تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

  1. #1

    افتراضي فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.
    قال شيخ الإسلام- رحمه الله-:
    "وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم. فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب: كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرا من العكس."اهـ
    مجموع الفتاوى ٢٨/ ٢١٢
    وقال:
    "ولكن لما اشتهر الكلام في القدر؛ ودخل فيه كثير من أهل النظر والعباد صار جمهور القدرية يقرون بتقدم العلم وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق.. وقول أولئك كفرهم عليه مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وأما هؤلاء فهم مبتدعون ضالون لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك؛ وفي هؤلاء خلق كثير من العلماء والعباد كتب عنهم العلم. وأخرج البخاري ومسلم لجماعة منهم لكن من كان داعية إليه لم يخرجوا له وهذا مذهب فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره: أن من كان داعية إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس وإن كان في الباطن مجتهدا وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين، لا يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك. ومذهب مالك قريب من هذا ولهذا لم يخرج أهل الصحيح لمن كان داعية ولكن رووا هم وسائر أهل العلم عن كثير ممن كان يرى في الباطن رأي القدرية والمرجئة والخوارج والشيعة. وقال أحمد: لو تركنا الرواية عن القدرية لتركنا أكثر أهل البصرة."اهـ
    مجموع الفتاوى ٧/ ٣٨٥-٣٨٦
    وهنا يُنبه على شيء: أن بعض الناس لا يفرقون بين التجهم، وبين البدع التي هي دونه، فهؤلاء الباب عندهم واحد، وهذا يدل أنهم لم يتصوروا طبيعة الخلاف بين السلف والجهمية، فالمساواة بين بدعة الجهمية وما دونها، كالمساواة بين بدعة المرجئة وإلحاد النصارى، بل بعض أقوال الجهمية، ينكرها النصارى!
    وتجدهم يستدلون بكلام لشيخ الإسلام -رحمه الله- في أن المجتهد في طلب الحق، خطؤه مغفور، سواءً كان ذلك في المسائل العلمية أو العملية، فيُقال ردًا على هذا: أن عند السلف هناك مسائل علمية لا يُعذر فيها.
    وكلام شيخ الإسلام هو أنه ليس كل المسائل العلمية لا يعذر فيها، لا أن كلها يُعذر فيها.. بل منها ما يُعذر فيه ومنها ما لا يعذر فيه ومنها ما فيه تفصيل..
    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة

    وهنا يُنبه على شيء:
    أن بعض الناس لا يفرقون بين التجهم، وبين البدع التي هي دونه، فهؤلاء الباب عندهم واحد، وهذا يدل أنهم لم يتصوروا طبيعة الخلاف بين السلف والجهمية، فالمساواة بين بدعة الجهمية وما دونها، كالمساواة بين بدعة المرجئة وإلحاد النصارى، بل بعض أقوال الجهمية، ينكرها النصارى!

    وتجدهم يستدلون بكلام لشيخ الإسلام -رحمه الله- في أن المجتهد في طلب الحق، خطؤه مغفور، سواءً كان ذلك في المسائل العلمية أو العملية، فيُقال ردًا على هذا: أن عند السلف هناك مسائل علمية لا يُعذر فيها.
    وكلام شيخ الإسلام هو أنه ليس كل المسائل العلمية لا يعذر فيها، لا أن كلها يُعذر فيها.. بل منها ما يُعذر فيه ومنها ما لا يعذر فيه ومنها ما فيه تفصيل..
    والله أعلم
    نعم بارك الله فيك محب أهل الأثر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    وهذا يدل أنهم لم يتصوروا طبيعة الخلاف بين السلف والجهمية، فالمساواة بين بدعة الجهمية وما دونها، كالمساواة بين بدعة المرجئة وإلحاد النصارى،
    بل بعض أقوال الجهمية، ينكرها النصارى!
    نعم بارك الله فيك

    قال الائمة الاعلام الشيخ عبد الله وإبراهيم أبناء الشيخ عبد اللطيف والشيخ سليمان بن سحمان: (وأما الجهمية وعباد القبور؛ فلا يستدل بمثل هذه النصوص على عدم تكفيرهم إلا من لا يعرف حقيقة الإسلام)، وقالوا: (لأن ما قام به من الشرك يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد)"الدرر السنية"

    وقال الشيخ عبد الله وإبراهيم أبناء عبد الطيف وسليمان بن سحمان في "الدرر" [10/437 – 433]: (قالوا؛ إن أهل العلم والحديث لم يختلفوا في تكفير الجهمية)، إلى أن قالوا: (وقد ذكر شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في غير موضع أن نفي التكفير بالمكفرات قوليها وفعليها فيما يخفى دليله ولم تقم الحجة على فاعلة، وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه قبل قيام الحجة، وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة، وأما دعاء الصالحين والاستغاثة بهم وقصدهم في الملمات والشدائد فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه والحكم بأنه من الشرك الأكبر [67]، فليس في تكفيرهم وتكفير الجهمية قولان)
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    وتجدهم يستدلون بكلام لشيخ الإسلام -رحمه الله- في أن المجتهد في طلب الحق، خطؤه مغفور
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    ، سواءً كان ذلك في المسائل العلمية أو العملية، فيُقال ردًا على هذا: أن عند السلف هناك مسائل علمية لا يُعذر فيها.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    وكلام شيخ الإسلام هو أنه ليس كل المسائل العلمية لا يعذر فيها، لا أن كلها يُعذر فيها.. بل منها ما يُعذر فيه ومنها ما لا يعذر فيه ومنها ما فيه تفصيل..
    والله أعلم
    نعم
    قال الشيخ سليمان ابن سحمان
    (فالشخص المعين إذا صدر منه ما يوجب كفره من الأمور التي هي معلومة من ضروريات دين الإسلام، مثل عبادة غير الله سبحانه وتعالى، ومثل جحد علو الله على خلقه ونفي صفات كماله ونعوت جلاله الذاتية والفعلية، ومسألة علمه بالحوادث والكائنات قبل كونها، فإن المنع من التكفير والتأثيم بالخطأ في هذا كله؛ رد على من كفر معطلة الذات ومعطلة الربوبية ومعطلة الأسماء والصفات ومعطلة إفراده تعالى بالإلهية ، والقائلين بأن الله لا يعلم الكائنات قبل كونها، كغلاة القدرية، ومن قال بإسناد الحوادث إلى الكواكب العلوية، ومن قال بالأصلين النور والظلمة، فإن من التزم هذا كله؛ فهو أكفر وأضل من اليهود والنصارى).

    وقال الشيخ صليمان ابن سحمان في "كشف الشبهتين" [ص: 79 –80] في ذكر مذهب شسخ الاسلام ابن تيمية في عدم التكفير في المسائل الخفية حتى تقوم الحجة، وأما المسائل الظاهرة الجلية المعلومة من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله
    وقال في "كشف الشبهتين" [ص: 95]:
    (إن كلام شيخ الإسلام إنما يعرفه ويدريه من مارس كلامه وعرف أصوله،
    فإنه قد صرح في غير موضع أن الخطأ قد يغفر لمن لم يبلغه الشرع ولم تقم عليه الحجة
    في مسائل مخصوصة، إذا اتقى الله ما استطاع واجتهد بحسب طاقته،
    وأين التقوى وأين الاجتهاد الذي يدعيه عباد القبور والداعون للموتى والغائبين والمعطلون للصانع عن علوه على خلقه ونفي أسمائه وصفاته ونعوت جلاله) اهـ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2020
    المشاركات
    54

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة

    وهنا يُنبه على شيء: أن بعض الناس لا يفرقون بين التجهم، وبين البدع التي هي دونه، فهؤلاء الباب عندهم واحد، وهذا يدل أنهم لم يتصوروا طبيعة الخلاف بين السلف والجهمية، فالمساواة بين بدعة الجهمية وما دونها، كالمساواة بين بدعة المرجئة وإلحاد النصارى، بل بعض أقوال الجهمية، ينكرها النصارى!

    أحسنت بارك الله فيك على التعليق والتوضيح الجميل ..ومثله لا يصح أن يساوى من قيل: فيه تشيع كالشيخ عبدالرزاق بن همام الصنعاني ..بأئمة الرافضة ..ومثله لا يصح أن يساوى مرجئة الفقهاء ـــ مرجئة اهل السنة والجماعة ـــــ بغلاة المرجئة .. قال تعالى : (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون )

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عامري مشاهدة المشاركة

    أحسنت بارك الله فيك على التعليق والتوضيح الجميل ..ومثله لا يصح أن يساوى من قيل: فيه تشيع كالشيخ عبدالرزاق بن همام الصنعاني ..بأئمة الرافضة ..ومثله لا يصح أن يساوى مرجئة الفقهاء ـــ مرجئة اهل السنة والجماعة ـــــ بغلاة المرجئة .. قال تعالى : (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون )
    بارك الله فيك
    قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/362) :" وفسق الإعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك
    وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم
    وأما غالية الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب "


    فصرح بتفسيق الجهلة المتأولون من أهل التعطيل إذا كان تأويلهم لبعض الصفات ، فإنهم إن قامت عليهم الحجة صارواً كفاراً بنفيهم الصفات


    وقال ابن مفلح في الفروع (12/ 450) :" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا ، كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا ، أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ "


    وهذا يتفق مع كلام ابن القيم السابق ، ويزيد عليه ابن القيم في تفسيق الخوارج ، وأما غلاة الرافضة والجهمية فأخرجهم من باب التأويل ، وكفرهم مطلقاً

    وظاهر كلام السلف إكفار الجهمية بأعيانهم وعدهم مخالفين للمعلوم من الدين بالضرورة

    وقد قرر أئمة الدعوة التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية

    قال الآجري في الشريعة 175 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : سألت أبا عبد الله عن عباس النرسي ، فقلت : كان صاحب سنة ؟ فقال : رحمه الله قلت : بلغني عنه أنه قال : ما قولي : القرآن غير مخلوق ، إلا كقولي : لا إله إلا الله ، فضحك أبو عبد الله ، وسر بذلك ، قلت : يا أبا عبد الله ، أليس هو كما قال ؟ قال : بلى


    جاء في الدرر السنية (10/355) :" فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية، والأمور الظاهرة' فقال في المقالات الخفية التي هي كفر: قد يقال: إنه فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة؛ بل قال: ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأمور، فكانوا مرتدين، فحكم بردتهم مطلقا، ولم يتوقف في الجاهل"
    وقال الشيخ ابن سحمان في الضياء الشارق ص383 :" فإذا عرفت أن كلام الشيخ ابن تيمية في أهل الأهواء كالقدرية والخوارج والمرجئة، ونحوهم، ما خلا غلاتهم، تبين لك أن عباد القبور والجهمية خارجون من هذه الأصناف.
    وأما كلامه في عدم تكفير المعين فالمقصود به في مسائل مخصوصة قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر والإرجاء، ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء، فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة، فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً، ولا يحكم على قائله بالكفر، لاحتمال وجود مانع كالجهل، وعدم العلم بنفس النص، أو بدلالته، فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها، ولذلك ذكر هذا في الكلام على بدع أهل الأهواء، وقد نص على هذا فقال في تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة، قال:
    وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير، وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة، فهذا لا يتوقف في كفرقائله
    وبهذا تعلم غلط هذا العراقي، وكذبه على شيخ الإسلام، وعلى الصحابة والتابعين في عدم تكفير غلاة القدرية وغلاة المعتزلة، وغلاة المرجئة، وغلاة الجهمية، والرافضة. فإن الصادر من هؤلاء كان في مسائل ظاهرة جلية، وفيما يعلم بالضرورة من الدين، وأما من دخل عليه من أهل السنة بعض أقوال هؤلاء، وخاض فيما خاضوا فيه من المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس، أو من كان من أهل الأهواء من غير غلاتهم، بل من قلدهم وحسن الظن بأقوالهم من غير نظر ولا بحث فهؤلاء هم الذين توقف السلف والأئمة في تكفيرهم، لاحتمال وجود مانع بالجهل، وعدم العلم بنفس النص، أو بدلالته قبل قيام الحجة عليهم، وأما إذا قامت الحجة عليهم، فهذا لا يتوقف في كفر قائله"

    وكلامهم في هذا كثير والمقصود هنا التنبيه على أصل المسألة





    وأما جعل الجهمية النافين للعلو ( المعلوم من الدين بالضرورة ) من أهل السنة إذا كانوا لا يقدمون العقل على النقل ( ويا ليت شعري ما الذي حملهم على التعطيل ) ، أو اجتهدوا فأخطأوا أو أصحاب شبهة ( قوية )! فليس قولاً لأحد من السلف أو الخلف من أهل السنة وإنما اخترعه بعض المعاصرين


    وليت الأمر اقتصر على نفي العلو بل تعدى إلى نفي عامة الصفات وتضليل أهل السنة وتكفيرهم أحياناً والقول بالجبر والإرجاء ومقالات المتكلمين في النبوات مع تعظيم ظاهر لأهل الكلام

    وليت أمر ( المسننين ) اقتصر على الحكم بالسنية لهم بل تعدى إلى تبديع من يضللهم !

    وحقيقة هذا القول أن من نفى علو الله وصفاته إلا بعض صفات أو فوض وقال بمقالات المرجئة والجبرية والقبورية معذور

    ومن يضلله وقال بمقالات أهل السنة في كل هذه المسائل مبتدع وليس معذوراً

    فأي دين هذا ؟!

    فأن سألتني من هم غلاة الجهمية ؟

    قلت لك : من ينكرون علو الله على خلقه

    قال البخاري في خلق أفعال العباد 70- وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُوسَى الأَشْيَبَ ، وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ فَنَالَ مِنْهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : أُدْخِلَ رَأْسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الزَّنَادِقَةِ يُقَالُ لَهُ شَمْعَلَةُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقَالَ : دُلَّنِي عَلَى أَصْحَابِكَ فَقَالَ : أَصْحَابِي أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : دُلَّنِي عَلَيْهِمْ فَقَالَ : صِنْفَانِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْقِبْلَةَ ، الْجَهْمِيَّة وَالْقَدَرِيَّة ُ ، الْجَهْمِيُّ إِذَا غَلاَ ، قَالَ : لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ وَأَشَارَ الأَشْيَبُ إِلَى السَّمَاءِ وَالْقَدَرِيُّ إِذَا غَلاَ قَالَ : هُمَا اثْنَانِ خَالِقُ شَرٍّ ، وَخَالِقُ خَيْرٍ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَصَلَبَهُ.

    http://alkulify.blogspot.com/2013/10/blog-post_8494.html

  6. #6

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عامري مشاهدة المشاركة

    لا يصح أن يساوى مرجئة الفقهاء ـــ مرجئة اهل السنة والجماعة ـــــ بغلاة المرجئة . )
    وفيك بارك الله
    ولكن بالنسبة لهذه العبارة
    فمرجئة الفقهاء ليسوا من أهل السنة، بل هم من اهل البدع، وإن كان خلافهم في الإيمان مع أهل السنة أخف.

    فالسلف لما بدعو المرجئة إنما أرادوا مرجئةأهل الرأي، أما الجهمية فكانوا يطلقون عليهم الجهمية..

    في كتابة للشيخ أبي جعفر:
    ومما يدل على أن السلف إذا أطلقوا ( المرجئة ) أرادوا بذلك مرجئة الفقهاء


    ما روى الخلال في السنة 976: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ , أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الْمُرْجِئَةِ , مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : الَّذِينَ يَقُولُونَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ.


    أقول : ومرجئة الجهمية لا يدخلون ( القول ) في مسمى الإيمان ، فهم ليسوا مقصودين بهذا ، بل ما أراد إلا مرجئة الفقهاء فإن مرجئة الكرامية لم يدركوا أحمد




    والآن مع الآثار السلفية في شأن المرجئة


    1_ قال ابن سعد في الطبقات 9192: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الْمُرْجِئَةُ فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّهُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.


    أقول : وهذا إسنادٌ صحيح ، وإبراهيم النخعي أعلى طبقةً من ذر الهمداني الذي أحدث الإرجاء ولم يدرك بدعة الجهمية لذا لا يحفظ له كلامٌ فيها ، بل يريد هنا إرجاء الفقهاء الذي وقع فيه فيما بعد تلميذه حماد بن أبي سليمان ، ويبعد أن يطلق النخعي كلمةً شديدة كهذه في قومٍ يراهم من أهل السنة


    2_ قال ابن سعد في الطبقات 9188 : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحِلٌّ قَالَ : قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ : لاَ تُجَالِسُوهُمْ يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ.


    أقول : والأمر بهجرانهم على مقالتهم يدل على أنهم عنده من أهل البدع


    3_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 541 : حدثني أبي ، نا إسماعيل ، عن أيوب ، قال : قال سعيد بن جبير غير سائله ولا ذاكرا ذاك له : لا تجالس طلقا يعني أنه كان يرى رأي المرجئة .


    وسعيد بن جبير من شيوخ ذر الذين نسب إلى إحداث الإرجاء


    قال الخلال في السنة وهو يحكي كتاب الإيمان للإمام أحمد 1354 : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِذَرٍّ:
    مَا هَذَا الرَّأْيُ قَدْ أَحْدَثْتَ بَعْدِي؟ وَالزُّبَيْرُ بْنُ السَّيْقَلِ يُغْنِيكُمْ بِالْقُرْآنِ؟


    4_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 624 : حدثني أبي ، نا عبد الله بن نمير ، عن جعفر الأحمر ، قال : قال منصور بن المعتمر - في شيء - : « لا أقول كما قالت المرجئة الضالة المبتدعة »


    وهذا تصريح بتبديعهم


    5_ قال اللالكائي في السنة أخبرنا محمد بن المظفر المقرئ ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرئ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا فذكرا اعتقاداً ومما جاء فيه :" فمن قال : إنه مؤمن حقا فهو مبتدع ، ومن قال : هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين ، ومن قال : هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب . والمرجئة والمبتدعة ضلال"


    أقول : وهذه مقالة جميع المرجئة


    6_ قال عبد الله بن أحمد في السنة 534 : حدثني أبي ، نا حجاج ، سمعت شريكا : وذكر المرجئة ، فقال هم أخبث قوم وحسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله تعالى


    وكان شريك شديداً على المرجئة ، حتى أنه لم يقبل شهادة أبي يوسف


    قال الخلال في السنة 1024: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ , قَالَ : شَهِدَ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ شَرِيكٍ بِشَهَادَةٍ , فَقَالَ لَهُ : قُمْ , وَأَبَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَتَهُ , فَقِيلَ لَهُ : تُرَدُّ شَهَادَتُهُ , فَقَالَ : أُجِيزُ شَهَادَةَ رَجُلٍ يَقُولُ : الصَّلاَةُ لَيْسَتْ مِنَ الإِيمَانِ ؟.
    وقد عقد الخلال فصلاً في مناكحة المرجئة واللالكائي فصلاً في هجرانهم وأوردا ما جاء عن السلف في ذم مرجئة الفقهاء ، مما يدل على أنهم من أهل البدع عندهم فإذا قلنا أنهم يهجرون وقولهم بدعة لم يكن لقولنا أنهم ( من أهل السنة ) بعد ذلك معنى


    وقال ابن بطة في الإبانة الكبرى (3/97) :" والمرجئة تزعم أن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان ، فقد أكذبهم الله عز وجل ، وأبان خلافهم . واعلموا رحمكم الله أن الله عز جل لم يثن على المؤمنين ، ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم ، والنجاة من العذاب الأليم ، ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح ، والسعي الرابح ، وقرن القول بالعمل ، والنية بالإخلاص ، حتى صار اسم الإيمان مشتملا على المعاني الثلاثة لا ينفصل بعضها من بعض ، ولا ينفع بعضها دون بعض ، حتى صار الإيمان قولا باللسان ، وعملا بالجوارح ، ومعرفة بالقلب خلافا لقول المرجئة الضالة"


    فنعتهم بالضلال


    8_ قال الخلال في السنة 1146- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ , وَأَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ , وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ , قَالَ : قُلْتُ لأَحْمَدَ : يُصَلَّى خَلْفَ الْمُرْجِئِ ؟ قَالَ : إِذَا كَانَ دَاعِيَةً فَلاَ يُصَلَّى خَلْفَهُ.
    1147- وَأَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ , يَقُولُ : لاَ يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً.


    أقول : وأحمد هنا لا يعني إذا مرجئة الفقهاء ، فإن الجهمية عنده كفار لا تختلف عنه الرواية في ترك الصلاة خلفهم متى قدر المرء على ذلك سواءً كانوا دعاةً أو غير دعاة
    ....قال الخلال في السنة 981- وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ , قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كَانَ شَبَابَةُ يَدْعُو إِلَى الإِرْجَاءِ , وَكَتَبْنَا عَنْهُ قَبْلَ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ , كَانَ يَقُولُ : الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ , فَإِذَا قَالَ : فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ , قَوْلٌ رَدِيءٌ.
    982- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , وَقِيلَ لَهُ : شَبَابَةُ , أَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ فِيهِ ؟ فَقَالَ : شَبَابَةُ كَانَ يَدْعُو إِلَى الإِرْجَاءِ , قَالَ : وَقَدْ حُكِيَ عَنْ شَبَابَةَ قَوْلٌ أَخْبَثُ مِنْ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ , مَا سَمِعْتُ أَحَدًا عَنْ مِثْلِهِ , قَالَ : قَالَ شَبَابَةُ : إِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ , قَالَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ كَمَا يَقُولُونَ : فَإِذَا قَالَ فَقَدْ عَمِلَ بِجَارِحَتِهِ أَيْ بِلِسَانِهِ . فَقَدْ عَمِلَ بِلِسَانِهِ حِينَ تَكَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا قَوْلٌ خَبِيثٌ , مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ , وَلاَ بَلَغَنِي.


    أقول : وقول شبابة هذا قريبٌ من قول مرجئة الفقهاء مع حيلة ، والإمام أحمد ترك الكتابة عنه


    وسرد نصوص السلف في هذا الباب يطول ، والمراد هنا الإشارة المفهمة


    وقد نقل شيخ الإسلام الاتفاق على تبديعهم"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    فمرجئة الفقهاء ليسوا من أهل السنة، بل هم من اهل البدع، وإن كان خلافهم في الإيمان مع أهل السنة أخف.

    فالسلف لما بدعو المرجئة إنما أرادوا مرجئةأهل الرأي، أما الجهمية فكانوا يطلقون عليهم الجهمية..
    بارك الله فيك اخى الفاضل ابو حفص
    التعريف بمرجئة الفقهاء
    بهذا الاسم سماها شيخ الإسلام ، وأحيانا يسميهم فقهاء المرجئة ، وهو الاسم الذي يعرف به طائفة من أهل العلم أخطأت في باب الإيمان، فأخرجت العمل منه.
    وقد كان وقت ظهور هذا الإرجاء أواخر عصر الصحابة، وموطنه الذي ظهر فيه هو الكوفة، وسبق تبيان ذلك مفصلا.
    وسبب ظهور هذا الإرجاء أخبر به شيخ الإسلام بقوله: "وكذلك الإرجاء إنما أحدثه قوم قصدهم جعل أهل القبلة كلهم مؤمنين ليسوا كفارا، قابلوا الخوارج والمعتزلة فصاروا طرفا آخر" .
    ويقول رحمه الله: "وحدثت المرجئة، وكان أكثرهم من الكوفة، ولم يكن أصحاب عبدالله - يعني ابن مسعود رضي الله عنه - من المرجئة، ولا إبراهيم النخعي وأمثاله، فصاروا نقيض الخوارج والمعتزلة، فقالوا: الأعمال ليست من الإيمان" .
    ومع أن بدعة هؤلاء تعد أخلف بدع المرجئة، إلا أن أئمة السلف آنذاك كان لهم معها وقفة عظيمة، تمثلت في الإنكار على أهلها، وتغليظ القول فيهم، وتبديع مقالتهم، وردها، وبيان ما تحمله من خطر عظيم على الدين
    يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "ثم إن السلف اشتد إنكارهم على هؤلاء، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم" .
    وقال شيخ الإسلام في الإيمان الأوسط :"
    وَهَؤُلَاءِ مِنْ مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النخعي - إمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْخُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَأَمْثَالُهُ ؛ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ : كعلقمة وَالْأَسْوَدِ ؛ فَكَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِلْمُرْجِئَةِ وَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ ؛ لَكِنَّ حَمَّادَ
    بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالَفَ سَلَفَهُ ؛ وَاتَّبَعَهُ مَنْ اتَّبَعَهُ وَدَخَلَ فِي هَذَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . ثُمَّ إنَّ " السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ " اشْتَدَّ إنْكَارُهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَبْدِيعُهُمْ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ فِيهِمْ ؛ وَلَمْ أَعْلَمِ أَحَدًا مِنْهُمْ نَطَقَ بِتَكْفِيرِهِمْ "
    ويقول: "وأما المرجئة، فليسوا من هذه البدع المعضلة، بل قد دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة، وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة، حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة" .
    ويقول: "ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب، فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لا سيما وقد صار ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال.
    فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة.
    وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء
    وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير، وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء .
    وقال شريك القاضي - وذكر المرجئة - فقال: هم أخبث قوم، وحسبك بالرافضة خبثا، ولكن المرجئة يكذبون على الله .
    وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري
    ولما نقل شيخ الإسلام ما ذكره الإمام أبو عبيد من الأعداد الهائلة من العلماء الذين يجعلون الإيمان قول وعمل ، وأكثر من تسمية علماء الكوفة، نبه شيخ الإسلام على مقصده من ذلك بقوله:
    "قلت: ذكر من الكوفيين من قال ذلك أكثر من ذكر غيرهم؛ لأن الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر،....، فاحتاج علماؤها أن يظهروا إنكار ذلك، فكثر منهم من قال ذلك" 4) ((الإيمان)) (ص295) ((الفتاوى)) (7/311) .


    .
    وأما المسائل التي خالف فيها مرجئة الفقهاء ما عليه سلف الأمة في باب الإيمان خاصة، فقد حررها شيخ الإسلام رحمه الله تحريراً بالغا، إذ يقول:
    "ثم بعد ذلك تنازع الناس اسم المؤمن والإيمان نزاعا كثيرا منه لفظي، وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين، وأقوم به من بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء، كتنازعهم في:
    الإيمان: هل يزيد وينقص؟
    وهل يستثنى فيه أم لا؟
    وهل الأعمال من الإيمان أم لا؟
    وهل الفاسق المليء مؤمن كامل الإيمان أم لا؟
    " (15) .
    وأما الذين تولوا نشر آراء هذه الطائفة، فقد سمي شيخ الإسلام طائفة منهم، وهم:
    1- إبراهيم التيمي (16) :
    هو أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، المتوفى سنة 92هـ.
    كان كما وصفه الذهبي شابا صالحا، قانتا لله، عالما، فقيها، كبير القدر، واعظا، وكان إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.
    قال أبو زرعة فيه: ثقة، مرجئ.
    يقال: قتله الحجاج، وقيل مات في حبسه، ولم يبلغ أربعين سنة رحمه الله تعالى.
    وفي الإرجاء الذي وقع فيه يقول شيخ الإسلام: "وفي الجملة الذين رموا بالإرجاء من الأكابر، مل طلق بن حبيب، وإبراهيم التيمي، ونحوهما كان إرجاؤهم من هذا النوع (17) ، وكانوا أيضاً لا يستثنون في الإيمان" (18) .
    2- طلق بن حبيب (19) :
    هو طلق - بسكون اللام - ابن حبيب العنزي - بفتح المهملة والنون - البصري، وفاته ما بين التسعين إلى المائة من الهجرة.
    وصفة الذهبي بالزاهد الكبير، ومن العلماء العاملين، وأنه من صلحاء التابعين، إلا أنه يرى الإرجاء.
    وكان طلق يتكلم على الناس، ويعظ، وكان من أحسن الناس صوتا، فلما وقعت فتنة ابن الأشعث قال: اتقوها بالتقوى، فقيل له: صف لنا التقوى، قال: العمل بطاعة الله، على نور من الله ؛ رجاء ثواب الله، وترك معاصي الله، على نور من الله؛ مخافة عذاب الله.
    ومع هذا، فقد كان هو وسعيد بن جبير وقراء كانوا معهم ممن طلبهم الحجاج لقتلهم؛ بسبب هذه الفتنة المظلمة.
    وقد نهى سعيد بن جبير عن مجالسته؛ للإرجاء وجاء في سيرته أنه كان داعية إليه.
    وقد تقدم ما قاله شيخ الإسلام عن الإرجاء الذي رمي به طلق غفر الله له.
    3- ذر الهمداني (20) :
    هو أبو عمر ذر بن عبدالله بن زرارة المرهبي - بضم الميم، وسكون الراء - الهمداني، الكوفي، مات سنة 99هـ.
    في عداد التابعين الثقات، ومن عباد أهل الكوفة، ومن أبلغ الناس في القصص.
    ومع هذه الأوصاف الرفيعة، فقد وقع في هوة سحيقة، حيث زل في أمرين منكرين:
    أولاهما: الخروج على الحجاج، وحض الناس على ذلك، فقد آتاه الله بلاغة في القصص، فجعلها سلاحا لمبتغاه، فما زال بالناس مع جماعة من موافقيه، في اجتهاد اجتهدوه - والله يغفر لهم - حتى خلعوا الحجاج، ثم جرى ما جرى، من بطش وتقتيل طال أكابر العلماء، والله المستعان.
    يقول الذهبي: "لما أجمع ابن الأشعث المسير من سجستان، وقصد العراق لقي ذرا الهمداني، فوصله، وأمره أن يحض الناس، فكان يقص كل يوم، وينال من الحجاج، ثم سار الجيش وقد خلعوا الحجاج" (21) .
    وثانيهما قوله بالإرجاء، ونصرته لهذه المقالة المهلكة.
    وقد ذكر واصفوه - كما تقدم - أنه بليغ في كلامه، ساحر في بيانه، فلما تبني هذه المقالة الشائنة، حصل تأثير بدعوته من فئام كثير، حتى صارت الكتب تأتيه من الآفات، ومعلوم أن الغوغاء يتأثرون بمن حاله دون ذلك، فما بالك بمثل ذر!.
    وفي قوله بالإرجاء ما يجعله عبرة وعظة لمريد النجاة، ذلك أن أول وقوعه في بدعة الإرجاء سببه زلة، أعقبها عجب ومعاندة، حتى صار رأيه مذهبا متبعا، والعياذ بالله.
    فقد ذكر سلمة بن كهيل أن ذرا أول من تكلم في الإرجاء.
    وقال ذر: إني أخاف أن يتخذ هذا دينا.
    فلما أتته الكتب من الآفاق، قال ذر: وهل أمر غير هذا؟! (22) .
    وقال الحسن بن عبيدالله: "سمعت إبراهيم - يعني النخعي - يقول لذر: ويحك يا ذر ما هذا الدين الذي جئت به؟
    قال ذر: ما هو إلا رأي رأيته.
    قال: ثم سمعت ذرا يقول: إنه لدين الله - عز وجل - الذي بعث الله بوحي عليه السلام!" (23) .
    ويقول ذر عن نفسه: "لقد أشرعت رأيا خفت أن يتخذ دينا" (24) .
    يقول إسحاق بن هانئ: قلت لأبي عبدالله - يعني الإمام أحمد -: أول من تكلم في الإيمان من هو؟
    قال: يقولون: أول من تكلم فيه ذر (25) .
    وللسلف موقف يناسب حاله، كعادتهم مع أمثاله، إذ هجره إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير؛ للإرجاء (26) .
    والذي نقله شيخ الإسلام عن ذر هو مناقشة سعيد بن جبير له، وقوله له: "ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه" (27) .
    وتنقل بعض كتب الأثر تفصيلات لموقف سعيد بن جبير من ذر:
    من ذلك أنه ناصحه، وحثه على تقوى الله، والحرص على ما ينفعه من القيام بالفرائض والطاعات.
    يقول عمر بن ذر: كتب سعيد بن جبير إلى أبي كتابا أوصاه بتقوى الله، وقال: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة، فذكر الفرائض، والصلوات، وما يرزقه الله من ذكره (28) .
    ومما جاء فيها أنه لا يكلمه، ولا يرد عليه السلام، ولعله بعد مناصحته له، وإصرار ذر على رأيه (29) .
    وفيها أيضا: "أن ذرا أتي سعيد بن جبير يوما في حاجة، فقال: لا، حتى تخبرني على أي دين أنت اليوم، أو رأي أنت اليوم، فإنك لا تزال تلتمس دينا قد أضللته، الا تستحي من رأي أنت أكبر منه" (30) .
    4- حماد بن أبي سليمان:
    هو أبو إسماعيل حماد بن مسلم الكوفي الأشعري مولاهم، من صغار التابعين (31) ، توفي سنة 120هـ.
    يقول الذهبي في بيان مكانته العلمية: "فأفقه أهل الكوفة علي وابن مسعود، وأفقه أصحابهما علقمة، وأفقه أصحابه إبراهيم، وأفقه أصحاب إبراهيم حماد" (32) .
    ويقول: "وتفقه بإبراهيم النخعي، وهو أنبل أصحابه، وأفقههم، وأقيسهم، وأبصرهم بالمناظرة والرأي" (33) .
    لكنه في باب الآثار والسنن ليس بذاك، قال أبو حاتم رحمه الله: "صدق، لا يحتج به، مستقيم في الفقه فإذا جاء الآثار شوش" (34) .
    "وعن شعبة: قال: كان حماد بن أبي سليمان لا يحفظ.
    يعني: أن الغالب عليه الفقه، وأنه لم يرزق حفظ الآثار" (35) .
    وما ذكر في سيرته من عدم عنايته بالآثار فيه لفتة مهمة في معرفة حال أصحاب الجرأة على القول في الدين بما لم يسبقوا إليه، والله المستعان.
    ثم هو رأس بين أصحابه، وإمام عندهم، ولذا تلحظ في أجوبته حينما يسأل عن بدعته نفسا حادا، فقد نقل عنه لما سئل: "ما هذا الرأي الذي أحدثت؟ لم يكن على عهد إبراهيم النخعي!، فقال: لو كان حيا لتابعني عليه" (36) .
    "وقال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا، وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا؟
    قال: إني أكون تابعا في الحق خير من أن أكون رأسا في الباطل" (37) .
    ولما قدم الكوفة قادما من الحج قال: "أبشروا يا أهل الكوفة رأيت عطاء، وطاووسا، ومجاهدا، فصبيانكم، بل صبيان صبيانكم أفقه منهم.
    قال مغيرة - راوي الخبر : فرأينا ذلك بغيا منه" (38) .
    وأمام هذه الأحوال كان لحماد مقام مشهور غير محمود في تبني القول بالإرجاء، وإخراج العمل منه، حتى عده شيخ الإسلام أول قائل به.
    يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر، وكان أول من قاله حماد بن أبي سليمان" (39) .
    ويقول: "لكن حماد بن أبي سليمان خالف سلفه، واتبعه من اتبعه، ودخل في هذا طوائف من أهل الكوفة، ومن بعدهم" (40) .
    وقد كان للسلف موقف يناسبه، حتى ممن كان من أصحابه والمتلقين عنه، فهذا الأعمش بعد أن كان يروي عنه؛ لما تكلم بالإرجاء صار إذا لقيه لم يسلم عليه (41) .
    "وقال شعبة: كنت مع زبيد، فمررنا بحماد، فقال: تنح عن هذا، فقط أحدث.
    وقال مالك بن أنس: كان الناس عندنا هم أهل العراق، حتى وثب إنسان يقال له حماد، فاعترض هذا الدين، فقال فيه برأيه" (42) .
    5- سالم الأفطس (43) .
    هو أبو محمد سالم بن عجلان الأفطس الحراني الأموي مولاهم المتوفى مقتولا سنة 132هـ.
    في عداد التابعين، ومع كونه ثقة في الحديث إلا أنه كان يخاصم في الإرجاء، داعية إليه، ويجادل عليه.
    وقد نقل شيخ الإسلام ما يفيد ذلك، حيث ذكر حديث معقل العبسي، وفيه قوله:
    "قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء، فنفر منه أصحابنا نفوراً شديداً، منهم ميمون بن مهران، وعبدالكريم بن مالك، فإنه عاهد الله أن لا يؤويه وإياه سقف بيت إلا المسجد" (44) .
    ونقل أيضا المحاورة التي جرت بينه وبين مبارك بن حسان، حيث يقول: "وروي ابن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال:
    قلت لسالم الأفطس: رجل أطاع الله فلم يعصه، ورجل عصى الله فلم يطعه، فصار المطيع إلى الله فأدخله الجنة، وصار العاصي إلى الله فأدخله النار، هل يتفاضلان في الإيمان؟ قال: لا" (45) .
    6- أبو حنيفة:
    هو النعمان بن ثابت بن زوطي الكوفي، أحد الأئمة الأربعة المتبوعين، المتوفى سنة 150هـ.
    يقول الذهبي معرفا به: "الإمام، فقيه الملة، عالم العراق" (46) .
    وقال: "وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عيال عليه في ذلك" (47) .
    من أبرز مشايخه الذين تأثر بهم شيخه حماد بن أبي سليمان، إذ هو شيخه الذي اختص به، وأكثر من ملازمته (48) ، فانصبغ أثر الشيخ في التلميذ، فصار الأثر ظاهرا، من جهة الإكثار من الرأي دون الأثر، ومن جهة الموافقة له في مقالة الإيمان (49) .
    وقد اشتغل بعلم الكلام في أوائل طلبه للعلم، ومهر فيه، ثم عافاه الله منه، فتركه وزهد فيه (50) .
    وقد أثنى شيخ الإسلام عليه، وأنصفه، وبين "أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء، وأنكروها عليه، فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعا" (51) .
    ثم إن اعتقاده في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد أئمة السنة، وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وهو ما نطق به الكتاب والسنة (52) .
    ومع هذا، فإن أهل البدع إذا انتسبوا إلى إمام من أئمة السنة لم يكن ذلك مذهبا للإمام، إلا في الإرجاء، فإنه مذهب أبي حنيفة عفا الله عنه، وأما التجهم فاختلف النقل عنه،
    ولذلك اختلف أصحابه ما بين سنية وجهمية؛ لأن أصوله لا تنفي البدع وإن لم تثبتها (53) .
    7- عمر بن ذر (54) :
    هو أبو ذر عمر بن ذر بن عبدالله بن زرارة الهمداني، ثم المرهبي الكوفي، المتوفى سنة 156هـ، وقيل غير ذلك.
    وهو من شيوخ أبي حنيفة، وقد اتصف بالزهد والعبادة، وكان ثقة، واعظا بليغا حسن الصوت، لكنه رأس في الإرجاء، ولما مات لم يشهده سفيان الثوري.
    وقد أورده شيخ الإسلام في سياق قصة لمعقل بن عبيدالله العبسي، وأنه دخل على عطاء بن أبي رباح في نفر من أصحابه، وجرت بينهم محاورة حول ما أحدثه المرجئة الفقهاء، وتبري عطاء منهم، وفيها قال معقل مخاطبا عطاء:
    "قلت: إنهم انتحلوك، وبلغني أن ابن ذر دخل عليك في أصحاب له، فعرضوا عليك قولهم فقبلته، فقلت هذا الأمر؟
    فقال: لا والله الذي لا إله إلا هو - مرتين أو ثلاثا - " (55) .
    8- شبابة بن سوار (56) :
    هو أبو عمرو شبابة بن سوار الفزاري مولاهم المدائني، المتوفى سنة 206هـ، وقيل غير ذلك.
    وصفه الذهبي بأنه من كبار الأئمة، إلا أنه مرجئ، وأنه صدوق، مكثر، صاحب حديث، فيه بدعة.
    وقالوا الإمام أحمد: تركته للإرجاء، ولما سئل عنه قال: شبابة كان يدعو إلى الإرجاء.
    قال: وحكى عن شبابة قول أخبث من هذه الأقاويل، ما سمعت أحدا عن مثله.
    قال: قال شبابة: إذا قال، فقد عمل بجارحته، أي بلسانه، فقد عمل بلسانه حين تكلم.
    ثم قال أبو عبدالله: هذا قول خبيث، ما سمعت أحدا يقول به، ولا بلغني (57) .
    وبالانتهاء من التعريف بشبابة ينتهي ما تم الوقوف عليه من الأسماء التي ذكرها شيخ الإسلام ممن دخل ضمن رجال مرجئة الفقهاء، وقبل ختم ذلك، فمما ينبه عليه أن للحافظ الذهبي رحمه الله كلمة قالها حول بعض من ذكر خبره ههنا، وغيرهم، ممن رمي بالإرجاء من الفقهاء، فإنه بعد أن سمى جماعة منهم قال: "الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء، لا ينبغي التحامل على قائله" (58) .
    وقد استروح بعضهم هذه الكلمة، فدفع بها كون إرجاء الفقهاء من الإرجاء المذموم، وحصر الذم في إرجاء من يقول إن الإيمان هو المعرفة (59) .
    ولا ريب أن كلمة الذهبي لا تدل على هذه الدعوى البتة، خاصة أنها جاءت في سيرة مسعر بن كدام، وقول بعضهم إنه مرجئ، مع جماعة ممن وقع في الإرجاء من الفقهاء.
    فهنا علق الذهبي بتلك المقولة، وغاية ما فيها النهي عن التحامل على من وقع في الإرجاء من الفقهاء، وهذا حق، لكن التحذير من مقالتهم واجب شرعا، وهو ما صنعه الأئمة، وصنعه الذهبي نفسه،، فقد رأينا في السير السابقة وصفه لهم بالإرجاء، والله أعلم.

    وبعد الوقوف على شيء من سيرة رجال فقهاء المرجئة، يبقى النظر في مجمل معتقدهم رحمهم الله.
    وقد صرح شيخ الإسلام كما سبق النقل عنه بأن أبا حنيفة على طريق السلف في التوحيد والقدر (60) ، وأن المأخذ عليه الثابت عنه هو في مسألة الإيمان (61) .
    والناظر في معتقد أبي حنيفة يجد هذه الحقيقة ظاهرة، فإن مجمل معتقده رحمه الله يتلخص فيما يلي (62) :
    1- العناية بأنواع التوحيد كلها، وخاصة توحيد الألوهية، وسد ذرائع الشرك.
    2- إثبات الأسماء والصفات، إثباتا يليق بالله تعالى.
    3- إثبات الرؤية، مع الإقرار بالعلو.
    4- الإيمان بالقدر بمراتبه الأربع: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق.
    5- أن الإيمان مجرد تصديق القلب، وقول اللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وأن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان.
    هذا هو مجمل معتقد أبي حنيفة، وهو - بحمد الله - موافق لما عليه أهل السنة عدا باب الإيمان، ومما يلزم ذكره أن هذا المعتقد لأبي حنيفة ليس هو الذي عليه المنتسبون إلى مذهبه في العصور المتأخرة، بل غلب على كثير منهم الابتداع، وصار جلهم على المعتقد الماتريدي، إلا من تمسك منهم بالأثر، واتبع الحديث، وهدي إلى السنة[ الموسوعة العقدية - مرجئة الفقهاء]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي فى شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام
    السؤال:
    ما رأيكم فيمن يقول: إن خلافنا مع مرجئة الفقهاء خلاف حقيقي من وجوه عدة، من جهة مخالفتهم للنصوص الصريحة، وإجماع السلف على أن الأعمال من الإيمان، ومن جهة حكمهم على أهل الكبائر وعدم تكفيرهم لبعض من تلبس بالكفر العملي، ومن جهة ما يثمر عن ذلك من الولاء والبراء، وأن الفاسق والفاجر والمؤمن في الإيمان سواء، فالمحبة لهم سواء، والراجح أنهم فتحوا باباً للفسقة والفجرة أن يفعلوا ما شاءوا، ويقولون: إن إيماننا كامل؟

    الجواب:
    نعم، سبق أن خلافهم ليس خلافاً لفظياً، ولكنه خلاف له آثار تترتب عليه، أما أهل السنة فقد تأدبوا مع النصوص فقالوا: إن العمل داخل في مسمى الإيمان، ومرجئة الفقهاء خالفوا النصوص في اللفظ وإن وافقوها في المعنى، ومنها فتح الباب للفسقة، وفتح الباب للمرجئة. أما حكم أهل الكبائر فمرجئة الفقهاء من أهل السنة يرون أن صاحب الكبيرة يستحق الوعيد، ويقام عليه الحد في الدنيا، إذا كانت الكبيرة عليها حد، أما المرجئة المحضة الجهمية، فهم الذين يرون أن صاحب الكبيرة ليس عليه شيء. وهم يرون أنه مؤمن كامل الإيمان؛ لأن التفاضل بين الناس بالأعمال ليس التفاضل بينهم بالإيمان، فالإيمان عندهم واحد وأهله في أصله سواء. أما عدم تكفيرهم لبعض من تلبس بالكفر العملي، فهم يفصلون في هذا؛ لأنهم يرون أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والكفر إنما يكون بالجحود، والجحود يكون بالقلب، فهم يرون أن الأعمال الكفرية دليل على الجحود، ودليل على ما في القلب، والصواب أن الأعمال الكفرية هي كفر، فمن سجد للصنم كفر على الصحيح، ومن سب الله أو سب الرسول أو سب دين الإسلام فهذا كفر، وليس هو دليل على الكفر، فهم يقولون: إن هذا دليل على الكفر ودليل على ما في قلبه. والصواب أن الكفر يكون بالجحود، كأن يجحد فرضية الصلاة وفرضية الزكاة أو فرضية الحج، أو ينكر البعث، أو الجنة أو النار، أو يجحد صفة وصف الله بها نفسه، أو خبراً أخبر الله به، بعد قيام الحجة، ويكون أيضاً بالقول كما لو سب الله، أو سب الرسول أو سب دين الإسلام، أو استهزأ بالله، أو بكتابه، أو برسوله أو بدينه، كما قال الله تعالى في الذين استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالقراء من أصحابة في غزوة تبوك، فأنزل الله فيهم هذه الآية: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة:65-66]. فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان، ويكون الكفر في العمل أيضاً، كما لو سجد للصنم، فالسجود للصنم كفر عمل، ويكون الكفر أيضاً بالإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعبد الله. فالكفر يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالعمل، ويكون بالرفض والترك والإعراض عن دين الله، أما المرجئة فإنهم يرون أن الكفر لا يكون إلا بالقلب، وأن السجود للصنم أو السب إنما هو دليل على ما في القلب، والصواب أنه كفر مستقل بنفسه، فالسجود للصنم كفر بنفسه، والسب والاستهزاء لله ولكتابه ولرسول دينه كفر بنفسه، وكذلك أيضاً الإعراض عن دين الله، فمن لا يتعلم الدين ولا يعبد الله كفر، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ][الأحقاف:3]،( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ )السجدة:22]. كذلك يرى مرجئة الفقهاء أن الناس قسمان: ولي لله، وعدو لله، فالمؤمن سواء كان عاصياً أو مطيعاً فهو ولي لله، والكافر عدو لله، وأما جمهور أهل السنة فيرون الناس ثلاثة أقسام: ولي لله كامل الولاية وهو المؤمن التقي، الذي أدى الواجبات، وانتهى عن المحرمات، وعدو شر العداوة وهو الكافر، وهناك قسم ثالث، ولي لله من وجه وعدو لله من وجه، وهو المؤمن العاصي، فهو ولي لله في إيمانه وطاعته، وعدو لله في معصيته وفسقه، فيوالى من وجه، ويعادى من وجه، ويحب من وجه، ويبغض من وجه، أما مرجئة الفقهاء فهم فتحوا باباً للفسقة أن يقولوا: نفعل ما نشاء، وإيماننا كامل لا يتأثر، فهم يرون أن المفاضلة بين الناس في أعمال البر وأن الإيمان ليس فيه تفاضل...اهـ
    قال الشيخ صالح ال الشيخ
    في "إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل" :

    والفرق بينهما يعني بين قول مرجئة الفقهاء -وهو الذي قرَّرَهُ الطحاوي- وبين قول أهل السنة والجماعة أتباع الحديث والأثر، الفرق بينهما:

    * من العلماء من قال: إنه صُورِي لا حقيقة له؛ يعني لا يترتب عليه خلافٌ في الاعتقاد.
    * ومنهم من قال: لا، هو معنوي وحقيقي.
    ولبيان ذلك؛ لأنَّ الشارح ابن أبي العز رحمه الله على جلالة قدره وعُلُوِّ كعبه ومتابعته للسنة ولأهل السنة والحديث فإنه قَرَّرَ أنَّ الخلاف لفظي وصوري، وسبب ذلك أنَّ جهة النظر إلى الخلاف منفكَّة:
    - فمنهم من ينظر إلى الخلاف بأثَرِهِ في التكفير.
    - ومنهم من ينظر إلى الخلاف بأثرِهِ في الاعتقاد.
    فمن نظر إلى الخلاف بأثرِهِ في التكفير قال الخلاف صوري، الخلاف لفظي.
    لأنَّ الحنفية الذين يقولون هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان هم متّفقون مع أهل الحديث والسنة مع أحمد والشافعي على أنَّ الكفر والرِدَّةْ عن الإيمان تكون بالقول وبالاعتقاد وبالعمل وبالشك.
    فهم متفقون معهم على أنَّ:
    * من قال قولاً يخالف ما به دخل في الإيمان فإنه يكفر.
    * ومن اعتقد اعتقاداً يخالف ما به دخل في الإيمان فإنه يكفر.
    * وإذا عمل عملاً ينافي ما دخل به في الإيمان فإنه يكفر.
    * وإذا شَكَّ أو ارتاب فإنه يكفر.
    بل الحنفية في باب حكم المرتد في كتبهم الفقهية أشد في التكفير من بقية أهل السنة مثل الحنابلة والشافعية ونحوهم.
    فهم أشد منهم، حتى إنهم كَفَّرُوا بمسائل لا يُكَفِّرُ بها بقية الأئمة كقول القائل مثلا سورةٌ صغيرة فإنهم يُكفِّرون بها، أو مسيجد أو نحو ذلك أو إلقاء كتاب فيه آيات فإنهم يُكَفِّرون إلى آخر ذلك.
    فمن نَظَرَ -مثل ما نَظَرْ الشارح، ونَظَرْ جماعة من العلماء- من نَظَرَ في المسألة إلى جهة الأحكام وهو حكم الخارج من الإيمان قال:
    الجميع متّفقون، سواءٌ كان العمل داخلاً في المسمى أو خارجاً من المسمى فإنه يكفُرُ بأعمال ويكفُرُ بترك أعمال.
    فإذاً لا يترتّب عليه على هذا النحو:
    1 - دُخُولٌ في قول المرجئة الذين يقولون: بلا عَمَلٍ ينفع، ولا يَخْرُجُ من الإيمان بأي عَمَلٍ يعمله.
    2 - ولا يدخلون مع الخوارج في أنهم: يُكَفِّرونَ بأي عمل أو يترك أي واجب أو فعل أي محرم.
    فمِنْ هذه الجهة إذا نُظِرَ إليها تُصُوِّرْ أنَّ الخلاف ليس بحقيقي؛ بل هو لفظي وصوري.
    الجهة الثانية التي يُنْظَرُ إليها وهي أنَّ العمل -عمل الجوارح والأركان- هو مما أمَرَ الله به في أن يُعْتَقَدَ وجوبُهُ أو يُعْتَقَدَ تحريمه من جهة الإجمال والتفصيل.
    يعني أنَّ الأعمال التي يعملها العبد لها جهتان:
    ( جهة الإقرار بها.…( وجهة الامتثال لها.
    وإذا كان كذلك فإنَّ العمل بالجوارح والأركان، فإنه إذا عَمِلَ:
    * فإما أن نقول: إنَّ العمل داخِلٌ في التصديق الأول؛ التصديق بالجنان.
    * وإما أن نقول: إنه خارجٌ عن التصديق بالجنان.
    ? فإذا قلنا إنَّهُ داخلٌ في التصديق بالجنان -يعني العمل بالجوارح باعتبار أنَّهُ إذا أقَرَّ به امتثل- فإنه يكون التصديق إذاً ليس تصديقاً، وإنما يكون اعتقاداً شاملاً للتّصديق وللعزم على الامتثال، وهذا ما خَرَجَ عن قول وتعريف الحنفية.
    ? والجهة الثانية أنَّ العمل يُمتَثَلُ فعلاً فإذا كان كذلك كان التنصيص على دخول العمل في مسمى الإيمان هو مقتضى الإيمان بالآيات وبالأحاديث، لأنَّ حقيقة الإيمان فيما تُؤْمِنُ به من القرآن في الأوامر والنواهي في الإجمال والتفصيل أنَّكَ تؤمن بأنّ تَعْمَلْ، وتؤمن بأن تنتهي، وإلا فلو لم يدخل هذا في حقيقة الإيمان لم يحصل فرقٌ ما بين الذي دخل في الإيمان بيقين والذي دخل في الإيمان بنفاق.
    يُبَيِّنُ لك ذلك أنَّ الجهة هذه وهي جهة انفكاك العمل عن الاعتقاد، انفكاك العمل عن التصديق هذه حقيقةً داخلةٌ فيما فَرَّقَ الله به فيما بين الإسلام والإيمان.
    ومعلومٌ أنَّ الإيمان إذا قلنا إنَّهُ إقرارٌ وتصديق فإنه لابد له من إسلام وهو امتثال الأوامر والاستسلام لله بالطاعات.
    لهذا نقول إن مسألة الخلاف هل هو لفظي أو هو حقيقي راجعة إلى النظر في العمل.
    هل العمل داخلٌ امتثالاً فيما أمر الله به أم لم يدخل امتثالاً فيما أمر الله به

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    يقول الشيخ عبدالله الغليفى فى موضوع بعنوان
    كلمة لابد منها حول مرجئة الفقهاء ومرجئة العصر:
    أين هؤلاء الشباب برهامي وأحمد فريد ومحمد إسماعيل وغيرهم من الدعاة الذين ربوا أنفسهم بالقراءة والإطلاع واجتماعهم على الخير مع شباب كلية الطب في جامعة الإسكندرية وكانوا يتعلمون ويُعلمون ؟
    أين هؤلاء الشباب من علم الجبال الكبار أمثال ابن باز وابن جبرين والفوزان وبكر أبو زيد وابن إبراهيم ؟
    ولا نظن أننا نقلل من شأنهم عندما نقول أنهم تربوا على الكتب والمطالعة ونشروا دعوتهم التي نفع الله بها الكثير ، فهذا يحسب لهم لا عليهم - نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق -
    ولكن كان عليهم تصحيح المسار ومراجعة ما هم عليه على يد كبار العلماء من أئمة الدعوة وهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة ،
    وفي هذه الأيام كانت الظروف تسمح بذلك فبعد إنهاء دراستهم الجامعية وهذا كان فيما أظن سنة 1400 ه أو قبلها أو بعدها بقليل كان من الممكن إرسال شباب منهم يتلقون العلم على يد هيئة كبار العلماء وأئمة الدعوة ويأتون يعلمون الشباب وأن لم تسمح ظروفهم بذلك ،
    فما هو المانع من الاتصال بأئمة الدعوة والاستنارة بعلمهم وسؤالهم فيما أشكل عليهم ومشاورتهم في أمور الدعوة والثبات على الطريق حتى يكون لهم سند شرعي متصل إلى العلماء وأهل العلم ، ويكون لهم شيوخ تلقوا العلم على أيديهم بدلاً من أن يعتمدوا على الكتب وفهمهم للأدلة مع حداثة أسنانهم وقلة علمهم وخبرتهم في الحياة ، فهم شباب أحبوا الخير وهداهم الله إلى طريق الحق فكان عليهم ألا يعتمدوا على أنفسهم في هذه السن المبكرة والمرحلة الخطرة وكان نتيجة ذلك بعدهم عن العلماء وأهل العلم وأئمة الدعوة ووقوعهم في الضلال والانحراف وتبني مذهب المرجئة والقول بالإرجاء في الإيمان وتبني مذهب الجهمية في الكفر واشتراط الجحود والاستحلال والاعتقاد القلبي.
    وكبرت فتنتهم واستهواهم الشيطان وظنوا في أنفسهم أنهم أصبحوا علماء
    وعندما خرجت كتب أهل السنة من اللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء وغيرهم تحذر من الإرجاء ومذهب المرجئة نصحهم المخلصون بالرجوع إلى الحق والتوبة من هذا المذهب الخبيث المشين ووأد الفتنة وعدم إحياء هذا المذهب بعد أن اندرس ، فلم يستجيبوا للنصيحة ، وكبر عليهم الرجوع بل جادلوا بالباطل وركبوا موجة التلبيس والتدليس باسم السلف والدعوة السلفية ، بل وطعنوا في هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة وقالوا بلسان الحال والمقال نحن رجال وهم رجال ، وإذا كان لهم سلف فنحن سلفنا أبو حنيفة وابن حجر والألباني ونحن نقول بقول أهل السنة في الإيمان وأنه قول وعمل يزيد وينقص ونقول بالاستثناء ، نقول لهم وافقتم أهل السُنة في القول والتعريف وخالفتموه في الحقيقة والمعنى ، ومعلوم أن المعركة بين أهل السنة والمرجئة في أعمال الجوارح ؛ فالمرجئة تقول : الأعمال ليست من الإيمان وإن كانت داخلة فيه وجزء منه فهي كمال في الإيمان ، وأهل السنة يقولون : الأعمال من الإيمان وركن فيه ولا يصح الإيمان إلا بالعمل ،
    والمرجئة المعاصرة تقول : تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن وعدم العجز مسلم تحت المشيئة مثل أصحاب الكبائر ، فالفرائض والمحارم سواء ، وأهل السنة يقولون : تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن وعدم العجز كافر خارجًا عن الإسلام لأنه معرض عن العمل متولٍ عن الطاعة .. وقد سبق إجماعهم .
    فمرجئة العصر حقيقة قولهم في الإيمان أنه تصديق وقول لأن العمل عندهم شرط كمال ، إن جاء به العبد فهو كامل الإيمان ، وإن لم يأت به فهو ناقص الإيمان.
    وليس معنى ذلك أننا نقدح في نيتهم أو نتهمهم بهدم الإسلام ولكن نظن أنهم أرادوا الحق ونصرة الدين ولكن أخطأوا في ذلك وكم من مريد للحق لم يوفق إليه ، وسبب انحرافهم أنهم تلقوا العلم من الكتب معتمدين على فهمهم مع صغر سنهم وقلة علمهم وبعدهم عن كبار العلماء ، وإهمالهم تعلم التوحيد والعقيدة وأصول الدين إهمالاً ترتب عليه عدم تحقيق مسائل الإيمان والكفر ، والقول بالإرجاء في الإيمان ،
    وتبني قول جهم في التكفير ، ووضعوا مناهج دراسية لأتباعهم توصل إلى هذا المذهب الخبيث ، ويُحرمون على أتباعهم الاحتكاك أو المخالطة بأهل السنة أو قراءة كتب أهل السنة من أئمة الدعوة وغيرهم ، ومن يَمُنُّ الله عليه منهم بكسر هذا السياج وتحطيم هذه الحواجز ويقرأ ما كتبه أئمة الدعوة وأهل السنة والجماعة إلا ويتبين له الحق ويعرف الحقيقة المرة التي عاشها مع هؤلاء ومدى التلبيس والتضليل والإرهاب الفكري الذي يمارسونه على أتباعهم مع تجرأ هؤلاء الأتباع وتطاولهم على هيئة كبار العلماء واللجنة وأئمة الدعوة ، ولولا أن هؤلاء أصبحت لهم مدرسة يُدرسون فيها هذا المذهب الخبيث سواء في الأردن أو مدرسة الإسكندرية ويحيون فيها ومن خلالها مذهب الإرجاء باسم السلف وينشرون الإرجاء - كما نشره سلفهم حماد بن أبي سليمان - وأضلوا به كثيرًا من الشباب كما أضل حماد تلميذه أبو حنيفة ،

    لولا هذه اللوثة الإرجائية باسم السلف والدعوة السلفية ما تكلمنا ولا ذكرنا أسماء هؤلاء المرجئة ،
    ولكن هي النصيحة في الدين ،
    وسيأتيك هدي السلف في ذلك من ذكر رؤوس المرجئة والتحذير منهم ومن بدعتهم وهجرانهم والتغليظ عليهم مع إنصافهم لهم وأخذ الحق منهم - سبحان الله العظيم -
    ما أعظم هذا الدين وما أحسنه من عدل وإنصاف
    وانظر في ذلك إنصاف الإمام الذهبي في " سير إعلام النبلاء " تجد العجب العجاب.
    فلا يمنع علم الرجل وحسن عبادته وزهده وفقهه من الوقوع في الزلات والهنات
    فأين رؤوس المرجئة المعاصرة أمثال
    الحلبي ومدرسة الأردن وأمثال برهامي و أحمد فريد ومحمد إسماعيل ومدرسة الإسكندرية ،.. ومدرسة القاهرة الذين ما كفاهم نشر مذهب المرجئة في العميان فقط ، بل انتحلوا مذهب الجهمية في الكفر وقيدوه بالاستحلال والجحود والاعتقاد القلبي وأطلقوا على وفرعون وجنوده وأنصاره أولي الأمر وأمير المؤمنين الذي يحق السمع والطاعة له ، ومن يكفر الحاكم المبدل لشرع الله المحارب لدين الله ولسنة رسول الله من يكفره فهو خارجي وهابي قطبي من أهل الغلو والإرهاب والتطرف ، أين كل هؤلاء من العلماء الآتية أسمائهم ، فمن يلوم علينا بذكرنا لأسماء هؤلاء من مرجئة العصر والتحذير منهم ومن مذهبهم الإرجائي الخبيث ، يلوم على السلف الكرام من ذكرهم لأسماء مرجئة عصرهم والتحذير منهم ومن بدعتهم ،
    - إبراهيم التيمي ت سنة 92 ه كان من الأكابر العباد الزهاد أهل الفقه ، ولكنه كان مرجئ يقول بالإرجاء.
    2- طلق بن حبيب الفزي ت سنة 100 ه قال الذهبي : بصري زاهد كبير من العلماء العاملين من التابعين ، وروى اللالكائي عن سعيد بن جبير قوله : " المرجئة يهود والقبلة " وعن أيوب قال : رآني سعيد بن جبير وأنا جالس إلى طلق بن حبيب وما أدركت بالبصرة أعبد منه ولا أبر بوالديه منه يعني من طلق ، وكان يرى رأي الإرجاء ، فقال لي سعيد : لا تجالسه - أي لا تجالس طلق فإنه مرجئ ، وقد ذكر ابن عبد البر أن طلقًا كان رأسًا من رؤوس المرجئة وكان مع ذلك عابدًا فاضلاً وكان مالك يُثني عليه لعبادته ولا يرضى مذهبه " فهل في مرجئة عصرنا الذين ذكرت أسمائهم من هو في مثل دين طلق وزهده وورعه( ).
    3- ذر بن عبد الله المرهبي ت سنة 99 ه أول من تكلم بالإرجاء في الكوفة وكان إبراهيم النخعي يعيب عليه قوله بالإرجاء ولذلك هجره هو وسعيد بن جبير ، وقال له سعيد : يا ذر مالي أراك كل يوم تجدد دينًا ، وقد شكاه ذر إلى أبي البختري الطائي أنه لم يرد عليه السلام ، فقال سعيد : إن هذا كل يوم يجدد دينًا لا والله لا أكلمه أبدًا.
    4- محمد بن حازم الضرير " أبو معاوية " ت سنة 113ه
    قال ابن حيان كان حافظًا متقنًا ولكن كان مرجئًا خبيثًا ، وقال أبو داود ، كان رئيس المرجئة بالكوفة ، فالذين لا يتقبلون هذه الحقيقة هل يرون أن الشيخ الألباني - رحمه الله وغفر الله لنا وله - أحفظ وأعلم من أبي معاوية؟ مع حفظه وإتقانه ؟ هل يرون في مرجئة العصر أنهم أعلم من هؤلاء الأعلام؟ أم هي العصبية والزيغ والهوى؟
    5- عمرو بن مرة المرادي ، ت سنة 116 ه الكوفي الأعمى ، قال أبو حاتم : ثقة كان يرى الإرجاء ، ولم يزل في الناس بقية حتى دخل عمرو بن مرة في الإرجاء فتهافت الناس فيه ، ونحن لا نقول لم يزل في الناس بقية حتى دخل الألباني في الإرجاء ؛ بل ولله الحمد الناس بخير وفي خير ما دام فيهم أهل السنة والجماعة الذين يبينون الحق ويكشفون الباطل وأهله ولا يضر الدين مرجئة الإسكندرية ولا مرجئة أنصار السنة والخلفي ومدرسة القاهرة ، ولا نخاف على شباب الإسلام فالحق واضح أبلج وهؤلاء في انحسار وانكسار وأتباعهم يتناقصون يومًا بعد يوم والحق يعلو يومًا بعد يوم مع أننا ندعو الله لهم بالهداية والرجوع إلى الحق ، فوالله إن رجوعهم إلى الحق والتبرؤ من مذهب الإرجاء الخبيث والتوبة من الركون إلى الطواغيت أحب إلينا لأن في توبتهم ورجوعهم خير للإسلام وللمسلمين لأن فيهم دعاة وأهل علم وفقه وخطابة أمثال : يعقوب والعفاني والخلفي وبرهامي وأهل وعظ أمثال أحمد فريد ومحمد إسماعيل ففيهم خير كثير ؛ فلذلك توبة هؤلاء ورجوعهم إلى الحق فيه خير كثير وقوة للإسلام والمسلمين.
    6- حماد بن أبي سليمان ت سنة 120 ه وهو سبب ضلال تلميذه الإمام أبي حنيفة.
    7- عبد الكريم بن مالك الحراني ، ت سنة 127 ه قال الذهبي كان فقيهًا مرجئًا.
    8- أبو حنيفة النعمان الإمام المشهور ت سنة 150 ه حيث أخذ الإرجاء عن شيخه حماد بن أبي سليمان ، وكثير من الأحناف على ذلك قديمًا وحديثًا لذلك مرجئة العصر يهتمون بالفقه وتأصيل وتفصيل مسائله ولا يهتمون بالتوحيد مثل اهتمامهم بالفقه.
    9- عمر بن ذر المرهبي ت سنة 156 ه فقد تابع أباه ذر في قوله بالإرجاء وكان رأسًا في الإرجاء كما قال أبو داود ، وقال العجلي : عمر بن ذر القاص كان ثقة بليغًا يرى الإرجاء ، وقال الفسوي ثقة مرجئ.
    10- عبد العزيز بن أبي رواد ت سنة 159ه
    قال الإمام أحمد فيه " كان مرجئًا رجلاً صالحًا " وكان عبد العزيز من أعبد الناس وأصلحهم ومع ذلك أوقعه ابنه في الإرجاء ، ولما مات ترك سفيان الصلاة عليه وعارض الجنازة والناس يرونه لم يصلِ ، فقيل لسفيان فقال : والله إني لأرى الصلاة على من هو دونه عندي ؛ ولكن أردت أن أُري الناس أنه مات على بدعة ، قال الذهبي : كان كثيرًا المحاسن لكنه مرجئ ، والعجب عن عبد العزيز كيف يرى الإرجاء وهو من الخائفين الوجلين مع كثرة حجه وتعبده ؟ وأما ابن حبان فبالغ في تنقص عبد العزيز وقال : كيف يكون التقي في نفسه من كان شديد الصلابة في الإرجاء كثير النقض لمن انتحل السنن ؟!
    11- عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ت سنة 206 ه
    قال الإمام مالك : " ذاك الذي أدخل أباه في الإرجاء "
    وقال الحسن بن وهب الجمحي : " قدم علينا عبد العزيز بن أبي رواد وهو شاب يومئذ ابن نيف وعشرين سنة ، فمكث فينا أربعين أو خمسين سنة لا يُعرف بشيء من الإرجاء حتى نشأ ابنه عبد المجيد فأدخله في الإرجاء ، فكان أشأم مولود ولد في الإسلام على أبيه " وقال أبو داود ، عبد المجيد كان رأسًا في الإرجاء ، وقال يعقوب بن سفيان : كان مبتدعًا داعية.
    وقال الذهبي : " كان من المرجئة ومع هذا فوثقه أحمد ويحيى بن معين ، وقال أحمد : كان فيه غلو في الإرجاء يقول هؤلاء الشكاك يريد قول العلماء : أنا مؤمن إن شاء الله ، فهو صدوق مرجئي ، ولما مات قال عبد الرازق : " الحمد لله الذي أراح أمة محمد من عبد المجيد وسبقت الإشارة إلى أنه تسبب في التلبيس على أبيه حتى قال بالإرجاء.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2020
    المشاركات
    54

    افتراضي رد: فائدة: الرواية عن أهل البدع كانت على سبيل الاضطرار.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حفص محب أهل الأثر مشاهدة المشاركة
    وفيك بارك الله
    ولكن بالنسبة لهذه العبارة
    فمرجئة الفقهاء ليسوا من أهل السنة، بل هم من اهل البدع، وإن كان خلافهم في الإيمان مع أهل السنة أخف.

    فالسلف لما بدعو المرجئة إنما أرادوا مرجئةأهل الرأي، أما الجهمية فكانوا يطلقون عليهم الجهمية..
    أخي الكريم بارك الله فيك .. أبوحنيفة وأمثاله من كبار أئمة أهل السنة والجماعةوإن سموا بمرجئة الفقهاء..وأهل العلم لما شنعوا عليهم فإنما في جزئية معينة ولس في عقائدهم وأصولهم.. والبدعة تكون في الأقوال أو الأفعال أو العقائد ..كما أشار إلى ذلك أخونا الشيخ محمد بن عبداللطيف وفقه الله واكتفي برده ولا أزيد عليه




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •