تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    السؤال

    هل للمخلوقات غير الإنسان إرادة حرة في اختيار نوع الطاعة؟ الطاعة فقط، مع علمي أنها لا تستطيع معصية الله سبحانه، فقط سمعت أحد الأصدقاء يقول إن للمخلوقات غير الإنسان عدة احتمالات من الأمور التي يمكن بها طاعة الله سبحانه مستشهدا بحديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما أغرق الله فرعون قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، فقال جبريل: يا محمد، فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه، مخافة أن تدركه الرحمة)، فقال صديقي فيه: إن لجبريل هنا إرادة حرة، حيث لو لم يكن عمل جبريل هذا إرادة حرة منه في اختيار الطاعة الأنسب لهذا الموقف لما عاد للحديث معنى في مخافة جبريل عليه السلام بأن يرحم الله فرعون، واستشهد صديقي أيضا باهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ، وزعم أن العرش اهتز لاختياره هذا النوع من الطاعة، من مجموع خيارات الطاعات التي أودعها الله سبحانه وتعالى للعرش، وقد استشهد أيضا بتخيير الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض بأن يأتيا طوعا أو كرها، فهل الاعتقاد بأن للملائكة وللجمادات إرادة واختيار موافق لاعتقاد سلف الأمة؟

    ملخص الجواب

    1. الملائكة مكلفون ولهم إرادة واختيار. 2. ذهب جمع من أهل العلم إلى أن للجمادات إرادة واختيار. 3. القول بأن "العرش اهتز لموت سعد بن معاذ، لاختياره هذا النوع من الطاعة من مجموع خيارات الطاعات التي أودعها الله سبحانه وتعالى للعرش" فهذا من التكلف والقول على الله بلا علم. وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول.

    الجواب

    المحتويات


    هل للملائكة إرادة واختيار؟
    هل للجمادات إرادة واختيار؟


    الحمد لله.
    أولا:
    هل للملائكة إرادة واختيار؟

    الملائكة مكلفون ولهم إرادة، ولهذا قال تعالى: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الأنبياء/29 وذلك بعد قوله: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ الأنبياء/26-28.
    فأثبت لهم الخشية والخوف، وتوعد من أشرك منهم، لكن الله عصمهم من الشرك والمعصية كما قال: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ الحجرات/6.
    وهذا لا ينفي عنهم الإرادة والاختيار، وإلا ما كلفوا، بل وما مدحوا، فإنه لا يمدح على فعل الطاعة إلا من فعلها باختياره.
    والحديث الذي ذكرته يدل على إثبات الإرادة والاختيار للملك، وقد رواه الترمذي (3107) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ [يونس: 90] " فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ البَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ) والحديث حسنه الترمذي، وصححه الألباني.
    وروى أحمد (2144) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، - قَالَ: رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَدُسُّ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ الطِّينَ، مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ) وقال محققو المسند: صحيح موقوفا.
    قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: "وقال بعض السخفاء: إن الملائكة بمنزلة الهواء والرياح. [يعني: أنهم لا اختيار لهم].
    قال أبو محمد: وهذا كذب وقِحَة وجنون، لأن الملائكة بنص القرآن والسنن وإجماع جميع من يقر بالملائكة من أهل الأديان المختلفة: عقلاء متعبدون، منهيون مأمورون، وليس كذلك الهواء والرياح لكونها لا تعقل، ولا هي مكلفة متعبدة، بل هي مسخرة مصرفة لا اختيار لها..." انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (5/17).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العاصي هو الممتنع من طاعة الأمر، مع قدرته على الامتثال، فلو لم يفعل ما أمر به لِعجزه: لم يكن عاصياً، فإذا قال: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ): لم يكن في هذا بيان أنهم يفعلون ما يؤمرون؛ فإن العاجز ليس بِعاصٍ، ولا فاعل لما أمر به، وقال: (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، ليبين أنهم قادرون على فعل ما أمروا به، فهم لا يتركونه، لا عجزاً، ولا معصية، والمأمور إنما يترك ما أمر به لأحد هذين، إما ألا يكون قادراً، وإما أن يكون عاصياً لا يريد الطاعة، فإذا كان مطيعاً، يريد طاعة الآمر، وهو قادر: وجب وجود فعل ما أمر به، فكذلك الملائكة المذكورون، لا يعصون اللّه ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون." انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/61).
    وقال السفاريني رحمه الله: "قال ابن جماعة في شرح بدء الأمالي:
    المكلفون على ثلاثة أقسام:
    قسم كلف من أول الفطرة قطعا، وهم الملائكة وآدم وحواء - عليهم السلام -.
    وقسم لم يكلف من أول الفطرة، وهم أولاد آدم.
    وقسم فيهم نزاع، والظاهر أنهم مكلفون من أول الفطرة، وهم الجان. انتهى.
    قلت: الكتاب والسنة ظاهرهما تكليف الملائكة إذ فيه: لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [التحريم: 6]، ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير [سبأ: 12]- يسبحون الليل والنهار لا يفترون [الأنبياء: 20]، يخافون ربهم من فوقهم [النحل: 50]، وقال: وهم من خشيته مشفقون [الأنبياء: 28]- إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [الأنفال: 12]؛ وهذا كله تكليف، وناشئ عن التكليف، والأحاديث طافحة بمعنى ذلك، والله أعلم." انتهى من "لوامع الأنوار البهية" (2/ 410).
    وقال الشيخ عمر الأشقر رحمه الله: "ويمكن أن نقول: إن الملائكة ليسوا بمكلفين بالتكاليف نفسها التي كلف بها أبناء آدم، أما القول بعدم تكليفهم مطلقاً: فهو قول مردود، فهم مأمورون بالعبادة، والطاعة: (يَخَافُونّ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِم وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) النحل/ 50، وفي الآية أنهم يخافون ربهم، والخوف نوع من التكاليف الشرعية، بل هو من أعلى أنواع العبودية، كما قال فيهم: (وَهُمْ مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) الأنبياء/ 28 " انتهى من " عالم الملائكة الأبرار"(ص21).
    ثانيا:
    هل للجمادات إرادة واختيار؟

    اختلف في الجمادات هل لها إرادة؟ فذهب جمع من أهل العلم إلى ذلك، منهم القرطبي، وقد استدل لذلك بأدلة كثيرة.
    قال رحمه الله: "وعلى التأويل الثاني لا يحتاج إلى ذلك، فإن كل شي من الجماد وغيره يسبح. قلت: ويستدل لهذا التأويل وهذا القول من الكتاب بقوله سبحانه وتعالى: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق)، وقوله: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) على قول مجاهد-، وقوله: (وتخر الجبال هدا. أن دعوا للرحمن ولدا)... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شي إلا شهد له يوم القيامة." رواه ابن ماجه في سننه، ومالك في موطئه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
    وخرج البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. في غير هذه الرواية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: كنا نأكل مع وسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيحه.
    وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن)... وخبر الجذع أيضا مشهور في هذا الباب خرجه البخاري في مواضع من كتابه.
    وإذا ثبت ذلك في جماد واحد جاز في جميع الجمادات، ولا استحالة في شيء من ذلك، فكل شيء يسبح؛ للعموم.
    وكذا قال النخعي وغيره: هو عام فيما فيه روح، وفيما لا روح فه حتى صرير الباب.
    واحتجوا بالأخبار التي ذكرنا.
    وقيل: تسبيح الجمادات أنها تدعو الناظر إليها إلى أن يقول: سبحان الله! لعدم الإدراك منها. وقال الشاعر:
    تلقى بتسبيحة من حيث ما انصرفت... وتستقر حشا الرائي بترعاد
    أي يقول من رآها: سبحان خالقها.
    فالصحيح أن الكل يسبح؛ للأخبار الدالة على ذلك، لو كان ذلك التسبيح تسبيح دلالة فأي تخصيص لداود، وإنما ذلك تسبيح المقال، بخلق الحياة والإنطاق بالتسبيح كما ذكرنا.
    وقد نصت السنة على ما دل عليه ظاهر القرآن من تسبيح كل شي فالقول به أولى. والله أعلم." انتهى من "تفسير القرطبي" (10/ 267).
    وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) البقرة/74: "وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كُلُّ حَجَرٍ يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ، أَوْ يَتَشَقَّقُ عَنْ مَاءٍ، أَوْ يَتَرَدَّى مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ، لَمِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ.
    وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عَبَّاسٍ: وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَيْ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَأَلْيَنَ مِنْ قُلُوبِكُمْ عَمَّا تُدْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ..
    وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه هُوَ سُقُوطُ الْبَرَدِ مِنَ السَّحَابِ. قَالَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِي ُّ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، وَتَبِعَهُ فِي اسْتِبْعَادِهِ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَا؛ فَإِنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ بِلَا دَلِيلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ...
    وقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَجَازِ؛ وَهُوَ إِسْنَادُ الْخُشُوعِ إِلَى الْحِجَارَةِ، كَمَا أُسْنِدَتِ الْإِرَادَةُ إِلَى الْجِدَارِ فِي قَوْلِهِ: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ. قَالَ الرَّازِيُّ وَالْقُرْطُبِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ: وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهَا هَذِهِ الصِّفَةَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا الْآيَةَ، وَقَالَ: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ الْآيَةَ، قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ الْآيَةَ، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الْآيَةَ، وَفِي الصَّحِيحِ: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"، وَكَحَنِينِ الْجِذْعِ الْمُتَوَاتِرِ خَبَرُهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: "إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ، كَانَ يُسَلِّمُ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ؛ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ". وَفِي صِفَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ: أَنَّهُ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ" انتهى من "تفسير ابن كثير"(1/ 304).
    ولا يخفى أن هذه الإرادة وهذا الإدراك ليسا كاملين كإدراك الحيوان، وإرادته؛ فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئا، كما قال إبراهيم لأبيه: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا) مريم/42.
    وأما القول بأن "العرش اهتز لموت سعد، لاختياره هذا النوع من الطاعة من مجموع خيارات الطاعات التي أودعها الله سبحانه وتعالى للعرش"؛ فهذا من التكلف والقول على الله بلا علم، فما الدليل على وجود خيارات للطاعات أعطاها الله للعرش؟ وأن العرش اختار منها خيار الاهتزاز؟
    فليحذر صاحبك من القول على الله بغير علم، فإن ذلك من أعظم المحرمات، وقد قرنه الله بالشرك، فقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
    وقال: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) الاسراء/36.
    وننبه إلى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، له رسالة نافعة مفيدة في هذا البحث، طبعت بعنوان: "رسالة في قنوت الأشياء كلها لله عز وجل"، ضمن المجلد الأول من جامع الرسائل، ت: د. محمد رشاد سالم رحمه الله، فيحسن مراجعتها، والاستفادة من تقريراتها.
    والله أعلم.


    https://islamqa.info/ar/answers/3455...8A%D8%A7%D8%B1
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    كل ما فى الكون أخى أبو البراء " باستثناء الإنسان " لاإرادة ولااختيار له فى طاعة الله .. فالكل طائع ..
    أما الإنسان : فهو الذى اختار التكليف واختار أن تكون له إرادة واختيار وجنة أو نار .. ولهذا كان ظلوماً جهولا ..
    { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا }
    ................

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    سئل الشيخ البراك: هل الجمادات لها إرادة إذا شاء الله ؟
    السؤال: هل صحَّ أنَّ بعض أهل العلم كانَ يَرى أنَّ الجدارَ لَه إرادةٌ إذا شاءَ الله، كما أنَّ الجمادات تتكلَّمُ إذا شاء الله، وكما أنَّ الجبلَ رأى تجلِّي اللهِ فجعلَهُ دَكَّاً فكانَتِ الآية..
    الجواب: بعضُهم يقول: لَهُ إرادةٌ، بس [لكن] ما هو بـظاهر، اللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، قادرٌ أن يجعلَ الجبل -أيضًا- حيَّاً يتكلَّم، أو يُنْطِقَهُ وهو جدارٌ، قدرةُ اللهِ مطلقةٌ، لا يُعْجِزُهُ شيء، لكن واضح أنَّ الجدار يريد أن ينقضَّ أنَّه مُتَهَيِّئٌ للسّقوط، حتى النَّاس الآن عندَهم هذا التَّصوُّر، إذا رأوا جدارًا مائلاً قالوا: "ابعدوا، ابعدوا، ابعدوا، الجدار يبي [يريد] يبي -بلهجتنا الدارجة- الجدار يبي يطيح" .
    <span style="box-sizing: border-box; font-weight: 700; font-family: taha-naskh, sans-serif; font-size: 18px; line-height: 2; color: rgb(51, 51, 51); text-align: justify;">https://sh-albarrak.com/article/6073
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل للملائكة وللجمادات إرادة واختيار؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    كل ما فى الكون أخى أبو البراء " باستثناء الإنسان " لاإرادة ولااختيار له فى طاعة الله .. فالكل طائع ..
    أما الإنسان : فهو الذى اختار التكليف واختار أن تكون له إرادة واختيار وجنة أو نار .. ولهذا كان ظلوماً جهولا ..
    { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا }
    ................
    اختلف النظار والمتكلمون في الجمادات هل لها حس يخلقه الله فيها بحسبها؟ أم لا شعور لها ولا إدراك البتة؟ والقائل بأن لها شعورا بحسبها يستدل بظواهر قرآنية كقوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ {الإسراء:44}. وقد أطال القرطبي الكلام في هذا الموضع ذاهبا إلى الظاهر مستدلا عليه بظواهر كثيرة من الكتاب والسنة،
    قال ابن كثير في تفسير قوله:
    وإن منها لما يهبط من خشية الله ـ مَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا، وَمِنْهَا مَا يَهْبِطُ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَفِيهِ إِدْرَاكٌ لِذَلِكَ بِحَسْبِهِ،
    كَمَا قَالَ: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً {الْإِسْرَاءِ: 44}
    وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كُلُّ حَجَرٍ يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ: أَوْ يَتَشَقَّقُ عَنْ مَاءٍ أَوْ يَتَرَدَّى مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ لَمِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ... وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، وَهُوَ إِسْنَادُ الْخُشُوعِ إِلَى الْحِجَارَةِ كَمَا أُسْنِدَتِ الْإِرَادَةُ إِلَى الْجِدَارِ فِي قَوْلِهِ: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ {الكهف: 77}
    قَالَ
    الرَّازِيُّ وَالْقُرْطُبِيّ ُ وَغَيْرُهُمَا :
    وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهَا هَذِهِ الصِّفَةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها {الأحزاب: 72}
    وقال: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ {الإسراء: 17}
    وقال: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ {الرحمن: 6} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ {النحل: 48} قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ {فصلت: 11}
    لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ {الحشر: 21}
    وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ {فصلت: 21}
    وَفِي الصَّحِيحِ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ـ وَكَحَنِينِ الْجِذْعِ الْمُتَوَاتِرِ خَبَرُهُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلِيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ ـ
    وَفِي صِفَةِ الحجر الأسود: إنه يشهد لمن استلم بِحَقٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ
    . انتهى.
    فإذا تقرر لك هذا، فإن من يرى أن ما نسب إلى الحجارة ونحوها من الجمادات مما ظاهره نسبة الشعور إليها مجاز، فلا إشكال على قوله، والذين يحملون ذلك على الحقيقة من العلماء يقولون إن الله يخلق فيها شعورا وإدراكا تسبح به بحسبها، وليس معنى ذلك أن لها إدراكا تاما كإدراك الحيوان، فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني شيئا، كما قال إبراهيم لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا
    [الاسلام سؤال وجواب]
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله-
    قوله تعالى

    (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) أي: أنه مائل يريد أن يسقط، فإن قيل: هل للجدار إرادة؟
    فالجواب: نعم له إرادة، فإن ميله يدل على إرادة السقوط، ولا تتعجب إن كان للجماد إرادة فها هو "أُحُد" قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إنه: "يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"[43] والمحبة وصف زائد على الإرادة، أما قول بعض الناس الذين يجيزون المجاز في القرآن: إنَّ هذا كناية وأنه ليس للجماد إرادة فلا وجه له.

    قال الشنقيطى في أضواء البيان :
    "هذه الآية الكريمة من أكبر الأدلة التي يستدل بها القائلون : بأن المجاز في القرآن . زاعمين أن إرادة الجدار الانقضاض لا يمكن أن تكون حقيقة ، وإنما هي مجاز . وقد دلت آيات من كتاب الله على أنه لا مانع من كون إرادة الجدار حقيقة ، لأن الله تعالى يعلم للجمادات إرادات وافعالاً وأقوالاً لا يدركها الخلق كما صرح تعالى بأنه يعلم من ذلك ما لا يعلمه خلقه في قوله وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [ الإسراء : 44 ] فصرح بأننا لا نفقه تسبيحهم وتسبيحهم واقع عن إرادة لهم يعلمها هو ونحن لا نعلمها . وأمثال ذلك كثيرة في القرآن والسنة ."

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •