تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 31

الموضوع: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان




    الأسرة المسلمة في رمضان
    إسلام ويب
    (1)

    شهر رمضان مِنْ أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين، فهو شهر الصيام والقيام، شهر العِتق والغفران، شهر تُفتح فيه أبواب الجنات، وتُضاعف فيه الحسنات، وتُرفع فيه الدرجات، وتُغفر فيه السيئات.. شهر أُنْزِل فيه أنزل القُرآن الكريم، فيه ليلة (ليلة القدر) خير من ألف شهر. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُبَشِّرُ أصحابه رضوان الله عليهم بقدومه، لِمَا فيهِ مِنَ الخيرِ العميم، والفضائل والبركات الوافرة، فكان يقول لهم: (أتاكم شهرُ رمضان، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّة، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ (تُشَدُّ الأغلالُ والسَّلاسِلُ) فيه مَرَدَةُ الشياطين (رُؤساءُ الشَّياطين)، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ
    ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم) رواه النسائي وصححه الألباني. وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تبيّن فضل شهر رمضان وما فيه من خيرات ورحمات، وفضائل وبركات.. ومن ثم فالأسرة المسلمة ترى شهر رمضان ليس ضيفًا عاديًّا يمكن أن تستقبله دون إعداد واستعداد، بل هي تفرح وتستبشر به، وتُحْسِن استقباله والاستعداد له، والعمل والعبادة فيه، حتى يَعُمَّ عليها خيره وفضله..


    الأسرة:
    الأسرة هي اللبنة الأساسيّة في بناء المجتمع، وللأسرة أهمية عظيمة في الإسلام، وذلك لأنَّها المسؤول الأول في تنشئة الأجيال، وهي المحضن الأول لنشأة الصغار، وسعادتهم مقصد كل أب وأم، وأطفالنا هم الأمانة التي استرعانا الله إياها، وما نربيهم عليه ونبثه فيهم مِنْ قيم ومبادئ، يساهم بشكل كبير في تكوين شخصياتهم وتشكيل سلوكهم خاصة في شهر رمضان المبارك.. ولا شك أننا محاسبون على أولادنا، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل
    كم راع فمسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعْلِها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) رواه البخاري. والراعي هو الحافظ المؤتمَن، الملتزم بمصالح ما قام عليه في أموره الدينية والدنيوية، والذي سيُسْأل أمام الله عن رعيته: ضيَّع أم حفِظ؟!. وعلى الوالدين أن يتذكرا دائما أن نعمة الأولاد مسؤولية وأمانة، سيُسْألان عنها يوم القيامة.. ومن هذه المسئولية للآباء والأمهات تجاه أبنائهم: تربيتهم وتنشئتهم من صغرهم على طاعة الله وعبادته، وعلى حُسْن الأخلاق والمعاملات. قال ابن القيم: "فمَنْ أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سُدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم بسبب إهمال الآباء لهم وتركهم دون أن يعلموهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بهم كبارا".
    استعداد واستقبال الأسرة المسلمة لرمضان:

    استعداد الأسرة المسلمة لشهر رمضان يكون من ناحيتين: الاستعداد الإيماني والاستعداد المادي. ومِنْ أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني: المحافظة على الصلاة، وتعريف الأبناء
    فضل وعِظم وبركة هذا الشهر الكريم، مع شحذ همة واستحضار النية لأفراد الأسرة جميعا للخروج بأقصى زاد من تقوى الله عز وجل من هذا الشهر الفضيل، ويكون أفرادها جميعا ممن غفر الله عز وجل لهم، وجعلهم من عباده الفائزين المقبولين.
    والمقصود بالاستعداد المادي هو أن توفر الأسرة ما قد تحتاجه من مستلزمات البيت خلال شهر رمضان بدون إسراف ولا تقتير، حتى يتسنى لها الحفاظ على أوقاتها في هذا الشهر الكريم. وقد قال الله تعالى: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}(الأ عراف:31). ومما يلاحظ على بعض الأُسَر أنهم يجعلون من شهر رمضان موسماً سنوياً للإسراف في الطعام والشرا
    ب، ويسرفون في ذلك إسرافا كبيرا، والنتيجة من وراء ذلك إضاعة الأوقات والمال، وإرهاق الأسرة بدنيا وماديا، قال ابن تيمية: "فالذين يقتصدون في المآكل نعيمهم بها أكثر من المسرفين فيها، فإنّ أولئك إذا أدمنوها وألفوها لا يبقى لها عندهم كبير لذة مع أنهم قد لا يبصرون عنها، وتكثر أمراضهم بسببها". وقال ابن القيم: "فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات، وحسبك بهذين شرا، فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام! وكم من طاعة حال دونها! فمن وُقِيَ شر بطنه، فقد وقيَ شرا عظيما". ومن ثم فالأسرة المسلمة في رمضان وغيره توطن نفسها وأفرادها على الاعتدال والوسطية في المآكل والمشارب، ولا تعرف الإسراف أو التقتير.

    ولا تنسى الأسرة المسلمة في استقبالها لشهر رمضان من باب صلة الأرحام وحُسْن الجِيرة: تهنئة الأقارب والجيران ولو بالهاتف إن لم يتيسر أكثر من ذلك. وكذلك إظهار السعادة والسرور، وتعليق بعض الأنوار أو الزهور، مع تعريف الأبناء والأطفال فضل وعِظم هذا الشهر المبارك، ليُغْرَس في نفوسهم حب هذا الشهر الكري
    م والتطلع والشوق إليه كل عام.
    وصايا للأسرة المسلمة في رمضان:
    مما ينبغي على الآباء والأمهات خاصة في شهر رمضان: التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة، والبر والخير، وإرشاد أولادهم والأخذ بأيديهم للوصول إلى أن يكونوا من الفائزين المقبولين في رمضان، ومن السعداء في الدنيا والآخرة، وهذه بعض الوصايا والوسائل للأسرة المسلمة لتكون ـ بفضل الله تعالى ـ من الفائزين الراب
    حين في رمضان وفي حياتها كلها:
    1 ـ ينبغي على الأسرة ـ الأب والأم والأبناء ـ في آخر يوم من شهر شعبان التطلع بشوق وفرح لمعرفة رؤية هلال رمضان، وإظهار البِشْر والسعادة بتحقق رؤية هلاله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى الهلال الذي يَبْدَأُ به الشَّهْر القَمَريّ: (اللهمَّ أهلَّه علينا باليُمنِ والإيمانِ، والسلامةِ والإسلامِ، ربِّي وربُّكَ اللَّه) رواه الترمذي وصححه الألباني.

    2 ـ استحضار النية والإخلاص لله عز وجل مِنْ كل فرد من أفراد الأسرة، فالنيَّة هي الفعل القلبيُّ الذي لا يراه أحد إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وبمقتضاها يكون الجزاء: إمَّا ثواب، وإمَّا عقاب، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) والأسرة المسلمة في رمضان وغيره ترجو بعبادتها وجميع أعمالها ثوابَ الله تعالى. ومع اسحتضار الأسرة النية فإنها كذلك ـ بجميع أفرادها ـ تنوي وتعزم على التوبة من كل الذنوب، ما كان منها في حق الله، وما كان منها في حق العباد، فرمضان فرصة ـ للكبي
    ر والصغير ـ للتوبة، وللمصالحة وصلة الرحم، والعفو والتسامح.
    3 ـ على أفراد الأسرة جميعا الجلوس في الليلة الأولى من رمضان (آخر يوم من شعبان) للتذكير بشهر رمضان وفضله، وأجر الصيام والقيام، وتعريف الأبناء بحقيقة الصيام، وأنه ليس فقط ترك الطعام والشراب، ف (ربَّ صائمٍ ليسَ لَه من صيامِه إلَّا الجوع، وربَّ قائمٍ ليسَ لَه من قيامِه إلَّا السَّهر) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فشهر رمضان والصيام هو طريق لتحصيل التقوى وحُسْن الأخلاق، وينغي كذلك على الوالدين حث أبناءهم وتشجيعهم على استثماره والاجتهاد فيه في عبادة الله وطاعته، إذ هو
    سبيل وطريق عظيم لمغفرة الذنوب وتكثير الحسنات.

    4 ـ على الآباء والأمهات الاهتمام ـ وخاصة في رمضان ـ بالتربية الإيمانية للأبناء، وغرس فيهم الحرص على المحافظة على الصلاة، وتعويد الصغار على الصيام، ومتابعتهم وشحذ همة المقصر منهم.. والحرص كل الحرص على ختم القرآن في رمضان، فرمضان هو شهر القرآن، ولكثرة القراءة فيه مزية خاصة، وكان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان كل سنة مرة، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين تأكيدًا وتبيينًا. وكان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان في الصلاة وفي غيرها. كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: "إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام". وكان الإمام مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالس العلم، وأقبل على قراءة القرآن من المصحف..

    5 ـ قد يوجد في البيت أولاد صغار بحاجة للتشجيع على الصيام، فعلى الوالدين حثهم على السحور، وتشجيعهم ماديا ومعنوياً على الصيام، والتدرج معهم في الصوم عدة ساعات من النهار، أو صيام اليوم كله على حسب استطاعتهم وقدرتهم. عن الرُبَيِّع بنت مُعَوذ رضي الله عنها قالت: "كنا نُصَوِّم صبياننا الصغار ونذهب بهم إلى المساجد، ونجعل لهم اللعبة من العِ
    هْن (القطن)، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار". قال النووي: "وفي هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات، وتعويدهم العبادات، ولكنهم ليسوا مكلفين". مع تعويد الأبناء مشاركة الأسرة نظامها في هذا الشهر الطيب، والجلوس على مائدة الإفطار مع الكبار ليشاركوهم فرحتهم وطعامهم.
    6 ـ التعاون بين أفراد الأسرة في أعباء ومسئوليات البيت، ومن ذلك إعانة الأم في إعداد المائدة وتجهيزها، وكذا في رفع الباقي من الطعام عن المائدة، وحفظ الطعام الصالح للأكل. وعلى الزوج أن يساعد زوجته، وألا يكلِّفه
    ا بما لا طاقة لها به من حيث إعداد الطعام. تصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته ألين الناس، وأكرم الناس، كان رجلاً من رجالكم إلاّ أنه كان ضحّاكاً بسّاماً، وما كان إلاّ بشراً مِن البشر، كان يكون في مهنة أهله (خدمتهم ومساعدتهم).. ولا رأيتُه ضرب بيده امرأة ولا خادما".

    7 ـ على الوالدين تذكير الأبناء بفضل المحافظة على صلاة الفرائض في المسجد، والمواظبة على صلاة التراويح، وما أعدّه الله عز وجل من الأجر والثواب لمن حافظ عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَوَات الخَمْس، وَالْجُمْعَة إلى الجُمْعَة، ورمضان إلى رمضان، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائر) رواه مسلم. وقال: (مَن قام رمضان إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه) رواه البخاري. قال الكرماني: "اتفقوا على أن المراد بقيامه صلاة التراويح". مع الاهتمام الكبير من الوالدين والأبناء بالاجتهاد في العبادة والمحافظة على صلاة التراويح في العشر الأواخر من رمضان لإدراك ليلة القدر التي قال الله تعالى عنها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَ
    يْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}(القدر:3). والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه: (وفيه (في رمضان) ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم) رواه النسائي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: (ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
    8 ـ على الوالدين الاهتمام بأعمال الخير المتنوعة، وحث أبناءهم على الش
    عور بالفقراء والمحتاجين، وإدخال السرور إلى قلوبهم، وتشجيعهم على الجُود والتصدق، وتفقد أحوال الجيران، فقد كان الجود والإنفاق من هدْي النبي صلى الله عليه وسلم. عن عبد الله عباس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل".

    9 - بالنسبة للسحور يُذكِّر الأبوان أبناءهما ببركة السحور، وأنه يقوي الإنسان على الصيام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تسحَّروا فإن في السَّحور بركة) رواه البخاري. والبَركةُ في السُّحورِ تَحصُلُ بجِهاتٍ مُتعدِّدة، وهي: اتِّباعُ السُّنة، ومُخالَفة أهْلِ الكتاب لأنَّهم لا يَتسحَّرون، والتَّقوِّي على العبادة.
    10 ـ إن تيَسَّر للأب والأم الذهاب بالأسرة إلى العمرة في رمضان فخيرٌ وفض
    ل كبير يقدمونه لأنفسهم ولأسرتهم، فالعمرة في رمضان لها أجر وثواب حجة كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. قال القاضي عياض: "معنى ذلك في الأجر والثواب، لا في الإجزاء عن الفريضة بغير خلاف".
    11 ـ الأسرة المسلمة في رمضان وغير رمضان لا تُقبِل إلا على الطيب من البرامج الإعلامية، ولا تشغل أوقاتها إلا بالنافع والمفيد من البرامج التي ترشدها إلى ما ينفعها في أمر دينها ودنياها، وعلى الآباء والأمهات ـ بجانب محافظة الأبناء الصغار على الصلاة وورد من القرآن ـ إشغال أولادهم وتسليتهم ببعض المهارات الفنية والمسلية، وجلب لهم كراسات التل
    وين التي تنمي مهاراتهم وقدراتهم، وفتح لهم جهاز الحاسب الآلي في وقت محدد لمشاهدة بعض البرامج التعليمية والترفيهية.. وكذلك على الوالدين الاهتمام بالمرح والدعابة مع الأبناء، وقد اعتبر الكثير من التربويين اللعب والمرح وسيلة من وسائل التربية، والأسرة محتاجة إلى اللعب والترويح ـ بالضوابط الشرعية ـ كحاجتها للطعام والشراب.. مع تعريف الأبناء أن الأصل في هذا الشهر المبارك هو الاجتهاد والإقبال على القرآن الكريم تلاوةً وتدبرّاً وسماعاً.

    12 ـ أيام شهر رمضان فرصة للوالدين لتعليم أولادهما شيئا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليستفيدوا من دروسها وعبرها، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقدرون للسيرة النبوية قدرها، ويتواصون بتعلمها وتعليمها لأبنائهم، فكان علي بن الحسين رضي الله عنه يقول: "كنا نُعلَّم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كما نُعلم السورة من القرآن". ومن فوائد وثمرات تعلم أولادنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يجدون فيها القدوة، فهي تقدم إليهم نماذج سامية للشاب المستقيم
    في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج المثالي للمسلم في حسن معاملته لأهله، وللأب في حنو عاطفته، والصاحب في حبه وحسن معاملته لأصحابه، والمسلم الجامع بين


    واجباته وعبادته لربه.. وكل من يبحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة فإنه سيجد ذلك نموذجاً ماثلاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ا
    للَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة}(الأحزاب 21).
    مِنْ أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين أن يبلغهم شهر رمضان، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتُغْفَر فيه الذنوب والسيئات، وتُضاعف فيه الأجور والدرجات، وتُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، ويعتق الله فيه عباده من النيران، فحريٌّ بالأسرة المسلمة أن تستغل هذا الشهر بما يعود عليها با
    لخير..
    نسأل الله تعالى أن يجعل شهر رمضان عوناً لنا على طاعته، وأن يعيننا على حُسْن صيامه وقيامه، ويجعلنا فيه من الفائزين الرابحين، ومِنْ عتقائه مِنَ النار ومن المقبولين..

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    رسالة إلى المرأة في شهر رمضان

    فاطمة الأمير
    (2)
    بسم الله الرحمن الرحيم


    أخيتي في الله، أكتُب لكِ كلمات تخرج من القلب تنبض خوفًا عليكِ، فوالله إني أخشى عليك فلتستمعي إلي، ودعيني أتساءل يا أخيتي: كم مرة ضاعت منك مواسم الطاعة، وابتعدتِ عن التلذذ بالعبادات فيها، وتركتِ عطايا وكنوز ربِّ العباد تذهب من بي
    ن يديك، تتبخر أمامك وأنتِ منشغلة؟ أعجب منك يا أخيتي حين يضيع منك شهر النفحات والحسنات!

    ثلاثون يومًا تعملين فيها على طهي أنواع كثيرة من الطعام، ومتنقلة في الأسواق، نائمة في أشد الأوقات جمالًا، غافلة وناسية حتى عن ترديد أذكار صباحك
    ومسائك، بائعة ومعطية ظهرك لفيض الحسنات.


    الثواني تعقبها الدقائق، والدقائق تعقبها الساعات، والساعات تعقبها الأيام، وها أنت تخرجين من هذا الشهر خاوية! يا أخيتي هل تضمنين أن تستمر حياتك إلى العام القادم؛ لتمحي سيئات ما مضى من سنين حياتك؟ لا تعلمين كم مرة كنتِ فيها م
    ذنبة، ومن منا بلا سيئات أو ذنوب، ولكننا نستغل عطايا الرحمن في هذا الموسم - الذي هو من أهم مواسم الطاعة والخير - لنغتسل فيه من ذنوب نعرِفها، وذنوب طُمِست بداخلنا وكانت في طي النسيان، فما عدنا حتى نستغفر منها، ولكن ما عند الله لا يُنسى، وكل شيء عنده في كتاب.


    أُخيَّتي، قد أعطاك الله الحياة اليوم؛ فأحسني العيش فيها، وليكن انقضاؤها في طاعة، واللهِ إن جنة ربك غالية فهل ستبيعينها وتتركين تن
    وُّع الطعام يُلهيك عنها؟!

    يكفيك من إعداد الطعام القليل؛ فشهر رمضان شهر عبادة وطاعة، شهر غذاء الأرواح وليس شهر غذاء البطون؛ قال صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من البطن، فإنْ كان لا بد فثُلُثٌ للطعام، وثُلُثٌ للشراب، وثُلُثٌ للنَّفَس"؛ رواه الترمذي، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يكفي ابن آدم لُقيمات يُقِمْنَ صُلبَه، ولا يُلام على كفاف"؛ (أخرجه مسلم).


    رمضان ليس لتنوع الطعام والشراب والملبس، فكثرة الطعام تمرض البدن؛ قال تعالى: ï´؟ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّ
    هُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ï´¾ [الأعراف: 31]، والإسراف في المأكل تحريك لشهوات البطن، وازدياد في الكسل وزيادة في الأمراض، وإعراض عن أداء العبادات، والإسراف في الملبس هو تحريك لشهوة الكبر في قلب الإنسان؛ فلتغتنمي وقت إعداد طعامك في الذكر والتسبيح والاستغفار، لتكن صلاتك في موعدها مؤدية لها بخشوع، ولتقرئي وِردَكِ من القرآن بتدبر، ولتتركي العنان لدموعك، لتتفاعلي مع معاني الآيات القرآنية العظيمة؛ فلكل آية رسالة من رب العباد تقرِّبك من خالقك أكثر فأكثر.


    استمعي لدروس أحد الشيوخ والدعاة المفضَّلين لديك؛ ليزيد من ترقيق قلبك، ولتتعايشي مع أسرتك في جو رمضاني جميل، ولتملئيه بأطيب العبادات، ولتكن هناك مسابقة في بيتك على الاجتهاد في العبادة والطاعة، فما أعظمه من شهر! وما أ
    جمله من لقاء! لذا فلتَغتنمي اليوم ولتحييه بالتفكير في كيفية التنويع في عباداتك أنت وأسرتك!


    ضَعي غاليتي خُطتك هذا العام على ورقة، ولتضعي لها عنونًا ولتخطيه بكل ثقه وقوة، ولترددي على مسامعك بصوت عالٍ وتقولي: سأعبد الله واجتهد في طاعته كما لم أجتهد من قبلُ، وليكن هذا هو شعارك من الآن، ولتشجعي نفسك، وشُدي من أزرها،
    ولا تلقي بها إلى التهلكة، واحذري أن ترتدي ثوب الطاعة في رمضان، ثم يأتي العيد فتتطاير أعمالك وتأخذها رياح الفتن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلعتُ في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء"؛ (صحيح مسلم).


    فاحذَري يا أَمَةَ الله أن تكوني منهم، من أجل أشياء ستشهد عليكِ فتأتي عباداتك التي ضيَّعتِها في نهار وليل رمضان، تشهد عليكِ وتقول: لقد ضيَّعتْني وترك
    تني من أجل طعام البطون، وكانت تكفيك لُقيمات صغيرة.

    تشهد عليكِ صلاتك وأنتِ تاركة للفرض، يأتي عليك الفرض وأنتِ تعدين ما لذ وطاب.

    تشهد عليكِ صدقتك وأنتِ تسرفين في شراء المشتريات، وقد نسيتِ إخراج صدقة يومك.


    يشهد عليكِ ليلُك وقد ضيَّعتِ قيامه وقرآنه، وأنتِ إما
    متعبة ومنهكة، أو متابعة للصوص رمضان، متتبعة لكل ما يُعرض على شاشات التلفاز.

    سيشهد عليكِ الذكر والتسبيح والاستغفار - وهي عبادات يسيرة - أنك لم تكوني مؤدية لها وغافلة عنها.

    احذري أُخيتي من تضييع الفرص، فتتابع عليك س
    نوات عمرك وقد ضاعت فيما لا يفيد.

    احذري من تضييع رمضان ومواسم الطاعة؛ فلن يفيد الندم وأنتِ تقرئين صحيفتك وتنظرين فيها، وتظلين تبحثين عن عباداتك؛ سواء كانت في رمضان، أم غيرها من الأيام.


    اعقدي وجدِّدي النية من الآن أن رمضان هذا العام سيكون الأجمل لك، وبداية مولد جديد لقلبك، بداية التغيير، بداية لتنقية نفسك من ذنوب ما مضى.

    فليكن رمضان بوابة العبور للالتزام، ليكن رمضان النور ال
    ذي جاء ليُبدد ظلام سنوات من الغفلة، ردِّدي بداخلك: ما أجمل صحيفتي وهي ممتلئة بأعمالي الصالحة!

    احذري ثم احذري ضياع أيام معدودات، فاغتنميها أُخيتي تفتح لك أبواب الجنة في الآخرة، وأبواب الرخاء والسعادة في الدنيا!





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان


    إلى الزوجين في رمضان
    إسلام ويب
    (3)


    يطل شهر رمضان بعبقه وأريجه وما يحمله من معانٍ جميلة، ليضفي على الحياة الزوجية مزيداً من البريق والإشراق، ويمسح عنها غبار الخلاف والشقاق، ويخفف عن الزوجين هموم الحياة ومتاعبها، عندما تتقارب القلوب، وتسمو الأرواح، ويخرج الزوجان من هذا الشهر أكثر محبة ومودة ووئاماً.


    ولكي يتحقق ذلك لا بد من بعض الأمور التي ينبغي أن يراعيها الزوجان في
    هذا الشهر الكريم، فمع دخول شهر رمضان يتغير نمط الحياة المعتاد، ويحدث انقلاب في مواعيد النوم والطعام والعمل، وقد تتغير تبعاً لذلك شخصية المرء وطباعه، ما يفرض على الزوجين التكيف مع الوضع الجديد، وترويض الطباع والعادات، والتعاون لتوفير الوقت والراحة النفسية للطرف الآخر حتى يؤدي عبادتهبدون أي منغصات أو مكدرات.

    وشهر رمضان يعطينا أعظم الدروس في سعة الصدر، والصبر والحلم، والتسامح والتغافر، والمقصود من الصوم في الحقيقة تهذيب النفس، وصقل الروح وترويض العادات؛ ولذا فإن على الزوجين أ
    ن يحافظا على هدوئهما في هذا الشهر الكريم، ويضبطا انفعالاتهما، ويتحكما في أخلاقهما، وعليهما أن يضيِّقا فرص الخلاف والمشاكل ما أمكن، وأن يسعيا جهدهما لإزالة أي سوء تفاهم، وليعلما أن ذلك سيكون على حساب عبادتهما، وأن الشيطان أحرص ما يكون في هذا الشهر على أن يستثمر أي موقف يفسد عليهما لذة هذا الشهر وروحانيته وأجره.

    وليكن شعارهما قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (
    إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم).
    ومن الأمور التي لها أعظم الأثر في زيادة المودة والمحبة بين الزوجين أن يجتمعا على طاعة الله وعبادته، في هذا الشهر الكريم، وقد يكون الزوجان أو أحدهما مقصراً في هذا الجانب في بقية السنة، فيأتي شهر رمضان بما يوفره من أجواء إيمانية وأعمال تعبدية يجتمع عليها الزوجان، ليمنحهما أعظم فرص المو
    دة والمحبة حين ترفرف على منزلهما ظلال العبادة وبركات الطاعة، من خلال صلاة التراويح والقيام والتهجد وقراءة القرآن، وعمارة البيت بذكر الله وغير ذلك من الأعمال.
    ولذا فإن على كل من الزوجين أن يشجع الآخر على العبادة ويعينه ع
    ليها، وإذا قصر أحدهما لقي من رفيق دربه ما يجدد له عزمه، ويعيد إليه نشاطه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (


    إذا أيقظ الرجل أهله من الليل، فصليا أو صلى ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين والذاكرات) رواه أبو داود، وقال: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) رواه أبو داود، وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخلت العشر أيقظ أهله وأحيى ليله.
    رمضان أيضاً فرصة مهمة لتقوية الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية مع أهل الزوج والزوجة، ومع الجيران، من خلال الزيارة والمهاتفة والدعوة إلى الإفطار وما أشبه ذلك؛ لأنه قد تمر فترات يكو
    ن التواصل فيها بين أفراد الأسرة ليس كما يتمنى الزوجان، فيأتي شهر رمضان ليسد هذا الخلل، ويجبر ذلك النقص.

    في شهر رمضان تجتمع العائلة كلها على الإفطار ثلاثين مرة ما يجعل للزوجين فرص استثمار هذا اللقاء في تقوية العلاقة فيما بينهما وبين أبنائهما من خلال الحوار وتبادل الحديث، ومناقشة المشاكل وحلها.
    ومن الأمور التي ينبغي أن تراعيها الزوجة ضبط ميزانية شهر رمضان، ومراعاة إمكانات الزوج وظروفه المادية؛ لأن بعض النساء قد تضع قائمة طلبات طويلة، تثقل كاهل الزوج، وتضيع عليه وعليها ال
    وقت، وتصرفهما عن المقصد الأسمى لهذا الشهر.

    وينبغي على الزوج أن يساعد زوجته في القيام بشؤون البيت والعناية بالأطفال، وأن توزع المهام بصورة معتدلة، تضمن توفير الوقت للزوجة، وإعانتها على العبادة والطاعة، ولا يلحق الرجل بذلك أدنى عيب أو شين، بل هو من محاسن الأخلاق وشيم الرجال، وقد قال أفضل الخلق وأكمل الأزواج صلوات الله وسلامه عليه: (
    خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي، ولما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا دخل بيته؟ قالت: (كان يكون في م
    هنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام فصلى) رواه الترمذي.

    فلا يسوغ أبداً أن تُلقى مسؤولية البيت والأولاد كاملة على الزوجة، فهي التي تطبخ، وهي التي تنظف، وهي التي تهتم بالصغار، وهي التي ترتب البيت، وهي وهي...، والزوج هو الذي يتفرغ لقراءة القرآن والصلاة والذكر والتعبد.
    وأخيراً، لا بد من التضحية والتنازل من كل طرف عن بعض الأمور، واحتساب كل قول وعمل، لكي نجعل من هذا الشهر شهر تجديد للحياة الزوجية، وشهر عبادة وقربة ومحبة ومودة.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    أولادنا في رمضان
    إسلام ويب
    (4)



    الأطفال بهجة العمر وزينة الحياة الدنيا، والرصيد الباقي للمرء بعد موته إن أحسن تربيتهم وتنشئتهم (أو ولد صالح يدعو له)، ورمضان فرصة عظيمة لها آثارها على نفوس أطفالنا، إن أحسنا استغلالها والإفادة منها بما ينعكس على سلوكهم في شؤون الحياة
    كلها.


    فالصوم مسؤولية جسيمة تتطلب قدراً من الجهد والمشقة والصبر وقوة الإرادة، إضافة إلى أنه فريضة رتب الشارع الثواب على فعلها، والعقاب على تركها، مما يحتم على الأبوين ضرورة تعويد الأبناء على أداء هذه الفريضة، وتحبيبهم فيها، واستثمار هذه الفرصة الاستثمار الأمثل لغرس القيم والسلوكيات الج
    ميلة في نفوسهم، وإضافة عدد من المهارات والتجارب لديهم.
    فكيف نجعل من لحظات الصيام سعادة في قلوب أولادنا، وكيف يصبح رمضان فرحة ينتظرونها بفارغ الصبر، وكيف نستثمر هذا الشهر في غرس المعاني التربوية والإيمانية في نفوسهم؟!

    من المهم جداً أن يرى الطفل ويسمع من حوله مظاهر الحفاوة والا
    بتهاج بهذا الشهر الكريم، فينشأ ويكبر وهو يشاهد هذه السعادة الغامرة والفرحة الكبيرة من والديه وإخوانه كلما هبت نسائم شهر رمضان، وتظل هذه الذكريات السارة محفورة في ذاكرته، لا تبليها مرور الليالي والأيام، ولا يمحوها كَرُّ الشهور والأعوام، ولو رجع أحدنا بذاكرته إلى الوراء عدة سنوات ليتذكر البدايات الأولى التي عاش فيها تجربة الصوم لوجدها من أكثر سني عمره متعة وإثارة.
    ولعل من المناسب أن يُحْضِر الوالدان للأطفال بعض الهدايا واللعب في بداية الشهر، لتحمل معها معنى عظيماً، وهو أن هذا الشهر يأتي، ويأتي معه الخير، فيحبونه ويترقبونه بكل شوق وشغف.

    ومن الأمور المهمة أيضاً تعويد الطفل على الصوم والتدرج معه في ذلك، فلا
    ينبغي أن ندع أطفالنا يكبرون، ثم نباغتهم بالأمر بالصوم من غير أن يستعدوا له، فيشق ذلك عليهم، بل لا بد من إعدادهم نفسيًّا، وتهيئتهم فكريًّا.
    وطاقة الطفل وتحمله تزداد يوماً بعد يوم، فقد يكون في هذا العام غير قادر على الصيام، ولا حرج في ذلك ولا إثم، فهو لم يبلغ سن التكليف بعدُ، كما أنه ليس بالضرورة أن يصوم الطفل الشهر كله في البداية، أو يصوم اليوم كاملاً إلى نهايته، بل يمكن أن نبدأ معه بشكل متدرج، كأن يصوم للظهر ثم للعصر، ولا حرج إن كان بمقدوره تحمل الجوع مع تناول بعض الماء، وهكذا حتى يعتاد الصيام.

    ولا بد مع ذلك من التلطف مع الطفل، وتنمية جانب الاحتساب عنده، ع
    ن طريق بيان ما أعده الله للصائمين، وألا يفهم أن القضية جوع وعطش، بل هي عبادة وطاعة، وفوق ذلك ثواب عظيم، وجزاء كبير.
    ومن المهم أيضاً أن تقترن هذه التجربة بالمكافآت والجوائز التشجيعية في نهاية يوم الصوم، أو في نهاية الشهر الكريم، ويمكن أن يفتح باب المنافسة بين الأطفال كأن يقال لهم: "من يصوم أكثر له جائزة أكبر"، و"من يصلي التراويح إلى نهايتها له كذا وكذا"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطفل عادة يحب المكافأة
    السريعة، وهو ما يدفعه ويجعله يستمر فيما يقوم به من


    تكاليف، إلى أن تصبح تلك التكاليف سلوكاً من حياته، وجزءاً من شخصيته، ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كانوا يُعوِّدون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم على الصيام، وكانوا في المقابل يقدمون لهم الألعاب والدمى، يتلهَّون بها عن الجوع والعطش.
    إن إقبال الأطفال على مشاركة والديهم في الصيام يحمل معنى
    تربوياً هاماً، فهو يغرس الثقة في نفس الطفل، وينمي لديه الشعور بإثبات الذات، والإحساس بالمسؤولية، عندما يحس بأنه يقوم بأعمال لا يمارسها إلا الكبار، ولعل هذا الشعور هو ما يفسر لنا الإصرار والحماس الذي يدفع بعض الأطفال لأن يصوم هذا الشهر كاملاً مع صغر سنه، وهو أمر له أثره الإيجابي على سلوكيات أبناءنا وعباداتهم ومعاملاتهم، لأنه يجعل من شهر الصوم نقطة بداية لتحملهم المسؤولية في بقية الشهور والعبادات والمعاملات.

    رمضان أيضاً فرصة عظيمة لغرس المعاني الإيمانية في نفوس أطفالنا، كالصبر، وتحمل الجوع والعطش، ومراقبة الله تعالى عندما يمسكون عن الأكل والشرب مع إمكانهم أن يفعلوا ذلك بعيداً عن أعين الناس، والتعلق بالمساجد والتراويح وحب القرآن عن طريق إقامة المسابقات في ختمه، وحفظ جزء منه،
    والإقبال على تلاوته، والجود والكرم حين يعطي الوالدان صغيرهما مبلغاً من المال ليضعه في يد سائل أو محتاج.

    يجب أن يشعر الأطفال أنه لا مكان للكسل والخمول في هذا الشهر، وأن الأوقات فيه غالية ثمينة لا ينبغي أن تضيع فيما لا فائدة فيه، فضلاً عما يعود بالضرر عليه، ولذا فإن من الجريم
    ة في حق أطفالنا أن نتركهم ضحية للمحطات الفضائية والقنوات التي تغرس فيهم القيم والسلوكيات المنحرفة عن طريق ما تبثه من برامج وأفلام وترفيه غير برئ، تحت مبرر أنها قنوات موجهة للأطفال، وقد لا تدرك المرأة أن المخاطر التي تتهدد الطفل وأخلاقه من جراء عكوفه على هذه القنوات قد لا تقل -إن لم تكن أعظم- عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها فيما لو أخلي سبيله، وذهب إلى خارج البيت.

    رمضان أيضاً فرصة لتنمية الذوق الغذائي السليم لدى أبن
    اءنا، والابتعاد عن العادات السيئة التي جلبتها لنا الحضارة المعاصرة، وفيها من الضرر ما يفوق النفع، ولذا ينبغي أن نكون قدوة لأطفالنا في أكلنا وشربنا؛ لأن عاداتنا وممارساتنا الغذائية ستنعكس على الطفل بلا شك.
    وأخيراً وليس آخراً، فإن رمضان فرصة عظيمة ينبغي أن نستفيد منها في تربية أبنائنا وبناتنا، ولن يتأتى ذلك إلا بوضع الخطط، وإعداد البرامج لكي يخرج الطفل من هذا الشهر الكريم وقد اكتسب شيئاً جديداً وخلقاً حميداً، والله الموفق، وهو يهدي السبيل.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    الدقائق الغالية في رمضان
    (5)


    منذ أن شرع الله _تعالى_ صيامه وخصه بفضائله، شكّل شهر رمضان المبارك، مدرسة متواصلة ومستمرة لتربية الأجيال وتهذيبهم ، تصقل في كل سنة نفوس الناس، وتزودهم بشحنات إيمانية، تلهمهم معاني الدين الحنيف، وتثبت في نفسهم صفات المسلم الحق .
    وطالما بقي هذا الشهر مدرسة للمسلمين في كل مكان وزمان ، وجب على الآباء والأمهات اغتنام الفرصة؛ للعب دور أساسي وهام في توظيف هذا الشهر ، طلباً للوصول إلى أس
    مى درجات الأخلاق للعائلة، وأملاً في الحصول على الأجر المضاعف من المولى _عز وجل_.

    الأسرة السعيدة:
    لن نجد أسرة أسعد من تلك التي اجتمعت قلوب أفرادها وكلمتهم على التقرب من الله ، والتعاضد في سبيل نيل الأجر والمثوبة منه _سبحانه_.
    وكلما كانت الأسرة أكثر قرباً لله _عز وجل_ في أفعالها، كانت أكثر تماسكاً وتألفاً ورحمة فيما بينها.
    فحبل الله الذي أمرنا أن نعتصم به، هو أمتن الحبال وأقواها، وأكثرها ديمومة وبركة.
    وستجد الأسرة المسلمة في رمضان مدرسة في التعاضد والتقارب، لما لها من اجتماع على مائدة واحدة، وأداء مناسك واحدة، ورحمة في القلب،
    وسكينة في النفس.
    فرمضان بحقٍ، فرصة لمزيد من الاهتمام بتربية الأهل والأولاد على البر والإحسان، وعلى كريم الخصال والأفعال، وعلى تقواه _سبحانه_ فحثهم على الصلاة، وترغيبهم في الصدقات، وتدريبهم على الصيام وتشجيعهم على كثرة الذكر، وعلى



    تلاوة القرآن، وسائر الطاعات، كل ذلك يسير في التربية الواجبة في كل حال؛ لأن النفوس لديها الاستعداد في هذا الشهر أكثر من غيره من مواسم البر، ومواطن الدعاء وقيام الليل، والاستغفار بالأسحار، ما قد لا يتوافر مثله في سائر الأزمان.
    كيف نستثمر رمضان في تربية الأولاد ؟
    يتمتع رمضان بخصوصية الصيام، وفضل القيام وقراءة القرآن وغي
    رها من العبادات الأخرى، ما يجعله أفضل الشهور إمكانية لاستثماره بين أفراد الأسرة.
    فهو فرصة لتربية الأبناء على العديد من العادات الحميدة والصفات الإسلامية النبيلة، عبر إقامة بعض البرامج التربوية في المنزل، ومن ذلك :

    الصلاة والمكث في المساجد:
    من أفضل العبادات التي يمكن للإنسان أن يتمتع بها خلال شهر رمضان المبارك، هو لزوم الجماعة في أداء الصلوات الخمس المفروضة في المساجد والمكث فيه شيئاً من الوقت، ورمضان فرصة لبدء رحلة الأبناء إلى المسجد، والتعود على صلاة الجماعة، وربط القلوب بهذه البقعة المباركة .
    ويجب مراعاة الأمور التا
    لية في ذلك:
    1- عدم الإتيان بالأطفال ممن لا يفقهون الصلاة أو يلتزموا بها، لكي لا يثير الطفل المتاعب في المسجد، ويزعج المصلين أثناء صلاتهم، ويشغل الأب عن صلاته.


    2- مراعاة إحضار جميع الأبناء إلى المسجد، وعدم ترك أحد في المنزل بأي حجة، كي لا يكون سبباً في تقليل همة البقية، أو إحداث خلل في التربية.
    3- حضور الصلوات جميعها في المسجد، وعدم ترك شيء، فالأبنا
    ء يتربون على ما يفعله الآباء، فإن ترك الأب إحدى الصلوات في المسجد، تعود الأبناء على تركها.
    4- مراعاة الذهاب إلى المسجد حال سماع الأذان، أو قبله بوقت قصير، كي يتمكن الأب والأبناء من تلاوة القرآن وذكر الله في الأوقات المباركة، ونيل أجر انتظار الصلاة.
    5- الغاية من الذهاب إلى المسجد مع الأولاد، تربية الأبناء على الصلوات في المساجد، ولزوم الجماعة، وطلب الأجر، لذلك على الأب أن يقوم بإخبار أبنائه عن هذه الفضائل، وشرحها لهم.

    قراءة القرآن:
    قبل البدء بهذا البرنامج يحسن مراعاة الأمور التالية:
    1 – الجميع يعلم فضل تلاوة القرآن الكريم وخاصة في رمضان، وسبق الإشارة إلى ذلك.
    2 – المسلمون في رمضان تختلف هممهم في تلاوة كتاب الله _
    عز وجل_ فمنهم صاحب الهمة العالية، ومنهم صاحب الهمة المتوسطة، ومنهم الأقل من ذلك، وقد أعددنا جدولاً مناسباً لكل واحد منهم.
    3 – تلاوة جزء واحد من كتاب الله لصاحب القراءة الطبيعية "الحدر" لا تأخذ أكثر من 20 دقيقة فقط ، أي: ثلث ساعة وهو في الغالب وقت انتظار الصلاة بين الأذان والإقامة، وهذه هي الطريقة المنتشرة بين الناس.
    4 – رمضان حالة خاصة يتطلب من المسلم أن يكون شهره كله ليله ونهاره متلذذاً بكلام ربه ومناجاته، ولقد روي عن بعض السلف أنه كان يختم في كل
    ليلة من ليالي رمضان.


    5 – افترضنا أن وقت انتظار الصلاة عشر دقائق، ومرادنا بذلك وقت التلاوة بعد أداء السنن الرواتب.
    وتم توزيع البرنامج وفقاً للجدول التالي:
    برنامج تلاوة القرآن في أوقات الدوام، وهي على النحو التالي:
    ذكر الله _تعالى_:من الأمور التي يجب أن يغتنمها الآباء في رمضان، غرس حب ذكر الله _عز وجل_، في قلوب أبنائهم.
    فعندما يرى الأبناء آباءهم وهم يحرصون قبل غيرهم، على ذكر الله _عز وجل_، والتمسك ببعض الأذكار والدعية المستحبة، فإنهم سيحبون أن يقلدونهم، فكيف لو شرح الآباء لأبنائهم معزى ذكر الله _تعالى_، والأجر الذي يناله العبد على ذلك.
    وطالما أن العائلة خلال رمضان تجلس إلى بعضها أكثر من غيرها م
    ن شهور السنة، لذلك وجب استغلال هذه الأوقات، لتلقين الأبناء بطرق غير مباشرة، الكثير من العبادات.

    ومن أسهل هذه الأمور التي قد يتعلمها الأبناء من آبائهم، هي الأذكار، ذلك أنها:
    1- لا تتطلب الكثير من الوقت أو الجهد.
    2- يمكن أن يرددها الأب وهو جالس أو مشتغل ، أو في أي مكان.
    3- كثرة المناسبات التي قد يردد فيها الأب الأذكار.
    4- تنوع الأذكار، وتنوع الأجر الذي يح
    صل عليه الإنسان بذلك.
    وغيرها.
    وفيما يلي، بعضاً من الأذكار التي يستحسن أن نغتنم رمضان في ترديدها وتعليمها لأبنائنا، وهي في كل واحدة منها، لا تتعدى قريبا من الدقيقة الواحدة، منها:


    1 - تستطيع أن تقرأ سورة الفاتحة والمعوذات
    2- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقرأ سورة الإخلاص ،وقد أخبر _صلى الله عليه وسلم_ أن قراءتها تعدل ثلث القرآن، 3- تستطيع أن تقرأ صفحة من كتاب الله _عز وجل_ .
    4- تستطيع أن تقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له
    الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير
    5- تستطيع أن تقول : سبحان الله وبحمده (100) مرة، ومن قال ذلك في يوم غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ، كما أخبر _عليه الصلاة والسلام.
    6- تستطيع أن تقول : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، وهما كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن_كما روى البخاري ومسلم ..

    7- قال _صلى الله عليه وسلم_ : " لأن أقول : سبحان الله ، والح
    مد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس ." رواه مسلم، في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول هذه الكلمات جميعاً ..
    8- في دقيقة واحدة : تستطيع أن تقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله" ،وهي كنز من كنوز الجنة _ كما في البخاري ومسلم _كما أنها سبب عظيم لتحمل المشاق .
    9- في دقيقة واحدة : تستطيع أن تقول: " سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه، وزنة عرشه ، ومداد كلماته وهي كلمات تعدل أضعافاً مضاعفة من أجور التسبيح والذكر .
    10- تستطيع أن تستغفر الله أكثر من (100) مرة .


    الصدقة:قال الله _تعالى_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَ
    سْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" [البقرة:267].
    وفي رمضان، فرصة كبيرة لمضاعفة الأجر، وتعليم الأولاد على تقديم الصدقة للفقراء والمساكين، وإطعام الناس ودعم المشاريع الخيرية.
    ومن البرامج التي يمكن للآباء تعليمها للأبناء هي أن يضعوا "حصالة" في المنزل، على مدار العام، يضع فيها الجميع ما زاد معهم من مال بسيط من قطع نقدية صغيرة، غير ما ينفقوه في سبيل الله من صدقات ودعم للمشاريع الخيرية وزكاة وغيرها.
    فإذا جاء رمضان، أفرغت الحصالة مما فيها، وأعيدت إلى مكانها، ويقوم الآباء والأبناء بحمل هذه النقود معهم خلال شهر رمضان، وإعطاء كل سائل أو محتاج، وتقديمه لبعض الجمعيات الخيرية أو المساجد، أو المساهمة في مشروع فطار الصائم في الحي، وغيرها.

    كما يتم وضع المال من جديد في الحصالة، خلال شهر رم
    ضان المبارك، على أن يزيد الأهل من دعمهم لهذا الصندوق الخيري في المنزل، وفي الأيام الأخيرة من رمضان، يتم فتحه من جديد، وتوزع الأموال التي فيه في وجوه الخير.
    إن استمرار وجود حصالة في المنزل، يدعم الإحساس لدى الأبناء بضرورة تقديم المال على الدوام للمحتاجين، وينمي لديهم الدافع للتبرع والصدقة، على مدار العام.
    أما فتح الصندوق، وتقديم ما فيه للمحتاجين، فإنه ينمي لدى الأولاد الإحساس بأهمية الصدقة في رمضان، وعظم الأجر والثواب في ذلك.
    أطفالنا في رمضان:


    لا يستثني الخير في رمضان أحد، وكذلك على الأسرة أيضاً ألا تستثني الأجر لأحد، حتى ولو كان طفلاً، فرمضان فرصة عظيمة لذلك، وفيها يحصل الآباء على الأجر مضاعف عدة مرات.
    ولعل أن هذا الشهر يكون منطلقاً لأطفالنا لكل خير، فكم ابن تخرج من مدرسة رمضان فكان ابناً مباركاً نافعاً لوالديه ولأمته، فصدق فيه الحديث الصحيح "أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم،
    ولا بد أن يكون لهم نصيب وافر من الاهتمام والتقدير، والاستفادة من هذه الأجواء الإيمانية في غرس العديد من الفضائل، ونزع العديد من السلوكيات الخاطئة _إن وجدت..
    وننقل هنا ما نشره ( المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في محافظة المجمعة ) مما يساعد على تحقيق هذا الأمر ، ومن ذلك :
    1- التهيئة النفسية للطفل قبل قدوم رمضان، وذلك بتشويقهم لأيامه ولياليه، وذكر الأجور والفضائل العظيمة لمن أحسن استغلاله، فإذا تمّت هذه التهيئة فإنها ستُحدث – بإذن الله – شعوراً إيمانياً لدى الطفل ينبغي للوالدين استغلاله نحو الأفضل.

    2- تدريبهم على الصيام، ولعل من أحسن الطرق
    لتدريبهم على صيامه ما يلي:
    • إفهام الطفل أن الصوم فريضة كتبه الله على الأمم قبلنا، وأنا كذلك ركن من أركان الإسلام الخمسة، وأن عليه أن يشرع في التدريب على أداء الصيام متى أطاق ذلك.
    • إقناع الطفل بأنه أصبح كبيراً، ويقتضي ذلك أن يصوم مثل الكبار؛ لأنه أصبح مثلهم، وأداؤه الصيام علامة من علامات كبر سنه.
    • إذا اختار يوماً لذلك ، أيقظته العائلة للسحور، وشجعته طيلة اليوم على إتمام الصيام.
    • إذا أحسّ بالجوع أو العطش فيحسن إشغاله بأعمال تلهيه عن التفكير في الأكل والشرب إلى أن يحين معود الإفطار.
    • مكافأته عن كل يوم يصومه، وقد تكون هذه المكافأة هدية معنوية، مثل: الدعاء له، والتنويه به على ملأ من أقرانه، أو في حضرة الكبار من أسرته، أو إع
    طائه شيئاً يحبه ويرغبه.
    • عدم ضربه أو إهانته إذا امتنع عن الصوم.
    • تذكيره بفعل أقرانه من أقاربه أو زملائه في المدرسة لهذه الشعيرة تحفيزاً له لمحاكاتهم.
    3- الاهتمام بأداء الصلاة في المسجد، وذلك بتشجيع الأب له واصطحابه إلى المسجد والتبكير إليها خاصة صلاة التراويح، على ألا يسبب إحضاره للمسجد إزعاجاً للمصلين، أو إلهاءً لوالده، ويا حبذا لو ترصد عدد من الهدايا والجوائز لأحسن المحافظين على هذه الشعيرة على مستوى جماعة المسجد
    توزع في نهاية الشهر من قبل إمام المسجد.


    4- من أعظم الأعمال التي يربى عليها الصغير كتاب الله _عز وجل_ فمن ذلك تشجيعه على الاعتناء به بالطرق التالية:
    • وضع جائزة لمن ينهي قراءة القرآن كاملاً.
    • أن يحدد له ورداً قدراً يومياً يقرؤه في المسجد بعد صلاة العصر مثلاً.
    • حثه على المشاركة في الحلقات القرآنية في البلد، ومتابعته على ذلك.
    • تعيين مقدار من الحفظ في هذا الشهر مع وضع المحفزات لذلك.
    • الإكثار من سماع الأشرطة السمعية لبعض السور، خاصة إذا كان القارئ صغير السن، أو مما يرغب سماعه من القرّاء.
    الصدقة: وهي من العبادات العظيمة في هذا الشهر لما تحدثه من حب الصغير للفقراء والمساكين والعطف عليهم، بالإضافة إلى انتزاع خصلة البخل والأثرة من قلبه، ولعل من الطرق
    التي يربى عليها في هذه العبادة ما يلي:
    • إعطاؤه مبلغاً من النقود لأجل صرفه في مجالات الخير المتعددة مع المتابعة.
    • إعطاؤه مبلغاً محدداً ليسلمه إلى المحتاج عند باب المسجد أو في الشارع.

    • إشراكه في توزيع الطعام على الفقراء المجاورين وغيرهم، وتذكيره دوماً بفضل هذه الأعمال ولا ريب أن لها أثراً كبيراً على الصغير.
    • مشاركته في توزيع وجبات إفطار الصائمين، سواء كان في
    مشاريع إفطار الصائم، أم على بيوت المحتاجين.
    5- مشاركة الصغير في المراكز الرمضانية التي تحفظ – بإذن الله – وقته وتكسبه العديد من المهارات والفوائد المتنوعة.
    6- ترغيبه وتشجيعه على المشاركة في المسابقات المتنوعة الخالية من المحاذير الشرعية، التي تعود عليه بالفائدة، سواء كانت على مستوى المنزل أو غيره.
    7- وضع جوائز مناسبة ومحببة للطفل لكل يوم يمر لم يشاهد فيه التلفاز، وهذا قد يكون – بإذن الله – بداية النهاية لتركه هذا الجهاز.

    8- وضع برامج ممتعة، أثناء النهار، حتى يشغل وقتهم بما يفيد، وحتى يضمن انصرافهم عن والديهم الذين يريدون استغلال هذه الأيام بشكل أمثل.
    9- لا بد أن يستيقظوا قبل الساعة الثانية عشرة ظهراً لأجل أن ينا
    موا مبكرين، حتى يستغل الوالدان والإخوة الكبار وقت السحر وآخر الليل.
    10- في أثناء الإفطار يحسن وضع سفرة خاصة لهم، ويا حبذا أن تكون مكوناتها مثل الكبار، ليتسنى لغيرهم استغلال الوقت بالدعاء والذكر، والاستغفار.
    11- وضع جوائز لمن لا يتكلم بكلام مسيء وبذيء، ومثله للطفل الأقل خطأ، وكذلك عدم إيذاء الجيران والإزعاج أو نحوه
    منقول




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    حتى لا يغيب رمضان عن الأسرة المسلمة
    حسان عبدالله
    (6)


    رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها أسرنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية، فبلا شك كان رمضان نفحة ربانية لها في هذا التوقيت، ونتناصح دائمًا ألا يغيب رمضان
    عن أسرنا هذه.
    وننصح أنفسنا والقارئ الكريم بهذه النصائح كي لا يغيب رمضان عنا:

    أولا- تعزيز فكرة الثواب والعقاب بين أفراد الأسرة، حيث ارتبط الحرص على الصيام وعدم الفطر بفكرة الثواب الأخروي من الله تعالى لهذه الفريضة، والخوف من آثار المخالفة في الدنيا والآخرة
    ، ومن ثم حرص المسلم أن يؤدي هذه الفريضة مع أعمال الخير الاجتماعي التي يعتقد في تعظيمها مع فرضية الصيام؛ فيحرص على الأعمال التي ترتبط دائمًا بالثواب الأخروي، وأن استمرار فعل الخير لاستمرار الثواب يعني استمرار حرص الأسرة كلها على فعل الخير سواء داخلها أو خارجها، وبهذا تستعيد الأمة لحمتها الاجتماعية، وتعيد شبكة علاقتها إلى الحياة مرة أخرى، فتجنب المسلم كل أنماط السلوك التي تجلب له (العقاب – الضرر) وحرصه على الأفعال التي تحقق له (الثواب – النفع) من شأنه تحقيق التماسك الاجتماعي بين أفراد الأسرة أولًا، ثم بينها وبين المجتمع بصفة عامة.


    ثانيا- التأكيد على حضور القرآن في الأسرة، حيث حرصت الأسر في رمضان على استحضار القرآن حتى الأطفال والكبار غير القارئين عن طريق السماع وغيره، وهذا ما يجب استمرار استحضاره
    بأي طريقة أو وسيلة: القراءة، السماع، المدارسة البسيطة، فليكن القرآن حاضرًا بين أفراد الأسرة، ونحذر، ونحتَطْ من هجره من عام إلى عام.
    ثالثا- صلاة الفجر والمسجد: اعتاد الأطفال والكبار في رمضان على المواظبة على صلاة الفجر والذهاب إلى المسجد، حتى إن المساجد في صلاة الفجر أصبحت تشبه صلاة الجمعة، وهذه العاد
    ة العبادية يجب ألا تنقطع في غير رمضان، ويجب أن تتعلم أسرنا ما في الفجر والمسجد من خير لها، قال صلى الله عليه وسلم: “بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة“[1]. يجب أن تكون صلاة الفجر في المساجد جزءا رئيسا من مسيرة التنشئة التربوية لأطفالنا، وضمن سلوكهم المعتاد. وبالطبع دفع الأبناء إلى المحافظة على كل الصلوات في أوقاتها كما كانوا يواظبون عليها ابتغاء تقبل الصيام.


    رابعا– كذلك أيضًا فإن قيمة “الغيب” و”المراقبة لله” تعالى ينبغي ألا يرحلا عن وجداننا، فمراقبة أطفالنا لله تعالى في صيامهم الكامل أو بعض صيامهم، وكذلك نحن الكبار في تصرفاتنا التي تضبط كثيرا في رمضان، ينبغي ألا تغيب، وأن نعززها في سلوكنا الشخصي وسلوك أبنائنا في جميع الأنشطة التي تقوم به
    ا جوارحنا طول العام؛ فربْط الإنسان نشاطه وسلوكه بالله تعالى يحقق له الاستقرار الوجداني، ويخفف عنه من قلق الحياة وتقلباتها المستمرة.


    خامسا– كذلك أيضا قيمة “الدعاء”، فالحرص الذي أظهرناه في رمضان على الدعاء والإلحاح على الله تعالى بحاجتنا أملًا وطمعًا في تحقيق الله تعالى لنا والاستجابة، ينبغي لهذه الحالة الوجد
    انية ألا تتوقف وألا تنقطع؛ فالدعاء هو أكبر وأقصر الطرق وصولًا إلى الله تعالى، ويمثل –أيضًا- رابطا وجدانيًا ذا أثر كبير في التشكيل الوجداني للإنسان، يجب أن يتم تعزيزه بالمدوامة عليه وعدم الانقطاع عنه لا سيما أن استمرار جعل هذا السبيل مفتوحًا بيننا وبين الله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].


    سادسا- الصدقة: إن أحوالنا الاقتصادية المتعثرة لم تمنعنا من فعل الصدقة في رمضان، تقربًا إلى الله من خلال التواصل الإنساني، تواصل المسلم مع أخيه المسلم، والشعور بحاجته، وبعث
    قيمة التكافل الاجتماعي، والصدقة يمكن أن تكون على أشكال متعددة وليس الشكل المادي فقط، أو بالإضافة إلى هذا الشكل حسب الاستطاعة والقدرة، وقد وسع النبي – صلى الله عليه وسلم- في مفهوم الصدقة وحدد لها ستة مجالات تتسع كل منها إلى مضامين وأفعال متعددة، وهذه المجالات هي:


    تبسمك في وجه أخيك لك صدقة،
    وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة،
    وإرشادك الرجل في أرض
    الضلال لك صدقة،
    وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة،
    وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة،
    وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة[2].
    سابعا- التواصل الأسري: من السمات المميزة لشهر رمضان هو اجتماع الأسرة على موائد الإفطار والسحور، والذهاب إلى الصلوات جماعات، بما حقق للأسرة تواصلًا ربما كانت كثير من الأسر تفتقده في شهور العام، ويمكن في إطار المحافظة على فضيلة هذا التواصل أن تبحث كل أسرة بما يلائم ظروفها عن المحافظة على أي شكل للإبقاء عليه، وهو ما يعيد بلا


    شك ترتيب العلاقات الاجتماعية التي كادت أن تفقد في الأسرة المسلمة بسبب سحق العولمة لكافة أشكال التواصل الأسري بالإغراء بالانصراف عنه أو التقليل من أهميته، أو ربما بسبب
    الانشغال بأمور واحتياجات الأسرة التي لا تنقطع ما بقيت الحياة وبقيت الأسرة، فربما كان التمسك بشكل من أشكال التواصل الأسري الذي حققناه في رمضان محاولة لتحقيق استقامة الأسرة المسلمة على الطريقة.
    ____________________
    [1] المستدرك على الصحيحين، كتاب الإمامة وصلاة الجماعة.
    [2] أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن حبان.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    الأسرة في رمضان
    الاسلام سؤال وجواب

    (7)



    يجب على المسلم أن يبادر ساعات عمره باستغلال هذا الشهر، فإن عليه تجاه أولاده واجبًا لا بد له منه، بحسن رعايتهم وتربيتهم، وحثهم على أبواب الخير، وتعويدهم عليه؛ لأن الولد ينشأ على ما تعود عليه.

    من نعم الله على المسلم أن يبلغه صيام رمضان ويعينه على قيامه، فهو شهر تتضاعف فيه الحسنات، وتُرفع فيه الدرجات، ولله فيه عتقاء من النار، فحري بالمسلم أن يستغل هذا الشهر بما يع
    ود عليه بالخير، وأن يبادر ساعات عمره بالطاعة، فكم من شخص حُرِمَ إدراك هذا الشهر لمرض أو وفاة أو ضلال.

    وكما أنه يجب على المسلم أن يبادر ساعات عمره باستغلال هذا الشهر، فإن عليه تجاه أولاده واجبًا لا بد له منه، بحسن رعايتهم وتربيتهم، وحثهم على أبواب الخير، وتعويدهم عليه؛ لأن الولد ينشأ على ما تعود عليه:
    وينشأ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كان عوده أبوه
    وفي هذه الأيام المباركة لا بد أن يكون للأب والأم دور في استغلال هذا الأمر، ويمكن أن نوصي الأبوين بما يلي:
    1- متابعة صيام الأولاد والحث
    عليه لمن قصَّر منهم في حقه.
    2- تذكيرهم بحقيقة الصيام، وأنه ليس فقط ترك الطعام والشراب، وإنما هو طريق لتحصيل التقوى، وأنه مناسبة لمغفرة الذنوب وتكفير الخطايا.


    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقي المنبر فقال: «آمين، آمين، آمين»، فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: «قال لي جبريل: رغم أنف عبد أو بَعُدَ دخل رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبدٍ أو بَعُدَ، أدرك والديه أو أحدهما لم يدخله الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أو بَعُدَ ذُكِرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين» (رواه ابن خزيمة، والترمذي، وأحمد).
    3- تعليمهم آداب وأحكام الطعام من حيث الأكل باليمين ومما يليه
    م، وتذكيرهم بتحريم الإسراف وضرره على أجسادهم.
    4- منعهم من الإطالة في تناول الإفطار بحيث تفوتهم صلاة المغرب جماعة.
    5- التذكير بحال الفقراء والمعدمين ممن لا يجدون لقمة يطفئون بها نار جوعهم، والتذكير بحال المهاجرين والمجاهدين في سبيل الله في كل مكان.
    6- في هذه الاجتماعات مناسبة لاجتماع الأقرباء وصلة الأرحام، وما زالت هذه العادة موجودة في الكثير من البلدان، فهي فرصة للمصالحة وصلة الرحم المقطوعة.


    7- إعانة الأم في إعداد المائدة وتجهيزها، وكذا في رفع المائدة وحفظ الطعام الصالح للأكل.
    8- تذكيرهم بصلاة القيام والاستعداد لها بالتقليل من
    الطعام وبالتجهز قبل وقت كافٍ لأدائها في المسجد.
    9- بالنسبة للسحور يُذكِّر الأبوان ببركة السحور وأنه يقوي الإنسان على الصيام.
    10- إعطاء وقتٍ كافٍ قبل صلاة الفجر لكي يوتر من لم يوتر منهم، ولكي يصلي من أخَّر صلاته إلى آخر الليل، ولكي يدعو كل واحدٍ ربه
    بما يشاء.
    11- الاهتمام بصلاة الفجر في وقتها جماعة في المسجد للمكلفين بها، وقد رأينا كثيرًا من الناس يستيقظون آخر الليل لتناول الطعام ثم يرجعون إلى فرشهم تاركين صلاة الفجر.

    12- كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه "يحيي ليله ويوقظ أهله"، وفي هذا دلالة على أن الأسرة يجب أن تهتم باستغلال هذه الأوقات المباركة فيما يرضي الله عزوجل، فعلى الزوج أن يوقظ زوجته وأولاده للقيام بما يقربهم عند ربهم عزوجل.
    13- قد يوجد في البيت أولاد صغار وهم بحاجة للتشجيع على الصيام، فعلى الأب أن يحثهم على السحور، ويُشجعهم على الصيام بالثناء والجوائز لمن أت
    م صيام الشهر أو نصفه.. وهكذا.
    عن الربيع بنت معوذ قالت: "أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «مَن أصبح مفطرًا فليتمَّ بقية يومه، فليصُم»، قالت: فكنا نصومه بعدُ ونصوِّم صبياننا الصغار ونذهب بهم إلى المساجد، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار". (رواه البخاري ومسلم).
    قال النووي: وفي هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات، وت
    عويدهم العبادات، ولكنهم ليسوا مكلفين، قال القاضي: وقد روي عن عروة أنهم متى أطاقوا الصوم وجب عليهم، وهذا غلط مردود بالحديث الصحيح: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وفي رواية يبلغ».


    14- إن تيسر للأب والأم الذهاب بالأسرة إلى العمرة في رمضان فخيرٌ يقدمونه لأنفسهم ولأسرتهم، فالعمرة في رمضان لها أجر حجة، والأفضل الذهاب في أوله تجنبًا للزحام.
    15- على الزوج ألا يكلِّف زوجته بما لا طاقة لها به من حيث إعد
    اد الطعام والحلويات، فإن كثيرًا من الناس اتخذوا هذا الشهر للتفنن في الطعام والشراب والإسراف فيه، وهو ما يُذهب حلاوة هذا الشهر ويُفوِّت على الصائمين بلوغ الحكمة منه وهو تحصيل التقوى.


    16- شهر رمضان شهر القرآن، فننصح بعمل مجلس في كل بيتٍ يُقرأ فيه القرآن ويقوم الأب بتعليم أهله القراءة، ويوقفهم على معاني الآيات، وكذا أن يكون في المجلس قراءة كتاب في أحكام
    وآداب الصيام، وقد يسَّر الله تعالى لكثير من العلماء وطلبة العلم أن يؤلِّفوا كُتبًا في مجالس رمضان، ويحوي الكتاب ثلاثين مجلسًا، فيُقرأ في كل يوم موضوعٌ فيتحصل منه خير عميم للجميع.


    17- يحثهم على الإنفاق وتفقد الجيران والمحتاجين.
    عن ابن عباس قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله -
    صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة". (رواه البخاري ومسلم).
    18- وعلى الأبوين منع أهلهم وأولادهم من السهر الذي تضيع فيه ال
    أوقات من غير فائدة فضلًا عن السهر على المحرَّمات، فإن شياطين الإنس تخرج من أصفادها في هذا الشهر لتقدِّم للصائمين الشرور في ليالي رمضان ونهاره.
    19- تذكر اجتماع الأسرة في جنة الله تعالى في الآخرة، فالسعادة العظمى هي اللقاء هناك تحت ظل عرشه -سبحانه، وما هذه المجالس المباركة في الدنيا والاجتماع على طاعته في العلم والصيام والصلاة إلا من السبيل التي تؤدي إلى تحقيق هذه ال
    سعادة.
    والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    للشباب فقط في رمضان


    (8)




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
    فقبيل أيام استقبلنا وإياك شهر رمضان المبارك, هذا الشهر أخي الفاضل يعني لدينا ولديك الكثير, وأنت شأنك شأن سائر المسلمين قد استبشرت بهذا الش
    هر الكريم ولاشك .
    ويسرني أخي الفاضل في هذا الشهر الكريم أن أتوجه لك بأغلى ما أملك، وأعز ما أقدم، سالكاً سبيل المصارحة والحديث تحت ضوء الشمس .

    إن المصارحة أخي الفاضل قد تكون مُرة الطعم لكن نتائجها محمودة, وقد ذقنا جميعاً مرارة التستر على العيوب, ولمسنا شؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة. فآمل أن يتسع صدرك لسماع ما أقول .
    ورع ولكن :
    أخي الشاب: موقف نشاهده جميعاً في شهر الصيام: أن تجد شاب
    اً معرضاً, غارقاً في وحل الشهوات, يتجرأ على الكبائر والمعاصي, ويتهاون في الطاعات الظاهرة, تجد هذا الشاب يتساءل عن قضايا دقيقة في الصيام. كأن يتوضأ فتنزل من أنفه قطرات من الدم دون قصد: فهل يؤثر هذا على الصيام أم لا ؟ مر في الشارع فدخل جوفه غبار فما الحكم ؟ وهو يسأل جاداً ولديه استعداد تام لتحمل تبعة السؤال من قضاء أو حتى كفارة. إن السؤال أخي الكريم عما يُشكل على المرء في عبادته مبدأ لا حق لأحد أن يرفضه, وإن وقوع المرء في معصية ليس مبرراً لعدم عنايته بالطاعة والسؤال عنها .
    ولكن: ألا توافقني أن مثل هذا الشاب يعيش تناقضاً يصعب أن تجد تفسيراً له ؟! فلماذا يتورع هنا ويسأل ويحتاط عن أمر اشتبه عليه. بينما يرتكب عن عمد وسبق إصرار ما يعلم أنه حرام بل كبيرة من الكبائر ؟!
    الانضباط العجيب :
    يحتج البعض من الشباب حين تنهاه عن معصية، أو تأمره بطاعة أنه مقتنع تمام الاقتناع لكن شهوته تغلبه وهو لا يستطيع ضبط نفسه، وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأول وهلة. ولكن حين ترى حال مثل هذا الشاب مع الصيام ترى منطقاً آخر .



    فما أن يحين أذان الفجر حتى يمسك مباشرة عن الطعام ولو كان ما بيده هي أول لقمة لأنه استيقظ متأخراً. ويبقى عنده مائدة الإفطار ولا يتجرأ على مد يده قبل أن يسمع الأذان وهو أثناء ا
    لنهار مهما بلغ به العطش والجهد لا يفكر في خرق سياج الصوم واستباحة حماه ألا ترى أن هذا السلوك وهو سلوك محمود ولا شك يدل على أنه يملك القدرة على ضبط نفسه والانتصار على شهوته ؟ إن الصيام أخي الشاب يعطينا درساً أننا قادرون بمشيئة الله على ضبط أنفسنا والانتصار على شهواتنا .
    هل رأيت هؤلاء ؟
    هل تفضلت أخي الشاب أن تأتي إلى مسجد من المساجد مما رزق الله إمامه الصوت الحسن المؤثر فرأيت ذاك الجمع من الشباب الأخيار ؟ وقد عقدوا العزم على الوقوف بين يدي الله في تل
    ك الصلاة ولو امتدت إلى السحر، في حين ترك غيرهم صلاة الجماعة أصلاً؟ ولو أتيت في العشر الأواخر لم تجد إلا القليل فقد توجهوا صوب البيت العتيق يبتغون مضاعفة الأجر، وحط الوزر. في حين ترى غيرهم يقضي ليالي رمضان فيما لا يخفى عليك.


    ماذا لو وجه ذاك الشاب الذي يجوب الأسواق هذا السؤال إلى نفسه: ألا أستطيع أن أكون واحداً من هؤلاء ؟ كيف نجحوا ؟ وهم يعيشون في المجتمع نفسه ولهم شهوات، وأمامهم عوائق كما أن لي ش
    هوات وأمامي عوائق .
    ألا تطيق ما أطاقوا ؟
    أخي الكريم: كثير هم الشباب الذين كانوا على جادة الانحراف ، وفي طريق الغفلة يمارسون من الشهوات ما يمارسه غيرهم ثم مَنَّ الله عليهم بالهداية فتبدلت أحوالهم وتغيرت وساروا في ركاب الصالحين ومع الطائعين المخبتين. وربما كان بعضهم زميلاً لك. فكيف ينجح هؤلاء في اجتياز هذه العقبة ويفشل غيرهم ؟ ولماذا استطاعوا التوبة ولم يستطع غيرهم ؟. إن العوائق عند الكثير من الشباب عن التوية والالتزام ليس عدم الاقتناع، بل هو الشعور بعدم القدرة على التغيير. أفلا يعتبر هذا النموذج مثلاً صالحاً له، ودليلاً على أن عدم ا
    لقدرة لا يعدو أن يكون وهماً يصطنعه .
    قبل أن تذبل الزهرة :


    لقد أبصرت عيناك أخي الكريم ذاك الذي احدودب ظهره، وصارت العصا رجلاً ثالثة له وتركت السنون الطويلة آثارها على وجهه. أتراه ولد كذلك ؟ أم أنه كان يوماً من الأيام يمتلئ قوة ونشاطاً ؟ ألا تعلم أني وإياك سنصير مثله إن لم تتخطفنا المنية - وهذا أشد - وتزول هذه النضارة، وتخبو الحيوية. فماذا أخي الكريم لو حرصنا على استثمار وقت الشباب في الطاعة قبل أن تفقده ف
    نتمناه وهيهات .
    وعن شبابه فيم أبلاه :
    أخي الكريم: لا شك أنك تحفظ جيداً قوله: { لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه }.
    أخي الكريم: لنفكر ملياً واقعنا الآن فهل سنجد الإجابة المقنعة، المنجية أمام من لا تخفى عليه خافية عن هذه الفقرة { شبابه فيما أبلاه } وهل حالنا الآن مع عمر الشباب تؤهل لاجتياز هذا الامتحان. ألا ترى أن أمامنا فرصة في اغتنام الشباب والإعداد للامتحان ؟
    سابع الس
    بعة :

    أخبر صلى الله عليه وسلم أنه في يوم القيامة: { يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ }، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم { شاب نشأ في طاعة الله عز وجل } فماذا يمنع أن تكون أنت واحداً من هؤلاء ؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك. فأعد الحسابات، وصحح الطريق. واجعل من الشهر الكريم فرصة للوصول إل
    ى هذه المنزلة.
    ما أعظم ما تقدمه في هذا الشهر الكريم :
    أخي الشاب: لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر. فالمساجد قد امتلأت بالمصلين، والتالين لكتاب الله. والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين، والأموال تتدفق في مجالات الخير. فهذا يصلي، وهذا يتلو، والآخر ينفق، والرابع يدعو .


    فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً ؟ ألأم تبحث لك عن موقع داخل هذه الخارطة. أليس أفضل عمل تقدمه، وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار. قبل أن يفاجئك
    هادم اللذات فتودع الدنيا إلى غير رجعة. فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله ؟
    التوبة والموعد الموهوم :
    كثير من الشباب يقتنع من خطأ طريقه، ويتمنى التغيير، ولكنه ينتظر
    المناسبة ألا وهي أن يموت قريب له، أو يصاب هو بحادث فيتعظ، ويهزه الموقف فيدعوه للتوبة، ولكن ماذا لو كان هو الميت فاتعظ به غيره ؟ وكان هذا الحادث الذي ينتظره فعلاً لكن صارت فيه نهايته ؟ ليس أخي الشاب للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة فالأمر لا يحتمل المخاطرة .
    فهلا قررنا التوبة اللحظة وسلوك طريق الاستقامة الآن؟
    إن القرار قد يكون صعباً على النفس وثقيلاً، ويتطلب تبعات وتضحيات لكن العقبى حميدة والثمرة يانعة بمشيئة الله .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    أولادنا في رمضان

    د. بدر عبد الحميد هميسه
    (9)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    مسؤولية تربية الأولاد مسؤولية كبرى تقع ابتداءً على
    عاتق الوالدين ؛ فهما المحضن الأول والمدرسة الأولى التي يتربى فيها الأطفال على المباديء والقيم , قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم .
    وعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:كُلكم رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ
    مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و"البُخَارِي" 2/6 و4/6(2751) و"مسلم" 6/8(4755) .
    وصلاح الأبناء يعود بالسعادة على الوالدين في الدنيا والآخرة , عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ، صلى الله عليه وسلم ، قال :إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ ، انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ ، إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أوْ وَلَدٍ صَالحٍ يَدْعُو لَهُ. أخرجه أحمد 2/372(8831) و"الدارِمِي" 565 و
    "البُخاري" في الأدب المفرد (38) و"مسلم" 5/73 .

    قال الشاعر : صالح بن عبدالقدوس :
    وإن من أدبته في زمن الصبا * * * كالعود يسقى الماء في غرسه
    حتى تراه مورقا ناضرا * * * بعـد الذي أبصرت من يبـسـه
    والشيخ لا يترك أخلاقه * * * حتى يوارى في الثرى رمسـه
    إذا ارعوى عاد إلى جهلـه * * * كذي الضنى عادا إلى نكسـه
    لذا فإن على الوالدين السعي الدءوب في إصلاح الأولاد وإتباع كافة السبل الممكنة في تهذيبهم وتأديبهم .
    يروي لنا التاريخ أن عمر بن عبد العزيز كان قد أرسله أبوه وهو
    شاب صغير إلى المدينة المنورة ليتعلم فيها الفقه وعلوم الدين، وكان صالح بن كيسان مؤدبه والقائم على أمر ملازمته وتوجيهه وإرشاده، وفي ذات يوم انتبه هذا المؤدب أن عمر بن عبد العزيز لم يحضر صلاة الجماعة وتخلف عنها، فذهب إليه ليستطلع الأمر فسأله قائلاً: ما أخرك عن صلاة الجماعة؟ فأجاب عمر: كانت مرجلتي تسكن شعري، فأجابه صالح متعجباً:


    وبلغ من تسكين شعرك أنه يؤخرك عن الصلاة!! وكتب بذلك إلى أبيه عبد العزيز بن مروان، فما كان من أبيه إلا أن أمر بحلق رأسه تأديباً له وتربية وتعليماً حتى لا يعود لمثلها.( س
    ير أعلام النبلاء 9/133).
    وكان لشريح ابن يدع الكتاب ويهارش الكلاب قال فدعا بقرطاس ودواه فكتب إلى مؤدبه:
    تَركَ الصلاةَ لأكْلُبٍ يَسعى بها * * طلب الهِرَاش مع الغِوَاةِ الرُّجس
    فإذا خَلَوْتَ فَعَضّه بمَلاَمَةٍ * * وِعظَتْهُ وَعْظَكَ للأرِيب الكَيس
    وإذا همَمْتَ بضَرْبِه فبدرَةٍ * * وإذا بلغتَ بها ثلاثاً فاحْبِس
    واعْلَمْ بأنك ما فعلتَ فنفسُه * * مع ما يُجَرعُني أعَز الأنْفُس
    انظر : حلية الأولياء :أبو نعيم الأصبهاني 4/137، وأخبار القضاة لوكيع 207.

    ومن سبل تعظيم الصوم وشهر رمضان في نفوس الأبناء
    :
    1- عند الاستعداد لاستقبال الشهر يجب الاهتمام بإظهار الفرح والبشر بقدوم شهر رمضان ليشعر الأولاد بأهمية الضيف الجديد , وبيان عقوبة من يجاهر بالفطر فيه , عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم أَتاني رجُلان، فأَخذاَ بضَبعَيَّ، فأَتيَا بي جَبَلاً وعراً، فقالا: اصعد. فقلتُ: إنِّي لا أُطِيقُه. فقالا: إنّا سنُسهّله لك. فصعِدتُ حتّى إذا كنتُ في سَواءِ الجبَل؛ إذا أنا بأصواتٍ شديدةٍ، قلتُ: ما هذه الأصواتُ؟ قالوا: هذا عُواء أهلِ النّارِ ثم انطلقَا بي؛ فإذا أنا بقوم معلَّّقينَ بعَراقِيبهم، مشقّقة أشداقُهم، تس
    يلُ أشداقُهم دماً، قال، قلتُ: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تَحِلَّةِ صومِهم. أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (4/2/246/3286) وابن خزيمة في "صحيحه " (3/237/1986والطبراني في "المعجم الكبير" (7667) صحيح الترغيب والترهيب 2/305.


    يروى أن أحد النصارى وكان يجاور المسلمين وجد ولده يأكل أمام المسلمين في نهار رمضان فزجره وضربه على ذلك وقال : عظم حرمة شهر رمضان كما يعظمه جيراننا من المسلمين , وبعدها بأيام مات هذا الرجل فرآه أحد جيرانه من المسلمين في المنام في نعيم الجنة , فلما سأله عن ذلك قال : لما عظمت حرمة رمضان أودع الله التوحيد في قلبي فمت على الإسلام .
    2- لتكن لكما جلسة مع أولادك في بداية رمضان وتح
    دثان الأولاد عن فضل الشهر الكريم وأبواب الجنة المفتوحة، وأنه فرصة لكل واحد أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله , وتعريفهم بمعاني الصوم الحقيقية ,وأنه يجب عليهم البعد عن الفاحش من القول والفعل , قال جابر الأنصاري رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم ودع أذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء.

    قال الإمام السبكي ـ رحمه الله ـ : " كنت جالساً بدهليز د
    ارنا فأقبل كلب فقلت : اخسأ كلب ابن كلب " قال : فزجرني والدي من داخل البيت ، قلت : سبحان الله أليس هو كلباً ابن كلب ، فقال: شرط الجواز عدم قصد التحقير ، قلت : وهذه فائدة " أهـ.
    3- تعوييد الأولاد الصغار وتدريبهم على الصوم تدريجيا ,ورصد المكافأة على ذلك , عَنِ الرُّبَيّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْراءَ . قالت: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ . فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ. أخ
    رجه أحمد 6/359 و"البُخَارِي" 3/48.
    قال الشاعر :

    وأغبى العالمين فتى أكول * * * لفطنته ببطنته انهزام
    ولو أني استطعت صيام دهري
    * * * لصمت فكان ديدني الصيام
    ولكن لا أصوم صيام قوم * * * تكاثر في فطورهم الطعام
    فإن وضح النهار طووا جياعا * * * وقد هموا إذا اختلط الظلام
    وقالوا يا نهار لئن تجعنا * * * فإن الليل منك لنا انتقام
    وناموا متخمين على امتلاء * * * وقد يتجشئون وهم نيام
    فقل للصائمين أداء فرض * * * ألا ما هكذا فرض الصيام
    أحد الصالحين صامت ابنته الصغيرة وكان الجو شديد الحرارة فقال لها أفطري يا بنيتي فالجو شديد الحارة ولم يفرض عليك الصوم بعد , فقالت له في ثبات ويقين : أصبر على الجوع والحر في الدنيا ولا أصبر على حر النار وغضب الجبار يوم القيامة .

    4- حث الأولاد على حسن تنظيم الوقت واستغلاله في الطا
    عة والعبادة , وتحذيرهم من الملهيات وكثرة النوم والجلوس الطويل أمام التلفاز والتعلق بالمسلسلات وغيرها , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا َتَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ , وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ. أخرجه الترمذي (2416) الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 666.

    5- تحديد وقت لقراءة الجزء المقرر من القرآن الكريم , يجتمع جميع أفراد البيت للتناوب في القراءة , وكذا حثهم على حضور مجالس ودروس العلم في المساجد , عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ:قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ ، لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِئَةَ رَكْعَةٍ ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ ، عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ. أخرجه ابن ماجة (219) .
    قال ابن مسعود رضي الله عنه : " إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم " .

    6- تعوييد الأطفال على الجود والإحسان في رمضان , وبيان فضل الصدقة فيه , وتذكيرهم بقول الله تعالى :" مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِي
    مٌ (261) سورة البقرة ,
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. أخرجه أحمد 1/230(2042) و"البُخَارِي" 1/4(6).
    فعلينا أن نعود أولادنا في رمضان على كل خير وأن نجنبهم ونحذرهم من كل شر .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان




    عملياً كيف نربي أبناءنا في رمضان؟

    سحر شعير
    (10)


    بقدر فرحتنا الكبيرة وإشراق نفوسنا لقدوم شهر رمضان، علينا ألا ننسى ولا للحظة واحدة واجباتنا التربوية تجاه أبنائنا في هذا الشهر المبارك، حيث يُعدُّ شهر رمضان الكريم بحق غنيمةً للمربين، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُ
    مْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 185وَإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ} [البقرة: 185 - 186].
    مهمة التربية وبناء النفوس الصالحة ليست مهمة سهلة، بل تحتاج إلى جهد كبير ويقظة تربوية تجعل المربي لا يفوّت موقفاً أو حدثاً أو مناسبة تمرّ به وبأبنائه، إلا أحسن استغلالها لمصلحة تربيتهم؛ فالكلمة تـــفعــل في النفس وقت الحدث ما لا تفعله في غيره من الأوقات، وتؤدي إلى ترسيخ المعاني التربوية والعب
    ادات المرتبطة بهــــذه المــناسبة حتى تعود هيئةً راسخةً في نفس الطفل يشبّ عليها ولا يتركها طوال حياته.

    وفي رحاب هذا الشهر الكريم ننهل من عطاياه التربوية من خلال عدة محاور يجب أن يركز عليها المربي في هذا الشهر الكريم.
    أهمية تدريب الطفل على أداء ال
    عبادات مبكراً
    مرحلة الطفولة هي المرحلة الذهبية لتعليم الطفل والتأثير فيه، لذلك نجد الإسلام يوجّه الآباء والأمهات إلى تدريب أطفالهم على امتثال الطاعات وأداء الفرائض في طفولتهم، كالصلاة والصيام والحجاب - للبنات، حتى إذا بلغوا سن التمييز واظبوا عليها بسهولة ويسر، حيث ألفوا وتعودوا على أدائها بانتظام وأصبحت جزءاً من كيانهم.
    وقد جاء عن المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم توجيه الصحابة والصحابيات إلى تدريب الصغار على عبادة الصيام، وإعداد الأمهات لِلُعبٍ يلهّونهم بها إذا بكوا جوعاً، فعن الربيع بنت معوذ قالت: «كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي الصوف)، فإذا بكى أحدهم
    من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار» (أي أعطيناه هذا الصوف يتلهى به حتى يحين موعد الإفطار)[1].
    مراعاة الرفق والتدرُّج أثناء تعويد الأطفال على الصيام


    - فنبدأ مع الطفل بالصوم الجزئي بأن يتعود الإمساك إلى منتصف النهار أو إلى العصر، حتى إذا قوي على ذلك واعتاده انتقل إلى مرحلة تالية، كذلك يمكن أن يصوم الطفل يوماً كاملاً ثم يفطر أياماً ليستريح ويزيد في عدد الأيام بعد ذلك تدريجياً.
    - نجنّب الطفل الصوم في الأيام شديدة الحرّ، وكذلك يمنع من الإفراط في النشا
    ط الحركي والرياضة أثناء الصوم، وفي حالة إحساس الطفل بالجوع الشديد ينصح بالإفطار وعدم المكابرة.
    - ومما يعين الطفل على الصيام أن يلتزم بوجبة السحور مع الكبار، على أن نشرح له – ببساطة - أهمية السحور من حيث اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما فيه من البركة، وأنه من الأسباب التي تقوِّي أجسادنا على الصيام.
    - ومما يعينه كذلك أن نحكي له عن صوم الكائنات الأخرى غير الإنسان، كصوم العناكب، وصوم أسماك السلمون، وبإمكان المربي العثور على الكثير من هذه المعلومات من خلال البحث على شبكة الإنترنت.

    - دوام تشجيع الطفل ومكافأته عند اجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح، بزيادة م
    صروفه مثلاً، أو الثناء عليه، أو منحه الألقاب الحسنة.
    غرس معاني العطاء والتكافل في نفس الصغير
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أجود الناس وَكَانَ أجود مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أجود بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»[2].
    يُعدُّ شهر رمضان من أحسن المناسبات التي يتعلم فيها الطفل معنى ال
    تكافل، والشعور بالمسؤولية نحو الفقير والمسكين، وقلوب الصغار رقيقة لينة شديدة التأثر بالبيئة الأسرية وسلوك الكبار أمامهم، فعندما يرى الأطفال آباءهم وهم يُخرِجون صدقاتهم وزكاة فطرهم ويشاركونهم هذا العمل؛ فسيتعلمون منهم حب الصدقة، والرحمة بالفقراء، ويدركون معنى التكافل وبُغض الأثرة والأنانية.. وتدريب الصغار على الممارسة العلمية للبذل ورعاية الفقراء هدي السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، «فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه جاءه سائل يريد صدقة، فقال لابنه: أعطه ديناراً، واجعله في يده!» تدريباً له على ذلك[3].


    التربية على المعنى الكامل لتعظيم شعائر الله
    قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. ورد في معنى «شعائر الله» أنها: المعالم الظاهرة من دينه التي جعل الله تبارك وتعالى بعضها مكانياً، وجعل
    بعضها زمانياً، ومن ذلك الأشهر الحرم وشهر رمضان الذي شرّفه الله تعالى بنزول القرآن وفرض الصيام فيه.
    وتعظيم الشعائر لا يكون بالإقبال على الطاعات والاستزادة منها فقط، فهذا المعنى مبتور، ولا يكتمل تعظيم الشعائر إلا بتجنب ما حرم الله تعالى، وأن يرى المسلم أن ارتكاب المعصية في الأيام الفاضلة أشد قبحاً وأعظم جرماً منه في غيرها.
    ولا يخفى على أحد تلك الحرب المعلنة من الآلة الإعلامية بهدف إفسا
    د الشعائر لا تعظيمها في شهر رمضان المعظم، وتحويل الشهر الكريم من موسم يزداد فيه المؤمن إيماناً إلى أكبر سوق يروج فيه أهل الباطل (الفن) لبضاعتهم، الأمر الذي يختزل معنى تعظيم الشهر الكريم في أذهان الكثيرين في صورة أداء الطاعات دون أن يتلازم معها الانتهاء عن المحرمات.. ولذلك لا نبالغ إذا قلنا إن المواد الإعلامية الفاسدة التي تبثها الشاشة الصغيرة داخل البيوت تُعدُّ التحديَ الأكبر الذي يواجهه المربي في رمضان من كل عام، فالمربي المسؤولُ الأول عن وقاية أبنائه من النار بمنع تعرضهم لأسباب دخولها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْـحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ظ¦]، عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: (اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، ومروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار)[4].

    وليعلم المربي أن مواجهة هذه الفتنة لن تأتي أبداً بإصدار الأوامر والفرمانات، أو نزع الأسلاك والكابلات، لكن تأتي أولاً: بالقدوة الحسنة التي تتمثل في موقف الوالدين الواضح من هذه
    البرامج موقفاً حازماً لا يعتريه تذبذب أو رَوَغَان.
    ثانياً: تربية الأبناء على المراقبة لله تعالى، وتذكيرهم بالآيات والأحاديث التي تدعم هذا الجانب، مثل قول الله تعالى: {إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئُـولاً} [الإسراء: 36]، ومعناه التحذير من أن تسمع ما لا يحل لك، أو تنظر إلى ما لا يحل لك، أو تعتقد ما لا يحل لك، ويردد المربي على أسماعهم الأحاديث ما يزكي معنى المراقبة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك»، وقوله النبي صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت»، وذلك بنبرة واضحة مع الأداء الصوتي الضاغط على كل حرف وكلمة من هذه الكلما
    ت العظيمة، يصاحبها تركيز النظر في عيني الطفل، مع ابتسامة حانية.


    ثالثاً: لا بد من تصحيح وبناء فكر سليم لدى الأطفال تجاه الإعلام، وأنه ليس كل ما يُعرض فيه يرضي الله تعالى أو يصلح للمشاهدة.. لذلك لا بد أن يكون تعامل المؤمن معه انتقائياً، فلا يشاهد إلا ما يرضي ربه ويزيد في حسناته.
    كنوز العشر الأواخر
    وأهمها: تعويد الأبناء على تحرّي ليلة القدر، والحرص على موافقتها بالقيام والتهجد، وتعليمهم الدعاء الخاص بها، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».
    - ومن كنوز العشر الأواخر أيضاً تربية الطفل على المثابرة عل
    ى الطاعة، مع التنبيه على الإخلاص في أدائها، وعدم الإعجاب بكثرتها؛ فقد تعتري نفس الصغير آفة العجب كما تعتري نفس الكبير إن لم يُوجَّه ويُنَبَّه لذلك، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في تلك الآفة عقب رمضان، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنّ أحدكم: صُمت رمضان كلّه، ولا قُمت رمضان كلّه»[5].
    ولكن نعلمهم أن يردّوا الفضل دائماً لله تعالى فيما وُفِّقُوا إليه م
    ن الطاعات، فعن أبي عمران الشيباني أنه قال: قال موسى يوم الطور: يا رب.. إن أنا صليت فمن قِبلك، وإن أنا تصدقت فمن قِبلك، وإن أنا بلّغت رسالاتك فمن قِبلك، فكيف أشكرك؟ فقال الله تعالى لموسى: الآن شكرتني..!».
    وأخيراً.. أعزائي المربين

    إن قوة الحدث الإيماني في شهر رمضان المبارك تسهّل على المربي مهمته في تربية أبنائه وإصلاح نفوسهم على الوجه الذي يرضاه الله تعالى؛ فلنكن إيجابيين في استثمار هذه الفرصة التربوية العظيمة.. على قدر شرف الزمان الذي نستقبله.. على مستوى شهر رمضان الكريم.
    المراجع
    - بناء الأجيال: د. عبد الكريم بكار.
    - التربية الإيجابية من خلال إشباع الحاجات النفس
    ية للطفل: د. مصطفى أبو سعد.
    [1] أخرجه البخاري، باب: صوم الصبيان، ج/ 3، ص: 82.
    [2]أخرجه البخاري. 
    [3] التمهيد لابن عبد البر، 4/256.
    [4] تفسير الطبري، ج: 23، ص: 491.
    [5] أخرجه أبو داود: 2415، وضعفه الألباني: 2062.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان


    الصيام غذاء الأرواح وجُنَّة من العذاب
    (11)


    الصيام غذاء الأرواح وجُنَّة من العذاب
    فرض الله عزَّ وجلَّ صيامَ رمضان لتحقيق التقوى وتحصيلها، قال تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، هذا تعليل لكتابة الصيام ببيان فائدته الكبرى، وحكمته العليا، وهو أن يعدَّ نفس الصائم لتقوى الله بترك شهواته الطبيعية المباحة الميسورة، امتثالاً لأمره واحتساباً للأجر عنده...»[1].

    ثم إن الصيام يبعث على الإخلاص لله تعالى وحده، ويصحح الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي..»[2].

    يقول الحافظ ابن رجب في تعليقه على هذا الحديث: «إذا اش
    تدَّ توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله؛ كان ذلك دليلاً على صحة الإيمان، فإن الصائم يعلم أنّ له ربَّاً يطلع عليه في خلوته، وقد حرَّم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة، فأطاع ربّه وامتثل أمره، واجتنب نهيه؛ خوفاً من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فشكر اللهُ له ذلك...»[3].
    فالحاصل أن الصيام سببٌ متينٌ لتحقيق التقوى، ودليلٌ ظاهرٌ على صحة الإيمان، وسبيلٌ لنيل درجة الإحسان ومراقبة الله في السرِّ والعلن.
    * إذا تقرَّر أن الصيام يحقق التقوى، وبرهان الإيمان، وطريق الإحسان؛ ففي غمرة المصطلحات الحادثة، والتعبيرات المعاصرة؛ غلب الحديث عن «الصيام والتغيير».. «الصيام غيّرني»... إلخ.

    مع أنه لا مشاحة في الاصطلاح، ولا حرج في التعبير عن المعاني الصحيحة بالاصطلاحات الجديدة[4].
    لكن «التعبير عن حقائق الإيمان بعبارات القرآن أولى من التعبير عنها بغيرها، فإن ألفاظ القرآن يجب الإيمان بها، وهي تنزيل من حكيم حميد، وفيها من الحكم والمعاني ما لا تنقضي عجائبه، والألفاظ المحدثة فيها إجمال واشتباه ونزاع»[5].
    فالألفاظ الشرعية كالتقوى والإخلاص والإيمان، فيها من الشفاء والغَنَاء والحرمة ما ليس لغيرها.
    ثم إن لفظ «التغيير» لفظ مجمل ومحتمل، فقد يراد به حق أو باطل، بخلا
    ف ألفاظ التقوى والإحسان ونحوها، فإن التغيير - في لغة العرب - بمعنى الاستحالة والتبديل من شيء إلى شيء، والتحوّل من صفة إلى أخرى..[6]، فلا يختصّ هذا التغيير بما كان محموداً مطلوباً.

    فقد يكون «التغيير» مذموماً، كما في قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: ظ،ظ،]، قال ابن تيمية: «ومعلوم أنهم كانوا على عادتهم المحمودة، يقولون ويفعلون ما هو خير، لم يكونوا قد غيّروا ما بأنفسهم، فإذا انتقلوا عن ذلك فاستبدلوا بقصد الخير قصدَ الشر، وباعتقادهم الحق اعت
    قادَ الباطل، قيل: قد غيّروا ما بأنفسهم، مثل من كان يحبّ الله ورسوله والدار الآخرة، فتغيّر قلبه وصار لا يحبّ الله ورسوله والدار الآخرة، فهذا قد غيّر ما في نفسه»[7].
    إضافة إلى أن الحديث الحاضر عن «التغيير» في رمضان يركز على آثار الصيام السلوكية والأخلاقية في الدنيا، وينهمك في التغيّرات التي تحصل في جوانب التعاملات والعلاقات في حياتنا الحاضرة، ويستحوذ على جوانب المهارات الذاتية، والنواحي النفسية، وإخضاع ذلك التغيير للتقويم والتطبيق.

    فهناك إغراق في آثار الصيام في الحياة المعاصرة، والواقع الدنيوي، وأما الحديث عن الصيام وآثاره الأخروية، وربط الصيام بيوم البعث والنشور، وأنه جُنّة من عذاب الجحيم؛ فهذا الأمر الظاهر الجليل صار مغيّباً خفياً!
    يقول النبي صلى الله عليه وسلم «الصيام جُنّة»[8]، وجاء في غير رواية «جُنّة من النار»، وفي رواية لأحمد «جُنّة وحصن حصين من النار»[9]، قال الحافظ ابن حجر: «الجُنّة بضم الجيم الوقاية والستر، وقد تبيّن بالروايات متعلق هذا الستر، وأنه من النار، وبهذا جزم ابن عبد البر.. وقال ابن العربي: إنما كان الصوم
    جُنّة من النار لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات، فالحاصل أنه إذا كفّ نفسه عن الشهوات في الدنيا، كان ذلك ساتراً له من النار في الآخرة»[10].
    وخَفَتَ الحديثُ عن الصيام وكونه سبيلاً إلى جنات النعيم! فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة باباً يقال له الريّان، يدخل منه ال
    صائمون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم»[11].

    وقد كشف ابن تيمية عن مسلك الذي يقصرون الدين على مصالح دنيوية محضة فكان مما قاله: «ليس المقصود بالدين الحق مجرد المصلحة الدنيوية، كما يقوله طوائف من المتفلسفة، فإذا لم يكن مقصود الدين إلا جلب المنفعة في الحياة الدنيا، ودفع المضرة فيها، فليس لهؤلاء في الآخرة من خلاق.. وهؤلاء المتفلسفة ومن سلك سبيلهم يجعلون الشرائع من هذا الجنس لوضع قانون تتم به مصلحة الحياة الدنيا، ولهذا لا يأمرون فيها بالتوحيد، وهو عبادة الله وحده، ولا بالعمل للدار الآخرة»[12].
    وكذا إخضاع تأثير الصيام وتغييره للأشخاص وَفق تقاويم البشر ومشاهداتهم، وحسب معايير المهتمين بالأحوال النفسانية.. إن ذلك قد لا يتفق ولا يتسق من كون الصيام سرّاً بين العبد وربه لا يطّلع عليه غيره؛ «لأنه مركب من نية باطنة لا يطّلع عليها إلا الله، وتركٌ لتناول الشهوات التي يستخفى بتناولها في العادة، ولذلك قيل: لا تكتبه الحفظة، وقيل: إن ليس فيه رياء، كذا قال الإمام أحمد وغيره، وكان بعضهم يودّ لو تمكن م
    ن عبادة لا تشعر بها الملائكة الحفظة»[13].

    إن الصيام وإن كان فيه كسر للنفس، وقمع لشهواتها، إلا أنه - وسائر العبادات - «غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه، كما عليه أهل الإيمان، وكما دلّ عليه القرآن فغالب الشرائع (؟؟؟؟؟؟) قرة العيون، وسرور القلوب، ولذات الأرواح، وكمال النعيم»[14].
    يقول ابن القيم: «من له أدنى تجربة وشوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الحيواني، لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرّت عينه
    بمحبوبه، وتنعّم بقربه، والرضى به، وألطاف محبوبه وهداياه.. أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحبّ؟»[15]. وكان ابن تيمية - رحمه الله - قليل تناول الطعام والشراب، وينشد كثيراً هذا البيت:
    لها أحاديث من ذكراك تشغلها
    عن الشراب وتلهيها عن الزاد[16]
    ونختم المقال بشيء من فتوحات ابن القيم في هذا الصدد، حيث يقول: «خُلق بدن ابن آدم من الأرض، وروحه من ملكوت السماء، وقُرِن بينهما، فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في الخدمة (العبادة) وَجَدت روحه خفةً وراحةً، فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي؛ وإذا أشبعه ونعّمه ونوّمه، أخلد البدن إلى الموضع الذي خُلِق منه فانجذبت الروح معه فصارت في السجن..»[17].

    ______________________________ _______

    [1] تفسير المنار (2/145).
    [2] أخرجه البخاري ومسلم.
    [3] لطائف المع
    ارف، ص 161.
    [4] ينظر: الدرء لابن تيمية: (1/232).
    [5] النبوات لابن تيمية: (2/876).
    [6] ينظر  الدرء: (1/112)، (2/185)، (4/72)، (10/185).
    [7] جامع الرسائل: (2/45).
    [8] أخرجه البخاري.
    [9] ينظر: فتح الباري لابن حجر (4/104).
    [10] فتح الباري (4/104).
    [11] أخرجه البخاري وغيره.
    [12] جامع الرسائل، (2/231 - 233) باختصار.
    [13] لطائف المعارف، ص 162.
    [14] مجموع الفتاوى لابن
    تيمية (1/56).
    [15] زاد المعاد (2/33).
    [16] الآداب الشرعية لابن مفلح (2/497).
    [17] الفوائد ص 187.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان




    من معالم التربية النبوية
    . نور الدين سكحال
    (12)

    مِنْ أجدر ما يربِّي به العبد نفسه وغيره سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ففيها معالم عظيمة يهتدي بها المربون .
    ونختار في هذا المقال بعض الحوادث والوقائع ، ونبيِّن ما نستفيده منها من دروس نافعة في تربية أنفسنا وغيرنا في تعاملاتنا وعلاقاتنا وسائر أحوالنا ؛ حتى نكون على مستوى أدب هذا الدين الذي بُعث به ر
    سول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ليزكينا من كل المساوئ والمنكرات .
    وقضية الأدب والخلق قضية عظيمة في هذا الدين ، حتى إن الرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول : « إنما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق » ، ولذا كان السابقون من السلف الصالح يحرصون أشد الحرص على تأديب أنفسهم بأدب الإسلام في كل شيء ، وكانوا يقدمون الأدب قبل العلم .
    قال ابن المبارك - رحمه الله - : تعلَّمت الأدب ثلاثين سنة ، وتعلَّمت العلم عشرين سنة .
    وقال الحسن البصري - رحمه الله - : إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين .
    وقال ابن سيرين - رحمه الله - : كانوا - أي الصحابة رضوان الله عليهم - يتعلمون الهَدْيَ - أي : السيرة والهيئة والطريقة - كما يتعلمون العلم .
    وقال حبيب ابن الشهيد الفقيه لابنه : يا بني ! اصحب الفقهاء والعلماء وتعلَّم منهم وخذْ من أدبهم ؛ فإن ذلك أحب إليَّ من كثير من الحديث .
    وقال بعضهم لابنه : يا بني ! لأن تتعلم باباً من الأد
    ب أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين باباً من أبواب العلم .

    وقال مخلد بن الحسين - المتوفَّى سنة 191هـ - لابن المبارك رحمه الله : نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث .
    يقول ذلك في القرون المفضلة ؛ فكيف لو رأى سوء أدبنا في هذا الزمان ؟ وقيل للشافعي - رحمه الله - : كيف شهوتك للأدب ؟ فقال : أسمع بالحرف منه مما لم أسمعه فتودُّ أعضائ
    ي أنَّ لها أسماعاً فتنعم به .
    قيل : وكيف طلبك له ؟ قال : طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره .
    وقال - رحمه الله - : ليس العلم بما حُفظ ؛ العلم ما نفع .
    معالم من الأدب النبوي في التربية : هلمُّوا نتعلم شيئاً من الأدب من هديه - صلى الله عليه وسلم - : ونبدأ بما أخرجه مسلم في صحيحه :
    1 - أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت ، أي : لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد ، فسأل أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله - تعالى - : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِين َ } ( البقرة : 222 ) .
    فقال - صلى الله عليه وسلم - : « اصنعوا كل شيء إلا النكاح » ، فبلغ ذل
    ك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه .

    فجاء أُسيد بن حضير و عباد بن بشر فقالا : يا رسول الله ! إن اليهود تقول كذا وكذا ، أفلا نجامعهن ؟ ! - لعلهما قصدا والله أعلم إمعاناً في مخالفتهم - .
    فتغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - لأن ما ذكراه غير ممكن شرعاً وغير لائق طبعاً وعقلاً ، فلا يمكن الترخيص فيه بحجة المخالفة لليهود – حتى ظننا أن قد وجد عليهما - أي : غضب - فخرجا ، فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأرسل في آثارهما فسقاهما ، فعرفا أنه لم يجد عليهما [1] .
    فتأمَّل كيف كان - صلى الله عليه وسلم - مراعياً لنفسَيْ صاحبيه ، حريصاً على
    أن يدفع عنهما ما قد يصيبهما من تغيُّر أو ضيق أو حزن لا موجب أو لا سبب له في الحقيقة ، وإنما يؤدي ظاهر بعض المواقف أحياناً إلى شيء من هذا ، حيث تُفهم خطأ فيحسن سرعة إزالة الالتباس والآثار الناتجة عن هذا ؛ لتبقى النفوس صافية منشرحة ، وهنا طيَّب - صلى الله عليه وسلم - نفسيهما بهذه الطريقة العملية اللطيفة ؛ حيث أرسل من يدرك الرجلين ليأتي بهما ليشربا من هذا اللبن الذي أهدي إليه - صلى الله عليه وسلم - ، فعرف الرجلان أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يغضب منهما .

    ومثل هذه المواقف يتكرر كثيراً .. حيث يحزن بعضهم بسبب موقف ما ، وعند التمحيص لا تجد أحداً مخطئاً ، ولكن ربما تصرف بعضهم في هذا الموقف تصرفاً ظاهره قد يوحي بالإساءة لفلان وهو في الحقيقة ليس كذلك ، فيحزن فلان ، والأول يصرُّ على عدم إزالة الحزن عنه بحجة أنه لم يخطئ في حقه ، ويسعى الشيطان في زيادة الشر والوحشة بينهما ؛ لذا فمن أحسَّ من نفسه في موقفٍ مّا أنه بدر منه شيء ما من تعبيرات أو نظرات أو تصرفات يحتمل أن تفهم على أنها إساءة ؛ فينبغي عليه سرعة إزالة ذلك ؛ إما ببيان حقيقة الأمر أو بأية طريقة عملية كما صنع رسول الله - صلى الله عليه و
    سلم - ، ولا يترك المجال للشيطان .
    ومن الأمور العجيبة أنك تكون أحياناً في مجلس عند شخص ما ، وإذا بذلك الشخص يكثر التأفُّف والتضجر والنفخ حتى تكاد تجزم وبتحريض من الشيطان أنك المقصود بهذا التضجر ، وتكون الحقيقة غير ذلك ، وإنما هذا الشخص لديه مشكلة ما أو يفكر في أمر ما لم تطلع عليه ، وهو يتأفف منه ، ولا يدور في باله أن يبيِّن لك حقيقة الأمر ، وللأسف كأنه وحده ، ولا يراعي جلساءه ولا يراعي شعورهم ، ولا يلتفت إلى ما يمكن أن يحدثه الشيطان بسبب ذلك ، وذلك من عدم الأدب ، وأقل الأمور أن يعتذر ويبيِّن لهم أن هناك أمراً لا يتعلق بهم ، أو أن يكفَّ عن تأفُّفه ونفخه في وجوههم إلى أن ينصرفوا .
    وما أعظم خُلُقَه - صلى الله عليه وسلم - - بأبي هو وأمي - إذ يقول عنه خادمه أنس بن مالك - رضي الله عنه - : « خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي : أفٍّ قط » .

    ومن هديه - صلى الله عليه وسلم - في تطييب نفوس أصحابه وتأليفهم والمبادرة لإزالة ما علق بها من تغيُّر نتيجة فهم خاطئ ؛ ما حكاه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - في غزوة حنين أو أوطاس أو هوازن حين أعطى رسول الله العطايا للمؤلَّفة قلوبهم من قريش ومن قبائل العرب ولم يعطِ الأ
    نصار شيئاً .
    فقال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : لما أعطى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ما أعطى من تلك العطايا في قريش ، وفي قبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار منها شيء ؛ وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم ، حتى كثرت فيهم القالة - أي : الكلام - حتى قال قائلهم : لقي واللهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه - ولا شك أن هذا كان سوء فهم من قائله ، وخطأ في حقه صلى الله عليه وسلم - فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال : يا رسول الله ! إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك - غضبوا – في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عِظاماً في قبائل العرب ، ولم يكن في الحي من الأنصار منها شيء .
    قال : « فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ ! » قال : يا رسول الله ! ما أنا إلا من قومي .
    قال : « فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة » [2].
    قال : فجاء رجال من المهاجرين ، فتركهم ، فدخلوا ، وجاء آخرون فردَّهم ، فلما اجتمعوا ، أتى سعد فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار .

    فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو
    أهله ، ثم قال : « يا معشر الأنصار ! مقالة بلغتني عنكم ، وجِدَةٌ وجدتموها عليَّ في أنفسكم ، ألم آتكم ضُلّالاً فهداكم الله بي ، وعالةً فأغناكم الله بي ، وأعداءً فألَّف بين قلوبكم ؟ » قالوا : الله ورسوله أمنُّ وأفضل .
    ثم قال : « ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ ! » قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ ! لله ولرسوله المنُّ والفضل .
    قال : « أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصَدَقتم ولصُدِّقتم : أتيتنا مكذَّباً فصدَّقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك ، وعائلاً فآسيانك » - وهذا من أعظم الأدب وهو عدم تجاهل أدلة المخالف وحججه ولو كانت غير قوية استغلالاً لحيائه أو غفلته عنها ، بل تعترف بها وتصرح بما له [3]- « أوَجدتم عليَّ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة [4]من الدنيا تألَّفتُ بها قوماً ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير ، وترجعون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم ؟ فوَ الذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ، ولو سلك الناس شُعباً ووادياً ، وسلكت الأنصار شعباً ووادياً لسلكتُ شُعب الأنصار وواديها ، الأنصار شعار ، والناس دثار [5]، اللهم ارحم الأنصارَ ، وأبناءَ الأنصار ، وأبناءَ أبناءِ الأنصار » قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله - صلى
    الله عليه وسلم - قسماً وحظاً .
    ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا [6].

    وقوله - صلى الله عليه وسلم - : « ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار » غاية الأدب والتواضع والتطييب لنفوسهم ، فإن العلماء قالوا : إن المهاجرين على وجه الجملة أفضل من الأنصار ، ففي كلامه - صلى الله عليه وسلم - تأليف عظيم لقلوبهم وشرف لهم ، قال الخطابي : أراد بهذا الكلام تألُّف الأنصار واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحداً منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها .. فما أروع خلقه وأدبه - صلى الله عليه وسلم - ! وصدق الله الكريم إذ يقول في حقه - صلى الله عليه وسلم - : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ( القلم : 4 ) .
    2 - أخرج البخاري عن خالد بن ذكوان قال : قالت الرُّبيّع بنت معوِّذ بن عفراء : جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل حين بُني عليَّ ، فجلس على فراشي كمجلسك مني [7]، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدفِّ ، ويندبن من قُتل من آبائي يوم بدر ، إذ قالت إحداهن : وفينا نبيٌّ يعلم ما في غد ، فقال : « دعي هذا ، وقولي بالذي كنت تقولين » ، وزاد في رواية : « لا يعلم ما في غد إلا الله » .
    فهذه الحادثة فيها الترفُّق بالعوام ومراعاة ذلك في أمرهم
    ونهيهم ، فإنهم في كثير من الأحيان تخالط أخطاءهم طيبة في قلوبهم .
    وهنا صحَّح الرسول - صلى الله عليه وسلم - الخطأ لكن بهذه الصورة الرقيقة الخالية من الغلظة والزجر ؛ وذلك لأن الخطأ لم يكن مقصوداً ، ومراعاة لحال المخطئ من الجهل مع طيبة القلب .

    فقال - عليه الصلاة والسلام - : « دعي هذا ، وقولي بالذي كنت تقولين » ، وهذه الكلمة الأخيرة لا تخلو من تلطف وإزالة للحرج ؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينهرها ويأمرها بالسكوت مطلقاً بعد أن أخطأت ذلك الخطأ ، وإنما أرشدها لترك ذلك الإطراء الخاطئ ، وسمح لها بالمضيِّ في غيره ، وإن كان مدحاً له - صلى الله عليه وسلم - ما دام خالياً من الغلو والمجازفات .
    قال ابن حجر - رحمه الله - : وفيه - أي : في الحديث - من الفوائد : إقبال الإمام إلى العرس وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد المباح - ومن المعلوم أنه يجوز من اللهو في العرس ضرب النساء دون الرجال على الدفوف
    دون غيرها من المعازف - وفيه جواز مدح الرجل في وجهه ما لم يخرج إلى ما ليس فيه . اهـ .
    وأخرج البخاري ومسلم و النسائي و أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا و أبو بكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن رفاعة طلقني ألبتة ، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني وإنما عنده مثل الهدبة [8]، وأخذت هدبة من جلبابها . و خالد بن سعيد بن العاص بالباب ولم يؤذن له ، فقال : يا أبا بكر ! ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [9]، فما زاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عن التبسم .

    هذا الحديث فيه موقف تربوي لطيف نستفيد منه في معاملاتنا وكلامنا مع كثير من العوام والبسطاء الذين يجهرون أحياناً بأمور يتحرج غيرهم من التلفظ بها ، فقد يكون المشروع معهم في مثل هذه الحال المداراة لا الإنكار ما دام الأمر لم يخرج إلى حد المخالفة الشرعية ، ويغتفر للعوام كثير من أساليب الكلام التي لو استخدمها مث
    لاً طالب العلم أو الداعية لم يكن لائقاً به .
    وهنا أتت هذه المرأة تشكو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالها مع زوجها الذي لا يحسن جماعها ، فتكلمت على سجيتها ووصفت الحال كما في الحديث ، وهو ما أزعج خالد بن سعيد - رضي الله عنه - ولكنه - صلى الله عليه وسلم - ما زاد على التبسم [10].
    فكل إنسان له قدرة على التعبير ، والعامي قد لا تسعفه لغته في التكنية والتورية عما يخجل من التفوه به ، فيسامَحون في ذلك ما داموا لم يرتكبوا مخالفة شرعية ، فحينئذ يُصحح لهم خطؤهم أو تترك مجالستهم .
    3 - وروى أبو داود وأحمد بإسناد رجاله رجال الصحيح إلا عمارة بن خزيمة وهو ثقة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاع فرساً من أعرابي ، فاستتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقضيه ثمن فرسه ، فأس
    رع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبطأ الأعرابي ، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاعه ، حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنادى الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن كنت مبتاعاً هذا الفرس فابتعه وإلا بعته .

    فقام [11]النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع نداء الأعرابي ، وقال : « أَوَليس قد ابتعته منك ؟ » قال الأعرابي : لا ، واللهِ ما بعتك ! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : « بل قد ابتعته منك » ، فطفق الناس يلوذون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والأعرابي وهما يتراجعان ، فطفق الأعرابي يقول : هلمَّ شهيداً يشهد أني بايعتك ! فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي : ويلك ! إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقول إلا حقّاً .
    حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم – ومراجعة الأعرابي ، يقول : هلمَّ شهيداً يشهد أني بايعتك .
    قال خزيمة : أنا أشه
    د أنك قد بايعته .
    فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمة فقال : « بِمَ تشهد ؟ » فقال : بتصديقك يا رسول الله ! فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادة خزيمة بشهادة رجلين .
    لو فقهنا هذا الحديث العظيم ، وهذا الخلق والأدب الجمّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لعرف كل منا ما له وما عليه ، ففي هذه الأيام كل منا اعتقد في نفسه فضلاً أو شرفاً أو علماً ، وكلنا - إلا م
    ن رحم الله - للأسف يعتقد في نفسه ذلك ، أقول : من اعتقد في نفسه شيئاً من ذلك أحب أن يحصل على حقوقه هكذا دون بينة ويستكبر أن يُطلب منه دليل على ما يقول ؛ لأنه المعصوم المقدس ، ويستنكف أن يعترض أحد كما اعترض ذلك الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    ما أصبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما أحلمه وذلك الأعرابي يتجاهل البيع الذي تم ، ويهدد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يدفع الثمن الأكثر وإلا لم يبع له ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « أَوَليس قد ابتعته منك ؟ » ، والأعرابي الكاذب يحلف أن لا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يسبُّه ولا يردد أكثر من قوله : « بل قد ابتعته منك » .
    نعم ! فما كان ليأخذ الفرس ويمضي البيع بسلطانه ، فكيف وهو يقول للناس : « لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال أموال قوم ودماءهم ، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر » ، وكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادقاً في حقيقة الأمر ، إلا أنه والجميع مقيدون بأحكام الشرع ، والناس لهم الظاهر ، ورسول الله - صلى الله عليه و
    سلم - مطالَب بالبيِّنة على ما يقول ، فما أحلمه - صلى الله عليه وسلم - وما أوسع صدره ! لم يكن جبَّاراً - عليه الصلاة والسلام - ولا متكبراً ولا مغروراً .
    ما أصبره - صلى الله عليه وسلم - على هذا الأعرابي ! وما أعظم امتثاله وتقيده كغيره بأحكام الشرع وحدوده عند المنازعة على شيء ! ثم ما أعظم ورع الصحابة والتزامهم الحق ؛ فهم يعلمون يقيناً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقاً ، ولكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا شاهدين ؛ لذا فكان من جاء منهم لم يزد على أن يقول للأعرابي : ويلك ! إن النبي - صلى الله عليه وسلم – لم يكن ليقول إلا حقاً .
    حتى جاء خزيمة وباجتهاده في المسألة عرف أنه يجوز الشهادة على
    حدوث ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يره لِما قام من الأدلة القاطعة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - وانتفاء الكذب عنه - صلى الله عليه وسلم - ، ولولا أن الله ساق خزيمة في هذا الوقت للإدلاء بهذه الشهادة ما ألزم النبي – صلى الله عليه وسلم - الأعرابي بشيء .

    فهل نستفيد من ذلك أن نطهر أنفسنا من الجبروت والغرور والكبر وادِّعاء العصمة ؟
    اليوم في كل منازعة يريد منك كل طرف من الطرفين أن يلزمك بتصديقه دون نقاش ، ويغضب غضباً شديداً بمجرد شعوره أنك تفكر في بيِّنة ، أو أنك تريد أن تسمع من خصمه كما سمعت منه ، وقد يكون أقل تقوى وأدباً من خصمه ، ولكنه كأنما اعتقد في نفسه العصمة ، ويريد أن يجعل لنفسه من الحقوق ما لم يجعله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه .
    الحقيقة أننا بهذا نريد أن نكون جبابرة لا هداة مهتدين .
    وربما وجدنا كذلك أن بعضهم لا يتحمل أن يناقشه أحد فيما يقوله ، ويريد أن يؤخذ كلامه كالقرآن ، ويكره أن يراجعه أحد في شيء ، بل ربما كره بعض المعلمين ذكاء المتعلم وحقدوا عليه وغاروا منه ، بينما كان
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواضعاً واسع الصدر ، مع ما له من المكانة العالية عند الله جل وعلا ، وكان يقول الشيء فيراجعه فيه أصحابه فلا يضيق بهم ، بل يبيِّن لهم ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : « من نُوقش الحساب عُذِّب » ، فقالت عائشة - رضي الله عنها - : أَوَليس الله - تعالى - يقول : { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } ( الانشقاق : 8 ) ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : « إنما ذلك العرض ، من نُوقش الحساب عُذِّب » ؛ أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .
    ولما قال - عليه الصلاة والسلام - : « يُحشر الناس يوم القيامة حفاةً عُراةً غرلاً » قالت - رضي الله عنها - : ينظر بعضهم إلى عورة بعض ؟ ! قال تعالى : } لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } ( عبس : 37 ) .

    ولما أتاه أعرابي فجذبه من ردائه وقال : يا محمد ! أعطني من مال الله ؛ فإنه ليس مال أبيك ولا مال أمك ؛ لم يزل - صلى الله عليه وسلم - يعطيه
    حتى رضي .
    وقال أنس - رضي الله عنه - : خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي : أفٍّ قط .
    فما أحلمه - صلى الله عليه وسلم - ! وما أوسع صدره ! ولما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين في الحديبية على أنَّ من أسلم منهم ردَّه - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، ومن ارتدَّ لم يردوه إليه ؛ قال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ! أَوَلسنا بالمسلمين ؟فلا يضيق به - صلى الله عليه وسلم - ، بل يجيبه : « بلى » ، فيقول عمر : أَوَليسوا بالمشركين ؟ فيسترسل معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجيبه : « بلى » ، فيقول عمر : فلِمَ نعطي الدنيَّة في ديننا ؟ ! بل تأمَّل حلمه العظيم - صلى الله عليه وسلم - وتحمله للجفاء والاستفسارات الغاضبة المندفعة فيما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أُبيّ جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله - صلى الله علي
    ه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ! تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟ ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إنما خيَّرني الله فقال : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } ( التوبة : 80 ) وسأزيده على السبعين » [12]قال : إنه منافق .
    قال : فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله – عز وجل - : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ
    } ( التوبة : 84 ) .

    وللإمام أحمد عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : لما توفي عبد الله بن أُبَيِّ دُعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت : يا رسول الله ! أعلى عدوِّ الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا : كذا وكذا ؟ يعدد أيامه .
    قال : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : « أخِّرْ عني يا عمر ! إني خيِّرت فاخترت ، قد قيل لي : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } لو أعلم أني لو زدت على السبعين غُفر له لزدت » ، قال : ثم صلى ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه .
    قال : فعجبت من جرأتي على رسول الله - صلى الله عل
    يه وسلم - . والله ورسوله أعلم [13].
    والحديث ليس بحاجة إلى تعليق ، ولا يبقى إلا أن نقول : هل لنا أن نطهر أنفسنا من الكبر والتعالي ؟ وهل تتسع صدورنا لبعضنا ؟ وهل نتحمل الاستفسارات والاعتراضات ؟ وهل نتحلى بالحلم والتواضع والعفو والصبر ونتأسى بشمائله - صلى الله عليه وسلم - ونهتدي بهديه ؟
    اللهم أعنَّا على ذلك ، وأصلح فساد قلوبنا ، وتوفنا على ما توفيت عليه نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - وصحبه ، آمين .

    (1) شرح النووي (3/211 ، 212) .
    (2) جريد التمر ، وهي كذلك ما أحاط بالشيء وتكون من قصب (خشب) ، وهي ما يعمل للإبل من شجر لتقيها البرد والحر (لسان العرب : 8/9) .
    (3) قال ابن حجر : وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك تواضعاً منه وإنصافاً ، وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم (الفتح 7/ 648) .
    (4) أراد بقية يسيرة أو شيئاً يسيراً ، واللعاعة النبت الناعم أول ما ينبت لسان العرب (4042) .
    (5) الشعار : الثوب الذي يلي الجلد من الجسد ، والدثار الذي فوقه وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه وأراد أيضاً أنهم بطانته وخاصته ، وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم الفتح (7/ 649) .
    (6) إسناده صحيح ، وهو في سيرة ابن هشام (2/498، 499) ، والمسند (3/76) عن ابن إسحاق ، وفي الباب عن عبد الله بن زيد عند البخاري (8/38 ، 42) ، ومسلم (1061) ، وأحمد (4/42) زاد المعاد بتحقيق ال
    أرناؤوط وانظر : فتح الباري (7/139 ، 140 ، 637653) ، (13/238) .
    (7) قيل : إنه محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب ، أو كان قبل نزول آية الحجاب ، أو أنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، أو على جواز النظر للحاجة أو عند أمن الفتنة ، قال ابن حجر : وهو المعتمد . ا هـ . الفتح (9/110) .
    (8) أي : طرف الثوب .

    (9) قال ابن حجر : وفيه ما كان الصحابة عليه من سلوك الأدب بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنكارهم على من خالف ذلك بفعله أو قوله .
    (10) قال ابن حجر - رحمه الله - : ولذلك لما رأى أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم – يتبسم عند مقالتها لم يزجرها ، وتبسمه - صلى الله عليه وسلم - كان تعجباً منها ، إما لتصريحها بما يستحي النساء من التصريح به غالباً ، وإما لضعف عقل النساء لكون الحامل على ذلك شدة بغضها للزوج الثاني ومحبتها في الرجوع إلى الزوج الأول ويستفاد منه جواز وقوع ذلك . اهـ الفتح (9/ 376) .
    (11) دليل على أن هذا اللفظ قد يطلق على غير حقيقة القيام (الوقوف) ، وهو نافع في معنى بعض الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم بعد الاستغفار ، والمراد تحوله عن القبلة لا مغادرتها أو الخروج من المسجد والله أعلم .
    (12) وهذا من طيب قلبه - صلى الله عليه وسلم - وعفوه وعدم رغبته في الانتقام لنفسه ، وإلا فكم كان ذلك المنافق شديد البغض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
    (13) وانظر : ابن كثير 2/362 .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    شد الهمة في رمضان
    د.قذلة بنت محمد القحطاني
    (13)


    شد الهمة في رمضان
    كلمة وجهتها الدكتورة ـ قذلة بنت محمد القحطاني
    لطالبات العلم ومشرفات المساجد وعموم النساء بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
    سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهنئ أصحابه بقدوم شهر رمضان المبارك كما في الحديث الذي رواه سلمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم خطب في آخر يوم من شعبان، فقال‏:‏ ‏(‏قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه، وعتقاً لرقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص
    من أجر الصائم شيء‏)‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال‏:‏
    يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائماً على مزقة لبن، أوشربة ماء، أو تمرة، ومن أشبع فيه صائماً، ومن سقى فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، فاستكثروا فيه من أربع خصال‏:‏ خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما‏.‏ أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم‏:‏ فشهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما‏:‏ فتسألونه الجنة، وتستعيذون به من النار‏)‏

    [ ‏أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم 1887‏]‏‏. وكان صلى الله عليه وسلم ي
    قول (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ! وتغلق فيه أبوب الجحيم ! وتغل فيه مردة الشياطين ! لله فيه ليلة خير من ألف شهر ! من حرم خيرها فقد حرم
    !
    { رواه النسائي والبيهقي:صحيح الترغيب( 985) } فأهنئكم بما هنأ به عليه الصلاة والسلام ،وأذكر نفسي أخواتي في الله بكلمة من القلب إلى القلب , وممايشرفني أنني أخاطب كوكبة مباركة من طالبات العلم ,وممن حملوا هم العلم والتعليم والدعوة الى الله.
    أسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصة صوابا.
    كيف نستقبل هذا الشهر العظيم الذي تصفد فيه الشياطين , هذا الشهر العظيم الذي تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم ؟
    ! عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين( ( رواه مسلم (1079( عن أبي هريرة : قال قال رسول الله إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة }


    اخرجه الترمذي(682 ) كيف يكون استغلالنا لهذا الشهرالمبارك؟
    !

    لا شك أن كل واحدة منكن لها منهج ولها نية عظيمة في استغلال هذا الشهر وأنه سيكون بإذن الله تعالى شهر غيث وشهر مميز يختلف عن سائر الشهور.. !
    والإنسان يتاجر مع الله بالنية قد لا يبلغها فقد يعرض له موت أو سفر.
    أو مرض أو مشاغل لا يتوقعها فتكون تجارته مع الله بأعمال القلوب وفي صدقه وإخلاصه فيكون من أسبق السابقين في هذا الشهر .
    موسم التجارة الرابحة التي لا تبور.
    هذا شهر التجارة التي لاتبور ،محقق ربح صاحبها وفوزه بلا خسران !
    وكيف لايكون تجارة رابحة مع الله ،وهو ش
    هر الرحمة والمغفرة والعتق من النار
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"رواه مسلم(759)
    -عن أبا هريرة حدثهم أن رسول الله قال : "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "رواه مسلم/ 760 عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛


    احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال : آمين فلما ارتقى الدرجة الثانية قال : آمين فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال : آمين فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه قال : إن جبريل عليه الصلاة و السلام عرض لي فقال : بعدا لمن
    أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين فلما رقيت الثانية قال بعدا لمن ذكرت عنده فلم يصلي عليك قلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعدا لمن أدرك أبواه الكبر عنده فلم ي
    دخلاه الجنة قلت آمين
    "هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ـ مستدرك الحاكم (7256) : صحيح "
    عن ابن أبي أنس أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله : إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين" رواه مسلم / 1079
    فوصيتي لكل مسلمة
    :

    اعقدي النية على أن يكون هذا الشهر من أعظم الشهور في حياتك, لا يكون هذا الشهر كالأعوام السابقة, حتى لو كنت في الأعوام السابقة ترين نفسك على قوة في العبادة وقراءة القران ولكن اجعلي همتك هذا الشهر أعلى وأعلى ،عزيمة على الرشد ويسأل العبد الله العون على الطاعة ويسأل الله من فضله فلاحول لنا ولا قوة الا به سبحانه . لا حول ولا قوة الا بالله استغاثة به سبحانه , استغاثة بعزته واستغاثة بقوته استغاثة بعظمته
    " إياك نعبد وإياك نستعين "


    فنستعين بالله تعالى على حفظ هذا الشهر ونستعين بالله تعالى على أن نرغم هذا العدو المصفد في الأغلال!
    معالم رمضان عند السلف هو عندهم شهر الص
    يام , شهر القيام , وشهر إطعام الطعام ,
    حتى أن البعض يترك العلم ويتفرغ للقرآن , يتركون أمورا عظيمة من أجل أن يتفرغوا للعبادة وقراءة القرآن والحال ليست كالحال والبعض يستشهد بذلك ويوقف المحاضرات والدروس و هذا مدخل شيطاني فإذا كانوا لا يستغلون أوقاتهم ومشغولين بما يفسد قلوبهم !! فاشغلوهم بالقرآن وبالعلم وبالمحاضرات وبالكلمات التي توقظ قلوبهم وتثبتهم وإذا كان الناس يخرجون من صلاة التراويح على المنكرات والقنوات ففي جلوسهم نصف ساعة للذكرى فيه خير عظيم وصد لشر القنوات والتقنيات أما طالب العلم فينبغي أن تكون له حال أخرى مع الله ،والناس في هذا مراتب ومنازل . فمنهم من يستغل هذا الشهر في الصيام والقيام وتلاوة القرآن وكان من السلف من يقوم الليل كله ومنهم من هو أدنى من ذلك ،فمقل ومستكثر .. ولعلي أذكر لكن أمثلة لبعض لنماذج من السير تحيا بها القلوب الغافلة: ـ
    *
    ـ أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسين بن زياد رحم الله ، فقال له : يا حسين : ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول الرب : كذب من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ؟!! أليس كل حبيب يخلو ب
    حبيبه ؟!! ها أنا ذا مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل ،.....، غداً أقر عيون أحبائي في جناتي . * ـ قال ابن الجوزي رحمه : لما امتلأت أسماع المتهجدين بمعاتبة [ كذب من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ] حلفت أجفانهم على جفاء النوم ."


    ـ قال محمد بن المنكدر رحمه الله : كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي !! * ـ كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !! وتلذذت به عشرين سنة
    *ـ كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة . * ـ كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته
    . * ـ قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : " إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك "
    *ـ قال معمر : صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه
    الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته :
    {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }. *
    ـ قالت امرأة مسروق بن الأجدع : والله ما كان مسروق يصبح من ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام !! ....، وكان رحمه الله إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالساً ولا يترك الصلاة، وكان إذا فرغ من صلاته يزحف ( أي إلى فراشه ) كما يزحف البعير !! * ـ قال مخلد بن الحسين : ما انتبه من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم رحمه الله يذكر الله ويصلي إلا أغتم لذلك ، ثم أتعزى بهذه الآية
    { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} . * ـ قال أبو حازم رحمه الله : ل
    قد أدركنا أقواماً كانوا في العبادة على حد لا يقبل الزيادة
    !! *

    ـ قال أبو سليمان الدارني رحمه الله : ربما أقوم خمس ليال متوالية بآية واحدة ، أرددها وأطالب نفسي بالعمل بما فيها !! ولولا أن الله تعالى يمن علي بالغفلة لما تعديت تلك الآية طول عمري ، لأن لي في كل تدبر علماً جديدا.
    والقرآن لا تنقضي عجائبه !! * ـ عن جعفر بن زيد رحمه الله قال : خرجنا غزاة إلى [ كأبول ] وفي الجيش [ صلة بين أيشم العدوي ] رحمه ، قال :
    فترك الناس بعد العتمة ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا نام الجيش كله وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه ، فدخلت في أثره ، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة ، وبينما هو يصلي إذا جاء أسد عظيم فدنا منه وهو يصلي !! ففزعت من زئير الأسد فصعدت إلى شجرة قريبة ، أما صلة فوالله ما التفت إلى الأسد !!
    ولا خاف من زئيره ولا بالى به !! ثم سجد صلة فاقترب الأسد منه فقلت : الآن يفترسه !! فأخذالأسد يدور حوله ولم يصبه بأي سوء ، ثم لما فرغ صلة من صلاته وسلم ، التفت إلى الأسد وقال : أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر !! فولى الأسد وله زئير تتصدع منه الجبال !! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر !! جلس فحمد محامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ، ثم قال : الله إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة !!! ثم رجع رحمه الله إلى فراشه ( أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائماً ) فأصبح وكأنه بات على الحشايا وهي الفرش الوثيرة الناعمة والمراد هنا أنه كان في غاية النشاط والحيوية ) ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول شيء الله به عليم "
    *
    ـ قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء
    ؟!! فقال : لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف " ولنساء السلف في القيام والعبادةحظاً وافراً

    ومنهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد كن عابدات ذاكرات؛ومنهن ‘أم المؤمنين الصديقة الطاهرة المبرئة من فوق سبع سموات. *ـ " عائشة بنت أبي بكر الصديق "
    رضي الله عنهما تلك الفقيهة العالمة العابدة ..

    قال القاسم بن محمد: كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة فأسلم عليها، يقول: فدخلت عليها يوماً وهي تصلي وتقرأ قول الله عزَّ وجلَّ وتبكي: "فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ" [الطور:27] قال: فنظرت إليها وانتظرت، فأعادت الآية:
    "فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ"قال: فانتظرت مرة ومرتين،
    فإذا بها تردد الآية وتبكي، قال: فطال عليّ المقام، فذهبت إلى السوق لأقضي حاجة لي، قال: فرجعت فإذا هي قائمة كما هي تبكي وتصلي وتقرأ القرآن. تقول عائشة رضي الله عنها: ( إنكم لن تلقوا الله عزَّ وجلَّ بشيء خير لكم من قلة الذنوب ( . *ـ عند احتضارها، جاءها ابن عباس ، وكان عندها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال لها: [إن ابن عباس يستأذن عليك، يريد الدخول فقالت: ما لي ولـابن عباس -وهي تحتضر- فاستأذن مرة أخرى فأذنت له فدخل، فلما دخل أثنى عليها خيراً وأخذ يطريها، ويكيل لها المدائح، فقالت: دعك عني يـابن عباس ، دعك عني يـابن عباس ، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً
    "
    ومن سيدات المحراب:

    *أم سلمة رضي
    الله عنها
    " تقوم تصلي حتى ما تستطيع أن تقف من طول القيام فتربط الحبل وتمسك به
    عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد.. ولم يؤيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل رضي الله عنها وأرضاها وما كانت تريد من هذا القيام إلا القرب من الله والخشوع والقنوت قال تعالى
    :{تَتَجَافَىظ° جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلَاتَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

    *"ومن سيدات المحراب:

    أم المؤمنين جويرية-رضي الله عنها-
    التي كانت تجلس في مصلاها حتى تشرق الشمس وترتفع ورسول الله
    صلى الله عليه وسلم يمر عليها وهي في مصلاها كما في الحديث عن جويرية رضى الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد قلت بعدك أربع كلمات – ثلاث مرات – لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " * " حفصة بنت سيرين
    "
    سيدة جليلة، من سيدات التابعيات، أشتهرت بالعبادة وقراءة القرآن والحديث، وقرأ
    ت القرآن وهي ابنة إثنتى عشرة سنة وكان ابن سيرين إذا استشكل عليه شيء من القرآن قال: إذهبوا فاسألوا حفصة كيف تقرأ..
    وكانت عابدة تجتهد في العبادة، فتدخل مسجدها فتصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ولا تزال فيه حتى يرتفع النهار وتركع ثم تخرج فيكون عند ذلك وضوؤها ونومها، حتى إذا حضرت الصلاة عادت إلى مسجدها مثلها. فكانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة، وكانت تصوم الدهر.. إلا العيدين..
    وكان لها كفن، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا جاءت العشر الأخيرة
    من رمضان قامت من الليل فلبسته.. ومن أقوالها: يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فاني رأيت العمل في الشباب..
    يتبع


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    شد الهمة في رمضان

    د.قذلة بنت محمد القحطاني
    (14)

    رمضـان شهر القرآن:


    قال الله تعالىشَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا ْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( *ـ قال ابن كثير رحمه الله :
    يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال الق
    رآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء *ـ وعن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة "
    *ـ قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:


    وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كان ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

    ولذا كان للسلف حال أخرى مع القرآن
    وعقد الإمام النووي رحمه الله فى كتابه القيم: (التبيان فى آداب حملة القرآن) فصلاً فى موقف السلف مع القرآن الكريم جاء فيه :ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة ، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ، وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، وعن بعضهم في كل ست ، وعن بعضهم في كل خمس ، وعن
    بعضهم في كل أربع ،وعن كثيرين في كل ثلاث ،وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة ، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ، ومنهم من كان يختم ثلاثاً وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون


    . ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات: سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه0
    وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات.
    وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات
    وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهداً كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء
    وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان
    وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حت
    ى يختم القرآن . ثم يقول الإمام النووي رحمه الله :
    وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ركعة في الكعبة
    قلت:ولايستغرب ذلك فهذه من كرامات الأولياء ..
    حفظ الوقت: ـ

    * ـ من الأمور المهمة أن يكون لك منهجية لاستغلالهذا الشهر ،فهذا الشهور ليس كالشهور الاخرى فأوقاته وساعاته أغلى من الذهب ونفيس الجواهر
    وليعلم العبد أن صيام الاثنين والخميس وأيام البيض تطوع ،ولكن
    رمضان فرض وركن من أركان الاسلام .
    كيف أؤدي هذه الفريضة التي هي أحب الأعمال لله تعالى؟
    ثبت في الحديث القدسي قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته:
    فكنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) ( رواه البخاري برقم 6502)
    فالواجب أن أتقرب الى الله بالفريضة أولا , قبل النافلة!
    تربية الأولاد والأسرة
    اعقدي العزم أنت وأهل بيتك وأولادك وبناتك على حسن استقبال هذا الشهر
    اجعلي بيتك بيت رباني،ودور الوالدين مهم وضروري في تثبيت الأبنا
    ء لاسيما مع كثرة الفتن و الهجمة الشيطانية المتمثلة في الغزو الفكري والإعلامي على الجيل المسلم ومن الوسائل المعينة
    : *


    ـ نشر التوعية بتعظيم الشهر وأنه ليس كسائر الشهور ،وانه فريضة وركن من أركان الإسلام.
    -التعريف بأسماء الله الحسنى وليكن كل ليلة التعريف باسم من الأسماء الحسنى،ليتعلق الأولاد بربهم ويعرفونه فهذا من أعظم أسباب الثبات •قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى : قال بعض العلماء : أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته ، فإذا عرَفه الناس عبدوه ، وقال تعالى
    : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ }[ محمد : 19 قال ابن القيم -في الشافية الكافية؛
    »ليست حاجة الأرواح قطّ إلى شيء أعظم منها إلى معرفة بارئها وفاطرها ومحبَّتِه وذكرِه والابتهاج به، وطلبِ الوسيلة إليه والزُّلفى عنده، ولا سبيل إلى هذا إلَّا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل وإليه أكره ومنه أبعد، والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه« *
    ـ - عقد العزم في جلسة ودية على استغلال الشهر والتنافس على الخيرات واجتناب الغيبة
    *ـ -إقامة مسابقة في حفظ القران وتتم المتابعة وتوضع لها جوائز قيمة.
    *ـ جلسات إيمانية والصلاة
    جماعة أحيانا في قيام الليل .
    *ـ تعليق عبارات ايمانية وتذكير بفضائل الوقت.
    *ـ بيني لهم حال السلف في رمضان.. .


    ليلة القدر خير من ألف شهر
    قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوح
    ُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) من حرمها فقد حُرم؛ فعن أنس بن مالك قال: دخل رمضان، فقال رسول الله: إنَّ هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير
    من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا مَحروم؛ صحيح سنن ابن ماجه. إنَّ الملائكةَ تلك الليلةَ أكثر في الأرض من عدد الحصى،
    يَقْبَلُ الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبوابُ السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها. وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العملَ طوال الشهر؛ حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة؛ قال جويبر قلت للضحاك: "أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟"، قال: "نعم، كلُّ مَن تقبَّل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر
    ". وهي في العشر الأواخر من رمضان؛
    عن عائشةَ - رضي الله عنهما - قالت: كان رسولُ الله يُجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: ((تَحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان))،
    وعنها أنَّ النبي، قال: ((تَحرَّوا ليلةَ القدر في
    الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان))،
    قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: ينبغي أنْ يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعها، كما قال النبي: ((تحروها في العشر الأواخر))، وتكون في السبع الأواخر أكثر وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين، كما كان أُبَي بن كعب يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين. اهـ. وَّ الحكمةَ في إخفاء ليلةِ القدر أنْ يَحصل الاجتهادُ في التماسها وطلبها
    . ومن علاماتها
    : وَرَدَ لليلةِ القدر علاماتٌ، منها أنَّها ليلة بلجة منيرة، وأنَّها سا
    كنة لا حارة ولا باردة، وأنَّ الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية، ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر
    . الدعاء فيها بطلب العفو


    سألت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - النبي: ماذا أقول إنْ وافقت ليلة القدر؟ قال لها النبي: ((قولي: اللهم إنك عفوٌّ تُحب العفو فاعف عني))
    فهذه ليلة عظيمة القدر والشرف.
    كيف تضيع هذه الأيام الليالي وفيها ليلة العبادة فيها أكثر من 83 سنة .
    ـ فيجب حفظ الوقت وحفظ الجوارح والصمت وحفظ اللسان والتقوي واستحضار الإخلاص واستغلال الأوقات.
    فمثلا عند الإفطار دعوة لا ترد . فلابد أن يضبط الإنسان وقته فالمرأة ة التي لديها مسؤوليات تحاول أن تضبط وقتها وتحاول أن تنهي أمور الطبخ قبل المغرب وتفرغي لقلبك , فه
    ي ساعات عظيمة نفحات إيمانية لا تضيع هنا وهناك.
    فيها ساعة فرحة المؤمن وفرحة الصائم وفيها لحظات لا ترد دعوة الصائم .
    البعض يقول ثلاثين دعوة!!
    مما يستقبل رمضان به الدعوة إلى الله : ـ

    ـ الثبات على الدعوة لله تعالى وهذا أمر استخير الله به من سنوات كلما هممت أن أتفرغ في رمضان لنفسي ولكن أنى ذلك مع عظم الهجمة وكثرة الصد عن سبيله ،وإذا كان أهل الباطل قد تفرغ
    وا وتفننوا في فتنة العباد بمسلسلات رمضانية وأفلام يهودية وسموها رمضانية وما أدري ما وجه النسبة إلى رمضان !! بل هي مسلسلات شيطانية يهودية وأسأل الله أن يبصرنا ويفتح لنا في القرب منه.
    ففي رمضان تمتلئ المساجد بالنساء فمتى تجدي هذه الفرصة؟
    أما الخلوة مع نفسك فعندك من الوقت في الليل والنهار مايكفي ،فأعطي الدعوة ساعة أو ساعتين مع الإجهاد في توزيع الكتب والاهتمام بنشر العلم.
    والدعوة إلى الله عمل عظيم ,جليل وهو مهمة الأنبياء والرسل وأدعو الأخوات الفاضلات المشرفات على المساجد إلى بذل الجهد في الدعوة والإصلاح
    . أما الخلوة فعندك وقت في الليالي وفي النهار ولكن أعطي الدعوة ساعة أو ساعتين فقطواجتهدي في توزيعالكتب , ونشر العلم .. فالداعية الى الله ليس له إجازة . سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله لم يأخذ اجازة طوال حياته في الدعوة.الى الله بل هو في سرير المرض وهو يفتي وقبل موته بساعات اصدر فتوى .. والعلامة ابن عثيمين يلقي درسه وهو في العناية المركزة!رحمة الله عليهم
    اجمعين


    وختاما أقول استقبلي الشهر بصلاح القلب وصلاح النية وصلاح العمل . بالعزيمة الصادقة والصدق مع الله وليكن شعارك " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى "ارفعي همتك مع الله , ولتكن همتك مع الله سكنى الفردوس الأعلى " ورد في الحديث
    .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِين َ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ )
    رواه البخاري 2790 جنة الله تحتاج ثبات وتطلب عمل وعزوف عن الشهوات , حفت بالمكاره
    ..
    فاجعلي مشروعك هذه السنة على هذه المضغة (القلب ) ازيلي شوائب الشرك والرياء وحب الثناء وطهري قلبك بالإخلاص لله تعالى . انظري الى قلبك أين مقامة في اليقين ؟
    رب عظيم ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا
    !

    جنة تعرض !
    جنة تزيين !
    نار تغلق !
    شياطين تصفد !
    ونحن في اللهو الغفلة والأسواق وقيل وقال!

    ومن هنا أقول احرصي يامن تريدين الله والدار الاخرة على هذا القلب . ادعي الله بصلاحه فربما دعوة تستجاب تصلح بها دنيك ودنياك , ادعي الله بجوامع الدعاء , ادعي الله بالهداية . *
    التزود بالطاعات والاستكثار من الـصـــالحــات غاية ومطلب لكل مؤمن، ولقد سُئل الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي(1) ـ رحمه الله ـ عن أسباب مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة، فأجاب ـ رحمه الله ـ بجواب نـفـيـس؛
    حـيـث ذكــــر أسباباً متنوعة لمضاعفة ثوابها، مستدلاً بنصوص الوحيين ومراعياً مقاصد الشريعة ومصالحها(2)
    قال رحمه الله: ـ(الجواب؛ وبالله التوفيق: أما مضاعفة العمل
    بالحسنة إلى عشر أمثالها، فهذا لا بد منه في كل عمل صالح، كما قال تعالى:
    - ((مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) [الأنعام: 160] وأما المضاعفة بزيـــادة عن ذلك، وهي مراد السائل، فلها أسباب: إما متعلقة بالعامل، أو بالعمل نفسه، أو بزمانه، أو بمكانه، وآثاره. فمن أهم أسباب المضاعفــة أن يحقق(3) العبد في عمله الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول؛ فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة، وقصد العبد به رضى ربه وثوابه، وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي لـه إلى العمل، وهو الغاية لعمله، بأن يكون عمله صادراً عن إيمان بالله ورسوله، وأن يكون الداعـي لـه لأجل أمر الشارع، وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه، كما ورد هذا المعنى في عدة آيات وأحاديث، كقوله ـ تعالى ـ:
    ((إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) [المائدة:27] أي: المتقين الله في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة، وكما في قوله لله: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)(4).


    وغيرها من النصوص. والقليل من العمل مع الإخلاص الـكـامــل يرجح بالكثير الذي لم يصل إلى مرتبته ف
    ي قوة الإخلاص، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة تتفـاضــل عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من الإيمان والإخلاص؛ ويدخل في الأعمال الصالحة التي تتفاضل بتفاضل الإخلاص ترك ما تشتهيه النفوس من الشهوات المحرمة إذا تركها خـالـصـــاً من قلبه، ولم يكن لتركها من الدواعي غير الإخلاص وقصة أصحاب الغار(5) شاهد بذلك
    .. ومن أسباب مضاعفة العمل: أن يكون من الأعمال التي نفعُها للإسلام والمسلمين لـــه وقعٌ وأثرٌ وغَناء، ونفع كبير، وذلك كالجهاد في سبيل الله: الجهاد البدني، والمالي، والقـــولي، ومجادلة المنحرفين؛ كما ذكر الله نفقة المجاهدين ومضاعفتها بسبعمائة ضعف
    . ومن أعظم الجهاد: سلوك طرق التعلّم والتعليـم؛ فإن الاشتغـال بذلك لمن صحـت نيـتـه لا يوزنه عمل من الأعمال، لما فيه من إحياء العلم والدين، وإرشاد الجاهلين، والدعوة إلى الخير، والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغني العباد عنه؛ فمن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل له به طريقاً إلى الجنة، وم
    ن ذلك المشاريع الخيرية التي فيها إعانة للمسلمين على أمور دينهم ودنياهم التي يستمر نفعها ويتسلسل إحسانها، كما ورد في الصحيح
    ):إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)(6) ومن الأعمال المضاعفة: العمل الذي إذا قام به العبد، شاركه فيه غيره، فهذا أيضاً يضاعف بحسب من شاركه، ومن كان هو سبب قيام إخوانه المسلمين بذلك العمل؛ فهذا بلا ريب يزيد أضعافاً مضاعفة على عملٍ إذا عمله العبد لم يشاركه فيه أحد، بل هو من الأعمال القاصرة على عاملها، ولهذا فضّل الفقهاء الأعمال المتعدية للغير على الأعمال القاصرة
    . ومن الأعمال المضاعفة إذا كان العمل له وقع عظيم، ونفع
    كبير، كما إذا كان فيه إنجاء من مهلكة وإزالة ضرر المتضررين، وكشف الكرب عن المكروبين. فكم من عمل من هذا النوع يكون أكبر سبب لنجاة العبد من العقاب، وفوزه بجزيل الثـواب، حتى البهائـم إذا أزيـل ما يضرها كان الأجر عظيماً؛ وقصة المرأة البغي التي سقت الكلب الذي كاد يموت من العطش، فغُفر لها بغيها، شاهدة بذلك(7)

    ومن أسباب المضاعفة: أن يكون العبد حسن الإسلام، حسن الطريقة، تاركاً للذنوب، غير مُصِرّ على شيء منها، فإن أعمال هذا مضاعفة كما ورد بذلك الحديث الصحيح: (إذا أحسن أحدكم إسلامه؛ فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف...) الحديث(8)
    ومن أسبابها رفعة العامل عند الله، ومقامه العالي في الإسلام، فإن الله ـ تعالى ـ شكور حليم، لهذا كان أجر نساء النبي لله مضاعفاً. قال تعالى: ((وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ)) [الأحزاب: 31]، وكذلك العالم الرباني، وهو العالم العامل المعلّم تكون مضاعفة أعماله بحسب مقامه عند الله،
    كما أن أمثال هؤلاء إذا وقع منهم الذنب، كان أعظم من غيرهم، لما يجـب عليهـم من زيادة التحـرز، ولما يجب عليهـم من زيادة الشكر لله على ما خصهم به من النعم
    . ومن الأسباب: الصدقةُ من الكسب الطيب، كما وردت بذلك النصوص. ومنها شرفُ الزمان، كرمضان وعشر ذي الحجة ونحوها، وشرف المكان كالعبادة في المساجد الثلاثة، والعبادة في الأوقات التي حث الشارع على قصدها، كالصلاة في آخر الليل، وصيام الأيام الفاضلة ونحوها، وهذا راجع إلى تحقيق المتابعة للرسول المكمل لله مع الإخلاص للأعمال المنمّي لثوابها عند الله


    . ومن أسباب المضاعفة: القيامُ بالأعمال الصالحة عند المعارض
    ات النفسية، والمعارضات الخارجية؛ فكلما كانت المعارضات أقوى والدواعي للترك أكثر، كان العمل أكمل، وأكثر مضاعفة. وأمثلة هذا كثيرة جداً، ولكن هذا ضابطها
    . ومن أهم مــــــا يضاعف فيه العمل: الاجتهاد في تحقيق مقام الإحسان والمراقبة، وحضور القلب في الـعـمـــــل، فكـلـمــا كانت هذه الأمور أقوى، كان الثواب أكثر، ولهذا ورد في الحديث: (ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها) فالصلاة ونحوها وإن كانت تجزئ إذا أتى بصورتها الظاهرة، وواجباتها الظاهرة والباطنة، إلا أن كمال القبول، وكمال الثواب، وزيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات، وزيادة نور الإيمان بحسب حضور الـقـلـب فـي العبادة(9). ولهذا كان من أسباب مضاعفة العمل حصولُ أثره الحسن في نفع العـبـد، وزيادة إيمانه، ورقّة قلبه، وطمأنينته، وحصول المعاني المحمودة للقلب من آثار العمل؛ فإن الأعمال كلما كملت، كانت آثارها في القلوب أحسن الآثار، وبالله التوفيق. ومن لطائف المضاعفة أن إسرار العمل قد يكون سبب
    اً لمضاعفة الثواب، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظلهرجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.. ومنهم: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)(10( كما أن إعـلانها قد يكون سبباً للمضاعفة كالأعمال التي تحصل فيها الأسوة والاقتداء، وهذا مما يدخـــــل في القاعدة المشهورة: قد يعرض للعمل المفضول من المصالح ما يصيّره أفضل من غيره. ومـمــــــا هو كالمتفق عليه بين العلماء الربانيين أن الاتصاف في كل الأوقات بقوة الإخلاص لله، ومحـبـة الخير للمسلمين مع اللهج بذكر الله لا يلحقها شيء من الأعمال، وأهلها سابقون: لكلّ فـضـيـلـــــةٌ وأجرٌ وثوابٌ، وغيرها من الأعمال تبع لها؛ فأهل الإخلاص والإحسان والذكر هم السابـقـــــون السابقون المقربون في جنات النعيم

    . ===============
    الهوامش :
    (1) الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي التميمي، من كبار العلماء، ولد بعنيزة سنة 1307هـ، له مؤلفات نافعة في سائر علوم الشريعة، واشتغل بالتدريس، وله تلاميذ متميزون من أشهرهم الشيخ العلاّمة محمد الصالح العثيمين. توفي بعنيزة سنة 1376هـ، انظر: علماء نجد لعبد الله البسام 2/422، والأعلام للزركلي3/340.
    (2) الفتاوى الس
    عدية، المسألة التاسعة، ص 43.
    (3) في الأصل: (إذا حقق)
    (4) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
    (5) حديث أصحاب الغار متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ.
    (6) رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
    (7) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
    (8) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
    (9) أي يكتب للإنسان من صلاته على حسب خشوعه فيها.
    (10) متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان




    التنوع بالعبادات في رمضان

    سوزان بنت مصطفى بخيت
    (15)



    التنوع بالعبادات:
    اذن اتفقنا يا رفيقتي، أنه عند التخطيط لابد من التدرج في العبادة بالقدر الذي يحقق لكِ سكينة القلب والاستشعار بلذة القرب من الله مع الاهتمام بالإكثار من أنواع العبادات كما كان يفعل حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
    يقول ابن القيم رحمه الله: (وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل - عليه السلام - يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من
    الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور ).
    أما بالنسبة لكِ يا رفيقتي، فها هي مقترحات للتنوع في العبادات:
    1. احتساب الاجر:


    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» [رواه البخاري ومسلم]
    فما رأيك يا رفيقتي أن تجعلي كل عاداتك عبادات فتنالي أجرها في الدنيا والآخرة من خلال تجديد النية دوما لتكون خالصة لله عز وجل مع احتساب الأجر
    طلبا لمرضاة الله عز وجل.
    فيمكنك احتساب اجر ادخال السرور على أهل بيتك وإماطة الأذى عن الطريق من خلال ترتيب البيت وتنظيفه.
    ويمكنك احتساب اجر افطار صائم من خلال تحضير الطعام لأهل بيتك.
    ويمكنك احتساب اجر الكلمة الطيبة صدقة حين تستقبلينهم بالترحيب والدعاء.
    وغيرها من العادات التي لو قمتِ بها بنية العبادة واحتسبتِ الاجر فيها لتحولت الى عبادات تؤجري عليها.
    2. الصلاة المفرو
    ضة:

    تذكري يا رفيقتي أنها فريضة وأنها أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة فأوليها إهتمامك قبل التفكير بالنوافل وقيام الليل، واجتهدي في إعطاؤها حقها، واحرصي على الخشوع فيها مهما بلغت إنشغالاتك، مع الحرص على أداؤها في أول وقتها.
    3. القرآن:
    القرآن ورمضان توأمان لا ينفصلان، فالقرآن هو غذاء الروح وهو منبع الراحة والسكينة والطمأنينة.
    فإن خلي الجسد من المأكل والمشرب في نهار رمضان، فلابد من تغذية روحه بآيات الله.
    وإن خلي الجسد من صحبة الآقران بالليل فلا أنيس له أفضل من آيات الله.
    يقول ابن القيم رحمه الله: (‏صوت القرآن؛ يسكن النفوس، ويطمئنها ويوقرها، وصوت الغناء؛ يستفزها، ويزعجها، ويهيجها). [بدائع التفسير]
    وللقرآن كذلك أثر بليغ في العقول والقلوب، يقول ابن الجوزي: (إن مواعظ القرآن تذيب الحديد، وللفهوم كل لحظة زجر جديد، وللقلوب النيرة كل يوم به وعيد، غير أن الغافل يتلوه ولا يستفيد) [مدارج السالكين]


    لذلك كان من هدي السلف الإهتمام بكثرة تلاوته في شهر رمضان، فكان بع
    ضهم يختمه في قيام رمضان في كل ثلاث ليالٍ، وبعضهم في كل سَبعٍ، وبعضهم في كل عشر.
    وكان منهم من يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان خاصة في العشر الأواخر.
    وكل هذا يسير على من يسره الله عليه، بشرط أن تتدربي عليه كثيرا لأشهر قبل رمضان مع الاجتهاد أن تكون تلاوتك بالحدر (تلاوة سريعة مع عدم الإخلال بأحكام التجويد)، وإليك بعض النصائح التي تعينك في التدرج مع القرآن:
    *انظري كم صفحة تقرأين يوميا، وتدرجي في زيادتها حتى تصلي إلى ما لا يقل عن جزء يوميا.
    *احرصي أن يكون هناك خمسة دقائق كل ساعة تتلين فيها كتاب الله
    عز وجل لتجددي الوصال بينك وبين كتاب الله بعيدا عن ملهيات الحياة.
    *احرصي أن يكون لكِ ما لا يقل عن ختمة في الشهر، وإن كنتِ تختمين مرة شهريا فتدربي على ختمتين، وإن كنتِ تختمين إثنين فتدربي على ثلاثة وهكذا. واجتهدي في التلاوة بالحدر لتستطيعي ختم القرآن أكثر من مرة بالشهر.

    *لا تحرمي نفسك من الاستماع للقرآن فهو مما يجدد الإيمان ويسكن النفس ويغمر الروح برحمة من الله، لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204]
    4. الدعاء:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { الدعاء هو العبادة } [رواه الترمذي]
    وقال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُ
    ونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم تبارك وتعالى حييٌ كريمٌ يستحيي من عبدهِ إذا رفع يديهِ إليهِ أن يردهما صِفرا» [صحيح أبي داود]
    فلا تحرمي نفسك من لذة الدعاء لنفسك ولغيرك ولا تنسيني يا رفيقتي من دعوات بظهر الغيب.



    5. النو
    افل:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قال: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري]
    فاسعي يا رفيقتي إلى محبة الله، فوالله لن تجدي نعيما في الدنيا ولا في الآخرة بدون محبته. والنوافل تشمل الصلاة والصيام
    اما الصلاة:
    يقول ابن القيم رحمه الله: (فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين، هداهم إليها، وعرَّفهم بها، وأهداها إليهم على يد رسوله الصادق الأمين، رحمة بهم، وإكرامًا لهم؛ لينالوا بها شر
    ف كرامته، والفوز بقربه، لا لحاجة منه إليهم، بل منَّة منه، وتفضَّلًا عليهم، وتعبَّد بها قلوبهم وجوارحهم جميعًا، وجعل حظ القلب العارف منها أكمل الحظين وأعظمهما؛ وهو إقباله على ربِّه سبحانه، وفرحه وتلذذه بقربه، وتنعمه بحبه، وابتهاجه بالقيام بين يديه، وانصرافه حال القيام له بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده، وتكميله حقوق عبوديته ظاهرًا وباطنًا حتى تقع على الوجه الذي يرضاه ربه سبحانه).

    انتهى
    ويمكنك البدء بركعتين سنة الفجر وركعة الوتر لما ورد عن فضلهما،
    ثم فيما بعد أضيفي إليهما ركعتي الضح
    ي وركعتان قيام الليل بعد العشاء،
    وبعدها بفترة أضيفي السنن الرواتب، وأخيرا قيام الليل خاصة في الثلث الأخير منه.
    واجتهدي يا رفيقتي في القيام ولو بركعتين بعد العشاء لتكوني ممن يصيبوا ليلة القدر، لقول عبد الله بن مسعود: (من قام الدهر أصاب ليلة القدر)
    وأما الصيام، فيمكنك البدء بالثلاثة أيام القمرية من كل شهر ثم يومي الإثنين والخميس من كل إسبوع وتستمري عليهما حتى يحين رمضان.

    6. الأذكار:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعرابي: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عزَّ وجلَّ» [جامع العلوم والحكم]
    يقول ابن القيم رحمه الله: (وبالذكر يَصرع العبد الشَّيطان، كما يَصرع الشيطان أهل الغفلة والنسيان. قـال بعـض الـسَّلف: إذا تمكن الذكر من القلب، فإن دنا منه الشيطان صرعه كما يُصرع الإنسان إذا دنا منه الش
    يطان، فيجتمع عليه الشياطين، فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسه الإنسي. وهو (أي الذكر) روح الأعمال الصالحة؛ فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه، والله أعلم) [مدارج السالكين]
    ويقول الشيخ الشنقيطي حفظه الله: (أعظم الغفلة أن يغفل الإنسان عن مقامه عند ربه، إذا أردت أن ترى مقامك عند الله فانظر إلى حرصك على ذكر الله)



    والذكر يشمل أذكار الصباح والمساء، وأذكار بعد الصلاة، والاستغفار والحمد والتكبير والتهليل والحوقلة، وتلاوة القرآن وغيرها، فاجتهدي يا رفيقتي أن يكون يومك معمورا بذكر الله ليذكرك الله في الملأ الأع
    لى على مدار اليوم لقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]
    7. حفظ الجوارح:
    معلوم أن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ولازمة لها، لذلك كلما كان باطنك صالحا يا رفيقتي كلما ظهر ذلك في محافظتك على جوارحك من الذنوب والمعاصي.
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت، فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)).

    وقال أ
    بو هريرة: (القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده.) فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد) [مجموع الفتاوى]
    8. الصدقات:
    رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أجودُ الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريلُ يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيُدارِسُه القرآن، فلَرَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسلةِ» [رواه ا
    لبخاري]
    ولذلك كان الشافعي يقول: (أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم )





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان




    حسن الصلة بالله.. أمور يكتسبها الطفل من الصيام
    محمد شلال الحنانة
    (16)


    صيام رمضان فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، وركن من أركانه، وله فوائد كثيرة للأفراد والمجتمعات، كباراً وصغاراً. وقد حث الإسلام على صيام الصغير القادر، وشجع عليه، لما له من آثار في
    سلوكهم، وفوائد في حياتهم ومستقبلهم منها:
    1- تعويد الأطفال على تعظيم حرمات الله، والقيام بما فرضه الله:
    وهذا يجعلهم أكثر إلتزاماً بأوامر الله حين يكبرون، والأصل في كل مولود أنّه يولد على فطرة الإسلام، وحب الإنصياع له، ولكن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما ور
    د في حديثه عليه السلام.

    2- أن إدراك منزلة الصوم عند الله، فيه ترغيب للصغار بالجنة، وحثهم على الأعمال الصالحة وتشويقهم للنعيم الطيب فيها، الذي تلذ له الأنفس، وتقر به الأعين، إذ يقول عليه السلام:
    "إنّ في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال:
    أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا
    دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد" (متفق عليه).

    3- غرس الإيمان في نفوسهم، وتقوى الله، ومراقبته: وهذا يأتي تدريجياً حسب سنهم، فالصوم مراقبة وإحتساب عند الله، وتنمية هذه القيم في الصغر يجعله أعظم ثباتاً وصدقاً في الكبر، وقد قال :
    "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
    4- الصوم يشجع الأطفال على الصدقات وبذل الجود والخير في سبيل ا
    لله، وفعل المعروف، إقتداءً بسنة الرسول ، وعطفاً على الفقراء والضعفاء والمساكين، فيكون هذا العطاء أكثر وقعاً في نفوسهم لا سيما وهم صائمون، فعن ابن عباس (رض) قال:

    "كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله حين يلقاه جبريل أجود ب
    الخير من الريح المرسلة" (متفق عليه).
    5- ينفض الصيام عن الأطفال غبار الكسل والغفلة التي قد تكون في غير رمضان، أما في شهر الصوم فتتوقد العائلة حركة ونشاطاً في العبادات والصلوات والتسابق في الخيرات، من طلب الغفران وقراءة القرآن، مما ينعش الأرواح بالصيام والقيام، ولذلك جاء في حديث عائشة (رض):


    "كان رسول الله إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر" (متفق عليه).
    6- صوم رمضان يجعل الصغار أشد تحملاً وقدرة وصبراً على الإمساك ع
    ن الطعام والشراب، لأنهم يشعرون بحاجتهم إليه أكثر منا، كما يعودهم ذلك على الانضباط والنظام في فطورهم وسحورهم، مما يسهل عليهم هذا كباراً، ويصبغهم بصبغة الإسلام في المحافظة على شعائر الإسلام.

    7- الصوم يهذب الأخلاق ويصقل الآداب ويكسب النفوس كنوزاً من التسامح
    والعفو والصدق وكظم الغيظ، وما أحوجنا إلى أن نربي أطفالنا في أحضان الدعوة المباركة التي سيظل الصيام من أسمى أركانها!
    قال تعالى: (وَالْكَاظمين الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران/ 134).
    وصح عنه أنّه قال:
    "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن
    سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم" (متفق عليه).
    فما أروع أن ترقى براعمنا الصغيرة إلى هذه المعاني الزاكية في شهر الصبر، وما أجمل أن نتأمل جميعاً قوله :

    "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
    8- من هدى الإسلام في صيام الأطفال ألا نشدد عليهم، إن لم يستطيعوا إكمال
    يومهم، وأن نأخذ بأيديهم ونشجعهم على صوم يوم آخر، وأن نقبل عذر المريض منهم، أو الأصغر سناً إن صام نصف يوم مثلاً، ونشجعه على أن يكمل يومه إن استطاع، كما لا ينبغي أن نعنف من نسي منهم فأكل أو شرب، بل نشعره بالثقة والإخلاص في صومه، وأنّ الله أطعمه وسقاه، فليتم صومه أسوة بهديه حين قال:
    "إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإ
    نّما أطعمه الله وسقاه" (متفق عليه).




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    أطفالنا والصيام
    د. خالد سعد النجار
    (17)



    بسم الله الرحمن الرحيم
    ثبت أن شهر رمضان هو أنسب الأوقات لتدريب الأطفال على أداء التكاليف الدينية في سن مبكرة. ولقد روى الشيخان أن الصحابة كانوا يدربون صبيانهم الصغار على الصوم. وقد دلت الدراسات والأبحاث الميدانية الحديثة التي أجريت على مجموعات من الأطفال الذين يصومون شهر رمضان، أن نموهم النفسي والبدني أحسن
    بكثير من غيرهم، وأنهم أكثر قدرة على تحمل المسئولية.
    يعد سن العاشرة أنسب سن لصيام الطفل، فالطفل يمكنه الصيام عند هذه السن، وصيامه لن يشعره بأي متاعب صحية، وننبه هنا إلى خطورة صيام الطفل عند السابعة أو ما قبلها؛ لأنه عند هذه السن سيكون في أمس الحاجة إلى المواد الغذائية، وبنسب معينة تلاحق نمو جسمه السريع وتحميه من الأمراض التي قد يتعرض لها.



    وثمة طريقتان لصيام الطفل:
    • الطريقة الأولى: تعتمد على تأخير تناول الطفل لوجبة إفطاره ال
    عادية، فبدلا من تناولها في السابعة صباحا كما هي العادة، نؤخرها إلى الساعة الثانية عشرة ظهرا، ثم يصوم الطفل بعدها حتى يفطر مع أسرته عند أذان المغرب (أي يكون قد صام حوالي 5 ساعات) وذلك لأيام عدة، وفي الأيام التالية نؤخر وجبة الإفطار إلى الحادية عشرة صباحا ثم إلى التاسعة... وهكذا.


    • الطريقة الثانية: تكون بأن يصوم الطفل ابتداء من تناوله لوج
    بة السحور مع أسرته، ثم يفطر عن أذان الظهر (أي يكون قد صام حوالي 7 ساعات) وذلك لمدة عشرة أيام ثم نزيد فترة الصيام في الأيام العشرة الوسطى بأن يصوم الطفل من السحور وحتى أذان العصر (أي يكون قد صام عشر ساعات) ثم يصوم الطفل الأيام العشرة الأخيرة مثل أفراد أسرته، أي ابتداء من السحور وحتى أذان المغرب؛ وبذلك يستطيع الطفل صيام يوم رمضان كاملا، وعندما يقبل رمضان التالي يكون قادرا بإذن الله على صيامه كاملا.


    ومنع الطفل من الصيام يمكن تقسيمه إلى قسمين: منع مؤقت ومنع دائم، وأسباب المنع الدائم تعتبر نادرة نوعاً ما، ويكون فيها الطفل يعانى من هزال واعتلال دائم في الصحة، بحي
    ث يكون غير قادر على إتمام صيامه، ومن الأسباب الدائمة لمنع الصيام للأطفال مرض السكري المعتمد على الأنسولين، وفيه يكون جسم المريض معتمداً على الحقن كمصدر وحيد للأنسولين، لكون جسم الطفل غير قادر على إفراز هذه المادة، فيتعين على المريض أخذ إبرة لأكثر من مرة باليوم، فبالتالي يحتاج إلى أن يأكل عدة وجبات في اليوم حتى لا يصاب بهبوط في السكر، وهناك أسباب أخرى مثل أمراض القلب وبعض الأمراض التي قد تصيب الجهاز الهضمي.
    أما عن أسباب منع الصيام المؤقت، فهي مثل: النزلات المعوية، ارتفاع درجة الحرارة، الأنيميا الحادة، والتي يمكن فيها للطفل أن يرجع لمعاودة الصيام بعد أن تتحسن حالته.

    وهناك بعض القواعد الغذائية التي يجب أن تتبعها الأمهات في تغذية أبنائهن خلال شهر رمضان وهي‏:‏
    * طعام الإفطار يجب أن يحتوى على الكربوهيدرات المتمثلة في
    الخبز والأرز والمعكرونة، اللازمة لتزويد الطفل بالطاقة، ومع أن الدهون لها سمعة سيئة والجميع يتكلم عن مضارها، ولكن وجود الدهون بكميات معقولة مهم جداً للأطفال، وخاصة لبناء خلايا المخ ولاستخدامه كمصدر للطاقة، ويحبذ استخدام الدهون غير المشبعة، أي الدهون النباتية التي تكون في حالة سائلة في درجة حرارة الغرفة، أما البروتينات والتي نجدها في اللحوم بأنواعها وفى البقوليات، فإنها مهمة جداً لبناء العضلات، وبالنسبة للفيتامينات والمعادن فهي مهمة جداً لسلامة الأعصاب وفى المساعدة على نمو الجسم، وهى موجودة في الفواكه والخضار ومنتجات الألبان.
    * لتعويض الحليب الذي اعتاد الطفل على شربه في الصباح، يمكن أن يكون بإعداد أطباق الحلويات والبودنج التي تحتوى على الحليب مثل : المهلبية و الأرز باللبن، الكريم كراميل، كما يمكن تعويضه بمشتقات الألبان الأخرى مثل اللبن والجبن.


    * لا تختلف كمية السوائل التي يحتاج لها الجسم في فترة الصيام عن الأيام العادية من خمس إلى ثلاث عشرة سنة يحتاج الجسم إلى ( 45 – 75) مل / كجم أي من 4 أكواب إلى 6 أكواب
    في اليوم الواحد. أما الأطفال فوق ثلاث عشرة سنة فيحتاجون بالتقريب إلى (35) مل / كجم، فمثلاً إن كان وزن الطفل (50) كجم فهو يحتاج إلى 7 أكواب باليوم الواحد تقريباً، وننوه هنا أنه كلما زاد النشاط خارج المنزل زادت كمية السوائل المفقودة من الجسم، فيحتاج إلى زيادة السوائل التي يعوضها.
    * يجب الحد من المجهود البدني الذي يبذله الطفل في فتر
    ة الصيام. أما المجهود الذهني فمسموح به؛ ولذلك فالاستذكار غير مجهد، ويمكن لأطفالنا المذاكرة والتحصيل خاصة وقت ما قبل الإفطار.
    * الامتناع عن شرب الشاي بعد الأكل مباشرة أو معه لأن ذلك يؤدي إلي عدم امتصاص الحديد الموجود بالطعام فيصاب الطفل بالأنيميا وفقر الدم‏.‏

    * تجنب الإكثار من إضافة المواد الحريفة مثل الشطة إلي الأكل أو تناول المخللات بكثرة لأنها تلهب الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز الهضمي فتزيد من إفراز الأحماض به وتؤدي إلي حدوث قرح المعدة‏.‏
    * تجنب تناول الأطعمة الدسمة والمحمرة بكثرة لأنها تس
    بب عسر الهضم وإجهاد الجهاز الهضمي‏,‏ كما أن المواد الدهنية التي تستخدم في التحمير تقلل من كفاءة عمل الكبد‏,‏ وتسبب أيضا انتفاخا وألما بالمعدة بعد الأكل‏.‏
    * تجنب شرب المياه الغازية أثناء تناول الطعام لأنها تؤدي إلي عسر في الهضم لتفاعل كربونات الصوديوم الموجودة في المياه الغازية مع حمض الهيدوكلوريك الموجود في المعدة. ‏


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان

    كيف ندرب أطفالنا على صيام رمضان؟
    إيمان الحلواني
    (18)


    يستقبلُ الأطفالُ شهرَ رمضان كلَّ عام بحفاوةٍ بالغةٍ قد تفوقُ حفاوةَ الكبارِ أنفسِهم، ويضعُ كلُّ طفل لنفسه طريقةً خاصة في الاحتفال بهذه المناسبة التي لا تتكرر
    إلا مرة واحدة كل عام.
    فكيف نستغلُّ حفاوةَ أطفالنا بهذا الشهر الفاضل؟ وكيف نعلّمهم الصيام؟ وكيف نغرسُ في هذه القلوب البريئة تعاليمَ الإسلام وفرائضَه؟ وكيف نجعلُ شهرَ رمضان محطةَ وقود يتزودُ منها كلُّ المسلمين الكبيرُ منهم والصغيرُ بجرعة إيمانية تكفيه طوال العام؟...
    هذه الأسئلة وغيرها لها إجابات في هذا التحقيق..


    لا تنسَوا المكافأة:
    الدكتور محمد المرصفي عميد كلية التربية بجامعة طنطا يؤ
    كِّدُ أن الصومَ فرصة عظيمة لخلق إرادة قوية داخل الطفل وتعويده تحملَ المسؤولية، ويقول: من المناسب أن تقترن هذه التجربةُ بمكافأة مادية تُقدَّم في نهاية يوم الصوم، أو في نهاية الشهر الكريم، مع الأخذ في الاعتبار أن الطفل عادةً يحب المكافأةَ السريعة، وهو ما يدفعُه ويجعله يستمر فيما يقوم به من تكاليف، حتى تصبح هذه التكاليفُ عقيدةً وسلوكاً.

    ويقول: ومن الطرق المفيدة هنا أيضاً أن يقترن الصومُ في حياة الطفل بذكريات مُفرحة وسارّة، وذلك يشجّع الطفلَ ويحفزه على انتظار شهر رمضان بتلهف وتوقع لما استودع في ذاكر
    ته من أحداث مفرحة إبانَ صومِه أول مرة.


    ويحذر د. المرصفي من الأخطاء التي يرتكبُها بعضُ أولياء الأمور، وذلك بمنعِهم أبناءَهم الصغار من الصوم بحجة الخوف على صحتهم، أو بحجة أنهم لم يبلغوا السن التي يجب عليهم فيها الصومُ، ويقو
    ل: في حقيقة الأمر هذا السلوكُ إساءة للأبناء، وليس إحساناً لهم كما يتصور البعض؛ فعلى الأهل أن ينتبهوا لهذه الأمور، وعليهم بالمقابل أن يستثمروا إقبالَ أبنائهم على الصوم، وذلك بتشجيعهم والأخذ بيدهم على هذا الطريق الذي يحتاجُ إلى دعم معنوي من الأهل قبل كل شيء.
    وأهم من ذلك أنه يجب على الأم ألا تخاف على طفلها من الصيام؛ لأنها ستفاجأ بطفلها مقبلاً على الصيام بحماسة شديدة جداً تشبهاً بوالديه وإخوته الكبار، ولما يحويه الشهرُ الكريم من عادات وتقال
    يد محببة، وبخاصة اجتماع العائلة حول مائدة الإفطار والسحور، ناهيك عن التقاليد الشعبية التي يتميز بها شهرُ رمضان في كل بلد من بلادنا الإسلامية.


    ويرى د. المرصفي أن تدريبَ الأطفال على الصيام يجبُ أن يكون تدريجياً، ووَفْقَ الظروف الصحية للطفل، ففي شهر رمضان من كل عام يرى الطفلُ والديه والكبارَ من الأقارب والجيران والمدرسين
    يصومون، فيشعرُ بالغيرة والرغبة في تقليدهم، لذا يجب أن نعينه على ذلك، وننتهز هذه الفرصةَ بأن نشجعه ونتركه يصوم لمدة ساعتين مثلاً، ثم نزيدُ عدد الساعات حسب قدرة الطفل، وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر أن هذا أمر يخصه، وأنه شيء بينه وبين ربه، ولا ينبغي أبداً أن نخاف عليه من الضعف والهزال.
    والأهم ألا ننسى مكافأته على اجتياز الصوم بنجاح، ويك
    ونُ ذلك بزيادة مصروفه، ومعاملته بحنان ورقة أكثر.


    يقوِّي مناعةَ الطفل:
    الدكتورة هيام الشاذلي خبيرةُ التغذية بالمركز القومي للبحوث تؤكدُ أن صيامَ الأطفال غيرُ مضر؛ خاصة إذا أتم الطفلُ عشر سنوات؛ لأنّ الصوم ينشّط بعضَ الهرمونات خاصة هرمون النمو ينشط بالصيام، وكذلك بالنوم، وتقول: إن الصوم لا يعيق نمو الأطفال بعد السنوات العشر، ولكن يجب أن يكون الصومُ تدريجياً؛ يصوم بضع ساعا
    ت في اليوم، ثم يزيد عدد الساعات إلى أن يتم اليوم كله، وكذلك يكون اختيارياً وتحفيزياً، حتى لا نعلّم أطفالنا الكذب، أما قبل هذه السن فيجب مراعاة البنية الجسمية للأطفال وقابليتهم للصوم.

    وقد أثبتت الدراساتُ والبحوثُ الميدانيةُ الحديثة التي أجريت على مجموعات من الأطفال الذين يصومون رمضان أن النمو البدني والنفسي لدى هؤلاء الأطفال يكون أحسنَ بكثير من غيره
    م، وأنهم أكثر قدرة على تحمل المسؤولية.


    وتقول: صيامُ الطفل وهو في العاشرة لن يُشعره بأية متاعبَ صحيةٍ؛ أما إذا صام وهو فى السابعة أو ما قبلها فسيكون ذلك خطرًا على صحته؛ لأن كل طفل في هذه السن سيكون في أمس الحاجة إلى ا
    لمواد الغذائية التي تلاحق نموَّ جسمه السريع، وتحميه من الأمراض التي قد يتعرضُ لها.

    وهناك أكثر من طريقة لتعويد الأطفال الصيام: الطريقة الأولى: اتباع طريقة التدرج بجعل الطفل يصوم حتى الساعة 12 ظهراً، ثم إلى الساعة 2 بعد الظهر، وبعد عدة أيام من تعويده الصيام للظهر، ثم حت
    ى صلاة العصر إلى أن يصل لاستكمال اليوم صائماً حتى وقت أذان المغرب.

    وهناك طرق أخرى هي تعويد الطفل الصيام على مرحلتين على عامين مختلفين أي يصوم في هذا العام نصف صيام ثم يصوم في العام المقبل صياماً كاملاً.

    لا للصوم في هذه الحالات:
    الدكتورة شاهيناز محمود أستاذة طب الأطفال بجامعة الأزهر ترى أنه يجب على كل أم مراقبةُ ابنها أو ابنتها في أثناء الصوم، فإذا شعرت بإرهاق شديد أو مرض على طفلها لا يتحملُ معه الصيامَ فينبغ
    ي لها أن تسارع بإطعامه، وتذكر أن هناك بعضَ الأمراض تمنعُ الطفل من الصيام، وخاصة أمراض الكلى؛ لاحتياج الطفل الدائم للسوائل، وكذلك أمراض السكري والسل والأنيميا، وقرحة المعدة وغيرها من الأمراض التي يبينها الطبيب المختص.

    وتؤكد د. شاهيناز أن التدرج في صيام الأطفال بما يعني زيادةَ ع
    دد ساعات الصوم يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة يؤدي إلى توازن الجسم في استقبال التغيرات الفسيولوجية التي تحدث نتيجة للصيام، ومن ثم يستطيعُ الطفلُ الصيامَ وهو في حالة صحية سليمة ودون تعب أو مشقة وفى إيمان وخشوع.


    لكُلّ
    أم:
    تنصح د. شاهيناز بتعجيل إفطار الطفل بتناول بعض التمر أو العصائر المحببة له، أو الماء المحلى بكميات قليلة وبتمهل اقتداء بالنبي –صلى الله عليه وسلم– فقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يفطر على رطبات قبل أن يصلى، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حَسَوَاتٍ من الماء .

    ويجب ألاّ نجعل الطفلَ يشربُ الماء البارد مباشرة ساعةَ الإفطار؛ لأن ذلك يربك جهازَه الهضمي ويعطل الهضم، ويفضَّل تناولُ السوائل الدافئة مثل (الشوربة)؛ لأنها تنبه المعدة.

    وتشير د. شاهيناز إلى أهمية أن يكون غذاءُ الإفطار متوازناً، وأن يحصل الطفل على السعرات الحرارية اللازمة له، وينصح باحتواء هذه الوجبة على البروتينات التي تساعد عل
    ى بناء الأنسجة الجديدة وتعويض ما ينهدم منها.
    ويراعى تأخيرُ وجبة السحور بقدر الإمكان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

    وأخيراً يجب أن تراعي الأسرةُ الحدَّ من المجهود البدني الذي يبذلُه الطفل في الصيام، أما المجهود الذهني فمسموح به، ولذلك فالاستذكارُ غير مجهد، ويمكن أن يذاكر الأطفال خاصة وقت ما قبل الإفطار.


    أسوةٌ
    بالصحابة:
    الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذُ الشريعة الإسلامية يؤكد أن تعويد الأبناء أداء فرائض دينهم وتربيتهم عليها منذ وقت مبكر أمر ضروري جداً كي لا يشق الأمرُ عليهم حين البلوغ ويقول: تدريبُ الأبناء وتعويدهم صيام شهر رمضان يعد مدخلاً للالتزام بجميع تعاليم الإسلام الأخرى؛ كالصلاة، وقراءة القرآن، وحسن الخلق، واحترام الوقت، والنظام، ونحو ذلك من الأحكام والآداب الإسلامية التي ربما لا يسعفُ الوقت في غي
    ر رمضان لتعليمها وتلقينها.

    ويشير الدكتور (أحمد يوسف) إلى أن الطفل غير مكلف بالصوم، ولكن كما كان يفعل الصحابةُ مع الأطفال يصومون ويلاعبونهم بالأشياء التي تنسيهم الطعامَ حتى يأتي المغربُ، ولا مانع من تعود الصوم يوماً أو بعض يوم؛ فيصوم الطفلُ إلى الظهر، ثم إلى العصر، ثم إلى المغرب، يصوم يوماً ويفطر يوماً، ثم يومين ويفطر ثم ثلاثة وهكذا.


    ولابد من الترغيب في الصوم بالأشياء التي يحبها الأطفال من ترفيه وشراء أ
    شياء ما دام صغيرا لا يدرك فضل الصوم عند الله، فإن أدرك فنحدثُه عن فوائد الصوم الصحية والنفسية والدنيوية والأخروية، هذا مع أب يصوم وأم تصوم، ولا تظهر له أنها تأكل في أيام حيضها حتى لا تهدم ما بنت.


    ومن الطرق المفيدة والمجدية في تعويد الأطفال الصيام والإقبال عليه: التوجيه والإرشاد اللطيف، والتبيان لهم أن الصوم أحدُ أركان الإسلام، وأن الله -سبحانه وتعالى- شرعه لفوائد دينية ودنيوية، ومن ثم تشجيعهم على المبادرة إلى صيام هذا الشهر الكريم.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان


    عبادة المرأة المسلمة في رمضان

    الاسلام سؤال وجواب
    (19)

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أيتها المستمعات المسلمات، السلام عليكن ورحمة الله وبركاته، ونحن في
    هذا اللقاء من وراء حجاب مع موضوع بعنوان: "عبادة المرأة المسلمة في رمضان"، وقبل أن نتكلم عن جوانب بهذه العبادة في رمضان أود أن أقول في بداية هذا الكلام أن شهر رمضان لهذه السنة قد جاء بعد ظروف عصيبة، وأيام شديدة مرت علينا، وإن مجيء هذا الشهر بعد هذه المحنة مباشرة، وبعد انقضاء هذه الأيام العصيبة له مدلولات معينة، وإن طعم هذا الشهر شهر الصوم بعد هذه الفتنة طعمه يختلف عن الرمضانات الماضية.


    أيتها المسلمات: ينبغي أن نتعلم من مجيء هذا الشهر مباشرة بعد الأزمة أن نتعلم شكر الله ïپ‰ على ما منّ به علينا من السلامة، وعلى ما منّ به علينا من زوال الخوف الذي سلطه علينا في الأيام الماضيات، ونتعلم بأن نعم الله يجب أن تُشكر، وأن كفران النعم يؤدي إلى مثل ما أدت إليه الأحداث الماضية، وإنما حلّ بأقوام من حولنا من المصائب
    العظيمة لهو دليل على أن نقمة الله تحل بالمكذبين والكافرين بنعمته ïپ•، وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ [سورة النحل:112].

    وهذا الشهر شهر الصوم شهر تضرّع إلى الله، ورغبة إليه، فكيف إذا كان بالإضافة للصوم، وبالإضافة لما ينبغي أن يكون في هذا الشهر من التضرع، كيف إذا كان الأمر يوجب تضرعاً خاصاً آخر مما حصل، ومن نتيجة ما جرى، فَلَوْلَ
    ا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا [سورة الأنعام:43]، فينبغي أن تكون العبادة في هذا الشهر وشكر النعمة فيه أعلى بكثير من الأشهر الماضية، لأن الله قد هز القلوب، ولأن الله قد ابتلى، ولأن الله قد أحل بأقوام من الكافرين بنعمته وبأقوام من الظلمة قد أحل بهم أنواعاً من نقمته، ونحن ينبغي أن نخاف الله ïپ• في أن يصيبنا مثل ما أصابهم أو أشد.


    أيتها المسلمات إن موسم العبادة هذا عندما يأتي في هذا الوقت بعد هذه المصيبة التي حصلت والتي لا زالت آثارها تتتابع حتى الآن، إننا نتعلم من خلال هذا أن الله ïپ‰ يبلونا بالشر كما يبلونا بالخير فينظر كيف نعمل، فلذلك إذا كنا نتوب إلى الله في رمضان في الرمضانات الماضية، فإن توبتنا في هذا الشهر ينبغي أن تكون أكثر، وإذا كنا نعبد الله في الرمضانات الماضية ونقوم، فإن قيامنا وعبادتنا ينبغي أن تكون أكثر، وهكذا.
    عبادة المرأة بإخلاصها لله ïپ•

    ومن أوجه عبودية المرأة المسلمة التي تتمثل في حياة المرأة المسلمة في شهر الصيام: أنها تتعلم الإخلاص لله ïپ• كما قال الله ïپ‰ في الحديث القدسي: إلا الصوم فإنه لي
    وأنا أجزي به[1].
    وقال: يدع طعامه من أجلي، وشرابه من أجلي، ويدع شهوته من أجلي[2].
    فإذن، تتعلم المرأة أن تحفظ هذا السر الذي بينها وبين الله -سبحانه وتعالى- بالابتعاد عن هذه المفطرات، وأن ترعى الأمانة والعهد الذي بينها وبين الله في إكمال هذا الصوم من الفجر إلى الغروب، ولا تنقض عه
    د الله بأي نوع من أنواع المفطرات التي يمكن أن تفسد الصوم، وكذلك فإن تعلم هذا الإخلاص من شهر الصوم وشهر الصبر ينعكس على الأعمال الأخرى التي لا بد أن يبتغى فيها وجه الله سواء كانت هذه الأعمال دعوة أو طلب علم أو أعمالاً خيرية ونحو ذلك.
    عبادة المرأة المسلمة بتعلمها الأحكام الفقهية


    ومن الأمور المستلزمة للعبادة في رمضان: أن تتعلم المرأة الأحكام ال
    فقهية التي لا تستقيم عبادتها إلا بها خصوصاً في هذا الشهر وهذه المناسبة التي تجتمع فيها أحكام كثيرة، وخصوصاً بالنسبة للمرأة المسلمة فهي لا بد أن تتعلم من أحكام الحيض ما تعلم به متى يجب عليها أن تصوم، ومتى يجب عليها أن تفطر، ومتى تطهر ، أو إذا انقطع الدم أن تحتشي بشيء إذا خرج نظيفاً، تعلم أنها قد طهرت بذلك، وكذلك أن تعلم الفرق بين الحيض والاستحاضة، وأن ما زاد عن خمسة عشر يوماً من العادة فإنه استحاضة، وأحكام النفاس، وأنه لا حد لأقله، فلو أنها طهرت بعد عشرين يوماً من الولادة فإنها تبدأ في الصيام إذا كانت في رمضان مثلاً، وكذلك لا يزيد عن أربعين يوماً على القول الراجح، فإذا انتهت الأربعين، وكان نهاية الأربعين في رمضان فإنها تغتسل وتصوم، وينبغي عليها أن تعلم أحكام النية، وأنها ينبغي أن تبيت نية الصيام من الليل ولو قبل الفجر بلحظة إذا طهرت قبل الفجر أن تنوي لكي تأتي بالصوم عبادة صحيحة، وتبدأ به كما أمر الله، قال عليه الصلاة والسلام: لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل[3].

    وكذلك فإنها ينبغي أن تتعلم –مثلاً- هل ماذا يجب عليها أن تفعل إذا حاضت أثناء اليوم، وماذا يجب عليها أن تفعل إذا طهرت أثناء اليوم من رمضان، وكذلك فإنها لا بد أن تعلم مثلاً أنه لو كانت تتوقع الحيض في اليوم القادم فلا يجوز لها أن تنوي الإفطار غداً؛ لأن الحيض قد يتأخر، فتكون لم تبيت النية فتقع في إشكال كبير، فينبغي عليها أن لا تقطع نية الصوم؛ حتى ترى الدم فتعلم أن الصيام قد بطل، وأنها الآن يجب عليها أن تفطر، وقد ذكرنا طائفة كثيرة من أحكام الصيام في محاضرة بعنوان: "خلاصات في أحكام الصيام" يمكن الرجوع إليه إذا شاءت المرأة المزيد.
    وكذلك فإن من العبودية في هذا الشهر أن تعلم المرأة أنها تأتمر بأوامر الله و
    رسوله في الصوم والإفطار، فإذا قال الله لها صومي فتصوم، وإذا قال الله لها أفطري فتفطر، وإذا حاضت -مثلاً- فإن الصيام يبطل، ولها الأجر على ما مضى من الصيام، ولم تذهب القضية هباء منثوراً فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، ومن الإحسان أن تصوم، فإذا نزل عليه الدم أثناء النهار تفطر، وبذلك فإنها تؤجر على الإحسان في عملها، وبطلان الصوم شيء، وبطلان الأجر شيء آخر، فلا ينبغي عليها أن تخلط بين هذا وهذا؛ خصوصاً وأن بعض النساء يشعرن بالضيق من مجيء العادة الشهرية أثناء شهر الصوم، وقد تلوم إحداهن نفسها، أو تندب حظها وتقول: يا ليت هذه العادة لم تكن، أو لماذا كانت، ونحو ذلك، ولماذا لا أكون مثل الرجل الذي يصوم الشهر كله وأنا أضطر للإفطار ثم أقضي؟

    فنقول:
    إن من أنواع الرضا بالقضاء الرضا بالقضاء الشرعي، والله قد قدّر على المرأة أن تحيض، وأوجب عليها أن تفطر، وأوجب عليها أن تقضي بعد ذلك، ورضي لها بهذا ديناً، فينبغي أن ترضى بما رضيه الله لها، وما دامت لم تفعل محرماً فلماذا تلوم نفسها، ولماذا تندب حظها، ولماذا تعنّف هذه الخواطر التي تأتيها في نفسها، فنقول: ينبغي أن ترضى بما رضي الله لها، وهذه قسمة الله ومشيئته، وله في ذلك حكمة عظيمة .
    ومن الأمور المرتبطة بذلك أيضاً: أن تعلم المرأة أنه لا حياء في الدين، و
    أنه لا ينبغي أبداً بأي حال من الأحوال أن تجعل من الإحراجات التي تحصل لها بسبب الحيض مانعاً لها من أداء الصيام في هذا الشهر العظيم، فمثلاً بعض النساء تتحرج من إخبار أهلها أنها قد بلغت، فتستمر على الإفطار لتثبت لهم أنها لم تبلغ مثلاً، وهذه خطيئة عظيمة، وجريمة كبيرة، ويجب عليها أن تصوم في وقت الطُّهر، وأن تفطر في وقت العادة، وكذلك أن تستحي فتصوم في وقت العادة أمامهم؛ كي لا يشعروا بأن العادة قد جاءتها فتصوم من حيث يجب عليها أن تفطر، فتكون مخالفة لأمر الله ، فالواجب عليها إذن، ألا تتحرج من هذا الأمر؛ لأنه شيء كتبه الله على بنات آدم، ولذلك نقول لكثير من السائلات اللاتي يسألن عما مضى من الصيام، ويقلن:

    إن الإحراج قد أدى بنا إلى أن نصوم أوقات العادة، ولم نقض فيما مضى من حياتنا، لم نقض في حياتنا المبكرة في فترة البلوغ، فنقول: إن هذا ذنب يحتاج إلى استغفار،
    ويجب المبادرة إلى قضاء ما مضى من أيام العادة التي لم تقضى، وإذا مر رمضان الذي بعده ولم تقض فإن عليها بالإضافة إلى قضاء ما مضى كفارة إطعام مسكين عن كل يوم لم تقضه من أيام الرمضانات الماضية التي جاء بعدها شهر رمضان ولم تُقضى، ومن الأمور كذلك المتعلقة بالحيض: أن بعض النساء يعمدن إلى أخذ الحبوب التي تؤخر الدورة؛ لكي يتسنى لهن الصيام؛ ولكي يشعرن أنه لم يفتهن شيء من شهر الصوم؟ فنقول: إن هذه الحبوب التي أفتى أهل العلم بأن أخذها جائز إذا لم تكن تضر، وإنني أشك بأنها لا تضر، والأمر عند الأطباء على العموم، أقول بأن عدم أخذها هو الأولى، وهو الأكثر أجراً، وهو اللائق برضا المرأة بحالها، وهذا حال أمهات المؤمنين، ونساء الصحابة، والتابعين، فإنهن لم يأخذن شيئاً من الأدوية التي تؤخر الحيض أو تمنعه، وإنما كانت إحداهن إذا طهُرت صامت، وإذا حاضت أفطرت وترضى بذلك، وتقضي بعده، والحمد لله رب العالمين.
    يتبع


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: زاد الأسرة المسلمة في أيام وليالى رمضان



    عبادة المرأة المسلمة في رمضان
    الاسلام سؤال وجواب
    (20)


    عبادة المرأة المسلمة بترويضها على ترك الطعام والشراب
    ثم إن من وجوه العبودية للمرأة في شهر رمضان ما يحدث من ترويضها لنف
    سها بامتناعها عن الطعام والشراب والزوج فيكون لهذا فطم للنفس عن مألوفاتها، وهو تعويد وترويض لفطم النفس عن الشهوات المحرمة في ليالي رمضان، وفي أيام الشهور غير رمضان، ذلك أنها إذا تعودت عن الامتناع عن الطعام والشراب والنكاح في نهار رمضان فإنها يسهل عليها بالتالي أن تمتنع عن المحرمات الأخرى كالغيبة، والنميمة، والغناء، وأنواع الفسق والفجور، والتكشّف، ونزع الحجاب، أو التقصير فيه وسائر المحرمات، فهذا شهر تتعود فيه النفوس، ويسهل فيه ترك ما كان مألوفاً ومعتاداً في السابق.
    عبادة المرأة بصلاة التراويح والقيام في رمضان


    ثم إن من أوجه عبادة المرأة المسلمة في رمضان: ما يحدث من صلاة التراويح والقيام التي تحضر المرأة فيها إلى المسجد للصلاة، وكان عمر -رضي الله عنه- يخصص إماماً للنساء يصلي بهن، وإذا أتت إلى المسج
    د فصلت مع المسلمين فهذا أمر حسن، وإذا صلّت في بيتها فهذا أحسن، وعلى أية حال فإن في كل منهما خير، وفي حضور المرأة بالشروط الشرعية إلى المسجد من نزول الرحمة، وتغشية السكينة، وحف الملائكة، ونزول المغفرة التي تحصل للمجتمعين، والتأمين على الدعاء، والخشوع أثناء القراءة، وتعلم الصلاة، وتصحيح أخطاء القراءة التي كانت تقع فيها، فلما سمعت الإمام يقرأها بشكل صحيح تعلمت أن ما كانت تفعله خطأ فتصحح الخطأ، أقول:


    في هذا فوائد، ولكن إذا صلّت في البيت، أو أمسكت بمصحف وقرأت فيه فإن ذلك لا بأس به، وكان ذكوان مولى عائشة يصلي بها من صحائف في يده، فالإمام الرجل، ويتسنّى كذلك للمرأة من أنواع العبودية حضور مجالس الذكر في المسا
    جد، فإن كثيراً من المساجد قد يكون فيها أنواع من الدروس التي يكون فيها تفقيه في الدين، وتعليم لأمور من الشريعة ما تستنير به في أمور العبادة، وتتعلم به من أحكام الدين، فينبغي أن تحضر تلك المجالس بوعي، وتفتّح ذهن، واستعداد للتقبل، حضوراً شرعياً خالياً من الزينة المحرمة والأطياب المحرمة، وأي مظهر من المظاهر التي لا يرضى الله للمرأة أن تظهر بها أمام الرجال؛ خصوصاً وأننا نرى من ذلك أموراً كثيرة من حضور بعضهن مع السائق بمفردها، أو أن تكون غير محتشمة معه، فإذا ترجّلت من السيارة فإنها تلبس وتستكمل حجابها لتدخل المسجد، عجباً لها إذا جاءت للمسجد فإنها


    تستكمل الحجاب وفيما عدا ذلك هي مقصرة فيه، إضافة لما كان يبدو منها من الزينة والمكياج، أو العطورات، وهي تسير خصوصاً وأنه يحصل عند دخول المسجد وعند الخروج منه بالذات نوع من اختلاط النساء بالرجال، فينبغي الحذر من ذلك؛ لأن هذا يسبب فتنة، وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن من أشد أنواع الفتن "فتنة الرجال بالنساء" بلفظ: ما تركتُ بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء[4].
    وتتمكن في حضور مجالس الذكر من السؤال، فينبغي عليها أن تهتم ب
    ه، وتوجه ما يدور في ذهنها من الأسئلة إلى الموثوق بهم من أهل العلم وطلبة العلم، حتى يُجاب عن سؤالها، وتزول حيرتها، وتستطيع كذلك بمجالس الذكر الالتقاء بالأخوات المسلمات الطيبات، اللاتي هن


    زينة في الرخاء وعُدّة في البلاء، التقاء طيباً مفيداً قائماً على التعاون في تلخيص الأشياء المفيدة وتبادل المنافع الشرعية، وإنني أنبه على ما يحصل في بعض المساجد من التشويش الدائم من قبل النساء في أقسام النساء
    في المساجد عند التقاء بعضهن ببعض، وكأن المسجد قد جُعل مجلساً عاماً تحصل فيه هذه الجلسات التي يدور فيها الكلام بصوت عال يصل إلى الرجال، فأقول: إن هذا الأمر ينافي العبادة المطلوبة من المرأة في رمضان.
    عبادة المرأة المسلمة في إتيان ما آتاها الله من الرخص


    وإن من الأمور أيضاً التي تعبد المسلمة ربها بها في رمضان: ما رخص لها من أنواع الترخيصات، وما يظهر من رحمة ربها بها في هذا الشهر كثير جداً، فمن ذلك أنها إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، فيجوز لها الإفطار بعذر الح
    مل والرضاع، والله خلق الرحمة في قلب الأم بالولد، ومن علمه ïپ‰ بذلك فإنه قد أباح لها أموراً كثيرة وخلقها باستعدادات طبعية لتواجه ما فطرت عليه من الرحمة والشفقة بالأولاد، فإذا كانت حاملاً أو مرضعاً فإنه يجوز لها الفطر وليس عليها إلا القضاء على القول الراجح من أقوال أهل العلم قياساً لها على المريض الذي يشق عليه الصوم والذي قال الله بشأنه: فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [سورة البقرة:184]، فإذا كانت لا تستطيع أبداً أن تصوم ففدية طعام مسكين، وإذا كانت تستطيع أن تصوم ولكن الحمل والرضاع عذر مؤقت كالمرض المؤقت فليس عليها إلا القضاء فقط.


    فالخلاصة أنها إذا كانت لا تستطيع الصوم أبداً كما قرر الأطباء وعلم من حالها فإن الآية في حقها تنطبق كما انطبقت في حق المريض الذي لا يرجى برؤه والكبير في السن، فالكبير في السن العاجز يطعم عن كل يوم مسكيناً كما قال الله: فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [سورة البقرة:184]، وأما المريض الذي يرجى برؤه والحامل والمرضع التي يتوقع زوال عذرها فإنه ليس عليهم إلا القضاء فقط بشرط ألا يتعدى رمضان الذي بعده إلا لعذر كأن تكون المرأة حاملاً ثم تضع في رمضان وتصبح نفاساً ثم ترضع وقد تحبل مرة أخرى مباشرة في رضاعها فيكون عذرها مستمراً لأكثر من سنة فلا تستطيع أن تقضي ما عليها من رمضان الفائت قبل رمضان
    الآتي فتكون معذورة في تأخير القضاء من رمضان الماضي إلى ما بعد رمضان الآتي؛ لأن الحمل والرضاع والحمل مرة أخرى والرضاع الذي بعده قد استمر، وهذا من رحمة الله بها فتحمد الله عليها.

    وكذلك فإن هذا التأخير في القضاء الذي وسّع لها إلى رمضان القادم يراعى فيه أمر آخر وهو حق الزوج، وحق الزوج عظيم أوصت به الشريعة، وحث على أدائه الله ورسوله، كما حث الله ورسوله على أداء الرجل حق زوجت
    ه عليه، ولذلك فإن عائشة -رضي الله عنها- كانت تؤخر القضاء من أجل رسول الله ï·؛ إلى شعبان، يعني ما قبل رمضان بقليل، لا يمنعها من القضاء إلا الشغل برسول الله ï·؛، وهذا يبين الحق العظيم للزوج، فمن مراعاة المرأة لزوجها: أن تحرص على خدمته، وعلى تهيئة جو العبادة الطيب في بيته، وأن تعينه على العبادة في ذلك؛ من إيقاظه للسحور، وصنع طعام السحور له ولها، ولمن يصوم من أفراد البيت.
    وكذلك تجنيبه نفسها، فإنه يجب عليها أن تمتنع عن زوجها، وأن تحرص على سلامة صومه، ولذلك فإن بعض الرجال يتمادون في الاستمتاع بالزوجات في نهار رمضان؛ بحيث يؤدي إلى إفساد الصوم من حدوث الإنزال، أو الجماع ونحوه، وتكون الكارثة العظيمة، والكفارة الشديدة لمن وقع في الجماع، والمرأة عليها من كفارة الجماع مثلما على زوجها إذا
    كانت مطاوعة له ومختارة، فأما إذا كانت مكرهة، أو مغصوبة، أو مهددة تهديداً تعلم أنه سينفذه فيها فإن الإثم عليه والكفارة عليه، وليس عليها إثم ولا كفارة، ولكنها مسئولة عن التحرّز من الأحوال التي يقترب فيها منها زوجها أثناء اليوم من رمضان، ولذلك كان لزاماً عليها أن تتجنب التزين له والاقتراب منه إذا كانت تعلم أن زوجها لا يملك نفسه، وأن تهرب منه إذا حاول إفساد صومه بواسطتها.


    ولتعلمي أيتها المرأة المسلمة أن خدمتك في بيتكِ أمر عظيم له أجر جليل، وإنني أعلم أن كثيراً من النساء يتعبن في هذا الشهر كثيراً بسبب حصول العمل الشاق في البيت، فالولد يحتاج إلى خدمة، والبيت يحتاج إلى تنظيف، والأكل والطعام يحتاج إلى طبخ، والزوج يحتاج إلى ترتيب هندام وخدمة أيضاً، ووقت الإفطار قد يحين بسرعة وهي مسئولة عن تجهيز الطعام للإفطار أو السحور، ونحو ذلك، ولذلك فإن المرأة تتعب في شهر الصوم ربما أكثر من غيره؛ لكثرة الأعمال المتزاحمة فيه والمشقة زائد مشقة الصيام والتعب الناتج عن ترك الطعام والشراب، ولذلك فإن المعونة تنزل على قدر المؤونة ، وإن الله يساعد المرأة المسلمة ويعين
    ها إذا كانت طائعة له في القيام بهذه الواجبات كلها.
    وأقول أيضاً: إن تحمل غضب الزوج في رمضان التي تتسبب من ضيق خلقه وضيق نفسه وحصول أمور نتيجة التعب والعمل والصيام، مع أنه يجب عليه أن يضبط نفسه، إن تحمّل هذه الأمور التي تصدر عنه من العصبية الزائدة مثلاً إنه أمر فعلاً محل تقدير، ومحل تسجيل من الملائكة الحفظة للأجر لهذه المرأة التي تتحمل كل ذلك.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •