حكم استعمال كريمات تحوي مادة الكولاجين
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوةالسؤال

♦ الملخص:
سائل يسأل عن حكم استعمال (جل) يحتوي على مادة الكولاجين دون معرفة مصدره حيوانيًّا كان أو نباتيًّا.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم، بارك الله فيكم، وجزاكم كل الخير على هذا الموقع المتميز.
سؤالي يخص مادة الكولاجين؛ فهناك دواء يُباع هنا في فرنسا ويحتوي على مادة الكولاجين، ولا يُذكَر مصدره إن كان حيوانيًّا أم نباتيًّا، وقد حاولت إيجاد كريم مثله، ولكني لم أُفلح.
سؤالي هو: هل يجوز لي استعمال هذا الكريم (gel جل) استعمالًا خارجيًّا على البشرة أو لا؟ أسعدنا الله وإياكم في الدنيا والآخرة، ووفَّقنا لما يحب ويرضى، وفرَّج كروب أمة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فأولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك ولسائر المسلمين الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير، وتمام العفو والعافية.

ثانيًا: نحمد لك حرصك على معرفة الحق والحلال والحرام قبل الاستخدام؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]؛ قال السعدي عند تفسير هذه الآية: "هذه الآية وإن كان سببها خاصًّا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر وهم أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين - أصوله وفروعه - إذا لم يكن عند الإنسان علمٌ منها أن يسأل من يعلمها، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم، وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهيٌ له أن يتصدى لذلك".

ثالثًا: مادة الكولاجين تستخرج من الحيوان والنبات، جاء في الموسوعة العربية العالمية: "الكولاجين: مادةٌ بروتينية تُوجد في كل أجسام البشر والحيوانات على حدٍّ سواء.

يوفِّر الكولاجين قدرًا من القوة، ويُعطي الشكل للأنسجة الضامة كالأربطة والأوتار والعظام، كما يوفِّر للجلد والأوعية الدموية الكثير من القوة والمرونة.
توجد في الجسم أنواع عديدة من الكُولاجين، تقوم الخلايا بصنعها ثم تُفرزها داخل المادة بين الخلوية (المادة الموجودة خارج الخلايا)، ويمكن للجزيئات المفردة من الكولاجين أن تتَّحد مع بعضها مُشكِّلة أبنيةً كبيرة، وينتج عن هذه العملية تكوُّنُ الأنسجة.

يتفكك الكولاجين بالإصابات، مثل الجروح وكسر العظام، ولكي تبرأ هذه الجروح والكسور، يزول الكولاجين المتفكك، ويتكون كُولاجين جديد، ثم يتحول هذا الكولاجين الجديد إلى أنسجة.
ومعظم مشكلات آلام المفاصل تحدث من تدمير الكُولاجين في الغضروف والعظام، ويكون الكُولاجين شاذًّا عند بعض الأفراد الذين لديهم بعض الاضطرابات الموروثة.
وللكُولاجين الحيواني فوائد كثيرة؛ فالهُلام (الجيلاتين) يُصنع من الكُولاجين، كما يُستخدَم في الأطعمة ومواد الغذاء، ويُستخدَم كذلك في صنع الشامبو ومُستحضرات التجميل المشابهة.
أما في المجال الطبِّي، فإنه يُستخدم لصنع صمامات القلب الصناعية وتغطية الندوب والتجاعيد".

رابعًا: أما عن جواز استخدامها:
فإذا كان الجل من مادة الكولاجين النباتي؛ فيجوز استخدامه، بلا خلاف.
أما الكولاجين الحيواني: إذا كان من حيوان مأكول اللحم مُذْكًى ذَكَاةً شرعية، فجائز أيضًا بلا خلاف.
أما إذا كان من حيوان غير مأكول اللحم أو مأكول اللحم غير مذكى ذكاة شرعية، ففي جواز استخدامه خلافٌ بِناءً على حكم جواز الانتفاع بالنجاسات.
وعلى القول بعدم جواز الانتفاع بالنجاسات، فلا يجوز استخدام هذا الجل إلا إذا استحال عند تصنعيه، وتمت معالجته، واختلط بغيره من الطاهرات، وتغيَّرت أوصافُه وخصائصه؛ لأن استحالة النجاسات طاهرة على الراجح، أما إذا لم يتغير تغيرًا كاملًا، فلا يجوز تناوله؛ لأنه جزء من العين النجسة؛ قال ابن تيمية: "الأظهر طهارة النجاسة بالاستحالة، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب أحمد ومالك"؛ [الفتاوى المصرية (ص: 19)].
أما إذا كنت لا تعلم مصدر هذا الجل: هل من الكولاجين الجائز استخدامه أو لا؟ فلا بأس باستخدامه؛ لأن أغلب هذه المواد يتم معالجتها واستحالتها عن أصلها قبل إضافتها للمواد المصنعة، والأَوْلَى والأفضل أن تبحث عن غيره من الدهانات أو من المواد الطبيعية التي تقوم مقامه وتؤدي نفس غرضه، وللفائدة ينظر استشارتنا: (استعمال الزيوت والمطعومات في تنظيف وتعقيم الجسم).
وينبغي استخدامه بعد الوضوء إذا كان يمنع وصول الماء للجلد، ويكوِّن طبقة عازلة، والله أعلم.

هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6kNLrOGK2