قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
( شاب نشأ في عبادة ربه ) : ( نَشَأَ ) منذ الصغر وهو في العبادة ، فهذا صارت العبادة كأنها غريزة له ، فألفها وأحبَّها ، حتى إنه إذا انقطع يوماً من الأيام عن عبادة تأثر .
قال ابن القيم (رحمه الله) في بيان سر التأذين فى اذن المولود :
(وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها....
وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها)
والواجب على الآباء والأمهات أن يسعو لتنشئة الابناء على العقيدة والتوحيد خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرة فيه فتن الشبهات وفتن الشهوات وكثر فيه دعاة الضلال وتنوعت أساليبهم ومناهجهم لذلك يجب على المربين أن يغرسوا في قلوبهم الناشئة حب هذه العقيدة والثبات عليها في كل أحوالهم
أن الاهتمام بتعليم العقيدة والتوحيد للناشئة الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم
ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من أهل الضلال
( يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين )
وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه
(ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له من الشرك
قال تعالى
(يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوصي ابن عباس رضي الله عنهما
فيقول
( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ........... ).
ان إهمال الآباء تعليم أولادهم أمور دينهم وأهمها أمر العقيدة بحجة أنهم مازالوا صغار فإذا كبروا لم يستطيعوا تعليمهم,
وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال :
( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سدا فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه, فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم,ولم ينفعوا آباءهم كباراً)
أن الاهتمام بتعليم الأطفال وتنشئتهم على الاعتقاد الصحيح حماية الأمة من الزيغ والضلال
لما قال رجل للأعمش (رحمه الله) هؤلاء الغلمان حولك ؟! قال : اسكت هؤلاء يحفظون عليك أمر دينك
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في تحفة المولود عن تنشئة الأطفال على عبادة الله:
(فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا )
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مقدمة كتابه تعليم الصبيان التوحيد
( فهذه رسالة نافعة. فيما يجب على الإنسان أن يعلم الصبيان قبل تعلمهم القرآن ) انتهى
أن تعليم العقيدة الصحيحة للناشئة الصغار أسهل في قبولها من تعليمه بعد ذلك - لأنها موافقة للفطرة التي فطر عليها ولم يصل إليها ما يدنسها من أفكار مخالفة
ولأن التعليم في الصغر ليس كالتعليم في الكبر إذ الكبير تكثر عنده الشواغل والصوارف
وقد قيل
(التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.... )
أن الاهتمام بتربية الناشئة الصغار على عقيدة صحيحة واضحة سبب عظيم في عصمته من الفتن والانحرافات
فمن نشأ على عقيدة صحيحة سلم من مظاهر الانحراف و الشرك و البدع و الفتن)
كما قال النبى صلى الله عليه وسلم -
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك