تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    السؤال

    الكافر الذي لم يصله الإسلام يمتحن يوم القيامة، لكن كيف يمتحن بعد أن رأى الموت، أي اليقين؟ وأيّ فريق من الملائكة ، الرحمة أو العذاب يأتيه عند قبض الروح؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (... الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ .... إلى آخر الحديث، فكيف تأتيه ملائكة سود الوجوه وهو لم يُمتحن بعد ؟
    نص الجواب


    موضوعات ذات صلة



    الحمد لله
    أولا:
    من لم يصله الإسلام فإنه لا يعذب يوم القيامة على موته على الكفر؛ لقوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء/15 .
    واختلف فيه، هل يكون خدما لأهل الجنة، أو يمتحن، أو غير ذلك؟
    والصحيح أنه يمتحن، فمن أطاع أمر الله نجا، ومن عصاه هلك.
    وقد روى الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده" (16301) ، والبيهقي في "الاعتقاد" (169) ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يَعْنِي يَدُلُّونَ عَلَى اللَّهِ بِحُجَّةٍ - : رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا ) .
    وحسنه محققو المسند ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1434) وله شواهد متعددة ، ذكرها ابن كثير في تفسيره (5/50-53) .
    وينظر: جواب السؤال رقم : (98714).
    ثانيا:
    هذا الذي لم يصله الإسلام ، على وجه تقوم عليه به الحجة : يحكم عليه بالكفر في أحكام الدنيا، على ظاهر حالهم؛ لأن من لم يأت بالإسلام فهو كافر.
    قال ابن القيم رحمه الله في "طريق الهجرتين" ص413: "والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل، فهذا مقطوع به في جملة الخلق.
    وأما كون زيد بعينه، وعمرو بعينه: قامت عليه الحجة، أم لا؛ فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، بل الواجب على العبد أن يعتقد: أن كل من دان بدين غير دين الإسلام، فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول.
    هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله عز وجل، وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب. وأما في أحكام الدنيا: فهي جارية مع ظاهر الأمر؛ فأطفال الكفار ومجانينهم: كفار في أحكام الدنيا، لهم حكم أوليائهم" انتهى.
    ثالثا:
    لا يمكننا الجزم في شأن هؤلاء ، وأنهم تأتيهم ملائكة سود الوجوه عند الموت الخ؛ فالظاهر أنهم لو أتتهم الملائكة على هذه الهيئة ، لكان في ذلك نوع عذاب عليهم ، أو عقوبة لهم ، على ما جاء في تتمة الحديث، مما يفيد سخط الله عليه، وعذابه، والتضييق عليه، وفتح باب من النار له: (وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَبٍ... حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ، فَلَا يُفْتَحُ لَهُ ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف: 40] .
    فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ، فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى " ؛ فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ، ثُمَّ قَرَأَ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ، فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج: 31] .
    فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ،؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ).
    رواه أحمد (18534) بإسناد صحيح.
    فإذا كان الإنسان معذورا لعدم بلوغ الإسلام إليه، فالظاهر أنه لا يعذب عند الموت ولا في البرزخ؛ لعموم قوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء/15.
    والظاهر – على ذلك أيضا - : أنهم لا يُسألون كذلك في قبورهم.
    وقيل : إنهم يُسألون ، ويكون جوابهم بحسب ما يؤول إليها حالهم ، وما يعلمه الله منهم، كما هو حالهم عن الاختبار في عرصات القيامة .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما الفتنة في القبور فهي الامتحان والاختبار للميت، حين يسأله الملكان، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم " محمد "؟ فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول المؤمن: الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي. ويقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه. فينتهرانه انتهارة شديدة - وهي آخر فتنه التي يفتن بها المؤمن - فيقولان له: كما قالا أولا.
    وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفتنة، من حديث البراء بن عازب وأنس بن مالك وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم، وهي عامة للمكلفين؛ إلا النبيين فقد اختلف فيهم.
    وكذلك اختلف في غير المكلفين، كالصبيان والمجانين:
    فقيل: لا يُفتنون، لأن المحنة إنما تكون للمكلفين، وهذا قول القاضي وابن عقيل. وعلى هذا فلا يلقنون بعد الموت.
    وقيل: يلقنون، ويفتنون أيضا، وهذا قول أبي حكيم وأبي الحسن بن عبدوس، ونقله عن أصحابه، وهو مطابق لقول من يقول: إنهم يكلفون يوم القيامة، كما هو قول أكثر أهل العلم وأهل السنة من أهل الحديث والكلام، وهو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه عن أهل السنة واختاره، وهو مقتضى نصوص الإمام أحمد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/ 257).
    وسئل الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: هل يقع السؤال في القبر والفتنة على أولاد المشركين، وأهل الفترة؟
    فأجاب: "نعم، السؤال عام ويكون جوابهم بحسب ما يؤول إليه حالهم، وما يعلمه الله جل وعلا عنهم" انتهى.
    والحاصل:
    أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث والآثار.
    وأن الحكم بكفرهم في الدنيا، لا يعني الحكم عليهم بذلك باطنا، بحيث تتنزل عليهم الأحاديث في عذاب الكفار عند خروج أرواحهم، وعقبه، بل الظاهر سلامتهم من العذاب، قبل الامتحان في عرصات القيامة.
    والله أعلم.


    https://islamqa.info/ar/answers/3234...A8%D8%B1%D9%87
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما الفتنة في القبور فهي الامتحان والاختبار للميت، حين يسأله الملكان، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم " محمد "؟ فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول المؤمن: الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي. ويقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه. فينتهرانه انتهارة شديدة - وهي آخر فتنه التي يفتن بها المؤمن - فيقولان له: كما قالا أولا.
    وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفتنة، من حديث البراء بن عازب وأنس بن مالك وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم،
    وهي عامة للمكلفين؛ إلا النبيين فقد اختلف فيهم.


    ظواهر النصوص عامة لجميع المكلفين كما قال شيخ الاسلام

    لكن على ماذا يسال و لم تبلغه دعوة الرسل ؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    ظواهر النصوص عامة لجميع المكلفين كما قال شيخ الاسلام

    لكن على ماذا يسال و لم تبلغه دعوة الرسل ؟
    بارك الله فيك أخى الطيبونى
    اولا -قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
    التكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
    ظواهر النصوص عامة لجميع المكلفين كما قال شيخ الاسلام
    نعم هذه لا اشكال فيها
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    لكن على ماذا يسال و لم تبلغه دعوة الرسل ؟
    نعم الاشكال فى هذه
    هل يفتن غير المكلفين). الحديث: روى مالك وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على الطفل، فقال: " اللهم قه عذاب القبر وفتنة القبر؟
    الجواب
    هذا الأثر رواه مالك في الموطأ عن أبي هريرة موقوفا عليه، وسنده لا شك في صحته، وهو في الموطأ هكذا: مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وقد روي هذا الحديث مرفوعا، واختلف في إسناده، وأشار ابن تيمية إلى ضعفه. قال العراقي في تخريج الإحياء: حَدِيث إِنَّه كَانَ يُصَلِّي عَلَى طِفْل فَسمع فِي دُعَائِهِ يَقُول: «اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وَعَذَاب النَّار» أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أنس أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى عَلَى صبي أَو صبية وَقَالَ «لَو كَانَ أحد نجا من ضمة الْقَبْر لنجا هَذَا الصَّبِي» وَاخْتلف فِي إِسْنَاده، فَرَوَاهُ فِي الْكَبِير-يعني الطبراني- من حَدِيث أبي أَيُّوب أَن صَبيا دفن فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «لَو أفلت أحد من ضمة الْقَبْر لأفلت هَذَا الصَّبِي. انتهى.
    وحديث أبي أيوب المذكور.
    قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني، ولا شك في أن هذا الأثر الموقوف والحديث المختلف في صحته مرفوعا يصلح حجة للقائلين بأن غير المكلفين يفتنون في قبورهم،
    وهو أحد القولين في المسألة ورجحه شيخ الإسلام رحمه الله.

    جاء في مختصر الفتاوى المصرية ما لفظه:
    والامتحان فِي البرزخ لمن كَانَ مُكَلّفا فِي الدُّنْيَا إِلَّا النَّبِيين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم،
    وَأما امتحان غير الْمُكَلّفين فِي الدُّنْيَا كالصبيان والمجانين ففيهم قَولَانِ لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم
    أَحدهمَا لَا يمْتَحنُونَ وعَلى هَذَا فَلَا يلقنون وَهَذَا قَول القَاضِي وَابْن عقيل.

    وَالثَّانِي يمْتَحنُونَ فِي قُبُورهم ويلقنون وَهُوَ قَول أَكْثَرهم حَكَاهُ ابْن عَبدُوس عَن الْأَصْحَاب وذكره أَبُو حَكِيم وَغَيره
    وَهُوَ أصح كَمَا ثَبت عَن أبي هُرَيْرَة، وروى مَرْفُوعا أَنه صلى على طِفْل لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ قه عَذَاب الْقَبْر وفتنة الْقَبْر. انتهى.المصدر الاسلام سؤال وجواب




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    ما حالُ الطفلِ الذي لم يبلغْ في قبرِه إذا مات ؟
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    ما حالُ الطفلِ الذي لم يبلغْ في قبرِه إذا مات ؟
    السؤال

    إذا ماتَ صبيٌّ صغيرٌ لم يصِل إلى سِنِّ التكليفِ ، أي أنَّ عمرَه حوالي ما بين 10 إلى 11 سنةً ، ما هو مصيرُه في الحياةِ البرزخيةِ من النواحِي التاليةِ :
    هل يتعرَّضُ لفتنةِ القبرِ ( سؤالِ منكَر ونكير ) ؟
    هل يتعرَّض لعذابِ القبرِ ؟
    هل بالفعلِ أنَّ هذا الطفلَ يشفعُ لأهلِه في دخولِ الجنةِ ؟
    سمعتُ أنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ عليه السلام هو المسئولُ عن رعايةِ أطفالِ المسلمينَ الذين ماتوا في هذا السن ، والذي أعرفُه أنَّ سيدَنا إبراهيمَ موجودٌ في السماءِ السابعةِ ، فهل هذا يعني أنَّ الطفلَ الميِّتَ يعيشُ في السماءِ السابعةِ أم في القبرِ تحتَ الأرضِ ؟
    وهل ضغطة القبرِ لا ينجو منها حتى الأطفالُ ؟.
    الجواب الحمد لله
    أولاً :
    ضمَّةُ القبرِ هي أوَّلُ ما يلاقيه الميتُ حين يوضعُ في قبرِه ، وقد جاءَ في النصوصِ ما يدلُّ على أنَّها عامةٌ لكل من يوضعُ في القبرِ ، ولا ينجو منها أحدٌ ، واللهُ المستعان .
    روى أحمد (6/55، 98) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً ، فَلَو نَجَا أَو سَلِمَ أَحَدٌ مِنهَا لَنَجَا سَعدُ بنُ مُعاذ ) وقال الألباني في الصحيحة (1695) : وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح بلا ريب ، فنسأل الله تعالى أن يهون علينا ضغطة القبر إنه نعم المجيب .
    وعن أبي أيوب رضي الله عنه : أن صبيًا دُفنَ ، فقالَ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القَبْرِ لأَفْلَتَ هَذَا الصَبِيُّ ) رواه الطبراني المعجم الكبير (4/121) وصححه الهيثمي (3/47) ، والألباني في السلسلة الصحيحة (2164) .
    ثانيًا :
    اختلفَ العلماءُ في الأطفالِ ، هل يسألون في قبورِهم ؟ على قولَين :
    القولُ الأولُ : أنَّهم يُسألون ، وهو قول ُبعضِ المالكيةِ وبعض الحنابلة ، واختاره القرطبيُّ ، واختارَه أيضاً شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية كما نقلَه عنه في الفروع .
    انظر : "الفروع" (2/216) ، "شرح الزرقاني" (2/85) .
    قال ابنُ القيِّمِ رحمه الله في "الروح" (87-88) :

    " وحجةُ من قالَ إنَّهم يُسأَلون :

    أنَّه يُشرَعُ الصلاةُ عليهم ، والدعاءُ لهم ، وسؤالُ اللهِ أن يقيَهم عذابَ القبرِ وفتنةَ القبرِ .
    كما ذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه صلَّى على جنازةِ صبِيٍّ ، فسُمع مِن دُعائِه : اللهم قِهِ عذابَ القبرِ . رواه مالك (536) وابن أبي شيبة (6/105) .
    واحتجُّوا بما رواه عليُّ بنُ معبد عن عائشةَ رضي الله عنها : أنَّه مُرَّ عليها بجنازة صبيٍّ صغيرٍ ، فبكت ، فقيلَ لها : ما يُبكيك يا أمَّ المؤمنين ؟ فقالت : هذا الصبيُّ ، بكيت له شفقةً عليه من ضمةِ القبرِ .
    قالوا : واللهُ سبحانه يُكمِّل لهم عقولَهم ليعرِفوا بذلك منزلَهم ، ويُلهمون الجوابَ عما يُسأَلون عنه " انتهى .
    القولُ الثاني : أنَّهم لا يُمتحنون ولا يُسأَلون في قبورِهم . وهو قولُ الشافعيةِ ، وبعضِ المالكية والحنابلة .
    قالَ ابنُ مفلح في "الفروع" (2/216) :

    " وهو قولُ القاضي ، وابنُ عقيل " انتهى .

    أما حجَّةُ هذا القول ، فيوضِّحُها ابنُ القيم رحمه الله ، ويبدو أنَّه يميلُ إليها ، حيث يقولُ في "الروح" (87-88) :

    " قالَ الآخرون :

    السؤالُ إنَّما يكونُ لِمَن عَقَلَ الرسولَ والمرسِلَ ، فيُسأَل هل آمن بالرسولِ وأطاعَه أم لا ؟ فيُقال له : ما كنت تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟
    فأمَّا الطفلُ الذي لا تمييزَ له بوجهٍ ما ، فكيف يقالُ له : ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟ ولو رُدَّ إليه عقلُه في القبرِ , فإنَّه لا يُسأَل عمَّا لم يتمكن من معرفتِه والعلمِ به ، ولا فائدةَ في هذا السؤالِ .
    وأما حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه ، فليس المرادُ بعذابِ القبرِ فيه عقوبةَ الطفلِ على تركِ طاعةٍ أو فعلِ معصيةٍ قطعًا ، فإنَّ اللهَ لا يعذِّبُ أحدًا بلا ذنبٍ عمله .

    بل عذابُ القبرِ : قد يُرادُ به الألمُ الذي يحصل للميتِ بسببٍ غيرِه ، وإن لم يكن عقوبةً على عَمَلٍ عَمِلَه ، ومنه قولُه صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الميتَ ليعذبُ ببكاءِ أهلِه عليه ) أي : يتألَّمُ بذلك ويتوجَّعُ منه ، لا أنّه يعاقَبُ بذنبِ الحيِّ .
    ولا ريبَ أن في القبرِ من الآلامِ والهمومِ والحسراتِ ما قد يسرى أثرُه إلى الطفل ، فيتألَّمُ به ، فيُشرَعُ للمصلي عليه أن يسألَ اللهَ تعالى له أن يقيَه ذلك العذابَ ، والله أعلم " انتهى .
    ثالثاً :
    أما عن مكانِ من تُوُفِّيَ من الأطفالِ ، هل هم في السماءِ السابعةِ مع إبراهيمَ عليه السلام ، أم في قبورِهِم ؟
    فالذي ورد في ذلك حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكثِرُ أن يَقُولَ لأَصحَابِهِ : هَل رَأَى أَحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيَا ؟
    قالَ : فَيَقُصُّ عَلَيه مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ .
    وَإِنَّه قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّه أَتَانِي الليلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهما ابتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُما قَالا لِي : انطَلِق ، وَإِنِّي انطَلَقتُ مَعَهُمَا . . . فذكر أشياء رآها ثم قال :
    فانطَلَقنَا ، فَأتَينَا عَلَى رَوضَةٍ مُعتَمَّةٍ ، فِيهَا مِن كُلِّ لَونِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ لا أَكادُ أَرَى رَأسَهُ طُولًا فِي السَّماءِ ، وإِذَا حَولَ الرَّجُلِ مِن أَكثَرِ وِلدَانٍ رَأيتُهم قَطُّ ، . . . ثم كان مما عبره له الملكان :
    وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الذي فِي الرَّوضَةِ فَإِنَّه إبراهيمُ ، وَأَمَّا الوِلدَانُ الذِينَ حَولَه فَكُلُّ مَولُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَقَالَ بَعضُ المُسلِمِين : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلادُ المُشْرِكِين ؟ فَقَالَ : وَأَوْلادُ المُشرِكِين . رواه البخاري (7047) .
    فهذا الحديث يدل على أن من مات وهو قبل البلوغ يكون في الجنة في كفالة إبراهيم عليه السلام ، لا أنه يكون في السماء السابعة .
    وانظر : "شرح مسلم للنووي" حديث رقم (2658) .
    رابعاً :
    جاءت الأحاديث المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شفاعة الصبيان في آبائهم يوم القيامة ، ومن ذلك :
    عن أبي حسان قال : قلتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ : إنَّه قَدْ مَاتَ لِي ابنانِ ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟
    قالَ : نَعَمْ ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ ، يَتَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ - أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ ، - أَوْ قَالَ بِيَدِهِ - كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا ، فَلا يَتَنَاهَى حتى يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ . رواه مسلم (2635) .
    والله أعلم .

    المصدر: الإسلام سؤال وجواب


    نعم المسألة مشْكَلَة
    قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح: المسألة الثالثة عشرة: وهي أن الأطفال هل يمتحنون في قبورهم؟ اختلف الناس في ذلك على قولين: هما وجهان لأصحاب أحمد. وحجة من قال إنهم يسألون أنه يشرع الصلاة عليهم، والدعاء لهم، وسؤال الله أن يقيهم عذاب القبر وفتنة القبر( كما ذكر) مالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة صبي فسمع من دعائه: اللهم قه عذاب القبر...( قال الآخرون): السؤال إنما يكون لمن عقل الرسول والمرسل فيسأل: هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا؟؟ فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له بوجه ما فكيف يقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ - انتهى
    فعلى القول الثاني لا محل للسؤال عن عودة روح الطفل بعد السؤال،
    وعلى القول الأول فإنها بعد السؤال تعود إلى كفالة إبراهيم عليه السلام مع أرواح الوالدان
    المصدر الاسلام سؤال وجواب

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    سُئلَ شيخ الاسلاك ابن تيمية عن الصغير، وعن الطفل إذا مات‏:‏ هل يمتحن ‏؟‏
    الإجابة:
    إذا مات الطفل فهل يمتحن في قبره ويسأله منكر ونكير‏؟‏ فيه قولان في مذهب أحمد وغيره‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه لا يمتحن، وأن المحنة إنما تكون على من كلف في الدنيا، قاله طائفة‏:‏ منهم القاضي أبو يعلى وابن عقيل‏.‏ والثاني‏:‏ أنهم يمتحنون، ذكره أبوحكيم الهمداني، وأبو الحسن ابن عبدوس، ونقله عن أصحاب الشافعي‏.‏ وعلى هذا التفصيل تلقين الصغير والمجنون‏:‏ من قال إنه يمتحن في القبر، لقنه‏.‏ ومن قال‏:‏ لا يمتحن، لم يلقنه‏.‏ وقد روى مالك وغيره عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى على طفل، فقال‏:‏ ‏‏"‏اللّهم قِهِ عذاب القبر وفتنة القبر"‏‏، وهذا القول موافق لقول من قال‏:‏ إنهم يمتحنون في الآخرة، وإنهم مكلفون يوم القيامة، كما هو قول أكثر أهل العلم وأهل السنة من أهل الحديث والكلام، وهو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة واختاره، وهو مقتضى نصوص الإمام أحمد ‏.
    ‏‏ وإذا دخل أطفال المؤمنين الجنة فأرواحهم وأرواح غيرهم من المؤمنين في الجنة، وإن كانت درجاتهم متفاضلة، والصغار يتفاضلون بتفاضل آبائهم، وتفاضل أعمالهم إذا كانت لهم أعمال فإن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو كغيره، والأطفال الصغار يثابون على ما يفعلونه من الحسنات، وإن كان القلم مرفوعاً عنهم في السيئات؛ كما ثبت في الصحيح‏ " أن النبي صلى الله عليه وسلم رَفعتْ إليه امرأة صبيًا من مِحَفَّة فقالت‏:‏ ألهذا حج‏؟‏ قال‏:‏ ‏ نعم‏.‏ ولك أجر‏"‏‏‏.‏ رواه مسلم في صحيحه‏.‏ وفي السنن أنه قال‏:‏ ‏‏"‏مُرُوهم بالصلاة لِسَبعٍ، واضربوهم عليها لِعَشْرٍ، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع‏"‏‏‏. ‏‏ وكانوا يُصَوِّمون الصغار يوم عاشوراء وغيره، فالصبي يثاب على صلاته وصومه، وحجه وغير ذلك من أعماله، ويفضل بذلك على من لم يعمل كعمله، وهذا غير ما يفعل به إكراماً لأبويه، كما أنه في النعم الدنيوية قد ينتفع بما يكسبه وبما يعطيه أبواه، ويتميز بذلك على من ليس كذلك‏.‏ وأرواح المؤمنين في الجنة، كما جاءت بذلك الآثار، وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏نسمة المؤمن تَعْلُقُ من الجنة‏" . أي‏:‏ تأكل، ولم يوقت في ذلك وقت قبل يوم القيامة‏.‏ والأرواح مخلوقة بلا شك، وهي لا تعدم ولا تفنى، ولكن موتها مفارقة الأبدان، وعند النفخة الثانية تعاد الأرواح إلى الأبدان‏.‏ وأهل الجنة الذين يدخلونها على صورة أبيهم آدم ـ عليه السلام ـ طول أحدهم ستون ذراعاً، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة‏.‏ وقد قال بعض الناس‏:‏ إن أطفال الكفار يكونون خدم أهل الجنة، ولا أصل لهذا القول‏.‏ وقد ثبت في الصحيحين أن الجنة يبقى فيها فضل عن أهل الدنيا، فينشئ اللّه لها خلقاً آخر فيسكنهم الجنة، فإذا كان يسكن من ينشئه من الجنة من غير ولد آدم في فضول الجنة، فكيف بمن دخلها من ولد آدم وأسكن في غير فضولها‏؟‏ فليسوا أحق بأن يكونوا من أهل الجنة، ممن ينشأ بعد ذلك ويسكن فضولها‏.‏ وأما الورود المذكور في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا‏}‏‏ ‏[‏مريم‏:‏ 71‏]‏ فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، رواه مسلم في صحيحه عن جابر‏:‏"بأنه المرور على الصراط‏"‏‏، والصراط هو الجسر، فلابد من المرور عليه لكل من يدخل الجنة، من كان صغيراً في الدنيا ومن لم يكن‏.‏ والولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة، ليسوا من أبناء الدنيا، بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة كمل خلقهم كأهل الجنة، على صورة آدم، أبناء ثلاث وثلاثين في طول ستين ذراعاً، كما تقدم‏. ‏‏ وقد روى أن العرض سبعة أذرع‏.‏
    [مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟


    قال الإمام الطبري: حدثني علي بن سهل قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة قال، حدثنا أبو مسعود، عن جويبر قال: مات ابن للضحاك بن مزاحم،
    ابن ستة أيام قال فقال: يا جابر، إذا أنت وضعت ابني في لحده، فأبرز وجهه، وحل عنه عقده، فإن ابني مجلس ومسئول! ففعلت به الذي أمرني، فلما فرغت قلت: يرحمك الله، عم يسأل ابنك؟ قال: يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب آدم عليه السلام. قلت: يا أبا القاسم، وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب آدم؟ قال: حدثني ابن عباس أن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، وأخذ منهم الميثاق: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً؛ فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به، نفعه الميثاق الأول، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به، لم ينفعه الميثاق الأول، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر، مات على الميثاق الأول .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر، مات على الميثاق الأول .
    السؤال
    هل جميع الأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ سيدخلون الجنة أم الأطفال الذين آباؤهم مسلمون فقط ؟.
    نص الجواب
    الحمد لله
    الكلام يكون إن شاء الله في مقامين :
    الأول : مصير أطفال المسلمين .
    والثاني : مصير أطفال الكفار .
    = أما الأول : وهو مصير أطفال المسلمين :
    فقد قال ابن كثير رحمه الله : فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال : لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة . وهذا هو المشهور بين الناس ( أي عامة العلماء ) وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل أ.هـ " تفسير القرآن العظيم " ( 3 / 33 ) .
    وقال الإمام أحمد رحمه الله : من يشك أن أولاد المسلمين في الجنة ؟!
    وقال أيضا : إنه لا اختلاف فيهم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 83) .
    وقال الإمام النووي : أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ؛ لأنه ليس مكلفا . أ.هـ " شرح مسلم " (16 / 207) .

    وقال القرطبي : إن قول أنهم في الجنة هو قول الأكثر ، وقال : وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم. " التذكرة " (2/328) .
    = وأما الثاني : وهو مصير أطفال الكفار :
    فقد اختلف العلماء فيه إلى أقوال :
    1. أنَّهم في الجنَّة - وبعضهم يقول : إنَّهم على الأعراف ، ومردُّ هذا القول أنَّهم في الجنَّة لأن هذا هو حال أهل الأعراف - . وهو قول الأكثر من أهل العلم كما نقله عنهم ابن عبد البر في " التمهيد " (18/96) .
    ودليلهم :
    أ . حديث سمرة رضي الله عنه : أنه عليه السلام رأى مع إبراهيم عليه السلام أولاد المسلمين وأولاد المشركين . رواه البخاري (6640 ) .
    ب . عن حسناء بنت معاوية من بني صريم قالت حدثني عمي قال قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والوئيد في الجنة . رواه الإمام أحمد ( 5/409 ) . ضعفه الألباني في " ضعيف الجامع " (5997) .
    2. أنَّهم مع آبائهم في النار . وقد نسب القاضي أبو يعلى هذا القول لأحمد ! وغلَّطه شيخ الإسلام جدّاً . انظر " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " (7/ 87) .
    ودليلهم :
    أ . عن سلمة بن قيس الأشجعي قال أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا إن أُمّنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فقال الوائدة والمؤودة في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم .
    والحديث حسنه الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 3/ 33) ، ومن قبله ابن عبد البر في " التمهيد " ( 18/120 ) .
    ب . ولهم أحاديث أخرى ، لكنها ضعيفة .
    3. التوقف فيهم . وهو قول حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه .
    دليلهم :
    أ . عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين .
    رواه البخاري (1383) ومسلم (2660) .
    ب . ومثله من حديث أبي هريرة .
    رواه البخاري (1384) ومسلم (2659).
    4. ومنهم من قال : إنَّهم خدم أهل الجنَّة .
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا أصل لهذا القول . " مجموع الفتاوى " (4/279) .

    قلت : وقد ورد ذلك في حديث عند الطبراني والبزار ، لكن ضعفه الأئمة ومنهم الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 3/246) .
    5. أنَّهم يُمتحنون في الآخرة ، فمن أطاع الله دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار . وهو قول معظم أهل السنة والجماعة كما نقله عنهم أبو الحسن الأشعري ، وهو قول البيهقي ، وطائفة من المحققين ، وهو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وذكر أنه مقتضى نصوص الإمام أحمد ، وهو الذي رجحه الحافظ ابن كثير ، وقال : وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض . " التفسير " (3/31) .

    دليلهم :
    أ . عن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يؤتى بأربعة يوم القيامة : بالمولود ، والمعتوه ، ومن مات في الفترة ، والشيخ الفاني ، كلهم يتكلم بحجته ، فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار : أُبْرزْ ، ويقول لهم : إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم ، وإني رسول نفسي إليكم ، اُدخلوا هذه ( أي النار ) ، قال : فيقول من كتب عليه الشقاء : يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ ، قال : ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً ، قال : فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية ، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار" .
    رواه أبو يعلى ( 4224) ، وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في " التفسير ( 3 /29-31).

    وقال ابن القيم رحمه الله : وهذا أعدل الأقوال وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب .

    وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة ، وبعضهم في النار كما دل عليه حديث عائشة ، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا ؛ فإنه قال : "الله أعلم بما كانوا عاملين إذْ خلقهم" ، ومعلوم أن الله لا يعذبهم بعلمه فيهم ما لم يقع معلومه ، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه وهو متعلق علمه السابق فيه لا على علمه المجدد وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة.
    وفي قوله : "الله أعلم بما كانوا عاملين" : إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا ، وأن من يطيعه وقت الامتحان كان ممن يطيعه لو عاش في الدنيا ، ومن يعصيه حينئذ كان ممن يعصيه لو عاش في الدنيا فهو دليل على تعلق علمه بما لم يكن لو كان كيف كان يكون .
    .. والله أعلم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/87 ) .
    = وما جاء في بعض الأحاديث السابقة أنهم في الجنة أو النار لا يشكل على ما رجحناه ، قال ابن كثير رحمه الله : أحاديث الامتحان أخص منه فمن علم الله منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الفطرة ومن علم منه أنه لا يجيب فأمره إلى الله تعالى ويوم القيامة يكون في النار كما دلت عليه أحاديث الامتحان ونقله الأشعري عن أهل السنة . أ.هـ " التفسير " ( 3 / 33 ) .

    = وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم " الله أعلم بما كانوا عاملين " : لا يدل على التوقف فيهم .
    قال ابن القيم رحمه الله : وفيما استدلت به هذه الطائفة نظر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُجِب فيهم بالوقف وإنما وكل علم ما كانوا يعملونه لو عاشوا إلى الله وهذا جواب عن سؤالهم كيف يكونون مع آبائهم بغير عمل وهو طرف من الحديث …. والنبي صلى الله عليه وسلم وَكَل العلم بعملهم إلى الله ، ولم يقل الله أعلم حيث يستقرون أو أين يكونون ، فالدليل غير مطابق لمذهب هذه الطائفة. أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 85 ) .

    [المصدر الاسلام سؤال وجواب والموضوع]https://islamqa.info/ar/answers/6496/
    وينظر ايضا ما نقلناه من الترجيح على هذا الرابطhttps://majles.alukah.net/t172175/

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    اولا -قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
    التكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
    التكليف لفظ مجمل تارة يراد به ما يترتب عليه الثواب و العقاب فهذا هو الذي نفاه ابن عبد البر . و تارة يراد به العقوبة و التعجيز و ليس المطلوب منه وقوع الفعل من المكلف و انما يكون ذلك عقوبة له فيصح ان يقع في دار الجزاء .

    و كلام ابن عبد البر في نفي الاول لا الثاني .

    فصورة المسالة المختلف فيها هي في تكليف يترتب عليه دخول الجنة او النار و هذا نفاه ابن عبد البر بقوله ان التكليف ينقطع و الاخرة دار جزاء . فالنقض عليه يكون باثبات مثل هذا التكليف في الاخرة لا في ايراد نصوص فيها تكليف العقوبة و التعجيز فهو لم ينفي هذا


    قال الحافظ في الفتح

    مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ

    قوله‏:‏ ‏"‏ كلف يوم القيامة ‏"‏ رد على من زعم أن الآخرة ليست بدار تكليف‏.‏ وأجيب بأن المراد بالنفي أنها ليست بدار تكليف بعمل يترتب عليه ثواب أو عقاب، وأما مثل هذا التكليف فليس بممتنع لأنه نفسه عذاب، وهو نظير الحديث الآخر ‏"‏ من قتل نفسه بحديدة فحديدة في يده يجأ بها نفسه يوم القيامة ‏"‏ وسيأتي في موضعه‏.‏

    وأيضا فالتكليف بالعمل في الدنيا حسن على مصطلح أهل علم الكلام، بخلاف هذا التكليف الذي هو عذاب‏.‏
    واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق، والجواب ما تقدم‏.‏

    وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم، والله أعلم‏.‏

    و يقول شيخ الاسلام رحمه الله

    ( ‏‏يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) ‏

    مثل هذا الخطاب إنما هو خطاب تعجيز على وجه العقوبة لهم لتركهم السجود وهم سالمون يعاقبون على ترك العبادة في حال قدرتهم بأن أمروا بها حال عجزهم على سبيل العقوبة لهم، وخطاب العقوبة والجزاء من جنس خطاب التكوين، لا يشترط فيه قدرة المخاطب إذ ليس المطلوب فعله . الفتاوى

    و هنا فرق شيخ الاسلام بين خطاب التكليف و خطاب العقوبة و الجزاء .و بين ان الاية واردة في خطاب العقوبة و الجزاء .فكيف يستدرك على ابن عبد البر بالاية و الكلام و الخصومة معه في تكليف يترتب عليه الثواب و العقاب لا في تكليف هو نفسه عقوبة و جزاء في دار البقاء

    ................

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    التكليف لفظ مجمل تارة يراد به ما يترتب عليه الثواب و العقاب فهذا هو الذي نفاه ابن عبد البر . و تارة يراد به العقوبة و التعجيز و ليس المطلوب منه وقوع الفعل من المكلف و انما يكون ذلك عقوبة له فيصح ان يقع في دار الجزاء .

    ...........

    فصورة المسالة المختلف فيها هي في تكليف يترتب عليه دخول الجنة او النار و هذا نفاه ابن عبد البر بقوله ان التكليف ينقطع و الاخرة دار جزاء . فالنقض عليه يكون باثبات مثل هذا التكليف في الاخرة لا في ايراد نصوص فيها تكليف العقوبة و التعجيز فهو لم ينفي هذا

    لا في ايراد نصوص فيها تكليف العقوبة و التعجيز فهو لم ينفي هذا
    تكليف ما يعجزون عنه فى الاخرة او تكليف الامتحان والاختبار ثابت كما تعلم اخى الطيبونى-والائمة كشيخ الاسلام وابن القيم وابن كثير يوردون هذا الدليل ردا على ابن عبد البر فى قوله ان الاخرة ليست بدار تكليف ثم يوردون جميع الادلة سواء منها ما يتعلق بالاختبار والامتحان او التكليف الذى يعجزون عن الاتيان به
    قال ابن كثير رحمه الله معلقاً على قول ابن عبد البر رحمه الله: لأن الآخرة دار جزاء وليست دار عمل ولا ابتلاء. وذلك رداً على من قال بامتحان أهل الفترة، قال ابن كثير: وأما قوله إن الدار الآخرة دار جزاء، فلا شك أنها دار جزاء، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار، كما حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة من امتحان الأطفال، وقد قال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [القلم:42].
    وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة، وأن المنافق لا يستطيع ذلك، ويعود ظهره كالصفيحة الواحدة طبقاً واحداً كلما أراد السجود خر لقفاه... انتهى
    ولخص الإمام ابن القيم رحمه الله الرد على ذلك فقال: (… فإن قيل: فالآخرة دار جزاء، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون في غير دار التكليف؟ فالجواب: أن التكليف إنما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأما في البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطع، وهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين في البرزخ وهي تكليف، وأما في عرصة القيامة، فقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ فهذا صريح في أن الله يدعو الخلائق إلى السجود يوم القيامة، وأن الكفار يحال بينهم وبين السجود إذ ذاك) (33) ، وذكروا أحاديث على جواز التكليف في الآخرة ذكرها ابن القيم وابن كثير وغيرهم
    وذكروا أحاديث على جواز التكليف في الآخرة ذكرها ابن القيم وابن كثير وغيرهم
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله بعد حكايته المذاهب في أطفال المشركين وأدلتها: (المذهب الثامن: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، ويرسل إليهم هناك رسول وإلى كل من لم تبلغه الدعوة، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه أدخله النار وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار، وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها وتتوافق الأحاديث) (19) ، ثم ساق أدلة لهذا القول، وقال: (فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري رحمه الله..) (20) ، ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (.. وقد اختلف الأئمة رحمهم الله تعالى فيها قديماً وحديثاً وهي الولدان الذين ماتوا وهم صغار وآباؤهم كفار ماذا حكمهم؟ وكذا المجنون والأصم والشيخ الخرف ومن مات في الفترة ولم تبلغه دعوته وقد ورد في شأنهم أحاديث أنا أذكرها لك بعون الله وتوفيقه) (21) ثم ساق عشرة أحاديث في هذه المسألة، ثم أشار إلى الأقوال في المسألة، ورجح أنهم يمتحنون يوم القيامة حيث قال: (… وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضه لبعض..) (22) .
    ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – بعدما رجح هذا القول -:(إن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن بلا خلاف، لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول بالعذر والامتحان..) (23) .
    ومن أهم أدلتهم على هذا القول دليلان:
    الأول: استدلوا بعموم الآيات الدالة على نفي التعذيب قبل بلوغ الحجة، من مثل قوله تعالى عن أهل النار: كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا [الملك: 8-9].
    وقوله سبحانه: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: 15] وغيرها من الآيات الدالة على عذر أهل الفترة بأنهم لم يأتهم نذير (24) يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: (والله تعالى أعدل العادلين، لا يعذب أحداً حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة، وأما من انقاد للحجة، أو لم تبلغه حجة الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذبه، استدل بهذه الآية على أن أهل الفترات، وأطفال المشركين، لا يعذبهم الله، حتى يبعث إليهم رسولاً، لأنه منزه عن الظلم) (25) .
    الثاني: استدلوا بعدد من الأحاديث المصرحة بأن أهل الفترة ومن لم تبلغه الدعوة يمتحنون يوم القيامة، ومن أشهرها ما رواه الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يكون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً)
    وعن أبي هريرة مثل هذا غير أنه قال في آخره: ((فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها سحب إليها)) (27) ، والقول بموجب هذا الحديث فيه جمع للأدلة كما في النقل السابق عن الأئمة – قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: (وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجلها من كرهه، فإن من قطع لهم بالنار كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنة كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله..) (28) ، وقال الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – بعد ترجيحه لهذا القول: (وهذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبوته عنه نص في النزاع فلا وجه للنزاع البتة مع ذلك..)
    وردوا على ما ذكر بعض الأئمة كالإمام ابن عبد البر، والإمام القرطبي والحليمي،وملخص قولهم: أن هذه الأحاديث لا تصح وأن (هذا مخالف لأصول المسلمين لأن الآخرة ليست بدار امتحان)
    (30) وردوا على هذا القول بما يلي:
    1- أن هذه الأحاديث صحيحة وردت من طرق مختلفة...
    2- قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: (والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار، وأما عرصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ، فيقال لأحدهم: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ [القلم: 42-43]…) (31) وقال الطيبي: (لا يلزم من أن الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء أن لا يقع في واحده منهما ما يخص الأخرى، فإن القبر أول منازل الآخرة، وفيه الابتلاء والفتنة بالسؤال وغيره) (32)

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الكافر الذي لم يصله الإسلام هل تأتيه ملائكة سود الوجوه عند الموت وهل يسأل في قبره ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    و كلام ابن عبد البر في نفي الاول لا الثاني .

    فصورة المسالة المختلف فيها هي في تكليف يترتب عليه دخول الجنة او النار و هذا نفاه ابن عبد البر بقوله ان التكليف ينقطع و الاخرة دار جزاء . فالنقض عليه يكون باثبات مثل هذا التكليف في الاخرة لا في ايراد نصوص فيها تكليف العقوبة و التعجيز فهو لم ينفي هذا


    قال الحافظ في الفتح

    مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ

    قوله‏:‏ ‏"‏ كلف يوم القيامة ‏"‏ رد على من زعم أن الآخرة ليست بدار تكليف‏.‏ وأجيب بأن المراد بالنفي أنها ليست بدار تكليف بعمل يترتب عليه ثواب أو عقاب، وأما مثل هذا التكليف فليس بممتنع لأنه نفسه عذاب، وهو نظير الحديث الآخر ‏"‏ من قتل نفسه بحديدة فحديدة في يده يجأ بها نفسه يوم القيامة ‏"‏ وسيأتي في موضعه‏.‏

    وأيضا فالتكليف بالعمل في الدنيا حسن على مصطلح أهل علم الكلام، بخلاف هذا التكليف الذي هو عذاب‏.‏
    واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق، والجواب ما تقدم‏.‏

    وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم، والله أعلم‏.‏

    و يقول شيخ الاسلام رحمه الله

    ( ‏‏يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) ‏

    مثل هذا الخطاب إنما هو خطاب تعجيز على وجه العقوبة لهم لتركهم السجود وهم سالمون يعاقبون على ترك العبادة في حال قدرتهم بأن أمروا بها حال عجزهم على سبيل العقوبة لهم، وخطاب العقوبة والجزاء من جنس خطاب التكوين، لا يشترط فيه قدرة المخاطب إذ ليس المطلوب فعله . الفتاوى

    و هنا فرق شيخ الاسلام بين خطاب التكليف و خطاب العقوبة و الجزاء .و بين ان الاية واردة في خطاب العقوبة و الجزاء .فكيف يستدرك على ابن عبد البر بالاية و الكلام و الخصومة معه في تكليف يترتب عليه الثواب و العقاب لا في تكليف هو نفسه عقوبة و جزاء في دار البقاء

    ................
    و كلام ابن عبد البر في نفي الاول لا الثاني .

    فصورة المسالة المختلف فيها هي في تكليف يترتب عليه دخول الجنة او النار و هذا نفاه ابن عبد البر بقوله ان التكليف ينقطع و الاخرة دار جزاء
    بارك الله فيك اذا راجعت كلام شيخ الاسلام وغيره من الائمة لوجدتهم يبدأون بهذا الدليل
    أولا - لأن النص من القرآن ظاهر فى ثبوت التكليف
    ثانيا - كما قلت انت اخى الطيبونى ان ابن عبد البر رحمه الله لا ينفيه -الجواب - نعم - استدل شيخ الاسلام وغيره على ابن عبد البر بما يعجز هو وغيره عن نفيه-فثبت العرش ثم نقَشَ- رد اولا على نفى التكليف وقولهم أن الآخرة دار جزاء وليست دار عمل ولا ابتلاء- بالاثبات الذى لا يستطيع المخالف نَفْيُه وهو ثبوت العمل والتكليف ردا على قولهم ان الاخرة ليست دار عمل وابتلاء كما قال ابن كثير فى رد قولهم قال ابن كثير: وأما قوله إن الدار الآخرة دار جزاء، فلا شك أنها دار جزاء، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار
    ثم اتبع ذلك كما تقدم بأدلة الامتحان والاختبار وأنَّهم يُمتحنون في الآخرة أتبع القطعى بالمختلف فيه- وكما تعلم اخى الطيبونى ان ادلة الامتحان سبق النقاش فيها والمذهب كما تقدم فى كلام الامام ابن القيم
    وهذا القول موافق لقول من قال‏:‏ إنهم يمتحنون في الآخرة، وإنهم مكلفون يوم القيامة، كما هو قول أكثر أهل العلم وأهل السنة من أهل الحديث والكلام، وهو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة واختاره، وهو مقتضى نصوص الإمام أحمد ‏.

    و هنا فرق شيخ الاسلام بين خطاب التكليف و خطاب العقوبة و الجزاء .و بين ان الاية واردة في خطاب العقوبة و الجزاء .فكيف يستدرك على ابن عبد البر بالاية و الكلام و الخصومة معه في تكليف يترتب عليه الثواب و العقاب لا في تكليف هو نفسه عقوبة و جزاء في دار البقاء
    اذا ثبت التكليف وتوجه الخطاب بالعمل- قَوِيَ الاستدراك- هذا انتقال بالدليل من المتفق الى المختَلَف عليه
    وأيضا فالتكليف بالعمل في الدنيا حسن على مصطلح أهل علم الكلام، بخلاف هذا التكليف الذي هو عذاب‏.‏
    واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق،
    ما احسن كلام شيخ الاسلام الذى نقلته اخى الطيبونى -مثل هذا الخطاب إنما هو خطاب تعجيز على وجه العقوبة لهم لتركهم السجود وهم سالمون يعاقبون على ترك العبادة في حال قدرتهم بأن أمروا بها حال عجزهم على سبيل العقوبة لهم، وخطاب العقوبة والجزاء من جنس خطاب التكوين، لا يشترط فيه قدرة المخاطب إذ ليس المطلوب فعله -انتهى

    بين الامام ابن القيم هذه المسألة فى طريق الهجرتين بيانا شافيا ننقل جزء منه-

    قال رحمه الله فإن قيل: قد أنكر ابن عبد البر هذه الأحاديث وقال: أهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب، لأن الآخرة ليست دار عمل ولا ابتلاء وكيف يكلفون دخول النار وليس ذلك فى وسع المخلوقين، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها؟ الجواب من وجوه:
    أحدها:
    أن أهل العلم لم يتفقوا على إنكارها بل ولا أكثرهم، وإن أنكرها بعضهم فقد صحح غيره بعضها كما تقدم.
    الثانى: أن أبا الحسن الأشعرى حكى هذا المذهب عن أهل السنة والحديث، فدل على أنهم ذهبوا إلى موجب هذه الأحاديث.
    الثالث:
    أن إسناد حديث الأسود أجود من كثير من الأحاديث التى يحتج بها فى الأحكام، ولهذا رواه الأئمة أحمد وإسحق وعلى بن المدينى.
    الرابع:
    أنه قد نص جماعة من الأئمة على وقوع الامتحان فى الدار الآخرة، وقالوا: لا ينقطع التكليف إلا بدخول دار القرار ذكره البيهقى عن غير واحد من السلف.
    الخامس: ما ثبت فى الصحيحين من حديث أبى هريرة وأبى سعيد فى الرجل الذى هو آخر أهل الجنة دخولاً إليها أن الله سبحانه وتعالى يأخذ عهوده ومواثيقه أن لا يسأله غير الذى يعطيه، وأنه يخالفه ويسأله غيره، فيقول الله تعالى: ((ما أغدر كغدرك))، وهذا الغدر منه هو لمخلفته للعهد الذى عاهد ربه عليه.
    السادس: قوله: وليس ذلك فى وسع المخلوقين. جوابه من وجهين:
    أحدهما:
    أن ذلك ليس تكليفاً بما ليس فى الوسع، وإنما تكليف بما فيه مشقة شديدة، وهو كتكليف بنى إسرائيل قتل أولادهم وأزواجهم وآبائهم حين عبدوا العجل، وكتكليف المؤمنين إذا رأوا الدجال ومعه مثال الجنة والنار أن يقعوا فى الذى يرونه ناراً.
    والثانى: أنهم لو أطاعوه ودخلوها لم يضرهم، وكانت برداً وسلاماً، فلم يكلفوا بممتنع ولا بما لم يستطع.
    السابع: أنه قد ثبت أنه سبحانه وتعالى يأْمرهم فى القيامة بالسجود ويحول بين المنافقين وبينه.

    ....

    وهذا تكليف بما ليس فى الوسع قطعاً، فكيف ينكر التكليف بدخول النار فى رأْى العين إذا كانت سبباً كما قال أبو سعيد الخدرى هو أدق من الشعرة وأحدُّ من السيف)) رواه مسلم، فركوب هذا الصراط الذى هو فى غاية المشقة كالنار، ولهذا كلاهما يفضى منه إلى النجاة والله أعلم.
    الثامن:
    أن هذا استبعاد مجرد لا ترد بمثله الأحاديث والناس لهم طريقان: فمن سلك طريق المشيئة المجردةلم يمكنه أن يستبعد هذا التكليف، ومن سلك طريق الحكمة والتعليل لم يكن معه حجة تنفى أن يكون هذا التكليف موافقاً للحكم، بل الأدلة الصحيحة تدل على أن مقتضى الحكمة كما ذكرناه.
    التاسع: أن فى أصح هذه الأحاديث وهو حديث الأسود أنهم يعطون ربهم المواثيق ليطيعنه فيما يأْمرهم به، فيأْمرهم أن يدخلوا نار الامتحان
    فيتركون الدخول معصية لأمره لا لعجزهم عنه. فكيف يقال أنه ليس فى الوسع.
    فإن قيل: فالآخرة دار جزاءٍ، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون فى غير دار التكليف؟
    فالجواب: أن التكليف إنما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأما فى البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطعوهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين فى البرزخ وهى تكليف.

    ....

    وأما فى عرصة القيامة فقال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}* [القلم: 42]، فهذا صريح فى أن الله يدعو الخلائق إلى السجود يوم القيامة، وأن الكفار يحال بينهم وبين السجود إذ ذاك، ويكون هذا التكليف، بما لا يطاق حينئذ حساً عقوبة لهم، لأنهم كلفوا به فى الدنيا وهم يطيقونه فلما امتنعوا منه وهو مقدور لهم كلفوا به وهم لا يقدرون عليه حسرة عليهم وعقوبة لهم، ولهذا قال تعالى: {وَقدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}* [القلم: 43] يعنى أصحابه لا أحد يمنعهم منه فلما تركوه وهم سالمون دعوا إليه فى وقت حيل بينهم وبينه كما فى الصحيح من حديث زيد ابن أسلم عن عطاء عن أبى سعيد رضى الله عنه: ((إن ناساً قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا))- فذكر الحديث بطوله، إلى أن قال- ((فيقول تتبع كل أُمه ما كانت تعبد فيقول المؤمنون: فارقنا الناس فى الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً- مرتين أو ثلاثاً- حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها)) فيقولون نعم، فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهر) طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم)) وذكر الحديث.
    وهذا التكليف نظير تكليف البرزخ بالمسألة، فمن أجاب فى الدنيا طوعاً واختياراً أجاب فى البرزخ، ومن امتنع من الإجابة فى الدنيا منع منها فى البرزخ ولم يكن تكليفه فى الحال وهو غير قادر قبيحاً، بل هو مقتضى الحكمة الإلهية، لأنه كلف وقت القدرة فأَبى، فإذا كلف وقت العجز وقد حيل بينه وبين الفعل كان عقوبة له وحسرة.


    ....

    والمقصود أن التكليف لا ينقطع إلا بعد دخول الجنة أو النار، وقد تقدم أن حديث الأسود بن سريع صحيح، وفيه التكليف فى عرصة القيامة. فهو مطابق لما ذكرنا من النصوص الصحيحة الصريحة.
    فعلم أن الذى تدل عليه الأدلة الصحيحة وتأْتلف به النصوص ومقتضى الحكمة هذا القول والله أعلم.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •