تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه

    3460 ـ (لو ستَرْتَه بثوبِكَ ؛ كان خيراً لكَ . قاله لهزّال) .
    روي من حديث نُعيم بن هَزَّال ، و محمد بن المنكدر ، و سعيد بن المسيَّب ، كلاهما مرسلاً .
    1 ـ أما حديث نعيم بن هزّال ؛ فقد اختلف عليه كما يأتي :
    أولاً : عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه :
    أن ماعزاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأقر عنده أربع مرات ، فأمر برجمه ، و قال لهزال : ... فذكره .
    أخرجه أبو داود (4377) ، و النسائي في «السنن الكبرى» (4/305ـ306/7274) ، و الحاكم (4/363) و البيهقي في «السنن» (8/219 و 228) ، و ابن أبي شيبة في «المصنف» (10/78 ـ 79) ، و أحمد (5/216 ـ 217 و 217) ، و ابن عبد البر في «التمهيد» (23/126) ؛ بعضهم مختصراً ـ و اللفظ لأبي داود ـ و بعضهم مطولاً ـ و هو رواية لأبي داود (4419) ـ و أتمها رواية أحمد ، و لفظه :
    كان ماعز بن مالك [يتيماً] في حِجْر أبي ، فأصاب جارية في الحي ، فقال له أبي : ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت ؛ لعله يستغفر لك ، و إنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج ، فأتاه ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، فأعرض عنه ، ثم أتاه الثانية ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، ثم أتاه الثالثة ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ، ثم أتاه الرابعة ، فقال : يا رسول الله ! إني زنيت فأقم علي كتاب الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
    « إنك قد قلتها أربع مرات ، فيمن ؟» .
    قال : بفلانة . قال :
    «هل ضاجعتها ؟» .
    قال : نعم . قال :
    «هل باشرتها ؟« .
    قال : نعم . قال :
    «هل جامعتها ؟» .
    قال : نعم .
    قال : فأمر به فرُجم .
    قال : فأخرج به إلى الحَرَّة ، فلما رجم ؛ فوجد حر الحجارة ؛ جزع فخرج يشتد ، فلقيه عبد الله بن أنيس ، ـ و قد أعجز أصحابه ـ ؛ فنزع له بوظيف بعير ، فرماه به ؛ فقتله .
    قال : ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر له ذلك ؟! فقال :
    «هلا تركتموه ؟! لعله يتوب فيتوب الله عليه .»
    قال هشام : فحدثني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي حين رآه :
    «و الله يا هزال ! لو كنت سترته بثوبك ؛ كان خيراً مما صنعت»(1)
    و قال الحاكم ـ و ليس عنده هذه الجملة الأخيرة ؛ و لا النسائي ـ :
    «صحيح الإسناد» ؛ و وافقه الذهبي ، و أقره الحافظ في «الفتح» (12/127) !
    و بدونها أيضا ساقه الحافظ في «التلخيص» (4/58) ، و قال :
    «رواه أبو داود و إسناده حسن» .
    قلت : و هذا هو الأقرب ؛ فإن فيه هشام بن سعد ، و هو :
    «صدوق ، له أوهام» ؛ كما قال الحافظ في «التقريب» .
    لكن نعيم بن هزال في صحبته اختلاف ، قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» :
    «روى عنه المدنيون قصة رجم (ماعز الأسلمي) ، و قد قيل : إنه لا صحبة له ، و إنما الصحبة لأبيه هزال ، و هو أولى بالصواب » .
    و قوله : «المدنيون» يخالف ما في «تهذيب الكمال» و فروعه ، و «تجريد الذهبي» ،
    و« إصابة العسقلاني» ؛ فإنهم لم يذكروا عنه راوياً غير ابنه (يزيد) ، و صرح بذلك الحافظ في «التقريب» مع جزمه بصحبته ؛ فقال :
    «صحابي ، نزل المدينة ، ماله راوٍ إلا ابنه يزيد ».
    قلت : و لعل سبب المخالفة هو اختلاف الروايات عن نعيم بن هزال ، كما يأتي .
