ثراء اللغة العربية, وحكم تعلم غيرها من اللغات, والتحدث بها


فهد بن عبد العزيز الشويرخ



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فقد زهد البعض في لغتهم, كما زهدوا في تاريخهم الهجري, مع أن كل أمة تفخر بلغتها وتاريخها, لأنهما من أسس مكونات كل أمة, والعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله, تحدث عن اللغة العربية وأنها من أوسع اللغات, كما ذكر حكم تعلم غيرها من اللغات, وحكم التحدث بغير العربية, في بعض مصنفاته, يسرً الله الكريم جمع ما قاله, أسأل الله أن ينفع الجميع به
اللغة العربية من أوسع اللغات
قال الشيخ رحمه الله: اللغة العربية من أوسع اللغات, لأن فيها ثروة لفظية كثيرة, نجد المعنى الواحد له عدة ألفاظ, وإذا قارنت بين الألفاظ المترادفة والألفاظ المشتركة وجدت أن الألفاظ المشتركة قليلة جداً بالنسبة للألفاظ المترادفة.
وهذا مما يدل على ثراء اللغة العربية, بخلاف غيرها من اللغات, فإنها عاجزة عن الوفاء بالأغراض, ولهذا تجد فيها ألفاظاً كثيرة مشتركة, لفظ واحد يُطلق على عدة معان, ولا يعيِّن المعنى إلا السياق, أما اللغة العربية فهي بالعكس, ففيها كلمات كثيرة مترادفة, أي: اللفظ الواحد يطلق على عدة معان.
التحدث بغير اللغة العربية
قال الشيخ رحمه الله: اتخاذ اللغة غير العربية بدلاً عن اللغة العربية, بحيث يُتخاطب بها بدلاً عنها, فهذا يُنهى عنه, وكان عمر رضي الله عنه يضرب الناس على رطانة الأعاجم إذا رطنوا بها, لأن تناسي اللغة العربية يكون ضرراً في الدين, إذ إنه لا يمكن أن يُفهم القرآن ولا السنة تمام الفهم إلا لمن كان عنده علم بالعربية, ولهذا قارنت بين شُرَّاح الحديث من غير العرب وشرَّاحه من العرب وجدت الفرق العظيم لا في التعبير فقط, بل في التعبير والفهم....
فإن قال قائل : وهل يدخل في هذا تخاطب الأطباء أو الطيارين فيما بينهم باللغة الإنجليزية ؟ فالجواب : نعم ينهون عن التخاطب باللغة الإنكليزية وإن لم نقل : إن هذا تشبه, لكن نقول : إنه خطأ, لأنه يقتضي إماتة اللغة العربية, وإحياء غير العربية, ثم إن فيه رفع شأن هذه اللغة, وبالتالي رفع شأن لأهلها, لأنهم يعتزون إذا رأوا أن العرب يتحولون من لغتهم العربية التي هي لغة كتابهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى لغتهم, يعتزون بهذا اعتزازاً عظيماً, والدول تنفق الإنفاق الكبير, من أجل أن يتحول الناس إلى لغتها,
لكن التحدث بغير العربية, من أجل أن المُخاطب يفهم بغير العربية أكثر مما يفهم بالعربية....هذا لا بأس به, لأنه لحاجة المخاطب.
تعلم اللغات غير العربية
قال الشيخ رحمه الله: تعلم اللغات غير العربية إذا كان لحاجة لا بأس به, وإذا كان لغير حاجة فهو لغو وإضاعة وقت, ويخشى منه محبة أصحاب هذه اللغة, وإذا كان ليستبدل به اللغة العربية, فهذا إما مكروه وإما محرم
والأول المباح قد يجب أحياناً, كما إذا كان تعلم هذه اللغة وسيلة إلى إبلاغهم دين الله, فإن التعلم حينئذ يكون واجباً, لأن ما لا يتم الواجب به فهو واجب.
إذا اختلف النحويين في مسألة فخذ بالأسهل
قال الشيخ رحمه الله: القاعدة عندي : إذا اختلف النحويون في مسألة فخذ بالأسهل, فتتبع الرخص في النحو لا يُوجب الفسق.

النحوي القوي لا يغلب في النحو
قال الشيخ رحمه الله: يقولون : إن النحويين كلما حجرتهم من جهة قلت : هذا لا يصح, أتوا بوجه آخر ولو كان الاحتمال بعيداً, ولذلك لا يغلب النحوي القوي في النحو أبداً, لأنه يستطيع كلما أتيت له بحجة أتى لك بما يسوغ قوله.
قول الناس: " هذا أفود من هذا " خطأ في اللغة
قال الشيخ رحمه الله : يقول المؤلف رحمه الله: " اللغة أفيدُ من غيرها " ( أفيد ) هذا هو الصواب, ولا يقال: أفود, لأنها من فاد: ( فاد: يفيد) فهي يائيه, وليست واوية, وما جرى على ألسنة كثير من الناس اليوم حيث يقولون: " هذا أفود من هذا " فهو خطأ في اللغة, والصواب أن يقال: أفيد.

فائدة لغوية:
قال الشيخ رحمه الله: قوله: ) سآتيكم منها { موسى صلى الله عليه وسلم يخاطب أهله, ففيه دليل على مخاطبة الواحد بلفظ الجمع, وهذه فائدة لغوية.