صدر حديثًا كتاب "نكت النبيه على أحكام التنبيه"، للإمام العلامة الفقيه المحرر "كمال الدين أبي العباس أحمد بن عمر بن أحمد النشائي الشافعي" (691 - 757 هـ)، تحقيق: "عبدالرحمن فهمي محمد الزواوي"، نشر "دار المنهاج للنشر والتوزيع".
وهذا الكتاب يطبع وينشر لأول مرة، وهو في الفقه الشافعي، وقد اهتم العلماء بكتاب "التنبيه" لأبي إسحاق الشيرازي، أحد الكتب المعتمدة في المذهب عند المتقدمين، وهو من أجود المختصرات في المذهب، لذلك فقد عكف عليه العلماء بالشرح والبيان، والتنكيت والتصحيح، والنظم والاختصار، وحفظه جماعة لا يُحصون كثرة، فخط لنا الإمام النووي - رحمه الله - كتابيه: "التحرير" و"تصحيح التنبيه"، ثم جاء الإمام كمال الدين أحمد بن عمر النشائي - رحمه الله -، فأتحفنا بهذا الكتاب المبارك.
فوسم كتابه بـ "نكت النبيه على أحكام التنبيه" فأفاد وأجاد، وخدم الفقه والفقهاء، وترك كنزًا وإرثًا للعلماء.
وقد امتاز هذا الكتاب باستيعابه للمسائل الفقهية لكتاب "التنبيه"، بخلاف ما فعله الإمام النووي رحمه الله تعالى؛ حيث إنه لم يصحح فيه من المسائل إلا القليل.
وأكثر النشائي فيه من النقول الفقهية، وحدَّد له مصطلحًا أشار له في مقدمته فقال: (فإن اتفقا؛ أي: الشيخان الرافعي والنووي.. أطلقتُ، وإلا.. عزوتُ، وما صححه في "الكفاية".. فإنه في الاستيعاب غاية...).
فصحَّحَ المسائل، وتعرض لما أغفله الإمام النووي، وجعل عمدته في التصحيح كتاب ابن الرفعة "كفاية النبيه"، ومال النشائي إلى الإيجاز؛ حتى غدت عبارته كالألغاز.
وساق ضمن كتابه كثيرًا من المصطلحات الفقهية؛ كالنص والمنصوص، والمنقول والقديم والجديد والوجوه والمذهب والأظهر والمشهور والطرق والتخريج... إلى غير ذلك.
وقد سلك النشائي في تأليف كتابه مسلك الفقهاء، فقد رتبه على أبواب الفقه، وسار في ترتيبه للكتاب والأبواب على نسق "التنبيه" للشيرازي وهذا من حيث العرض والتبويب.
ونجد أنه يعتمد في تصحيح كتابه ومنقولاته على ما يأتي:
أ- تصحيح الرافعي الكبير "الشرح الكبير".
ب- تصحيح ابن الرفعة في "الكفاية".
جـ- يعتمد تصحيح الشيرازي إذا وافق الرافعي.
د- يعتمد تصحيح النووي فيما لم يخطئ فيه.
ونجد أن هذا الكتاب يتميز بكثرة الإحالات على كتب الشافعية مثل "المجموع"، و"الشرح الكبير"، و"الكفاية"، و"مغني المحتاج"، و"البحر".. وغيرها.
كما يتميز الكتاب بكثرة أقوال الفقهاء في هذا الكتاب، حيث ينقل كثيرًا عن كبار علماء الشافعية، أمثال النووي، والرافعي الكبير، وابن الرفعة، وأبي حامد، والقاضي أبي الطيب، والروياني.. وغيرهم.
كما أنه عند بداية كل مسألة منقولة من التنبيه يقول: (قوله) وهذا أعان على ترقيم المسائل في الأبواب.
ونجد أن النشائي يميل إلى الإيجاز في هذا الكتاب وسائر مؤلفاته، لشكل يجعل كلامه يشبه الألغاز، ويدلل النسائي على عبارة المتن، ولا يلتزم بترتيب "التنبيه" للمسائل في الباب، وإنما يقدم ويؤخر، وقد يذكر المسألة في باب آخر.
ومن الكتب التي استفادت من النشائي في كتابه "النكت":
1- "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" للشيخ شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشربيني.
2- "الأشباه والنظائر" للشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.
والنشائي ترجم له "السبكي" في "طبقات الشافعية الكبرى" (9/ 19) فقال:
"أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن أَحْمد بن النشائي الشَّيْخ كَمَال الدّين، هُوَ ولد الشَّيْخ الْفَقِيه الزَّاهِد عز الدّين من أهل نشا بالنُّون والشين الْمُعْجَمَة من الديار المصرية، سمع الحَدِيث من الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي وَولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الكهارية عِنْد الْوَالِد رَحمَه الله وبرع فِي الْفِقْه، وَكَانَ كثير الاستحضار حسن الِاخْتِصَار.
صنف "جَامع المختصرات"، و"مختصر الْجَوَامِع" وَهُوَ مُخْتَصر حافل جدًا فِي الْفِقْه وَشَرحه، وَله أَيْضًا كتاب "النكت على التَّنْبِيه"، وَكتاب "الإبريز فِي الْجمع بَين الْحَاوِي وَالْوَجِيز"، وَكتاب "كشف غطاء الْحَاوِي الصَّغِير"، وَكتاب "الْمُنْتَقى فِي الْفِقْه" جمع فِيهِ فأوعى وَاخْتصرَ، وكتاب "سلَاح الْمُؤمن فِي الْأَدْعِيَة المأثورة"، وكل كتبه وجيزة الْعبارَة جدا تشبه الألغاز، كثير الْجمع.
توفّي فِي حادي عشر صفر سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَة".


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/142831/#ixzz6cY8s4CRN