    ثانياً : قال الليث بن سعد : عن يحيى ـ و هو ابن سعيد الأنصاري ـ عن يزيد ابن نعيم عن جده هزال :
    أنه كان أمر ماعزاً أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث مختصراً ، و فيه حديث الترجمة .
    أخرجه النسائي (7278) و ابن عبد البر (23/126) .
    قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال مسلم إلا هزال ؛ لكنهم لم يذكروا لحفيده يزيد بن نعيم سماعاً منه ، فالظاهر أنه منقطع ، و في «التهذيب» :
    «يقال : مرسل» .
    و نحوه رواية يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن يزيد بن نعيم بن هزال ـ و كان هزال استرجم ماعزاً ـ قال :
    كانت لأهلي جارية ترعى غنماً لهم يقال لها : فاطمة ... الحديث نحوه حديث الترجمة .
    أخرجه النسائي (7280) ، و الطحاوي في «مشكل الآثار» (1/87/93
    و 12/463/4944) .
    و أخرجه أحمد أيضاً ؛ لكنه قال : عن نعيم بن هزال ... لم يذكر يزيد بن نعيم .
    و نحوه رواية يحيى بن سعيد ـ و هو الأنصاري ـ عن محمد بن المنكدر عن ابن هزال عن أبيه هزال به .
    أخرجه النسائي (7275) ـ و في سنده خطأ مطبعي ـ ، و الحاكم أيضاً ، والبيهقي (8/330 ـ 331) ، و أحمد (5/217) ، و ابن عبد البر ، و قال :
    «هذا الحديث محفوظ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن ابنٍ لهزال عن هزال . و عن يحيى بن سعيد عن يزيد بن نعيم بن هزال من وجوه» .
    قلت : يشير إلى رواية الليث عن يحيى المتقدمة في (ثانياً) ، و ظاهر أن ابن هزال هو : نعيم ، و أن محمد بن المنكدر رواه عنه مباشرة ، فيكون له ـ أعني : نعيماً ـ راو آخر غير ابنه يزيد بن نعيم .
    2 ـ و يعكّر عليه : أن النسائي أخرجه (7276) من طريق ابن المبارك ، و البيهقي من طريق سليمان بن بلال ، كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر :
    أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم ... الحديث مرسلاً . و قال البيهقي :
    «هذا أصح مما قبله» .
    قلت : و زادوا إلا أحمد :
    قال : يحيى فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال : هزال جدي ، و هذا الحديث حق .
    3 ـ رواه مالك في «الموطأ» (3/39) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب
    أنه قال :
    بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم ـ يقال له : هزال ـ :
    يا هزال ! لو سترته بردائك كان خيراً لك .
    قال يحيى بن سعيد ... فذكره كما في رواية الثلاثة عنه .
    و قال ابن عبد البر عقبه :
    «لا خلاف في إسناده في «الموطأ» على الإرسال ؛ كما ترى ، و هو مسند من طرق صحاح» !
    كذا قال ! و ليس في شيء من الطرق المتقدمة ما هو مسند صحيح على ما سبق بيانه في تنسيق و تحقيق ؛ ربما لا تراه في مكان آخر ، اللهم ! إلا الطريق الأولى ؛ فهي حسنة على الخلاف المتقدم في صحبة نعيم بن هَزّال ، و تفرد ابنه
    يزيد بالرواية عنه ، و قد صححها الحاكم و الذهبي و حسنها الحافظ ؛ كما رأيت ، وأشار إلى ذلك عبد الحق الإشبيلى بإيراده الحديث من رواية النسائي ، و سكوته عنها في كتابه «الأحكام الصغرى» (2/760) الذي اشترط فيه الصحة ؛ كما هو معلوم من مقدمته .
    و إن مما لا يرتاب فيه باحث محقق : أن توافر هذه الطرق على هذا المتن و اجتماعها عليه ؛ مما يلقي في الصدر الاطمئنان لصحته ، و لا سيما و قد اقترن بها جزم رواية يزيد بن نعيم بن هزال بأنه حق .
    ثم رأيت الشيخ ملا علي القاري نقل في «المرقاة» (4/82) عن صاحب «التنقيح» ـ
    و هو ابن عبد الهادي ـ أنه قال :
    «و إسناده صالح» .
