( قال أبو علي القالى ) وحدثنا أبو بكر ( بن دريد ) رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال أخبرني رجل من أهل البصرة عن رجل من بني تميم قال :
حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
إن الكرمَ منعُ الحُرَم ؛ ما أقرب النقمة من أهل البغى ، لا خير فى لذة تُعقب ندما ؛ لن يهلِك من قصَد ولن يفتقر من زهِد ؛ رب هزلٍ قد عاد جِدّا ؛ من أمِن الزمان خانَه ومن تعظَّم عليه أهانه ؛ دعوا المزاح فإنه يؤرِّث الضغائن ، وخير القول ما صدَّقه الفعل ؛ احتملوا لمن أدلَّ عليكم واقبلوا عذر من اعتذر إليكم ؛ أطع أخاك وإن عصاك وصِلْه وإن جفاك ؛ أنصف من نفسك قبل أن يُنتصف منك ؛ وإياكم ومشاورة النساء ، واعلم أن كفرَ النعمةِ لؤمٌ وصحبة الجاهل شؤم ؛ ومن الكرم الوفاء بالذمم ، ما أقبح القطيعةَ بعد الصلةِ ، والجفاءَ بعد اللَّطَف والعداوة بعد الوُدّ ، لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل .
واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكونن خازنا لغيرك ، وإذا كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد عجز، اعرف الحق لمن عرفه لك واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل . ( قال ) فما رأيت كلاما أبلغ منه فقمت وقد حفظته .
المصدر : أمالى القالى 2/20 ، 21