تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ثبوت رؤية الهلال

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي ثبوت رؤية الهلال

    ثبوت رؤية الهلال


    د. جمال عبدالعزيز أحمد





    كلما دار بنا العام دورته، واقترب شهر الصوم الكريم ثارت قضية ثبوت الهلال: بالبصر هي أم بالحساب الفلكي؟

    ويتساءل بعض الناس: إذا كنا - نحن المسلمين - نتفق في ثبوت أيام الحج ويوم عرفة ويوم النحر، فلماذا نختلف في ثبوت صوم رمضان، وثبوت عيد الفطر وحول هذه التساؤلات، نقول:
    إن الأصل في الأحكام الشرعية أن يُرجع فيها إلى مصادرها الأساسية، وهى القرآن والسنة، وقد تعبدنا الله - سبحانه وتعالى - بكثير من الأمور التى تتلاءم مع قدراتنا وأحوالنا المختلفة، وقد لا يظهر لنا وجه الحكمة فيها؛ ليس لأنها خالية من الحكمة أو مفرغة من المعنى العقلي، ولكن لأن العقل البشري قد لا يستوعب أحيانًا هذه الحكمة، والله - تعالى - حين يحجب عنا هذه الحكمة، أو ذلك المعنى العقلي، فإنما يرشدنا إلى التجرد الكامل عن الخضوع والاستسلام لغيره، فالذين يجرون وراء العلل والأسباب، ويتوقفون في تنفيذ الأحكام الشرعية على إدراكها، هم في الحقيقة خادعون لعقولهم، مستسلمون لها، فهذا يتنافى مع الإسلام الذي يدعو إلى إسلام الوجه لله - عز وجل - ويخالف معنى العبادة الذي يقوم على الخضوع التام، والحب الخالص لله الخالق - جل وعلا - وقد أمر - سبحانه - برد الأمور الخلافية إلى كتابه وسنة نبيه، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [ النساء: 59 ] وقال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ النساء: 65 ].

    انطلاقًا من هذا الأصل الشرعي نرى أن مسألة ثبوت هلال رمضان مسألة شرعية، لا يجوز الاحتكام فيها لغير الله والرسول، ولا يصح من المسلم أن يعتمد في ذلك على مصدر آخر؛ كالحساب الفلكي، وغيره، ولا سيما وأن الأدلة الشرعية متوفرة وواضحة في الدلالة على هذا الحكم، وهو ارتباط صوم رمضان أو فطره برؤية البصر، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه البخاري ومسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا".

    ويلاحظ في هذا الحديث أن الأمر عام لجميع المسلمين، وليس فيه تخصيص لفئةٍ دون فئة، أو لبلد دون آخر، كما أن لفظ الصوم نص في الدلالة على الأمر، وهو يستلزم الوجوب، واللام هنا بمعنى "عند"، وهي تفيد أن الصوم وقت الرؤية، والمراد بالرؤية هنا ينبغي ألا يُفسر بمعناه الفلكي المستحدث في عصرنا، وإنما يُفسر بمعناه المتعارف عليه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أنهم كانوا يعتمدون على رؤية البصر، ويؤيد هذا القول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا - وخمس إبهامه في الثالثة - والشهر هكذا وهكذا وهكذا - وأشار بأصابعه العشر".

    يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أن يرشد أمته إلى أن الشهر تارة يكون تسعة وعشرين يومًا، وتارة يكون ثلاثين، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة ".

    والذى يتفق مع روح الشريعة ويسر الإسلام، وسماحته ومراعاة إمكانات البشر والشعوب، أن يقال: إن المقصود بالرؤية هنا هو رؤية البصر؛ إذ لو فُسرت بالرؤية الفلكية، لكان معنى ذلك أن الشارع قد كلف العرب بما لا يطيقون في هذا العصر الذي لم تكن خبرتهم قد ألمت فيه بعلم الفلك.

    "ولو فرضنا أن المسلمين أخطؤوا في إثبات الهلال، وهم معتمدون على ما صح من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عليهم في ذلك بأس، بل كانوا مأجورين من أجل اعتمادهم على ما شرعه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولو تركوا ذلك من أجل قول الفلكيين مع قيام الأدلة الشرعية برؤية الهلال، لكانوا آثمين لمخالفتهم ما بينه لهم نبيُهم وإمامهم - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله - سبحانه -: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [1][ النور: 63 ].

    وهذا هو الذي اتفق عليه جمهور المسلمين: أنه لا يثبت شهر رمضان إلا برؤية الهلال، ويكفي في رؤيته شهادة رجل واحد مشهور بالعدالة والصدق، فإذا ما شهد شاهد عَدْل بأنه رأى الهلال، وجب عليه وعلى من بلغته شهادتُه الصوم.

    ويرى جمهور الفقهاء أن اختلاف المطالع لا يؤثر في رؤية الهلال، فإذا رأى الهلال أهل بلدٍ إسلامي وجب على سائر الأقطار الإسلامية الأخرى أن تصوم إذا ما علموا برؤية أهل البلد له، فرؤية المسلم العدل موجبة للصوم على كل مكلف عرف الخبر، وفي هذا توحيد لكلمة المسلمين، وتحقيق للوحدة الإسلامية، ونبذ للفرقة والخلاف؛ قال الإمام الترمذي: [والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام]، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد، وقال النووي: وهو الأصح.

    ويذهب فريق آخر من العلماء منهم عكرمة إلى أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم، ولا يلزمهم رؤية غيرهم لما رواه كُريب قال: [قدمت الشام، واستهل عليّ هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس - ثم ذكر الهلال - فقال: متى رأيتم الهلال فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناسُ وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنَّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا، هكذا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ رواه أحمد ومسلم والترمذي.

    ولا يُفهم من هذا الحديث أن المسلمون اختلفوا [2] في تقدير الصوم نتيجة اختلافهم في الرؤية فقط، ولكنهم اختلفوا نتيجة غياب العلم بهذه الرؤية عند بعضهم وثبوته عند بعضهم الآخر، كما أن هذا الحديث لا يخالف الأحاديث الأخرى التى سبق ذكرها مما استدل به الجمهور؛ لأنه يدل على أن ابن عباس أكمل عدة الشهر بناءً على رؤيته هو؛ لأنه لم يبلغه العلم فَعَملَ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا".

    وقد يسوغ الأخذ بهذا الرأي - اختلاف المطالع - في حالة عدم توفر وسائل الاتصال بين المسلمين؛ كما كان الشأن في عصور المسلمين الماضية، أما في عصرنا الحاضر - وقد توفرت وسائل الاتصال والإعلام، وأصبحت هذه الأجهزة ميسورة - فالأقرب إلى روح الشريعة ومبادئها الداعية إلى الوحدة ولزوم الجماعة وعدم مخالفتها، هو الأخذ برأي الجمهور.

    وأما عن تساؤل بعضهم: لماذا لا يتفق المسلمون في الصوم والإفطار كما يتفقون في الحج، فهذا أمر راجع إلى الظروف السياسية للمسلمين في العصر الحاضر، والتي غابت في ظلها الخلافة الإسلامية، وشاعت بدلًا منها الفرقة والانقسام بين الدول الإسلامية.

    المصدر: مجلة التوحيد، عدد 1414 رمضان هـ، صفحة 22.

    [1] انظر مجلة الأزهر - العدد: رمضان 1409هـ / إبريل 1989م السنة الحادية والستون، مقال: ثبوت رؤية الهلال؛ لسماحة الشيخ "عبدالعزيز بن باز" - أكرمه الله تعالى.

    [2] وهذا اختلاف تنوع أجازه أهل العلم، وكل فريق قد بنى قوله على دليل صحيح، وهذا من يسر الدين ومحاسنه، فلا ينبغي لأحد أن ينكر على المخالف في هذه المسألة، والله أعلم [ التوحيد ].




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2

    افتراضي رد: ثبوت رؤية الهلال

    أخطاء جمة وقع فيها الباحث
    فلا يوثق بفهمه لما ينقله
    بل لا بد من الرجوع إلى المراجع، وفهمها كما هي
    فما نقله عن الترمذي [
    والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد
    ]
    إنما هو في قبول الشاهد الواحد في ثبوت الشهر، وهذا متفق عليه
    فجعلها في عدم اختلاف المطالع


    وأما قوله: (
    وفي هذا توحيد لكلمة المسلمين، وتحقيق للوحدة الإسلامية، ونبذ للفرقة والخلاف
    )
    فهذا لا فقه فيه
    لأنه سيقال له: هلا، وَحَّدْتَ أوقات الصلاة؛ حتى تتحقق لك ما تدعيه من الوحدة، ونبذ الخلاف.
    فإن زعمت أن الوقت مختلف، وأنه لا يؤثر على الوحدة الإسلامية، ولا يؤدي إلى الخلاف المنبوذ: قيل لك: هو عين ما ذكره أولئك الفقهاء، فلا ارتباط بين القضيتين

    والله أعلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •