بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فإن من نعم الله تعالى على عباده أن يواليَ مواسم الخيرات عليهم؛ ليوفيَهم أجورهم ويزيدهم من فضله، ويضاعف لهم الحسنات، ويكفر عنهم السيئات، ويرفع لهم الدرجات؛ ومن هذه المواسم: العشر الأواخر من رمضان، فلقد أكرمنا الله بهذه الليالي المباركات؛ فهي خير ليالي العام، وشرع لنا فيها عبادات جليلة ترفع قدرنا ودرجاتنا، وتغفر ذنوبنا وخطايانا، ورزقنا فيها بليلة مباركة هي خير من ألف شهر، من قامها إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.
ومن أبرز العبادات التي اختص الله فيها العشر الأواخر من رمضان: عبادة الاعتكاف، والاعتكاف شرعًا هو المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى، ومن شروطه أن يكون في مسجد، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في غير مسجد؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187]، وعن عائشةرضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ((وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُدخل عليَّ رأسه وهو في المسجد، فأُرجِّله - يعني: أمشط شعره - وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا))؛ [رواه البخاري ومسلم].
ولقد ابتلانا الله عز وجل بانتشار وباء فيروس كورونا المستجد؛ ما أدى إلى إغلاق المساجد، ومن ثَمَّ لم يعد بالإمكان أداء عبادة الاعتكاف كما يفعلها المسلمون كل عام؛ ومن هنا جاء هذا المقال ليوضح للمسلمين كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان في البيوت في زمن إغلاق المساجد، وذلك من خلال بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام العشر الأواخر من رمضان، ومن ثم اقتراح بعض أوجه العبادات؛ ليحافظ المسلمون عليها في هذه الليالي المباركات، وبيان ذلك على النحو الآتي:
أولًا: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان:
1- الاجتهاد في طاعة الله جل جلاله:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره))؛ [رواه مسلم]؛ قال الملا علي القاري رحمه الله في شرح هذا الحديث: "والأظهر أنه يجتهد في زيادة الطاعة والعبادة ((ما لا يجتهد في غيره))؛ أي: في غير العشر؛ رجاء أن يكون ليلة القدر فيه، أو للاغتنام في أوقاته، والاهتمام في طاعته، وحسن الاختتام في بركاته"؛ [مرقاة المفاتيح: (4/ 515)].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر))؛ [رواه البخاري ومسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "اختلف العلماء في معنى: ((شد المئزر))؛ فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادةً على عادته صلى الله عليه وسلم في غيره، ومعناه: التشمير في العبادات، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري؛ أي: تشمرت له وتفرغت، وقيل: هو كنايةٌ عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات، وقولها: ((أحيا الليل))؛ أي: استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها ... ففي هذا الحديث: أنه يستحب أن يُزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان، واستحباب إحياء لياليه بالعبادات"؛ [شرح النووي على مسلم: (8/ 250)].
وقد رجح الحافظ ابن حجر رحمه الله أن معنى: ((شد مئزره)): اعتزل النساء، فقال: "قوله: ((شد مئزره))؛ أي: اعتزل النساء، وبذلك جزم عبد الرزاق عن الثوري، واستشهد بقول الشاعر:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم *** عن النساء ولو باتت بأطهارِ
وذكر ابن أبي شيبة ع نأبي بكر بن عياش نحوه ... قلت: وقد وقع في روايةعاصم بن ضمرةالمذكورة: ((شد مئزره واعتزل النساء))، فعطفه بالواو فيتقوى الاحتمال الأول"؛ [فتح الباري: (4/ 316)]، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون؛ منهم: سفيان الثوري"؛ [لطائف المعارف: (ص: 342)].
وإحياء الليل يكون باستغراقه في أداء الطاعات؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقوله: ((وأحيا ليله))؛ أي: سهره فأحياه بالطاعة، وأحيا نفسه بسهره فيه؛ لأن النوم أخو الموت، وأضافه إلى الليل اتساعًا؛ لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيا ليله بحياته، وهو نحو قوله: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا))؛أي: لا تناموا فتكونوا كالأموات، فتكون بيوتكم كالقبور"؛ [فتح الباري: (4/ 316)].
واختلف العلماء في المقصود بإحياء الليل: هل المقصود كامل الليل أو معظمه وأكثره؟
قال الإمام العيني رحمه الله في شرح البخاري: "والظاهر والله أعلم معظم الليل، بدليل قولها - يعني: أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها في الحديث الصحيح: ((ما علمته قام ليلة حتى الصباح))"؛ [عمدة القاري: (8/ 264)].
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد روي من حديث عائشة من وجه فيه ضعف بلفظ: ((وأحيا الليل كله))، وفي المسند من وجه آخر عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر - يعني: الأخير - شمر وشد المئزر))، وخرج الحافظ أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعًا وعشرين لم يذُق غمضًا))"؛ [لطائف المعارف: (ص: 339)].
ومما يبين فضيلة قيام العشر الأواخر من رمضان حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ [رواه البخاري ومسلم]؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: "قوله: ((إيمانًا)): أي: تصديقًا بوعد الله بالثواب عليه، ((واحتسابًا)): أي: طلبًا للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه"؛ [فتح الباري: (4/ 296)].
وقد بيَّن الحافظ ابن رجب رحمه الله أن الاجتهاد في العشر الأواخر يكون في ليلها ونهارها فقال: "وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها، وقال الشافعي في القديم: أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر، ليله ونهاره، والله أعلم"؛ [لطائف المعارف: (ص: 368)].
2- إيقاظ الأهل وحثهم على الطاعة:
فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقظ أهله للصلاة والعبادة في هذه الليالي العشر؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر))؛ [رواه البخاري ومسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: "وقولها: ((وأيقظ أهله)): أي: أيقظهم للصلاة في الليل، وجدَّ في العبادة زيادةً على العادة"؛ [شرح النووي على مسلم: (8/ 250)].
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني]، وفي رواية الطبراني في المعجم الأوسط: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة))، وروى الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها: ((لم يكن صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا يطيق القيام إلا أقامه)).
ومن أدلة إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله لقيام الليل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطرق باب علي بن أبي طالب وابنته فاطمة ليلًا فيقول لهما: ((ألا تصليان))؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلةً، فقال: ألا تصليان، فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إليَّ شيئًا، ثم سمعته وهو مولٍّ يضرب فخذه وهو يقول: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴾ [الكهف: 54]))؛ [رواه البخاري ومسلم].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قوله: ((ألا تصليان))؛ قال ابن بطال: فيه فضيلة صلاة الليل، وإيقاظ النائمين من الأهل والقرابة لذلك"؛ [فتح الباري: (3/ 14)].
وقال سفيان الثوري رحمه الله: "أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك"؛ [ابن رجب، لطائف المعارف: (ص: 342)].
ويتأكد إيقاظ الأهل في ليالي الوتر من العشر الأواخر التي تُرجى فيها ليلة القدر؛ والدليل: ما رواه أبو ذر في حديث فيه طولٌ: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم في رمضان حتى بقي سبعٌ، فقام بهم، حتى مضى نحوٌ من ثلث الليل، ثم قام بهم في ليلة خمس وعشرين، حتى مضى نحوٌ من شطر الليل، حتى كانت ليلة سبع وعشرين، فجمع نساءه وأهله، واجتمع الناس، قال: فقام بهم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح؛ يعني: السحور))؛ [رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني].
ومن الأدلة العامة التي تبين فضائل إيقاظ الأهل لقيام الليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء))؛ [رواه أبو داود، وقال عنه الألباني: حسن صحيح]، وحديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعًا، كُتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
3- تحري ليلة القدر:
إن ليلة القدر المباركة هي إحدى ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان التي يسن فيها الاجتهاد في العبادة؛ لتحصيل عظيم أجرها، وهي آكد في الأوتار من العشر الأواخر من رمضان؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فالتمسوها - أي: ليلة القدر - في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))؛ [رواه البخاري ومسلم].
ومن خصائص ليلة القدر أن الله جل جلاله أنزل فيها القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، وقال أيضًا: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3]، وفي هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والسعداء والأشقياء، والآجال والأرزاق، وكل ما أراده الله جل جلاله في السنة المقبلة؛ [تفسير ابن كثير: (7/ 246)]؛ فقال تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].
ومن خصائص ليلة القدر أن جبريل عليه السلام والملائكة يتنزلون فيها بالخير والبركة؛ قال تعالى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]؛ قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة؛ لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له، وأما الروح فقيل: المراد به ها هنا جبريل عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام، وقيل: هم ضربٌ من الملائكة، كما تقدم في سورة النبأ، والله أعلم"؛ [تفسير ابن كثير: (8/ 444)].
وقد بيَّن الله عز وجل فضيلة ليلة القدر؛ فقال سبحانه: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]، وقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية أن العبادة في ليلة القدر أفضل عند الله جل جلاله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ ففي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر، وألف شهر تعدل ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر؛ [تفسير القرطبي: (20/ 116)، وتفسير ابن كثير: (8/ 443)].
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المحروم من حُرم أجر ليلة القدر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم رمضان شهرٌ مباركٌ فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تُفتَّح فيه أبواب السماء، وتُغلَّق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم))؛ [رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني].
وقيام ليلة القدر من أسباب مغفرة الذنوب بشرطين: أن يكون إيمانًا وتصديقًا بوعد الله بالثواب عليه، واحتسابًا وإخلاصًا لله تعالى لا بقصد الرياء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ [رواه البخاري ومسلم].
وإن السُّنة لمن أدرك ليلة القدر الإكثار من دعاء: ((اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني))؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني))؛ [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
ثانيًا: توصيات لاغتنام العشر الأواخر من رمضان في البيوت:
1- أن يحث رب الأسرة أهل بيته على إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان، ويوقظهم للعبادة، ويبين لهم فضيلة هذه الليالي، ويعدوا خطة تتضمن الترتيب لاغتنام هذه الليالي بين صلاة وتلاوة قرآن، وذكر وتسبيح، واستغفار ودعاء، وغيرها من أوجه الطاعات، بالإضافة إلى شيء من الاستراحة، وتناول بعض الطعام أو الشراب الذي يعينهم على إكمال القيام.
2- الإكثار من الصلاة في ليالي العشر الأواخر من رمضان: فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحط عنك بها خطيئة))؛ [رواه مسلم]، وعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: ((كنتُ أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سَلْ، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غيرَ ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود))؛ [رواه مسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "فيه الحث على كثرة السجود، والترغيب، والمراد به: السجود في الصلاة"؛ [شرح النووي على مسلم: (4/ 153)].
3- ختم القرآن في الصلاة أو خارج الصلاة في العشر الأواخر من رمضان لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا، بأن يختم القرآن قراءة في صلاته؛ بحيث يصلي كل ليلة بثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، أو يقرأ ثلاثة أجزاء خارج الصلاة، فيختم القرآن في الليلة الأخيرة من ليالي العشر الأواخر من رمضان، وقد جاء عن بعض السلف الصالح اجتهادهم في ختم القرآن في العشر الأواخر من رمضان؛ فكان قتادة رحمه الله يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا دخل رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل العشر ختم في كل ليلة مرة؛ [المروزي، مختصر قيام الليل: (ص: 259)].
ويستحب مدارسة القرآن وكثرة تلاوته في جميع شهر رمضان استحبابًا مؤكدًا؛ فقد كان جبريل عليه السلام يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من شهر رمضان يدارسه القرآن؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن))؛ [رواه البخاري].
4- الدعاء في الصلاة عند المرور على آيات الرحمة والعذاب؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فيتعوذ المصلي إذا مر بآية عذاب، ويسأل الله الرحمة إذا مر بآية رحمة، ويسبح إذا مر بآية تسبيح؛ فعن حذيفة قال: ((صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيحٌ سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوُّذٍ تعوَّذ))؛ [رواه مسلم، ورواه الترمذي والنسائي بلفظ: ((إذا مر بآية عذاب وقف وتعوذ))].
5- الإكثار من ذكر الله تعالى:فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورق، وخيرٌ لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
ومن ذكر الله تعالى: التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والحوقلة - يعني: قول: لا حول ولا قوة إلا بالله - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة تبين فضلها؛ ومنها:
أ*- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حُطَّت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر))؛ [متفق عليه].
ب*- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))؛ [متفق عليه].
ت*- عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسةٌ، فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتكِ عليها؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدكِ أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزِنَة عرشه ومداد كلماته))؛ [رواه مسلم].
ث*- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة))؛ [رواه مسلم].
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غُرست له نخلةٌ في الجنة))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقيت إبراهيم ليلة أُسريَ بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني]، وقال الإمام المباركفوري رحمه الله: "قِيعان بكسر القاف: جمع قاع، وهي الأرض المستوية الخالية من الشجر"؛ [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: (9/ 431)].
ج*- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الكلام إلى الله أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت))؛ [رواه مسلم].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس"؛ [رواه مسلم].
وعن أنس رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على شجرة يابسة الورق، فضربها بعصاه، فتناثر الورق، فقال: إن الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتُساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض))؛ [رواه مسلم].
ح*- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرار، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل))؛ [متفق عليه].
خ*- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله))؛ [رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني].
د*- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا عبدالله بن قيس، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله))؛ [متفق عليه].
6- الإكثار من الاستغفار: فعن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة))؛ [رواه مسلم]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرةً))؛ [رواه البخاري]، وعن أبي يسار رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غُفر له، وإن كان فرَّ من الزحف))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وأفضل صيغة للاستغفار لمن أراد أن يستغفر ما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بـــ"سيد الاستغفار"؛ فعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة))؛ [رواه البخاري].
7- الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سببٌ لمغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، وقضاء الحاجات؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى عليَّ صلاةً واحدةً، صلى الله عليه عشر صلوات، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات))؛ [رواه النسائي، وصححه الألباني].
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله، إني أُكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكفى همك، ويُغفر لك ذنبك))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].
8- الإكثار من الدعاء في العشر الأواخر من رمضان: فيدعو المسلم بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، والملاحظ أن هذه الآية وردت وسط الآيات المتعلقة بأحكام الصيام، الأمر الذي نلمس منه أهمية الدعاء في هذا الشهر خاصة، وقبول الدعاء واستجابته عند الله جل جلاله؛ [تفسير ابن عاشور: (2/ 179)].
وإن السنة لمن أدرك ليلة القدر الإكثار من دعاء: ((اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني))؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني))؛ [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
9- اغتنام الثلث الأخير من الليل بالدعاء والسؤال الاستغفار: فإن من أفضل أوقات استجابة الدعاء أن يدعو المسلم في الثلث الأخير من الليل، وهو وقت السحر، ووقت النزول الإلهي؛ فإنه سبحانه وتعالى يتفضل على عباده، فينزل ليقضيَ حاجاتهم ويفرج كرباتهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟))؛ [رواه البخاري ومسلم].
10- الخلوة مع الله جل جلاله: إن المقصد الأساسي لعبادة الاعتكاف الخلوة بالله عز وجل، وترك الانشغال بالدنيا؛ قال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله: "شرع الله عز وجل لعباده الاعتكاف الذي مقصوده وروحه: عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه؛ بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلًا عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم"؛ [ابن القيم، زاد المعاد: (2/ 82، 83].
وعليه؛ ينبغي على المسلم أن يحرص على أن يختليَ بربه في ليالي العشر الأواخر من رمضان في بيته، حتى ولو لجزء من الليل؛ ليناجيَ ربه، ويذكره، ويدعوه، ويتضرع إليه، وينكسر بين يديه، وينشغل به جل جلاله عن الدنيا وما فيها.
11- ختم قيام الليل من العشر الأواخر من رمضان بصلاة الوتر: فإن أداء صلاة الوتر آخر الليل أفضل منه في أوله، وهذا ثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر))؛ [رواه البخاري ومسلم]؛ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: "ترك النبي صلى الله عليه وسلم الوتر من أول الليل ووسطه، واستقر عمله على الوتر من آخره، وإنما كان ينتقل من الفاضل إلى الأفضل"؛ [فتح الباري: (6/ 249)]، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا))؛ [رواه البخاري ومسلم].
12- تناول طعام السحور وتأخيره: إن من سنن الصيام تناول طعام السحور؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركةً))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وإن في تناول طعام السحور مخالفة لأهل الكتاب؛ فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصلٌ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر))؛ [رواه مسلم]، وإن من السنة تأخير طعام السحور؛ فعن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور، قال: قدر خمسين آيةً))؛ [رواه البخاري].
والخلاصة: إن المطلوب من المسلمين في العشر الأواخر من رمضان الاجتهاد في بيوتهم، وإحياء الليل بالصلاة وتلاوة القرآن، والذكر والدعاء والاستغفار، وغيرها من أوجه الطاعات؛ اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وطمعًا في الأجر والثواب، وتحريًا وطلبًا لأجر ليلة القدر التي أخفاها الله جل جلاله عنا؛ ليحصل الاجتهاد في التماسها، فليجتهد كل مسلم في إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان، فمن استطاع أن يقوم الليل كله، فهذا أعلى الدرجات، وكلٌّ يجتهد قدر استطاعته، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، والأجر على قدر الجهد والمشقة، ومن كان أكثر فعلًا واجتهادًا؛ كان أكثر فضلًا وأجرًا، والمعول على القبول، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/140262/#ixzz6MgHllwFR