آنَ لِلْفَارِس
محمد عبد التواب


آن للفارس أن يقتل (حُلْمَهْ) *** اغفروا لي إنني أقصد (وَهْمَهْ)
حالمًا كان يربي زهرة *** وخيولاً للخطوب المدلهمةْ
حالماً يشحذ سيفاً حالماً *** يسكب النور من الروح لظلمة
حالماً يعلن: أن القدس لي *** يرسم القدس على زنديه نجمة
كانت القدس لديه سُلَّمًا *** تصعد الروح عليه نحو قمة
حالماً كان ينادي (خالداً) *** (وصلاحاً) ورجالاً للمهمة
غير أن الصوت يرتد بلا *** فارسٍ يأتي يداوي جرح أمة
لا صراخ القدس أضحى مجدياً *** لا ولا نوح الثكالى صار غمة
لا ضياع الأرض يعنينا، ولا *** هتك عرض للصبايا صار وصمة
وبنو (صهيون) صاروا بيننا *** آلة للحرب لا تعرف رحمة
كيف جاءوا؟ كيف صاروا فوقنا؟ *** إنه عار صنعناه ونقمة!
إننا من هذه الأرض هنا *** مات جدي تاركاً فأساً وخيمة
كان جدي أسمر اللون يرى *** أرضه كالعرض لا يقبل ذمه
قال لي قبل ممات: إن من *** يرث الأرض لها يبذل هَمَّهْ
والذي يُقْتَل للأرض فلا *** تحسبوه مات، بل أصبح غيمة
ترتوي منها الملايين التي *** تشتهى أن تلتقيه أن تضمه
مات جدي تاركا لي أرضه *** صارت الأرض له تحفظ وشمه
غير أني عندما أبصرني *** عاجزاً أبكي وأنعي موت أمة
وأنادي فيجيب الصمت لا *** إنه العجز بنا ينفث سمه
إنه اليأس رمى أجنحتي *** وأراني سائراً في جوف ظلمة
كيف أحيا والمنايا تبتغي *** صدر أختي صدر أمي صدر عمة
أغرقتني مخزيات لم أطق *** حملها فاخترت موتي مثل نجمة
فاحتضنت الموت كي أبقى وكي *** يعتلي وجه الصبايا ظل بسمة
عندما يشرق فجر سنرى *** صورة الفارس تجلو كل غمة

لا ظلام الليل يحني جبهةً *** لا ولا الموت رمى بالعجز سهمه
هل سيأتي الفجر يوما أم ترى *** آن للفارس أن يقتل (حُلْمَهْ)