مقتطفات من كتاب "الصارم المسلول" لشيخ الإسلام ابن تيمية - المجلد الثاني:
-------------

1️⃣ (والمرسل إذا رُويَ من جهات مختلفة لا سيما ممن له عناية بهذا الأمر وتتبُّع له كان كالمسند، بل بعض ما يشتهر عند أهل المغازي ويستفيض أقوى مما يُروى بالإسناد الواحد). ص277

2️⃣ (ومجرّد نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن القتال لا يُوجِب عصمة المكفوف عنهم). ص278

3️⃣ (ومن ذلك: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل من كان يهجوه بعد فتح مكة من قريش وسائر العرب، مثل كعب بن زُهير وغيره). ص283

4️⃣ (ثم إنه -صلى الله عليه وسلم- أهدر دم كعب -بن زُهير- لِمَا قاله -أي هجائه- مع أنه ليس من بليغ الهجاء؛ لكونه طَعَن في دين الإسلام وعابه، وعاب ما يدعو إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم إنه تاب قبل القدرة عليه، وجاء مسلماً، وكان حربيّاً). ص286

5️⃣ (ومن ذلك: أن أصحابه كانوا إذا سمعوا من يسُبُّه ويُؤذيه صلى الله عليه وسلم قتلوه، وإن كان قريباً، فيُقرّهم على ذلك ويرضاه، وربما سمّى من فعل ذلك ناصراً لله ورسوله). ص287

6️⃣ (وقد ذكروا أن الجنّ الذين آمنوا به -صلى الله عليه وسلم- كانت تقصد من يسُبّه من الجنّ الكفار فتقتله قبل الهجرة وقبل الإذن في القتال له وللإنس، فيُقرّها على ذلك، ويشكر ذلك لها). ص291،290

7️⃣ (وممن ذُكِر أنه قُتِل لأجل أذى النبي صلى الله عليه وسلم أبو رافع بن أبي الحُقَيق اليهودي، وقصته معروفة مستفيضة عند العلماء). ص292

8️⃣ (فهذه الأحاديث كلها تدل على أن من كان يسّبّ النبي صلى الله عليه وسلم ويُؤذيه من الكفار فإنه كان يقصد قتله، ويحضّ عليه لأجل ذلك، وكذلك أصحابه بأمره يفعلون ذلك، مع كفِّه -صلى الله عليه وسلم- عن غيره ممن هو على مثل حاله في أنه كافر غير معاهد، بل مع أمانه لأولئك أو إحسانه إليهم من غير عهد بينه وبينهم، ثم من هؤلاء مَن قُتِل، ومنهم من جاء مسلماً تائباً فعصم دمه لثلاثة أسباب -أي أسباب عصمة دم بعض الذين أُهدِرت دماؤهم-:
١- أحدها: أنه جاء تائباً قبل القدرة عليه، والمسلم الذي وجب عليه حدّ لو جاء تائباً قبل القدرة عليه لسقط عنه، فالحربيّ أولى.
٢- الثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من خُلُقه أن يعفو عنه.
٣- الثالث: أن الحربي إذا أسلم لم يُؤخَذ بشيء مما عمله في الجاهلية، لا من حقوق الله ولا من حقوق العباد، من غير خلاف نعلمه ... ولهذا أسلم خلقٌ كثير وقد قتلوا رجالاً يُعرفون، فلم يطلب أحد منه بقَوَد أو دية أو كفارة ... وكذلك أيضاً لم يُضمِّن النبي صلى الله عليه وسلم أحداً منهم مالاً أتلفه للمسلمين، ولا أقام على أحد حدّ زنى أو سرقة أو شرب أو قذف، سواء كان قد أسلم بعد الأسر أو قبل الأسر. وهذا مما لا نعلم بين المسلمين فيه خلافاً في روايته، ولا في الفتوى به). ص298،297،296،295

9️⃣ (والأول أصح -وهو أن الحربي إذا أسلم لا يُسترجع منه شيءٌ من أموال المسلمين لا من حقوق الله ولا من حقوق العباد- ؛ لأن المشركين كانوا يغنمون من أموال المسلمين الشيء الكثير من الكُراع والسلاح وغير ذلك، وقد أسلم عامة أولئك المشركين، فلم يسترجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد منهم مالاً، مع أن بعض تلك الأموال لا بد أن يكون باقياً). ص301

1️⃣0️⃣ (فإذا كان المشرك الحربيّ لا يُطالب بعد إسلامه بما كان أصابه من دماء المسلمين وأموالهم وحقوق الله، ولا يُنتزع ما بيده من أموالهم التي غنمها منهم، لم يُؤاخذ أيضاً بما أسلفه من سبّ وغيره، فهذا وجه العفو عن هؤلاء). ص312

وهذا الذي ذكرناه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحتُّم قتل من كان يسُبّه من المشركين مع العفو عمن هو مثله في الكفر كان مستقرّاً في نفوس أصحابه على عهده وبعد عهده، يقصدون قتل السابّ، ويُحرِّضون عليه، وإن أمسكوا عن غيره، ويجعلون ذلك هو المُوجِب لقتله، ويبذلون في ذلك نفوسهم، كما من حديث الذي قال: سُبّني وسُبّ أبي وأمي وكُفّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حمل عليه حتى قتل، وحديث الذي قتل أباه لمّا سمعه يسُبّ النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث الأنصاريّ الذي نذر أن يقتل العصماء فقتلها، وحديث الذي نذر أن يقتل ابن أبي سرح وكفّ النبي صلى الله عليه وسلم عن مبايعته ليوفي بنذره). ص312

1️⃣1️⃣ (فعُلِم أن مُؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم يتعيّن إهلاكه والانتقام منه، بخلاف الكافّ عنه، وإن اشتركا في الكفر كما كان يُكافئ المحسن إليه بإحسانه وإن كان كافراً). ص315

1️⃣2️⃣ (ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يُعذِّبوه من الذين يُؤذون الله ورسوله، فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه، كما قدّمنا بعض ذلك في قصة الكاتب المُفتري). ص316

1️⃣3️⃣ (ومن الكلام السائر: لحموم العلماء مسمومة، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام ... فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حارب الله حُرِب، وإذا استقريت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أُهلكوا حين آذوا الأنبياء وقابلوهم بقبيح القول أو العمل ... ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولا بد أن يُصيبه الله بقارعة، وقد ذكرنا ما جرّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرّضوا لسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسع لا يُحاط به، ولم نقصد قصده هنا وإنما قصدنا بيان الحكم الشرعي. وكان سبحانه يحميه ويصرف عنه أذى الناس وشتمهمبكل طريق، حتى في اللفظ). ص318،317

1️⃣4️⃣ (فإذا تقرر بما ذكرناه من سنة رسول الله وسيرة أصحابه وغير ذلك أن السابّ للرسول يتعيّن قتله ... إذا تعيّن قتل الحربي لأجل أنه سبّ النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك المسلم والذمّيّ وأولى؛ لأن المُوجِب للقتل هو السبّ، لا مجرد الكفر والمحاربة، كما تبيّن، فحيثما وُجِد هذا المُوجِب وجب القتل، وذلك لأن الكفر مبيح للدم، لا مُوجِب لقتل الكافر بكل حال). ص319


منقول