للدعاة.. وماذا لو استمر كورونا في رمضان؟!



د. فيصل بن علي البعداني








أولاً: عناصر قوة:
وجود يقظة أكثر في الوعي المجتمعي بالمخاطر والأعداء.
توجه ملحوظ نحو رحاب التدين.
خنوس الخطاب العلماني، المجابه للتدين.
فراغ أكبر، مهيئ لتلقي أسرع، بتفهم أكثر.
عقود الدور التوجيهي للأسرة، بصورة أكبر، وبخاصة مع الأبناء.
تلاشي الدور التوجيهي للشارع، وكثير من القائمين على شؤون التسطيح والإلهاء.
تدفق أعداد جديدة إلى الممارسة الدعوية والتوعية، كالأطباء والتقنيين.
إعادة ترتيب أوليات أفراد المجتمع نحو الأفضل.
تقلص مساحات الغرق في بحور الشهوات، وحتى الشبهات.
ظهور حزن وحرقة في أوساط أكثر المسلمين على إغلاق المساجد.
تحقق مزيد من الترابط الأسري.
وجود جهد دعوي ملموس في المجتمع.
التقارب والتواصل بين عامة الأمة من كافة الشعوب والبلدان.
شيوع مظاهر أكثر للتعبد والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أوساط عامة الأمة.
شيوع مظاهر فأل، وحُسن ظن بالله، وانتظار فرجه، وعفوه وكرمه.

ثانياً: نقاط ضعف:
الحرمان من صلاة الجماعة.
غياب الدور التوجيهي لخطبة الجمعة.
الحرمان من صلاة التراويح والقيام.
فقدان التوجيه والتعليم داخل المساجد.
إغلاق مدرسة الاعتكاف.
فقدان التبكير للجمع والجماعات.
فقدان المكث في المسجد حتى شروق الشمس.
الحرمان من عمرة في رمضان، وزيارة المسجد النبوي.
غياب اللقاءات التوجيهية العامة.
غياب مشاريع الإفطار الجماعي.
تقليل التواصل مع المثقفين والوجهاء عبر موائد الإفطارات الخاصة.
تقليل التواصل بالأقارب والأصدقاء.
الفراغ الكبير، وضياع كثير من الأوقات فيما لا ينفع إن لم يضر.
حدوث بعض التجاذبات بين الأبناء والأزواج، نتيجة المكث الطويل في المنزل، بلا عمل..
تغيب الوسائل التعليمية والتوجيهية والدرامية التي تتسم – مع الفائدة – بالتشويق.
تسيد تطبيقات التواصل الاجتماعي على المشهد، وما تتضمنه كثير من محتوياتها من مواد ضارة أو في أقله غير نافعة.

ثالثاً: فرص متاحة:
فتح آفاق جديدة للحِلَق القرآنية والتعليم الشرعي، عن بعد.
امتلاك فرص زيادة الوعي وتعميق التدين في المجتمع، متى وجدت الإرادة وعلو الهمة والخطط الجيدة والبرامج النوعية المستمرة.
صعود نجومية بعض الدعاة والمصلحين والمحسنين وأرباب العمل الخيري، وبخاصة الصحي.
تعري بعض رموز التغريب وانخفاض تأثير أنشطته.
ظهور فئات دعوية جديدة تتبنى الجهد الدعوي، وبخاصة في أوساط الأطباء والتقنيين، وقطاعات الشباب والفتيات.
قد يرافق خوف كورونا، معاناة فقر ومعاناة أكثر في بعض المجتمعات، وهو ما سينجم عنه موجات تدين أكثر.
فتح آفاق دعوية جديدة، كالمقاطع القصيرة والمسابقات الإلكترونية المتنوعة.
إمكانية زيادة مساحات الوعي والانتماء الصادق للأمة في أوساط الجماهير.
إمكانية تدريب الدعاة على استثمار التقنية ووسائل التواصل.
إمكانية تميز الدعاة والمصلحين في مهارات الإلقاء الإذاعي والتلفازي بصورة أكبر.
إمكانية عودة العلماء والدعاة إلى حركة الإنتاج العلمي والتأليف والبحث.
يوجد توجه في المجتمع نحو السواء النفسي، والتوازن والتثبت والترقق والموضوعية.
إمكانية تنامي تعودة النفس والمجتمع على الصبر والرضى بالقضاء، والعفو والتسامي.
إمكانية تفاعل الموسرين من المسلمين مع مشاريع الوقف الدعوي والتعليمي والصحي.
تنامي تربية النفس والمجتمع على تقدمة المصلحة العامة، والحد من هيمنة الأنانية.
تنامي التعودة على آليات المسؤولية الفردية تجاه النفس والآخرين وإدارة الذات.
إمكانية الخروج برؤية دعوية جديدة وخطط تربوية طموحة، أكثر توافق مع حاجة المجتمع وظروفه في مواسم البلايا، وأزمنة الطاعات.
إمكانية إبراز جمال الإسلام في تشريعات الأسرة وسلوكيات النظافة والوقاية الصحية والتكافل وحقوق الضعفة، وبخاصة كبار السن.
إعداد مقالات إرشادية متنوعة باللغات الرسمية والمحلية في كل بلد، وبثها بالسبل المتاحة.
نمو تعليق المجتمع بالتضرع والدعاء، (لا يرد القضاء إلا الدعاء).
تزايد شيوع ثقافة التفاؤل وانتظار الفرج وحسن الظن بالله والتوكل الصادق عليه، {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:19].
إمكانية تزايد أعداد المقبلين إلى التوبة، (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة)..

رابعاً: مخاطر محدقة:
إمكانية عزوف شرائح جديدة عن الجمع والجماعات.
إمكانية جمود بعض الدعاة وعدم حماسهم للبيان بوسائله الجديدة.
فقدان البوصلة في وزنية المسجد وأهميته لدى بعض الدعاة، وبخاصة أصحاب الإعلام الجديد.
احتمالية تدني هيبة المسجد في نفوس كثير من المسلمين.
إنتاج حلقات علمية وإرشادية عبر مواقع التواصل ووسائل الإعلام تتسم بضعف المحتوى، أو تدني المواصفات الفنية.
شيوع ثقافة السخرية والاستهزاء بالمصابين بدلاً من رحمتهم.
سيرافق خوف كورونا، معاناة فقرٍ أكثر في بعض المجتمعات، وهو ما سينجم عنه موجات من أكبر من القلق والاضطرابات الاجتماعية والأمنية.
احتمالية نأي الداعي بنفسه عن المعالجة، وتوجيه ممارسته العملية بناءً على أن المريض هو المجتمع فقط.
مخافة الاستمرار في التركيز عند تناول أسباب البلايا على الأسباب المادية، ونسيان أسبابها الشرعية الموجبة للغضب الرباني.
إمكانية شيوع فتاوى واجتهادات غير متزنة في قضايا حيوية تسير بها الركبان، انتقاصاً للدعوة وتشويهاً للدعاة.
احتمالية ظهور تباين بين الدعاة في التوجيه والفتيا، لا تفهمه العامة، فيتسبب في خلل اجتماعي.

خامساً: توصيات:
ثق، استبشر، اعقل، فالمستقبل لهذا الدين.
لازم الدعاء والتضرع، بالهداية ورفع البلوى، للنفس والآخرين.
لنرفع شعار: لا ملجأ من الله إلا إليه.
فكر بعمق لتحويل الأزمة إلى فرصة تشع فيها أنوار الحق والخير والسلام والتراحم في المعمورة.
حاذر التقنيط وزراعة اليأس وبث الشائعات في المجتمع، ألا تقرأ: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7].
ضرورة الاجتهاد ومضاعفة الهمة في الدعوة ورفع مستويات الوعي.
كن طموحاً، كن كبيراً، تنتج أعمالاً كبيرة.
حث التجار على التصدق والإحسان، وعدم المغالاة واستغلال حاجة الناس في هذا الموسم المبارك.
ابحث ما وسعك، عن بدائل متنوعة وسريعة، تسد الفراغ الناجم عن غياب الدور التوجيهي لخطبة الجمعة.
الاتسام بالمرونة والتكيف السريع مع المتغيرات المتعاقبة ضرورة.
وسائل دعوة الإسلام غير محدودة، بل تقبل التطوير والابتكار بما لا يتنافى مع الشريعة الغراء.
الداعية مطالَب بتطوير نفسه دائماً تقنياً؛ ليجيد توصيل رسالته إلى الآخرين؛ إذ لم يعد يجدي أن ينتظر الداعي في مسجده ليأتيه الناس فيبلغهم دعوة ربهم، بل صار من اللازم أن يتوجه هو إليهم بأي وسيلة تتوفر لديه؛ ألم نصبح في عصر السرعة والانفجار المعرفي؟!
أهمية العناية أكثر بالمثقفين وجيل الشباب والفتيات في خدمة الدعوة وإشاعة الخير، وممكن تكوين مجموعات منهم للقيام بذلك في أكثر من سياق ودائرة.
زيادة الترابط بين الدعاة ومجتمعاتهم ضرورة، وبخاصة أن المجتمع بشتى شرائحه في مركب واحد؛ فإن حاول بعضنا خرق المركب سيغرق الجميع.
ضرورة امتلاك الداعي لحس مرهف، ووزنه كلمته المبثوثة كثيراً، والحذر من آثار انعكاساتها السلبية ما وسعه.
أهمية ترك التعجل في الفتيا وإبداء الرأي، وبخاصة تجاه القضايا الحساسة التي تهم الجماهير.
أهمية البدار لاتخاذ الاحتياطات والتدابير الكافية، للانتقال من مرحلة الكفالة إلى مرحلة العمل الطوعي المحتسب، بأقل الأضرار.
تشجيع المجتمع على مصادقة القرآن أولاً، وصحيح البخاري أو رياض الصالحين ثانياً، والكتاب النافع ثالثاً.
الحاجة إلى توسيع التشاور والتعاون بين الدعاة، بعيداً عن الانتماءات المناطقية والقبلية والجهوية، فيد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
أهمية تفعيل دوائر الاجتهاد الجمعي في كل دولة، وترك الشذوذ الفقهي ما وسع.
أهمية التركيز على إظهار قيم الإسلام ومحاسنه، وبخاصة في قضايا الصراع مع الإلحاد والتغريب.
إظهار عوار الحضارة الغربية، ومنافاتها للفطرة السوية، وتخليها عن قيمها التي تعلي من شأنها، وبخاصة في مسألة حقوق كبار السن، والتفكك الأسري.
أهمية ربط الاختيار الفقهي بالأقوال السائدة في المذهب الشائع.
أهمية تجنب الصدام مع الهيئات والمؤسسات الدينية، وفتاواها إن وجدت.
أهمية تجويد المحتوى الدعوي، والعناية بالتشويق والمتعة والتنويع طرائق العرض أثناء الإفادة.
التشجيع على التوبة والثناء على التائبين، وبخاصة في أوساط الشباب والفتيات.
أهمية حث الناس على الإكثار من فعل الطاعات، صلاة وتلاوة وذكراً وتضرعاً، ما وسعهم.
حث الناس على التكافل، والعناية بالضعفاء وفتح مشاريع معينة على ذلك.
البحث عن متبرعين محليين لتمويل المشاريع التعليمية والتربوية والصحية.
الإفادة من الزكاة وزكاة الفطر وصدقة التطوع في سد حاجة الفقراء، وبخاصة من كان داعية منهم.
الدعوة إلى مشاريع كسوة العيد وسلة صائم، وكفالة الأرامل واليتامى، ومعالجة المرضى، ومشاريع الزواج الجماعي للتخفيف من معاناة الفقر.
حث كبار الدعاة وأهل الوجاهات من المسلمين، على توصية المسؤولين بتسهيل عمل الدعاة وتمكينهم من الاستفادة من التقنيات المتوافرة دون تضييق.
الإفادة من رسائل sms في التوجيه والإرشاد، بالتنسيق مع شركات الاتصالات.
تطوير الخطاب الدعوي وتوسيع مساحاته المعتادة في بيان العقائد، والأحكام والأخلاق لتشمل أيضاً مساحات اجتماعية ونفسية وعادات وتقاليد تحتاج مراجعة، وإلى مساحات اقتصادية تتعلق بالتوفير والتسوق ونحو ذلك.
حاجة محطات التلفزة الهادفة والإذاعات الإسلامية إلى تطوير ومواكبة حدث، من حيث المحتوى، ومن حيث جودة العرض فنياً، وبصورة عاجلة.
عرت الأزمة حجم التخلف العلمي والتقني، وهزال النظم الصحية والاقتصادية في كثير من دولنا، وهو ما يستوجب على الدعاة حث أولي الشأن والمختصين على امتلاك خطط عاجلة لمعالجة هذا الجانب، في هذا الشهر الفاضل.
مع حث الناس على التوبة والتكافل الاجتماعي لا بد من حثهم على الاستمرار في الأخذ بالتدابير الصحية التي تعلنها الجهات الرسمية، وترك التهاون في ذلك.
أهمية بث الفأل وحسن الظن بالله وتعليم المجتمع الآليات القويمة للتوكل الحق على الله تعالى.