الشيخ العلامة محمد عبد الله دِرَاز رحمه الله
(1311 – 1377هـ = 1894 – 1958م)

دِرَاز (بكسر الدال المهملة بعدها راء ثم زاي كلُّها مخففة).
وُلِد الشيخ «محمد عبد الله دراز» في قرية "محلة دياي" بمركز دسوق، التّابع لمحافظة كفر الشيخ، على الفرع الغربيِّ للنيل في عام ١٨٩٤م، ونشأ في بيت عِلم وتقوى، فوالده هو:
الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن حسنين دِراز، كان مولده بـ "محلة دياي" أيضًا في 12 يناير 1874م، في أسرةٍ علميّةٍ كان لها نشاطٌ تعليميٌّ بارز، فأبوه (الشيخ محمد) وعمّه (الشيخ أحمد) وجدّه (الشيخ حسنين) وغيرهم، كانوا يلقون دروس اللّغة العربية وعلوم الشريعة، بالمسجد العمريِّ في بلدة "دياي"، والتي كان يؤمّها طلاب العلم من البلدة وما جاورها، يتلقّون العلوم بطريقةٍ منظمة، يُراعَى فيها سُلّم تعليميّ متدرّج بحسب مستويات الطلاب، ويُتاح لهم استعارة الكتب العلميّة التي وقفها الجدُّ الشيخ حسنين على أولاده وذريّته.
وكان والده الشيخ عبد الله دراز فقيهًا ولغويًّا واسع العلم، وضع شروحًا معتبرة لكتاب «الموافقات» للإمام الشاطبي، قال الشيخ مشهور حسن سلمان في مقدمة تحقيقه لكتاب "الموافقات" في سياق الكلام على تقويم طبعات الكتاب السابقة:
« والحق يقال أن أجود هذه الطبعات طبعة الشيخ عبد الله دراز، ولا سيما أنَّه بذل جهدًا عظيمًا فيها، وذلك من خلال شرحه كلام المصنف، وتعقبه له وإحالته الدقيقة على كلام المصنف في مباحث فاتت أو ستأتي، وهذه التعليقات تدل على علم واسع ونظر ثاقب وقدم راسخة في علم الأصول، ودراسة دقيقة عميقة لكتاب "الموافقات" »[1].
تأثر الشيخ محمد عبد الله دراز بهذه البيئة العلمية؛ فأتم حفظ القرآن الكريم قبل أن يبلغ عشر سنين، ثم التحق بالدراسة في الأزهر وحصل على شهادة العالمية عام ١٩١٦م.
بعدها عمل مدرسًا ﺑ «معهد الإسكندرية الأزهري» حتى عام ١٩٢٨م.
ثم محاضرًا في كلية أصول الدين وكانت وقتها من الكليات الأزهرية الناشئة عام ١٩٣٠م فكان محبوبًا من تلامذته وزملائه على حدٍّ سواء لأخلاقه الكريمة وتواضعه الجم مع سعة علمه.
ابتعثه الأزهر إلى فرنسا سنة 1936م حيث دَرَس الشيخ فلسفة الأديان في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الليسانس والدكتوراه، بعد أن مكث في فرنسا اثنتي عشرة سنة (من مايو 1936 - مارس 1948م) يدرس ويتعلم ويطلع على الحياة الغربية، فلم يزده ذلك إلا اعتزازًا بثقافته العربية والإسلامية؛ وقد ظهر ذلك في مؤلفاته.
والشيخ محمد عبد الله دراز وإن لم يكثر من التأليف إلَّا أنه ترك أعمالًا شغلت مكانة خاصة في المكتبة الإسلامية، أهمها:
• «دستور الأخلاق في القرآن»، وهو رسالته للدكتوراة كتبه باللغة الفرنسية، ونقله إلى العربية الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين، رحمه الله.
• «مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن»، وهذه الدراسة مع «دستور الأخلاق» حصل بهما على درجة الدكتوراه، وتمت مناقشتهما في السوربون يوم 15 / 12 / 1947م.
• «النبأ العظيم .. نظرات جديدة في القرآن»، طبع بدار القلم، الكويت.
• «الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان»، طبع بدار القلم، الكويت.
• «المختار من كنوز السنة»، طبع بعناية عبدالله بن إبراهيم الأنصاري، مدير الشئون الدينية - قطر.
• «الميزان بين السنة والبدعة»، طبع بدار القلم، الكويت.
• «نظرات في الإسلام»، طبع بدار الأرقم للطباعة والنشر، القاهرة.
سافر في يناير سنة 1958م إلى باكستان لحضور المؤتمر الإسلامي في مدينة " لاهور "، وألقى فيه بحثًا بعنوان: «موقف الإسلام من الأديان الأخرى وعلاقته بها»، وقد توفي في لاهور أثناء انعقاد المؤتمر في السادس من يناير سنة 1958م، الموافق 14 جمادى الآخرة سنة 1377هـ، رحمه الله.
وأشهر الذين شاركوا الشيخ (دراز) في هذا اللقب:
• والده الشيخ عبد الله دراز، محقق وشارح كتاب "الموافقات" للشاطبي.
• الشيخ محمد عبد اللطيف دراز: والد زوجة الشيخ أحمد حسن الباقوري.
وهو أيضًا من نفس أسرة دراز، ومن مواليد قرية (محلة دياي) التابعة لمركز دسوق عام 1890م.
مصادر الترجمة:
• "الأعلام"، للزركلي (6/ 246)، و"النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين" لمحمد رجب البيومي (2/ 239-256).
----------------------
[1] "الموافقات"، لأبي إسحاق الشاطبي، تحقيق مشهور سلمان، دار ابن القيم، وابن عفان، الطبعة الأولى 1424هـ = 2003م، (ج1 / ص 59).

https://www.alukah.net/culture/0/148644/