بسم الله الرحمن الرحيم


- قال عبد الله بن وهب: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قَوْذَرَ عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ لَعَنَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ ذَنْبِهِ لَمْ تَزَلِ اللَّعْنَةُ تَرَدَّدُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى تَلْزَمَ تَرْقُوَةَ صَاحِبِهَا. ه
جامع ابن وهب ت مصطفى أبو الخير 449 والصمت لابن أبي الدنيا 376


مقارنة ودراسة:


- قال الترمذي: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ البَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً لَعَنَ الرِّيحَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لاَ تَلْعَنِ الرِّيحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ. ه

رواه الترمذي (1978) وأبو داود (4908) وابن حبان (5745) والبزار (11/460) والطبراني في الكبير (12/160) وفي الصغير (957) والعظمة لأبي الشيخ (4/1315) ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (1080) والبيهقي في الشعب (4864) وفي الآداب (337)

من طريق أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس.

ورواه الطبري (16/587) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً.

قال البزار: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ سَعِيد بْنُ أَبِي عَرُوبة وَهِشَامُ بْنُ أَبِي عَبد اللَّهِ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ عَن أَبِي الْعَالِيَةِ ولم يقولا: عَن ابنِ عباس. ه

وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ. ه

وقال الدارقطني: تفرد بِهِ زيد بن أخزم عَن بشر بن عمر عَن أبان بن يزِيد عَنهُ. ه أطراف الغرائب والأفراد (3/343)

قلت: ورواه مسلم بن إبراهيم عن أبان عند أبي داود والبيهقي في الشعب (4865) ولم يذكر ابن عباس فهو مرسل.
ورواه عفان بن مسلم في أحاديث عفان (243) عن أبان عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً كذلك.
ورواه الطبري عن سعيد عن قتادة عن أبي العالية مرسلاً.

فالمرسل أصح, وبشر بن عمر خالفه أئمة ثقات وسعيد من أثبت الناس في قتادة ورواه عنه مرسلاً وروايته أصح والله أعلم.

على أن الحديث فيه علة أخرى وهي عنعنة قتادة عن أبي العالية.

وقد ذكروا أن الامام شعبة بن الحجاج قال لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أحاديث. وقال بعضهم أربعة.
(الجرح والتعديل 1/127 والثقات للعجلي 1984)

وهذا الحديث ليس منهم.
وسواء كان هذا علي سبيل الحصر أو التقريب فقتادة عنعن في هذا الحديث ولم يصرح بالسماع.

ورواه ابن قانع في معجم الصحابة (1/56) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/349) من طريق مهلب بن العلاء عن شعيب بن بيان عن عمران القطان عن قتادة عن أبي العالية عن أسير بن جابر.

والمهلب بن العلاء مجهول. وشعيب بن بيان قال فيه العقيلي: يحدث عن الثقات بالمناكير. (انظر تحرير التقريب 2795)


وروى الامام أحمد (3876) والطحاوي في شرح المشكل (3706) من طريق العيزار بن جرول الحضرمي عن رجل صديق لابن مسعود يكنى أبا عمير عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا وُجِّهَتْ إِلَى مَنْ وُجِّهَتْ إِلَيْهِ فَإِنْ أَصَابَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا وَإِلَّا قَالَتْ: يَا رَبِّ وُجِّهْتُ إِلَى فُلَانٍ فَلَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا فَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ... الحديث

قلت: أبو عمير صديق ابن مسعود مجهول لا يعرف. (انظر تعجيل المنفعة لابن حجر 2/517 والاكمال للحسيني 1142)

ورجح أبو حاتم الرزاي في العلل (2316) أن الحديث أرسله أبو عمير ولم يذكر ابن مسعود والله أعلم.

وروى ابن أبي الدنيا في الصمت (372) نحوه موقوفاً على ابن مسعود من طريق عبد الرحمن بن زياد المحاربي عن العلاء بن المسيب عن الفضيل بن عمرو عن ابن مسعود. وهو موقوف واسناده منقطع.


ومثله ما رواه أبو داود (4905) وابن أبي الدنيا في الصمت (381) والبزار (10/24) والترغيب والترهيب لقوام السنة (3/219) والبيهقي في الشعب (4799) من طريق نمران بن عتبة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا. ه

قلت: نمران بن عتبة لم يوثقه معتبر وذكره ابن حبان في الثقات على عادته في توثيق المجاهيل وإلا فهو مجهول الحال. (انظر ميزان الاعتدال 4/273 وتحرير التقريب 7188)

وقد أشار البزار إلى ضعف الحديث فقال بعد أن رواه وأنه لا يروى إلا من هذا الوجه: وَإنَّما ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا فِيهِ لأَنَّا لَمْ نَحْفَظْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. ه


الخلاصة:

الحديث بلفظ: (من لعن شيئًا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه .. أو أنها تصعد إلى السماء ثم تهبط إلى الأرض فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى صاحبها) لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي نحوه عن كعب.

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث أخرى في النهي عن سب الريح وذم اللعن والتلاعن تغني عن هذا الحديث والله أعلم.


كتبه
أحمد فوزي وجيه
26/10/2020