    ثم رأيت الحديث عند الطبراني في «المعجم الكبير» (22/201 ـ 202) من طريق محمد بن المنكدر و عكرمة بن عمار عن يزيد بن نعيم بن هزال عن جده هزال به مختصراً و مطولاً .
    قلت : و بقي شيء يتعلق بفقه الحديث ، و ما المراد بقوله لهزال :
    «لو سترته ...» ، فإن ظاهره غير مراد على إطلاقه ؟! و لذلك فسره الباجي في «المنتقى» (7/135) بقوله :
    «يريد مما أظهرته من إظهار أمره ، و إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - و أبي بكر و عمر به ، فكان ستره بأن يأمره بالتوبة ، و كتمان خطيئته ، و إنما ذكر فيه الرداء على وجه المبالغة ، بمعنى : أنه لو لم تجد السبيل إلى ستره إلا بأن تستره بردائك ممن يشهد عليه ؛ لكان
    أفضل مما أتاه ، و تسبب إلى إقامة الحد عليه . والله أعلم و أحكم» .
    و نقله الحافظ في «الفتح» (12/125) عنه ، و أقره .
    و الخلاصة ؛ أن الحديث محمول على من كان مثل ماعز في الندم على ما فعل و ليس من عادته الزنى ، فينبغي الستر عنه ، و عدم التشهير به ؛ بخلاف من لا ؛ و وصل أمره إلى إشاعته و التهتُّك ، فهذا هو الذي لا يجوز الستر عليه ، و ينبغي رفع أمره إلى الحاكم ليقيم حكم الشارع الحكيم فيه . و انظر لهذا «المرقاة» (4/76) .*
    __________

    (1) و رواه ابن سعد في «الطبقات» (4/324) بأتم منه ، لكنه من روايته عن شيخه محمد بن عمر ـ و هو الواقدي ـ ، و هو متروك .

    الكتاب : السلسلة الصحيحة
    المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه

    (2322) - (حديث: " أمر برجم ماعز ولم يحضره ".
    * صحيح.
    وقد جاء من حديث جماعة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم:
    الأول: أبو هريرة رضى الله عنه قال: " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد , فناداه , فقال: يا رسول الله إنى زنيت , فأعرض عنه , حتى ردد أربع مرات , فلما شهد على نفسه أربع شهادات , دعاه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا , قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به فارجموه , قال ابن شهاب: فأخبرنى من سمع جابر بن عبد الله قال: " فكنت فيمن رجمه , فرجمناه بالمصلى , فلما أذلقته الحجارة هرب , فأدركناه بالحرة , فرجمناه ".
    أخرجه البخارى (4/301 , 303 ـ 304) ومسلم (5/116) والبيهقى (8/219) وأحمد (2/453) من طريق ابن شهاب عن أبى سلمة وسعيد بن المسيب عنه.
    وأخرجه الترمذى (1/268) وابن ماجه (2554) وابن أبى شيبة (11/81/2) والحاكم (4/363) وأحمد (2/286 ـ 287 , 450) من طريق محمد بن عمرو عن أبى سلمة وحده به نحوه ولفظه: " جاء ماعز الأسلمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: إنه قد زنى ... " وقال الترمذى: " حديث حسن , وقد روى من غير وجه عن أبى هريرة ".
    وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "!
    ووافقه الذهبى.
    وله طريق ثالثة بنحوه ستأتى فى الكتاب برقم (2354) .
    الثانى: جابر بن عبد الله نحو حديث أبى هريرة.
    أخرجه البخارى (4/301 , 302) ومسلم (5/117) وأبو داود (4430) والترمذى (1/276) وابن الجارود (813) وأحمد (3/323) من طريق جماعة عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن أبى سلمة به وزاد فى آخره: " فرجم حتى مات , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا , ولم يصل عليه ".
    وقال البخارى: " وصلى عليه ".
    وهى رواية شاذة تفرد بها محمود بن غيلان عن عبد الرزاق دون سائر الرواة عنه.
    وقد ذكر أسماءهم الحافظ فى " الفتح " (12/115 ـ 116) . وله طريق آخر , يرويه محمد بن إسحاق قال: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك , فقال لى: حدثنى حسن بن محمد بن على بن أبى طالب قال: " حدثنى ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا تركتموه , من شئتم من رجال أسلم , ممن لا أتهم , قال: ولم أعرف هذا الحديث , قال: فجئت جابر بن عبد الله , فقلت: إن رجالا من أسلم يحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجارة حين أصابته: ألا تركتموه؟ وما أعرف الحديث , قال: يا ابن أخى أنا أعلم الناس بهذا الحديث , كنت فيمن رجم الرجل , إنا لما خرجنا به , فرجمناه , فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإن قومى قتلونى وغرونى من نفسى , وأخبرونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلى , فم ننزع عنه حتى قتلناه , فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه قال: فهلا تركتموه وجئتمونى به؟ ليستثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه , فأما لترك حد فلا.
    قال: فعرفت وجه الحديث ".
    قلت: وهذا إسناد جيد.
    أخرجه أبو داود (4420) وابن أبى شيبة (11/82/2) وأحمد (3/381) مختصرا.
    وله طريق ثالثة عن جابر نحوه.
    أخرجه الدارقطنى (340) .
    3 ـ جابر بن سمرة قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذى عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين , ثم أمر به فرجم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلما نفرنا غازين فى سبيل الله تخلف أحدكم ينب نبيب التيس , يمنح إحداهن الكبشة؟ ! إن الله لا يمكنى من أحد منهم إلا جعلته نكالا , أو نكلته ".
    أخرجه مسلم (5/117) وأبو داود (4422) والدارمى (2/176 ـ 177) وأحمد (5/86 , 99 , 102 , 103) من طرق عن سماك بن حرب عنه. وفى رواية لمسلم: " فرده مرتين أو ثلاثا ".
    ورواه شريك عن سماك به مختصرا بلفظ: " أن ماعز جاء فأقر عند النبى صلى الله عليه وسلم أربع مرات , فأمر برجمه ".
    أخرجه أحمد (5/91) .
    4 ـ عبد الله بن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: أحق ما بلغنى عنك؟ قال: وما بلغك عنى؟ قال: بلغنى أنك وقعت بجارية آل فلان؟ قال: نعم , قال: فشهد أربع شهادات , ثم أمر به فرجم ".
    أخرجه مسلم (5/118) وأبو داود (4425) , 4426) وأحمد (1/245 , 314 , 328) من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عنه.
    وله طريق أخرى عن عكرمة عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أتاه ماعز بن مالك قال: لعلك قبلت , أو غمزت أو نظرت؟ قال: لا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنكتها؟ ـ لا يكنى ـ قال: نعم , قال: فعند ذلك أمر برجمه ".
    أخرجه أحمد (1/338 , 270) وأبو داود (4427) والدارقطنى (339) عن جرير ابن حازم عن يعلى بن حكيم عنه.
    قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
    وتابعه يحيى بن أبى كثير عن عكرمة نحوه.
    أخرجه الدارقطنى.
    5 ـ أبو سعيد الخدرى: " أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أصبت فاحشة فأقمه على , فرده النبى صلى الله عليه وسلم مرارا , قال: ثم سأل قومه فقالوا: ما نعلم به بأسا , إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام عليه الحد , قال: فرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فأمرنا أن نرجمه , قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد , قال: فما أوثقناه , ولا حفرنا له , قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف , قال: فاشتد , واشتددنا خلفه , حتى عرض الحرة , فانتصب لنا , فرمينا بجلاميد الحرة ـ يعنى الحجارة ـ حتى سكت , قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشى فقال: أو كلما انطلقنا غزاة فى سبيل الله ... " فذكره مثل حديث (3 ـ جابر بن سمرة) وزاد: " فما استغفر له ولا سبه ".
    أخرجه مسلم وأبو داود (4431) وأحمد (3/2 ـ 3) وابن أبى شيبة (11/82/1) وفى رواية لأبى داود (4432) : " ذهبوا يسبونه فنهاهم , قال: ذهبوا يستغفرون له فنهاهم , قال: هو رجل أصاب ذنبا حسيبه الله " وإسناده صحيح على شرط مسلم.
    6 ـ بريدة بن الحصيب , قال: " جاء ماعز بن مالك إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله طهرنى , فقال: ويحك ارجع استغفر الله وتب إليه , قال: فرجع غير بعيد , ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرنى.
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه , قال: فرجع غير بعيد , ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرنى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم مثل ذلك , حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيم أطهرك؟ فقال: من الزنا , فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون , فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه , فلم يجد منه ريح خمر , قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أزنيت؟ فقال: نعم , فأمر به فرجم , فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك , لقد أحاطت به خطيئته , وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز أنه جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فوضع يده فى يده , ثم قال: اقتلنى بالحجارة , قال: فلبثوا يومين أو ثلاثة , ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس , فسلم ثم جلس , فقال: استغفروا لماعز بن مالك , قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك , قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم.
    قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرنى , فقال: ويحك ارجعى فاستغفرى الله وتوبى إليه , فقالت: أراك تريد أن تردنى كما رددت ماعز ابن مالك! قال: وما ذاك؟ قالت: إنها حبلى من الزنى.
    فقال: أنت؟ ! قالت: نعم , فقال لها حتى تضعى ما فى بطنك , قال: فكفلها رجل من الأنصار , حتى وضعت , قال: فأتى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: قد وضعت الغامدية , فقال: إذن لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه , فقام رجل من الأنصار , فقال: إلى رضاعه يا نبى الله! قال: فرجمها ".
    أخرجه مسلم (5/119 ـ 120) وأبو داود (4433 ـ 4442) والدارقطنى (327) وأحمد (5/347 ـ 348) وقال الدارقطنى: " حديث صحيح ".
    7 ـ عمران بن حصين.
    وسيأتى حديثه برقم (2333) .
    8 ـ نعيم بن هزال قال: " كان ماعز بن مالك يتيما فى حجر أبى , فأصاب جارية من الحى , فقال له أبى: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك , وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجا , فأتاه فقال: يا رسول الله إنى زنيت فأقم على كتاب الله , فأعرض عنه , فعاد فقال: يا رسول الله إنى زنيت , فأقم على كتاب الله حتى قالها أربع مرات , قال صلى الله عليه وسلم: إنك قد قلتها أربع مرات , فيمن؟ قال: بفلانة , قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم , قال: هل باشرتها؟ قال: نعم , قال: هل جامعتها؟ قال: نعم , قال: فأمر به أن يرجم , فأخرج به إلى الحرة , فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع , فخرج يشتد , فلقيه عبد الله بن أنيس , وقد عجز أصحابه , فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله , ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ".
    أخرجه أبو داود (4419) وابن أبى شيبة (11/81/2) وأحمد (5/216 ـ 217) عن وكيع: عن هشام بن سعد قال: حدثنى يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه.
    قلت: وهذا إسناد حسن , ورجاله رجال مسلم.
    ويشهد له الطريق الثانى من حديث جابر رقم (2) .
    وقد تابعه زيد بن أسلم عن يزيد بن نعيم به نحوه.
    وزاد فى آخره: " ثم قال: يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك ".
    أخرجه أبو داود (4377 , 4378) وأحمد.
    وهى رواية له من الطريق الأولى.
    وأخرجه الحاكم (4/363) مختصرا وصححه ووافقه الذهبى.
    (تنبيه) قول المصنف رحمه الله " ولم يحضره " لم أره مصرحا به فى شىء من هذه الطرق ولا فى غيرها , والظاهر أنه ذكره بالمعنى , فإن فى بعضها ما يدل على ذلك , مثل قول جابر بن عبد الله فى الطريق الثانية عنه: " فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه ... ".
    وقوله فى حديث نعيم بن هزال: " ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ... " فإن ظاهرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يحضر ذلك.
    والمصنف تابع فى ذلك للرافعى فى " الشرح الوجيز " (1) , وهو لإمامه الشافعى فقد ذكره عنه البيهقى فى سننه تحت " باب من أجاز أن لا يحضر الإمام المرجومين ولا الشهود ".
    وقال الحافظ فى " تخريج الرافعى " (4/58) : " هو كما قال فى ماعز , لم يقع فى طرق الحديث أنه حضر , بل فى بعض الطرق ما يدل على أنه لم يحضر , وقد جزم بذلك الشافعى , وأما الغامدية , ففى " سنن أبى داود " وغيره ما يدل على ذلك ". ولم أر فى أبى داود ولا فى غيره ما يدل على ذلك فى الغامدية , وإنما فى ماعز لما يتبين مما سبق من التخريج والله أعلم.
    وقد روى الحديث عن أبى بكر الصديق بسياق فيه غرابة سيأتى برقم (2357) .
    __________
    (1) ولكنه زاد: والغامدية.

    الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
    المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه

    (2357) - (حديث " أن ماعز بن مالك اعترف عند النبى صلى الله عليه وسلم الأولى والثانية والثالثة فرده فقيل له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك فاعترف الرابعة فحبسه , ثم سأل عنه فقالوا: لا نعلم إلا خيرا فأمر به فرجم " روى من طرق عن ابن عباس وجابر وبريدة وأبى بكر الصديق.
    * ضعيف بهذا السياق.
    أخرجه الطحاوى (2/81) وابن أبى شيبة (8/81/2) وأحمد (1/8) واللفظ له عن طريق إسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبى بكر قال: " كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم جالسا , فجاء ماعز بن مالك , فاعترف عنده مرة , فرده , ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده , ثم جاء فاعترف الثالثة فرده , فقلت له: إنك إن اعترفت ... ".
    وقال الهيثمى فى " المجمع " (6/2666) : " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ... والطبرانى فى الأوسط ... وفى أسانيدهم كلها جابر بن يزيد الجعفى وهو ضعيف ".
    وأما الطرق التى أشار إليها المصنف عن ابن عباس وجابر وبريدة , فقد سبق تخريجها تحت الحديث (2322) وليس فى شىء منها قول أبى بكر: " إنك إن اعترفت ... ".


    الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
    المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه

    شرح حديث رجم ماعز بن مالك
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب رجم ماعز بن مالك. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن هشام بن سعد قال: حدثني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: (كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجاً، فأتاه فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه، فعاد فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه، فعاد فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله، حتى قالها أربع مرار، قال صلى الله عليه وسلم: إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال: بفلانة، فقال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم. قال: هل باشرتها؟ قال: نعم. قال: هل جامعتها؟ قال: نعم. قال: فأمر به أن يرجم، فأخرج به إلى الحرة، فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله، ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه) ]. سبق لأبي داود رحمه الله أن أورد قبل هذا باب الرجم، وأورد جملة من الأحاديث المختلفة المتعددة عن جماعة من الصحابة في بيان الرجم وحكمه، وأنه ثابت في كتاب الله في القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه، وكذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله في قضايا متعددة، ولما كان من جملة من اشتهر في الرجم ماعز رضي الله عنه وكذلك الغامدية رضي الله عنها، فقد أفرد كلاً منهما بترجمة، وأورد الأحاديث المختلفة المتعلقة بما حصل منهما وكذلك رجمهما، وما جرى من الأمور التي حصلت قبل ذلك وبعد ذلك. فقال: [ باب رجم ماعز بن مالك ] أي: ما ورد فيه من الأحاديث، وقد أورد أبو داود عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة كلها تحكي قصة رجم ماعز رضي الله تعالى عنه، وما جرى قبل رجمه من اعترافه وطلب تطهيره، وما جرى في رجمه، وكيف انتهى أمره! فأورد أبو داود حديث نعيم بن هزال رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن ماعزاً كان يتيماً في حجر أبي وأنه زنى بجارية من الحي أي: أمة من الحي أو من القبيلة فقال له هزال رضي الله عنه: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بالذي حصل، وكان يريد من وراء ذلك رجاء أن يكون له مخرج مما قد حصل له، فجاء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وأخبره بالذي حصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم سأله عدة أسئلة للتحقق من حصول الجماع، وحصول الزنا حقيقة، وأنه في الفرج، وأنه ليس مجرد لمس ولا نظر، وإنما هو الجماع الحقيقي، فعند ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر برجمه، وذهبوا يرجمونه، ولما أصابته الحجارة وحصل له الوجع من الرمي بها جزع وهرب، ولقيه عبد الله بن أنيس وأخذ وظيفاً -أي: عظماً- من ساق بعير أو حيوان فرماه به فقتله. قوله: [ عن نعيم بن هزال قال: (كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر ذلك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجاً) ]. هذه كلمة: (أن يكون له مخرجاً) الأصل: أن يكون له مخرج؛ لأن كان وأخواتها إذا جاء الخبر جاراً ومجروراً فإنه يكون الاسم الذي بعده مرفوعاً، على عكس إن وأخواتها فإنه إذا جاء الجار والمجرور يكون الاسم بعد ذلك منصوباً، وهنا جاء مخرجاً منصوباً، والأصل أن يكون مرفوعاً، وسواءً قيل: إن كان تامة أو ناقصة؛ لأنها إن كانت تامة فيكون مخرج هو الفاعل، وإن كانت ناقصة يكون اسمها مؤخر وخبرها جار ومجرور مقدم. وقال الطيبي : اسم كان يرجع إلى المذكور وخبره مخرجاً. و(له) ظرف لغو كما في قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، والمعنى: يكون إتيانك وإخبارك رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجاً لك. فإذا كان المقصود به شيء مقدر بمعنى: يكون إتيانك مخرجاً فهو سائغ. قوله: [ (فأتاه فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه، فعاد فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه، فعاد فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله حتى قالها أربع مرار) ]. ذكر أنه قال ذلك أربع مرات، وجاء في بعضها مرتين، وفي بعضها ثلاث مرات، وأعلى ما جاء هو أربع مرات، ولهذا اختلف العلماء هل لابد من الاعتراف أربع مرات، كما أن الشهود يكونون أربعة، فإذا لم يوجد شهود يكون الاعتراف أربع مرات؟ فمن العلماء من قال بذلك، وأن الروايات جاءت متعددة، وكلها فيها أربع مرات، وفي بعضها أنه شهد على نفسه أربع مرات، قالوا: فيكون الإقرار أربع مرات، وذهب إلى هذا كثير من أهل العلم، وبعضهم قال: إنه يكفي الاعتراف مرة واحدة، وإنما حصل التكرار من أجل التحقق والاستثبات، وليس المقصود من ذلك أنه لابد من الاعتراف أربع مرات، ولا شك أن القول بحصول التكرار أو اعتبار ذلك أربع مرات هو الأحوط؛ لأنه سواءً كان أريد به التحقق أو أريد به أنه مقصود، فالإتيان به أربع مرات لا شك أن هذا فيه الاحتياط والسلامة وقطع الشك باليقين. قوله: [ قال صلى الله عليه وسلم: (إنك قد قلتها أربع مرار فبمن؟ قال: بفلانة) ]. قالوا: ويؤيد ذلك أنه قال: إنك قد قلتها أربع مرات، فكونه ذكر أربع مرات وكرر أربع مرات وقال: قلت أربع مرات، عند ذلك أراد أن يزداد تحققاً قال: بمن؟ يعني: حصل الزنا بمن؟ وهذا يدل على أنه لا بأس بالسؤال عن المزني بها، وهذا للتحقق، ولكن اعتراف الزاني لا يثبت حقاً عليها، بل لابد من اعترافها، ولهذا كما جاء في أحاديث صاحب العسيف الذي قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واغد يا أنيس ! إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها). قوله: [ (بفلانة) ]. يعني: فيه إبهام وعدم تسمية في الرواية، وإلا فإنها قد سميت وقد سماها فلانة، ولكن في الرواية أتوا بها مكناة دون أن يفصح عن اسمها. قوله: [ (قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: هل باشرتها؟ قال: نعم) ]. يعني: أنت كنت وإياها في فراش وصرت ضجيعاً لها، والضجيع: هو الذي ينام بجوار من يضاجعه ومن يبيت معه، فيكون معه في فراش واحد فيكون قريباً منه، وقد يلتصق به، ثم زاد فقال: (هل باشرتها؟) يعني: مست بشرتك بشرتها، ثم بعد ذلك قال: نعم. قال: (هل جامعتها؟) يعني: حصل الجماع، قال: نعم. وسؤاله له هذه الأسئلة لأنه خشي أن يكون ظن ما ليس بزنا زنا كما جاء في الحديث: (العين تزني وزناها النظر) وهكذا، فقد يظن أن مثل ذلك يعتبر زنا، وأنه يستحق عليه إقامة الحد، فأراد أن يتبين أن ما حصل منه أنه الجماع الذي يستحق عليه إقامة الحد، وأنه ليس شيئاً مما هو دون الزنا الذي لا يستحق معه حداً كأن يكون قبلها أو باشرها ولم يحصل منه جماع، أو استمتع بها فيما دون الفرج، فإن هذا لا يوجب حداً، وإنما يوجب تعزيراً وعقوبة. قوله: [ (فأمر به أن يرجم، فأخرج به إلى الحرة ) ]. فأمر به فأخرج إلى الحرة، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه إلى المصلى، وفي بعضها إلى البقيع، والمقصود بذلك المصلى الذي عند البقيع، وهو مصلى الجنائز الذي كانوا يصلون فيه على الجنازة يعني: بين المسجد وبين البقيع، وهنا جاء ذكر الحرة، ويجمع بينها أنه ذهب به المصلى وأنه هرب، وأنهم لحقوه فيكون ذكر الحرة ليس ابتداء في الرجم، وإنما هو في المكان الذي جاءت الأحاديث بذكره وهو المصلى أو البقيع، وذكر الحرة فيما آل إليه الأمر، وأنه هرب والناس تبعوه حتى وصل إلى الحرة. قوله: [ (فلما وجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد) ]. يعني: شدتها وألم الرمي بالحجارة عليه هرب يشتد، يعني: يجري ويركض بسرعة هارباً، وهذا يفيد بأنهم ما ربطوه ولا حفروا له حفرة؛ لأنه لو كان مربوطاً ما استطاع أن يهرب، ولو كان لما استطاع أن يهرب. قوله: [ (فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير) ]. وقد عجز أصحابه أي: الذين لحقوه أن يدركوه. قوله: [ (فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله) ]. يعني: عظم ساق البعير، فرماه به أو حذفه به فأصابه وقتله. قوله: [ (ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه؟) ]. يعني: أنه إذا كان هرب أو اعتذر بشيء أنه يترك، ولعله حصلت عنده شبهة تدرأ الحد بأن يبينها ثم بينها فيما بعد. قوله: [ (فيتوب الله عليه) ]. يعني: معلوم أنه جاء تائباً وطلب التطهير، فالتوبة موجودة. قوله: [ (لعله أن يتوب فيتوب الله عليه)]، يعني: كونه يتوب فيتوب الله عليه سيأتي في بعض الأحاديث ما يدل على أنه حصل على خير، ومعلوم أن الحد كفارة وأن من حصل له الحد في الدنيا لا يعاقب على هذه الجريمة في الآخرة، وإنما إذا لم يحد في الدنيا وستره الله عز وجل ولم يتب فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه. وعلى هذا فيكون قوله: (يتوب فيتوب الله عليه) معناه: أنه يحصل له سلامة من القتل بالتوبة فالتوبة موجودة من قبل، وهو الذي طلب أن يرجم، وطلب أن يقام عليه حكم الله، وأن يحصل له التطهير بذلك، فتكون هذه الجملة فيها نكارة من جهة أن التوبة موجودة وأنه قد حصل على السلامة من مغبة هذه الجريمة بإقامة الحد عليه، ولكن لعل المقصود من ذلك أنه يحصل له شيء يسلم به من القتل. ومعلوم أن من أخذ ثم قال: إنه تائب ما ي
    تراجم رجال إسناد حديث رجم ماعز بن مالك قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن سعد ]. هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ قال: حدثني يزيد بن نعيم بن هزال ]. يزيد بن نعيم بن هزال مقبول، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو نعيم بن هزال ، وهو صحابي، أخرج له أبو داود و النسائي .

    الكتاب : شرح سنن أبي داود
    المؤلف : عبد المحسن العباد

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •