روى السمرقندي في تفسيره الحديث التالي :
وروي عن أبي بكر بن خلف أنه قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقلنا: يا أمّ المؤمنين كيف تقرئين وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «لا يا بِنْتَ أبِي بَكْرٍ، هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَيَخَافُ أنْ لاَ يُقْبَلَ مِنْهُ»
بحثت عن أبي بكر بن خلف فلم أجد أحدا بهذا الاسم قد روي عنه أنه دخل على أم المؤمنين رضي الله عنها .
ووجدت أن المقصود هو أبو خلف مولى بني جمح المكي .
الأامر الثاني : كل ما وجدته من روايته أنه دخل على عائشة رضي الله عنها كان سؤلا عن كيفية قراءة الآية وليس تفسيرها .
روى الإمام أحمد في مسنده : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِية، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ مَوْلَى بَنِي جُمَح: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عُبَيد بْنِ عُمَيْر عَلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِأَبِي عَاصِمٍ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا -أَوْ: تُلِمّ بِنَا؟ -فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ أمُلَّك. فَقَالَتْ: مَا كُنْتَ لِتَفْعَلَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَسْأَلَ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا؟ قَالَتْ: أيَّة آيَةٍ؟ فَقَالَ: {الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا} أَوِ {الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} ؟ فَقَالَتْ: أَيَّتُهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقُلْتُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لِإِحْدَاهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا -أَوِ: الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا-قَالَتْ: وَمَا هِيَ؟ فَقُلْتُ: {الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا} فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا، وَكَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، وَلَكِنَّ الْهِجَاءَ حَرْفٌ .
وكذلك أورد الطبري في تفسيره (19 / 44 ): وروي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك، ما حدثناه أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا عليّ بن ثابت. عن طلحة بن عمرو، عن أبي خلف، قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة، فسألها عبيد، كيف نقرأ هذا الحرف (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا) ؟ فقالت: (يَأْتُونَ مَا أَتَوْا) . وكأنها تأولت في ذلك: والذين يفعلون ما يفعلون من الخيرات وهم وجلون من الله.
فأظن والله أعلم أن رواية السمرقندي خلطت هذه الروايات بروايات أخرى لعائشة رضي الله عنها في تفسير الآية كالتي رواها الترمذي في جامعة : 5/ 236 برقم ( 3175 ), أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيِّ : أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } قَالَتْ عَائِشَةُ : أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُون َ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ ، { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } .
وأخرجه ماجه في "سننه" (5 / 287) برقم: (4198) ( أبواب الزهد ، باب التوقي على العمل ) وأحمد في "مسنده" (11 / 6096) برقم: (25900) ( مسند عائشة رضي الله عنها ، ) ، (12 / 6194) برقم: (26344) ( مسند عائشة رضي الله عنها ، ) .
فما رأيكم أيها الفضلاء؟