الشموخ
وليد قصاب


فِي غَزَّةٍ نَبَتَ الشُّمُوخُ وَأَثْمَرَا *** وَتَجَاوَزَتْ أَغْصَانُهُ هَامَ الذُّرَا
وَزَهَا الإِبَاءُ وَرَاحَ يَعْزِفُ لَحْنَهُ *** فَشَدَتْ بِهِ شَفَةُ المَدَائِنِ وَالقُرَى
الصَّامِدُونَ، الصَّابِرُونَ جَبِينُهُمْ *** أَبَدًا لِغَيْرِ اللَّهِ لَنْ يَتَعَفَّرَا
أَرْذَالُ أَهْلِ الأَرْضِ قَدْ جَمَعُوا لَهُمْ *** جُوعًا وَتَشْرِيدًا وَمَوْتًا أَحْمَرَا
لَكِنَّهُمْ نَحْوَ السَّمَاءِ رُؤُوسُهُمْ *** وَاللَّهُ يَنْصُرُ مَنْ بِهِ إِسْتَنْصَرَا
لا تَرْقُبِي يَا غَزَّةٌ فِي جِيلِنَا *** شَهْمًا إِلَى نَصْرِ الضَّعِيفِ مُشَمِّرَا
رُبَّانُنَا فِي سُكْرِهِ مُسْتَغْرِقٌ *** يَصْحُو وَيَرْجِعُ بَعْدَهَا كَيْ يَسْكَرَا
وَلَعَلَّهُ رَضَعَ المَذَلَّةَ يَافِعًا *** وَبِكُلِّ أَثْوَابِ الخُنُوعِ تَأَزَّرَا
رَبَّوْهُ لا يَعْدُو لِلَهْفَةِ ضَارِعٍ *** وَإِذَا يُنادَى لِلْفِدَاءِ اسْتَدْبَرَا
فَاصْبِرْ أَخِي المَظْلُومَ وَاشْمَخْ صَامِدًا *** لابُدَّ يَوْمًا أَنْ تَعُودَ مُظَفَّرَا
لا يُسْلِمُ المَجْدُ الرَّفِيعُ قِيَادَهُ *** طُولَ المَدَى إِلاَّ فَتَاهُ الأَصْبَرَا
يَا غَزَّةَ الأَمْجَادِ بِئْسَتْ أُمَّةٌ *** لا تَصْحَبُ الصِّمْصَامَ كَيْ تَتَحَرَّرَا
سِلْمُ اليَهُودِ خُرَافَةٌ، لَم يَعْرِفِ التْ *** تَارِيخُ مِنْهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ أَغْدَرَا
فُطِرَتْ يَهُودُ عَلَى الخَسَاسَةِ وَالخَنَا *** فَعَلَى طِبَاعٍ غَيْرِهَا لَنْ تُفْطَرَا
وَالمُدَّعُونَ حَضَارَةً مِنْ خَلْفِهَا *** وَبِطَبْلِهِمْ عَزَفَ الغَبِيُّ وَزَمَّرَا
هُمْ جَوَّعُوا فِي غَزَّةٍ أَطْفَالَنَا *** هُمْ يَسْفِكُونَ دِمَاءَهُمْ فَوْقَ الثَّرَى
فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْ رُبُوعِ مَدِينَتِي *** يَخْتَالُ سَيْفُ ضَلالِهِمْ مُتَجَبِّرَا
يَا أُمَّةَ المِلْيَارِ إِنِّي شَاعِرٌ *** شِعْرِي تَضَرَّمَ بِالأَسَى فَتَفَجَّرَا
لو صُغْتُه ذَا اليَوْمَ مُفْتَخِرًا بِكُمْ *** لَكِنَّ حُزْنِي أَنَّنِي لَنْ أَفْخَرَا
بَلْ غَزَّةٌ يَوْمَ الفَخَارِ قَصِيدَتِي *** فِي تُرْبِهَا زُرِعَ الشُّمُوخُ وَأَزْهَرَا
وَلَسَوْفَ تُهْدِي الخَيِّرِينَ شُمُوخَهَا *** وَتُعَلِّمُ التَّارِيخَ دَرْسًا أَخْضَرَا
لا تَيْأَسِي يَا أُخْتُ إِنَّا أُمَّةٌ *** لا بُدَّ يَوْمًا أَنْ تَثُورَ وَتَطْهُرَا
مَا أُمَّةُ المِلْيَارِ تُضْحِي سِلْعَةً *** وَتُبَاعُ فِي سُوقِ العَبِيدِ وَتُشْتَرَى
بَلْ أُمَّةُ المِلْيَارِ آتٍ فَجْرُهَا *** فَبِفَضْلِهَا هَذَا الوُجُودُ تَحَرَّرَا
مِنْ قَلْبِ قَلْبِ اللَّيْلِ يَبْزُغُ بَارِقٌ *** فَتَرَى الظَّلامَ أَمَامَهُ مُتَقَهْقِرَا
إِنَّ اليَهُودَ سَحَابَةٌ فِي أَرْضِنَا *** لابُدَّ يَوْمًا أَنْ تَزُولَ وَتُدْحَرَا