الموضوع: خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه

وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ، ، قال : خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق والجناح الأيسر السند والهند والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر مافي الطير الذنب.

ماصحة هذا الأثر؟

أخرجه في فتوح مصر والمغرب (1/19)، ومن طريقه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة (4/1430)، فقال: حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبىّ حدثنى أبى، عن حرملة بن عمران التجيبىّ، عن أبى قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: فذكره.
وأورده السيوطي في الدر المنثور في التفسير (5/455)، وعزاه إلى ابن أبي حاتم ولم أقفُ عليه عنده.
وهذا إسناد ضعيف، فيه محمد بن إسماعيل الكعبي ذكره المزي في تهذيب الكمال من شيوخ عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم، وذكر المزي والده من تلاميذ حرملة بن عمران.
قلتُ: هو محمد بن إسماعيل بن مرزوق الكعبي، كما روى عنه أخو ابن الحكم، وذلك في تاريخ دمشق لابن عساكر [42 : 179] فقال:
فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ حَمْزَةَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ، أنا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْهَرَوِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرْزُوقٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، إلى آخر الإسناد.
ومحمد بن إسماعيل روى عنه المقدام كما أفاد السيوطي في اللآلئ الموضوعة أن الخلعي روى في "فوائده" بسنده عن المقدام: حدثنا محمد بن إسماعيل بن مرزوق إلى آخر الإسناد". اهـ، قال عنه الألباني: " لم أجد له ترجمة". اهـ.
ووالده إسماعيل بن مرزوق الكعبي المصري "ليس بالمشهور" كذا قال الحافظ ابن حجر، وقال الذهبي: "لا أعلم أحدا تكلم فيه"، ولينه الطحاوي، وقال ابن ماكولا: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات وذكر أنه روى عنه محمد بن عبد الله بن الحكم.
وورد من طريق ءاخر أخرجه ابن عساكر [1 : 190] من طريق: هَنَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّسَفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبُخَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْفُوظٍ الْكَرْمِينِيُّ ،
أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ نذيرِ بْنِ يُوسُفَ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَدِيبُ الْكَرْمِينِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الضَّوْءِ بْنِ الْمُنْذِرِ، أَنْبَأَنَا مُزَاحِمُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنْبَأَنَا جَنَابُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:فذكر نحوه.
وهذا موضوع، مسلسل بالمجاهيل إلى جناب بن إبراهيم، وهناد بن إبراهيم النسفي متهم بالوضع.
وورد في الزهد (ص:252)، برقم [1810] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ:
أُخْبِرْتُ عَنْ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَأَبَا هَارُونَ الْعَبْدِيَّ يَقُولَانِ: سَمِعْنَا نَوْفًا يَقُولُ: «إِنَّ الدُّنْيَا مُثِّلَتْ عَلَى طَيْرٍ فَإِذَا انْقَطَعَ جَنَاحُهُ وَقَعَ وَإِنَّ جَنَاحَيِ الْأَرْضِ مِصْرُ وَالْبَصْرَةُ فَإِذَا خَرِبَتَا ذَهَبَتِ الدُّنْيَا»
وهذا رواه عبد الله بن أحمد بصيغة التمريض، ووصله أبو نعيم من طريق ءاخر في الحلية [6 : 50] فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا سَيَّارٌ، ثَنَا جَعْفَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَأَبَا هَارُونَ الْعَبْدِيَّ يَقُولانِ: سَمِعْنَا نَوْفًا، يَقُولُ: فذكره.
ونوف هذا هو تابعي وهو ابن فضالة الحميري وهو ابن امرأة كعب الأحبار "مستور، وكذب ابن عباس ما رواه عن أهل الكتاب" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
وذكر أبو عمر الكندي في فضائل مصر المحروسة (ص:9) فقال:
"وذكر أنه صورت للرشيد صورة الدنيا فما استحسن منها غير بلد أسيوط، وذلك أن مساحته ثلاثون ألف فدان في دست واحد، لو قطرت قطرة فاضت على جميع جوانبه،
ويزرع فيه الكتان والقمح والقرط وسائر أصناف الغلات فلا يكون على وجه الأرض بساط أعجب منه، ويسايره من جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان،
كأنه قرنان، ويحف به من جانبه الشرقي النيل، كأنه جدول فضة، لا يسمع فيه الكلام من شدة أصوات الطير". اهـ.
وقال سبط ابن الجوزي في المرآة (22/378) :
وكنتُ حينئذٍ بديار مصر، فقدمت الإسكندرية فِي هذه السنة، فوجدتها
كما قال الله تعالى: {ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] معمورة بالعلماء، مغمورة بالأولياء [الذين هم فِي الدنيا شامة] (1) كالشيخ محمَّد القَبَّارِي والشاطبي وابن أبي شامة،
وهي أَوْلى بقول القَيسراني فِي وصف دمشق: [من البسيط]
أرضٌ تَحُلُّ الأماني من أماكنها ... بحيثُ تجتمع الدُّنيا وتفتَرِقُ
إذا شدا الطَّيْرُ فِي أغصانها وقفت ... على حدائقها الأسماعُ والحَدَقُ". اهـ.
والله أعلم.

جزاك الله خيراً.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس

جزاك الله خيراً.

وجزاكم الله خيرا.