قال أبو عبد الله بن مندة الحافظ، كما في «شرح العلل» (1/ 339): «إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرًا يسيرًا من كثير ممن يدَّعي علم الحديث، فأما سائر الناس ممن يدعي كثرة كتابة الحديث، أو متفقه في علم الشافعي وأبي حنيفة، أو متبع لكلام الحارث المحاسبي، والجنيد، وذي النون، وأهل الخواطر، فليس لهن أن يتكلموا في شيء من علم الحديث، إلا مَن أخذه عن أهله وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته»اهـ.
وقال الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص118): «معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم».
وقال الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (2/ 294): «إن معرفة العلل أجل أنواع علم الحديث».
وقال ابن الصلاح في «علوم الحديث»: «اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب»اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (13/ 352، 353): «وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ، فإنهم أيضًا يُضعِّفون مِن حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تَبيَّن لهم أنه غَلِط فيها بأمور يستدلون بها، ويُسمُّون هذا: «علم علل الحديث»؛ وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغَلِط فيه، وغَلَطُه فيه عُرِف إما بسبب ظاهر أو خفي، والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميز بين الصحيح والضعيف، فيشك في صحة أحاديث، أو في القطع بها، مع كونها معلومة مقطوعًا بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدَّعي اتباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظًا في حديث قد رواه ثقة، أو رأى حديثًا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة، أو يجعله دليلًا له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط»اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في «شرح العلل» (1/ 339): «وقد ذكرنا فيما تقدم في كتاب العلم شرف علم العلل وعزته، وأن أهله المتحققين به أفراد يسيرة من بين الحفاظ وأهل الحديث»اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في «النزهة» (ص92): «وتحصل معرفة ذلك - أي: الخطأ في الرواية - بكثرة التتبع، وجمع الطرق؛ فهذا هو المعلل، وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهمًا ثاقبًا، وحفظًا واسعًا، ومعرفةً تامة بمراتب الرواة، وملكةً قوية بالأسانيد والمتون؛ ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن؛ كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني»اهـ.