تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فلاتغرنكم .....

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    2,101

    افتراضي فلاتغرنكم .....

    بسم الله الرحمن الرحيم


    ماهو الغرور الحياة الدنيا الذي نهى الله عنه ؟؟؟

    الغرور بها هو الاشتغال بها وإيثارها على الآخرة حباًلها وتعظيماً لها، وتلذذاً بها،


    ولذلك نهى الله عن ذلك فقال(فلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )قال سعيد بن جبير،غرور الحياة الدنيا،أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة،يعني بما فيها من المتاع،فالعاقل لا تغره هذه المظاهر ولا يشغل بها عن الآخرة


    ولكن يعد العدة للآخرة ويستعين بهذه النعم على طاعة الله جل وعلا،


    أما من غلب عليه الشيطان والهوى لضعف إيمانه وقلة بصيرته


    فإنه قد يغتر بهذه المظاهر ويلهو بها،ويشغل بها عن الآخرة وينسى حق الله عليه، فيهلك،


    وفرة الأموال وكثرتها،ونضارة الدنيا وزهرتها،ورغد العيش،والتقلب في العافية والشعور بِالاطمئنان،نعم عظيمة وآلاء جسيمة يتفضل بها المنعم الكريم،سبحانه وتعالى،على من يشاء من عباده،ليحمدوه ويشكروه ويطيعوه،وليبذلو ها فيما يرضيه عنهم،


    غير أنها في المقابل قد تغر كثيراً من الجهلة وتخدع الأغرار


    فتنسيهم ما يجب لله عليهم وتصرفهم عن أداء ما فرضه


    وتدفعهم إلى التقصير في حقه والتمادي في مخالفة أمره


    ولذا فقد نادى،جل وعلا،الإنسان المغتر وذكره بما له عليه من جليل النعمِ،فقال،جل وعلا

    ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم،الَّذ ِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك،فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾الان طار،


    إن الغرور خدعة من الشيطان للإِنسان،تنسيه ما كان عليه،فيرضى بالحياة الدنيا ويطمئن إِليها،ويغفل عن آيات ربه ويعرض عنها، وتسكن نفسه إلى ما يوافق هواه،وتشتبه عليه الأمور وتختلط لديه المفاهيم


    فيعتقد أنه على صواب وأنه يسير في درب الخير،وما يدري أنه قد يكون في وهم وغرور،


    وقال،سبحانه،عن ذلك الكافر الذي حاور صاحبه المؤمن


    ﴿ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا،وَدَخَل َ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أن تبيد هذه أبداً،وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾الكهف،



    إنه الظن الفاسد والوهم الباطل والغرور القاتل،حين يرى الإنسان أن إِعطاءه الأموال وإِمهاله وهو يسرِف في شهواته،دليل على علو شأنه عند اللهِ ومحبته له وإكرامه،وما علم أن كل ذلك المتاعِ الدنيوي،قد يكون استدراجاً له ليتمادى في باطله


    قال،سُبحَانَه﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾


    التوبة،

    وفي الأثر(إن الله،تعالى،قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أَرزاقكم،

    وإِن الله،تعالى،يعطي المال من أحب ومن لا يحب،ولا يعطي الإيمان إلا من يحب) ( رجح البخاري وقفه )


    وقَال،علَيه الصلاة والسلام(إن الله،تَعالى،لَي حمِي عبده المؤمن منَ الدنيا وهو يحبه،كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافونَ علَيه)رواه الإمام أحمد،وصححه الألباني ( صحيح الجامع 1814)


    لَقد تمادى الغرور بكثيرِين،فَفَرط ُوا في الأعمال الصالحة،وأغرقوا في المعاصي والخطايا وسوفوا في التوبة


    اعتماداً على كريم صفح اللهِ،وطمعاً في واسعِ عفوه،


    وغفلوا عن أنه،تعالى قَد قَال﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾المائدة،


    فَعن عائشة،رضي اللهُ عنها،قَالت،سألت رسول الله عن هذه الآية(وَالَّذِي َ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)المؤمن ن،


    قالت عائشة،أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون،قال(لا يا بنت الصديق،ولَكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات)

    رواه الترمذي وصححه الألباني،


    فلا يغتر أحد بوفرة مال أَو كثرة ولد،أَو طول عمر أَو كمال صحة، أو علو منصب أَو شرف نسب،


    أَو كثرة عباده،ولا يشغلنكم تزيين الظواهر فتغفلوا عن إصلاح البواطن،


    فقد قال نبينا،صلى الله عليه وسلم(إِنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إِلى صُوَرِكُم وَأَموَالِكُم، وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلى قُلُوبِكُم وَأعمَالِكُم)رو ه مسلم


    فاحرصوا على تقوى ربكم،وأطيعوه ولا تعصوه،واشكروه ولا تكفروه،واحمدوه، بفعل أَوامرِه رجاء ثوابِه،وترك معاصيه خوفاً من عقابه، فَـ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾المائدة،


    وإنه لمن أَعظمِ الغرور،أَن يتابع المولى على عبده النعم ويواليها برحمته وفضله،ثم ترى ذلك العبد مقيماً على معصية مولاه مصراً على مخالفة أمره،ظانا أنه إنما أعطي ما أعطي لجدارته به واستحقاقه إياه،غافلاً عن أن من العطاء ما يكون استدراجاً لصاحبه وإمهالاً،ولا يغرنكم إمهال الله تعالى،للمسيئين،


    فقد قال،صلى الله عليه وسلم(إن اللهَ لَيملي للظالمِ حتى إذا أخذه لم يفلته)

    ثم قرأ قوله،تعالى﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾هود،رواه البخاري ومسلم،

    ( منقول )

  2. #2

    افتراضي رد: فلاتغرنكم .....

    جزاك الله خيرًا ، ونفعنا الله بك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    2,101

    افتراضي رد: فلاتغرنكم .....

    واياك

    بارك الله فيك .....

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    2,101

    افتراضي رد: فلاتغرنكم .....

    اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)

    قول تعالى موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها :

    ( أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد )

    أي : إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا ، كما قال : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) [ آل عمران : 14 ]


    ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال : ( كمثل غيث ) وهو : المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس ، كما قال : ( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ) [ الشورى : 28 ]


    وقوله : ( أعجب الكفار نباته ) أي : يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث ; وكما يعجب الزراع ذلك كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار ، فإنهم أحرص شيء عليها ، وأميل الناس إليها ،

    ( ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ) أي : يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعد ما كان خضرا نضرا ، ثم يكون بعد ذلك كله حطاما ، أي : يصير يبسا متحطما ، هكذا الحياة الدنيا تكون أولا شابة ، ثم تكتهل ، ثم تكون عجوزا شوهاء ، والإنسان كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف ، بهي المنظر ، ثم إنه يشرع في الكهولة ، فتتغير طباعه وينفد بعض قواه ، ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ، ضعيف القوى ، قليل الحركة ، يعجزه الشيء اليسير ،

    كما قال تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) [ الروم : 54 ] .

    ولما كان هذا المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة ، وأن الآخرة كائنة لا محالة ، حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير ،

    فقال : ( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )

    أي : وليس في الآخرة الآتية القريبة إلا إما هذا وإما هذا : إما عذاب شديد ، وإما مغفرة من الله ورضوان .


    وقوله : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )

    أي : هي متاع فان غار لمن ركن إليه فإنه يغتر بها وتعجبه حتى يعتقد أنه لا دار سواها ولا معاد وراءها ، وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى الدار الآخرة .

    تفسير ابن كثير

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    2,101

    افتراضي رد: فلاتغرنكم .....

    قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

    (وأعظم الخلق غرورا من اغتر بالدنيا وعاجلها، فآثرها على الآخرة، ورضي بها من الآخرة،

    حتى يقول بعض هؤلاء: الدنيا نقد، والآخرة نسيئة، والنقد أحسن من النسيئة.

    ويقول بعضهم: ذرة منقودة، ولا درة موعودة.

    ويقول آخر منهم: لذات الدنيا متيقنة، ولذات الآخرة مشكوك فيها، ولا أدع اليقين بالشك.


    وهذا من أعظم تلبيس الشيطان وتسويله، والبهائم العجم أعقل من هؤلاء؛

    فإن البهيمة إذا خافت مضرة شيء لم تقدم عليه ولو ضربت، وهؤلاء يقدم أحدهم على ما فيه عطبه، وهو بين مصدق ومكذب.

    فهذا الضرب إن آمن أحدهم بالله ورسوله ولقائه والجزاء، فهو من أعظم الناس حسرة، لأنه أقدم على علم، وإن لم يؤمن بالله ورسوله فأبعد له.

    وقول هذا القائل: النقد خير من النسيئة.

    جوابه أنه إذا تساوى النقد والنسيئة فالنقد خير، وإن تفاوتا وكانت النسيئة أكبر وأفضل فهي خير، فكيف والدنيا كلها من أولها إلى آخرها كنفس واحد من أنفاس الآخرة؟


    كما في مسند أحمد والترمذي من حديث المستورد بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع؟".


    فإيثار هذا النقد على هذه النسيئة، من أعظم الغبن وأقبح الجهل، وإذا كان هذا نسبة الدنيا بمجموعها إلى الآخرة، فما مقدار عمر الإنسان بالنسبة إلى الآخرة، فأيما أولى بالعاقل؟

    إيثار العاجل في هذه المدة اليسيرة، وحرمان الخير الدائم في الآخرة، أم ترك شيء حقير صغير منقطع عن قرب، ليأخذ ما لا قيمة له ولا خطر له، ولا نهاية لعدده، ولا غاية لأمده؟


    وأما قول الآخر: لا أترك متيقنا لمشكوك فيه، فيقال له: إما أن تكون على شك من وعد الله ووعيده وصدق رسله، أو تكون على يقين من ذلك،

    فإن كنت على اليقين فما تركت إلا ذرة عاجلة منقطعة فانية عن قرب، لأنه متيقن لا شك فيه ولا انقطاع له.


    وإن كنت على شك فراجع آيات الرب تعالى الدالة على وجوده وقدرته ومشيئته، ووحدانيته، وصدق رسله فيما أخبروا به عن الله، وتجرد وقم لله ناظرا أو مناظرا، حتى يتبين لك أن ما جاءت به الرسل عن الله فهو الحق الذي لا شك فيه، وأن خالق هذا العالم ورب السماوات والأرض يتعالى ويتقدس ويتنزه عن خلاف ما أخبرت به رسله عنه، ومن نسبه إلى غير ذلك فقد شتمه وكذبه، وأنكر ربوبيته وملكه، إذ من المحال الممتنع عند كل ذي فطرة سليمة، أن يكون الملك الحق عاجزا أو جاهلا، لا يعلم شيئا، ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم، ولا يأمر ولا ينهى، ولا يثيب ولا يعاقب، ولا يعز من يشاء، ولا يذل من يشاء، ولا يرسل رسله إلى أطراف مملكته ونواحيها، ولا يعتني بأحوال رعيته، بل يتركهم سدى ويخليهم هملا، وهذا يقدح في ملك آحاد ملوك البشر ولا يليق به، فكيف يجوز نسبة الملك الحق المبين إليه؟


    وإذا تأمل الإنسان حاله من مبدأ كونه نطفة إلى حين كماله واستوائه تبين له أن من عني به هذه العناية، ونقله إلى هذه الأحوال، وصرفه في هذه الأطوار، لا يليق به أن يهمله ويتركه سدى، لا يأمره ولا ينهاه ولا يعرفه بحقوقه عليه، ولا يثيبه ولا يعاقبه، ولو تأمل العبد حق التأمل لكان كل ما يبصره وما لا يبصره دليلا له على التوحيد والنبوة والمعاد، وأن القرآن كلامه، وقد ذكرنا وجه الاستدلال بذلك في كتاب إيمان القرآن عند قوله: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ - وَمَا لَا تُبْصِرُونَ - إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [سورة الحاقة: 38 - 40] .


    وذكرنا طرفا من ذلك عند قوله: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [سورة الذاريات: 21] .


    وأن الإنسان دليل نفسه على وجود خالقه وتوحيده، وصدق رسله، وإثبات صفات كماله.

    فقد بان أن المضيع مغرور على التقديرين: تقدير تصديقه ويقينه، وتقدير تكذيبه وشكه.

    كيف يجتمع اليقين بالمعاد، والتخلف عن العمل؟

    فإن قلت: كيف يجتمع التصديق الجازم الذي لا شك فيه بالمعاد والجنة والنار ويتخلف العمل؟ وهل في الطباع البشرية أن يعلم العبد أنه مطلوب غدا إلى بين يدي بعض الملوك ليعاقبه أشد عقوبة، أو يكرمه أتم كرامة، ويبيت ساهيا غافلا لا يتذكر موقفه بين يدي الملك، ولا يستعد له، ولا يأخذ له أهبته.

    قيل: هذا لعمر الله سؤال صحيح وارد على أكثر هذا الخلق، فاجتماع هذين الأمرين من أعجب الأشياء وهذا التخلف له عدة أسباب:

    أحدها: ضعف العلم، ونقصان اليقين، ومن ظن أن العلم لا يتفاوت، فقوله من أفسد الأقوال وأبطلها.

    وقد سأل إبراهيم الخليل ربه أن يريه إحياء الموتى عيانا بعد علمه بقدرة الرب على ذلك، ليزداد طمأنينة، ويصير المعلوم غيبا شهادة.

    وقد روى أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس الخبر كالمعاينة".

    فإذا اجتمع إلى ضعف العلم عدم استحضاره، أو غيبته عن القلب في كثير من أوقاته أو أكثرها لاشتغاله بما يضاده، وانضم إلى ذلك تقاضي الطبع، وغلبات الهوى، واستيلاء الشهوة، وتسويل النفس، وغرور الشيطان، واستبطاء الوعد، وطول الأمل، ورقدة الغفلة، وحب العاجلة، ورخص التأويل وإلف العوائد، فهناك لا يمسك الإيمان إلا الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، وبهذا السبب يتفاوت الناس في الإيمان والأعمال، حتى ينتهي إلى أدنى مثقال ذرة في القلب.


    وجماع هذه الأسباب يرجع إلى ضعف البصيرة والصبر، ولهذا مدح الله سبحانه أهل الصبر واليقين، وجعلهم أئمة في الدين، فقال تعالى: (مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة: 24].

    الداء والدواء (ص: 36)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •