تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: من دروس رمضان: الصبر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي من دروس رمضان: الصبر

    الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فمن سنن الله تعالى أن يبتليَ عباده؛ ليعرف المؤمن من الكافر، والصالح من الفاجر، وقد بيَّن سبحانه وتعالى في كتابه هذه الحقيقة وجلاها لعباده؛ كي لا يركنوا إلى الدنيا، ويرضوا بالدعة، وينسوا الغاية التي خُلقوا من أجلها؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].
    والدنيا دار شقاء لا راحة بها، وهي دار مكابدة ومجاهدة من أجل الوصول للآخرة التي فيها القرار؛ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]؛ قال سعيد بن جبير: "﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾: في شدة وطلب معيشة"، وعن الحسن: "يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة".
    فالإنسان في هذه الحياة القصيرة مبتلًى؛ سواء بما أُعطي فيها من النعم أو بما سُلب منه، فكل شيء أعطاك الله إياه أو أخذه منك، فهو مادة للاختبار والابتلاء؛ فقد يبتلي الله سبحانه أناسًا بالنعم لينظر هل يشكرون، ويبتلي آخرين بالنقم لينظر هل يتوبون ويتضرعون؛ واسمع قول الله: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ [آل عمران: 186]، ثم انظر إلى التوجيه بعدها: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].
    وقد بيَّن سبحانه وتعالى أن الإنسان في خسارة إلا من آمن وعمل صالحًا، وتواصى بالحق والصبر عليه؛ فقال: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]، فهذه الحياة نحتاج فيها إلى خلق عظيم القدر، كبير الأجر؛ ألا وهو الصبر؛ فالصبر يواجه الإنسان به الحياة، وبه يثبت على المنهج الذي أمره الله به، وبه تهون في نفسه المصائب، وبالصبر ينال الدرجات العالية والأجور العظيمة، وهو تكفير للسيئات، ورفعة بالدرجات، وتهون به المحن، ويحل به الرضا.
    وشهر رمضان مدرسة عظيمة في تعلم الصبر، وترويض النفس على التحمل؛ فالمسلم يصبر عن ملذات الحياة، وشهوات النفس، وجميع المرغوبات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ ابتغاء مرضاة الله.
    فيعتاد المسلم على تحمل الجوع والعطش، ويرى أصنافًا من الطعام ولكنه يعرض عنها؛ رغبة فيما عند الله تعالى من الأجر والثواب، ثم يأتي بعد الغروب، ويحل له كل ما كان قد حرم عليه قبلها؛ ليتذكر المسلم أن يصبر في هذه الحياة على طاعة الله، فلا يمل أو ييأس، وأن يصبر عن المحرمات، فيبتعد عنها، ويجعل بينه وبينها حاجزًا حتى يلقى الله تعالى، فإذا قدم على الله، فرح بما يناله من صبره في هذه الحياة، وتذكر قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "وأفضل أنواع الصبر: الصيام؛ فإنه يجمع الصبر على الأنواع الثلاثة؛ لأنه صبر على طاعة الله عز وجل، وصبر عن معاصي الله؛ لأن العبد يترك شهواته لله، ونفسه قد تنازعه إليها؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يقول: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي))، وفيه أيضًا صبرٌ على الأقدار المؤلمة بما قد يحصل للصائم من الجوع والعطش".
    فرمضان هو شهر الصبر؛ لِما يلاقي به المسلم من مدافعة النفس وكفها عما تشتهيه، وتجنيبها ما حرم عليها؛ لهذا ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر، ويُذهب مَغَلَّة الصدر، قال: قلت: وما مَغَلَّةُ الصدر؟ قال: رجس الشيطان)).
    فسمى رمضان بشهر الصبر، ثم ذكر عليه الصلاة والسلام أنه يذهب مغلة الشيطان في الصدور.
    فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يصوم رمضان صابرًا لِما أمر ربنا، محتسبًا للأجر منه سبحانه، وأن يغفر لنا ولكم.


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/spotlight/0/1...#ixzz6LMz02SOx
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    582

    افتراضي رد: من دروس رمضان: الصبر

    ليتَ أيّامَنا وشهورَنا وسنيِّ أعمارِنا كلَّها رمضانُ .
    فلا يحزنْكَ قولُهمْ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •