قال نعيم بن حماد في "ألفتن" (103): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْوَقَّاصِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِفِتْنَةِ التَّرَسُّلِ» ، قِيلَ: وَمَا فِتْنَةُ التَّرَسُّلِ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُقَيَّدًا بِعَشَرَةِ أَقْيَادٍ فِي أَهْلِ الْبَاطِلِ صِيرَ بِهَا إِلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَلَوْ كَانَ مُقَيَّدًا بِعَشَرَةِ أَقْيَادٍ فِي أَهْلِ الْحَقِّ صِيرَ بِهَا إِلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ "
و"أبو وقاص" خطأ ، صوابه كما في الروايات الأخري "أبو القماص" ، وخُولف يحيى بن اليمان ، شيخ نعيم بن حماد ، حيث أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (64/9) عن أبي نعيم ، والسرقسطي في "الدلائل في غريب الحديث" (347) عن أبي أحمد ، كلاهما عَنْ سفيان عَنْ أَبِيه عَنْ سلمة شيخ للحي عَنْ حريز عَنْ أَبِي القماص عن علي به.

ويحيى بن اليمان ، صدوق يهم ويغلط ، فالظاهر أنه وهم فى الإسناد ، والصواب رواية أبي نعيم ، وأبي أحمد. ووقع عندهما "سلمة شيخ للحي" ، فإن كان هو سلمة بن كهيل ، كما في رواية نعيم بن حماد ، فهو ثقة ، وإن كان غيره فهو مجهول.

وحريز ، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (103/3) فقال: ((حريز عَنْ أَبِي القماص - قاله سَعِيد بْن مسروق عَنْ سلمة شيخ للحي، منقطع.)) ، قلت: الظاهر أن البخاري يشير إلى الإنقطاع بين حريز و أبي القماص ، ولم أقف على تصريحه بالتحديث في أي من الروايات ، ولم أجد من ذكر هذه العلة سوى البخاري رحمه الله ، وترجم له كذلك ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (289/3) ، والدارقطني في "المؤتلف" (356/1) ، وابن حجر في "تبصير المنتبه" (250/1) ، وابن ماكولا في "الإكمال" (86/2) كلهم برواية سعيد بن مسروق عن سلمة شيخ للحي عنه ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (243/6) وقال: ((شيخ يروي عَن أبي القماص روى عَنهُ سَلمَة بن كهيل)). قلت: كأن ابن حبان ذهب إلى أن سلمة هو ابن كهيل كما جاء في رواية نعيم بن حماد. ، ولم يذكر أحد في حريز جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول.

وأبو القماص ، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (64/9) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (429/9) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقال الذهبي في "المقتني" (25/2): ((مجهول)) ، وقال العجلي في "الثقات" (420/2): ((كوفى تَابِعِيّ ثِقَة)) ، وقال ابن عبد البر في "الاستغناء" (1526/3): ((قال الحاكم: أظنه والد غزوان بن جرير)).

قلت: والد غزوان هو جرير الضبي ، قال الحافظ في تهذيب التهذيب (2 / 77) : ((قرأت بخط الذهبى فى " الميزان " : لا يعرف . انتهى . وقد ذكره ابن حبان فى " الثقات " . وأخرج له الحاكم فى " المستدرك " . وعلق البخارى حديثه هذا فى الصلاة مطولا بصيغة الجزم عن على ، و لا يعرف إلا من طريق جرير هذا )) ، وقال في "التقريب": ((مقبول)). وعلى كل حال فأبو القماص إذا كان والد غزوان كما ذهب إلى ذلك الحاكم فهو مقبول كما قال ابن حجر ، وإذا كان غيره كما ترجم له البقية فقد وثقه العجلي ، وعلة هذا الأثر هي جهالة حريز ، والإنقطاع بينه وبين أبي القماص كما قال البخاري رحمه الله.


والحاصل أن هذا الأثر لا يصح عن علي رضى الله عنه.