تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أوراق مبعثرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي أوراق مبعثرة

    أوراق مبعثرة



    (1) حياتك هي اللحظة التي أنت فيها


    عبدالإله أسوماني

    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام الأتـمَّان الأكملان على أشرف الأنبياء والـمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
    فهذه أوراق - أو إن شئت قل: أقوال مبعثرة - كنت قد سجَّلتها منذ زمن، وها هو الأوان قد حان لأذيعها على عقول الناس وقلوبهم، وسأضمُّ إليها في قابل الأيام أجزاءً أخرى، إن شاء الله.

    وآمل أن يعثر فيها القارئ على ما يسرُّه وينفعه، أما إن وجد فيها زللًا في الـمعنى، أو خللًا في الـمبنى، فليغضَّ الطَّرْف ويترفَّق؛ فصدور الخطأ من بني آدم ليس من العجائب ولا الغرائب.
    وأسأل الله أن يبصِّرنا بعيوبنا، ويلهمنا مراشد أمورنا، وأن يهدنا، ويهدي بنا، ويجعلنا سببًا لمن اهتدى، آمين... ولكم مني الودُّ والورد، ودامت لكم المسرَّات.
    ♦♦ ♦♦

    • اعلم أيها الـمهموم أن الحزن والحسرة لن يردَّ لك ما صار في خبر كان، ولن يعطيك شيئًا، ولكن تأكد أنه يأخذ منك أنفس شيء عندك، وهي: صحتُّك، فتأمَّل.
    • علامَ تذهب نفسك حسرات، والله قدَّر رزقك قبل خلق الأرض والسماوات؟! فلو غضضت الطَّرف عمَّا فاتك، واجتهدت في التخطيط لآمالك، لتحسَّنت أحوالك.

    قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].
    • علَّمَني الإيمان بالقضاء والقدر ألا آسى على ما فاتني، وألا أفرح كثيرًا بما أتاني، وأن ما قُدِّر لي لا يأخذه غيري، وأن ما هو لغيري لن يكون يومًا لي.

    • حياتك هي اللحظة التي أنت فيها، فعِشِ اللحظة ولا تنتظر الغد؛ فقد لا تكون موجودًا.
    • عبارة "أنت فاشل"، أو ما يقوم مقامها: أكثر العبارات فتكًا بآمال الإنسان، وهي - في حقيقة الأمر - سمٌّ ناقع، وابتلاء واقع، وداء خطير، والأخطر من ذلك كله: التصديق بها، وقَبولُها من غير نكران، ولا إظهار لأي انفعال تجاهها.

    إنك أيها الإنسان لست فاشلًا! وليس لدى أحد الحقُّ بنعتك بها؛ ما دمت تحاول، وتأبى الركون إليه... إنك ببساطة لـم تولَد فاشلًا، فكيف ترضى وصف نفسك به؟ فالحذرَ الحذرَ من هذا الداء العضال الذي لا يرجى برؤه، وفِرَّ من الـمجذوم به فرارك من الأسد؛ فمَن صَاحَب الفاشلين - أي: الراضين به - صار منهم، والصَّاحِب ساحب، وأدمن الفأل؛ فإنه مضاد حيوي للإحباط والتعاسة والدَّعة، وسائر الأدواء التي تفضي إلى هذا الـمرض.

    • من عوامل النجاح في الامتحانات جميعًا: تنظيم الوقت.
    عندما تنظم وقتك، تستطيع أن تساير الـمهام جميعًا، وتوافق بين أشغالك، على عكس الفوضى والتخبط والاعتباطية، فإن كلَّ ذلك من أسباب الإخفاق.
    عندما تكون منظمًا وقتك، تتضح لك الأمور أكثر من ذي قبل، فتستطيع أن تخطط لآمالك وأحلامك بهدوء وروية، وكل ذلك يعينك على الوصول إلى هدفك والنجاح في الحياة.

    تنظيم الوقت يجعلك تساير بيُسر بين حياتك الـمهنية والأسرية والعلمية.
    تنظيم الوقت مَغْنمة، والتفريط فيه مَضْيعة وخسارة.
    فقد فهمت الآن أن تنظيم الوقت عاملٌ حيوي، ومطلب ضروريٌّ للنجاح؛ لا يفرط في هذا الجانب أحدٌ إلا وتذوَّق مرارة الإخفاق والفشل، وقد قالوا: "الوقت سيف؛ إن لم تقطعه قطعك".

    • أخبِرني أيها الكسول الخمول، الذي يريد الوصول إلى هدفه الـمأمول: أرأيت يومًا السماء تمطر ذهبًا أو فضة؟ أو أكَلَ العسلَ مَن لا يصبر على لسع النحل؟ ارمِ عنك دثارك، وقم إلى تحقيق هدفك بهمَّةٍ وعزم، وإلَّا تفعل، قطعك سيف الوقت الذي لا يرحم.

    • ليس مهمًّا كيف يراك الناس، الأهم: كيف ترى نفسك؛ فرِضا الناس غايةٌ لا تدرَك! فاهتم بنفسك، ولا تلتفت إلى ما يقال عنك، فلو أنك كل مرة تنظر خلفك، فأخبرني - إذًا - كيف تصل إلى هدفك؟ وإذا طُعنت من الخلف، فتلك علامة أنك في الـمقدمة، فكفى بك اليومَ على نفسك حسيبًا، ودَعِ الخلق للخالق.

    • تذكر دائمًا: كلما ضاقت عليك الأرض بما رحُبت "أنه مجرد يوم سيئ، وليس حياة سيئة"، وتيقَّن أنه عمَّا قريب سيبزغ فجر يوم جديد؛ ينسيك كل همومك، فثق بربِّك، ولا تقنط من رحمة الله، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } [الشرح: 5، 6].

    • لا تندم على أي علاقة مررت بها في حياتك؛ لأنك وإن لم تنتفع أو تستفد منها، فإنك قد اكتسبت تجارب تُضاف إلى قائمة دروسك الدنيوية.
    ولكن احرص - أشدَّ الحرص - على صفاء جوهر العلاقة، واتبع هذه القاعدة: "إذا لم أستطع أن أنفع غيري، فلا أضره"، فإلحاق الضرر بالغير محرَّمٌ عقلًا وفطرة وإنسانية قبل أن يؤكِّده الإسلام شرعًا.

    • إذا لم يكن قلبك صافيًا نقيًّا، فلا خير في مظهرك وإن كنت جميلًا أنيقًا.
    يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

    • لا تحدِّث الناس عن استقامتك، ولكن أرشِدهم إليها، ولا تكُ من الذين يطلقون الأحكام، ولا يحملون همَّ الدعوة إلى رياض دين الإسلام؛ فلأنْ يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس، ولا تمنُنْ تستكثرُ؛ فلولا رحمة الله لكنت من الضالين، وهذا سيد الخلق، وخير البريَّة، وأخشانا لله وأتقانا، ومن ترجم القرآن إلى عمل وسلوك ومنهج حياة، فصار بذلك قرآنًا منظورًا، ووحيًا على الأرض ماشيًا، يقول له ربي وربُّكم ورب الناس: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ} [الإسراء: 74]، فلا تُراءِ الناس بما تصنع، ولا تُزَكِّ نفسك؛ فالله أعلم بمن اهتدى واتقى.

    • الفرق بين اليوم والبارحة هو أن اليوم هو تلك الفرصة التي أتيحت لك أمسِ، فإنِ اغتنمتها فقد أظهرت الفرق بينهما، وإن ضيَّعتها كما ضيعت الأولى، فلن يصير هناك أي فرق، بل سيصدق عليه قول القائل: "ما أشبَهَ اليوم بالبارحة!".
    • ابتسم دائمًا مهما كانت ظروفك؛ فما قدَّره الله ماضٍ، فلتكن عنه راضيًا.

    • رُب ابتسامة أزالت من قلبٍ ترحًا، وملأته فرحًا، ورب ابتسامة صيَّرت قلبًا حسودًا حنونًا ودودًا، ومن هنا نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وتبسُّمُك في وجه أخيك صدقةٌ».
    • الهدوء الحقيقي: هو عندما تضع رأسك على الوسادة، فتنام مطمئنًّا، لا تتذكر مظلمة أحد عليك، ولا بغيك على أحد، تنام وقلبك صافٍ وخالٍ من أية ضغينة، فمن كان في هذه النعمة، فليحمد الله عليها، ومن كان في عتاب وجدال مع نفسه الأمَّارة بالسوء، فنرجو له العافية.

    • الاختلاف في الرأي: أن أختلف معك في الرأي، هذا لا يعني أنني أناصبك العداء؛ فلربما أتفق معك في مسائل أخرى مما لا يحصى كثرة، ألا يحق لنا أن نكون إخوة وإن اختلفنا؟! سبحان الله! بعض الناس يصنِّفون كلَّ من يخالفهم في خانة الأعداء، متغافلين بالكلية عن المواطن التي يجتمعون فيها.

    الاختلاف رحمة مهداة إلينا من خالق الناس، فلمَ نجعله ـ إذًا ـ نقمة علينا وسبب العداوة والشقاق بيننا؟ ألم يقل الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]؟ ففصل الحكم في قطع الاختلاف إنما هو بيد ملك الـملوك يوم القيامة، وما نحن مطالبون به هو: معرفة كيفية تدبير هذا الاختلاف، وآداب التعامل مع الـمخالفين؛ حتى نجعل من هذا الاختلاف مصدرَ قوة، لا مصدر ضعف وفتنة.

    • تفاءل دائمًا، واحذر من أن يسري الإحباط إلى قلبك.
    • قد يسهل عليك الاعتراف بالهزيمة، ولكن سيصعب عليك التخلص من طعمها.
    • شارك أحزانك مع أحبائك؛ لأننا إذا لم نشاطر الآلام مع الآخرين، فلن نستطيع تخفيفها عن أنفسنا.

    • أكبر كذبة سمعتها في صغري، وصدَّقتها حينئذٍ هي: "المستقبل"، ولما كبرت، اكتشفت أنها أكذب من كذبة أبريل... فما المستقبل إلا اللحظة التي أنت فيها، أما غدًا، فعلمُه عند ربِّي في كتاب، لا يضل ربِّي ولا ينسى، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
    لا شك في أنك سمعت أيها القارئ الكريم بهذه العبارات: ادرس جيِّدًا من أجل المستقبل، واعمل جاهدًا من أجل المستقبل، وابْنِ دارًا من أجل المستقبل، وتزوَّج من أجل المستقبل، واجمع المال من أجل المستقبل... يكبر الإنسان ويشيخ، ويكاد ملك الموت يقبض روحه، ولا زال ينتظر المستقبل، فعن أي مستقبل يتحدَّثون؟ فما هذه الكلمة إلا اعتقاد غربي، نفخ بها في أبواقه، فالتقَطَها أدعياء السخافة - عفوًا: الثقافة - وصدَّقها عوام الناس، الذين امتلأت عقولهم بالإلباس، فما لي والناس؟! أعوذ بالله من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس.
    لا يصدِّق بهذه اللفظة إلا الذين أسلموا فقط ولَـمَّا يدخل الإيمان في قلوبهم: ((قلْ: آمنتُ بالله، ثم استقم))، وكفاك من هذه التُّرَّهات.

    • ارْضَ بما قسَمَه الله لك، تكن أغنى الناس، ولا تلهث في هذه الدنيا وتتعب نفسك من أجل الرزق، فكن على يقين أن رزقك لن يأخذه غيرُك، فالله هو الرزاق ذو القوة الـمتين؛ يرزُق الجنين في بطن أمِّه، والحيتانَ في ظلمات البحر، وصغارَ الطيور في أعشاشها، فلو كان الرزق يؤخذ بالقوة ما أكل عصفور شيئًا مع النسر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله، ولن تموت نفس إلا بإذن ربِّها، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاطمئنَّ، وخُذ بالأسباب، وتوكَّل على الـملك الوهَّاب.







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: أوراق مبعثرة

    أوراق مبعثرة

    (2) آداب وأخلاق


    عبدالإله أسوماني

    الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    • الإنسان المثقف هو الذي يترجم علمه ومعرفته إلى سلوك، لا من يدَّعيهما فقط، وإذا نظرت إليه، وتأملت في تصرفاته، وجدته يفعل عكس ما يدعي ويزعم! فالكل يحسن نسج الأقوال، وتنميق العبارات.. ولكن العبرة في تطبيقها وتحويلها إلى أفعال ومنهج حياة. أما أن تظل مجرّدَ شعارات زائفة، كأنها أعجاز نخل خاوية؛ فتلك - لعمري - سخافة لا ثقافة!

    • الناس مجبولون على حب من يحسن إليهم، وبغض من يسيء إليهم، ولله درّ القائل:
    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

    • لماذا تيأس عند فراقك لشخص كنت تحبه، إذا لم تكنِ السببَ في هذا الهجر، اغمض عينيك هنيهة ثم افتحهما، وأكمل طريقك، كأنْ لم يكن شيئاً مذكوراً، واعلم أن الشجرة لا يسقط من ثمارها إلا ما هو فاسد، وأن الزبد فيذهب جُفاءً، وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

    • الصداقة الصادقة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، بل تبقى ثابتة مستقرة كحكم فقهي مستنده نصٌ قطعي الدلالة والثبوت.

    • انتقوا أصدقاءكم كما تنتقون أطـايِب الثمر.
    • أحياناً نصفح عمّن ليس أهلاً للصفح؛ حفظاً وصوناً لحبل ودّ أقربائه الذين تجمعنا بهم علاقات طيّبة. ولله درّ القائل:
    وإذا الصديق أسى عليك بجهلهِ *** فاصفح لأجل الودّ ليس لأجلهِ

    • لا تجعل الحزن سبباً لنهاية حياتك، لكن اجعله سبباً لبداية حياة جديدة خاليه من هذا الحزن.

    • لا تسعَ إلى تصحيح ظن أَحدٍ بك؛ من أكرمك فأكرمه، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

    • اقبل النصيحة وإن لم تعجبك، ومهما ترها قاسية على نفسك الأمارة بالسّوء، فبعد توالي الأيام، ستتأكد من أن ذلك الشخص لا يريد إلا مصلحتك، وأن مع تلك القسوة كثيراً من الحب.. وما نصائح الأم عن هذا ببعيد، فتأمل.

    • اعلم أن الاستسلام هو: بداية الفشل، ونهاية الأمل، فاحرص على مواجهة الصعاب، والتعود على تحمل الألم والـمشاق، فلا شيء يأتي عبثاً، وإذا اشتدت الأزمة، فتلك آية الفرج، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6].

    • إن ممّا يقتل الإبداعَ في نفوسنا، ويثبّط عزائمَنا، هو: الخوف من ردود أفعال الآخرين.

    • إذا أردت أن تعيش حياة مليئة بالسرور والحبور، فلتكن ثقتك بالله قوية، وصلتك به شديدة، ولا تبالي بما يفعله أو يقوله البشر، فلن ينفعوك بشيء إلا بما كتبه الله لك، ولن يضرّوك بشيء إلا بما كتبه الله عليك، واعلم حقّ اليقين أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله لك، فهو حسيبك، وعليه فتوكل.

    • ينبغي أن نتعلم كيفية رؤية الأمور والأشياء على حقيقتها، لا كما نتصوّرها؛ فليس كل ما نتخيله يتحقق، وليس كل ما نتمناه ندركه، فكثيراً ما يقع العكس.. وينبعي مع ذلك خفض سقف الطموحات؛ حتى لا نُفاجأ بضربة قاضية، تميع لنا صفو الخاطر، وطعم الحياة، فنخسر أنفسنا، وذلك هو الخسران المبين، فما من شيء في هذه الحياة إلا ويعوض؛ بمثله أو بغيره من البدائل التي تنسينا المنغصّات والأوجاع، فنفوسنا علينا عزيزة، فلا ينبغي أن نذلها أو نهينها - مهما كان الأمر- فحقها علينا كثير، وكم من مفرّطٍ في حق نفسه!

    • كل الناس يريدون سماع الحقيقة، ولكن القليل منهم فقط من يتقبلها بصدر رحب، أما أغلبيتهم فينكرونها أشد الإنكار؛ "لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم"، كما قال أحدهم.

    • الناس بطبيعتهم يميلون إلى حب ذاتهم، والإعجاب بها، ولذلك فيسلّيهم كثيرا مَنْ يُثني عليهم لا من يذمهم. يُعجبهم من يمدحهم وإن كان ذلك المديح غير موجود فيهم حقيقةً، ولا ينطبق عليهم، ولهذا قيل قديماً: "أعذب الشعر أكذبه".

    • لو ترك الناس الحسد لعاشوا في رغد.

    • الحسد يهدم الجسد: ذكر ابن العماد العكري في "شذرات الذهب" عن الأصمعي قال: "رأيت شيخا بالبادية قد سقط حاجباه [على عينيه] وله مائة وعشرون سنة، وفيه بقية، فسألته، فقال: تركت الحسد فبقي الجسد".

    • بدل أن تخسر وقتك وجهدك في ترميم الماضي، قم بالتخطيط لقابِل.

    • قد تجد عطفاً ممن هو بعيد، ولا تجده ممن هو قريب، فلا تبتئس بهذا، فلك خالقٌ هو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو على كل شيء رقيب.

    • عند الخصام لا تنطق بسيِّء الكلام ورديئه، بل قل خيرا أو الزم الصمت؛ كيلا يتسع الخرق، وسيكشف الله لك ثمرة صمتك مع مرور الأيام، والعاقبة للتقوى.

    • إذا أصابتك نازلة قضّت مضجعك، فلا تبخل على نفسك بالدعاء، وردد قول الله تعالى على لسان سيّدنا يعقوب عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. فالله نعم المولى ونعم النصير.

    • الكذب كله شر، وشر الكذب: كذبٌ على ذويك.
    • ليس العمر الذي يجعل الإنسان رجلاً، ولكنَّ الإحساسَ بالمسؤولية والاستعدادَ لحَملها هو من يجعله كذلك.
    • القلق يفعل بصاحبه ما لا يفعل العدو به؛ إنه يعكر عليه مزاجه، ويميع صفو خاطره، ويهدم صحّته، ويجعل من دقائق أيامه ساعاتٍ طوال.

    • ويحدث أحياناً أن تحضر إلى خاطرك بعضُ الذكريات؛ التي ظننت أنك قد قطعت دابرها، وتخلصت منها، ولكن هيهات هيهات، إن للذكريات وقعا على النفس والروح أشد من وقع الجمار على جلدك وشحمك.

    • احترام الناس ليس شيئاً تشتريه، ولا يأتي بين عشية وضحاها، بل هو غاية بعيدة المدى، تتجرع من أجلها العلقم، قال الشاعر:
    لا تحسب المجد تمراً أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبِرا

    • لكي تنال الاحترام ينبغي أن تفرضه على الناس، لا أن تنتظر أن يُتصدق به عليك.
    • احترم من يحترمك وإن لم يكن أهلاً لاحترامك.
    • احترامك للناس لا ينقص شيئاً من شرفك وعزك، بل يزيدك شرفاً وعزًّا.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: أوراق مبعثرة

    أوراق مبعثرة

    (3) السعادة


    عبدالإله أسوماني

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتـمان الأكملان على أشرف الأنبياء والـمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    ♦ أيها العقل، أفْتِنِي في أمري، إني لحائر، أَأَصْبِرُ على قَرْقَرَةِ البطن، أم أصبر على فقر الجيوب؟ ما أنا بصابرٍ على ما تراه عيناي الـمثقلتان بالنوم؛ حيث لم أذق طعمَه الليل كله بسبب السفر، وما أدراك ما السفر؟ "قطعة من العذاب"، كما صحَّ بذلك الحديث عن خير البرية، ولكنْ إذا كان القصدُ شراءَ الكتبِ التي هي غذاءٌ للعقول والأرواح، كما أن الأكل والشرب غذاء للأبدان، فكل شيء عليَّ يهونُ.

    ♦ وحدَّثني قلبي أنْ صُمْ عن الطعام هذا اليوم، وإن شِئتَ زِدت عليه يومًا بعده، ثم استقِل حافلة تعود بك إلى بلدتك غانمًا، ومن ألـم الـحسرة سالـمًا، فبِبَذْلٍ وحِلْمٍ سَادَ في قومه الفتى، وكونُك إياهُ عليك يَسِيرُ.

    ♦ واتفق الحاكمان وما اختلفا، فما كان مني إلا أن أذعنت لحكمهما، ولا أعصي لهما أمرًا، فما فاز من كان بهما عاقًّا، وحسبي قولُ الشاعر:
    إني رأيت وفي الأيام تجربةٌ *** للصبــر عاقبـةٌ محمـودةُ الأثــــرِ
    وقلْ من جَد في أمر يحاوله *** فاسْتَصْحَبَ الصبرَ إلا فاز بالظفَرِ

    ♦ كن أنت على عفويتك وسجيتك، ولا تتصنع، فإن التصنع يذهب الشعور، ويفقدك ماء الوجه.

    ♦ إذا لم تستطع أن تُدخل الفرح إلى قلوب الناس الـمستضعَفين، فتجنب مخاطبتهم بألفاظ قاسية؛ لكيلا تزرع فيها ألَمًا لا ينسى، وجرحًا لا يبلى، فيكفي أن الدنيا قد واجهتهم بظهرها، وحُرموا الكثير من متاعها.

    ♦ إن من العار أن نجد أناسًا يعرفون عن حياة اللاعبين أكثرَ مما يعرفونه عن حياة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

    ♦ هل تظن أن السعادة صعبة المنال؟ إذًا فأنت مخطئ، فهي موجودة في صلة الأحباب، ومجالسة الصحاب، وقراءة الكتاب المنزَّل من عند الملك الوهاب.

    ♦ لولا بعض القلوب الطيبة، والأرواح اللطيفة، لماتت أنفسنا همًّا.

    ♦ الاهتمام يا صديقي خير من الحب، فالحب لن يسد جوعتك في الليالي المقمرة، بلهَ في الليلة الدهماء المطيرة، فلتفهم.

    ♦ كثرة التنازلات تورثك المذلة.

    ♦ ما يزال المسلم عزيزًا ما تمسك بدينه.

    ♦ كيف ستحكم بالحق إذا كان قصدك من القراءة هو البحث عما يعضد حكمك الذي اتخذتَه ابتداءً، لا الوصول إلى الحقيقة.

    ♦ ليكن قصدك دائمًا معرفة الحق، وستصل حتمًا إلى الحقيقة، فالنية المبيتة تأبى إلا أن تطفئ نور الهداية.

    ♦ قال له: هل أنت محتاج إلى شيء ما؟ فأجاب: نعم، أحتاج إلى سماع هذا السؤال.

    ♦ الحياة الطيبة ليست بكثرة المال، وإنما براحة البال.

    ♦ خيبات الأمل المتكررة تُميت في القلب الأحاسيس، بل تجعله حجرًا لا يتصدع، فعلقْ قلبك بالله، فلن يخيب أملك أبدًا، فإن حرمك من بعض متاع الدنيا القليل، عوضك بمتاع الآخرة الكثير، والآخرة خير وأبقى.

    ♦ الإنسان ليس آلةً ليبقى على حالٍ ثابتةٍ، ففي أحايين كثيرة تعتوره خُطوبٌ ومشاغلُ وهمومٌ ونوازلُ، يكون إنجازُه العظيمُ أنْ خرج منها بكامل قواه العقلية، فلتحسن الظن بالناس، والتمِس لهم الأعذار قبل أن يعتذروا.


    ♦ ما أوسعَ العيشَ لولا سيفُ الأجلِ.










    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •