تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مدرسة الحجرات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,468

    افتراضي مدرسة الحجرات

    مدرسة الحجرات


    إيمان الخولي




    إنها مدرسة الأخلاق إنها الشق الأخلاقى لكل من سعى للإمامة فى الأرض نزلت فى الفترة بين صلح النعرات العصبية بعيدا عن كونهم مجتمع واحد
    إنها سورة جاءت لتأديب النفس الإنسانية بآداب الدنيا والدين وانتزاع الكبر وحب الذات من النفوس جاءت للتطهيرها من أدران الجاهلية لتصفو النفس خالصة لله ويصبح المؤمن هينا ليناً سهلا يألف ويؤلف إنها حقاً مدرسة
    نزلت هذه السورة فى مجتمع يغلب عليه الإيمان فى المدينة لتدعو إلى مجتمع متحاب متآخ على أساس من الإيمان والأخوة والعد ل والمساواة نزلت فى فترة بلغت بهم الإيمان إلى أن ينبهم المولى تعالى على أن رفع الصوت عند النبى عقوبة تستوجب التوبة منها إنهم بلغوا من الرقى الإيمانى المنازل إنها مدرسة لتربى المسلم على أهمية الاندماج فى العلاقات الاجتماعية وأن المسلم الذى يصبر على أذى الناس خير من الذى لا يصبر على الأذى إنها سورة تغلق كل منافذ الشك والاستهانه بالمشاعر التى تدعو إلى التباغض بين الناس من خلال " { لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ } من خلال .... {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ....أو من خلال .. {اجتنبوا كثيراً من الظن} ....
    فياليتنا نتأدب بأدب الحجرات ونتدبر معانيها فهى تربى الإيمان بالله ورسوله وتمام التسليم لأمره والرضا بقضائه فهو امتحان الله لهم فإذا نجحوا فى الامتحان قطفوا ثمار التقوى وملأت قلوبهم فإن الله غنى عن أفعال الناس ولكنهم هم من يحتاجون إليه
    وتعلمنا ادب الثانى هو تأدبهم مع نبيهم فى حضرته خشية أن يحبط عملهم فيتميز شخص رسول الله عن غيره بينهم وتسأل البعض مافائدة هذه الآية الآن وقد رحل رسول الله من بيننا منذ زمن طويل ولكن بقي كلامه وما ينطق عن الهوى فحرى بنا أن نطيعه ونزعن لأوامره دون جدال عقيم أو تشكيكك فى سنته فكل ذلك من محبطات الأعمال
    داعياً إياهم للتوبة والإنابة إلى الله رحيم بهم لا يعاقبهم وقد تابوا وكان هذا ذنباً عظيماً هو الاستهانة بمكانة رسول الله بيننا وأهمية عدم رفع الصوت عليه فما بالك بعدم تنفيذ أوامره وإننا فى زمان الآن نجد من ينكر السنة بالكلية
    وعلى المؤمن الصادق إذا علم أن الأمر من عند الله فعليه السمع والطاعه وأن يكون لسان حاله لبيك اللهم لبيك
    فإذا كانت هذه هى مكانته عند الله عز وجل فماذا عن مكانته بيننا وهو السراج المنير لهذه الامة لولاه لما عرفنا ربنا وتقربنا منه هلا درسنا سيرته واقتدينا به وسرنا على نهجه فهو أحق أن يتبع وليس المغنى الفلانى والممثلة فلانة فلا مسلك إلا مسلكه لنجاة هذه الأمة من الفتن التى تفتك بها
    إن كانت الآيات السابقة تبين التعامل مع الله فإن هذه الآيات إذ يقول تعالى : " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} ..... " تبين أدب التعامل مع الناس وخاصة عند انتشار الإشاعات تقعد القواعد التى نضمن بها سلامة الصدر وطهارة القلب من كل مرض قلبى ينخر فيه ليفسد الصفو الاجتماعى بين الناس ومن دعائمه التثبت والتبين من الاخبار قبل نقلها و اصدار الآحكام على الناس فتفسد النفوس وتلوث السمعة وتنهدم الأسر بمجرد ظن لا دليل عليه فحذرت من الاستماع لفاسق غالب الظن عليه أنه كاذب وقد عبرت الآيات عن مُروج الإشاعات أنه فاسق خارج عن حدود الأدب فلا يتعجل المسلم فى إصدار الحكم بناء على اخبار لا يعرف مصدرها وعليه أن يصم أذنه عن كل كلام يثير الخلاف والشقاق فى المجتمع المسلم وتبعث برسالة للمسلمين ألا وهى ليس كل ما يعلم يُقال .
    كما توضح الآيات أن على المؤمنين أن يطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مادام حياً بينهم ويتبعوا سنته بعد موته لما فيها من خير ورحمة بالبشرية وقد أتت باليسر للأمة وأن عليهم أن يدخلوا فى السلم لأنه لو أخذ برأيهم فى كل ما يخبروه بهم لشق عليهم فهو أعلم بالصالح لهم فما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى وعليهم أن يدركوا فضل الله عليهم وأنه حبب الإيمان إلى قلوبهم وكره إليهم المعاصى وهى النعمة التى لا يدرك قيمتها كثير من الناس وإذا تاملنا لوجدنا أن الآيات بدأت بالأدب مع الله فالانشقاق عنه كفر ثم التثبت من الأخبار فنقلها بغير تثبت فسوق أعظم بها من نعمة أن يحول بين المرء وقلبه فهم بذلك بالتخلص من بذور الكفر والفسوق والعصيان اصبحوا راشدين وهو محض فضل من الله ونعمة إنه عليم بالنفوس من يؤثر فيه الإيمان فيستسلم له ومن يختم على قلبه بالكفر وهذا كله من تعاليم الإسلام حتى لا يوغر الصدر بالضغائن والأحقاد فيؤدى إلى إشعال الفتن والاقتتال بين الطائفتين كلتاهما مؤمنة ولكن تسربت إليهم أخبار من فسقة لا تجد صدى عند ضعاف النفوس فلذلك ربط بين طاعة الله ورسوله والتقوى فى بداية السورة,, فالتقي يقف عند ما ينقل إليه ليتبين مدى صحته
    ومن الرسائل التى تبعث بها الآيات هى عدم الاستجابة لكل ما يقال عبر وسائل الاعلام والإنترنت التى تزين صورة الباطل وتقلب موازين الحقائق بسحرها للعقول بتضخيمه للأفكار الشاذة واظهار أنها أصبحت متفشية فى المجتمع وأنه لا يخلو بيت منها على عكس الحقيقة إنها صناعة تربح على حساب القيم تجند الجنود من أجل تحقيق أهدافها ولا تجد إلا المغفل المغيب لتسحره إنها طريق أعداء الاسلام لشن حرب على المسلمين بتشويش أفكارهم وقلب الحقائق وجعل منهم أداة للدفاع عن باطلهم فقد أدركوا أن الحرب بالأسلحة المادية لن تنجح كما تنجح طلقة يصيبها جنود الباطل فى عقليه المتلقى .












    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,468

    افتراضي رد: مدرسة الحجرات

    مدرسة الحجرات (2)


    إيمان الخولي


    مازلنا مع مدرسة الحجرات نتربى ونتأدب بآدابها فإذا كانت أول السورة بينت لنا كيف يكون المسلم صالحاً فى نفسه وربط ذلك بالإيمان كلما صدق الإيمان كلما زادت استجابته لأوامر الله وطاعته والإيمان يحتاج الى تطبيق عملى بأن يخرج المسلم إلى المجتمع فيصلح بين الناس ويسعى لحقن الدماء مهما كانت الظروف ولا يستجيب لنداءات الشيطان وإيحاءاته أنه على الحق فى العداء وأنه يجب أن ينتصر لكرامته بقتل أخيه المسلم فيجب أن نعظم حرمة دم المسلم فى قلب المسلمين وأن يدرك أن مصلحة الغرب فى أن يبقى المجتمع الإسلامى مشتتاً لا يجتمع على كلمة تأكله الحروب وليرفع شعار " فأصلحوا بينهم " وبيان أهمية السعى بالصلح بين الفرق والطوائف فلا يذهب كل حزب بما لديه فرحاً مستكبراً يظن أنه جمع الحق كل الحق بين يديه وأن ليس للآخر وجه حق ويقيم العدل بين المتخاصمين ويؤلف بين القلوب انطلاقا من علمه أن الأخوة ميزان الإيمان كلما زاد الإيمان زاد ترابط المجتمع فتتنزل الرحمات بها يرحم أحدنا الآخر حتى لا يعم الظلم على الصالح والطالح وأى صلاح والقلب يمتلىء غيرة وحقدا على أخيه المسلم فعلى المسلم أن يسعى جاهدا لتطهير قلبه من الضغائن وأمراض القلوب وأن يعلم أن نداء الله للطائفتين بالمؤمنين رغم بغيهم على بعض وإشعال القتال بينهم دليل على أنه لا يجب أن نحكم على بعض بالكفر بارتكاب معصية فقد قبل الله توبة أصحاب الحدود من زنا وحرابة وسرقة وقتل إذا تابوا وعرفوا الحق وأنابوا إلى الله فقد عفا الله عن حقه وسامح فلما لا يسامح البشر ويصنع بالأخوة والألفة نسيجاً واحداً لا ينفذ إليه حاقد

    وعليه أن يرفع أكف الضراعة إلى الله :" {ربنا لا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا } ....." وليعلم كل منا أنه لن تكون أخوة إلا بالصبر وجهاد النفس والتنازل عن بعض الحقوق فى سبيل تحقيق المصلحة العامة فعلينا أن ندفع بالتى هى أحسن التى بها ننال حميمية العلاقة بالآخر ونكسب وده وتلك هى الثمرة المرجوة

    وتستمر الآيات فى نسيج واحد تبين آداب التعامل مع المجتمع فكما حظرت من القتال ودعت إلى الصلح بين المتقاتلين وهو واجب اجتماعى بينت أسباب المشاحنات بين الناس والآفات التى تؤدى إلى خراب النفوس وبالتالى فساد ذات البين منها ثلاثة ظاهرية وهى السخرية واللمز والتنابز بالألقاب والثلاثة الأخرى خفية لا يعلمها إلا الله وهى الظن السيئ والغيبة والتجسس فهى التى تدمر العلاقات وتؤجج نار الفتن فيكون القتال وأن الناظر للثلاث آفات الأولى الظاهرية يجدها تنبع من إحساس النفس أنها أعلى من غيرها فيأخذها الغرور والكبر فتترجم ذلك فى سخرية من غيرها واستصغار شأنهم والتحقير منهم وما هذا إلا لنقيصة فى نفوسهم وقد شدد على أن هذا يحدث فى الأقوام وفى النساء لأن الأقوام تتفاخر فيما بينها بالأحساب والأنساب وتتعصب لذويها و النساء من الفئات التى تكون مجالسهم بيئة خصبة للسخرية والهمز واللمز قد تضعف النفوس فتعلى من شانها على حساب الآخرين وتحب أن يكون لها الصدارة فى المجلس قد تسخر الجميلة من القبيحة وقد يسخر الغنى من الفقير ويسخر ذو الأولاد ممن لم ينجبوا وهم لا يدرون أنه مجرد فضل من الله ونعمة تفضل بها عليهم وليس لأنهم كفء أويتميزون على غيرهم فى شئ إنما هو ابتلاء واختبار للمؤمن
    فعليهم أن يتبرأوا من هذه الأفعال ويتوبوا منها بعد أن أكرمهم الله بالتوبة والهداية والصلاح ولو لم يستجب لنداءات الرحمن فهو ظالم لنفسه بارتكاب ما نهى الله عنه وظالم لغيره بالطعن فيه والإساءة إليه فإن الله يغفر ما كان فى حقه فماذا عن حقوق العباد يوم لا ينفع مال ولا بنون ؟وتبين لنا الآيات بعد ذلك أن الهمز واللمز والسخرية قد يؤدى إلى استجاشة الظنون السيئة وكلنا بشر فمن يسمع الناس تلمزه وتهمس عليه فلابد للأوهام والوساوس أن تتحرك بداخله لذلك حذرت الآيات من اتباع هذا الظن لأنه قد يؤدى دون أن يدرى إلى ارتكاب إثم فلا يتبع الظن بتجسس وتتبع لعورات المسلمين حتى يفضحها ومن ثم تنتقل هذه الأفكار وهذا التجسس إلى نطق باللسان وذكر الناس بما يكرهوا فى غيبتهم وشبهه بمن يأكل لحم أخيه بعد الموت فالموت هنا دليل على غياب الإنسان عن المشهد فيجد من ينهش فى سيرته وينتقص من قدره ولا يجد من يدافع عنه فتأتى الآيات لتحرم كل ما يؤدى إلى التشاحن والتباغض بين الناس

    و يختم هذه الآية بحثهم على المسارعة للتوبة وطلب المغفرة إن كانوا مستمسكين بتقوى الله









    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •