 3/32.
    (74) البداية والنهاية 6/358.
    (75) انظر: مغازي الواقدي 1/165. الكامل في التاريخ 2/269. البداية والنهاية 6/358.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •