أسباب التفكك الأسري وآثاره
منى عبد الفتاح



شرع الإسلام مفهوم الزواج ورسخ معناه وربطه بالأنس والمودة والطمأنينة والتعاون، وقد دعا القرآن إلى حسن المعاشرة: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ كما أكدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم" (رواه الترمذي)، وحرص الإسلام على أن يبعد أسباب الطلاق وينفي التنافر لما يمكن أن يجره على جميع الأسرة من أزمات.
قد تجتمع عوامل كثيرة تؤدي إلى التفكك الأسري منها الجهل وضعف الرقابة الاجتماعية والعطالة، وقد يكون الفقر أيضاً من أحد العوامل التي تؤدي إلى ذلك، ولكن ليس في كل الأحوال لأن كثيراً من الأسر تعيش تحت خط الفقر ولكنها تعيش بكرامتها وتكافح لتحقيق وضع بسيط ولكنه كريم كما أن هناك أسراً خرجت مبدعين ومكافحين لأن الحاجة هي التي دعتهم إلى السعي والاجتهاد.
وقد تؤدي التقاليد والأعراف إلى أن يزوج الآباء بناتهم بأشخاص غير أكفاء في الخلق والدين وذلك طمعاً في مال أو جاه؛ فتكون النتيجة أن تعاني البنات بعدها من جحيم حياة لا يطاق، وبنفس الطريقة قد يختار الرجل شريكة لحياته لجمالها الشكلي فقط وغير ذات كفاءة دينية؛ مما يشكل خطراً قادماً على كيان الأسرة. تقول عائشة - رضي الله عنها -: "إن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة، فقالت اجلسي حتى يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء الرسول فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي ولكني أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء".
من أسباب التفكك الأسري أيضاً التقليد الأعمى للثقافة السالبة الدخيلة والغزو الثقافي السالب؛ لما له من تأثير سلبي على الأسرة ولا تقاوم هذه الآثار إلا بتعزيز التربية الجيدة والأخلاق والقيم لمواجهتها حتى تكون ضعيفة وتكون الأسرة قوية أمامها.
أما آثاره الخطيرة على الأسرة والمجتمع فهي أن الأسرة تعيش في جو من القلق والخصام وعدم الاستقرار النفسي وعدم الاحترام المتبادل وعناد وتسلط طرف على الآخر، وقد يتحول التفكك إلى عنف لفظي أو جسدي قد يؤدي إلى تمرد بعض أفراد الأسرة، كما أن أخطر الآثار هي انحراف الشباب أو تشرد الأبناء وتخلفهم الدراسي، وتترسب مشاعر العداوة في قلوبهم تجاه أسرتهم وتجاه المجتمع بأكمله.
إن التوازن المنشود للأسرة يتحقق في تماسكها واستقرارها واستقامتها، فإذا اختلت أيٍّ من هذه المعايير تفككت الأسرة وضاعت، والاستقرار لا يتم إلا بإشاعة المودة والصراحة والصدق والأمانة وتعزيز الثقة بالنفس