السؤال

خرج من يدعي أن للماء ذاكرة، وإن تركيبته الفيزيائية تتغير عندما يتم قراءة القرآن والأذكار فيه، أنا شخص متعلم وجامعي، ولا أعتقد بصحة ذلك، فآمل توضيح مسألة تأثير القرآن الكريم على تركيبة الماء.
الجواب



الحمد لله.
هذه المعلومات التي نقلها بعض الناس بشأن تأثير القرآن على تركيبة الماء ترجع كلها إلى رجل ياباني مشرك، والمفهوم من كلام من عَرَّف به أن تخصصه هو الطب البديل وليس له تخصص علمي معتبر.
والمسلم في مثل هذه الأخبار، وعلى هذه الحال: عليه أن يتثبت، ويتبيّن، كما أرشد القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى:(يَاأَيُّه َا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) الحجرات/6.
ولم نجد أن هؤلاء الأفاضل الذين نقلوا كلام هذا الرجل الياباني عن تأثر تركيبة الماء بقراءة القرآن الكريم عليه أنهم تبينوا وتثبتوا منه بالوسائل العلمية المناسبة.
والذي ينبغي أن لا يُحَدَّث الناسُ بمثل هذه المعلومات التي لم يتم التثبت منها من طرف جهة علمية موثوقة وتقبل شهادتها شرعا؛ لأن نقل مثل هذه المعلومات من غير تثبت قد ترجع بالتشكيك في الدين وأهله.
روى الإمام مسلم في "مقدمة الصحيح" (1 / 11) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: (مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً).
والمسلم يقينه بصدق الوحي يكفيه بتصديق ما ورد من بركة ماء زمزم، وبركة الرقية الشرعية، فلا حاجة لنا إلى تكلّف الكلام فيما غاب عنا من كيفية تأثير هذا الماء وهذه الرقية في الجسد.
قال الله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ) سورة ص/86.
عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِين َ)." رواه البخاري (4809)، ومسلم (2798).
وقال الطبري رحمه الله تعالى:
" (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ) يقول: وما أنا ممن يتكلف تخرصه وافتراءه، فتقولون: (إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ) و (إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ).
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ) قال: لا أسألكم على القرآن أجرا تعطوني شيئا، وما أنا من المتكلفين أتخرّص وأتكلف ما لم يأمرني الله به " انتهى من"تفسير الطبري" (20 / 150).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" ومما يدخل في النهي عن التعمق والبحث عنه: أمور الغيب الخبريّة التي أمر بالإيمان بها، ولم يبين كيفيتها، وبعضها قد لا يكون له شاهد في هذا العالم المحسوس، فالبحث عن كيفية ذلك هو مما لا يعني، وهو مما ينهى عنه، وقد يوجب الحيرة والشك، ويرتقي إلى التكذيب...
قال إسحاق بن راهويه: لا يجوز التفكر في الخالق، ويجوز للعباد أن يتفكروا في المخلوقين بما سمعوا فيهم، ولا يزيدون على ذلك، لأنهم إن فعلوا تاهوا، قال: وقد قال الله: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)، فلا يجوز أن يقال: كيف تسبح القصاع، والأخونة، والخبز المخبوز، والثياب المنسوجة؟ وكل هذا قد صح العلم فيهم أنهم يسبحون، فذلك إلى الله أن يجعل تسبيحهم كيف شاء وكما يشاء، وليس للناس أن يخوضوا في ذلك إلا بما علموا، ولا يتكلموا في هذا وشبهه إلا بما أخبر الله، ولا يزيدوا على ذلك، فاتقوا الله، ولا تخوضوا في هذه الأشياء المتشابهة، فإنه يرديكم الخوض فيه عن سنن الحق " انتهى من"جامع العلوم والحكم" (2 / 172 - 173).
والله أعلم.


https://islamqa.info/ar/answers/3433...84%D9%8A%D9%87