تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الدعاء الى شهادة لا اله الا الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الدعاء الى شهادة لا اله الا الله

    قال الشيخ عبد الرحمن السعدى فى القول السديد شرح كتاب التوحيد
    بَابُ الدُّعَاءِ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
    وهذا الترتيبُ الذي صنَعَه المؤلفُ في هذِه الأبوابِ في غايةِ المناسبةِ،
    فإنه ذكَرَ في الأبوابِ السابقةِ:

    -وجوبَ التوحيدِ
    وفضلَه،
    والحثَّ عليهِ وعلى تكميلِه والتحقُّقِ به ظاهرًا وباطنًا،
    والخوفَ من ضِدِّه،
    وبذلك يُكْمِلُ العبدُ نفسَه.

    ثُمَّ ذكَرَ في هذا البابِ:
    تَكْميلَه لغَيْرِه بالدَّعوةِ إلى شهادةِ (أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ)
    فإنَّه لاَ يَتِمُّ التوحيدُ حَتَّى يُكمِلَ العبدُ جميعَ مراتبِه
    ثُمَّ يَسْعَى في تَكْميلِ غَيْرِه،
    وهذا هو طريقُ جميعِ الأنبياءِ،
    فإنهم أولُ ما يدعون قومَهم إلى عبادةِ اللهِ وحدَه لا شريكَ لَهُ،
    وهي طريقةُ سيِّدِهم وإمامِهِم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه قامَ بهذِه الدعوةِ أعظمَ قيامٍ، ودَعا إلى سبيلِ ربِّه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، والمجادلةِ بالتي هي أحسنُ،
    لم يَفْتُرْ ولم يَضْعُفْ حتى أقامَ اللهُ به الدينَ وهدَى به الخلقَ العظيمَ،
    ووصَلَ دينُه ببركةِ دعْوتِه إلى مشارقِ الأرضِ ومغاربِها.

    وكانَ يدعو بنفْسِه،
    ويأمرُ رسلَه وأتباعَه أنْ يَدْعُوا إلى اللهِ،
    وإلى تَوْحيدِه قبلَ كلِّ شيءٍ؛
    لأنَّ جَمِيعَ الأعمالِ متوقِّفَةٌ في صِحَّتِها وقَبُولِها على التوحيدِ.

    فكما أن على العبدِ أنْ يقومَ بتوحيدِ اللهِ،
    فعَلَيهِ أنْ يَدْعُوَ العبادَ إلى اللهِ بالتي هي أحسنُ،
    وكلُّ مَن اهتدَى على يَدَيْه فله مثلُ أجُورِهم مِن غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أجُورِهم شيءٌ.

    وإذا كانت الدعوةُ إلى اللهِ وإلى شهادةِ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ فرضًا على كلِّ أحَدٍ،
    كانَ الواجبُ على كلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ مَقْدُورِه.

    فعلى العالِمِ من بيانِ ذلك والدعوةِ والإِرشادِ والهدايةِ أعظمُ مما على غيرِه مِمَّن لَيْسَ بعالِمٍ،
    وعلى القادرِ ببدنِه ويدِه أو مالِه أو جاهِه وقولِه أعظمُ مما على مَن ليستْ له تلك القدرةُ،
    قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
    ورَحِمَ اللهُ مَن أعانَ على الدِّينِ ولو بشطرِ كلمةٍ،
    وإنَّما الهلاكُ في تركِ ما يقدِرُ عليه العبدُ من الدعوةِ إلى هذا الدينِ.
    [القول السديد فى مقاصد التوحيد]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الدعاء الى شهادة لا اله الا الله

    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى كفاية المستزيد
    باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
    هذا الباب هو: (باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله) باب الدعوة إلى التوحيد.
    -وقد ذكر في الباب قبله: الخوف من الشرك.
    -وقبله ذكر فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، و(باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب) ولما ذكر بعده (باب الخوف من الشرك) اجتمعت معالم حقيقة التوحيد في النفس - في نفس الموحد - فهل من اجتمعت حقيقة التوحيد في قلبه؛ بأن عرف فضله، وعرف معناه، وخاف من الشرك، ومعنى ذلك أنه استقام على التوحيد وهرب من ضده، هل يبقى مقتصراً على نفسه؟
    أم إنه لا تتم حقيقة التوحيد في القلب؛ إلا بأن يدعو إلى حق الله الأعظم، ألا وهو إفراده -جل وعلا- بالعبادة، وبما يستحقه سبحانه وتعالى من نعوت الجلال، وأوصاف الجمال.بوب الشيخ -رحمه الله- هذا الباب ليدل على أن من تمام الخوف من الشرك، ومن تمام التوحيد: أن يدعو المرء إلى التوحيد، فإنه لا يتم في القلب حتى تدعو إليه.
    وهذه حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله؛لأن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله عُلِمَتْ حيث شهد العبد المسلم لله بالوحدانية، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وشهادته معناها: اعتقاده، ونطقه، وإخباره الغير بما دلت عليه، فلا بد إذن في حقيقة الشهادة وفي تمامها من أن يكون المكلف الموحد داعياً إلى التوحيد، لهذا ناسب أن يذكر هذا الباب بعد الأبواب قبله.ثم له مناسبة أخرى لطيفة، وهي: أن ما بعد هذا الباب هو تفسير للتوحيد، وبيان أفراده، وتفسير للشرك، وبيان أفراده؛ فيكون إذاً الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، الدعوة إلى التوحيد: دعوة إلى تفاصيل ذلك، وهذا من المهمات؛ لأن كثيرين من المنتسبين للعلم من أهل الأمصار، يسلمون بالدعوة إلى التوحيد إجمالاً، ولكن إذا أتى التفصيل في بيان مسائل التوحيد، أو جاء التفصيل لبيان أفراد الشرك؛ فإنهم يخالفون في ذلك، وتغلبهم نفوسهم في مواجهة الناس في حقائق أفراد التوحيد، وأفراد الشرك.
    إذاً: فالذي تميزت به هذه الدعوة - دعوة الإمام المصلح رحمه الله- أن الدعوة فيها إلى شهادة أن لا إله إلا الله دعوة تفصيلية ليست إجمالية، أما الإجمال فيدعوا إليه كثيرون، نهتم بالتوحيد ونبرأ من الشرك؛ لكن لا يذكرون تفاصيل ذلك، والذي ذكره الإمام -رحمه الله- في بعض رسائله، أنه لما عرض هذا الأمر -يعني الدعوة إلى التوحيد- عرضه على علماء الأمصار، قال: (وافقوني على ما قلت؛ وخالفوني في مسألتين: في مسألة التكفير، وفي مسألة القتال). وهاتان المسألتان سبب المخالفة - مخالفة أولئك العلماء فيها -: أنهما فرعان ومتفرعتان عن البيان والدعوة إلى أفراد التوحيد؛ والنهي عن أفراد الشرك.
    إذاً: الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، هو:
    -الدعاء إلى ما دلت عليه من التوحيد.
    -والدعاء إلى ما دلت عليه من نفي الشريك في العبادة، وفي الربوبية، وفي الأسماء والصفات عن الله جل وعلا. وهذه الدعوة دعوة تفصيلية لا إجمالية،ولهذا فصل الإمام -رحمه الله- في هذا الكتاب أنواع التوحيد، وأفراد توحيد العبادة؛ وفصّل الشرك الأكبر، والأصغر، وبين أفراداً من ذا وذاك يأتي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله في الباب الذي بعده؛ لأنه (باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله).قال رحمه الله: (وقول الله تعالى: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}) هذه الآية من آخر سورة يوسف هي في الدعوة إلى الله، وسورة يوسف -كما هو معلوم مِن تأملها- هي في الدعوة إلى الله، من أولها إلى آخرها موضوعها: الدعوة، لهذا جاء في آخرها قواعد مهمة في حال الدعاة إلى الله، وحال الرسل الذين دعوا إلى الله، وما خالف به الأكثرون الرسل، واستيئاس الرسل من نصرهم، ونحوِ ذلك من أحوال الدعاة إلى الله، في آخر تلك السورة قال الله -جل وعلا- لنبيه: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، {هَـذِهِ سَبِيلِي} أنني أدعو إلى الله، فمهمة الرسل هي الدعوة إلى الله جل وعلا {هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} وأحسن الأقوال: قول من دعا إلى الله، وأحسن الأعمال عمل من دعا إلى الله جل وعلا
    ولهذا قال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} قال الحسن البصري -رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما معناه : (هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله من خلقه، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، هذا خليل الله، هذا حبيب الله).
    وهذا أمر عظيم في أن الداعي إلى الله هو أحسن أهل الأقوال قولاً {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}
    -قال -جل وعلا- هنا: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} هذا موطن الشاهد، فإنه دعاء إلى الله -جل وعلا- لا إلى غيره، وهذه فيها فائدتان:
    الأولى: أن الدعوة إلى الله دعوة إلى توحيده، دعوة إلى دينه؛ كما سيأتي تفسير هذه الكلمة في الحديثين بعدها، حديث ابن عباس في إرسال معاذ إلى اليمن، وحديث سهل بن سعد-رضي الله عنه- في إعطاء عليٍّ الراية .
    - قال جل وعلا: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}، الفائدة الأولى: أن الدعوة إلى التوحيد.
    الثانية: أن في قوله:{أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} التنبيه على الإخلاص، وهذا يحتاجه من أراد الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله، والدعاء إلى الإسلام، يعني: الدعوة إلى الإسلام، يحتاج أن يكون مخلصاً في ذلك، ولهذا قال الشيخ -رحمه الله- في مسائل هذا الباب: في قوله: {إِلَى اللَّهِ} التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيرين وإن دعوا إلى الحق فإنما يدعون إلى أنفسهم، أو نحو ذلك.
    قال: {عَلَى بَصِيرَةٍ} البصيرة هي: العلم، البصيرة للقلب كالبصر للعين يبصر بها المعلومات والحقائق، فكما أنك بالعين تبصر الأجرام والذوات، فالمعلومات تبصر بالبصيرة؛ بصيرة القلب والعقل، يعني: أنه دعا على علم، وعلى يقين، وعلى معرفة، لم يدع إلى الله على جهالة.
    -قال: {أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يعني: أدعو أنا إلى الله ومن اتبعني ممن أجاب دعوتي، فإنهم يدعون إلى الله أيضاً على بصيرة، وهذا أيضاً من مناسبة إيراد الآية تحت هذا الباب؛ لأن من اتبع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعون إلى الله.
    فإذاً: المتبعون للرسول -عليه الصلاة والسلام- الموحدون، لابد لهم من الدعوة إلى الله، بل هذه صفتهم التي أمر الله نبيه أن يخبر عن صفته وعن صفتهم، قال: {قل} يعني: يا محمد{هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فهذه إذاً خصلة أتباع الأنبياء: أنهم لم يخافوا من الشرك فحسب، ولم يعلموا التوحيد ويعملوا به فحسب، بل أنهم دعوا إلى ذلك، وهذا أمر حتمي؛ لأن من عرف عظم حق الله -جل وعلا- فإنه:
    - يغار على حق الرب سبحانه وتعالى.
    - يغار على حق مولاه.
    - يغار على حق من أحبّه فوق كل محبوب: أن يكون توجه الخلق إلى غيره بنوع من أنواع التوجهات، فلابد إذاً أن يدعو إلى أصل الدين، وأصل الملة الذي اجتمعت عليه الأنبياء والمرسلون، ألا وهو توحيده -جل وعلا- في:
    - عبادته.
    - وفي ربوبيته.
    - وفي أسمائه وصفاته جل وعلا وعز سبحانه.
    ثم ساق الإمام -رحمه الله- حديث ابْنِ عَبَّاس أنه قال: لما بعث النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مُعَاذاً إِلى اليَمَنِ قَالَ لَهُ: ((إنَّكَ تَأتي قَوْماً مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِليْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَفي رِوَايَةٍ- إِلى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ)) هذا موطن الشاهد، وهو أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر معاذاً إذا دعا أن يكون أول الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وفسَّرتها الرواية الأخرى بالبخاري في كتاب التوحيد من (صحيحه) قال: ((إِلى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ)) فشهادة أن لا إله إلا الله، الدعوة إليها مأمور بها، وهي الدعوة إلى التوحيد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر معاذاً أن يدعو أهل اليمن وهم من أهل الكتاب، يعني من أهل الكتاب الذي هو التوراة والإنجيل، بعضهم يهود وبعضهم نصارى، أما المشركون فهم فيهم قليل، بل أكثرهم على أحد اتباع المِلّتين، قال العلماء في قوله -عليه الصلاة والسلام- له : ((إنَّكَ تَأتي قَوْماً أَهْلَ كِتَاب)) فيه توطين، وفيه توطئة للنفس أن يهيأ نفسه لمناظرتهم.
    ومعاذ بن جبل من العلماء بدين الإسلام، ومن علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فقال له -عليه الصلاة والسلام- ذلك ليهييء نفسه لمناظرتهم ولدعوتهم، ثم أمره أن يكون أول الدعوة إلى أن يوحدوا الله جل وعلا.
    في قوله هنا: ((فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِليْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)) هذه تقرأ على وجهين:
    الأول: ((فَلْيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِليْهِ شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)) فتكون ((أَوَّلُ)) اسم ((يَكُنْ)) وتكون ((شَهَادَةَ)) هي الخبر.
    وهذا من جهة المعنى معناه: أنه أخبره عن الأوليّة، فابتدأ بالأولية ثم أخبره بذلك الأول.
    والضبط الثاني أو القراءة الثانية: أن تقرأ هكذا ((فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِليْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)) فيكون ((أولَ)) خبر ((يكن)) مقدّم، و ((شهادةُ))اسم ((يكن)) مؤخر مرفوع، وهذا معناه: الإخبار عن الشهادة بأنها أول ما يدعى إليه، وهذان الوجهان جائزان، والمشهور هو الوجه الثاني هذا؛ بجعل ((أول)) منصوبة؛ وذلك لأن مقام ذكر الشهادة والابتداء بها هو الأعظم وهو المقصود، ليلتفت السامع والمتلقي -وهو معاذ- إلى ما يراد أن يخبر عنه من جهة الشهادة.
    فإذاً: موطن الشاهد من هذا الحديث، ومناسبة إيراد هذا الحديث في الباب: هو ذكر أن أول ما يدعى إليه هو التوحيد، وهو شهادة أن لا إله إلا الله.
    ثم ساق أيضاً حديث سهل بن سعد الذي في (الصحيحين):(أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: ((لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ)) فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُم)
    (بات): البيتوتة هي المكث في الليل، معه نوم أو ليس معه نوم.
    (بَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُم) يعني: يخوضون في تلك الليلة، باتوا: يعني ظلوا ليلاً يتحدثون من دون نوم؛ لشدة هذا الفضل الذي ذكره عليه الصلاة والسلام .
    قال: (فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُم يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: ((أَيْنَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ؟)) فَقِيلَ: هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ في عَيْنَيْهِ، ثم (دَعَا لَهُ فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ) فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ: ((انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِم، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلى الإِسْلاَمِ))) هذا موطن الشاهد والمناسبة لإيراد هذا الحديث في الباب.
    -قال: ((ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِم مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالى فِيهِ))الدعوة إلى الإسلام: هي الدعوة إلى التوحيد؛ لأن أعظم أركان الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وضمَّ إليها -عليه الصلاة والسلام- أن يدعوهم أيضاً إلى حق الله فيه، يعني: إلى ما يجب عليهم من حق الله فيه.
    - قال: ((وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِم مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ)) يعني: في الإسلام من جهة التوحيد، ومن جهة الفرائض واجتناب المحرمات، ولهذا كانت الدعوة إلى الإسلام يجب أن تكون في أصله، وهو التوحيد وبيان معنى الشهادتين، ثم بيان المحرمات والواجبات؛ لأن أصل الأصول هو المقدّم؛ فهو أول واجب.
    لاحظ أن الآية آية سورة يوسف فيها بيان أن كل الصحابة دعاة إلى الله جل وعلا، دعاة إلى التوحيد، وحديث معاذ: فيه أن معاذاً كان من الدعاة إلى الله، وفُصِّل فيه نوع تلك الدعوة إلى الله جل وعلا.
    وكذلك حديث سهل بن سعد الذي فيه قصة علي: فيه الدعوة إلى الإسلام؛ فيكون هذان الحديثان كالتفصيل لقوله في الآية: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فالدعوة على بصيرة: هي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، إلى أن يوحدُّوا الله، الدعوة إلى الإسلام وما يجب على العباد من حق الله فيه.[كفاية المستزيد]


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الدعاء الى شهادة لا اله الا الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    أن أول ما يدعى إليه هو التوحيد، وهو شهادة أن لا إله إلا الله.
    ولهذا كانت الدعوة إلى الإسلام يجب أن تكون في أصله، وهو التوحيد وبيان معنى الشهادتين،
    ثم بيان المحرمات والواجبات؛
    لأن أصل الأصول هو المقدّم؛
    فهو أول واجب.


    نعم
    ينبغي، لمن عرف التوحيد أن لا يقتصر على نفسه - كما يظن الجهال،
    يقولون: اعمل بالحق واترك الناس ،
    بل الواجب على العبد الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن
    كما كان ذلك شأن المرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين،
    هذا هو الأصل في دعوة المرسلين وأتباعهم
    أنهم يدعون إلى التوحيد وهو أصل الأصول الذي يجب الدعوة إليه.
    فأول ما يجب الدعوة اليه الدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله.
    ولا شك أن الدعوة أعمّ من الدعوة إلى التوحيد، ،
    إذًا فليكن اول ما تبدأ به من الدعوة -الدعوة إلى التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله،
    لماذا؟
    لانه لا تصح الأعمال إلا به،
    فهو أصلها الذي تُبنى عليه،
    ومتى لم يوجد لم ينفع العمل،
    حينئذٍ صارت الدعوة إلى التوحيد أصلاً للدعوة إلى سائر أنواع المأمورات وترك المنهيات،
    لأنه لا فائدة من أن يفعل المأمورات ويكون عنده خلل في التوحيد -
    ومن الاصول والقواعد المقررة :
    أن الشرك إذا دخل العبادة أفسدها، كما أن الحدث إذا دخل الوضوء أفسده،
    حينئذٍ لا فائدة من الدعوة إلى الصلاة وإلى الزكاة وإلى الصيام وإلى الحج،
    ويكون المخاطب عنده شرك أكبر لا فائدة من ذلك،
    لأنه لو صلى وهو متلبس بالشرك الاكبر لن تنفعه الصلاة،
    لماذا؟
    لأن عمله باطل،
    وهذا محل وفاق ولا خلاف بين أهل السنة والجماعة في ذلك
    من أن التوحيد شرط في صحة الأعمال،
    ومجانبة الشرك شرط في صحة العبادة،
    قال جل وعلا -
    وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ:
    وقال جل وعلا {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36].
    ولا شك أن أول الأوامر التي تدخل في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ}. هو التوحيد
    ولَمَّا لم تصح العبادة إلا بترك الشرك عطفه عليه قال: {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.
    لِمَ خصه دون غيره من المنهيات؟
    لأن العبادة لا تصح مع الشرك،
    كما أن الصلاة لا تصح بدون طهارة،
    هذا أمر مُسَلّم
    وعليه حينئذٍ الدعاء أو الدعوة إلى التوحيد هي أساس الدعوة،
    إذ لا تصح الأعمال إلا به فهو أصلها التي تُبْنَى عليه ومتى لم يوجد لم ينفع العمل، بل هو حابط
    ولأن معرفة معنى هذه الشهادة هو أول واجب على العباد
    كما في حديث معاذ «فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله».
    فأول الواجبات هو التوحيد،
    وأعظم المأمورات هو التوحيد،
    فكان أول ما يُبدأ به في الدعوة هو الدعوة إلى التوحيد،
    اذا فهمت ذلك فهم قلب تبين لك غربة الاسلام

    فهو أول واجب.
    نعم

    قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى رحمه الله تعليقا على ابيات بن القيم رحمه الله فى بيان توحيد الانبياء والمرسلين----
    : " وهذا النوع زبدة رسالة الله لرسله،
    فكل نبي يبعثه الله يدعو قومه، يقول: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }
    . {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
    }وهو الذي خلق الخلق لأجله،
    وشرع الجهاد لإقامته،
    وجعل الثواب الدنيوي والأخروي لمن قام به وحققه والعقاب لمن تركه.

    وبه يحصل الفرق بين أهل السعادة القائمين به، وأهل الشقاوة التاركين له".

    وقال رحمه الله:
    فجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد،
    ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد،
    وخصوصا محمد صلى الله عليه وسلم،
    وهذا القرآن الكريم فإنه أمر به وفرضه وقرره أعظم تقرير،
    وبينه أعظم بيان،
    وأخبر أنه لا نجاة ولا فلاح ولا سعادة إلا بهذا التوحيد،
    وأن جميع الأدلة العقلية والنقلية والأفقية والنفسية أدلة وبراهين على الأمر بهذا التوحيد ووجوبه.

    فالتوحيد هو حق الله الواجب على العبيد،
    وهو أعظم أوامر الدين وأصل الأصول كلها،
    وأساس الأعمال"

    وقال رحمه الله:"وبالجملة: فكل خير عاجل وآجل، فإنه من ثمرات التوحيد وكل شر عاجل وآجل فإنه من ثمرات الشرك".

    وقال: "فعلى العبد أن يبذل جهده في معرفته وتحقيقه والتحقق به ويعرف حده وتفسيره، ويعرف حكمه ومترتبته، ويعرف آثاره ومقتضياته وشواهده وأدلته وما يقويه وينميه، وما ينقضه، وشروطه ومكملاته، ويعرف نواقضه ومفسداته لأنه الأصل الأصيل الذي لا تصح الأصول إلا به فكيف بالفروع"
    وقال رحمه الله-"فأما حده وتفسيره وأركانه فهو أن يعلم ويعترف على وجه العلم واليقين أن الله هو المألوه وحده المعبود على الحقيقة، وأن صفات الألوهية ومعانيها ليست موجودة بأحد من المخلوقات ولا يستحقها إلا الله تعالى.فإذا عرف ذلك واعترف به حقا أفرده بالعبادة كلها الظاهرة والباطنة فيقوم بشرائع الإسلام الظاهرة كالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين وصلة الأرحام والقيام بحقوق الله وحقوق خلقه، ويقوم بأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،ويقوم بحقائق الإحسان وروح الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة مخلصا ذلك كله لله، لا يقصد به غرضا من الأغراض غير رضا ربه وطلب ثوابه، متابعا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فعقيدته ما دل عليه الكتاب والسنة. وأعماله وأفعاله ما شرعه الله ورسوله.
    وأخلاقه وآدابه الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم في هديه وسمته وكل أحواله؛ولهذا فإن كمال هذا التوحيد وقوامه بثلاثة أشياء:
    ـ (توحيد الإخلاص لله وحده) فلا يكون للعبد مراد غير مراد واحد وهو العمل لله وحده.
    ـ (وتوحيد الصدق) وهو توحيد إرادة العبد في إرادته وقوة إنابته لربه وكمال عبوديته.
    ـ (وتوحيد الطريق) وهو المتابعة.
    .....فمن اجتمعت له هذه الثلاثة نال كل كمال وسعادة وفلاح ولا ينقص من كمال العبد إلا بنقص واحد من هذه الأشياء"


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •