تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    لقد تكررت دعوى بعض الأشاعرة بأنهم أكثر الأمة، وأصبح الكثير منهم يتناقلونها في كتبهم ومحاضراتهم، يغرون بها الجهال ممن لا علم لهم بحقيقة الأمر.
    فقد قال المؤلفان (ص248) (1) : "ومذهب الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة الذي عليه سواد الأمة، وأكابر أهل الفضل فيها" ا هـ.
    وقالا (ص 31) (2) : "هذا المذهب الذي يدين به تسعة أعشار أمة الإسلام، وسوادها الأعظم وعلماؤها ودهماؤها" ا هـ.
    ولا ريب أنها دعوى مجردة من الدليل، ويكذبها الواقع التاريخي، ويكفي في إبطالها ما سبق تفصيله في بيان مذهب السلف وطريقهم وبيان مخالفة الأشعرية له، وخروجهم عنه.
    وجميع من نقلنا نصوصهم في هذا الكتاب بدءاً من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة رضي الله عنهم، ومن لم ننقل عنهم من السلف، جميعهم مخالفون للأشاعرة في أصول الاعتقاد، ومبطلون لأقوالهم ومذهبهم، فضلاً عمن نقلنا عنهم الطعن في الأشاعرة، والتنصيص على خروجهم عن السنة والطريق.
    وحسبك من ذكرهم ابن القيم في (اجتماع الجيوش الإسلامية)، والذهبي في (العلو) من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء، ممن نصوا في مسألة علو الله تعالى بنفسه على خلقه بما يخالف مذهب الأشاعرة، وهي واحدة من مسائل الاعتقاد، فكيف إذا أضيف إليهم من نصوا في بقية مسائل الاعتقاد بما يخالف مذهب الأشاعرة؟.
    فهل يمكن بعد ذلك أن يدعي أن الأشاعرة هم أكثر الأمة، وهم مخالفون للقرون المفضلة الأولى؟!!
    وقد ذكر ابن المبرد في كتابه (جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر) أكثر من أربعمائة عالم من بين محدث وفقيه وعابد وإمام، كلهم مجانبون للأشاعرة ذامون لهم، بدءاً من عصر الأشعري وحتى وقته، صدرهم بأبي الحسن البربهاري، وختمهم بجمال الدين يوسف بن محمد المرداوي صاحب كتاب (الإنصاف)، ثم قال بعد ذلك: "والله ثم والله ثم والله ما تركنا أكثر مما ذكرنا، ولو ذهبنا نستقصي ونتتبع كل من جانبهم من يومهم وإلى الآن لزادوا على عشرة آلاف نفس" (3) ا هـ.
    بل إن ابن عساكر وهو من خدم الأشعرية بكتابه (تبيين كذب المفتري) قد اعترف بأن أكثر الناس في زمانه وقبل ذلك على غير ما عليه الأشعرية...
    فقد قال في التبيين: "فإن قيل: إن الجم الغفير في سائر الأزمان وأكثر العامة في جميع البلدان لا يقتدون بالأشعري ولا يقلدونه، ولا يرون مذهبه، وهم السواد الأعظم، وسبيلهم السبيل الأقوم" (4) ا هـ.
    وقد قال ابن المبرد معلقاً على كلامه هنا: "وهذا الكلام يدل على صحة ما قلنا، وأنه في ذلك العصر وما قبله كانت الغلبة عليهم، وبعد لم يظهر شأنهم" (5) ا هـ.
    وإذا كان أبو الحسن الأشعري إنما ولد سنة 260هـ، وقيل: 270هـ، فما الذي كانت عليه الأمة قبله؟ أفتراها كانت على عقيدة الأشعري الذي لم يكن شيئاً مذكورا كما يزعم هؤلاء؟!!
    أم أن العقيدة كانت خافية عليهم، حتى ظهر أبو الحسن الأشعري فأيقظ الأمة من سباتها؟
    فإن قال قائل: إن الأشعري لم يأت بشيء جديد، ولكنه أبان أموراً وأوضحها في رده على المعتزلة حتى كشف عوارهم، وهذا سبب الانتساب إليه، لكونه صار علماً على السنة في مقابل المعتزلة.
    فالجواب أن هذا بلا ريب بعيد عن التحقيق، فضلاً عن الواقع والتاريخ، إذ أن ظهور المعتزلة كان متقدماً على ظهور الأشعري بأكثر من قرن ونصف من الزمان، فضلاً عن الجهمية التي كانت أسبق ظهوراً من المعتزلة. ومن المعلوم أن ظهور هاتين الفرقتين قد جوبه برد عنيف من السلف والأئمة، الذين أنكروا عليهم أعظم النكير، وحكموا بضلالهم، بل وكفر الجهمية منهم، فقام أئمة السنة ابتداءاً من الحسن البصري وإلى عصر الأشعري بالرد على شبهاتهم، وكشف عوارهم. وكتب السنة طافحة بآثار السلف في النكير على الجهمية والمعتزلة والرد على ما ابتدعوه، فانظر كتاب (السنة) لعبدالله بن الإمام أحمد، و(أصول اعتقاد السنة) لللالكائي، و(الإبانة) لابن بطة وغيرها كثير. وقد نقلنا في ثنايا هذا الكتاب كثيراً من كلامهم.
    ولم يكتف السلف بمقولة أو مقولتين، بل إنهم قد كتبوا الكتب وصنفوا المصنفات في الرد عليهم، ككتاب (الرد على الجهمية) للإمام أحمد، وابنه عبدالله وابن أبي حاتم، وابن قتيبة، والدارمي، والكناني، وابن منده، وأبي العباس السراج وغيرهم كثير، فضلاً عما تضمنته كتب السنة من أبواب الرد على الجهمية، كما فعله البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه، وغيرهما.
    ناهيك عن كتب السنة الأخرى، والتي ألفت لبيان معتقد السلف والرد على أهل البدع والمخالفين من أصناف المعطلة والمشبهة (6) .
    والمعلوم أن المعتزلة والجهمية قد قويت شوكتهم في أواخر القرن الثاني، لما تأثر بهم الخليفة المأمون، حتى حصلت تلك الفتنة العظيمة، التي امتحن فيها العلماء، وأوذي فيها الإمام أحمد اذى عظيماً، وهي فتنة القول بخلق القرآن، وقد تتابع على هذه الفتنة ثلاثة خلفاء: المأمون، والواثق، والمعتصم، وهذا قد ساهم كثيراً في دفع عجلة السلف لكشف أباطيل هاتين الفرقتين، والجواب عن شبهاتهم، خشية التباسها على الناس.
    ومع كل هذه الردود من السلف والأئمة على الجهمية والمعتزلة، وما حصل من الفتنة بهم، فإننا لم نجد أحداً من السلف قد يقرر ما قرره الأشعري في الاعتقاد، لا من حيث التأصيل والتقعيد، ولا من حيث الرد على المعتزلة والنكير، بل على العكس من ذلك: وجدنا نصوصهم صريحة في نقض أصوله الاعتقادية في أسماء الله وصفاته، كما سبق بيانه في الباب الأول، فضلاً عن سائر أبواب الاعتقاد كالإيمان، والقدر، والنبوات وغيرها من أبوب الاعتقاد التي لم نعرج عليها في كتابنا هذا.
    ومن ظن أن السلف كانوا عاجزين عن البيان والتوضيح لأصول المعتقد، والرد على المخالفين كالجهمية والمعتزلة، وكشف عوارهم، والجواب على شبهاتهم، ونقض أصولهم، حتى أتى الأشعري فأبان عما لم يعلموه، ورد على المعتزلة بما لم يستطيعوه؟! فقد ظن بهم ظن السوء، ونسبهم إلى الجهل والعجز. وكفى به ضلالاً وخسراناً.
    قال ابن المبرد في إبطال هذه الدعوى: "فيا سبحان الله! قبل توبته – أي: من الاعتزال – ما كان للمسلمين أئمة يقتدى بهم، حتى يتخذ مبتدع تاب من بدعته إماماً؟ كأن الناس ماتوا إلى هذا الحد كله، ولم يبق من يصلح للإمامة، حتى يتوب مبتدع من بدعته فيصير إمامهم، وأهل الإسلام قاطبة تقدم متكلماً على أئمة الحديث جميعهم في حال كثرة العلماء، ما هذا الهذيان؟" (7) ا هـ.
    ثم يقال: كيف يدعى ذلك في رجل قضى أربعين سنة من عمره على الاعتزال، ثم تاب في آخر حياته، وعاش في مرحلة التوبة ما يقرب من عشر سنين تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً على اختلاف الروايات في مولده، كيف يكون مثل من كان هذا حاله إماماً للمسلمين؟ متى تعلم العلم ورسخ فيه حتى يتخذ إماماً دون أئمة السنة وأهل الحديث؟ هذا ضرب من المحال، بل من الجنون.
    قال ابن المبرد في رده على ابن عساكر: "فقد أثبت – أي: ابن عساكر – أنه كان أكثر عمره على غير السنة، وأنه كان معتزليا متكلماً، وأنه تاب من الاعتزال ولم يتب من الكلام.
    فيا سبحان الله! من كان بهذه المثابة وبهذه الحالة يجعل إمام المسلمين والمقتدى به، يترك مثل أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وابن المبارك، ولا يقتدي ولا يذكر إلا هذا الذي أقام على البدعة عمره" (8) ا هـ.
    ويقال أيضاً: إن أبا الحسن الأشعري بعد رجوعه إلى طريق الكلابية ثم إلى طريق السنة المحضة، لم يكن مبرزاً في شيء من العلوم سوى علم الكلام، ومن كان هذا حاله فحسبه أن يكون متبعاً للسلف ومنتسباً لأئمة السنة وهو الأمر الذي قرره وذكره في أول كتابه الذي يمثل مرحلته الأخيرة: (الإبانة) حيث انتسب فيه إلى الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة، وأما أن يكون هو الإمام الذي يقتدى به وينسب إليه فهذا ضرب من المجازفة، بل الانحراف.
    ومن المعلوم أن المسلمين كانوا على جهادة السنة والطريق حتى ظهرت الفرق الكلامية، وحصلت الفتن وابتلي المسلمون، فلما جاء أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس وبدأ يظهر بعض رؤوس الأشاعرة وغيرهم من أهل الكلام، انتهض السلفيون لدحر هذه الفتنة، وكشف زيفها وأباطيلها، حتى كتب الخليفة العباسي القادر بالله تلك العقيدة المعروفة بالقادرية والتي سبق أن ذكرنا طرفاً منها، وأمر أن يرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.
    وكانت هذه العقيدة قد كتبها أبو أحمد الكرجي المعروف بالقصاب المتوفي سنة (360هـ)، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه (9) ، مما يعني أنه قد كتبها للقادر بالله قبل توليه الخلافة، إذ أنه تولى الخلافة سنة (381هـ)، ثم أظهرها في خلافته وأرسل بها في الآفاق.
    قال الوزير ابن جهير: "هكذا فعلنا أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع" (10) .
    وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها أعظم ملوك الدولة الغزنوية وفاتح الهند العظيم محمود بن سبكتكين (11) ، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضا الأشعرية" (12) ا هـ.
    وقال أيضاً: "ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة، فلعنوا الكلابية والأشعرية كما كان في مملكة الأمير محمود بن سبكتكين" (13) ا هـ.
    وقال الذهبي: "وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولعنوا على المنابر" (14) ا هـ.
    ثم لما كان في خلافة القائم بالله ابن القادر، رفع بعض الأشاعرة رؤوسهم وظهر كتاب ابن فورك (تأويل مشكل الحديث) حيث ملأه بالتأويلات لأخبار الصفات، فقام القاضي أبو يعلى بالحق ونصر السنة وألف كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) رداً على تأويلات ابن فورك وحصلت فتنة، عندها أمر الخليفة القائم بأمر الله أن يقرا (الاعتقاد القادري)، ويأخذ توقيعات العلماء على الإقرار بما فيه وأنه المعتقد الصحيح، وكان ذلك في سنة "433هـ".
    قال ابن كثير في أحداث سنة 433هـ: "وفيها قرئ "الاعتقاد القادري" الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف" (15) ا هـ.
    وكان ممن وقع عليه القاضي أبو يعلى كما سبق نقل كلام ابنه في الطبقات.
    ثم لما كان في سنة 460هـ أعيدت قراءة "الاعتقاد القادري" وأمر بأن يقرأ في الجوامع والمساجد.
    قال ابن الجوزي: "وقرأت بخط أبي علي بن البنا قال: اجتمع الأصحاب وجماعة الفقهاء، وأعيان أصحاب الحديث... وسألوا إخراج "الاعتقاد القادري" وقراءته، فأجيبوا وقرئ هناك بمحضر من الجمع... وكان أبو مسلم الليثي البخاري المحدث معه كتاب (التوحيد) لابن خزيمة فقرأه على الجماعة... ونهض ابن فورك قائماً فلعن المبتدعة وقال: لا اعتقاد لنا إلا ما اشتمل عليه هذا الاعتقاد، فشكرته الجماعة على ذلك... وقال الوزير ابن جهير:... ونحن نكتب لكم نسخة لتقرأ في المجالس، فقال: هكذا فعلنا في أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع، وقال: هكذا تفعلون فليس أعتقد غير هذا، وانصرفوا شاكرين" (16) ا هـ.
    فانظر إلى هذه الانتهاضة في الإنكار على أهل البدع ومنهم الأشاعرة، ثم انظر إلى ما قاله المؤلفان (ص252) عاكسين للحال: "بل نزيد ونقول إنه لا يبعد أن يكون – أي: ابن جرير – انتسب إليه – أي: الأشعري – فيما لم يصلنا من كتبه، فقد ذكرت كتب التاريخ أنه انتهض لنصرة طريقة الإمام أبي الحسن والإمام أبي منصور جميع أهل السنة في العالم الإسلامي" ا هـ.
    وقد قال ابن المبرد في تأكيد ما ذكرناه: "أنا أذكر لك كلاماً تعلم كيفيتهم: كان الأشعري وأتباعه في زمنه لا يظهر منهم أحد بين الناس، ولا يقدر أحدهم على إظهار كلمة واحدة مما هم عليه، ثم لما ذهب هو وأصحابه، ولا نسب أحداً منهم، فلعله قد تاب حقيقة، بل نسأل الله له ولأتباعه المسامحة، وجاء أصحاب أصحابه، وكان ذلك في زمن شيخ الإسلام الأنصاري كان الواحد والاثنان والثلاثة منهم إذا أرادوا أن يتكلموا بشيء من مذهبهم وما هم عليه اختفوا بذلك بحيث لا يراهم أحد بالكلية، فقد ذكر ذلك شيخ الإسلام الأنصاري وغيره، وهو إمام مقبول عند سائر الطوائف، ومن لم يصدقني فلينظر في كتابه (ذم الكلام) يجد ذلك في عدة مواضع منه.
    ثم لما كان بعد ذلك بمدة في زمن الخطيب البغدادي وغيره ظهروا بذلك بعض الظهور، فقويت الشوكة عليهم ولعنوا على المنابر، ونفي جماعة منهم (17) ، ثم بعد ذلك أبرزوه، وقويت شوكتهم، وكانوا يقومون به ويقعون، تارة لهم وتارة عليهم، ثم في زمن ابن عساكر وغيره ظهروا وبرزوا أكثر من ذلك، وصاروا تارة يظهرون ويترجحون، وتارة يظهر عليهم، ثم في زمن الشيخ تقي الدين ابن تيمية ترجح أمرهم وظهروا غاية الظهور، ولكن كان يقاومهم هو وأصحابه إلا أن الظفر في الظاهر مع أولئك، ثم بعد ذلك عم الخطب والبلوى بذلك فصار ما هم عليه هو الظاهر وصريح السنة، وما عليه السلف هو الخفي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" (18) ا هـ.
    وأما أسباب انتشار العقيدة الأشعرية في القرون المتأخرة، فهو ما ذكره المقريزي في خططه حيث قال ما نصه: "فانتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبدالملك بن عيسى بن درباس الماراني على هذا المذهب، قد نشئا عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك.
    واتفق مع ذلك توجه أبي عبدالله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزالي مذهب الأشعري، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لفقها عنه عامتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبدالمؤمن بن علي الميسي، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهدي المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلا الله خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ.
    فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب، وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحكم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني، فتصدى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية" (19) ا هـ.
    وكلام المقريزي هنا يبين وقت وسبب انتشار المذهب الأشعري، وأنه كان بسبب فرضه على الناس، إلى حد قد يصل في بعض الأحايين إلى القوة والقتل كما حصل من ابن تومرت لما حكم المغرب والأندلس. وقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية نصيب من الابتلاء، فقد أوذى وسجن بسبب تبيينه لمنهج أهل السنة والرد على المخالفين.
    وأما ما يتعلق بعوام المسلمين، فلا ريب أنهم إن تركوا من غير تلقين فإنهم على الفطرة السليمة، وعلى اعتقاد السلف وأهل الحديث، لا يعرفون أصول الكلام، ولا تأويل الصفات، ولا شيئاً من ذلك. ولا يمكن لأحد أن يدعي خلاف ذلك إلا مكابرة.
    فلا يعرف العامي إلا أن الله في السماء على عرشه فوق خلقه، لا يعرف ما يقوله الأشاعرة من أنه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت.
    ولا يعرف العامي إلا أن الله يتكلم، وأنه كلم موسى فسمع موسى كلام الله، لا يعرف الكلام النفسي الذي هو: أمر ونهي وخبر واستخبار.
    ولا يعرف العامي إلا أن الله يحب التوابين، ويبغض الكافرين، ويرضى عن الطائعين، ويسخط على العاصين، لا يعرف أن هذه الصفات كلها راجعة إلى الإرادة.
    ولا يعرف العامي إلا أن الله أقدر العبد على الفعل، وجعل له إرادة لها تأثير فيه، لا يعرف الكسب الذي هو اقتران القدرة الحادثة بالقدرة القديمة، وأن الحادثة لا تأثير لها في الفعل البتة.
    وسل إن شئت جماعات المسلمين يخبروك بحقيقة الحال إذ أنهم على الفطرة، فأما عقيدة الأشاعرة فلا يعرفها إلا من درسها في المعاهد والمدارس.
    فدعوى أن الأشعرية هو المذهب الذي يدين به عامة الأمة ودهماؤها، دعوى باطلة جملة وتفصيلاً. (20)
    <span id="enc-20" class="Tips2" title="" data-toggle="tooltip" data-original-title="<strong><span style="box-sizing: border-box; position: relative; font-size: 12px; line-height: 0; vertical-align: baseline; top: -0.5em; color: rgb(255, 255, 255); display: inline-block; width: 0px;">https://dorar.net/firq/432/%D8%A7%D9...A3%D9%85%D8%A9
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2020
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    لعلّ المراد أنّهم أكثر الأمّة في العصور المتأخّرة - ولا سيّما في العصر الحاليّ - وهذه دعوى لا يمكن إبطالها، حتّى لقد أشار إليها صراحةً الشيخُ (عبد الله الغنيمان) في كتابه (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاريّ):

    1.png
    2.png
    3.png
    4.png


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2020
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    تنبيه مهمّ
    شتّان ما بين العبارات التاريخيّة، التي تضمّنت الأمر بلعن الأشاعرة، وبين عبارة الشيخ ابن عثيمين:
    1.png
    2.png
    3.png

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إحسان الموصلي مشاهدة المشاركة
    لعلّ المراد أنّهم أكثر الأمّة في العصور المتأخّرة - ولا سيّما في العصر الحاليّ - وهذه دعوى لا يمكن إبطالها، حتّى لقد أشار إليها صراحةً الشيخُ (عبد الله الغنيمان) في كتابه (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاريّ):

    1.png
    2.png
    3.png
    4.png


    وأما أسباب انتشار العقيدة الأشعرية في القرون المتأخرة، فهو ما ذكره المقريزي في خططه حيث قال ما نصه: (فانتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبدالملك بن عيسى بن درباس الماراني على هذا المذهب، قد نشئا عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك.
    واتفق مع ذلك توجه أبي عبدالله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزالي مذهب الأشعري، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لفقها عنه عامتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبدالمؤمن بن علي الميسي، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهدي المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلا الله خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ.
    فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب، وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحكم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني، فتصدى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية). [الخطط: 4/ 192)].
    وكلام المقريزي هنا يبين وقت وسبب انتشار المذهب الأشعري، وأنه كان بسبب فرضه على الناس، إلى حد قد يصل في بعض الأحايين إلى القوة والقتل كما حصل من ابن تومرت لما حكم المغرب والأندلس. وقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية نصيب من الابتلاء، فقد أوذى وسجن بسبب تبيينه لمنهج أهل السنة والرد على المخالفين.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2020
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    هل اهتمام العلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه يكون بلعن الأشعريّة؟
    7777.png

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إحسان الموصلي مشاهدة المشاركة
    هل اهتمام العلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه يكون بلعن الأشعريّة؟
    7777.png
    هذا ما فعله محمود بن سبكتكين وقتها لتوحيد الأمة على السنة ودحض البدع وأهلها، لكونه إمامًا للمسليمين،
    قال الذهبي: (وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولعنوا على المنابر).

    ولماذا لم تعرج على ما فعله ابن تومرت من استباحت دماء من خالف عقيدة الأشاعرة ؟!
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,644

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    جزاكم الله خيرا
    سبحان الله ما نراه من عقائد مخالفة لعقيدة السلف
    يتبين لنا كم نحن مقصرون فى
    العمل لهذا الدين بصفة عامة وعقيدة التوحيد بصفة خاصة
    والانشغال بالمهم وترك الاهم
    مصيبة قد ابتلينا بها فى هذاالزمان الذى كثرت فيه الفتن لاننى اسمع عمن يقللون
    من اهمية تعليم الناس عقيدة التوحيد
    والتهكم علينا ويقولون انتم مشغولون بفقة دورة المياة والاضرحة
    وغير ذلك من التعليقات

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2020
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    ولماذا لم تعرج على ما فعله ابن تومرت من استباحت دماء من خالف عقيدة الأشاعرة ؟!
    لستُ أشعريًّا، ولا أدافع عن الأشاعرة؛ ولكنّني أستغرب من اعتبار اللعن على المنابر صورة من صور الجهاد، ولا سيّما لعن الأشاعرة؛ فلا أحد ينكر أنّ الكثير من علماء القرآن والتفسير والفقه وأصوله كانوا من الأشاعرة (والماتريديّة)، وبعضهم كان من المعتزلة، وكذلك نجد من علماء الحديث من يُنسَب إلى الأشاعرة، فهل يجوز لعن هؤلاء بأمر من صاحب السلطان؟


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إحسان الموصلي مشاهدة المشاركة
    لستُ أشعريًّا، ولا أدافع عن الأشاعرة؛ ولكنّني أستغرب من اعتبار اللعن على المنابر صورة من صور الجهاد، ولا سيّما لعن الأشاعرة؛ فلا أحد ينكر أنّ الكثير من علماء القرآن والتفسير والفقه وأصوله كانوا من الأشاعرة (والماتريديّة)، وبعضهم كان من المعتزلة، وكذلك نجد من علماء الحديث من يُنسَب إلى الأشاعرة، فهل يجوز لعن هؤلاء بأمر من صاحب السلطان؟

    اللعن في الميزان الشرعي

    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فاللعن ـ في اللغة ـ: الطردُ والإبعاد(١)، وأصلُ اللعنِ ـ إِنْ كان مِنَ الخالق ـ فهو الطردُ والإبعاد مِنْ رحمته، وإِنْ كان مِنَ المخلوق فهو السبُّ بتقبيحِ الفعل وذمِّ فاعِلِه والدعاءِ عليه(٢)، فيقال: «لَعَنَ فلانًا» إذا سبَّه وأخزاه(٣)، قال الراغب الأصفهانيُّ ـ رحمه الله ـ: «اللعن: الطردُ والإبعادُ على سبيل السخط، وذلك مِنَ اللهِ تعالى في الآخرةِ عقوبةٌ، وفي الدنيا انقطاعٌ مِنْ قَبولِ رحمته وتوفيقِه، ومِنَ الإنسانِ دعاءٌ على غيره»(٤).
    وأهلُ السُّنَّة يفرِّقون ـ في النوع ـ بين اللعن المطلق واللعن للمعيَّن، واللعنُ المطلقُ ـ سواءٌ كان بالوصف الأعمِّ كقول القائل: «لَعَنَ اللهُ المبتدِعَ أو الكافر أو الفاسق»، أو كان بوصفٍ أخصَّ كلعنِ اليهود والنصارى والمجوس، وكلعنِ فِرَقِ أهل البِدَعِ كقولك: «لَعَنَ اللهُ الجهميةَ أو القدرية أو الرافضة وغيرَها مِنَ الفِرَق المُنْتَسِبة للإسلام» ـ فجائزٌ بالوصفين الأعمِّ والأخصِّ بلا خلافٍ بين أهل السنَّة، قال القاضي عياضٌ ـ رحمه الله ـ: «ولعنُ الجنسِ جائزٌ؛ لأنَّ الله تعالى قد أَوْعَدَهم، ويُنْفِذُ الوعيدَ على مَنْ شاء منهم»(٥).
    ومُوجِباتُ اللعنِ ثلاثةٌ وهي: الكفرُ والفسقُ والبدعةُ.
    وقد دلَّتِ النصوصُ الشرعية على جوازِ اللعن المطلق منها:
    ـ قولُه تعالى في اللعن بالكفر: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمۡ سَعِيرًا ٦٤﴾ [الأحزاب]، ومنها قولُه تعالى: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ ٨٨﴾ [البقرة].
    ـ أمَّا اللَّعن بالفسق فمثلُ قولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ المَنَارَ»(٦)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ»(٧)، وحديثِ عبد الله بنِ عمروٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ [العِجَافِ]؛ الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ»(٨)، وحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِين َ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالمُتَشَبِّهَ اتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»(٩).
    ـ أمَّا اللعن بالبدعة فبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في مَعْرِض ذِكْرِ فضلِ المدينة ـ: «... مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا»، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ أَنَسٍ: «أَوْ آوَى مُحْدِثًا»(١٠)، واللعنُ على الإحداث ـ وإِنْ وَرَدَ مقيَّدًا في حديثِ أنسٍ رضي الله عنه بالمدينة ـ إلَّا أنَّ الحكم يعمُّ الإحداثَ في غيرها، وضِمْنَ هذا المعنى يقول ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ في تعليلِ إيرادِ البخاريِّ للحديث في «الاعتصام»: «والغرضُ بإيرادِ الحديثِ هنا: لَعْنُ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا؛ فإنه ـ وإِنْ قُيِّد في الخبر بالمدينة ـ فالحكمُ عامٌّ فيها وفي غيرها إذا كان مِنْ متعلِّقات الدين»(١١)، ويُؤكِّده قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا»(١٢)، وقال النوويُّ ـ رحمه الله ـ في شرحِ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه: «ومعناه: أنَّ الله تعالى يلعنه وكذا يلعنه الملائكةُ والناسُ أجمعون، وهذا مبالغةً في إبعاده عن رحمة الله تعالى؛ فإنَّ اللعن في اللغةِ هو الطردُ والإبعاد، قالوا: والمرادُ باللعن هنا: العذابُ الذي يستحقُّه على ذَنْبِه والطردُ عن الجنَّةِ أوَّلَ الأمر، وليسَتْ هي كلعنةِ الكُفَّار الذين يُبْعَدون مِنْ رحمة الله تعالى كُلَّ الإبعاد»(١٣).
    ـ أمَّا لَعْنُ اليهودِ فنصوصٌ كثيرةٌ تدلُّ عليه منها: قولُه تعالى: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ ﴾ [المائدة: ٧٨]، وقولُه تعالى: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُ ﴾ [المائدة: ٦٤]، وفي السُّنَّةِ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ والنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»(١٤).
    ـ وثَبَتَ عن السلف أنهم كانوا يلعنون كِبارَ الطوائفِ والفِرَقِ مِنْ أهلِ الضلال والبِدَعِ المُخالِفين للسنَّةِ المُعانِدين لأهلها كالجهمية والقَدَرية والخوارج وغيرهم: فقَدْ لَعَنَ ابنُ عمر رضي الله عنهما القَدَريةَ وتبرَّأ منهم(١٥)، ولَعَنَ عبدُ الله بنُ أبي أوفى رضي الله عنهما الأزارقةَ والخوارجَ كُلَّها(١٦)، كما سبَّ التابعون مَنْ تَكلَّم في القَدَرِ وكذَّب به ولَعَنوهم ونَهَوْا عن مُجالَستهم، وكذلك أئمَّةُ المسلمين على نهجهم سائرون وبمَقالَتهم قائلون، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «ولهذا اهتمَّ كثيرٌ مِنَ الملوك والعلماء بأَمْرِ الإسلام وجهادِ أعدائه، حتَّى صاروا يلعنون الرافضةَ والجهميةَ وغيرَهم على المنابر، حتَّى لعنوا كُلَّ طائفةٍ رأَوْا فيها بدعةً»(١٧).
    هذا، وحريٌّ بالتنبيه أنَّ اللعن المطلق لا يستلزم لَعْنَ المعيَّن، أي: أنَّ لَعْنَ جنسِ السارق أو الخمَّار لا يقتضي جوازَ لعنِ خصوص السارق أو الخمَّار أو ما إلى ذلك مِنَ العُصاة؛ لأنَّ المعلوم أنَّ الحكم الذي يترتَّب على العموم مِنْ حيث عمومُه لا يترتَّب على الخاصِّ مِنْ حيث خصوصُه، ويدلُّ عليه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَعَنَ اللهُ الخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا ، وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا، وَحَامِلَهَا وَالمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا»(١٨) مع أنه صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن لَعْنِ رجلٍ كان في عهد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اسمُه عبدُ الله، وكان يُضْحِك رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد جَلَدَه في الشراب، فَأُتِيَ به يومًا فأَمَر به فجُلِد، فقال رجلٌ مِنَ القوم: «اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ!»، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ ـ مَا عَلِمْتُ ـ إِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ»(١٩)؛ فدلَّ ذلك على أنَّ اللعن المطلق لا يقتضي لَعْنَ المعيَّن؛ لاحتمالِ أَنْ يقوم بالمعيَّن ما يحول بينه وبين لحوق اللعنِ به مِنْ فواتِ شرطٍ أو ثبوتِ مانعٍ، وقد أَفْصَحَ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ عن هذا المعنى مقرِّرًا له بقوله: «ولكنَّ لَعْنَ المطلقِ لا يستلزم لَعْنَ المعيَّن الذي قام به ما يمنع لحوقَ اللعنةِ له، وكذلك «التكفير المطلق» و«الوعيد المطلق»؛ ولهذا كان الوعيدُ المطلق في الكتاب والسنَّةِ مشروطًا بثبوتِ شروطٍ وانتفاءِ موانعَ؛ فلا يلحق التائبَ مِنَ الذنب باتِّفاق المسلمين، ولا يلحق مَنْ له حسناتٌ تمحو سيِّئاته، ولا يلحق المشفوعَ له والمغفور له؛ فإنَّ الذنوب تزول عقوبتُها التي هي جهنَّمُ بأسباب التوبة والحسناتِ الماحية والمصائبِ المكفِّرة»(٢٠).
    أمَّا حكمُ لعنِ المعيَّن فهو مَحَلُّ اختلافٍ بين السلف، وسببُ اختلافِهم تعارُضُ النصوصِ الشرعية بين مُبيحةٍ للَّعن بالكفر والفسق والابتداع، وأخرى محرِّمةٍ للَّعن: كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه مسلمٌ: «إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ»(٢١)، وفي حديثٍ آخَرَ صحيحٍ: «لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا»(٢٢)، وفي حديثٍ آخَرَ: «لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ»(٢٣)، وغيرها مِنَ الأحاديث الثابتة، وفي الجمع بين هذه النصوصِ الشرعية تظهر وجوهُه على الصور التالية:
    ١ ـ فمَنْ حَمَلَ نصوصَ التحريمِ وما فيها مِنْ وعيدٍ في حقِّ المعيَّن، ونصوصَ الإباحةِ في حقِّ غيرِ المعيَّن؛ قال: لا يجوز ـ بحالٍ ـ لعنُ المعيَّن، سواءٌ كان كافرًا أو فاسقًا، وذَهَبَ إلى هذا القولِ القاضي عياضٌ وابنُ المُنَيِّر والغزَّاليُّ والنوويُّ وغيرُهم(٢٤)، قال القاضي عياضٌ ـ رحمه الله ـ: «ولعنُ الجنسِ جائزٌ؛ لأنَّ الله تعالى قد أَوْعَدَهم، ويُنْفِذُ الوعيدَ على مَنْ شاء منهم، وإنما يُكْرَه ويُنهى عن لعنِ المعيَّن والدعاءِ عليه في الإبعاد مِنْ رحمة الله تعالى، وهو معنى اللعن»(٢٥)، وقال النوويُّ ـ رحمه الله ـ في مَعْرِض شرحِ حديثِ: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ..»(٢٦): «هذا دليلٌ لجوازِ لعنِ غيرِ المعيَّن مِنَ العُصاة؛ لأنه لعنٌ للجنس لا لمعيَّنٍ، ولعنُ الجنسِ جائزٌ؛ كما قال اللهُ تعالى: ﴿أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ١٨﴾ [هود]، وأمَّا المعيَّن فلا يجوز لعنُه»(٢٧).
    ٢ ـ ومَنْ نَظَرَ إلى معنى اللعنِ الذي هو الطردُ والإبعاد مِنْ رحمة الله فرَّق بين لعنِ الكافر ولعنِ المسلم الفاسق، ورأى أنَّ الكافر يستحقُّ اللعنَ والطرد مِنَ الرحمة فيجوز لعنُ المعيَّن منه، وحَمَلَ النصوصَ المبيحة على جوازِ لعنِ الكافر، وأمَّا المسلم الفاسق فلا يستحقُّ اللعنَ إذ تُرجى له الرحمةُ والمغفرة؛ قال: لا يجوز لعنُ المسلم الفاسق، وحَمَلَ نصوصَ التحريمِ على هذا المعنى، وبهذا قال بعضُ الحنابلة كالقاضي أبي يعلى(٢٨).
    ٣ ـ ومَنْ فرَّق بين المُسْتحِقِّ للَّعنِ وغيرِ المُسْتحِقِّ له حَمَلَ النصوصَ المُبيحة للَّعن على مُسْتَحِقِّه مطلقًا، سواءٌ كان معيَّنًا أو غيرَ معيَّنٍ، كافرًا كان أو مسلمًا فاسقًا، وحَمَلَ نصوصَ التحريمِ في حقِّ مَنْ لا يستحقُّ اللعنَ، وقال يجوز لعنُ المُسْتحِقِّين مطلقًا دون غيرِ المُسْتحِقِّين مطلقًا، وعلى هذا القولِ جمهورُ علماءِ السلف كمالكِ بنِ أنسٍ ويزيدَ بنِ هارون وغيرِهم على ما نُقِل عنهم مِنْ لعنِ بعضِ المعيَّنين مِنْ أهل البِدَعِ والضلال كبشرٍ المرِّيسيِّ وعمرو بنِ عُبَيْدٍ وجهمِ بنِ صفوانَ وجَعْدِ بنِ درهمٍ وغيرِهم، وذلك إذا تحقَّقَتْ فيه شروطُ اللعنِ وانتفَتْ عنه الموانعُ، ويؤيِّد هذا القولَ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ؛ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ؛ فَأَيُّ المُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْتُهُ؛ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ»(٢٩)، وفي حديثِ أنسٍ رضي الله عنه: «...فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»(٣٠)، وما دلَّتْ عليه هذه الأحاديثُ مِنْ أمورِ الأذيَّة والشتمِ واللعن والجَلْدِ لبعضِ المعيَّنين مِنَ المسلمين إنما وقعَتْ باجتهاده صلَّى الله عليه وسلَّم لقوله: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ»، وقولُه في الروايةِ الأخرى: «لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ» يُفْهَم منها أنَّ اللعنة لا تكون إلَّا بنصٍّ أو بوحيٍ مِنْ جهةٍ، ومِنْ جهةٍ أخرى أنه يُفْهَم مِنَ الحديثِ جوازُ اللعنةِ للمُسْتَحِقِّين لها؛ بدليلِ قوله: «لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ»، فيبقى الحكمُ فيها غيرَ منسوخٍ؛ وبذلك يظهر جوازُ لعنِ مَنْ دلَّتِ النصوصُ على لَعْنِه بفعله مِنْ معيَّنٍ مسلمٍ فاسقٍ أو كافرٍ إذا ما تحقَّقَتِ الشروطُ المُوجِبةُ للَّعن، وانتفَتْ فيه الموانعُ مِنْ لَعْنِه، وبخاصَّةٍ إذا كان قصدُ اللاعنِ مِنْ وراءِ لعنِ المبتدِعِ المعيَّن تحذيرَ العامَّةِ مِنْ خَطَرِه وضَرَرِه وتنفيرَهم منه بتقبيحِ فعلِه والدعاءِ عليه بما يحدُّ مِنِ انتشارِ شُبُهاته وضلالاته على غيرِ المتبصِّرين بأمورِ دينهم؛ فاستحقاقُ المُبتدِعِ المُلازِم لبدعته الداعي إليها للَّعن إنما يدخل في ضِمْنِ مبدإِ إنكارِ المنكر وجهادِ المُفْسِدين للدين مِنَ الغُلاة والمُبْطِلين وأضرابهم.
    هذا، وإِنْ كان القولُ الأخير هو الأقوى حجَّةً والأصحَّ نظرًا إلَّا أنَّ الأحبَّ إليَّ الإمساكُ عن لعنِ المعيَّن؛ لتوقُّفِ بعضِ السلف عن لعنِ بعضِ المعيَّنين ـ مِنْ جهةٍ ـ وإِنْ كان توقُّفُهم لا يدلُّ على اعتقادهم بحُرْمَته، وخشيةَ أَنْ يُسْتعمَل اللعنُ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ في غيرِ وجهه الصحيح، أو يُباشِرَه مَنْ لا يُعْرَف له قَدْرٌ مِنَ العلم والفقه والتقوى والورع، وبالنظر لغيابِ السلطة الشرعية الزاجرة فالأليقُ ـ عندي ـ الإمساكُ عن لعنِ المعيَّن لئلَّا يتذرَّع المبتدِعُ لاستخدامه على أهل الهدى؛ انتقامًا لنَفْسِه، وجهلًا بشَرَفِ السنَّة ومَقامِها، وطعنًا في أهلها، وحقدًا على رُوَّادها.
    والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
    الجزائر في: ٢٢ من المحرَّم ١٤٣٤ﻫ
    الموافق ﻟ: ٠٦ ديسمـبر ٢٠١٢


    (١) انظر: «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (١٥٨٨).
    (٢) انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٥٥).
    (٣) انظر: «المعجم الوسيط» (٢/ ٨٢٩).
    (٤) انظر: «مفردات ألفاظ القرآن» للراغب الأصفهاني (٤٧١).
    (٥) «إكمال المُعْلِم» للقاضي عياض (٥/ ٥٠٠).
    (٦) أخرجه مسلمٌ في «الأضاحي» (١٩٧٨) مِنْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه.
    (٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحدود» بابُ لعنِ السارق إذا لم يُسَمَّ (٦٧٨٣)، ومسلمٌ في «الحدود» (١٦٨٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
    (٨) أخرجه بهذا اللفظِ الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (٩/ ١٣١) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما، وأخرجه بلفظٍ قريبٍ مِنْ هذا: أحمدُ في «المسند» (٧٠٨٣)، والحاكم في «المستدرَك» (٨٣٤٦). وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٦٨٣).
    (٩) أخرجه البخاريُّ في «اللباس» باب: المتشبِّهون بالنساء والمتشبِّهات بالرجال (٥٨٨٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
    (١٠) أخرجه البخاريُّ في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» بابُ إثمِ مَنْ آوى مُحْدِثًا (٧٣٠٦)، ومسلمٌ ـ واللفظُ له بتمامه ـ في «الحجِّ» (١٣٦٦)، مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.
    (١١) «فتح الباري» لابن حجر (١٣/ ٢٧٩).
    (١٢) تقدَّم قريبًا طَرَفٌ آخَرُ منه مِنْ حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، انظر تخريجه: (الهامش ٦).
    (١٣) «شرح النووي على مسلم» (٩/ ١٤٠).
    (١٤) أخرجه البخاريُّ في «الصلاة» باب الصلاة في البِيعة (٤٣٥)، ومسلمٌ في «المساجد ومواضع الصلاة» (٥٣١)، مِنْ حديثِ عائشة وابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم.
    (١٥) انظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة» للَّالَكائي (٢/ ٧٠٦).
    (١٦) انظر: المصدر السابق (٤/ ١٢٣٣).
    (١٧) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ١٥).
    (١٨) أخرجه أحمد في «المسند» (٥٧١٦)، وأبو داود في «الأشربة» باب العنب يُعْصَر للخمر (٣٦٧٤) وغيرُهما، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٨/ ٦٩٨)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٥٠٩١).
    (١٩) أخرجه البخاريُّ في «الحدود» بابُ ما يُكره مِنْ لعنِ شاربِ الخمر وأنه ليس بخارجٍ مِنَ الملَّة (٦٧٨٠) مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه.
    (٢٠) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٠/ ٣٢٩ ـ ٣٣٠).
    (٢١) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٩٨) مِنْ حديثِ أبي الدرداء رضي الله عنه.
    (٢٢) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٩٧) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
    (٢٣) أخرجه البخاريُّ في «الأدب» باب: مَنْ كفَّر أخاه بغيرِ تأويلٍ فهو كما قال (٦١٠٥)، ومسلمٌ في «الإيمان» (١١٠)، مِنْ حديثِ ثابت بنِ الضحَّاك رضي الله عنه.
    (٢٤) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (١٢/ ٧٦).
    (٢٥) «إكمال المُعْلِم» لعياض (٥/ ٥٠٠).
    (٢٦) سبق تخريجه، انظر: (الهامش ٧).
    (٢٧) «شرح صحيح مسلم» للنووي (١١/ ١٨٥).
    (٢٨) انظر: «الآداب الشرعية» لابن مُفْلِح (١/ ٣٦٩).
    (٢٩) أخرجه البخاريُّ في «الدعوات» بابُ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ آذَيْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً» (٦٣٦١)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٦٠١)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
    (٣٠) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٦٠٣) مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.
    <span style="font-family:arabic typesetting;"><font size="5"><span style="color:#0000ff;">https://ferkous.com/home/?q=art-mois-79
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •