قال العقيلي في «الضعفاء» (1/ 257): «ولا يثبت في الجهر بها حديث مسند».
وقال ابن الجوزي في «التحقيق» (1/ 356، 357): «وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسن بمن له علم بالنقل أن يعارض بها الأحاديث الصحاح، ولولا أن يعرض للمتفقه شبهة عند سماعها فيظنها صحيحة لكان الإضراب عن ذكرها أولى، ويكفي في هجرانها إعراض المصنفين «للمسانيد» و«السنن» عن جمهورها، وقد ذكر الدارقطني منها طرفًا في «سننه» فبين ضعف بعضها وسكت عن بعضها، وقد حكى لنا مشايخنا أن الدارقطني لما ورد مصر سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر فصنف فيه جزءًا، فأتاه بعض المالكية فأقسم عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك، فقال: كل ما روي عن النبي ﷺ من الجهر فليس بصحيح، فأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف»اهـ.
وقال ابن قدامة في «المغني» (2/ 151): «وسائر أخبار الجهر ضعيفة؛ فإن رواتها هم رواة الإخفاء، وإسناد الإخفاء صحيح ثابت بغير خلاف فيه، فدل على ضعف رواية الجهر، وقد بلغنا أن الدارقطني قال: لم يصح في الجهر حديث»اهـ.
وقال الزيلعي في «نصب الراية» (1/ 355): «وبالجملة، فهذه الأحاديث كلها ليس فيها صريح صحيح، بل فيها عدمهما، أو عدم أحدهما، وكيف تكون صحيحة وليست مخرجة في شيء من «الصحيح»، ولا «المسانيد»، ولا «السنن»، المشهورة؟! وفي روايتها الكذابون، والضعفاء، والمجاهيل الذين لا يوجدون في «التواريخ»، ولا في كتب الجرح والتعديل؛ كعمرو بن شمر، وجابر الجعفي، وحصين بن مخارق، وعمرو بن حفص المكي، وعبد الله بن عمرو بن حسان، وأبي الصلت الهروي، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وابن أبي علي الأصبهاني، الملقب بجراب الكذب، وعمرو بن هارون البلخي، وعيسى بن ميمون المدني، وآخرون أضربنا عن ذكرهم، وكيف يجوز أن تعارض برواية هؤلاء ما رواه البخاري ومسلم في «صحيحيهما» من حديث أنس الذي رواه عنه غير واحد من الأئمة الأثبات؛ ومنهم قتادة الذي كان أحفظ أهل زمانه، ويرويه عنه شعبة الملقب بأمير المؤمنين في الحديث، وتلقاه الأئمة بالقبول، ولم يضعفه أحد بحجة إلا من ركب هواه، وحمله فرط التعصب على أنْ علَّلَه ورده باختلاف ألفاظه، مع أنها ليست مختلفة، بل يصدق بعضها بعضًا، كما بيَّنا، وعارضه بمثل حديث ابن عمر الموضوع، أو بمثل حديث معاوية الضعيف، ومتى وصل الأمر إلى مثل هذا، فجعل الصحيح ضعيفًا، والضعيف صحيحًا، والمعلل سالمًا من التعليل، والسالم من التعليل معللًا سقط الكلام، وهذا ليس بعدل، والله يأمر بالعدل، وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب... وأنا أحلف بالله، وبالله لو اطلع البخاري على حديث منها موافق بشرطه، أو قريبًا من شرطه لم يخل منه كتابه، ولا كذلك مسلم، ولئن سلمنا فهذا أبو داود والترمذي وابن ماجه مع اشتمال كتبهم على الأحاديث السقيمة والأسانيد الضعيفة لم يخرجوا منها شيئًا، فلولا أنها عندهم واهية بالكلية لما تركوها، وقد تفرد النسائي منها بحديث أبي هريرة، وهو أقوى ما فيها عندهم، وقد بيَّنا ضعفه، والجواب عنه من وجوه متعددة، وأخرج الحاكم منها حديث علي, ومعاوية، وقد عرف تساهله، وباقيها عند الدارقطني في «سننه» التي هي مجمع الأحاديث المعلولة، ومنبع الأحاديث الغريبة»اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في «الفتح» (6/ 406): «فمن اتقى وأنصف عَلِم أن حديث أنس الصحيح الثابت لا يُدفع بمثل هذه المناكير والغرائب والشواذ التي لم يرض بتخريجها أصحاب الصحاح، ولا أهل السنن، مع تساهل بعضهم فيما يخرجه، ولا أهل المسانيد المشهورة مع تساهلهم فيما يخرجونه - إلى أن قال -: ولولا خشية الإطالة لذكرنا كل حديث احتجوا به، وبيان أنه لا حجة فيه على الجهر؛ فإنها دائرة بين أمرين: إما حديث صحيح غير صريح، أو حديث صريح غير صحيح»اهـ.